الإمامة عند أهل السنة
تعتبر فكرة الإمامة عند أهل السنة فكرة عائمة غير محددة بشخص معين ، فيمكن أن تطلق على الحاكم كما يمكن أن تطلق على الفقيه ومن يصلي بالناس . وما سوف نتناوله بالبحث هنا هو الإمام الحاكم ، فهو المتعلق بموضوع البحث .
والإمام أو الخليفة أو أمير المؤمنين ثلاثة ألفاظ تطلق على الحاكم عند السنة .
وليست هناك أية أبعاد شرعية تعطي خصوصية للإمام عندهم ، فهو فرد كبقية أفراد الرعية ، تقوده الظروف إلى الحكم بطريق السيف أو الوراثة أو الاختيار من قبل أهل الحل والعقد ، فيصبح إمام الأمة ويجب على جميع المسلمين أن يدينوا له بالسمع والطاعة حتى وإن كان فاجرا ظالما ( 1 ) .
* اختيار الإمام : وعند السنة نصب الإمام واجب حسما للفتنة . وطريق وجوبها السمع والعقل . وتنصيبه يكون عن طريق أهل الاجتهاد أو الحل والعقد الذين يختارون من تتوافر فيه شرائط الإمامة . . ( 2 ) .
إلا أن الراصد لحركة تنصيب أئمة الحكم في واقع المسلمين منذ وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وحتى يومنا هذا لا يجد أثرا لأهل الاجتهاد هؤلاء ولا دورا . إنما يجد صورا مختلفة لتنصيب الحاكم تخرج الباحث في النهاية أنه ليست هناك صورة محددة لاختيار الحاكم ولشكل الدولة في الإسلام . .
* ( هامش ) * والإمام أو الخليفة أو أمير المؤمنين ثلاثة ألفاظ تطلق على الحاكم عند السنة .
وليست هناك أية أبعاد شرعية تعطي خصوصية للإمام عندهم ، فهو فرد كبقية أفراد الرعية ، تقوده الظروف إلى الحكم بطريق السيف أو الوراثة أو الاختيار من قبل أهل الحل والعقد ، فيصبح إمام الأمة ويجب على جميع المسلمين أن يدينوا له بالسمع والطاعة حتى وإن كان فاجرا ظالما ( 1 ) .
* اختيار الإمام : وعند السنة نصب الإمام واجب حسما للفتنة . وطريق وجوبها السمع والعقل . وتنصيبه يكون عن طريق أهل الاجتهاد أو الحل والعقد الذين يختارون من تتوافر فيه شرائط الإمامة . . ( 2 ) .
إلا أن الراصد لحركة تنصيب أئمة الحكم في واقع المسلمين منذ وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وحتى يومنا هذا لا يجد أثرا لأهل الاجتهاد هؤلاء ولا دورا . إنما يجد صورا مختلفة لتنصيب الحاكم تخرج الباحث في النهاية أنه ليست هناك صورة محددة لاختيار الحاكم ولشكل الدولة في الإسلام . .
( 1 ) أنظر العقيدة الطحاوية والعقيدة الواسطية والأحكام السلطانية وشرح المقاصد للتفتازاني والتمهيد للباقلاني ومنهاج السنة لابن تيمية .
( 2 ) أنظر الأحكام السلطانية لأبي يعلى . ( * )
- عقائد السنة وعقائد الشيعة - صالح الورداني ص 117 :
والحق أن مثل هذه النتيجة إنما تولدت من خلال الممارسات المنحرفة للحكم في التاريخ ، والتي اختفت فيها صورة الشورى والاختيار الحر .
ومثل هذه الحكومات التي قامت بالغصب والوراثة لا يصح أن تتخذ مقياسا للتطبيق الإسلامي الصحيح ، وإن كان الفقهاء قد اعترفوا بهذه الحكومات وأضفوا عليها الشرعية .
