الأساس الروحي
عندما سـُئل السيد الحسني (دام ظله) عن العوامل التي اعتمد عليها في دعوته التي أدت إلى انتصارها واجتياح كل الدعاوي الباطلة فأجاب السيد (دام ظله) بأني رفضت الكثير من العروض والمغريات الدنيوية ورفضت00 ورفضت 000حتى أُحقق مصداقـاً بسيـطاً وتجربة واقعية لانتصار يعتمد على العوامل الغيبية والتسديدات الإلهية المتمثلة برعاية وتوجيه المعصومين (عليهم السلام) 00000ورفضت جميع الأساليب الدنيوية التي يسلكها الآخرون 00000
حينما توضع العوامل الروحية في خانة الخرافة فإن هذا الأمر يبدو قبيحاً جداً عند أهل الدين والتدين لأن الأساس الروحي هو المنطلق الرئيسي والقاعدة العامة لكل متدين كما هو معلوم ولكن ومع الأسف أن الملاحظ خلاف هذه المسألة فالمتدينون ـ وليس كلهم ـ أنفسهم بادروا إلى وضع العوامل الروحية في خانة الخرافة وإن لم يصرحوا بذلك علناً وما يقومون به من ممارسات وأعمال للترويج والدعوة للأفكار الدينية كالمرجعية مثلاً واعتمادهم المطلق على الماديات والأساليب الملتوية أحياناً لهو خير دليل على ما نقول .
وفي المقابل وبفضل الله ومنـّه هيـأ الله سبحانه وتعالى من يتصدى لأضخم فكرة دينية وهي المرجعية بأساليب روحية وعلمية أعادت إلى الأذهان أهمية العمل الروحي والتسديد الإلهي .
وما رأينا وعشنا من خلال متابعتنا لهذه المرجعية الشريفة من ترفع وسمو على كل الأساليب التي كادت أن تكون طبيعية لهي آية من آيات الله سبحانه وتعالى ونقطة تحول كبيرة أعادت العمل الإسلامي إلى مساره المعتدل الطبيعي والحمد لله رب العالمين .
كونوا مع الصادقين
قال الله تعالى في كتابه العزيز : [يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ] .دعوة واضحة وقانون تفرضه الفطرة والعقل السليم كما هو حال كل القوانين الإسلامية المقدسة التي تلبي الحاجة الملحة في النفس البشرية وتحكي عن متطلباها المشروعة والحقيقية وترسم للإنسانية جمعاء الطريق الأوحد لتقييم أية اطروحة أو قضية تحمل على عاتـقها هموم الأمة وآلامها وتحاول الاضطلاع بالمسؤولية الكبرىالمتمثلة بالقيادة والتصدي لمشاكل المجتمع.
وفي هذا الزمان ومع شديد الأسف رأينا بأم أعيننا العديد ممن حاول قيادة الأمة ولكن من دون مراعاة لهذا القانون الإلهي الذي لا يقبل التأويل والتلاعب ، وتحت وطأة الأفكار الخاصة ومحاولة إقناع الناس بها رأينا العجب من الأساليب الملتوية المخادعة وحينما تسألهم عن السبب في نهج هذا الطريق الغريب عن الإسلام تجد الجواب ملتوياً أيضاً وكأنهم أُجبلوا على عدم الصراحة والصدق ، فيكون جوابهم : إن المجتمع لا يفهم الكثير من الحقائق فيجب إخفاؤها عنهم للمصلحة العامة.
أقول : إذا كان إخفاء بعض الحقائق يجلب المصلحة العامة فما معنى تزوير بعض الحقائق وما معنى الكذب هل يصب في المصلحة العامة وأي مصلحة هذه التي لا تأتي إلا بالكذب والخداع إنا لله وإنا إليه راجعون .
ورغم كثرة هذه الأساليب وسيطرة بعضها إلا أن الأمل موجود والتطلع الإسلامي في هذا الباب ما زال نابضاً وحياً تعلقنا به وقطفـنا ثمـاره الصادقة وهذا الأمل وبكل ثـقة مثـلته مرجعية السيد الولي (دام ظله) والتي منذ أن تابعناها عرفناها رافعة للحق وقول الصدق مهما كانت النتائج والسلبيات التي يتوقعها أهل الدنيا والتـفكير الدنيوي وخير شاهد على ذلك ما أخذه سماحة السيد الولي (دام ظله) على عاتـقه من فضح لكل الحقائق وكـشفها وإطلاع الناس عليها مهما كانت الملابسات التي من الممكن أن تؤخذ ضد قضيته في هذا المجال والمصاديق لهذا الشاهد كثيرة ومعروفة لكل من تابع هذه المرجعية الصادقة .
وما هذا الإصرار والالتزام بالقانون الإلهي إلا للإيمان المطلق لهذه المرجعية بأحقية اطروحتها وقوة دليلها وحجتها وللإيمان بأن الكذب حبله قصير وأن النجاة بأن تكون مع الصادقين .
المرجعية الشعبية
من المؤكد أن من جملة المؤهلات الرئيسية لنجاح أي قضية هو تواجدها المستمر بين أوساط الأمة وتمثيلها لآلام وهموم الشريحة الأكبر في المجتمع ومحاولة دمج مختلف المستويات في عملية البناء والدعوة إلى أي اطروحة .
والدين الإسلامي الذي نعتـقد أنه أفضل وأرقى دعوة موجودة في العالم اعتمد بشكل واضح على هذا الأساس واستطاع الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) وفي فترة قياسية أن يصهر معظم فئات المجتمع في بوتـقة الإسلام وجعل منهم دعاةً ومبشرين لهذا الدين الحنيف رغم إمكانياتهم البسيطة وإدراكهم المحدود ـ ليس كلهم طبعاً ـ واستمر أهل البيت (عليهم السلام) من بعده (صلى الله عليه وآله) على نفس المنهج وفسحوا المجال للجميع في المشاركة كلٌ حسب طاقته ومستواه المناسب فإن توزيع المسؤوليات على هذا النحو أي ـ كل حسب طاقته ومستواه ـ لا يتنافى مع ما قلناه من فتح باب المشاركة للجميع فالقدرات والقابليات موزعة بيد القدرة الإلهية بشكل متفاوت يجعل من الجميع كتلة متكاملة لا تستطيع أن تعمل إلا إذا كانت موحدة ومتماسكة .
واليوم عاد لنا السيد الحسني (دام ظله) بهذا المبدأ من جديد وفتح الباب على مصراعيه للمشاركة والعمل للجميع في محاولة جادة وشريفة لتـفعيل دور الأوساط الشعبية مهما كانت بسيطة أو معزولة مسبقاً.
والفرص الكبيرة والعظيمة التي منحها السيد (دام ظله) للجميع للإدلاء بآرائهم وتصوراتهم لهي خير دليل على هذا الكلام كما في الدعوة للكتابة والتأليف كل حسب فهمه واستيعابه للحقيقة بالإضافة إلى الفتاوى المستمرة من قبل المرجعية في وجوب قراءة بعض الكتب وتـفهـيم بعضها للمجتمع والتأكيد على البحث الشخصي عن الحقيقة والاستجابة الكريمة من قبل المرجعية الصالحة لكل طلب يصدر من مجموعة من المؤمنين ترى فيه الصلاح والمنفعة وإلى غير ذلك من الخطوات الرائدة والجديدة في هذا المجال.
وفي الحقيقة أن مرجعية السيد الولي(دام ظله) متميزة في هذا الباب بل تكاد تكون منفردة ووحيدة كما هو واضح لكل من ألقى السمع وهو شهيد .