إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

دراسة لفكر القاعدة السلفي .. من اجل ثقافة اوسع لثقافة الانتحار ؟. حميد الشاكر 1

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • دراسة لفكر القاعدة السلفي .. من اجل ثقافة اوسع لثقافة الانتحار ؟. حميد الشاكر 1

    رؤية ايدلوجية









    __________________________________________









    عند الحديث عن القاعدة كتجمع ايدلوجي ، يجمع بين العقدية والسياسية في منظومته الفكرية والحركية ، علينا وقبل كل شيئ ان نتساءل عن ماهية هذا التجمع البشري الذي نشأ وترعرع بعيدا عن الانظار الانسانية ، وهو منزويا في كهوف أفغانستان الوعرة والقاسية ، ومن ثم وهكذا ليفاجأ الجميع العالمي بصوته المدوي في نيويورك وواشنطن في (( 11/ سبتمبر )) ومن ثم لتكون القاعدة هي المطلوب رقم واحد للعالم الانساني برمته او المراد جعله المطلوب رقم واحد تحت بند ملاحقة الارهاب !.








    والحقيقة وأختصارا للموضوع نقول : ان القاعدة اليوم هي أمر واقع ، وان لم تكن بضخامة هذه (الميديا) العالمية المضخمة لوجودها الاخطبوطي ، ولكن اصبحت بالفعل (( فكرة وممارسة )) تجوب هنا وهناك في العالم الانساني والعربي بالخصوص ، حيث تنشط كوادرها بشيئ من الحركة المستميتة بغية الوصول الى اهدافها ، والتي تحيط بهذه الاهداف نوعا من الضبابية الطبيعية التي افرزها غموض حركة القاعدة كحركة تفهم جيدا ان لاحياة لها في الهواء الطلق ؟.








    نعم ماهي الاهداف المعلنة وغير المعلنة للقاعدة ؟.








    ولماذا هي في بحث مستمر عن قاعدة تنمو وتنطلق منها في حركة البحث المكوكية لها في جغرافية العالم الاسلامي والعربي كحاضن طبيعي ؟.








    وهل تعتبر ان العراق هي اثمن جغرافية عربية واسلامية تستحق التمسك بها والى الموت ولماذا ؟.








    ان مثل هذه الاسئلة الثلاثة بحاجة الى بحث موسع ومن زواية متعددة الاتجاهات والتوجهات ، لندرك بعمق هذه الظاهرة الحركية والقتالية والمتسمية ايدلوجيا ب (( القاعدة )) باعتبار ان تسميتها هذه هي وبنفس اللحظة ايدلوجيتها الفكرية والعقائدية ايضا ، وهنا اذ نحن نثير الموضوع لا لنبحث بشكل موسع هذه الظاهرة ، بل لنشير الى نقص حقيقي في الاعلام العربي بالعموم والعراقي بالخصوص في موضوعة التناول الاعلامي الشفاف لهذه الظاهرة الخطيرة جدا على الحياة العربية والاسلامية والعراقية ايضا ، وذالك باعتبار ان الجمهور العربي والاسلامي يسمع كثيرا عن القاعدة كممارسة يومية من خلال الموت المتنقل على ايدي هذه الجماعة في العراق وغيرها من جغرافية العالم الانساني الواسع ، الا انه نادرا ما يسمع او يطلع على مناقشات فكرية - حقيقية - وسياسية تتناول (( الفكر )) الايدلوجي والسياسي الذي يحرك هذه المجاميع الانسانية لمعانقة الموت وبشكل غريب ومثير للتعجب ، وكأنما هناك منع مسبق - ربما اميركيا - لتناول الحواضن الايدلوجية والفكرية لهذا التنظيم الشرس ، بأعتقاد انه نشر لفكر القاعدة العقائدي مما يساهم باستقطاب المزيد من الانصار لهذه الفكرة الانتحارية !.








    ولكن وحتى لو كان هناك تخوّف مشروع من قبل اصحاب القرار والنفوذ السياسي في العالم من مناقشة فكر القاعدة العقائدي والديني والايدلوجي بشفافية واعتبار مثل هذه المناقشات الفكرية هي رفد ولو بشكل غير مباشر لنشر فكرة القاعدة الايدلوجي ، حتى لو كان ذالك كذالك ، فأن الاشكالية ستستمر بالحركة ويبقى فكر القاعدة على غموضه فكرا مطلوبا للقراءة والاطلاع ومن ثم الاعتناق والانتماء الغير مدرك للحقيقة الفكرية لهذا الفكر ، اما ان نوقش هذا الفكر وبعقلية منفتحة وقادرة على التحليل العلمي والايدلوجي لهذا الفكر وابراز عوراته الواقعية امام الجمهور العربي والاسلامي ، فان امكانية انحسار تأثير فكر القاعدة على عقل الجمهور العربي ربما سيخف ومن ثم ليموت شيئا فشيئا من خلال مؤثراته الكاذبة واللاعبة على المشاعر اكثر منها اللاعبة على الفكر والمصالح ؟.








    وهنا تكمن حيوية ان يناقش هذا الفكر اعلاميا - وخاصة عراقيا - بشكل يبتعد عن الابتذال النقدي السياسي الغير مفيد ليصل الى النقد الفكري المقنع والرصين الذي يصل الى فكر المجتمع العربي وقلبه لينتقل وبشكل طوعي الى نبذ هذا الفكر وطرده من ساحة الفعل العربي والاسلامي وهذا هو الانتصار الحقيقي على الفكر الارهابي الخطير ؟.








    ************************************************** *** 1








    ان القاعدة حقيقة وفي بداية تحركها الايدلوجي على الساحة العربية والاسلامية قد شخصت بعدين انسانيين بالامكان اللعب على دوافعهما الايدلوجية في العالم العربي بالخصوص والاسلامي بالعموم ، واعتبرت ان هذين البعدين هما اساس نجاحها الايدلوجي في العالم العربي والاسلامي ، كما انهما يصلحان ان يكونا الارضية الحقيقية لنمو فكر القاعدة واستمراره في الحياة والحركة والانتعاش ، وهذان البعدان هما :








    اولا : حالة الشعور المتضخم لدى الفرد العربي بالقمع وكبت حريته وقتل انسانيته من قبل النظم السياسية العربية القائمة والمدعومة غربيا .








    ثانيا : حالة فقدان الامل في الوضع السياسي القائم ووجوب تغييره للخروج من ازمة الاذلال الحضاري التي يعيشها الانسان العربي اليوم والمتطلع الى التساءل عن المستقبل ماهو !.








    ............................................... اولا









    ان الانسان العربي يشعر اليوم وبكل قوة انه الانسان الوحيد في العالم البشري الذي يخضع لمنظومة سياسية رهيبة من القمع وكبت الحريات وسحق الكرامات على ايدي النظم السياسية القائمة ، والتي ليس فحسب - هذه النظم السياسية - تمتهن وظيفة اذلاله وقمعه وتحويله الى صورة انسان فارغة من المضمون فحسب ، بل وتطورت هذه النظم لتمارس عليه كل فشلها الرهيب في عالم التنمية والتطوير في ادارة المجتمع والانتقال به من عصر الزراعة والرعي الى عصر التكنلوجية والقوة لترى في اذلال الانسان العربي وممارسة قتله وظيفتها الرئيسية في الحياة ، حتى فقدت الدول والنظم العربية القائمة كل مبررات وجودها الانساني لتتحول الى مجرد سّجان قمة وظيفته السيطرة على المجرمين - مواطنيه - داخل جغرافيته فحسب ؟.








    ان هذه الصورة الموجودة في العالم العربي اليوم هي ارضية طبيعية الى كل فكر تمرد وانتحار يرى في الموت حرية اكبر من وجود الحياة في الوضع السياسي القائم ، بل ان هذه الوضعية الخطيرة من الوضع السياسي القائم هي الحاضنة التي لاتحتاج - حقيقة - الى امداد خارجي لتوليد فكرة الموت والخلاص من هذا الجحيم الانساني المعاش ، أضف الى ذالك ان الفكرة التي تنتمي اليها مجموعة القاعدة عقائديا (( فكرة السلفية )) هي من الافكار ذات الصبغة المقدسة دينية ، والتي بدورها تحمل كل مؤهلات نسج الخيال الاسطوري المؤثر على الانسان المقهور والقابل لفكرة الجنة بعنف ؟!.