وقد عمل أهل السنة على حصر الإمامة في قريش وهو الشعار الذي رفعه الجناح القرشي بقيادة أبي بكر وعمر في مواجهة الأنصار ( الأوس والخزرج ) عند اشتداد النزاع على الحكم بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله . وقال أبو بكر : إن العرب لا تدين إلا بهذا الدين من قريش . . ( 1 ) .
ونقلوا قول الرسول صلى الله عليه وآله : " إن هذا الأمر ( الحكم ) في قريش لا يعاديهم أحد إلا كبه الله على وجهه ما أقاموا الدين " ( 2 ) . وقول الرسول صلى الله عليه وآله : " لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي منهم اثنان " ( 3 ) .
إلا أن هذه القاعدة شذ عنها بعض الفقهاء في مقدمتهم ابن خلدون الذي اعتبر أن قريشا كانت مركز العصبية في العرب آنذاك وأن العصبية من الممكن أن تنتقل منها إلى مناطق أخرى ، وبالتالي يصبح وجود إمام من خارج قريش أمرا مقبولا شرعا ، هذا لكون أن كثيرا من حكام المسلمين ليسوا من قريش كالعثمانيين والمماليك من قبلهم ( 4 ) .
* ( هامش ) * ومثل هذه الحكومات التي قامت بالغصب والوراثة لا يصح أن تتخذ مقياسا للتطبيق الإسلامي الصحيح ، وإن كان الفقهاء قد اعترفوا بهذه الحكومات وأضفوا عليها الشرعية .
وقد عمل أهل السنة على حصر الإمامة في قريش وهو الشعار الذي رفعه الجناح القرشي بقيادة أبي بكر وعمر في مواجهة الأنصار ( الأوس والخزرج ) عند اشتداد النزاع على الحكم بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله . وقال أبو بكر : إن العرب لا تدين إلا بهذا الدين من قريش . . ( 1 ) .
ونقلوا قول الرسول صلى الله عليه وآله : " إن هذا الأمر ( الحكم ) في قريش لا يعاديهم أحد إلا كبه الله على وجهه ما أقاموا الدين " ( 2 ) . وقول الرسول صلى الله عليه وآله : " لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي منهم اثنان " ( 3 ) .
إلا أن هذه القاعدة شذ عنها بعض الفقهاء في مقدمتهم ابن خلدون الذي اعتبر أن قريشا كانت مركز العصبية في العرب آنذاك وأن العصبية من الممكن أن تنتقل منها إلى مناطق أخرى ، وبالتالي يصبح وجود إمام من خارج قريش أمرا مقبولا شرعا ، هذا لكون أن كثيرا من حكام المسلمين ليسوا من قريش كالعثمانيين والمماليك من قبلهم ( 4 ) .
( 1 ) أنظر أحداث السقيفة في كتب التاريخ . . انظر لنا السيف والسياسة .
( 2 ) رواه البخاري . . كتاب الأحكام . . ويذكر أن راوي هذا الحديث هو معاوية بن أبي سفيان في معرض الهجوم على عبد الله بن عمرو بسبب أنه حدث أنه سيكون ملك من قحطان ، ولعل معاوية رأى في رواية ابن عمرو تهديدا لسلطانه . . انظر فتح الباري : 13 / 114 .
( 3 ) البخاري كتاب الأحكام . ( 4 ) وهذه نظرة تبريرية في مواجهة النصوص . . انظر مقدمة ابن خلدون . . ويذكر أن المماليك بداية من عصر الظاهر بيبرس أرادوا تطبيق حديث الأئمة في قريش حتى يضفوا على حكمهم الشرعية فقاموا باستجلاب بقية العائلة العباسية الفارة من وجه التتار إلى مصر وأحيوا الخلافة العباسية وجعلوا القاهرة مقرا لها . . غير أن خلفاء بني العباس في مصر لم يكونوا سوى صورة أو لافتة توضع وتنزع وتستبدل حسب أهواء المماليك . ( * )
- عقائد السنة وعقائد الشيعة - صالح الورداني ص 86 :
من هنا اشترط الفقهاء في الإمام أربعة شروط هي :
- أن يكون قرشيا من الصميم .
