ـ في عقاب من كتم شيئا من فضائلهم (عليهم السلام): ـ
المصدر\ تفسير الإمام العسكري ع :
قال الامام (عليهالسلام): قال الله عزوجل في صفة الكاتمين لفضلنا أهل البيت:
(إن الذينيكتمون ما أنزل الله من الكتاب) المشتمل على ذكر فضل محمد (صلى الله عليه وآله) علىجميع النبيين، وفضل علي (عليه السلام) على جميع الوصيين (ويشترون به ـ بالكتمان ـثمنا قليلا) يكتمونه ليأخذوا عليه عرضا من الدنيا يسيرا، وينالوا به في الدنيا عندجهال عباد الله رياسة.
قال الله تعالى: " اولئك ما يأكلون في بطونهم ـ يومالقيامة ـ الا النار " بدلا من ـ إصابتهم ـ اليسير من الدنيالكتمانهم الحق.
(ولا يكلمهم الله يوم القيامة) بكلام خير بل يكلمهم بأنيلعنهم ويخزيهم ويقول:
بئس العباد أنتم، غيرتمترتيبي، وأخرتم من قدمته، وقدمتم من أخرته وواليتم من عاديته، وعاديتم منواليته.
(ولا يزكيهم) من ذنوبهم، لان الذنوب إنما تذوب وتضمحل إذاقرن بها موالاة محمد وعلي وآلهما الطيبين (عليهم السلام) فأما ما يقرن بها الزوالعن موالاة محمد وآله، فتلك ذنوب تتضاعف، وأجرام تتزايد، وعقوباتهاتتعاظم.
(ولهم عذاب أليم) موجع في النار.
(اولئك الذين اشترواالضلالة بالهدى) أخذوا الضلالة عوضا عن الهدى والردى في دار البوار بدلا من السعادةفي دار القرار ومحل الابرار.
(والعذاب بالمغفرة) اشتروا العذاب الذي استحقوهبموالاتهم لاعداء الله بدلا من المغفرة التي كانت تكون لهم لو والوا أولياء الله (فما أصبرهم على النار) ما أجرأهم على عمل يوجب عليهم عذاب النار.
(ذلك) يعني ذلك العذاب الذي وجب على هولاء بآثامهم وإجرامهم لمخالفتهم لامامهم، وزوالهمعن موالاة سيد خلق الله بعد محمد نبيه، أخيه وصفيه.
(بأن الله نزل الكتاببالحق) نزل الكتاب الذي توعد فيه من مخالف المحقين وجانب الصادقين، وشرع في طاعةالفاسقين، نزل الكتاب بالحق أن ما يوعدون به يصيبهم ولا يخطئهم.
(وإن الذيناختلفوا في الكتاب) فلم يؤمنوا به، قال بعضهم: إنه سحر. وبعضهم: إنه شعر، وبعضهم: إنه كهانة (لفي شقاق بعيد) مخالفة بعيدة عن الحق، كأن الحق في شق وهم في شق غيرهيخالفه.
قال على بن الحسين (عليهما السلام): هذه أحوال من كتم فضائلنا، وجحدحقوقنا وسمى بأسمائنا، ولقب بألقابنا وأعان ظالمنا على غضب حقوقنا، ومالا عليناأعداءنا، والتقية ـ عليكم ـ لا تزعجه، والمخافة على نفسه وماله وحاله لا تبعثهفاتقوا الله معاشر شيعتنا، لا تستعملوا الهوينا ولا تقية عليكم، ولا تستعملواالمهاجرة والتقية تمنعكم، وساحدثكم في ذلك بما يردعكم ويعظكم:
دخل على أميرالمؤمنين (عليه السلام) رجلان من أصحابه، فوطئ أحدهما على حية فلدغته، ووقع علىالآخر في طريقه من حائط عقرب فلسعته وسقطا جميعا فكأنهما لما بهما يتضرعان ويبكيان،فقيل لامير المؤمنين (عليه السلام).
فقال: دعوهما فانه لم يحن حينهما، ولمتتم محنتهما، فحملا إلى منزليهما، فبقيا عليلين أليمين في عذاب شديدشهرين.
ثم إن أمير المؤمنين (عليه السلام) بعث إليهما، فحملا إليه، والناسيقولون: سيموتان على أيدي الحاملين لهما.
فقال لهما: كيف حالكما؟ قالا: نحنبألم عظيم، وفي عذاب شديد.
قال لهما: استغفرا الله من ـ كل ـ ذنب أداكما إلىهذا، وتعوذا بالله مما يحبط أجركما، ويعظم وزركما. قالا: وكيف ذلك يا أميرالمؤمنين؟
فقال ـ علي ـ (عليه السلام): ما اصيب واحد منكماإلا بذنبه: أما أنت يا فلان ـ وأقبل على أجدهما ـ فتذكر يوم غمز على سلمان الفارسيـ رحمه الله ـ فلان وطعن عليه لموالاته لنا، فلم يمنعك من الرد والاستخفاف به خوفعلى نفسك ولا على أهلك ولا على ولدك ومالك، أكثر من أنك استحييته، فلذلكأصابك.