    بمعنى : ان القاعدة كتجمع ايدلوجي ديني (( ليس اسلاميا من وجهة نظرنا هنا )) له من المرتكزات الفكرية والارضية العقلية التي تدفع فكرة : (( احتقار الحياة بشدة والترحيب بالموت بعنف )) ما يؤهلها لأن تكون من الافكار الداعية الى الانتقال والموت السريع في ومن هذه الحياة ، باعتبار ان هذه الحياة الدنيا ماهي في واقعها - حسب الفكر السلفي - الا سجن كبير ينبغي التحرر منه ومن قيوده وعبوديته البغيضة وليس هناك طريق اقصر من التخلص من هذه السجون والاغلال الدنيوية غير الموت بأعتباره وايدلوجيا هو النقلة او القناة او الجسر الموصل الى كل تحقيق الاحلام الانسانية بالحرية والتمتع والجنة وراحة البال !.








    هنا وفي مثل هذه الشبكة المعقدة من حياكة الامال العريضة لاي انسان مقهور ومتطلع الى الخلاص والحرية والتحرر والتنعم ماعلى القاعدة او غيرها من منظمات الاصطياد البشري وتوظيفه حركيا للاهداف السياسية ، ماعليها الا تحويل أسم (( الموت )) من الانتحار الى (( الشهادة )) لتكتمل صورة الشبكة وتغطى كل اطرافها وتموه كل اشكالياتها لتصبح فكرة (( القمع والاذلال والسجون والاغلال .......الخ )) التي يستشعرها الانسان العربي بعمق من قبل النظم السياسية القائمة والمدعومة غربيا ودوليا ، دوائها الحقيقي وعلاجها الطبيعي هو مرحلة (( التفكير )) الجدي بعملية الانتقال المسماة موتا ، لتصبح العملية ومع الممارسة والتكرار الفكرية ماهي الا مجرد (( تجربة )) او محاولة لا تمارس الا مرة واحدة ومن بعدها سيكون الخلاص الحقيقي للانسان وبكل الآمه ، وما دامت الفكرة مدعومة ب (( انما الاعمال بالنيات ....)) فماهي الا خطوة وخطوة بسيطة حتى لو كانت مبادئ واهداف ووسائل هذه الخطوة خاطئة وغير محترمة ، ولكن مادام (( النية ))هي لله والجنة والمصلحة العليا - حسب مايعتقد المنتحر واقعيا - فأن العملية صحيحة مئة بالمئة ، وليس هناك شك في مثل هذا (( الاجتهاد السلفي )) باعتبار ان الاجتهاد ان أصاب فله أجران وان اخطأ فله أجر واحد (( مع الاسف السلفية تعاني من اشكالية في العقيدة التي تؤمن بها )) ؟.








    الحقيقة ان في حالة مثل هذا الفكر المسمى دينا لانعتقد ان المنتمي اليه يطلق عليه انتحاريا بعدما يقتل نفسه ويقتل الاخرين معه ، وانما بالفعل ان حملة هذا الفكر حتى وان كانوا يتحركون في الحياة فهم موتا واقعيا ، بسبب ان مثل هذا الفكر الانتحاري السلفي يعطلّ تماما كل قدرات الانسان على الابداع والبناء في هذه الحياة والتي هي من وجهة نظره - السلفي - لاتستحق ان يضع حجرا على حجر فيها ، فهي حياة ليست محتقرة في نظر هؤلاء السلفية اصحاب فكرة القاعدة والانطلاق فقط ، بل هي دنيا وحياة يجب ان تدمر بأعتبار انها السجن الكبير والاغلال الغليضة التي تعطل من لقاء الرب بانسانه او العيش في الجنة الحياة الحقيقية للانسان ، وعليه يكون هذا الانسان وبهذه الذهنية التي لاتحمل تجاه الحياة الا كل نظرة سلبية ونافرة يكون انسانا سلبيا معها تماما فهي سجن وغلال .... وكل شيئ سيئ من وجهة نظره ؟.








    نعم من الجانب الاخر في الاسلام الحياة : عمران وغرس وجمال وابداع ومعبر فيه يتم الزرع لتكون الاخرة هي الثمر ، وهي الأمّ التي لايلام الانسان على حبها كما عبر عن الحياة أمير المؤمنين علي بن ابي طالب ، كما ان الحياة هي حب التمسك بها من اجل الاخرة هي الاعداد لكل قوة كما عبر القرءان عن الحياة هي كره القتل والقتال والموت والخروج منها بغير العمل الصالح ......الخ !.








    الا ان الحياة في فكر الانسان السلفي ماهي الا الشرّ التي ينبغي الحذر والابتعاد والاحتقار لها ؟.








    عندئذ لا اتوقع من مثل هذا الانسان حتى وان كان حياً في هذه الدنيا ان يلتفت للعمران فيها او تنميتها او تطويرها او البحث عن الادوات القادرة على بناء الحضارة والصناعة في هذه الدنيا ، وانما كل ما اتوقعه من انسان يؤمن بأيدلوجيا الموت السريع ان يكون انسانا عازفا (( زاهدا حسب المصطلح السلفي لحية طويلة وسروال قصير وسواك والسلام ؟.)) ومحتقرا للحياة فهو ميت بين احياء ، ولم يبقى من حياته سوى ان يقتحم عقبة الحياة التي لاتمثل له اي معنى او حركة او انتاج او مفهوم ....الخ ، الى الموت بعملية يعتقد بل هو متلهف لاحتضانها بانها هي المنقذ الوحيد له من هذه الحياة التي لايفهم لماذا هو فيها يعيش ، ثم بعد ذالك يكون الموت بالنسبة له مفتاح الفرج الضائع بالنسبة له ولغيره من البشر الذي يعشق الموت باعتبار ان للموت معنى في حياته ولكن ليس له اي فهم لمعنى ان يكون حيّا ؟.








    أليس مشكلة ان يكون الانسان غير فاهم لمعنى ان يكون موجودا وحيا في هذه الحياة ، بينما يكون واعيا ومدركا وفاهما بأن يكون ميتّا وتحت التراب ؟.








    أليس مشكلة ان يضخم مفهوم وثقافة مابعد الحياة في الاخرة ، بينما يكون هو مفتقر لابسط ثقافة وفهم لكيفية ان يكون حيّأ في هذه الدنيا ؟.








    هذه هي السلفية بابسط واوضح معنى ، انها وبلا ريب : ثقافة مابعد الحياة فحسب ؟.








    هذه هي الخلفية الايدلوجية والعقدية التي يتحرك من خلالها تنظيم القاعدة اليوم ، والتي تهيئ له الارضية المناسبة باكتساب اكبر عدد ممكن من السذج للايمان باطروحته (( الاستشهادية )) او باطروحته الداعية الى الانتقال من الحياة الدنية الى الحياة الاخروية العليا ، وهي - هذه العقدية الايدلوجية - ليست بطبيعة الحال منتج مؤامرة غربية او اميركية ، كما يعلق البعض كوارثهم على شماعة الغرب واميركا ، وانما هي منتج فكر سلفي عقدي وراثي تأريخي مهيأ لقتل الحياة وتدمير الكينونة ؟.








    نعم الغرب واميركا كمنتج معاصر وسياسي ساهم في خلق الارضية السياسية لنظم متعفنة عربية واسلامية لقهر الانسان العربي والاسلامي - ثم ادركت هذه النظم الغربية مشكلتها بعد احداث سبتمبر وحاولت الاصلاح الا انها فشلت وعادت لنفس سيرتها الاولى - ، مما دفع الانسان العربي والاسلامي للبحث عن فكرة (( تعويض )) تعطيه ما اخذته السياسة منه ، فهو انسان ليس له كرامة او قيمة او اهمية في معادلة النظم السياسية الغربية والعربية ، ولكنه ومن خلال بحثه عن المخرج وقع في حفرة (( الفكر السلفي )) المهيئ بطبيعته لتعميق غيبوبة الانسان وهروبه من تحمل مسؤولية الحياة واصلاحها بالشكل الاسلامي والانساني ، فبدى انسانا عربيا يهرب من الحياة بالانتحار بأسم الشهادة !؟.