- أن يكون حرا عاقلا بالغا عالما .
- أن يقوم بأمر الأحكام الحدود والحرب والسياسة .
- أن يكون أفضل القوم علما ودينا ( 1 ) .
ويقرر الفقهاء أن من غلب المسلمين بالسيف حتى صار خليفة وسمي بأمير المؤمنين لا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن بييت ولا يراه إماما عليه ، برا كان أو فاجرا فهو أمير المؤمنين ( 2 ) .
واختلفوا في الخليفة الذي يداوم على السكر واللهو والغلول ( مصادرة الغنائم لنفسه ) هل يجوز الجهاد معه أم لا . ؟ ( 3 )
وتنص عقيدة أهل السنة على أن الجهاد ماض وراء كل أمير برا كان أو فاجرا ( 4 ) .
وقد أفرد الفقهاء أبوابا في كتب الفقه تدور حول أهلية الإمام واستمراريته في الحكم لو فقد يده أو عينه أو رجله أو أصابه خرس أو مرض أو ما شابه ذلك ( 5 ) .
والمتأمل في مثل هذه الأمور التي ربطها أهل السنة بمسألة الإمامة يتبين له أنها تفوح منها رائحة السياسة . ويبدو هذا الأمر بوضوح في تحديد الفقهاء لطريقين اثنين لانعقاد الإمامة هما :
- اختيار أهل الحل والعقد .
* ( هامش ) * - أن يكون قرشيا من الصميم .
- أن يكون حرا عاقلا بالغا عالما .
- أن يقوم بأمر الأحكام الحدود والحرب والسياسة .
- أن يكون أفضل القوم علما ودينا ( 1 ) .
ويقرر الفقهاء أن من غلب المسلمين بالسيف حتى صار خليفة وسمي بأمير المؤمنين لا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن بييت ولا يراه إماما عليه ، برا كان أو فاجرا فهو أمير المؤمنين ( 2 ) .
واختلفوا في الخليفة الذي يداوم على السكر واللهو والغلول ( مصادرة الغنائم لنفسه ) هل يجوز الجهاد معه أم لا . ؟ ( 3 )
وتنص عقيدة أهل السنة على أن الجهاد ماض وراء كل أمير برا كان أو فاجرا ( 4 ) .
وقد أفرد الفقهاء أبوابا في كتب الفقه تدور حول أهلية الإمام واستمراريته في الحكم لو فقد يده أو عينه أو رجله أو أصابه خرس أو مرض أو ما شابه ذلك ( 5 ) .
والمتأمل في مثل هذه الأمور التي ربطها أهل السنة بمسألة الإمامة يتبين له أنها تفوح منها رائحة السياسة . ويبدو هذا الأمر بوضوح في تحديد الفقهاء لطريقين اثنين لانعقاد الإمامة هما :
- اختيار أهل الحل والعقد .
( 1 ) الأحكام السلطانية .
( 2 ) المرجع السابق .
( 3 ) أنظر تفاصيل هذا الخلاف في كتب العقائد .
( 4 ) أنظر العقيدة الطحاوية والعقيدة الواسطية .
( 5 ) أنظر الأحكام السلطانية والسياسة الشرعية لابن تيمية وكتب العقائد والفرق . ( * )
- عقائد السنة وعقائد الشيعة - صالح الورداني ص 119 :
- العهد أو الوصية من سابقه .
فبالنسبة للأمر الأول استنبطوه من فعل السقيفة .
وبالنسبة لأمر الثاني ( الوصية ) استنبطوه من فعل أبي بكر حين أوصى لعمر .
وبالنسبة للعهد فقد استنبطوه من فعل بني أمية وبني العباس ( 1 ) .
وتبدو السياسة بصورة أكثر وضوحا حين يقرر أهل السنة أن من أصول الاعتقاد أن الخليفة بعد الرسول أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي هكذا بالترتيب . ومع أن المتأمل في أحداث السقيفة واختيار أبي بكر يجد أن المسألة قد جانبت الشورى وطغت فيها القبلية وافتقدت فيها النصوص القاطعة بخلافته ( 2 ) .