فان أردت أن يزيل الله مابك، فاعتقد أن لا ترى مزرئا على ولي لناتقدرعلى نصرته بظهر الغيب إلا نصرته، إلا أن تخاف على نفسك أو أهلك أو ولدك أومالك.
وقال للاخر: فأنت، أفتدري لما أصابك ما أصابك؟ قال: لا.
قال أما تذكر حيث أقبل قنبر خادمي وأنت بحضرة فلان العاتي ، فقمت إجلالاله لا جلالك لي؟ فقال لك: وتقوم لهذا بحضرتي؟! فقلت له: ومابالي لا أقوم وملائكةالله تضع له أجنحتها في طريقه، فعليها يمشي.
فلما قلت هذا له، قام إلى قنبروضربه، وشتمه، وآذاه، وتهدده وتهددني، وألزمني الاغضاء على قذى ، فلهذا سقطت عليكهذه الحية.
فان، أردت أن يعافيك الله تعالى من هذا، فاعتقد أن لاتفعل بنا،ولا بأحد من موالينا بحضرة أعدائنا ما يخاف علينا وعليهم منه.
اما ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان مع تفضيله لي لم يكن يقوم ليعن مجلسه إذا حضرته كما ـ كان ـ يفعله ببعض من لايعشر معشار جزء من مائة ألف جزء منإيجابه لي لانه علم أن ذلك يحمل بعض أعداء الله على ما يغمه، ويغمني، ويغمالمؤمنين، وقد كان يقوم لقوم لايخاف على نفسه ولا عليهم مثل ما خاف علي لو فعل ذلكبي. قوله عزوجل: " ليس البران تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمنبالله واليوم الاخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوى القربىواليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفى الرقاب وأقام الصلوة وآتى الزكوةوالموفون بعهدهم اذا عاهدوا والصابرين في الباساء والضراء وحين الباس اولئك الذينصدقوا واولئك هم المتقون ": 177.
353 ـ قال الامام (عليه السلام): قال علي بن الحيسن (عليهما السلام): (ليس البر أن تولوا) الآية قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما فضل عليا (عليه السلام) وأخبر عن جلالته عند ربه عزوجل،وأبان عن فضائل شيعته وأنصار دعوته، ووبخ اليهود والنصارى على كفرهم، وكتمانهم لذكرمحمد وعلي وآلهما (عليهم السلام) في كتبهم بفضائلهم ومحاسنهم، فخرت اليهود والنصارىعليهم.
فقالت اليهود ": قد صلينا إلى قبلتنا هذه الصلاة الكثيرة، وفينا منيحيي الليل صلاة إليها، وهي قبلة موسى التي أمرنا بها.
وقالت النصارى: قدصلينا إلى قبلتنا هذه الصلاة الكثيرة، وفينا من يحيي الليل صلاة إليها، وهي قبلةعيسى التي أمرنا بها.
وقال كل واحد من الفريقين: أترى ربنا يبطل أعمالنا هذهالكثيرة، وصلواتنا إلى قبلتنا لانا لانتبع محمدا على هواه في نفسه وأخيه؟!
فأنزل الله تعالى: قل يا محمد (صلى الله عليه وآله) (ليس البر) الطاعةالتي تنالون بها الجنان وتستحقون بها الغفران والرضوان.
(أن تولوا وجوهكم) بصلاتكم (قبل المشرق) أيها النصارى، (و) قبل (المغرب) أيها اليهود، وأنتم لامر اللهمخالفون وعلى ولي الله مغتاظون.
(ولكن البر من آمن بالله) بأنه الواحدالاحد، الفرد الصمد، يعظم من يشاء ويكرم من يشاء، ويهين من يشاء ويذله، لا رادلامره، ولا معقب لحكمه وآمن ب (اليوم الآخر) يوم القيامة التي أفضل من يوافيها محمدسيد المرسلين وبعده علي أخوه ووصيه سيد الوصيين، والتي لا يحضرها من شيعة محمد أحدإلا أضاءت فيها أنواره، فسار فيها إلى جنات النعيم، هو وإخوانه وأزواجه وذرياتهوالمحسنون إليه، والدافعون في الدنيا عنه، ولا يحضرها من أعداء محمد أحد إلا غشيتهظلماتها فيسير فيها إلى العذاب الاليم هو وشركاؤه في عقده ودينه ومذهبه، والمتقربونكانوا في الدنيا إليه لغير تقية لحقتهم ـ منه ـ.
والتي تنادي الجنان فيها: إلينا، إلينا أولياء محمد وعلي وشيعتهما، وعنا عنا أعداء محمد وعلي وأهلمخالفتهما.
وتنادي النيران: عنا عنا أولياء محمد وعلي وشيعتهما، وإليناإلينا أعداء محمد وعلي وشيتهما.
يوم تقول الجنان: يا محمد ويا علي إن اللهتعالى أمرنا بطاعتكما، وأن تأذنا في الدخول إلينا من تدخلانه، فاملا انا بشيعتكما،مرحبا بهم وأهلا وسهلا.