    ************************************








    .................................................. ...... ثانيا









    كذالك عندما يقال ان القاعدة لعبت على فكرة (( آمال )) الانسان العربي في مشرعها السياسي الكبير والخطير ، فهي استشعرت ان لهذا الانسان آمال كبيرا هي التي دفعته للالتفاف حول كل الايدلوجيات المعاصرة التي مرّت به في العصر الحديث من شيوعية الى قومية الى .....الخ ، والتي شكلت له مادة دسمه لتحريك لعاب الانسان العربي والاسلامي بالوصول الى آماله التي كانت ولم تزل ممونة بالبعد التاريخي لهذه الامال الكبيرة في صورة وجود حضارة كانت تغزو العالم بكل عنفوان القوة والخلافة الاسلامية التاريخية ، وكذالك وجدت القاعدة ماهو أهم من البعد التاريخي المغذي لذاكرة وروح الانسان العربي والاسلامي والتي تصوره كسيد للعالم القديم ، الا وهو مغذي العقدية الاسلامية التي تطرح تصورا للانسان العربي والمسلم وتعده بالنصر والاصلاح والعدل والرفاهية في واقع مستقبله الاتي وهذا ما هو فعلا أخطر مافي معادلة القاعدة ايدلوجيا على استقرار المنطقة العربية والاسلامية اليوم وهذا ما سنتناوله فيما بعد ....









    _____ رؤية ايدلوجية 2








    ________________________________________(( فكرة الاهداف ))









    يشكل الهدف لأي ايدلوجيا سياسية او دينية او فكرية ..... المحرك الحقيقي لأي مجموعة بشرية تنتخب هذا الهدف وتلك الغاية لتكوّن لها مشروع وجودها في هذه الحياة الانسانية ، والحقيقة وعلى مدى تأريخ الانسان الطويل نادرا - وربما في بعض الاحيان كثيرا - ما وجدنا مجموعة انسانية تعيش بلا هدف وغاية في هذه الحياة ، وذالك بأعتبار ان غياب الهدف والغاية الاجتماعية من اي مجتمع بشري سيسبب وبشكل طبيعي تحلل هذا الاجتماع وتفسخ كل روابطه ومن ثم موت الاجتماع الانساني حضاريا تلقائيا ؟.








    بمعنى : ان الاهداف الاجتماعية العليا لاي اجتماع انساني وجدت لتكون هي الدافع نحو حركة المجتمع وتجدد نشاطه الانتاجي والحركي في هذه الدنيا ، أمّا ان وجدنا مجتمعا فاقدا للاهداف العليا لحركته او فاقدا لمثله العليا التي تبرر حركته نحوها ، فاننا وجدنا وبلا ادنى ريب أمة بلا بوصلة حركة في هذه الحياة ، وسرعان ما سنرى الكيفية الطبيعية لموت او انهيار هذه الامة تحت اي ضربة خارجية او داخلية تعصف بها لتهز من وجودها الاجتماعي ، ومن ثم لتكون أمة شبحا !.








    نعم الهدف او الاهداف هي حقيقة ((الآمال والرغبات)) التي تتطلع لها اي امة او شعب يريد ان يكون له فلسفة ما لوجوده في هذه الحياة الانسانية ، فمن الصعب والحال هذه ان تنظم حركة أمة او تطلب منها الحركة والدفع الى التقدم والرقي مالم تضع لهذه الامة الاهداف المراد الوصول لها ، وربما كانت تلك الاهداف متجسدة - مثلا - بثورة لحيازة التقنية التكنلوجية المتطورة ، عندئذ يكون الاجتماع الانساني متحفزا للحركة والنشاط نحو هذا الهدف الذي سيرتقي بالامة الى مرحلة اكثر نموا للفرد والمجتمع في هذه الحياة ، فتكون (( فكرة )) حيازة التقنية التكنلوجية هدفا لهذه الامة يحدد لها مسار حركتها وكيفية استثمار نشاطها الانساني !.








    كذا عندما يكون هدف أمة ما هو (( التحرر )) من الاستعمار ، او طلب (( الحرية )) من مؤسسة طاغوتية سياسية ، او البحث عن (( دور )) حضاري اقتصادي او سياسي بين الشعوب والامم ، او .......الخ ، كل ذالك وغيره يصلح ان يكون هدفا لحركة الامة ومشروعا تجد نفسها فيه ويشعرها بوجودها وينظم من حركتها ويفهمها وظيفتها في هذه الحياة الانسانية ، وبأمكان القائمين - عندئذ - على صياغة الاهداف والغايات الكبيرة للاجتماع الانساني ( مفكرين رجال دين سياسيين رجال مال علماء ...الخ كفاءات اجتماعية ) ان يجددوا من نشاط هذه الاهداف الانسانية الرفيعة ، وكلما استهلك نشاط هدف من الاهداف الانسانية استبدل بآخر ليكون او لتكون حركة المجتمع مستمرة بالنشاط والحركة والابداع وعدم الركون للاسترخاء المميت حضاريا واجتماعيا .








    وهنا تكون الاهداف والغايات الانسانية عظيمة ان كانت مستخلصة من رغبات وآمال وتطلعات وحاجات الشعوب نفسها ، وان لاتفرض على مجموع الامة من القائمة الفوقية !.








    اي : ان يراعى في صياغة الاهداف والغايات التي يراد لها ان تكون محركا للامة وطاقاتها الابداعية ، ان يراعى فيها جانب الحاجات والرغبات والامال التي يتطلع اليها الفرد والجماعة في هذه الحياة لتكون هذه الرغبات وهذه الحاجات وهذه الامال وقودا حقيقيا لحركة المجتمع ودفعه الى الامام في الحركة والتطور ؟.








    ان هذه الرؤية الموجزة لحيوية الاهداف للامم تدخلنا مباشرة على موضوع القاعدة وكيف انها لعبت وبجدارة على هذه الاشكالية الانسانية في العالمين العربي والاسلامي بالخصوص ، فان الانسان العربي والمسلم في هذين العالمين استشعر وبعمق موضوعة ان يكون لوجوده هدف ما في هذه الحياة الانسانية ، وفي التاريخ المعاصر لحركته السياسية صادف ان تبنى الشعار القومي الداعي الى اهداف التحرر من الاستعمار الاجنبي لبلاده ، كما وصادف الشعارات والاهداف الاشتراكية لتكون له محركا ودليلا وبوصلة لحركته الاجتماعية ، فناضل وبعنف من اجل التحرر والعدالة والتنمية والتقدم .....الخ ، ولكنه وبمنتصف الطريق وتحت ضربات القوى الغربية بالخصوص الخارجية اجهضت كل اماله ورغباته وتطلعاته واهدافه ، ليجد نفسه - هذا الانسان العربي والاسلامي - فريسة للنظم السياسية الطاغوتية تنهش بماتبقى من اشلاءه الممزقة على قارعة الطريق الحضاري المعاصر ، وليجد نفسه اخيرا بلا هدف ولا غاية ولا بوصلة ولاكينونة في هذه الحياة !.








    صحيح : هل يعلم احد ماهي اهداف وتطلعات الانسان العربي والمسلم اليوم ؟.








    وهل بأمكان احد ان يؤكد وبراحة ضمير من ان للانسان العربي اهداف محترمة في حياته الحضارية المعاصرة ؟.








    كما وانه هل يستطيع اي انسان عاقل ان يجزم وبقوة ان الانسان العربي والمسلم قد حقق اي شيئ من اماله ورغباته وتطلعاته الحضارية في هذه الحياة ؟.








    ماهو ومن هو ومن اي شيئ هو ؟.








    كل هذه اسئلة عن الانسان العربي لاجواب لها في قاموس الحضارة الانسانية المعاصرة ؟.








    ان فشل وسقوط الفكرة القومية وبعدها الاشتراكية في العالمين العربي والاسلامي ، واستنفاد كل مؤثراتها الايدلوجية على الانسان العربي ، قد ترك فراغا رهيبا يشعر به الاجتماع العربي والاسلامي اليوم ، كما وانه يسشعر الحاجة وبعمق الى اهداف محددة وجديدة لحركته الاجتماعية الغارقة في الفوضى العارمة ، وهنا طرحت أمامه القاعدة هدفا لانقاذ حياته المأساوية وبشكل درامي وسينمائي نادرا من نوعه ؟.








