بسمه تعالى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ظلم الزهراء عليه السلام في الاحتجاجات المذهبية عبر الأجيال
1 - القاضي عبد الجبار ( ت 415 ه ) .
قال القاضي عبد الجبار ، وهو من أعاظم المعتزلة ، ردا على الشيعة : " . . . ومن جملة ما ذكروه من الطعن ادعاؤهم : أن فاطمة ( ع ) لغضبها على أبي بكر وعمر أوصت أن لا يصليا عليها ، وأن تدفن سرا منهما ، فدفنت ليلا وادعوا برواية رووها عن جعفر بن محمد وغيره : أن عمر ضرب فاطمة بسوط ، وضرب الزبير بالسيف . وذكروا : أن عمر قصد منزلها ، وعلي ، والزبير ، والمقداد ، وجماعة ممن تخلف عن أبي بكر يجتمعون هناك ، فقال لها : ما أجد بعد أبيك أحب إلي منك . وأيم الله ، لئن اجتمع هؤلاء النفر عندك ليحرقن عليهم ، فمنعت القوم من الاجتماع ، ولم يرجعوا إليها حتى بايعوا لأبي بكر إلى غير ذلك من الروايات البعيدة . الجواب : إنا لا نصدق بذلك . . . " ( 1 ) . وقال : " . . فأما ما ذكروه من حديث عمر في باب الإحراق ، فلو صح لم يكن طعنا على عمر ، لأن له أن يهدد من امتنع عن المبايعة ( 2 ) .
المصدر:
( 1 ) المغني للقاضي عبد الجبار : ج 20 ق 1 ص 335 ، وراجع : الشافي للسيد المرتضى : ج 4 ص 110 ، وشرح نهج البلاغة للمعتزلي : ج 16 ص 271 .
( 2 ) المغني : ج 2 ق 1 ص 337 ، والشافي ج 4 ص 112 و 119 .
2 - السيد المرتضى علم الهدى ( ت 436 ه ) .
وقال السيد المرتضى علم الهدى ، ردا على كلام القاضي : " قد بينا : أن خبر الإحراق قد رواه غير الشيعة ممن لا يتهم على القوم " . إلى أن قال : " والذي اعتذر به من حديث الإحراق إذا صح طريف ، وأي عذر لمن أراد أن يحرق على أمير المؤمنين ، وفاطمة ( ع ) منزلهما ؟ ! ( 1 ) " . وقال : ردا على إنكار عبد الجبار ضرب فاطمة ( ع ) والهجوم على دارها ، والتهديد بالإحراق ، وقوله : لا نصدق ذلك ولا نجوزه : " فإنك لم تسند إنكارك إلى حجة أو شبهة فنتكلم عليها . والدفع لما يروى بغير حجة لا يلتفت إليه " ( 2 ) .
وحين ادعى عبد الجبار : إن أخبار ضرب فاطمة ( ع ) كروايات الحلول ، أجابه السيد المرتضى رحمه الله بقوله : " ألست تعلم : أن هذا المذهب يذهب إليه أصحاب الحلول ، والعقل دال على بطلان قولهم ؟ ! فهل العقل دال على استحالة ما روي من ضرب فاطمة ( ع ) ؟ ! فإن قال : هما سيان . قيل له : فبين استحالة ذلك في العقل ، كما بينت استحالة الحلول ، وقد ثبت مرادك . ومعلوم عجزك عن ذلك " (3 ) .
وقال : " . . . وبعد ، فلا فرق بين أن يهدد بالإحراق للعلة التي ذكرها ، وبين ضرب فاطمة لمثل هذه العلة ، فإن إحراق المنازل أعظم من ضربة بالسوط . . . فلا وجه لامتعاض صاحب الكتاب من ضربة سوط ، وتكذيب ناقلها " ( 4 ) .
المصدر
(1) الشافي للسيد المرتضى : ج 4 ص 119 و 120 .
(2) الشافي للسيد المرتضى : ج 4 ص 110 - 113 . ونقول هنا للسيد المرتضى رحمه الله : ما أشبه الليلة بالبارحة ! !
(3) الشافي : ج 4 ص 117 . (4) الشافي : ج 4 ص 120 .
3 - الشيخ الطوسي ( ت 460 ه ) .
وقال شيخ الطائفة ، الشيخ محمد بن الحسن الطوسي رحمه الله تعالى . " ومما أنكر عليه : ضربهم لفاطمة ( ع ) ، وقد روي : أنهم ضربوها بالسياط ، والمشهور الذي لا خلاف فيه بين الشيعة : أن عمر ضرب على بطنها حتى أسقطت ، فسمي السقط ( محسنا ) . والرواية بذلك مشهورة عندهم . وما أرادوا من إحراق البيت عليها - حين التجأ إليها قوم ، وامتنعوا من بيعته . وليس لأحد أن ينكر الرواية بذلك ، لأنا قد بينا الرواية الواردة من جهة العامة من طريق البلاذري وغيره ، ورواية الشيعة مستفيضة به ، لا يختلفون في ذلك . وليس لأحد أن يقول : إنه لو صح ذلك لم يكن طعنا ، لأن للإمام أن يهدد من امتنع من بيعته إرادة للخلاف على المسلمين . وذلك : أنه لا يجوز أن يقوم عذر في إحراق الدار على فاطمة ( ع ) وأمير المؤمنين والحسن والحسين ( عليهما السلام ) . وهل في مثل ذلك عذر يسمع ؟ وإنما يكون مخالفا للمسلمين وخارقا لإجماعهم إذا كان الإجماع قد تقرر وثبت ، وإنما يصح ذلك ويثبت متى كان أمير المؤمنين ومن قعد عن بيعته ممن انحاز إلى بيت فاطمة ( ع ) داخلا فيه غير خارج عنه . وأي إجماع يصح مع خلاف أمير المؤمنين ( عليه السلام ) - وحده ، فضلا عن أن يبايعه على ذلك غيره . ؟ ومن قال هذا من الجبائي وغيره - بانت عداوته ، وعصبيته ، لأن قصة الإحراق جرت قبل مبايعة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) والجماعة الذين كانوا معه في منزله ، وهم إنما يدعون الإجماع - فيما بعد - لما بايع الممتنعون . . . فبان : أن الذي أنكرناه منكر ( 1 ) " .
وقال الشيخ الطوسي أيضا : وقد روى البلاذري ، عن المدائني ، عن مسلمة بن محارب ، عن سليمان التميمي عن أبي عون : أن أبا بكر أرسل إلى علي ( عليه السلام ) يريده على البيعة ، فلم يبايع - ومعه قبس - فتلقه فاطمة ( عليها السلام ) على الباب ، فقالت : يا ابن الخطاب ، أتراك محرقا علي بابي ؟ قال : نعم ( 2 ) وذلك أقوى فيما جاء به أبوك . وجاء علي ( ع ) ، فبايع .
قال الشيخ الطوسي : وهذا الخبر قد روته الشيعة من طرق كثيرة ، وإنما الطريف أن يرويه شيوخ محدثي العامة ، لكنهم كانوا يروون ما سمعوا بالسلامة . وربما تنبهوا على ما في بعض ما يروونه عليهم ، فكفوا منه ، وأي اختيار لمن يحرق عليه بابه حتى يبايع ؟ ( 3 ) .
المصدر:
( 1 ) تلخيص الشافي : ج 3 ص 156 و 157 .
( 2 ) تلخيص الشافي : ج 3 ص 76 ، والشافي للسيد المرتضى : ج 3 ص 261 . وراجع : البحار : ج 28 ص 389 و 411 ، وهامش ص 268 ، وأنساب الأشراف : ج 1 ص 586 . وراجع : المصادر التالية ، فإن بعضها أبدل كلمة : بابي ، بكلمة : بيتي : العقد الفريد : ج 4 ص 259 و 260 ، وكنز العمال : ج 3 ص 149 ، والرياض النضرة : ج 1 ص 167 ، والمختصر في أخبار البشر : ج 1 ص 156 ، والطرائف : ص 239 ، وتاريخ الخميس : ج 1 ص 178 ، ونهج الحق : ص 271 ، ونفحات اللاهوت ، ص 79 ، وراجع : العوالم ج 11 ص 602 و 408 ، والشافي لابن حمزة : ج 4 ص 174 .
( 3 ) تلخيص الشافي : ج 3 ص 76 .
4 - أبو الصلاح الحلبي ( ت 474 ه ) .
قال الفقيه الكبير والمتكلم النحرير الشيخ أبو الصلاح الحلبي رحمه الله : " وقصدهم عليا ( ع ) بالأذى ، لتخلفه عنهم ، والإغلاظ له في الخطاب ، والمبالغة في الوعيد ، وإحضار الحطب لتحريق منزله ، والهجوم عليه ، بالرجال من غير إذنه ، والإتيان به ملببا ، واضطرارهم بذلك زوجته وبناته ، ونساءه ، وحامته من بنات هاشم وغيرهم إلى الخروج من بيوتهم ، وتجريد السيوف من حوله ، وتوعده بالقتل إن امتنع من بيعتهم " ( 1 ) .
المصدر:
( 1 ) تقريب المعارف : ص 233 .
5 - عبد الجليل القزويني ( ت حدود 560 ه ) .
وقال عبد الجليل القزويني ، في كتابه الذي رد فيه على كتاب " بعض فضائح الروافض " ، ما ترجمته : " . . يقولون : إن عمر ضرب على بطن فاطمة ، وقتل جنينا في بطنها كان الرسول سماه محسنا . . . " فجوابه : " . . إن هذا الخبر صحيح . وقد نقله الشيعة وأهل السنة في كتبهم . ولكن قد روي عن المصطفى ( ص ) قوله : " إنما الأعمال بالنيات " ، فإن كان قصد عمر هو أخذ علي للبيعة ، ولم يقصد إسقاط الجنين ، ولعل عمر لم يكن يعلم أن فاطمة كانت خلف الباب ، فيكون قتله للجنين خطأ لا عن عمد .
وحتى لو كان قد قتله عمدا ، فإنه لم يكن معصوما . والله هو الذي يحكم فيه ، وليس لنا نحن ذلك ، ولا يمكن أن يقال ، أكثر من ذلك هنا . والله أعلم بأعمال عباده وبضمائرهم ، وسرائرهم " . وقال : " يقولون : إن عمر وعثمان منعا فاطمة الزهراء من البكاء على أبيها الخ . . . " ( 1 ) . ويقول في موضع آخر : " إن عمر مزق صحيفة فاطمة حول فدك ، وضربها على بطنها ، ثم منعوها من البكاء على أبيها " ( 2 ) .