وتقول النيران: يا محمد ويا علي إن الله تعالى أمرنابطاعتكما، وأن يحرق بنا من تأمراننا بحرقه، فاملا انابأعدائكما.
(والملائكة) ومن آمن بالملائكة بأنهم عباد معصومون، لا يعصونالله عزوجل ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون، وإن أشرف أعمالهم في مراتبهم التي قدرتبوا فيها من الثرى إلى العرش الصلاة على محمد وآله الطيبين، واستدعاء رحمة اللهورضوانه لشيعتهم المتقين، واللعن للمتابعين لاعدائهم المجاهرينوالمنافقين.
(والكتاب) ويؤمنون بالكتاب الذي أنزل الله، مشتملا على ذكر فضلمحمد وعلي (عليهما السلام) سيد (المسلمين والوصيين) والمخصوصين بمالم يخص به أحدامن العالمين، وعلى ذكر فضل من تبعهما وأطاعهما من المؤمنين، وبغض من خالفهما منالمعاندين والمنافقين.
(والنبيين) ـ ومن ـ آمن بالنبيين أنهم أفضل خلق اللهأجمعين، وأنهم كلهم دلوا على فضل محمد سيد المرسلين، وفضل علي سيد الوصيين، وفضلشيعتهما على سائر المؤمنين بالنبيين؟ وبأنهم كانوا بفضل محمد وعلي معترفين ولهمابما خصهما ـ الله ـ به مسلمين، وإن الله تعالى أعطى محمدا (صلى الله عليه وآله) منالشرف والفضل مالم تسم إليه نفس أحد من النبيين إلا نهاه الله تعالى عن ذلك وزجرهوأمره أن يسلم لمحمد وعلي وآلهما الطيبين فضلهم، وأن الله قد فضل محمدا بفاتحةالكتاب على جميع النبيين، وما أعطاها أحدا قبله إلا ما أعطى سليمان بن داود (عليهالسلام) منها " بسم الله الرحمن الرحيم " فرآها أشرف من جميع ممالكه التيأعطيها.
فقال: يارب ما أشرفها من كلمات إنها لآثر عندي من جميع ممالكي التيوهبتها لي. قال الله تعالى:
يا سليمان وكيف لا يكون كذلك وما من عبد ولاأمة سماني بها إلا أوجبت له من الثواب ألف ضعف ما أوجب لمن تصدق بألف ضعفممالكك.
يا سليمان، هذه سبع ما أهبه لمحمد سيد النبيين، تمام فاتحة الكتابإلى آخرها.
فقال: يا رب أتأذن لي أن أسألك تمامها؟ قال الله تعالى: ياسليمان اقنع بما أعطيتك، فلن تبلغ شرف محمد، وإياك أن تقترح علي درجة محمد وفضلهوجلاله، فاخرجك عن ملكك كما أخرجت آدم عن تلك الجنان لما اقترح درجة محمد في الشجرةالتي أمرته أن لا يقربها، يروم أن يكون له فضلهما، وهي شجرة أصلها محمد، وأكبرأغصانها علي، وسائر أغصانها آل محمد على قدر مراتبهم، وقضبانها شيعته وأمته على ـقدر ـ مراتبهم وأحوالهم، إنه ليس لاحد (يا سليمان من درجات الفضائل عندي ما لمحمد) .
فعند ذلك قال سليمان: يا رب قنعني بما رزقتني. فأقنعه.
فقال: يا ربسلمت ورضيت، وقنعت وعلمت أن ليس لاحد مثل درجات محمد.
(وآتى المال على حبه) أعطى في الله المستحقين من المؤمنين على حبه للمال وشدة حاجته إليه، يأمل الحياةويخشى الفقر، لانه صحيح شحيح.
(ذوي القربى) أعطى لقرابة النبي الفقراء هديةأوبرا لا صدقة، فان الله عزوجل قد أجلهم عن الصدقة، وآتى قرابة نفسه صدقة وبرا وعلىأي سبيل أراد.
(واليتامى) وآتى اليتامى من بني هاشم الفقراء برا، لا صدقة،وآتى يتامى غيرهم صدقة وصلة.
(والمساكين) مساكين الناس.
(وابنالسبيل) المجتاز المنقطع به لا نفقة معه.
(والسائلين) الذين يتكففون ويسألونالصدقات.(وفى الرقاب) المكاتبين يعينهم ليؤدوا فيعتقوا. قال: فان لم يكن له ماليحتمل المواساة، فليجدد الاقرار بتوحيد الله، ونبوة محمد رسول الله (صلى الله عليهوآله)، وليجهر بتفضيلنا، والاعتراف بواجب حقوقنا أهل البيت وبتفضيلنا على سائر ـ آلـ النبيين وتفضيل محمد على سائر النبيين، وموالاة أوليائنا، ومعاداة أعدائنا،والبراءة منهم كائنا من كان، آباءهم وأمهاتهم وذوي قراباتهم وموداتهم، فان ولايةالله لا تنال إلا بولاية أوليائه ومعاداة أعدائه.