    ان القاعدة شاءت لأن يكون اعلان ايدلوجيتها واهدافها العقدية وطرحها للاستهلاك العربي والاسلامي في السوق العالمية ، بشكل يكون قريبا جدا من لغة العصر الحديثة ، الا وهي لغة (( الصورة وردة الفعل السينمائية الامريكية بالخصوص )) فكانت القاعدة وقبل احداث ((11 سبتمبر في نيويورك وواشنطن )) تبحث عن فعل يمثل حدثا كبيرا ما يصلح لأن يكون مدخلا لطرح ايدلوجيتها على العالم العربي والاسلامي ، وباءت عدة محاولات بالفشل في انحاء من العالم كثيرة ، حتى الوصول الى الحدث الكبير الذي فجر (( فكرة )) القاعدة في الميديا الاميركية ، عندئذ كانت انطلاقة القاعدة اعلاميا على يد اكبر ميديا اعلامية عالمية في الولايات المتحدة الامريكية ، ليكون حدث ((سبتمبر 11 )) المدخل الناجح لفكرة ((القاعدة )) في العالمين العربي والاسلامي ، والحقيقة ان القاعدة لم تكن تستهدف في اعمالها التدميرية الكبيرة ايقاع الاذى والالم في العالم الغربي بشكل عام بقدر ماكانت تبحث عن مدخل من خلاله تصل الى ذهن الانسان العربي والمسلم ومشاعره واحاسيه فحسب !.








    اي : ان القاعدة كتنظيم ايدلوجي صغير ومهمش وليس له اي فكرة متكاملة ايدلوجيا بأمكانها كسب الانصار من خلال الفكر والاقناع والحوار ، بالاضافة الى ادراك القاعدة كتنظيم سياسي انها لو انفقت حياتها وقرون من الدعوة الى مبادئها فهي لم ولن تحوز على اي تعاطف فكري او وجداني من قبل الامتين العربية والاسلامية يرشحها لأن تكون قوة سياسية منافسة سياسيا للوصل الى السلطة من خلال انتخاب الشعب ، من خلال هذا الادراك الواضح من قبل قادة القاعدة لجئت الى اساليب العنف والارهاب لادراكها مسبقا ان لاحياة لها من خلال الدعوة بالحسنى والحوار والاقناع ، وذالك كله بسبب ما ذكرناه من ان القاعدة ليس فكرة ايدلوجية متكامله وانما هي شبهة فكرة مموهة ايدلوجيا لاصطياد الابرياء من البشر ، وعليه كان ولم يزل التفكير من قبل قادة القاعدة قائم على معادلة (( الارهاب )) الذي هو وبابسط عبارة كيفية ايهام عدوك والمراد اصطيادهم من الانصار السذج لك بانك قوة عظمى تستطيع ان تصل اليه لتؤذيه في قعر داره - عدوك - ، بينما انت وفي الحقيقة ذيل فأر وليس رأس أسد !.








    وهكذا كان البحث مستميتا من قبل القاعدة على الفعل الاعلامي اكثر منه الفعل المثمر والمنتج فعليا ، او الايجابي الذي يصب في صالح الامة وتطويرها او الرقي بحركتها الانسانية ، فكان ولم يزل وتقريبا كل الافعال الاجرامية التي يقوم بها تنظيم القاعدة على المستوى العالمي مركزا ومرتكزا على كيفية التدمير وبشاعته وكيفية نقل الصورة العالمية لهذه القوة التدميرية من الفعل ، وليس المهم مطلقا المبررات او الاهداف او النتائج العملية او الايجابية لتلك الاعمال الرهيبة ، وانما المهم في فكر القاعدة ومن خلال عملياتها الاجرامية المتكررة هو الاتي:








    اولا : اعطاء اقسى وافضع وابشع صورة للعمل لنقله اعلاميا للعالم ، للتأكيد على ان القوة موجودة لفعل القاعدة








    ثانيا : التأكيد على الحضور الاعلامي العالمي اليومي ، ولايهم ان كان هو وجودا وهميا هزيلا لاشعبيا في الواقع ولكن الاهم ان فردا متخلفا عقليا بامكانه ان يدمر قرية ويمزق ساكنيها اربا اربا ومن ثم ليضخم الاعلام العالمي كيفما يشاء ، فهنا المعادلة قوة الات الموت التدميرية وليست قوة الفكرة او امتداها الجماهيري الواسع








    ثالثا : مداعبة مشاعر الغضب العربية والاسلامية والعزف على كبتها الذي يرى ويتجرع مرارة العجز العربي والاسلامي امام الحياة ومشاكلها السياسية العالمية ، وهنا الانسان العربي يرى ويسمع صوتا واحدا عاليا اعلاميا وفعليا يجوب هنا ويضرب هناك ليعبر عن تنفيس الآمه على يد ضربات القاعدة وان لم تكن هي التعبير الصادق عن ماينتاب الانسان العربي من حنق وألم الا انه شيئ موجود ويستطيع التعبير باي شكل من الاشكال ، وهنا تفهم القاعدة ان من هذه الاعمال الاجرامية الانتقامية بامكانه ان يحوز على متعاطفين معه من خلال الارهاب والقوة في العالمين العربي والاسلامي








    رابعا : تحاول القاعدة من خلال عملياتها القتالية العنيفة تغيير معادلة اللعبة السياسية وموازينها في العالمين العربي والاسلامي والعالمي ان استطاعت ، فبدلا من ان يكون (( الاختيار والانتخاب والرضى او الديمقراطية ...الخ )) هي الحاكمة في لعبة اختيار الحاكم ، تهدف القاعدة الى قلب المعادلة لتكون (( القوة )) والقدرة على الفعل الاجرامي هو الميزان لمشروعية السلطة والحاكم ، وهنا تستمد القاعدة كل ايدلوجيتها السياسية من السلفية الدينية التي تعتبر وفقهيا ان ((الغلبة والقوة والسيطرة )) هي معايير الخليفة الحاكم الذي يصلح ان يكون حاكما ، فالحكم للقوة وليس للفكرة او الانتخاب او الرضى الاجتماعي ، لذا كانت القاعدة ولم تزل تؤمن وبعنف بمبدا (( القوة )) فحسب في حكم الامة والمجتمع ، ولاشرعية لاي باب اخر لادارة المجتمع غير العنف والقوة ، باعتبار ان تجربته التاريخية السلفية قائمة - نموذج الخلافة الاموية تاريخيا والذي تعتبره السلفية الوهابية اليوم هو نموذج السلف الصالح والذي حكم المسلمين باسم الاسلام الاموي القائم على القوة والعنف والارهاب والغلبة - على مبدأ القوة والارهاب والرعب والعنف في خلافة المسلمين ، واي شيئ آخر يعتبر بدعة وكل بدعة ضلالة ؟!.








    ان الاهداف التي طرحتها القاعدة وهي تستثمر كل التقنية الاعلامية الامريكية والغربية تتلخص بعدة محاور اساسية واهمها :








    اولا : اسقاط كل النظم العربية الكافرة بالخصوص والمرتدة من النظم الاسلامية بالعموم








    ثانيا : اخراج القوى الغربية الصليبية الكافرة من ارض العرب والمسلمين








    ثالثا : اقامة شرع الله وارجاع الخلافة الى نصابها الطبيعي في حكم المسلمين وارضهم !.








    ولاريب ان هذه الاهداف الثلاثة او الشعارات الثلاثة التي يرفعها تنظيم القاعدة كممون ايدلوجي لحركته القتالية ، لها مالها من ممونات صالحة لكل ما من شأنه ان يكون هدفا وأملا محركا للامة وطاقاتها من جهة ، وايجاد ممارسة تنظيم الطاقة تجاه هدف مشخص وواضح وبسيط ؟.








    الا ان في ثنايا مثل هذه الاهداف التي يرفعها تنظيم القاعدة كأيدلوجيا جديدة ويرميها في احضان العرب والمسلمين لتسد من ثغرة فراغهم الفكري وبحثهم عن اهداف جديدة تجمعهم ، الكثير من اللعب على المشاعر العربية من جهة ، والكثير من المتغيرات العالمية التي ستستتبع هذه الاهداف ان طبقت او امن بها الانسان العربي من جهة اخرى ؟.