ونقول : إن الاعتذار المذكور عن قتل المحسن غريب وعجيب ، أمام هذا السيل الهائل من الروايات المصرحة بمعرفته بوجودها خلف الباب ، حتى لقد جاء في بعضها أنه قد ضرب أصابعها حين أمسكت الباب لتمنعهم من فتحه ، وأخبرته أنها حاسرة حتى لا يدخل عليها بيتها . ثم هو قد رفسها ، ولطمها ، وضربها هو وقنفذ وغيرهما . فما ندري ! كيف يمكن اعتبار قتل المحسن خطأ ، إلا أن يكون للخطأ مفهوم ومعنى آخر ، لا يدركه غير كاتب تلك الكلمات ، ومنشئها . ومهما يكن من أمر ، فإننا إنما نقلنا عنه هذه الفقرات ، لدلالتها بوضوح على أن ضربها ، وإهانتها ، وكسر الباب ، والدخول عليها في بيتها عنوة ، وإسقاط جنينها كان أمرا مسلما ، يحتج به فريق ، ويتمحل له المبررات والتوجيهات مهما كانت تافهة وباردة فريق آخر . ونحن لو أردنا أن نعتمد هذا النوع من التبريرات ، فلن نعثر بعد هذا على وجه الأرض على مجرم يدان بجريمته ، ويستحق العقوبة . ولربما تمكن البعض من إيجاد العذر لإبليس ، الذي حاول الغزالي التخفيف عنه ، وصرف الناس عن لعنه ، حين قال : " ولا بأس بالسكوت عن لعنه " ( 3 ) . نعم ، لقد قال ذلك ، وهو يحاول تبرئة يزيد الخمور والفجور من جريمة قتل الحسين ( عليه السلام ) . فاقرأ ، وأعجب ، فما عشت أراك الدهر عجبا .
المصدر :
( 1 ) الفقرات المتقدمة مترجمة من كتاب النقض لعبد الجليل القزويني : ص 298 . ( 2 ) المصدر السابق : ص 302 . ( 3 ) إحياء علوم الدين : ج 3 ص 125 ( ط دار المعرفة ) .
6 - يحيى بن محمد العلوي البصري .
قال المعتزلي ( المتوفى سنة 656 ه ) نقلا عن أستاذه أبي جعفر يحيى بن محمد العلوي البصري : " فإن قلتم : إن بيت فاطمة إنما دخل ، وسترها إنما كشف حفظا لنظام الإسلام ، وكي لا ينتشر الأمر ، ويخرج قوم من المسلمين أعناقهم من ربقة الطاعة ، ولزوم الجماعة . . قيل لكم : وكذلك ستر عائشة إنما كشف ، وهودجها إنما هتك لأنها نشرت حبل الطاعة ، وشقت عصا المسلمين ، وأراقت دماء المسلمين . . إلى أن قال : فكيف صار هتك عائشة من الكبائر ، التي يجب معها التخليد في النار ، والبراءة من فاعله ، من أوكد عرى الإيمان . وصار كشف بيت فاطمة والدخول عليها منزلها ، وجمع حطب ببابها ، وتهددها بالتحريق من أوكد عرى الدين ، وأثبت دعائم الإسلام ، ومما أعز الله به المسلمين ، وأطفأ نار الفتنة ، والحرمتان واحدة ، والستران واحد ؟ . وما نحب أن نقول لكم : إن حرمة فاطمة أعظم ، ومكانها أرفع ، وصيانتها لأجل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أولى ، فإنها بضعة منه ، وجزء من لحمه ودمه ، وليست كالزوجة الأجنبية ، التي لا نسب بينها وبين الزوج .
إلى أن قال : وكيف تكون عائشة أو غيرها في منزلة فاطمة ، وقد أجمع المسلمون كلهم - من يحبها ، ومن لا يحبها منهم - : أنها سيدة نساء العالمين ؟ ! قال : وكيف يلزمنا اليوم حفظ رسول الله ( ص ) في زوجته ، وحفظ أم حبيبة في أخيها ، ولم تلزم الصحابة أنفسها حفظ رسول الله ( ص ) في أهل بيته ( 1 ) .
المصدر:
( 1 ) شرح نهج البلاغة ، لابن أبي الحديد المعتزلي الشافعي : ج 20 ص 16 و 17 .
7 - السيد ابن طاووس ( ت 664 ه ).
ويحتج العالم العابد الزاهد صاحب الكرامات الباهرة السيد رضي الدين علي بن طاووس على أهل المذاهب الأخرى بما جرى على الزهراء ( عليها السلام ) ، ويروي لهم رواياتهم التي أثبتوها في مصادرهم - حسبما أشرنا إليه في مواضعه - فكان مما ألزمهم به قوله : " وقد تقدم ذكر بعض ذلك من صحاحهم عند ذكر تأخرهم مع علي ( ع ) عن بيعة أبي بكر ، وعند ذكر اجتماعهم ، لما أراد أبو بكر وعمر تحريق علي والعباس بالنار " ( 1 ) .
ويقول : ومن طرائف الأحاديث المذكورة ما ذكره الطبري ، والواقدي ، وصاحب الغرر المقدم ذكرهم من القصد إلى بيت فاطمة ، وعلي ، والحسن والحسين ( ع ) بالإحراق . أين هذه الأفعال المنكرة من تلك الوصايا المتكررة من نبيهم محمد ( ص ) . . . " ( 2 ) .
إلى أن قال : ومن أطرف الطرائف قصدهم لإحراق علي والعباس بالنار في قوله : " فأقبل بقبس من نار على أن يضرم عليهما ، وقد كان في البيت فاطمة " .
وفي رواية أخرى : أنه كان معهم في البيت الزبير ، والحسن ، والحسين ( ع ) ، وجماعة من بني هاشم ، لأجل تأخرهم عن بيعة أبي بكر ، وطعنهم فيها . أما ينظر أهل العقول الصحيحة من المسلمين : أن محمدا ( ص ) كان أفضل الخلائق عندهم ، ونبوته أهم النبوات ، ومبايعته أوجب المبايعات . ومع هذا فإنه بعث إلى قوم يعبدون الأصنام والأحجار ، وغيرهم من أصناف الملحدين والكفار ، وما سمعناه أنه استحل ، ولا استجاز ، ولا رضي أن يأمر بإحراق من تأخر عن نبوته وبيعته . فكيف بلغت العداوة لأهل بيته والحسد لهم ، والإهمال لوصيتهبهم إلى أن يواجهوا ويتهددوا أن يحرقوا بالنار ؟ وقد شهدت العقول أن بيعته كانت على هذه الصفات ، وأن إكراه الناس عليها بخلاف الشرائع والنبوات ، والعادات " .
ثم يذكر رواية ابن مسعود قال : " كنا مع رسول الله ( ص ) فمررنا بقرية نمل ، فأحرقت ، فقال النبي : لا ينبغي لبشر أن يعذب بعذاب الله تعالى . " قال عبد المحمود " : وكيف كان أهل بيت النبوة أهون من النمل ؟ ! وكيف ذكروا : أنهم يعذبونهم بعذاب الله تعالى من الحريق بالنار ؟ ! والله ، إن هذه الأمور من أعظم عجائب الدهور " ( 3 ) .
وقال رحمه الله : " . . فأما علي ( ع ) ، فقد عرفت ما جرى عليه من الدفع عن خلافته ومنزلته . وما بلغوا إليه من القصد لإحراقه بالنار ، وكسر حرمته " ( 4 ) .
وقال السيد ابن طاووس أيضا : " أقول : وما كفاه ذلك حتى بعث عمر إلى باب أبيك علي وأمك فاطمة وعندهما العباس وجماعة من بني هاشم ، وهم مشغولون بموت جدك محمد ( ص ) والمأتم ، فأمر أن يحرقوا بالنار إن لم يخرجوا للبيعة على ما ذكره صاحب كتاب العقد في الجزء الرابع منه وجماعةممن لا يتهم في روايتهم . وهو شئ لم يبلغه إليه أحد فيما أعلم قبله ولا بعده من الأنبياء والأوصياء ، ولا الملوك المعروفين بالقسوة والجفاء ، ولا ملوك الكفار ، أنهم بعثوا من يحرقوا الذين تأخروا عن بيعتهم بحريق النار ، مضافا إلى تهديد القتل والضرب .
أقول : ولا بلغنا أن أحدا من الملوك كان لهم نبي أو ملك ، كان لهم سلطان قد أغناهم بعد الفقر وخلصهم من الذل والضر ، ودلهم على سعادة الدنيا والآخرة ، وفتح عليهم بنبوته بلاد الجبابرة ، ثم مات وخلف فيهم بنتا واحدة من ظهره ، وقال لهم : " إنها سيدة نساء العالمين " وطفلين معها منها لهما دون سبع سنين أو قريب من ذلك ، فتكون مجازات ذلك النبي أو الملك من رعيته أنهم ينفدون نارا ليحرقوا ولديه ، ونفس ابنته ، وهما في مقام روحه ومهجته " ( 5 ) .
وقال أيضا وهو يحتج على الآخرين : " وذكر الواقدي : أن عمر جاء إلى علي في عصابة منهم أسيد بن الحصين ( الصحيح : حضير ) ، وسلمة بن سلامة الأشهلي ، فقال : أخرجوا ، أو لنحرقنها عليكم . . " ( 6 ) .
المصدر:
( 1 ) الطرائف : ص 274 . ( 2 ) الطرائف : ص 245 .
( 3 ) الطرائف : ص 245 و 246 . ( 4 ) الطرائف ص 195 .
( 5 ) كشف المحجة : ص 120 و 121 . ( 6 ) الطرائف : ص 238 و 239 وإحقاق الحق للتستري : ج 2 ص 370 .
8 - القوشجي ( ت 879 ه . ق . ) .
قال الإمام المحقق نصير الدين الطوسي محمد بن محمد بن الحسن رحمه الله : " وبعث إلى بيت أمير المؤمنين لما امتنع عن البيعة ، فأضرم فيه النار ، وفيه فاطمة ( ع ) ، وجماعة من بني هاشم " ( 1 ) .