(وأقام الصلوة) قال: والبر، بر من أقام الصلاة بحدودها، وعلم أن أكبر حدودها الدخول فيها، والخروج منهامعترفا بفضل محمد (صلى الله عليه وآله) سيد عبيده وإمائه والموالاة لسيد الاوصياءوأفضل الاتقياء علي سيد الابرار، وقائد الاخيار، وأفضل أهل دار القرار بعد النبيالزكي المختار.
(وآتى الزكوة) الواجبة عليه لا خوانه المؤمنين، فان لم يكنله مال يزكيه فزكاة بدنه وعقله، وهو أن يجهر بفضل علي والطيبين من آله إذا قدر،ويستعمل التقية عند البلايا إذا عمت، والمحن إذا نزلت، والاعداء إذا غلبوا، ويعاشرعباد الله بما لا يثلم دينه، ولا يقدح في عرضه. وبما يسلم معه دينه ودنياه، فهوباستعمال التقية يوفر نفسه على طاعة مولاه، ويصون عرضه الذي فرض الله ـ عليه ـصيانته، ويحفظ على نفسه أمواله التي قد جعلها الله له قياما، ولدينه وعرضه وبدنهقواما، ولعن المغضوب عليهم الآخذين من الخصال بأرذلها، ومن الخلال بأسخطها لدفعهمالحقوق عن أهلها وتسليمهم الولايات إلى غير مستحقها.
ثم قال: (والموفونبعهدهم إذا عاهدوا) قال: ومن أعظم عهودهم أن لا يستروا ما يعلمون من شرف من شرفهالله، وفضل من فضله الله، وأن لا يضعوا الاسماء الشريفة على من لا يستحقها منالمقصرين والمسرفين الضالين الذين ضلوا عمن دل الله
عليه بدلالته واختصهبكراماته، الواصفين له بخلاف صفاته، والمنكرين لما عرفوا من دلالاته وعلاماته،الذين سموا بأسمائهم من ليسوا بأكفائهم من المقصرين المتمردين.
ثم قال: (والصابرين في البأساء) يعني في محاربة الاعداء، ولا عدو يحاربه أعدى من إبليسومردته، يهتف به، ويدفعه وإياهم بالصلاة على محمد وآله الطيبين (عليهمالسلام).
(والضراء) الفقر والشدة، ولا فقر أشد من فقر المؤمن، يلجأ إلىالتكفف من أعداء آل محمد، يصبر على ذلك، ويرى ما يأخذه من ماله مغنما يلعنهم به،ويستعين بما يأخذه على تجدد ذكر ولاية الطيبين الطاهرين.
(وحين البأس) عندشدة القتال يذكر الله، ويصلى على محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلى علي وليالله، ويوالي بقلبه ولسانه أولياء الله، ويعادي كذلك أعداء الله.
قال اللهعزوجل: (اولئك) أهل هذه الصفات التي ذكرها، والموصوفون بها الذين صدقوا) في إيمانهمفصدقوا أقاويلهم بأفاعيلهم.
(وأولئك هم المتقون) لما أمروا باتقائه من عذابالنار، ولما أمروا باتقائه من شرور النواصب الكفار .
قوله عزوجل: " يا أيهاالذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والانثى بالانثىفمن عفى له من أخيه شئ فاتباع بالمعروف وأداء اليه باحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمةفمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم ولكم في القصاص حيوة يا اولى الالباب لعلكم تتقون ": 178 ـ 179
354 ـ قال الامام (عليه السلام): قال على بن الحسين (عليهماالسلام).
(يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى) يعني المساواة،وأن يسلك بالقاتل طريق المقتول الذي سلكه به لما قتله (الحر بالحر والعبد بالعبدوالاثنى بالانثى) تقتل المرأة بالمرأة إذا قتلتها.
(فمن عفي له من أخيه شئ) فمن عفى له ـ القاتل ـ ورضي هو وولي المقتول أن يدفع الدية وعفى عنه بها (فاتباع) من الولي (المطالبة، و) تقاص (بالمعروف وأداء) من (المعفو له) القاتل (باحسان) لايضاره ولا يماطله ـ لقضائها ـ (ذلك تخفيف من ربكم ورحمة) إذا أجاز أن يعفو وليالمقتول عن القاتل على دية يأخذها، فانه لو لم يكن له إلا القتل أو العفو لقلما طابنفس ولي المقتول بالعفو بلا عوض يأخذه فكان قلما يسلم القاتل من القتل.
(فمناعتدى بعد ذلك) من اعتدى بعد العفو عن القتل بما يأخذه من الدية فقتل القاتل بعدعفوه عنه بالدية التي بذلها ورضي هو بها (فله عذاب أليم) في الآخرة عند الله عزوجل،وفي الدنيا القتل بالقصاص لقتله من لا يحل له قتله.
قال الله عزوجل: (ولكم) يا أمة محمد (في القصاص حيوة) لان من هم بالقتل فعرف أنه يقتص منه، فكف لذلك عنالقتل كان حياة للذي ـ كان ـ هم بقتله، وحياة لهذا الجاني الذي أراد أن يقتل، وحياةلغيرهما من الناس، إذا علموا أن القصاص واجب لا يجرأون على القتل مخافة القصاص (ياأولي الالباب) أولي العقول " لعلكم تتقون " .
