الأعلمية
ومن المسلّم به أن العلم هو نور يقذفه الله سبحانه وتعالى في القلب مع وجود الاستعداد العالي لتقبل العلوم الإلهية العالية وهذا يأتي بالدرجة الأولى بتوفيق من الله سبحانه وتعالى حيث يقول (جل وعلى)في محكم كتابه { يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤتي الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً} وكذلك يقول سبحانه { ما تشاءون إلا أن يشاء الله } فأن المشيئة الإلهية لإعطاء الفيوضات والعلوم لبعض الأفراد تأتي من مشيئة الشخص واستعداده وترويضه العالي للنفس من حيث التقوى والطاعة والتسليم لله سبحانه وتعالى.
فكثير من الأشخاص ممن يجد ويجتهد فيحصل على قسط معين من العلوم أي يحصل على مرتبة الاجتهاد في الأحكام الشرعية وأن الوصول إلى هذه المرتبة شرف وحظ عظيم لأن الاجتهاد هو موقع شريف وعظيم يحل محل النبوة والإمامة بمسؤولية القيادة الروحية للبشر ، ولكن الله سبحانه وتعالى أرشد الأنبياء والأئمة بأن تكون مسؤولية القيادة الروحية للبشر ، ولكن الله سبحانه وتعالى أرشد الأنبياء والأئمة بأن تكون مسؤولية القيادة إلى من هو أفضل وأكمل وأعلم حيث ابتدأ ذلك بالنبوة التي هي أعلى المراتب وأشرفها كما تحظى به من التسديد الإلهي المباشر للأنبياء باعتبارهم المصطفين الأخيار الذين يؤهلون من الصغر حتى تكليفهم الشرعي بتعاليم الرسالات الإلهية وأحكامها وهذا التسديد يبدأ بالتعليم لفضائل الأخلاق وسموها ورفعتها وحتى ينتهي بصواب الرأي وسلامة الفكر والعقل وصفاء النفوس وطهارتها من الأدران والشوائب والنقائض لجعل تلك الشخصيات متكاملة وكاملة بكل أفعالها وأقوالها وأعمالها حتى تصبح القدوة الحسنة الذي يقتدي بها الناس نحو تطبيق التعاليم الربانية السامية للوصول بالناس إلى درجات الكمال العالي وكل حسب إستحقاقة واستعداده وتقبله .
وقد جرت هذه السنة على الأوصياء(سلام الله عليهم) لإحلالهم محل النبوة من حيث القيادة ووهب لهم علوماً لدنية منه سبحانه وسدد كما فعل بإخوانهم الأنبياء الذين هم أعلى شرفاً وجعلهم على استعداد لوراثة علوم أنبيائه وتمتعهم بكامل صفات الكمال العالي والخلق السامي والشريف الرفيع حتى لا يكون هناك شك في مواقعهم من قبل عوام الناس .
وكذلك انتقلت هذه الحالة إلى المجتهدين الذين ينوبون عن الأنبياء والأوصياء بهذه المواقع الشريفة لقيادة الناس وتعليمهم وتوجيهم بتهيئة أولئك الأشخاص العالمين العاملين المخلصين باحتلال المواقع الرفيعة وجعل استحقاق تلك المواقع الرفيعة وجعل استحقاق تلك المواقع للأعلم منهم لأن الله سبحانه وتعالى له سنن في خلقه وأنه قال لا تخلو الأرض من حجة له فيها لأن سبحانه لا يعذب قوماً أو يبتليهم ببعض البلاء دون أن تكون هنالك حجة تسد أبواب العذر أمام الناس بأن تنهاهم عن المنكر وتأمرهم بالمعروف وتوضح لهم أفضل السبل وأرقاها وأن العلم كثير من النفوس تتوق إلى شرف الحصول عليه فتجد وتجتهد فتحصل على قدر منه ولكن ليس كل من حصل على قسط منه يتولى مركز القيادة الشرعيةلعموم الناس .
مركز القيادة
وكذلك أشار سبحانه في موقع آخر من كتابه العزيز فقال :{أطيعوا الله ورسوله ومن يطع الله ورسوله ...} أي قرن طاعة الله سبحانه بطاعة رسوله أي أن طاعة رسول الله إقرار لطاعته سبحانه ولم يجعل طاعة رسوله مستقلة عن طاعته فيكون هنالك خلل في النظام الذي يؤدي إلى الشرك ولكن جعلها دليلاً لطاعته وأمراً منه وإرشاداً لمن آذنه واختياراً لعباده .
وكذلك جعل الإمامة التي هي استمرارية الطاعة لله وللرسول وقرنها بطاعته كما قرن طاعة الرسول بطاعته سبحانه حيث قال:{أطيعوا الله ورسوله وأولي الأمر ...} فجعل طاعة الرسول وطاعة أولي الأمر الذين هم الأئمة(عليهم السلام) طاعة له ودليلاً لإمتثال أوامره المركزية .
وأن الإمامة التي أصبحت من المسلمات العقائدية عندنا فتكون طاعة الإمام كقائد شرعي في الدنيا والآخرة لمن نص عليه من قبله ، ومع هذا فأن وجود أمير المؤمنين(عليه السلام) وصدور النص عليه بالعصمة والإمامة ولما يتمتع به من طاقات وإمكانات علمية تضاهي إمكانية الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) لم يعطه المبرر للقيادة في حياة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) بل كانت القيادة المركزية للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ومن بعده للإمام أمير ألمؤمنين(عليه السلام) مع وجود إمامين معصومين مسددين من الله وهم الحسن والحسين(عليهما السلام) وكذلك للإمام الحسن مع وجود الحسين فإن القيادة للحسن ووجود الطاعة للإمام الحسن بما فيه طاعة الحسين(عليه السلام) له امتثاله لإمامته .
نسألكم الدعاء
تعليق