وزاد العلامة الحلي قوله : " وأخرجوا عليا عليه السلام كرها وكان معه الزبير في البيت ، فكسروا سيفه ، وأخرجوا من الدار من أخرجوا ، وضربت فاطمة ، وألقت جنينا اسمه محسن " ( 2 ) .
وقال أيضا : وهو يعدد المؤاخذات على الخليفة الثاني : " . . قصد بيت النبوة بالإحراق " ( 3 ) .
ونلاحظ : أن شمس الدين الاسفراييني في كتابه تسديد العقائد في شرح تجريد القواعد ويعرف بالشرح القديم ، والقوشجي في شرحه للتجريد لم ينكرا كلام المحقق الطوسي . ولا شككا في صحة الرواية كما هو دأبهما في الموارد الأخرى ، بل اكتفى بتوجيه تأخر علي عن بيعة أبي بكر ، بدعوى طرو عذر ونحو ذلك ، فراجع ( 4 ) .
مع أن القوشجي مشهود له بالتعصب حتى وصفه بعض كبار علماء الإمامية : " بالمتعصب العنود اللدود " ( 5 ) . وقال عنه في مورد آخر : " وهذا منه مكابرة محضة ، صرفة بحتة ، لأن تخلفهم عن جيشه ( 6 ) وولايته مشهور في الطرفين ، مذكور في الطريقين ، غير قابل للمنع ، والشريف لما كان منصفا فسلمه وأوله . والقوشجي لما كان مكابرا عنودا ، لجوجا لدودا منعه . كما هو دأبه في المواضع جلها ، بل كلها ، حيث يعجز عن الجواب " ( 7 ) . وثمة موارد أخرى يحدث فيها عن خصوصية القوشجي هذه ( 8 ) .
المصدر:
( 1 ) شرح تجريد الاعتقاد ( مطبوع ضمن كشف المراد ) ص 402 ، ونهج الحق ص 271 و 272 .
( 2 ) كشف المراد : ص 402 ، و 403 .
( 3 ) نهج الحق : ص 275 و 276 . ( 4 ) شرح التجريد للقوشجي ، ص 482 و 483 ( ط حجرية ) .
( 5 ) الرسائل الاعتقادية للخواجوئي ، ص 409. ( 6 ) أي جيش أسامة .
(7)الرسائل الاعتقاديةللخواجوئي : ص 412 (8)راجعالمصدر السابق ص 473 و 471 .
9 - الفاضل المقداد ( ت 826 ه ).
وقال الفقيه المتكلم المحقق الشيخ المقداد السيوري : " إن عليا ( عليه السلام ) وجماعة لما امتنعوا عن البيعة ، والتجأوا إلى بيت فاطمة ( ع ) منكرين بيعته بعث إليها عمر حتى ضربها على بطنها ، وأسقطت سقطا اسمه محسن ، وأضرم النار ليحرق عليهم البيت ، وفيه فاطمة ( ع ) ، وجماعة من بني هاشم ، فأخرجوا عليا ( ع ) قهرا بحمائل سيفه يقاد . لا يقال : هذا الخبر يختص الشيعة بروايته ، فيجوز أن يكون موضوعا للتشنيع .
لأنا نقول : ورد أيضا من طريق الخصم ، رواه البلاذري ، وابن عبد البر ، وغيرهما . ويؤيده قوله عند موته : ليتني تركت بيت فاطمة لم أكشفه " ( 1 ) .
ونقول : إن إصرار كبار علماء المذهب وأساطينه حسبما ظهر مما نقلناه عنهم على الاستدلال في علم الكلام على خصومهم بهذا الأمر ، وإرساله إرسال المسلمات . وعدم قدرة الآخرين على التخلص والتملص منه ، يدل دلالة ظاهرة على أن إنكار هذا الأمر أو التشكيك فيه من البعض غير مقبول بل غير معقول . ولا سيما مع هذا الكم الهائل من النصوص ومع تواتر الروايات عن المعصومين ، الأمر الذي يقطع كل عذر ، ويمنع أي تعلل أو تبرير .
المصدر:
( 1 ) اللوامع الإلهية في المباحث الكلامية : ص 302 .
10 - البياضي العاملي ( ت 877 ه ) .
وقال العلامة الفقيه ، والمتكلم النبيه ، الشيخ زين الدين البياضي : ومنها ما رواه البلاذري ، واشتهر في الشيعة : أنه حصر فاطمة في الباب ، حتى أسقطت محسنا ، مع علم كل أحد بقول أبيها لها : فاطمة بضعة مني من آذاها فقد آذاني ( 1 ) . " قالوا : عائشة لم تكن ابنة محمد ، وحين عقر جملها حمتالمسلمين لحرمة زوجها ، فتطايرت الرؤوس والأكف حولها . وما فعل بفاطمة من النكير أعظم من عقر البعير ، فكيف لم يتحم المسلمون لها " ( 2 ) .
وقال : " طلب هو وعمر إحراق بيت أمير المؤمنين ( ع ) لما امتنع هو وجماعة من البيعة . ذكره الواقدي في روايته ، والطبري في تاريخه ، ونحوه ذكر ابن عبد ربه " ( 3 ) .
المصدر:
(1) الصراط المستقيم : ج 3 ص 12 ، والمطبوع من كتاب البلاذري يبدأ بما بعد الشورى ، ولم يطبع كاملا .
(2) الصراط المستقيم : ج 3 ص 13 .
(3) الصراط المستقيم : ج 2 ص 301 .
11 - الغروي والهروي .
وقال الفقيه المتكلم ، محمد بن علي ابن أبي جمهور الأحسائي في مناظرته مع الفاضل الهروي ، والتي جرت سنة 878 ه . وهي مناظرة مشهورة بين الطائفة ( 1 ) . " وأراد إحراق بيت فاطمة لما امتنع علي ، وبعض بني هاشم من البيعة ، وضغطها بالباب حتى أجهضت جنينا . وضربها قنفذ بالسيف عن أمره حتى أنها ماتت ، وألم السياط وأثرها بجنبها ، وغير ذلك من الأشياء المنكرة . فقال : إن ذلك من رواياتكم وطرقكم ، فلا يقوم بها حجة على غيركم . فقلت : أما الإرث . . . إلى أن قال : وأما حديث الإحراق ، والضرب ، وإجهاض الجنين ، فبعضه مروي عنكم ، وهو العزم على الإحراق ، رواه الطبري ، والواقدي ، وابن قتيبة " ( 2 ) .
المصدر:
( 1 ) راجع : الذريعة : ج 22 ص 285 و 286 . وروضات الجنات : ج 7 ص 27 ، ولؤلؤ البحرين : ص 166 .
( 2 ) مناظرة الغروي والهروي : ص 47 و 48 ط سنة 1397 ه .
12 - المحقق الكركي ( ت 940 ه ) .
وقال المحقق الكركي : " والطلب إلى البيعة بالإهانة والتهديد بتحريق البيت ، وجمع الحطب عند الباب ، وإسقاط فاطمة محسنا ، ولذا ذكروا - كما رواه أصحابنا - إغراء للباقين بالظلم لهم والانتقام منهم ( 1 ) .
وقال : " فضلا عن الزامهم له ( ع ) بها ، والتشديد عليه ، والتهديد بتحريق البيت ، وجمع الحطب عند الباب ، كما رواه المحدثون والمؤرخون ، مثل الواقدي وغيره " ( 2 ) .
وقال أيضا : " إنه قد روى نقلة الأخبار ، ومدونوا التواريخ ، ومن تصفح كتب السير علم صحة ذلك : أن عمر لما بايع صاحبه ، وتخلف علي ( ع ) عن البيعة جاء إلى بيت فاطمة ( ع ) لطلب علي إلى البيعة ، وتكلم بكلمات غليظة ، وأمر بالحطب ليحرق البيت على من فيه ، وقد كان فيه أمير المؤمنين ( ع ) وزوجته وأبناؤه وممن انحاز إليهم الزبير ، وجماعة من بني هاشم " ( 3 ) .
وقال : " ولو أن رسول الله أوصى لهما بالأمر ، ونص عليهما بالإمامة لما جاز لهما عقوبة الممتنع من البيعة بالتحريق ، وكان من أداني القوم وأصاغرهم ، فكيف وهما إنما يدعيان الخلافة الخ . . " ( 4 ) .
المصدر :
( 1 ) نفحات اللاهوت : ص 130 . ( 2 ) المصدر السابق : ص 65 . ( 3 ) المصدر السابق : ص 78 . ( 4 ) المصدر السابق .
13 - ابن مخدوم ( ت 976 ه ) .
وقال العالم الخبير أبو الفتح ابن مخدوم العربشاهي في شرحه للباب الحادي عشر في مقام الإيراد على خلافة أبي بكر : " . . وأيضا بعث إلى بيت أمير المؤمنين ( ع ) لما امتنع عن البيعة ، فأضرم فيه النار ، وفيه سيدة نساء العالمين " ( 1 ) .
المصدر:
(1) مفتاح الباب : ص 199 ، تحقيق الدكتور مهدي محقق .
14 - الشهيد القاضي التستري ( ت 1019 ه ) .
وبعد أن ذكر الشهيد السعيد والمتكلم النحرير القاضي نور الله التستري بعض النصوص الدالة على سقوط الجنين . وإرادة إحراق بيت الزهراء ، وغير ذلك : قال : " . . وما ظنك بأمر يدفع فيه صدور المهاجرين ، وتكسر سيوفهم ، وتشهر فيه السيوف على رؤوس المسلمين ، ويقصد إحراق بيوت ساداتهم إلى غير ذلك . وكيف لا يكون ذلك إكراها ، لولا عمى الأفئدة ، فإنها لا تعمى الأبصار ، ولكن تعمى القلوب التي في الصدور الخ . . " ( 1 ) .
المصدر :
( 1 ) إحقاق الحق : ج 2 ص 374 .
15 - ابن سعد الجزائري ( ت 1021 ه )) .
وقال المحقق الجليل الشيخ عبد النبي بن سعد الجزائري رحمه الله وهو من أجلاء علماء عصره . " ومنها : أنه بعث إلى بيت أمير المؤمنين عليه السلام لما امتنع من البيعة ، وأمر أن تضرم فيه النار ، وكشفوه . وفيه فاطمة ، وجماعة من بني هاشم ، وأخرجوا عليا . وضربوا فاطمة ( عليها السلام ) ، فألقت جنينا " ( 1 ) .