المصدر\ تفسير الإمام العسكري ع :
قال الامام (عليهالسلام): قال الله عزوجل في صفة الكاتمين لفضلنا أهل البيت:
(إن الذينيكتمون ما أنزل الله من الكتاب) المشتمل على ذكر فضل محمد (صلى الله عليه وآله) علىجميع النبيين، وفضل علي (عليه السلام) على جميع الوصيين (ويشترون به ـ بالكتمان ـثمنا قليلا) يكتمونه ليأخذوا عليه عرضا من الدنيا يسيرا، وينالوا به في الدنيا عندجهال عباد الله رياسة.
قال الله تعالى: " اولئك ما يأكلون في بطونهم ـ يومالقيامة ـ الا النار " بدلا من ـ إصابتهم ـ اليسير من الدنيالكتمانهم الحق.
(ولا يكلمهم الله يوم القيامة) بكلام خير بل يكلمهم بأنيلعنهم ويخزيهم ويقول:
بئس العباد أنتم، غيرتمترتيبي، وأخرتم من قدمته، وقدمتم من أخرته وواليتم من عاديته، وعاديتم منواليته.
(ولا يزكيهم) من ذنوبهم، لان الذنوب إنما تذوب وتضمحل إذاقرن بها موالاة محمد وعلي وآلهما الطيبين (عليهم السلام) فأما ما يقرن بها الزوالعن موالاة محمد وآله، فتلك ذنوب تتضاعف، وأجرام تتزايد، وعقوباتهاتتعاظم.
(ولهم عذاب أليم) موجع في النار.
(اولئك الذين اشترواالضلالة بالهدى) أخذوا الضلالة عوضا عن الهدى والردى في دار البوار بدلا من السعادةفي دار القرار ومحل الابرار.
(والعذاب بالمغفرة) اشتروا العذاب الذي استحقوهبموالاتهم لاعداء الله بدلا من المغفرة التي كانت تكون لهم لو والوا أولياء الله (فما أصبرهم على النار) ما أجرأهم على عمل يوجب عليهم عذاب النار.
(ذلك) يعني ذلك العذاب الذي وجب على هولاء بآثامهم وإجرامهم لمخالفتهم لامامهم، وزوالهمعن موالاة سيد خلق الله بعد محمد نبيه، أخيه وصفيه.
(بأن الله نزل الكتاببالحق) نزل الكتاب الذي توعد فيه من مخالف المحقين وجانب الصادقين، وشرع في طاعةالفاسقين، نزل الكتاب بالحق أن ما يوعدون به يصيبهم ولا يخطئهم.
(وإن الذيناختلفوا في الكتاب) فلم يؤمنوا به، قال بعضهم: إنه سحر. وبعضهم: إنه شعر، وبعضهم: إنه كهانة (لفي شقاق بعيد) مخالفة بعيدة عن الحق، كأن الحق في شق وهم في شق غيرهيخالفه.
قال على بن الحسين (عليهما السلام): هذه أحوال من كتم فضائلنا، وجحدحقوقنا وسمى بأسمائنا، ولقب بألقابنا وأعان ظالمنا على غضب حقوقنا، ومالا عليناأعداءنا، والتقية ـ عليكم ـ لا تزعجه، والمخافة على نفسه وماله وحاله لا تبعثهفاتقوا الله معاشر شيعتنا، لا تستعملوا الهوينا ولا تقية عليكم، ولا تستعملواالمهاجرة والتقية تمنعكم، وساحدثكم في ذلك بما يردعكم ويعظكم:
دخل على أميرالمؤمنين (عليه السلام) رجلان من أصحابه، فوطئ أحدهما على حية فلدغته، ووقع علىالآخر في طريقه من حائط عقرب فلسعته وسقطا جميعا فكأنهما لما بهما يتضرعان ويبكيان،فقيل لامير المؤمنين (عليه السلام).
فقال: دعوهما فانه لم يحن حينهما، ولمتتم محنتهما، فحملا إلى منزليهما، فبقيا عليلين أليمين في عذاب شديدشهرين.
ثم إن أمير المؤمنين (عليه السلام) بعث إليهما، فحملا إليه، والناسيقولون: سيموتان على أيدي الحاملين لهما.
فقال لهما: كيف حالكما؟ قالا: نحنبألم عظيم، وفي عذاب شديد.
قال لهما: استغفرا الله من ـ كل ـ ذنب أداكما إلىهذا، وتعوذا بالله مما يحبط أجركما، ويعظم وزركما. قالا: وكيف ذلك يا أميرالمؤمنين؟
فقال ـ علي ـ (عليه السلام): ما اصيب واحد منكماإلا بذنبه: أما أنت يا فلان ـ وأقبل على أجدهما ـ فتذكر يوم غمز على سلمان الفارسيـ رحمه الله ـ فلان وطعن عليه لموالاته لنا، فلم يمنعك من الرد والاستخفاف به خوفعلى نفسك ولا على أهلك ولا على ولدك ومالك، أكثر من أنك استحييته، فلذلكأصابك.