أما خلافة عمر فقد جاءت بوصية من أبي بكر ولم تكن بمشورة المسلمين ، وقد عاضها كثير من الصحابة وقتها ( 3 ) .
أما خلافة عثمان فقد جاءت باختيار من وسط ستة من أفراد حددهم عمر ، تحالف أربعة منهم مع عثمان ضد السادس وهو الإمام علي ( 4 ) .
فبالنسبة للأمر الأول استنبطوه من فعل السقيفة .
وبالنسبة لأمر الثاني ( الوصية ) استنبطوه من فعل أبي بكر حين أوصى لعمر .
وبالنسبة للعهد فقد استنبطوه من فعل بني أمية وبني العباس ( 1 ) .
وتبدو السياسة بصورة أكثر وضوحا حين يقرر أهل السنة أن من أصول الاعتقاد أن الخليفة بعد الرسول أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي هكذا بالترتيب . ومع أن المتأمل في أحداث السقيفة واختيار أبي بكر يجد أن المسألة قد جانبت الشورى وطغت فيها القبلية وافتقدت فيها النصوص القاطعة بخلافته ( 2 ) .
أما خلافة عمر فقد جاءت بوصية من أبي بكر ولم تكن بمشورة المسلمين ، وقد عاضها كثير من الصحابة وقتها ( 3 ) .
أما خلافة عثمان فقد جاءت باختيار من وسط ستة من أفراد حددهم عمر ، تحالف أربعة منهم مع عثمان ضد السادس وهو الإمام علي ( 4 ) .
وخلافة علي لم يجتمع عليها القوم حتى أن بعض الفقهاء اعتبرها غير كاملة المشروعية ، وقد اعترف بها القوم من باب التستر على أخطاء وتجاوزات الثلاثة الذين سبقوه ، وحتى لا ينكشف انحيازهم الكامل للخط القبلي ( 1 ) .
تقول العقيدة الطحاوية : ونثبت الخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أولا لأبي بكر تفضيلا له وتقديما على جميع الأمة ، ثم لعمر بن الخطاب ، ثم لعثمان ، ثم لعلي بن أبي طالب . وهم الخلفاء الراشدون والأئمة المهديون ( 2 ) .
ويقول ابن تيمية : ثم من طريقة أهل السنة والجماعة اتباع وصية الرسول صلى الله عليه وسلم حيث قال : " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ ويرون إقامة الحج والجهاد والجمع والأعياد مع الإمام " ( 3 ) .
وقد استدل بعضهم بقوله تعالى : ( إني جاعل في الأرض خليفة ) على وجوب نصب الإمام .
يقول القرطبي : هذه الآية أصل في نصب إمام وخليفة يسمع له ويطاع لتجتمع به الكلمة وتنفذ به أحكام الخليفة . ولا خلاف في وجوب ذلك بين الأمة ولا بين الأئمة . . وعندنا النظر طريق إلى معرفة الإمام .
تقول العقيدة الطحاوية : ونثبت الخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أولا لأبي بكر تفضيلا له وتقديما على جميع الأمة ، ثم لعمر بن الخطاب ، ثم لعثمان ، ثم لعلي بن أبي طالب . وهم الخلفاء الراشدون والأئمة المهديون ( 2 ) .
ويقول ابن تيمية : ثم من طريقة أهل السنة والجماعة اتباع وصية الرسول صلى الله عليه وسلم حيث قال : " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ ويرون إقامة الحج والجهاد والجمع والأعياد مع الإمام " ( 3 ) .
وقد استدل بعضهم بقوله تعالى : ( إني جاعل في الأرض خليفة ) على وجوب نصب الإمام .
يقول القرطبي : هذه الآية أصل في نصب إمام وخليفة يسمع له ويطاع لتجتمع به الكلمة وتنفذ به أحكام الخليفة . ولا خلاف في وجوب ذلك بين الأمة ولا بين الأئمة . . وعندنا النظر طريق إلى معرفة الإمام .
تعليق