إلى أن قال : " كيف وإنما خرج كرها ، بعد طول المجادلة ، وكثرة الاحتجاج ، والمناشدة ، وصعوبة التهديد والمجالدة . وإضرام النار في الدار ، وضرب المعصومة بنت المختار ، وإزعاج السادة الأطهار " ( 2 ) .
المصدر:
( 1 ) الإمامة : ص 81 . ( مخطوط ) توجد نسخة مصورة عنه في مكتبة المركز الإسلامي للدراسات .
( 2 ) المصدر السابق .
16 - الحر العاملي ( ت 1104 ه ) .
وقال المحدث الجليل ، والفقيه المتكلم ، صاحب الموسوعة الحديثية الرائدة ، " وسائل الشيعة " ، وهو يتحدث عن أبي بكر ، وعما ينفي أهليته للخلافة : "
ومنها : أنه طلب هو وعمر إحراق بيت أمير المؤمنين لما امتنع هو وجماعة عن البيعة .
ذكره الواقدي في روايته ، والطبري في تاريخه ، ونحوه ذكر ابن عبد ربه . وهو من أعيانهم وكذا مصنف كتاب أنفاس الجواهر الخ . . " ( 1 ) . وله كلمات متنوعة ومتفرقة عديدة في مقام الاحتجاج والاستدلال لا نجد ضرورة لنقلها فمن أرادها فليراجعها ( 2 )
المصدر :
( 1 ) إثبات الهداة : ج 2 ص 368 .
( 2 ) راجع : إثبات الهداة : ص 334 و 361 و 376 و 377 .
17 - العلامة المجلسي ( ت 1110 ه ) .
وقال العلامة المتبحر شيخ الإسلام المولى الشيخ محمد باقر ( المجلسي الثاني ) في مقام الإيراد على خلافة عمر بن الخطاب : " . . الطعن السابع عشر : إنه هم بإحراق بيت فاطمة ( عليها السلام ) وكان فيه أمير المؤمنين ، وفاطمة ، والحسنان . وهددهم ، وآذاهم " ( 1 ) .
وقال المجلسي أيضا : " . . إذ تبين بالمتفق عليه من أخبارهم وأخبارنا : أن عمر هم بإحراق بيت فاطمة ( ع ) بأمر أبي بكر ، أو برضاه ، وقد كان فيه أمير المؤمنين ، وفاطمة ، والحسنان صلوات الله عليهم وهددهم وآذاهم . مع أن رفعة شأنهم عند الله ، وعند رسول الله مما لا ينكره إلا من خرج عن الإسلام " (2) . .
المصدر :
(1) البحار : ج 31 ص 59 .
(2) البحار : ج 28 ص 408 و 409 .
18 - أبو الحسن الفتوني ( ت 1138 ه ) .
قال الشريف أبو الحسن الفتوني ، وهو من أعاظم علماء عصره ( 1 ) : " فالآن نشرع في بيان نبذ مما جرى عليها بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، من التعدي والتفريط ، بحيث أجهرت بالشكوى ، وأظهرت الوجد والغضب على المعتدين عليها ، حتى أنها أوصت بمنعهم عن حضور جنازتها ، إذ لا يخفى حينئذ على كل منصف ، متذكر لما ذكرناه في شأنها : أن صدور مثل هذا عنهم قدح صريح فيهم ، حيث لم يبالوا - أولا - بما ورد في حقها ، ولم يخافوا - ثانيا - من غضب الله ورسوله " .
ثم يستمر في الاستدلال . . ثم يذكر رواية عن بكاء النبي ( ص ) حين حضرته الوفاة ، فسئل عن ذلك ، فقال : أبكي لذريتي ، وما يصنع بهم شرار أمتي من بعدي ، وكأني بفاطمة وقد ظلمت من بعدي ، وهي تنادي : يا أبتاه ، يا أبتاه ، فلا يعينها أحد من أمتي .
ثم يقول : " هذا الكلام من النبي ( ص ) إشارة إلى ما سيأتي في المقالة الرابعة ، من المقصد الثاني ، مفصلا صريحا ، من بيان هجوم عمر وجماعة معه ، بأمر أبي بكر على بيت فاطمة ، لإخراج علي والزبير منه للبيعة . وكذا إلى منعها عن فدك ، والخمس ، وبقية إرثها منأبيها ( ص ) .
ولا بأس إن ذكرنا مجملا من ذلك ها هنا : نقل جماعة سيأتي في الموضع المذكور ذكر أساميهم ، والكتب التي نقلوا فيها ، منهم الطبري ، والجوهري ، والقتيبي ، والسيوطي ، وابن عبد ربه ، والواقدي ، وغيرهم خلق كثير : أن عمر بن الخطاب وجماعة معه ، منهم خالد بن الوليد ، أتوا بأمر أبي بكر إلى بيت فاطمة ، وفيه علي والزبير ، وغيرهما ، فدقوا الباب ، وناداهم عمر ، فأبوا أن يخرجوا . فلما سمعت فاطمة أصواتهم نادت بأعلى صوتها باكية : يا أبتاه ، يا رسول الله ، ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب ، وابن أبي قحافة .
وفي رواية القتيبي ، وجمع غيره : أنهم لما أبوا أن يخرجوا دعا عمر بالحطب ، وقال : والذي نفس عمر بيده ، لتخرجن ، أو لأحرقنها عليكم على ما فيها . فقيل له : إن فيها فاطمة ؟ ! فقال : وإن . . وفي رواية ابن عبد ربه : أن فاطمة قالت له : يا ابن الخطاب ، أجئتنا لتحرق دارنا ؟ قال : نعم .
وفي رواية زيد بن أسلم : أنها قالت : تحرق علي ، وعلى ولدي ؟ قال : إي والله ، أو ليخرجن ، وليبايعن . ثم إن القوم الذين كانوا مع عمر لما سمعوا صوتها وبكاءها انصرف أكثرهم باكين ، وبقي عمر وقوم معه ، فأخرجوا عليا .
حتى في رواية أكثرهم : أن عمر دخل البيت ، وأخرج الزبير ، ثم عليا . واجتمع الناس ينظرون ، وصرخت فاطمة وولولت ، حتى خرجت إلى باب حجرتها ، وقالت : ما أسرع ما أغرتم على أهل بيت نبيكم . وقد ذكر الشهرستاني في كتاب الملل والنحل : أن النظام نقل : أن عمر ضرب بطن فاطمة ذلك اليوم ، حتى ألقت المحسن من بطنها ، وكان يصيح : أحرقوها بمن فيها .
وفي روايات أهل البيت ( عليهم السلام ) : أن عمر دفع باب البيت ليدخل ، وكانت فاطمة وراء الباب ، فأصابت بطنها ، فأسقطت من ذلك جنينها المسمى بالمحسن . وماتت بذلك الوجع .
وفي بعض رواياته : أنه ضربها بالسوط على ظهرها . وفي رواية : أن قنفذ ضربها بأمره " .
ثم يذكر رحمه الله خلاصة عما جاء في كتاب سليم بن قيس ، ويذكر أيضا قول الإمام الحسن للمغيرة بن شعبة .
ثم يقول : " وكفى ما ذكروه في ثبوت دخول بيتها ، الذي هو من بيوت النبي ( ص ) بغير إذنها ، وفي تحقق الأذى ، لا سيما مع التهديد بالإحراق ، حتى أن في الاستيعاب ، وكتاب الغرر وغيرهما ، عن زيد بن أسلم ، أنه قال : كنت ممن حمل الحطب مع عمر إلى دار فاطمة . وسيأتي بعض الأخبار في المقالة الرابعة من المقصد الثاني ( 1 ) .
وقال رحمه الله أيضا : " ثبوت أذية الرجلين لفاطمة غاية الأذى يوم مطالبة علي بالبيعة ، حتى الهجوم على بيتها ، ودخوله بغير إذن ، بل ضربها ، وجمع الحطب لإحراقه ، وكذا أذيتها في أخذ فدك منها ، ومنع إرثها ، وقطع الخمس ، ونحو ذلك ، ووقوع المنازعة بينها وبين من آذاها ، وتحقق غضبها ، وسخطها على من عاندها ، إلى أن ماتت على ذلك ، فمما لا شك فيه عندنا معشر الإمامية ، بحسب ما ثبت وتواتر من أخبار ذريتها الأئمة الأطهار ، والصحابة الأخيار كما هو مسطور في كتبهم ، بل باعتراف جماعة من غيرهم أيضا كما سيأتي بعض ذلك ، سوى ما مر من أخبار مخالفيهم .
وأما المخالفون ، فأمرهم عجيب غريب في هذا الباب ، لأن عامة قدماء محدثيهم سطروا في كتبهم جميع ما نقلناه عنهم ، وأكثروا طرحها ؟ ( كذا ) . بل أكثرها موجودة في كتبهم المعتبرة ، بل صحاحهم المعتمدة عندهم ، لا سيما الصحيحين ، اللذين هما عندهم تاليا كتاب الله في الاعتماد ، كما صرحوا به . وقد عرفت ، ما فيها من الدلالة صريحا ، حتى على صريح طردها ، ومنعها عن ميراثها ، وفدكها ، وخمسها ، ودوام سخطها لذلك إلى موتها . مع موافقة مضمونها لما هو معلوم بين من دفنها سرا ، وإخفاءقبرها ، بحيث أنهم إلى الآن مختلفون في موضعه . . " .
إلى أن قال رحمه الله وهو يتحدث عن بعضهم الذي لم يمكنه إنكار أصل القضية : " أسقط من بعض ما نقله ما كان صريحا في دوام غضبها . بل موه في النقل بذكر ما يشعر بعدم الغضب ، غفلة منه عن أن مثل هذا لا ينفع في مقابل تلك المعارضات القوية كثرة ، وسندا ، ودلالة . . الخ " ( 3 ) .