فان أردت أن يزيل الله مابك، فاعتقد أن لا ترى مزرئا على ولي لناتقدرعلى نصرته بظهر الغيب إلا نصرته، إلا أن تخاف على نفسك أو أهلك أو ولدك أومالك.
وقال للاخر: فأنت، أفتدري لما أصابك ما أصابك؟ قال: لا.
قال أما تذكر حيث أقبل قنبر خادمي وأنت بحضرة فلان العاتي ، فقمت إجلالاله لا جلالك لي؟ فقال لك: وتقوم لهذا بحضرتي؟! فقلت له: ومابالي لا أقوم وملائكةالله تضع له أجنحتها في طريقه، فعليها يمشي.
فلما قلت هذا له، قام إلى قنبروضربه، وشتمه، وآذاه، وتهدده وتهددني، وألزمني الاغضاء على قذى ، فلهذا سقطت عليكهذه الحية.
فان، أردت أن يعافيك الله تعالى من هذا، فاعتقد أن لاتفعل بنا،ولا بأحد من موالينا بحضرة أعدائنا ما يخاف علينا وعليهم منه.
اما ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان مع تفضيله لي لم يكن يقوم ليعن مجلسه إذا حضرته كما ـ كان ـ يفعله ببعض من لايعشر معشار جزء من مائة ألف جزء منإيجابه لي لانه علم أن ذلك يحمل بعض أعداء الله على ما يغمه، ويغمني، ويغمالمؤمنين، وقد كان يقوم لقوم لايخاف على نفسه ولا عليهم مثل ما خاف علي لو فعل ذلكبي. قوله عزوجل: " ليس البران تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمنبالله واليوم الاخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوى القربىواليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفى الرقاب وأقام الصلوة وآتى الزكوةوالموفون بعهدهم اذا عاهدوا والصابرين في الباساء والضراء وحين الباس اولئك الذينصدقوا واولئك هم المتقون ": 177.
353 ـ قال الامام (عليه السلام): قال علي بن الحيسن (عليهما السلام): (ليس البر أن تولوا) الآية قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما فضل عليا (عليه السلام) وأخبر عن جلالته عند ربه عزوجل،وأبان عن فضائل شيعته وأنصار دعوته، ووبخ اليهود والنصارى على كفرهم، وكتمانهم لذكرمحمد وعلي وآلهما (عليهم السلام) في كتبهم بفضائلهم ومحاسنهم، فخرت اليهود والنصارىعليهم.
فقالت اليهود ": قد صلينا إلى قبلتنا هذه الصلاة الكثيرة، وفينا منيحيي الليل صلاة إليها، وهي قبلة موسى التي أمرنا بها.
وقالت النصارى: قدصلينا إلى قبلتنا هذه الصلاة الكثيرة، وفينا من يحيي الليل صلاة إليها، وهي قبلةعيسى التي أمرنا بها.
وقال كل واحد من الفريقين: أترى ربنا يبطل أعمالنا هذهالكثيرة، وصلواتنا إلى قبلتنا لانا لانتبع محمدا على هواه في نفسه وأخيه؟!
فأنزل الله تعالى: قل يا محمد (صلى الله عليه وآله) (ليس البر) الطاعةالتي تنالون بها الجنان وتستحقون بها الغفران والرضوان.
(أن تولوا وجوهكم) بصلاتكم (قبل المشرق) أيها النصارى، (و) قبل (المغرب) أيها اليهود، وأنتم لامر اللهمخالفون وعلى ولي الله مغتاظون.
(ولكن البر من آمن بالله) بأنه الواحدالاحد، الفرد الصمد، يعظم من يشاء ويكرم من يشاء، ويهين من يشاء ويذله، لا رادلامره، ولا معقب لحكمه وآمن ب (اليوم الآخر) يوم القيامة التي أفضل من يوافيها محمدسيد المرسلين وبعده علي أخوه ووصيه سيد الوصيين، والتي لا يحضرها من شيعة محمد أحدإلا أضاءت فيها أنواره، فسار فيها إلى جنات النعيم، هو وإخوانه وأزواجه وذرياتهوالمحسنون إليه، والدافعون في الدنيا عنه، ولا يحضرها من أعداء محمد أحد إلا غشيتهظلماتها فيسير فيها إلى العذاب الاليم هو وشركاؤه في عقده ودينه ومذهبه، والمتقربونكانوا في الدنيا إليه لغير تقية لحقتهم ـ منه ـ.
والتي تنادي الجنان فيها: إلينا، إلينا أولياء محمد وعلي وشيعتهما، وعنا عنا أعداء محمد وعلي وأهلمخالفتهما.
وتنادي النيران: عنا عنا أولياء محمد وعلي وشيعتهما، وإليناإلينا أعداء محمد وعلي وشيتهما.
يوم تقول الجنان: يا محمد ويا علي إن اللهتعالى أمرنا بطاعتكما، وأن تأذنا في الدخول إلينا من تدخلانه، فاملا انا بشيعتكما،مرحبا بهم وأهلا وسهلا.
وتقول النيران: يا محمد ويا علي إن الله تعالى أمرنابطاعتكما، وأن يحرق بنا من تأمراننا بحرقه، فاملا انابأعدائكما.