    وهذا ما سنتناوله (( أيدلوجيا )) في المرة اللاحقة انشاء الله








    _____________________








    ______________________________( بين فوضى القاعدة والفوضى المنظمة )












    في ثنايا تناولنا للاهداف المعلنة ايدلوجيا لتنظيم القاعدة ، سوف تصادفنا مفارقة غريبة بين تلك الاهداف لهذا التنظيم السري ، وبين بعض ماتطرحه الدول الغربية بالعموم والولايات المتحدة بالخصوص من اجندات سياسية لمنطقة الشرق الاوسط الكبير والصغير ، وخاصة منه الاجندة المختصة بالعالم العربي والذي هو ايضا يمثل أس التحرك والاستهداف لتنظيم القاعدة باعتباره العالم الاقرب لغة لاليات واهداف ومشاريع تنظيم القاعدة والمراد منه ان يكون هو القاعدة والمنطلق للتنظيم في المستقبل لباقي حربه المعلنة على العالم الانساني الاخر !.








    والحقيقة وكما ذكرنا سابقا فأن هناك ثلاث اهداف رئيسية لتنظيم القاعدة في العالمين العربي والاسلامي ، وعند تناول هذه الاهداف وكيفية تحرك القاعدة نحوها سندرك ماهية مقولتنا للمفارقة المتناغمة بين التحرك الغربي من جهة وتحرك تنظيم القاعدة على المنطقة العربية بالخصوص من جهة اخرى ، وهذا التناغم بطبيعة الحال ربما يكون مقصودا وربما يكون غير مقصود تماما ولكن وعلى اي حال هناك تناغم ما ، مره يكون التحرك الغربي على المنطقة العربية والاسلامية الحاضن لحركة القاعدة ومرة يكون تحرك القاعدة الارضية التي تبني عليها الدول الغربية والادارة الامريكية حركتها في المنطقة العربية اخرى ، وكأنما هي جدلية قائمة بين القاعدة كتنظيم والغرب والادارة الامريكية كلاعب في منطقة الشرق الاوسط الكبير ؟.








    ان من اولى اهداف القاعدة السياسية مطالبتها العلنية : بأسقاط النظم السياسية العربية الكافرة ( على حد تعبير التنظيم ) !.








    والحق ان هذه النظم والقائمة سياسيا في المنطقة العربية بالخصوص وبغض النظر عن مايقال فيها من نقد سياسي هي وبلا ريب من اقوى النظم البوليسية وجودا ، مما يؤمن لها وبشكل طبيعي استقرارا قمعيا كبيرا على المستوى الامني بفضل ماتنتهجه هذه النظم السياسية من سياسة امنية متشددة في هذا الجانب ، كما اننا نلحظ من جانب آخر من معادلة - القاعدة النظام السياسي العربي - ان القاعدة لاتجرأ مطلقا من الاقتراب من النظم السياسية العربية القائمة امنيا ، بل هو - تنظيم القاعدة - ومن اليوم الاول لتحركه ونشأته بنى كل كيانه على استراتيجية : (( التحرك في الفوضى السياسية للبلدان الغير مستقرة أمنية ) و المراد زرع حواضن لتنظيم القاعدة فيها ، لذا كانت نشأة تنظيم القاعدة على الارض الافغانية ليس أمرا اعتباطيا ، بل هو امرا حيويا بقت اثاره لهذه اللحظة في بنية تنظيم القاعدة الحركي ، وقد استفاد التنظيم من فكرة كيفية العيش في الفوضى السياسية التي خلقها الاتحاد السوفيتي انذاك عند غزوه لافغانستان ، مما هيأ التنظيم وبشكل قوي على الممارسة الطويلة في كيفية فن : (( خلق الفوضى )) السياسية في اي جغرافية يراد لها ان تكون هدفا لزرع نواة الحواضن الايدلوجية لعناصر القاعدة !.








    وهنا جاء الدور الغربي بالعموم والامريكي بالخصوص وخاصة بعد احداث (( 11 سبتمبر )) لطرح فكرة (( الفوضى الخلاقة )) ومطالبة النظم العربية وخاصة منها البوليسية امنيا : بأرخاء قبضتها الامنية واعطاء مساحة اوسع للديمقراطية ؟.








    ان معنى ان تطالب الادارة الاميركية وتضغط بكل ما اوتيت من قوة على نظم قائمة امنيا ومستقرة سياسية تحت وطأة الرعب من النظام السياسي القائم ، معنى ذالك انها - وربما بلا شعور منها او بشعور متعمد - تخلق الارضية التي يحلم بها تنظيم القاعدة للحركة السهلة له ولعناصره ، بالاضافة طبعا الى ان تنظيم القاعدة له ممارسة غير موجودة عند اي تنظيم سياسي ايدلوجي اخر في كيفية استثمار الفوضى السياسية سواء كانت خلاّقة او غير خلاقة ، والمهم في المعادلة له ان ينتعش ويتحرك وينموا تحت ضل اجواء الفوضى السياسية وفي اي جغرافية انسانية وذالك بسبب ان اليات حركته التنظيمية بنيت لتنتعش وتنمو في الفوضى وتموت وتضمر في اي حالة استقرار سياسي وأمني لاي مجتمع ما !.








    وهنا كان التناغم الملحوظ بين تنظيم القاعدة الباحث عن الفوضى السياسية ليتحرك وبين فكرة (( الفوضى الخلاقة )) التي تهيئ له الارضية لتعميق هذه الفوضى والى ما تصل لتكون خلاقة يكون تنظيم القاعدة قد تحرك ونمى وترعرع وكبر واستفحل كثيرا ؟.








    أما مايتعلق بالهدف الثاني وهو ( خروج قوى الكفر الصليبية من الارض العربية والاسلامية ))








    فهو هدف قريب من فكرة الارتداد عن العالم الحديث والرجوع الى فكرة تقسيم الارض الى جانبين بالنسبة للعرب والمسلمين ، وكذا الغربيين الصليبيين فيما مضى ، وهي فكرة : ارض الحرب وارض السلم !.








    والحقيقة ان تداخل المصالح العالمية لايسمح مطلقا بوجود فكرة عالمين الاول محارب للاخر ، فهو ليس العالم القديم المعزول والمكتفي بوجوده الذاتي لنقول ان فكرة تقسيم العالم (( سماطين )) بالامكان نجاحها على ارض الواقع ، فبعد الثورة التكنلوجية ودورة ماكنة الوقود والانتاج ، اصبح العالم يتحرك بشريان واحد يضخ له الدماء او ليوصل له دماء الحياة ليعيش ككلّ متكامل !.








    نعم ماكنة الغرب الصناعية تتحرك اليوم بشريان النفط العربية ، كما ان حياة الانسان العربي متحركة بشبكة المعلوماتية العالمية الغربية ، ولا استغناء لبعضهم عن البعض الاخر ، واي فكرة او الية او تحرك يضرّ او يضرب هذه المعادلة العالمية بين الشرق والغرب تعتبر وبلا ادنى شك تهديد مباشر لمصالح العالم الانساني برمته غربيا كان او شرقيا !,








    صحيح ان هناك مصالح مشتركة ولعبة سوق بين عرض وطلب ، ولكنّ هذه تخضع للعبة الموازنة وليس الحرب وتقسيم العالم الى ارض حرب وارض سلم ، وعليه كانت فكرة (( لا ارض مستقرة لخلايا القاعدة )) قد اتت مباشرة بعد احداث ((11/ سبتمبر )) لادراك الغرب بالعموم وادراك الادارة الامريكية بالخصوص : ان اي فكرة ترّوج بمعنى ارض الحرب وارض السلم بين العرب والمسلمين وبين الغرب والصليبيين والتي طرحتها القاعدة من خلال اهدافها ستكون فكرة ملاصقة لفكرة موت الغرب التكنلوجي ؟.








    وعليه جاءت الجدلية المتناغمة بين : مطالبة القاعدة لخروج القوى الاستعمارية الصليبية من ارض البترول والطاقة من جهة ، ومطالبة الغرب والادارة الامريكية بضرورة ان لاتكون هناك ارض تصلح لان تكون قاعدة لتنظيم القاعدة في الشرق والغرب من جانب اخر ، وسميت فيما بعد بالحرب على الارهاب !.