وقال رحمه الله : " . . إن الذي يظهر من روايات القوم ، التي نقلناها من كتبهم ، موافقة لما روي عن ذريتها الأئمة وغيرهم هو أن أسباب الأذية لم تكن شيئا واحدا . بل كانت متعددة ، تواترت منهم عليها من حين وفاة أبيها ( صلى الله عليه وآله ) إلى أن توفيت هي : من الهجوم على بابها ، بل على داخل بيتها بغير إذنها ، وسائر ما ذكرناه ، حتى لو فرضنا أنه لم يصدر منهم غير محض إظهار الإهانة يوم مطالبة علي للبيعة الخ . . " ( 4 ) .
المصدر:
( 1 ) مرآة الأنوار ( المطبوع كمقدمة لتفسير البرهان للسيد هاشم البحراني ) ، ولؤلؤة البحرين : ص 107 .
( 2 ) ضياء العالمين ( مخطوط ) : ج 2 ق 3 ص 60 - 64 .
( 3 ) ضياء العالمين ( مخطوط ) : ج 2 ق 3 ص 96 و 97 .
( 4 ) ضياء العالمين ( مخطوط ) : ج 2 ق 3 ص 107 و 108 .
19 - الخواجوئي المازندراني ( ت 1173 ه ) .
وقال الفاضل المحقق الخواجوئي المازندراني في رسالته " طريق الإرشاد " ، وهو من أكابر علماء الإمامية في عصره : " وأما إيذاؤهم فاطمة ( عليها السلام ) ، فمشهور ، وفي كتب الجمهور مسطور . بعث أبو بكر إلى بيت أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، لما امتنع عن البيعة ، فأضرم فيه النار ، وفيه فاطمة ( ع ) ، وجماعة من بني هاشم ، وأخرجوا عليا ( ع ) ، وضربوا فاطمة ( ع ) فألقت فيه جنينها .
وأما جواب القوشجي عن هذا بأن تأخر علي عن بيعة أبي بكر لم يكن عن شقاق ومخالفة ، وإنما كان لعذر ، وطرو أمر . ففيه : أن لو كان الأمر كذلك ، فأي وجه لإضرام النار في بيته ، وإخراجه منه عنفا .
إلى أن قال : هذا التأخر إن كان لعذر يسوغ معه التأخر عن البيعة فالأمر على ما عرفته من وجوب الإهمال والاعتذار ، وحينئذ فلا وجه لإخراجه عنفا ، وإحراق بيته بالنار . وإن لم يكن كذلك فكيف يسوغ لمثل علي ( ع ) أن يتخلف بلا عذر عن بيعة إمام يعتقد صلاحيته للإمامة ؟ ومن مات وليس في عنقه بيعة إمام مات ميتة جاهلية . كما رواه ميمون بن مهران ، الخ . . . " ( 1 ) .
ويقول أيضا وهو يتابع مناقشة ما قاله القوشجي : " . . ثم أي تقصير في ذلك لفاطمة ( ع ) الطاهرة ؟ أو بم استحقت الضرب إلى حد ألقت جنينها ؟ ! وبعد اللتيا والتي ، ففيه تصريح في المطلوب لأنه لما سلم صحة الرواية ، ولم يقدح فيها ( 2 ) . وفيها دلالة صريحة على ضربهم فاطمة ضربا شديدا . وقد سبق أن إيذاءها إيذاء رسول الله الخ . . . " ( 3 ) .
وقال أيضا بعد أن ذكر طائفة مما رواه الجمهور في حق أهل البيت ( ع ) وفي حق السيدة الزهراء صلوات الله وسلامه عليها : " كيف يروي الجمهور هذه الروايات ، ثم يظلمونها ، ويؤذونها ، ويأخذون حقها ، وينسبونها إلى الكذب ودعوى الباطل ، ويكسرون ضلعها ، ويجهضون ولدها من بطنها " ( 4 ) .
وقال أيضا : " . . فانظر أيها العاقل الرشيد ، وصاحب الرأي السديد ، كيف يروي الجمهور هذه الروايات . ثم يظلمونها ، ويأخذون حقها ، ويكسرون ضلعها ، ويجهضون ولدها من بطنها ، فليحذر المقلد . . إلى أن قال رحمه الله : هذا ، وورد في طريقنا : أنها ( ع ) كانت معصومة صديقة شهيدة رضية الخ . . . " ( 5 )
المصدر:
( 1 ) الرسائل الاعتقادية : ص 444 . ( 2 ) المقصود هو القوشجي .
( 3 ) الرسائل الاعتقادية : ص 446 .
( 4 ) ( رسالة : طريق الإرشاد ) للخواجوئي المازندراني ( ضمن الرسائل الاعتقادية ) : ص 465 .
( 5 ) الرسائل الاعتقادية : ص 301 .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ظلم الزهراء عليه السلام في الاحتجاجات المذهبية عبر الأجيال
1 - القاضي عبد الجبار ( ت 415 ه ) .
قال القاضي عبد الجبار ، وهو من أعاظم المعتزلة ، ردا على الشيعة : " . . . ومن جملة ما ذكروه من الطعن ادعاؤهم : أن فاطمة ( ع ) لغضبها على أبي بكر وعمر أوصت أن لا يصليا عليها ، وأن تدفن سرا منهما ، فدفنت ليلا وادعوا برواية رووها عن جعفر بن محمد وغيره : أن عمر ضرب فاطمة بسوط ، وضرب الزبير بالسيف . وذكروا : أن عمر قصد منزلها ، وعلي ، والزبير ، والمقداد ، وجماعة ممن تخلف عن أبي بكر يجتمعون هناك ، فقال لها : ما أجد بعد أبيك أحب إلي منك . وأيم الله ، لئن اجتمع هؤلاء النفر عندك ليحرقن عليهم ، فمنعت القوم من الاجتماع ، ولم يرجعوا إليها حتى بايعوا لأبي بكر إلى غير ذلك من الروايات البعيدة . الجواب : إنا لا نصدق بذلك . . . " ( 1 ) . وقال : " . . فأما ما ذكروه من حديث عمر في باب الإحراق ، فلو صح لم يكن طعنا على عمر ، لأن له أن يهدد من امتنع عن المبايعة ( 2 ) .
المصدر:
( 1 ) المغني للقاضي عبد الجبار : ج 20 ق 1 ص 335 ، وراجع : الشافي للسيد المرتضى : ج 4 ص 110 ، وشرح نهج البلاغة للمعتزلي : ج 16 ص 271 .
( 2 ) المغني : ج 2 ق 1 ص 337 ، والشافي ج 4 ص 112 و 119 .
2 - السيد المرتضى علم الهدى ( ت 436 ه ) .
وقال السيد المرتضى علم الهدى ، ردا على كلام القاضي : " قد بينا : أن خبر الإحراق قد رواه غير الشيعة ممن لا يتهم على القوم " . إلى أن قال : " والذي اعتذر به من حديث الإحراق إذا صح طريف ، وأي عذر لمن أراد أن يحرق على أمير المؤمنين ، وفاطمة ( ع ) منزلهما ؟ ! ( 1 ) " . وقال : ردا على إنكار عبد الجبار ضرب فاطمة ( ع ) والهجوم على دارها ، والتهديد بالإحراق ، وقوله : لا نصدق ذلك ولا نجوزه : " فإنك لم تسند إنكارك إلى حجة أو شبهة فنتكلم عليها . والدفع لما يروى بغير حجة لا يلتفت إليه " ( 2 ) .
وحين ادعى عبد الجبار : إن أخبار ضرب فاطمة ( ع ) كروايات الحلول ، أجابه السيد المرتضى رحمه الله بقوله : " ألست تعلم : أن هذا المذهب يذهب إليه أصحاب الحلول ، والعقل دال على بطلان قولهم ؟ ! فهل العقل دال على استحالة ما روي من ضرب فاطمة ( ع ) ؟ ! فإن قال : هما سيان . قيل له : فبين استحالة ذلك في العقل ، كما بينت استحالة الحلول ، وقد ثبت مرادك . ومعلوم عجزك عن ذلك " (3 ) .
وقال : " . . . وبعد ، فلا فرق بين أن يهدد بالإحراق للعلة التي ذكرها ، وبين ضرب فاطمة لمثل هذه العلة ، فإن إحراق المنازل أعظم من ضربة بالسوط . . . فلا وجه لامتعاض صاحب الكتاب من ضربة سوط ، وتكذيب ناقلها " ( 4 ) .
المصدر
(1) الشافي للسيد المرتضى : ج 4 ص 119 و 120 .
(2) الشافي للسيد المرتضى : ج 4 ص 110 - 113 . ونقول هنا للسيد المرتضى رحمه الله : ما أشبه الليلة بالبارحة ! !
(3) الشافي : ج 4 ص 117 . (4) الشافي : ج 4 ص 120 .
3 - الشيخ الطوسي ( ت 460 ه ) .
وقال شيخ الطائفة ، الشيخ محمد بن الحسن الطوسي رحمه الله تعالى . " ومما أنكر عليه : ضربهم لفاطمة ( ع ) ، وقد روي : أنهم ضربوها بالسياط ، والمشهور الذي لا خلاف فيه بين الشيعة : أن عمر ضرب على بطنها حتى أسقطت ، فسمي السقط ( محسنا ) . والرواية بذلك مشهورة عندهم . وما أرادوا من إحراق البيت عليها - حين التجأ إليها قوم ، وامتنعوا من بيعته . وليس لأحد أن ينكر الرواية بذلك ، لأنا قد بينا الرواية الواردة من جهة العامة من طريق البلاذري وغيره ، ورواية الشيعة مستفيضة به ، لا يختلفون في ذلك . وليس لأحد أن يقول : إنه لو صح ذلك لم يكن طعنا ، لأن للإمام أن يهدد من امتنع من بيعته إرادة للخلاف على المسلمين . وذلك : أنه لا يجوز أن يقوم عذر في إحراق الدار على فاطمة ( ع ) وأمير المؤمنين والحسن والحسين ( عليهما السلام ) . وهل في مثل ذلك عذر يسمع ؟ وإنما يكون مخالفا للمسلمين وخارقا لإجماعهم إذا كان الإجماع قد تقرر وثبت ، وإنما يصح ذلك ويثبت متى كان أمير المؤمنين ومن قعد عن بيعته ممن انحاز إلى بيت فاطمة ( ع ) داخلا فيه غير خارج عنه . وأي إجماع يصح مع خلاف أمير المؤمنين ( عليه السلام ) - وحده ، فضلا عن أن يبايعه على ذلك غيره . ؟ ومن قال هذا من الجبائي وغيره - بانت عداوته ، وعصبيته ، لأن قصة الإحراق جرت قبل مبايعة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) والجماعة الذين كانوا معه في منزله ، وهم إنما يدعون الإجماع - فيما بعد - لما بايع الممتنعون . . . فبان : أن الذي أنكرناه منكر ( 1 ) " .