(والملائكة) ومن آمن بالملائكة بأنهم عباد معصومون، لا يعصونالله عزوجل ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون، وإن أشرف أعمالهم في مراتبهم التي قدرتبوا فيها من الثرى إلى العرش الصلاة على محمد وآله الطيبين، واستدعاء رحمة اللهورضوانه لشيعتهم المتقين، واللعن للمتابعين لاعدائهم المجاهرينوالمنافقين.
(والكتاب) ويؤمنون بالكتاب الذي أنزل الله، مشتملا على ذكر فضلمحمد وعلي (عليهما السلام) سيد (المسلمين والوصيين) والمخصوصين بمالم يخص به أحدامن العالمين، وعلى ذكر فضل من تبعهما وأطاعهما من المؤمنين، وبغض من خالفهما منالمعاندين والمنافقين.
(والنبيين) ـ ومن ـ آمن بالنبيين أنهم أفضل خلق اللهأجمعين، وأنهم كلهم دلوا على فضل محمد سيد المرسلين، وفضل علي سيد الوصيين، وفضلشيعتهما على سائر المؤمنين بالنبيين؟ وبأنهم كانوا بفضل محمد وعلي معترفين ولهمابما خصهما ـ الله ـ به مسلمين، وإن الله تعالى أعطى محمدا (صلى الله عليه وآله) منالشرف والفضل مالم تسم إليه نفس أحد من النبيين إلا نهاه الله تعالى عن ذلك وزجرهوأمره أن يسلم لمحمد وعلي وآلهما الطيبين فضلهم، وأن الله قد فضل محمدا بفاتحةالكتاب على جميع النبيين، وما أعطاها أحدا قبله إلا ما أعطى سليمان بن داود (عليهالسلام) منها " بسم الله الرحمن الرحيم " فرآها أشرف من جميع ممالكه التيأعطيها.
فقال: يارب ما أشرفها من كلمات إنها لآثر عندي من جميع ممالكي التيوهبتها لي. قال الله تعالى:
يا سليمان وكيف لا يكون كذلك وما من عبد ولاأمة سماني بها إلا أوجبت له من الثواب ألف ضعف ما أوجب لمن تصدق بألف ضعفممالكك.
يا سليمان، هذه سبع ما أهبه لمحمد سيد النبيين، تمام فاتحة الكتابإلى آخرها.
فقال: يا رب أتأذن لي أن أسألك تمامها؟ قال الله تعالى: ياسليمان اقنع بما أعطيتك، فلن تبلغ شرف محمد، وإياك أن تقترح علي درجة محمد وفضلهوجلاله، فاخرجك عن ملكك كما أخرجت آدم عن تلك الجنان لما اقترح درجة محمد في الشجرةالتي أمرته أن لا يقربها، يروم أن يكون له فضلهما، وهي شجرة أصلها محمد، وأكبرأغصانها علي، وسائر أغصانها آل محمد على قدر مراتبهم، وقضبانها شيعته وأمته على ـقدر ـ مراتبهم وأحوالهم، إنه ليس لاحد (يا سليمان من درجات الفضائل عندي ما لمحمد) .
فعند ذلك قال سليمان: يا رب قنعني بما رزقتني. فأقنعه.
فقال: يا ربسلمت ورضيت، وقنعت وعلمت أن ليس لاحد مثل درجات محمد.
(وآتى المال على حبه) أعطى في الله المستحقين من المؤمنين على حبه للمال وشدة حاجته إليه، يأمل الحياةويخشى الفقر، لانه صحيح شحيح.
(ذوي القربى) أعطى لقرابة النبي الفقراء هديةأوبرا لا صدقة، فان الله عزوجل قد أجلهم عن الصدقة، وآتى قرابة نفسه صدقة وبرا وعلىأي سبيل أراد.
(واليتامى) وآتى اليتامى من بني هاشم الفقراء برا، لا صدقة،وآتى يتامى غيرهم صدقة وصلة.
(والمساكين) مساكين الناس.
(وابنالسبيل) المجتاز المنقطع به لا نفقة معه.
(والسائلين) الذين يتكففون ويسألونالصدقات.(وفى الرقاب) المكاتبين يعينهم ليؤدوا فيعتقوا. قال: فان لم يكن له ماليحتمل المواساة، فليجدد الاقرار بتوحيد الله، ونبوة محمد رسول الله (صلى الله عليهوآله)، وليجهر بتفضيلنا، والاعتراف بواجب حقوقنا أهل البيت وبتفضيلنا على سائر ـ آلـ النبيين وتفضيل محمد على سائر النبيين، وموالاة أوليائنا، ومعاداة أعدائنا،والبراءة منهم كائنا من كان، آباءهم وأمهاتهم وذوي قراباتهم وموداتهم، فان ولايةالله لا تنال إلا بولاية أوليائه ومعاداة أعدائه.