    نعم انها جدلية تعطي المشروعية الحركية لكلا الجانبين القاعدة باعتبارها المناضل من اجل طرد القوى الاستعمارية الغربية من جانب ، والعالم التكنلوجي باعتبار انه مطالب بالدفاع عن مصالحه الاقتصادية ووجوده التكنلوجي وضرورة تأمين وصول الطاقة الى دماغه الانساني والتكنلوجي من خلال تواجده الفعلي في المنطقة من جانب اخر ... وهكذا دواليك !.








    اذا كان ولم يزل وستبقى اهداف القاعدة في (( اسقاط النظم ، واخراج المستعمر )) اهداف قابلة للحياة والاستمرارية مادامت الحياة في الغرب والشرق قائمة ومستمرة ، فهي اهداف لم تكتفي بمداعبة مشاعر الانسان العربي المقهور من قبل نظمه السياسية وسياسة الغرب الموالية لتلك النظم فحسب ، ولم تكن اهداف تلاعب المشاعر العربية والاسلامية التاريخية وتربطه بعالمه الخيالي الذي كان يطرحه - التاريخ - كندّ للعالم الاخر فحسب ، ولم تكن اهداف تعطي تصوراتها تغييرا جذريا بواقع الخريطة الانسانية فحسب ،....... الخ ، وانما هي وفوق ذالك اهداف مزدوجة بالامكان لكل من الشرق والغرب اللعب على مؤثراتها الجانبية الخطيرة ، لتكون من ثم هذه الاهداف بالنسبة للغرب بصورة عاما : مبررا للتدخل السافر في شؤون المنطقة العربية بحجج تأمين وصول الطاقة العالمية الحيوية لمصانع العالم الغربي ، بل واستعمار دول اخرى بحجج وجود اسلحة دمار شامل ربما تصل الى ايدي الارهابيين ، بالاضافة الى مبرر تنظيف الجغرافية صاحبة الفوضى الخلاقة من بؤر القاعدة التي عشعشت بفضل الفوضى الخلاقة في هذه الجغرافية او تلك من العالم ؟.








    وكذا عندما تكون نفس مايرفعه الغرب من اهداف بحربه المعلنة ضد الارهاب ، هي وبنفس اللحظة المبررات لنمو القاعدة كتنظيم سياسي ايدلوجي يسعى لاسقاط النظم السياسية الكافرة والموالية للصليبيين ، بالاضافة الى سعي هذا التنظيم لطرد الاستعمار الصليبي وحماية الثروة من السرّاق الاستعماريين ، ورفع نير العبودية والاذلال الذي فرضه المتغطرس الغربي والاميركي بصورة مباشرة على الانسان العربي والمسلم حسب ماترّوج له القاعدة من مبررات لحركتها الجهادية القتالية الانتحارية ؟!.








    وهكذا يبقى الهدف الثالث لتنظيم القاعدة ( اقامة الخلافة الاسلامية على ارض الاسلام والعرب بالخصوص ))








    هو الاخر الهدف المتمم لصورة المعركة بكل ملامحها بين القاعدة والغرب من جهة وبين النظم السياسية العربية والانسان العربي من جهة اخرى








    ان فكرة (( ارجاع الخلافة )) للحكم في خطابات القاعدة السياسية والايدلوجية الدينية لايخلو - هذا الخطاب - من نفس العزف على المشاعر العربية والاسلامية ، باعتبار ان موضوعة الخلافة تستمد قوتها وتأثيرها على الانسان العربي بالخصوص من خلال نافذتي (( التاريخ والمعتقد الديني الاسلامي )) فالخلافة وتأريخيا هي الصورة التي يعتقد فيها الانسان العربي انه كان يمارس كل عنفوانه وقوته انذاك عندما كان سيدا كباقي اسياد العالم الاخرين ، وخصوصا ان التاريخ العربي يرى بالخلافة (( الحقيقة لانستطيع ان نسميها اسلامية باعتبار ان الخلافة في التاريخ العربي لم تكن تعير اهتمام حقيقي بالاسلام الا ظاهريا والا هي بالفعل كانت مملكة يحكمها انسان باسم الخليفة )) انها مصدر العزة والتطور والعلم وباقي منجزات الانسان المسلم الحضارية انذاك ، لذا لم تكن (( فكرة )) الخلافة غريبة على فكر الانسان العربي ومشاعره ، وعندما ترفع القاعدة هدف ارجاع الخلافة للعرب والمسلمين ، فانها وبعملية سلسة تقود العقل العربي معها لترجع به الى الماضي العظيم سياسيا لهذه الامة ، فتنظيم القاعدة هنا قطع نصف المسافة - هذا الكلام بغض النظر عن ان القاعدة لاتصلح ان تكون بلدية في احد احياء هذه الخلافة المراد قيادتها من قبل هذا التنظيم السلفي المتخلف - لقبول الانسان العربي بهذا الهدف الذي يمثل له كل اماله التاريخية والتي يتطلع لان ترجع يوما لتكون ندّا للعالم الغربي المعاصر ، وهذا بعكس بعض الاهداف التي استوردت للانسان العربي قديما من قومية واشتراكية ليشعر الانسان العربي انها اهداف وشعارات غريبة عليه ولاتمت لذاكرته بصلة تاريخية او دينية ، فهو متردد بقبولها او الانتماء بحرارة وعنف لها ؟.








    اما ماتبقى من مسافة لفكرة الخلافة كي تكتمل جميع مؤثراتها على الانسان العربي ومايرشحها بنفس اللحظة لأن تكون مفتاح قلب الانسان العربي والمسلم ، فهي صلة مصطلح (( الخلافة )) بالنص الديني القرءاني واعتباره مصطلحا سياسيا ودينيا محترما ، وعليه كانت القاعدة (( موفقة )) هنا عندما رفعت شعار الخلافة كهدف تسعى للوصول اليه وتطبيقه على ارض الواقع ، وحتى ان كان هذا الهدف اتى متأخرا من حركة تنظيم القاعدة ، فهو هدف وليد ظروف معينة املته على تحرك القاعدة فيما بعد ولم يكن وليد النشأة لهذا التنظيم - كانت نشأة القاعدة قائمة على هدف اخراج الصليبيين من ارض الجزيرة فقط ثم تطورت الاهداف فيما بعد لتظيف اسقاط الحكومات وارجاع الخلافة - ، ولكنه وعلى اي حال هدف حيوي في استقطاب التعاطف العربي والاسلامي لتنظيم القاعدة هذا ؟.








    ان الحقيقة التي لانستطيع اغفالها في معادلة شعار او هدف ارجاع الخلافة للعالمين العربي والاسلامي هي موضوعة ان هذه الفكرة بما ان ممونات قوتها تستمد من التاريخ والمعتقد الديني ، فهي حتما تؤخذ بكل ما رسمه لها التاريخ من مؤثرات كبيرة ، فالخلافة تاريخيا بما انها تختزل فكرة العزة والقوة والتقدم كذالك هي تختزل بداخلها فكرة الجغرافية وباقي العناوين الاخرى الملاصقة لبنية الفكرة تأريخيا !.








    بمعنى ان الخلافة المرتبطة بذهن الانسان العربي والمسلم والمراد لها ان تكون طعما من قبل تنظيم القاعدة لاصطياد العدد الاكبر من الانصار لفكرة القاعدة واهدافها المعلنة ، كذالك هي ارتبطت تاريخيا ليس بالعزة والقوة وباقي المفاهيم المعنوية الاخرى فحسب ، بل كذالك هي ارتبطت بشكل عضوي مع باقي العناوين المادية الاخرى كالجغرافية التي تعتبر صورة الخلافة احد متمماتها الايدلوجية ، فعندما تذكر خلافة العرب والمسلمين فمن المستحيل اغفال مواطنها الجغرافية التي نمت وترعرت فيها هذه الخلافة بكل هيلمانها الاسطوري المرسوم تاريخيا ، ومن المستحيل عندئذ اغفال (( المدينة المنورة او الشام او بغداد او مصر )) من صورة الخلافة الاسلامية لتكتمل دائرة المخيال العربي حول الخلافة ، فالجغرافية ركن اصيل لفكرة الخلافة الاسلامية كما انها ركن اصيل من فكر تنظيم القاعدة الذي يلعب على الاشكالية الجغرافية بحرفة بقدر مايلعب على باقي المفاهيم الدينية الاخرى وهذا ماسنتناوله فيما بعد (( الجغرافية في فكر القاعدة والعراق خصوصا ))؟!.