وقال الشيخ الطوسي أيضا : وقد روى البلاذري ، عن المدائني ، عن مسلمة بن محارب ، عن سليمان التميمي عن أبي عون : أن أبا بكر أرسل إلى علي ( عليه السلام ) يريده على البيعة ، فلم يبايع - ومعه قبس - فتلقه فاطمة ( عليها السلام ) على الباب ، فقالت : يا ابن الخطاب ، أتراك محرقا علي بابي ؟ قال : نعم ( 2 ) وذلك أقوى فيما جاء به أبوك . وجاء علي ( ع ) ، فبايع .
قال الشيخ الطوسي : وهذا الخبر قد روته الشيعة من طرق كثيرة ، وإنما الطريف أن يرويه شيوخ محدثي العامة ، لكنهم كانوا يروون ما سمعوا بالسلامة . وربما تنبهوا على ما في بعض ما يروونه عليهم ، فكفوا منه ، وأي اختيار لمن يحرق عليه بابه حتى يبايع ؟ ( 3 ) .
المصدر:
( 1 ) تلخيص الشافي : ج 3 ص 156 و 157 .
( 2 ) تلخيص الشافي : ج 3 ص 76 ، والشافي للسيد المرتضى : ج 3 ص 261 . وراجع : البحار : ج 28 ص 389 و 411 ، وهامش ص 268 ، وأنساب الأشراف : ج 1 ص 586 . وراجع : المصادر التالية ، فإن بعضها أبدل كلمة : بابي ، بكلمة : بيتي : العقد الفريد : ج 4 ص 259 و 260 ، وكنز العمال : ج 3 ص 149 ، والرياض النضرة : ج 1 ص 167 ، والمختصر في أخبار البشر : ج 1 ص 156 ، والطرائف : ص 239 ، وتاريخ الخميس : ج 1 ص 178 ، ونهج الحق : ص 271 ، ونفحات اللاهوت ، ص 79 ، وراجع : العوالم ج 11 ص 602 و 408 ، والشافي لابن حمزة : ج 4 ص 174 .
( 3 ) تلخيص الشافي : ج 3 ص 76 .
4 - أبو الصلاح الحلبي ( ت 474 ه ) .
قال الفقيه الكبير والمتكلم النحرير الشيخ أبو الصلاح الحلبي رحمه الله : " وقصدهم عليا ( ع ) بالأذى ، لتخلفه عنهم ، والإغلاظ له في الخطاب ، والمبالغة في الوعيد ، وإحضار الحطب لتحريق منزله ، والهجوم عليه ، بالرجال من غير إذنه ، والإتيان به ملببا ، واضطرارهم بذلك زوجته وبناته ، ونساءه ، وحامته من بنات هاشم وغيرهم إلى الخروج من بيوتهم ، وتجريد السيوف من حوله ، وتوعده بالقتل إن امتنع من بيعتهم " ( 1 ) .
المصدر:
( 1 ) تقريب المعارف : ص 233 .
5 - عبد الجليل القزويني ( ت حدود 560 ه ) .
وقال عبد الجليل القزويني ، في كتابه الذي رد فيه على كتاب " بعض فضائح الروافض " ، ما ترجمته : " . . يقولون : إن عمر ضرب على بطن فاطمة ، وقتل جنينا في بطنها كان الرسول سماه محسنا . . . " فجوابه : " . . إن هذا الخبر صحيح . وقد نقله الشيعة وأهل السنة في كتبهم . ولكن قد روي عن المصطفى ( ص ) قوله : " إنما الأعمال بالنيات " ، فإن كان قصد عمر هو أخذ علي للبيعة ، ولم يقصد إسقاط الجنين ، ولعل عمر لم يكن يعلم أن فاطمة كانت خلف الباب ، فيكون قتله للجنين خطأ لا عن عمد .
وحتى لو كان قد قتله عمدا ، فإنه لم يكن معصوما . والله هو الذي يحكم فيه ، وليس لنا نحن ذلك ، ولا يمكن أن يقال ، أكثر من ذلك هنا . والله أعلم بأعمال عباده وبضمائرهم ، وسرائرهم " . وقال : " يقولون : إن عمر وعثمان منعا فاطمة الزهراء من البكاء على أبيها الخ . . . " ( 1 ) . ويقول في موضع آخر : " إن عمر مزق صحيفة فاطمة حول فدك ، وضربها على بطنها ، ثم منعوها من البكاء على أبيها " ( 2 ) .
ونقول : إن الاعتذار المذكور عن قتل المحسن غريب وعجيب ، أمام هذا السيل الهائل من الروايات المصرحة بمعرفته بوجودها خلف الباب ، حتى لقد جاء في بعضها أنه قد ضرب أصابعها حين أمسكت الباب لتمنعهم من فتحه ، وأخبرته أنها حاسرة حتى لا يدخل عليها بيتها . ثم هو قد رفسها ، ولطمها ، وضربها هو وقنفذ وغيرهما . فما ندري ! كيف يمكن اعتبار قتل المحسن خطأ ، إلا أن يكون للخطأ مفهوم ومعنى آخر ، لا يدركه غير كاتب تلك الكلمات ، ومنشئها . ومهما يكن من أمر ، فإننا إنما نقلنا عنه هذه الفقرات ، لدلالتها بوضوح على أن ضربها ، وإهانتها ، وكسر الباب ، والدخول عليها في بيتها عنوة ، وإسقاط جنينها كان أمرا مسلما ، يحتج به فريق ، ويتمحل له المبررات والتوجيهات مهما كانت تافهة وباردة فريق آخر . ونحن لو أردنا أن نعتمد هذا النوع من التبريرات ، فلن نعثر بعد هذا على وجه الأرض على مجرم يدان بجريمته ، ويستحق العقوبة . ولربما تمكن البعض من إيجاد العذر لإبليس ، الذي حاول الغزالي التخفيف عنه ، وصرف الناس عن لعنه ، حين قال : " ولا بأس بالسكوت عن لعنه " ( 3 ) . نعم ، لقد قال ذلك ، وهو يحاول تبرئة يزيد الخمور والفجور من جريمة قتل الحسين ( عليه السلام ) . فاقرأ ، وأعجب ، فما عشت أراك الدهر عجبا .
المصدر :
( 1 ) الفقرات المتقدمة مترجمة من كتاب النقض لعبد الجليل القزويني : ص 298 . ( 2 ) المصدر السابق : ص 302 . ( 3 ) إحياء علوم الدين : ج 3 ص 125 ( ط دار المعرفة ) .
6 - يحيى بن محمد العلوي البصري .
قال المعتزلي ( المتوفى سنة 656 ه ) نقلا عن أستاذه أبي جعفر يحيى بن محمد العلوي البصري : " فإن قلتم : إن بيت فاطمة إنما دخل ، وسترها إنما كشف حفظا لنظام الإسلام ، وكي لا ينتشر الأمر ، ويخرج قوم من المسلمين أعناقهم من ربقة الطاعة ، ولزوم الجماعة . . قيل لكم : وكذلك ستر عائشة إنما كشف ، وهودجها إنما هتك لأنها نشرت حبل الطاعة ، وشقت عصا المسلمين ، وأراقت دماء المسلمين . . إلى أن قال : فكيف صار هتك عائشة من الكبائر ، التي يجب معها التخليد في النار ، والبراءة من فاعله ، من أوكد عرى الإيمان . وصار كشف بيت فاطمة والدخول عليها منزلها ، وجمع حطب ببابها ، وتهددها بالتحريق من أوكد عرى الدين ، وأثبت دعائم الإسلام ، ومما أعز الله به المسلمين ، وأطفأ نار الفتنة ، والحرمتان واحدة ، والستران واحد ؟ . وما نحب أن نقول لكم : إن حرمة فاطمة أعظم ، ومكانها أرفع ، وصيانتها لأجل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أولى ، فإنها بضعة منه ، وجزء من لحمه ودمه ، وليست كالزوجة الأجنبية ، التي لا نسب بينها وبين الزوج .
إلى أن قال : وكيف تكون عائشة أو غيرها في منزلة فاطمة ، وقد أجمع المسلمون كلهم - من يحبها ، ومن لا يحبها منهم - : أنها سيدة نساء العالمين ؟ ! قال : وكيف يلزمنا اليوم حفظ رسول الله ( ص ) في زوجته ، وحفظ أم حبيبة في أخيها ، ولم تلزم الصحابة أنفسها حفظ رسول الله ( ص ) في أهل بيته ( 1 ) .
المصدر:
( 1 ) شرح نهج البلاغة ، لابن أبي الحديد المعتزلي الشافعي : ج 20 ص 16 و 17 .
7 - السيد ابن طاووس ( ت 664 ه ).
ويحتج العالم العابد الزاهد صاحب الكرامات الباهرة السيد رضي الدين علي بن طاووس على أهل المذاهب الأخرى بما جرى على الزهراء ( عليها السلام ) ، ويروي لهم رواياتهم التي أثبتوها في مصادرهم - حسبما أشرنا إليه في مواضعه - فكان مما ألزمهم به قوله : " وقد تقدم ذكر بعض ذلك من صحاحهم عند ذكر تأخرهم مع علي ( ع ) عن بيعة أبي بكر ، وعند ذكر اجتماعهم ، لما أراد أبو بكر وعمر تحريق علي والعباس بالنار " ( 1 ) .
ويقول : ومن طرائف الأحاديث المذكورة ما ذكره الطبري ، والواقدي ، وصاحب الغرر المقدم ذكرهم من القصد إلى بيت فاطمة ، وعلي ، والحسن والحسين ( ع ) بالإحراق . أين هذه الأفعال المنكرة من تلك الوصايا المتكررة من نبيهم محمد ( ص ) . . . " ( 2 ) .
إلى أن قال : ومن أطرف الطرائف قصدهم لإحراق علي والعباس بالنار في قوله : " فأقبل بقبس من نار على أن يضرم عليهما ، وقد كان في البيت فاطمة " .