(وأقام الصلوة) قال: والبر، بر من أقام الصلاة بحدودها، وعلم أن أكبر حدودها الدخول فيها، والخروج منهامعترفا بفضل محمد (صلى الله عليه وآله) سيد عبيده وإمائه والموالاة لسيد الاوصياءوأفضل الاتقياء علي سيد الابرار، وقائد الاخيار، وأفضل أهل دار القرار بعد النبيالزكي المختار.
(وآتى الزكوة) الواجبة عليه لا خوانه المؤمنين، فان لم يكنله مال يزكيه فزكاة بدنه وعقله، وهو أن يجهر بفضل علي والطيبين من آله إذا قدر،ويستعمل التقية عند البلايا إذا عمت، والمحن إذا نزلت، والاعداء إذا غلبوا، ويعاشرعباد الله بما لا يثلم دينه، ولا يقدح في عرضه. وبما يسلم معه دينه ودنياه، فهوباستعمال التقية يوفر نفسه على طاعة مولاه، ويصون عرضه الذي فرض الله ـ عليه ـصيانته، ويحفظ على نفسه أمواله التي قد جعلها الله له قياما، ولدينه وعرضه وبدنهقواما، ولعن المغضوب عليهم الآخذين من الخصال بأرذلها، ومن الخلال بأسخطها لدفعهمالحقوق عن أهلها وتسليمهم الولايات إلى غير مستحقها.
ثم قال: (والموفونبعهدهم إذا عاهدوا) قال: ومن أعظم عهودهم أن لا يستروا ما يعلمون من شرف من شرفهالله، وفضل من فضله الله، وأن لا يضعوا الاسماء الشريفة على من لا يستحقها منالمقصرين والمسرفين الضالين الذين ضلوا عمن دل الله
عليه بدلالته واختصهبكراماته، الواصفين له بخلاف صفاته، والمنكرين لما عرفوا من دلالاته وعلاماته،الذين سموا بأسمائهم من ليسوا بأكفائهم من المقصرين المتمردين.
ثم قال: (والصابرين في البأساء) يعني في محاربة الاعداء، ولا عدو يحاربه أعدى من إبليسومردته، يهتف به، ويدفعه وإياهم بالصلاة على محمد وآله الطيبين (عليهمالسلام).
(والضراء) الفقر والشدة، ولا فقر أشد من فقر المؤمن، يلجأ إلىالتكفف من أعداء آل محمد، يصبر على ذلك، ويرى ما يأخذه من ماله مغنما يلعنهم به،ويستعين بما يأخذه على تجدد ذكر ولاية الطيبين الطاهرين.
(وحين البأس) عندشدة القتال يذكر الله، ويصلى على محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلى علي وليالله، ويوالي بقلبه ولسانه أولياء الله، ويعادي كذلك أعداء الله.
قال اللهعزوجل: (اولئك) أهل هذه الصفات التي ذكرها، والموصوفون بها الذين صدقوا) في إيمانهمفصدقوا أقاويلهم بأفاعيلهم.
(وأولئك هم المتقون) لما أمروا باتقائه من عذابالنار، ولما أمروا باتقائه من شرور النواصب الكفار .
قوله عزوجل: " يا أيهاالذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والانثى بالانثىفمن عفى له من أخيه شئ فاتباع بالمعروف وأداء اليه باحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمةفمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم ولكم في القصاص حيوة يا اولى الالباب لعلكم تتقون ": 178 ـ 179
354 ـ قال الامام (عليه السلام): قال على بن الحسين (عليهماالسلام).
(يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى) يعني المساواة،وأن يسلك بالقاتل طريق المقتول الذي سلكه به لما قتله (الحر بالحر والعبد بالعبدوالاثنى بالانثى) تقتل المرأة بالمرأة إذا قتلتها.
(فمن عفي له من أخيه شئ) فمن عفى له ـ القاتل ـ ورضي هو وولي المقتول أن يدفع الدية وعفى عنه بها (فاتباع) من الولي (المطالبة، و) تقاص (بالمعروف وأداء) من (المعفو له) القاتل (باحسان) لايضاره ولا يماطله ـ لقضائها ـ (ذلك تخفيف من ربكم ورحمة) إذا أجاز أن يعفو وليالمقتول عن القاتل على دية يأخذها، فانه لو لم يكن له إلا القتل أو العفو لقلما طابنفس ولي المقتول بالعفو بلا عوض يأخذه فكان قلما يسلم القاتل من القتل.
(فمناعتدى بعد ذلك) من اعتدى بعد العفو عن القتل بما يأخذه من الدية فقتل القاتل بعدعفوه عنه بالدية التي بذلها ورضي هو بها (فله عذاب أليم) في الآخرة عند الله عزوجل،وفي الدنيا القتل بالقصاص لقتله من لا يحل له قتله.
قال الله عزوجل: (ولكم) يا أمة محمد (في القصاص حيوة) لان من هم بالقتل فعرف أنه يقتص منه، فكف لذلك عنالقتل كان حياة للذي ـ كان ـ هم بقتله، وحياة لهذا الجاني الذي أراد أن يقتل، وحياةلغيرهما من الناس، إذا علموا أن القصاص واجب لا يجرأون على القتل مخافة القصاص (ياأولي الالباب) أولي العقول " لعلكم تتقون " .
تعليق