    _______________________________________________









    __________________________________________(( الخلافة فكرة سياسية ))









    يستلهم تنظيم القاعدة كل تصوراته الايدلوجية السياسية والدينية من واقع مارسمه التاريخ العربي والاسلامي من صور لهذه الايدلوجيا السياسية والدينية ، لاسيما مرتكزات تنظيم القاعدة الفكرية الدينية ، وأتكاءه على فكرة (( السلفية )) كدين قائم بذاته لافرق بينه وبين الاسلام هنا ولافاصل يجعل من السلفية مذهب كباقي مذاهب - سياسيا اكثر منه دينيا - المسلمين ، بل السلفية في فكر تنظيم القاعدة وانصاره الموالين لاطروحته السياسية والدينية يرون هي الوجه الاوحد لاطروحة الاسلام الواسعة !.








    والحقيقة ان هذه الرؤية هي أول اشكاليات تنظيم القاعدة الايدلوجية ، فالسلفية وللدارسين لهذا الفكر بتعمق ووعي ، يدركون ان (( السلفية )) هي رؤية سياسية وليست مذهبا دينيا مقدسا ينبغي احترامه فضلا عن تقديسه ، وهي - السلفية - وبابسط عبارة موجزة : رؤية وضعها البلاط الملكي الاموي لرفع مرحلته الزمنية من الحكم ، وجعلها مرحلة مقدسة موازية لمرحلة الصحابة التي عاصرت مرحلة الرسول الاعظم محمد ص ورسالته ، لذا جاءت موضوعة (( السلف الصالح )) كشعار مواز ومناقض لما كان يطرحه اعداء الامويين من كوارث وفضائح وفساد وظلم وتجبر واعتداء على الشريعة الاسلامية من قبل البلاط الاموي ، وهكذا نشأة وترعرت فكرة ((السلف الصالح )) وبرعاية سلطوية ، ولم تزل حتى اليوم تعتمد هذه الفكرة على رعاية اصحاب السلطان والحكم في الترويج لها والدعم لمشروعها ، وذالك باعتبارها فكرة بنيت لتصب في صالح النظام السياسي القائم ولتبرر من ثم كل وجوده الطاغوتي الخاطئ والفاسد ، فهي - السلفية - وبعبارة اوجز : فكرة تدعوا الى اعطاء السلطان الفاسد الصفة الشرعية والقانونية وتحرّم الخروج على ظلمه وتؤسس وتدعم من اركان وجوده اللاشرعي ، بل وتحكم على كل من يخالف الوضع القائم بأنه خارجي يجب التخلص منه او النفي لكينونته ، ومن ثم وبعد ذالك ترى السلفية ان نقد المرحلة او الزمن يعدّ جريمة دينية ، مثلما ان نقد مرحلة السلف الصالح جريمة لاتغتفر دينيا وايدلوجيا ؟.








    وهكذا كان (( التاريخ )) وبكل مؤثراته العجيبة هو الذي بنى اسطورة الايدلوجية السلفية وليصعد بها الى مصاف المقدس والمنزه الديني ، وهذا بغظ النظر عن ما اذا تعارض القرءاني والتاريخي ، فان للسلفية رؤية موحدة تغلب الجانب التقديسي التاريخي السياسي على الديني القرءاني الاسلامي باعتبار ان السلفي التاريخي هو الاقدر على فهم القرءاني الاسلامي وليس العكس ، لتكون بعد ذالك المعادلة قائمة على ان التاريخي السلفي هو الحاكم والمفسر للنصي القرءاني وليس العكس (( اي بمعنى ان الرجال هي من تعرفك الحق وليس الحق من يعرفك الرجال ، من جانب اخر بالمعنى : تعطيل العقل البشري عن التفكير بما جاء به السلف فالمعادلة ليس انك تفكر بالقرءان لتدرك الحق بل تكتفي بالتفكير السلفي التاريخي لفهم القرءان الذي هو جاء لكل الازمنة - عجيب - ))!.








    اما بالجانب السياسي التاريخي فأن للقاعدة السلفية رؤيتها الخاصة لما ينبغي ان يكون عليه نظام الحكم والادارة ، فهي - السلفية - تعتمد فكرة واحدة عن نظام الحكم في الدين ، الا وهي نظام (( الخلافة )) المتجسدة بأمارة أمير للمؤمنين كحاكم وسلطان لادارة الشأن السياسي في الحكم ، ومع كل توابعه من بيعة وعدم خروج على هذه البيعة وان كانت اكراهية هذه البيعة ، وعدم المعارضة لهذا السلطان بالاضافة لوجوب السمع والطاعة لهذا المعتوه المسمى أميرا للمؤمنين في فكر القاعدة السلفي ؟.








    الحقيقة ان فكرة (( الخلافة )) ليست فكرة دينية لتقدس من ثم في الفكر الاسلامي بقدر ماهي فكرة سياسية ، او هي شكل من اشكال الحكم التاريخية المناسبة لمرحلة من المراحل الانسانية تلك ، فالنظام التاريخي القائم انذاك يتطلب هذه النوع من الدمج والغلبة ، بحيث اينما يصل سيف السلطان فهي مملكته ، مما جعل العالم يعيش في حالة حرب وهدنة مستمرة وعلى طول الزمن والغلبة طبعا ستكون للاقوى عندئذ ، وهذه المعادلة تعتبر كالقانون الدولي اليوم هي القانون الدولي الذي كان محترما انذاك وتاريخيا ولاغبار على ذالك عندما كانت تتوسع الممالك الانسانية باعتبار انها كانت تسير وفق القانون الدولي الموضوع تاريخيا !.








    أما في عالم يراد له ان يستقر وتستثمر موارده ويلتفت الى التطور والنمو والتفرغ للابداع الانساني .....الخ ، ففي مثل هذا العالم الحديث تحتاج الانسانية الى نوع من النظام الدولي والقانون الانساني الذي ينظم من عملية معرفة الحقوق لكل امة والواجبات التي ينبغي ان تحترمها هذه الامم ، ومن ظمنها عدم الاعتداء او التوسع وظمان الاستقرار والامن العالمي - ليس لي علاقة بما تقوم به بعض الدول العظمى من عدم احترام للقانون الدولي ولكن مايهمني ان القانون الدولي وضع لهذه الاهداف المحترمة انسانيا - ، هنا وفي مثل هذا العالم الحديث يصبح مشروع العالم صاحب الجغرافية المحترمة امر لابد منه لتتراجع فكرة الامبراطوريات المتوسعة بالسيف ، لتحل محلها الدول الجغرافية المتوسعة بالفكر والايدلوجيا من خلال حوار الحضارات وتبادل المعلومات وتلاقي الثقافات ، لتكون المؤثرات الفكرية بين الشعوب والامم هي حدود هذه الدولة او تلك بدلا من سيفه الذي يقطر دما في الماضي ليصل الى حيث يشاء ؟.








    نعم هنا الاسلام لايطرح نموذجا معينا لنظام الحكم باعتباره ليس سيفا وانما هو فكرة بامكانها ان تنتقل من جغرافية الى اخرى بدون اي عوائق الا عوائق السياسة التي لاتؤمن بالحوار والانفتاح على الاخر ، ونعم جاء الاسلام في مرحلة الامبراطوريات المتوسعة ولكنه لم يعطي هذا الوضع السياسي القائم اي صورة تحدد من نظام الاسلام الايدلوجي السياسي لتكون امبراطوريات التوسع هي صورته السياسية الوحيدة ، وانما الاسلام ترك موضوعة شكل قيام الكيان السياسي القائم الى الانسان يشكله بالصيغة المناسبة لوضعه الانساني ليؤكد على (( العدالة في الادارة وتوزيع الثروة وانتهاج مبدأ التشاور في الحكم وتطبيق ما أمر الله به ورسوله ص كأحكام تصلح من شأن الانسان الفطرية والمعاشية فحسب )) اما كون شكل الدولة مفدرل او دول قائمة على كونفدراليات حديثة او دول قائمة على نظام دولي يحترم جغرافيا الدول بمجموعها ....الخ ، فمثل هذه النظم الانسانية ، او مثل هذه الاشكال من التطورات السياسية ، ليس للاسلام فيها صورة محددة باعتبار انها صور تدخل ضمن وضيفة الانسان في الحياة حسب رؤية الاسلام السياسية ، وعليه فليس من المعقول تقييد الانسانية المبدعة لاشكالها السياسية بصورة واحدة من شكل قيام الدول هذه !.