وفي رواية أخرى : أنه كان معهم في البيت الزبير ، والحسن ، والحسين ( ع ) ، وجماعة من بني هاشم ، لأجل تأخرهم عن بيعة أبي بكر ، وطعنهم فيها . أما ينظر أهل العقول الصحيحة من المسلمين : أن محمدا ( ص ) كان أفضل الخلائق عندهم ، ونبوته أهم النبوات ، ومبايعته أوجب المبايعات . ومع هذا فإنه بعث إلى قوم يعبدون الأصنام والأحجار ، وغيرهم من أصناف الملحدين والكفار ، وما سمعناه أنه استحل ، ولا استجاز ، ولا رضي أن يأمر بإحراق من تأخر عن نبوته وبيعته . فكيف بلغت العداوة لأهل بيته والحسد لهم ، والإهمال لوصيتهبهم إلى أن يواجهوا ويتهددوا أن يحرقوا بالنار ؟ وقد شهدت العقول أن بيعته كانت على هذه الصفات ، وأن إكراه الناس عليها بخلاف الشرائع والنبوات ، والعادات " .
ثم يذكر رواية ابن مسعود قال : " كنا مع رسول الله ( ص ) فمررنا بقرية نمل ، فأحرقت ، فقال النبي : لا ينبغي لبشر أن يعذب بعذاب الله تعالى . " قال عبد المحمود " : وكيف كان أهل بيت النبوة أهون من النمل ؟ ! وكيف ذكروا : أنهم يعذبونهم بعذاب الله تعالى من الحريق بالنار ؟ ! والله ، إن هذه الأمور من أعظم عجائب الدهور " ( 3 ) .
وقال رحمه الله : " . . فأما علي ( ع ) ، فقد عرفت ما جرى عليه من الدفع عن خلافته ومنزلته . وما بلغوا إليه من القصد لإحراقه بالنار ، وكسر حرمته " ( 4 ) .
وقال السيد ابن طاووس أيضا : " أقول : وما كفاه ذلك حتى بعث عمر إلى باب أبيك علي وأمك فاطمة وعندهما العباس وجماعة من بني هاشم ، وهم مشغولون بموت جدك محمد ( ص ) والمأتم ، فأمر أن يحرقوا بالنار إن لم يخرجوا للبيعة على ما ذكره صاحب كتاب العقد في الجزء الرابع منه وجماعةممن لا يتهم في روايتهم . وهو شئ لم يبلغه إليه أحد فيما أعلم قبله ولا بعده من الأنبياء والأوصياء ، ولا الملوك المعروفين بالقسوة والجفاء ، ولا ملوك الكفار ، أنهم بعثوا من يحرقوا الذين تأخروا عن بيعتهم بحريق النار ، مضافا إلى تهديد القتل والضرب .
أقول : ولا بلغنا أن أحدا من الملوك كان لهم نبي أو ملك ، كان لهم سلطان قد أغناهم بعد الفقر وخلصهم من الذل والضر ، ودلهم على سعادة الدنيا والآخرة ، وفتح عليهم بنبوته بلاد الجبابرة ، ثم مات وخلف فيهم بنتا واحدة من ظهره ، وقال لهم : " إنها سيدة نساء العالمين " وطفلين معها منها لهما دون سبع سنين أو قريب من ذلك ، فتكون مجازات ذلك النبي أو الملك من رعيته أنهم ينفدون نارا ليحرقوا ولديه ، ونفس ابنته ، وهما في مقام روحه ومهجته " ( 5 ) .
وقال أيضا وهو يحتج على الآخرين : " وذكر الواقدي : أن عمر جاء إلى علي في عصابة منهم أسيد بن الحصين ( الصحيح : حضير ) ، وسلمة بن سلامة الأشهلي ، فقال : أخرجوا ، أو لنحرقنها عليكم . . " ( 6 ) .
المصدر:
( 1 ) الطرائف : ص 274 . ( 2 ) الطرائف : ص 245 .
( 3 ) الطرائف : ص 245 و 246 . ( 4 ) الطرائف ص 195 .
( 5 ) كشف المحجة : ص 120 و 121 . ( 6 ) الطرائف : ص 238 و 239 وإحقاق الحق للتستري : ج 2 ص 370 .
8 - القوشجي ( ت 879 ه . ق . ) .
قال الإمام المحقق نصير الدين الطوسي محمد بن محمد بن الحسن رحمه الله : " وبعث إلى بيت أمير المؤمنين لما امتنع عن البيعة ، فأضرم فيه النار ، وفيه فاطمة ( ع ) ، وجماعة من بني هاشم " ( 1 ) .
وزاد العلامة الحلي قوله : " وأخرجوا عليا عليه السلام كرها وكان معه الزبير في البيت ، فكسروا سيفه ، وأخرجوا من الدار من أخرجوا ، وضربت فاطمة ، وألقت جنينا اسمه محسن " ( 2 ) .
وقال أيضا : وهو يعدد المؤاخذات على الخليفة الثاني : " . . قصد بيت النبوة بالإحراق " ( 3 ) .
ونلاحظ : أن شمس الدين الاسفراييني في كتابه تسديد العقائد في شرح تجريد القواعد ويعرف بالشرح القديم ، والقوشجي في شرحه للتجريد لم ينكرا كلام المحقق الطوسي . ولا شككا في صحة الرواية كما هو دأبهما في الموارد الأخرى ، بل اكتفى بتوجيه تأخر علي عن بيعة أبي بكر ، بدعوى طرو عذر ونحو ذلك ، فراجع ( 4 ) .
مع أن القوشجي مشهود له بالتعصب حتى وصفه بعض كبار علماء الإمامية : " بالمتعصب العنود اللدود " ( 5 ) . وقال عنه في مورد آخر : " وهذا منه مكابرة محضة ، صرفة بحتة ، لأن تخلفهم عن جيشه ( 6 ) وولايته مشهور في الطرفين ، مذكور في الطريقين ، غير قابل للمنع ، والشريف لما كان منصفا فسلمه وأوله . والقوشجي لما كان مكابرا عنودا ، لجوجا لدودا منعه . كما هو دأبه في المواضع جلها ، بل كلها ، حيث يعجز عن الجواب " ( 7 ) . وثمة موارد أخرى يحدث فيها عن خصوصية القوشجي هذه ( 8 ) .
المصدر:
( 1 ) شرح تجريد الاعتقاد ( مطبوع ضمن كشف المراد ) ص 402 ، ونهج الحق ص 271 و 272 .
( 2 ) كشف المراد : ص 402 ، و 403 .
( 3 ) نهج الحق : ص 275 و 276 . ( 4 ) شرح التجريد للقوشجي ، ص 482 و 483 ( ط حجرية ) .
( 5 ) الرسائل الاعتقادية للخواجوئي ، ص 409. ( 6 ) أي جيش أسامة .
(7)الرسائل الاعتقاديةللخواجوئي : ص 412 (8)راجعالمصدر السابق ص 473 و 471 .
9 - الفاضل المقداد ( ت 826 ه ).
وقال الفقيه المتكلم المحقق الشيخ المقداد السيوري : " إن عليا ( عليه السلام ) وجماعة لما امتنعوا عن البيعة ، والتجأوا إلى بيت فاطمة ( ع ) منكرين بيعته بعث إليها عمر حتى ضربها على بطنها ، وأسقطت سقطا اسمه محسن ، وأضرم النار ليحرق عليهم البيت ، وفيه فاطمة ( ع ) ، وجماعة من بني هاشم ، فأخرجوا عليا ( ع ) قهرا بحمائل سيفه يقاد . لا يقال : هذا الخبر يختص الشيعة بروايته ، فيجوز أن يكون موضوعا للتشنيع .
لأنا نقول : ورد أيضا من طريق الخصم ، رواه البلاذري ، وابن عبد البر ، وغيرهما . ويؤيده قوله عند موته : ليتني تركت بيت فاطمة لم أكشفه " ( 1 ) .
ونقول : إن إصرار كبار علماء المذهب وأساطينه حسبما ظهر مما نقلناه عنهم على الاستدلال في علم الكلام على خصومهم بهذا الأمر ، وإرساله إرسال المسلمات . وعدم قدرة الآخرين على التخلص والتملص منه ، يدل دلالة ظاهرة على أن إنكار هذا الأمر أو التشكيك فيه من البعض غير مقبول بل غير معقول . ولا سيما مع هذا الكم الهائل من النصوص ومع تواتر الروايات عن المعصومين ، الأمر الذي يقطع كل عذر ، ويمنع أي تعلل أو تبرير .
المصدر:
( 1 ) اللوامع الإلهية في المباحث الكلامية : ص 302 .
10 - البياضي العاملي ( ت 877 ه ) .
وقال العلامة الفقيه ، والمتكلم النبيه ، الشيخ زين الدين البياضي : ومنها ما رواه البلاذري ، واشتهر في الشيعة : أنه حصر فاطمة في الباب ، حتى أسقطت محسنا ، مع علم كل أحد بقول أبيها لها : فاطمة بضعة مني من آذاها فقد آذاني ( 1 ) . " قالوا : عائشة لم تكن ابنة محمد ، وحين عقر جملها حمتالمسلمين لحرمة زوجها ، فتطايرت الرؤوس والأكف حولها . وما فعل بفاطمة من النكير أعظم من عقر البعير ، فكيف لم يتحم المسلمون لها " ( 2 ) .
وقال : " طلب هو وعمر إحراق بيت أمير المؤمنين ( ع ) لما امتنع هو وجماعة من البيعة . ذكره الواقدي في روايته ، والطبري في تاريخه ، ونحوه ذكر ابن عبد ربه " ( 3 ) .
المصدر:
(1) الصراط المستقيم : ج 3 ص 12 ، والمطبوع من كتاب البلاذري يبدأ بما بعد الشورى ، ولم يطبع كاملا .
(2) الصراط المستقيم : ج 3 ص 13 .
(3) الصراط المستقيم : ج 2 ص 301 .
11 - الغروي والهروي .