    نعم صحيح ربما في المستقبل سترى الانسانية ان النظام التاريخي الذي كان قائما على الاندماج وتشكيل الامبراطوريات العظيمة هي الاجدى سياسيا واقتصاديا واجتماعيا للانسان المعاصر ، فتسعى وطوعيا الى تشكيل اتحادات - كالذي تسعى له اوربا الحديثة - او اي عنوان سياسي اخر كأقامة خلافة جامعة للعالم الاسلامي او العربي ، هو الاجدر بالاحترام لما يضيفه هذا الشكل او ذاك من قوة وتطور للعالم الانساني ، فترحب الانسانية عندئذ بالنموذج (( الجديد القديم )) من الكيان السياسي المسمى غربيا (( اتحاد )) والمسمى عربيا واسلاميا (( خلافة )) تجمعها عملة واحدة وتوجهات سياسية داخلية وخارجية واحدة ، واساسيات تعليمية وتربوية واحدة ....الخ !.








    عندئذ لابأس من القول ان ليس هناك تناقض بين رؤية الاسلام العقائدية وبين قيام الخلافة كبناء سياسي ، كما انه وفي اللحظة الراهنة لاتناقض بين الدولة العربية او الاسلامية الحديثة المحددة الجغرافية وبين رؤية الاسلام العقائدية في هذا الموضوع !.








    هذه هي الرؤية الاسلامية لموضوعة (( الخلافة )) باعتبارها نظام سياسي انساني بالامكان اقامته بهذه الصورة الجامعة ، كما انه بالامكان اقامة غيره من الصور المجزأة الاخرى للدول ، ولاعبرة بمن يقول ان النظام الاسلامي الوحيد هو نظام (( الخلافة )) منطلقا من بعض النصوص التي تقر خلافة الانسان في الارض ، فخلافة الانسان وان الله جعله خليفة وكونه مستخلفا ....الخ ، شيئ ، وكون ان النظام الاسلامي هو نظام خلافة سياسية جامعة شيئ مختلف تماما في الاطروحة الاسلامية - هذه اطروحة اسلامية بحاجة الى بحث مستقل ليس هنا مكانه - كما انه من يحتج ب (( الامة الواحدة )) شيئ مختلف عن ما تطرحه بعض المدارس الاسلامية في موضوعة الخلافة ، وكذالك من يطرح مصطلح (( الخليفة )) الاوحد وحرمة وجود خليفتين للامة ....الخ ، كل هذا وغيره شيئ مختلف عن رؤية الاسلام لعملية اقامة الكيان المسمى دولة في العصر الحديث ، ونعم وصحيح ان الاسلام لايمانع من اقامة (( خليفة )) اوحد للامة الاسلامية ، ولكنه من جانب اخر لايعارض ان يقام الكيان الاسلامي المتعدد الاطراف ان كان لايوجد من هو الكفؤ لمهمة قيادة الامة وجمعها بصورة صحيحة ، فليس هناك من هو كفؤ وفي العصر الحديث ليكون في هذا الموقع الذي تجتمع عليه الامة المسلمة ، كي نقول لايجوز قيام خليفتين للامة الواحدة ، وانما الموجود وضعا مختلفا اختلفت فيه المعادلة الانسانية لذا اختلف فيه رئيس الحكومة الانسانية هنا وهناك ؟.








    وعلى اي حال اردنا الوصول الى تزييف الشعار المرفوع من قبل تنظيم القاعدة في الدعوة الى اقامة (( الخلافة )) الاسلامية باعتبارها النموذج الاوحد لقيام الكيان السياسي الشرعي للمسلمين ، بل واردنا ان نصل الى ان القاعدة لاتملك ايدلوجيا اي فكرة عصرية او اسلامية عن الكيفية التي بالامكان قيام الدولة الحديثة فيها ، فليس القاعدة فكرة سياسية ايدلوجية تمتلك النظرة المتكاملة لوظيفة الدولة في العصر الحديث ، وذالك بسبب ان التاريخ الذي تعتمد عليه القاعدة تماما في صياغة ايدلوجيتها الدينية والسياسية لايسعفها بفهم معنى الدولة الحديثة وكيفية عملها او اهدافها لخدمة الانسان ، لذا جاء فكر القاعدة معاديا للدولة الحديثة ، بالاضافة لاعتبارها كيانا غير شرعيا ولا هو دينيا ، فليس هناك غير صورة واحدة في اجندة العقل السلفي التاريخي الا وهي صورة (( الملك المسمى خليفة زورا )) لامبراطورية الغزو والتوسع التاريخية والمعتمد وبشكل رئيسي على وظيفة الغزو والنهب والقتال وجمع الناس كرعايا تقودهم القوة والرعب للتوحد ؟.








    هذه هي الرؤية السياسية التي تؤمن بها السلفية التي امن بها تنظيم القاعدة ليطرح فكرته لخلاص الامة من مآزقها السياسية المعاصرة ، وانها لتبدو كارثة لكل باحث ان يؤمن الانسان العربي او المسلم بهذه الرؤية السلفية لقيام الكيان السياسي المسمى دولة في العصر الحديث ؟.








    كارثة بسبب ان ماتطرحه القاعدة من شعار في استرجاع (( الخلافة )) وقيامها على ارض الواقع ليس له صلة بالاسلام تماما ، وانما هي محاولة الباس الباطل السياسي لباس الحق الاسلامي ، فليس لهذه الرؤية السلفية سوى التاريخ مرجعا فكريا تستقي منه نظرتها المشوهة للعملية السياسية ، كما انها كارثة بسبب ان لو فرض قيام هذا الكيان المسخ المسمى (( خلافة )) في فكر القاعدة على ارض الواقع ليحكم الانسان العربي والمسلم ، فاننا سوف نجد مجزرة بشرية سياسية ستقوم على ارض الواقع الفرق فيها ان الانسان العربي والمسلم اليوم يقتل ويهان باسم الامن والوطن والخيانة ، بينما في الخلافة المراد اقامتها سيقتل الانسان وتصادر امواله وتنتهك اعراضه وتصادر كرامته باسم نقد الخليفة والخروج على الجماعة والارتداد عن الدين والشرك بالعبادة ؟.








    كذالك فأن قيام خلافة مثل هذه تعدّ وبجدار كارثة على الانسان العربي والمسلم وعلى ايدي مجموعة من تنظيم القاعدة ترى ان الخلافة هذه ليس لها وظيفة الا الغزو والحرب ، وليس من شأنها تطوير الامة او خلق مناخ الابداع التكنلوجي لها او فتح ابواب البناء والتعمير ...الخ !.








    لذالك نقول وبجزم عالي الثقة ان مشروع تنظيم القاعدة سوف لن يكتب له النجاح على الاطلاق ، وحتى ان كانت مؤثراته الايدلوجية تستقطب بعض السذج من السلفيين البسطاء فكريا ، ومع ذالك فأن القاعدة بمشروعها الايدلوجي هذا سوف لن يكون لها اي فرصة نجاح سياسية في العصر الحديث ، بسبب انها فكرة ومشروع مناقض تماما لروح العصر ومتطلبات الانسان العربي والاسلامي ، كما انها فكرة مناقضة تماما لروح الاسلام بصورة عامة والذي يدعو الى مجارات روح العصر ودفع الابداع العلمي الى الامام ومباركة دعوات السلام والعيش باستقرار لطرح فكرته الهادئة على جمهور الانسانية لتختار وهي مطمئنة وبعيدة عن اجواء الحرب والقلق والغزو وباقي عناوين التعرب والبداوة والشر في العالم ؟!.








    ________________









المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
x

رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

صورة التسجيل تحديث الصورة

اقرأ في منتديات يا حسين

تقليص

لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

يعمل...
X