وقال الفقيه المتكلم ، محمد بن علي ابن أبي جمهور الأحسائي في مناظرته مع الفاضل الهروي ، والتي جرت سنة 878 ه . وهي مناظرة مشهورة بين الطائفة ( 1 ) . " وأراد إحراق بيت فاطمة لما امتنع علي ، وبعض بني هاشم من البيعة ، وضغطها بالباب حتى أجهضت جنينا . وضربها قنفذ بالسيف عن أمره حتى أنها ماتت ، وألم السياط وأثرها بجنبها ، وغير ذلك من الأشياء المنكرة . فقال : إن ذلك من رواياتكم وطرقكم ، فلا يقوم بها حجة على غيركم . فقلت : أما الإرث . . . إلى أن قال : وأما حديث الإحراق ، والضرب ، وإجهاض الجنين ، فبعضه مروي عنكم ، وهو العزم على الإحراق ، رواه الطبري ، والواقدي ، وابن قتيبة " ( 2 ) .
المصدر:
( 1 ) راجع : الذريعة : ج 22 ص 285 و 286 . وروضات الجنات : ج 7 ص 27 ، ولؤلؤ البحرين : ص 166 .
( 2 ) مناظرة الغروي والهروي : ص 47 و 48 ط سنة 1397 ه .
12 - المحقق الكركي ( ت 940 ه ) .
وقال المحقق الكركي : " والطلب إلى البيعة بالإهانة والتهديد بتحريق البيت ، وجمع الحطب عند الباب ، وإسقاط فاطمة محسنا ، ولذا ذكروا - كما رواه أصحابنا - إغراء للباقين بالظلم لهم والانتقام منهم ( 1 ) .
وقال : " فضلا عن الزامهم له ( ع ) بها ، والتشديد عليه ، والتهديد بتحريق البيت ، وجمع الحطب عند الباب ، كما رواه المحدثون والمؤرخون ، مثل الواقدي وغيره " ( 2 ) .
وقال أيضا : " إنه قد روى نقلة الأخبار ، ومدونوا التواريخ ، ومن تصفح كتب السير علم صحة ذلك : أن عمر لما بايع صاحبه ، وتخلف علي ( ع ) عن البيعة جاء إلى بيت فاطمة ( ع ) لطلب علي إلى البيعة ، وتكلم بكلمات غليظة ، وأمر بالحطب ليحرق البيت على من فيه ، وقد كان فيه أمير المؤمنين ( ع ) وزوجته وأبناؤه وممن انحاز إليهم الزبير ، وجماعة من بني هاشم " ( 3 ) .
وقال : " ولو أن رسول الله أوصى لهما بالأمر ، ونص عليهما بالإمامة لما جاز لهما عقوبة الممتنع من البيعة بالتحريق ، وكان من أداني القوم وأصاغرهم ، فكيف وهما إنما يدعيان الخلافة الخ . . " ( 4 ) .
المصدر :
( 1 ) نفحات اللاهوت : ص 130 . ( 2 ) المصدر السابق : ص 65 . ( 3 ) المصدر السابق : ص 78 . ( 4 ) المصدر السابق .
13 - ابن مخدوم ( ت 976 ه ) .
وقال العالم الخبير أبو الفتح ابن مخدوم العربشاهي في شرحه للباب الحادي عشر في مقام الإيراد على خلافة أبي بكر : " . . وأيضا بعث إلى بيت أمير المؤمنين ( ع ) لما امتنع عن البيعة ، فأضرم فيه النار ، وفيه سيدة نساء العالمين " ( 1 ) .
المصدر:
(1) مفتاح الباب : ص 199 ، تحقيق الدكتور مهدي محقق .
14 - الشهيد القاضي التستري ( ت 1019 ه ) .
وبعد أن ذكر الشهيد السعيد والمتكلم النحرير القاضي نور الله التستري بعض النصوص الدالة على سقوط الجنين . وإرادة إحراق بيت الزهراء ، وغير ذلك : قال : " . . وما ظنك بأمر يدفع فيه صدور المهاجرين ، وتكسر سيوفهم ، وتشهر فيه السيوف على رؤوس المسلمين ، ويقصد إحراق بيوت ساداتهم إلى غير ذلك . وكيف لا يكون ذلك إكراها ، لولا عمى الأفئدة ، فإنها لا تعمى الأبصار ، ولكن تعمى القلوب التي في الصدور الخ . . " ( 1 ) .
المصدر :
( 1 ) إحقاق الحق : ج 2 ص 374 .
15 - ابن سعد الجزائري ( ت 1021 ه )) .
وقال المحقق الجليل الشيخ عبد النبي بن سعد الجزائري رحمه الله وهو من أجلاء علماء عصره . " ومنها : أنه بعث إلى بيت أمير المؤمنين عليه السلام لما امتنع من البيعة ، وأمر أن تضرم فيه النار ، وكشفوه . وفيه فاطمة ، وجماعة من بني هاشم ، وأخرجوا عليا . وضربوا فاطمة ( عليها السلام ) ، فألقت جنينا " ( 1 ) .
إلى أن قال : " كيف وإنما خرج كرها ، بعد طول المجادلة ، وكثرة الاحتجاج ، والمناشدة ، وصعوبة التهديد والمجالدة . وإضرام النار في الدار ، وضرب المعصومة بنت المختار ، وإزعاج السادة الأطهار " ( 2 ) .
المصدر:
( 1 ) الإمامة : ص 81 . ( مخطوط ) توجد نسخة مصورة عنه في مكتبة المركز الإسلامي للدراسات .
( 2 ) المصدر السابق .
16 - الحر العاملي ( ت 1104 ه ) .
وقال المحدث الجليل ، والفقيه المتكلم ، صاحب الموسوعة الحديثية الرائدة ، " وسائل الشيعة " ، وهو يتحدث عن أبي بكر ، وعما ينفي أهليته للخلافة : "
ومنها : أنه طلب هو وعمر إحراق بيت أمير المؤمنين لما امتنع هو وجماعة عن البيعة .
ذكره الواقدي في روايته ، والطبري في تاريخه ، ونحوه ذكر ابن عبد ربه . وهو من أعيانهم وكذا مصنف كتاب أنفاس الجواهر الخ . . " ( 1 ) . وله كلمات متنوعة ومتفرقة عديدة في مقام الاحتجاج والاستدلال لا نجد ضرورة لنقلها فمن أرادها فليراجعها ( 2 )
المصدر :
( 1 ) إثبات الهداة : ج 2 ص 368 .
( 2 ) راجع : إثبات الهداة : ص 334 و 361 و 376 و 377 .
17 - العلامة المجلسي ( ت 1110 ه ) .
وقال العلامة المتبحر شيخ الإسلام المولى الشيخ محمد باقر ( المجلسي الثاني ) في مقام الإيراد على خلافة عمر بن الخطاب : " . . الطعن السابع عشر : إنه هم بإحراق بيت فاطمة ( عليها السلام ) وكان فيه أمير المؤمنين ، وفاطمة ، والحسنان . وهددهم ، وآذاهم " ( 1 ) .
وقال المجلسي أيضا : " . . إذ تبين بالمتفق عليه من أخبارهم وأخبارنا : أن عمر هم بإحراق بيت فاطمة ( ع ) بأمر أبي بكر ، أو برضاه ، وقد كان فيه أمير المؤمنين ، وفاطمة ، والحسنان صلوات الله عليهم وهددهم وآذاهم . مع أن رفعة شأنهم عند الله ، وعند رسول الله مما لا ينكره إلا من خرج عن الإسلام " (2) . .
المصدر :
(1) البحار : ج 31 ص 59 .
(2) البحار : ج 28 ص 408 و 409 .
18 - أبو الحسن الفتوني ( ت 1138 ه ) .
قال الشريف أبو الحسن الفتوني ، وهو من أعاظم علماء عصره ( 1 ) : " فالآن نشرع في بيان نبذ مما جرى عليها بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، من التعدي والتفريط ، بحيث أجهرت بالشكوى ، وأظهرت الوجد والغضب على المعتدين عليها ، حتى أنها أوصت بمنعهم عن حضور جنازتها ، إذ لا يخفى حينئذ على كل منصف ، متذكر لما ذكرناه في شأنها : أن صدور مثل هذا عنهم قدح صريح فيهم ، حيث لم يبالوا - أولا - بما ورد في حقها ، ولم يخافوا - ثانيا - من غضب الله ورسوله " .
ثم يستمر في الاستدلال . . ثم يذكر رواية عن بكاء النبي ( ص ) حين حضرته الوفاة ، فسئل عن ذلك ، فقال : أبكي لذريتي ، وما يصنع بهم شرار أمتي من بعدي ، وكأني بفاطمة وقد ظلمت من بعدي ، وهي تنادي : يا أبتاه ، يا أبتاه ، فلا يعينها أحد من أمتي .
ثم يقول : " هذا الكلام من النبي ( ص ) إشارة إلى ما سيأتي في المقالة الرابعة ، من المقصد الثاني ، مفصلا صريحا ، من بيان هجوم عمر وجماعة معه ، بأمر أبي بكر على بيت فاطمة ، لإخراج علي والزبير منه للبيعة . وكذا إلى منعها عن فدك ، والخمس ، وبقية إرثها منأبيها ( ص ) .
ولا بأس إن ذكرنا مجملا من ذلك ها هنا : نقل جماعة سيأتي في الموضع المذكور ذكر أساميهم ، والكتب التي نقلوا فيها ، منهم الطبري ، والجوهري ، والقتيبي ، والسيوطي ، وابن عبد ربه ، والواقدي ، وغيرهم خلق كثير : أن عمر بن الخطاب وجماعة معه ، منهم خالد بن الوليد ، أتوا بأمر أبي بكر إلى بيت فاطمة ، وفيه علي والزبير ، وغيرهما ، فدقوا الباب ، وناداهم عمر ، فأبوا أن يخرجوا . فلما سمعت فاطمة أصواتهم نادت بأعلى صوتها باكية : يا أبتاه ، يا رسول الله ، ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب ، وابن أبي قحافة .
وفي رواية القتيبي ، وجمع غيره : أنهم لما أبوا أن يخرجوا دعا عمر بالحطب ، وقال : والذي نفس عمر بيده ، لتخرجن ، أو لأحرقنها عليكم على ما فيها . فقيل له : إن فيها فاطمة ؟ ! فقال : وإن . . وفي رواية ابن عبد ربه : أن فاطمة قالت له : يا ابن الخطاب ، أجئتنا لتحرق دارنا ؟ قال : نعم .
وفي رواية زيد بن أسلم : أنها قالت : تحرق علي ، وعلى ولدي ؟ قال : إي والله ، أو ليخرجن ، وليبايعن . ثم إن القوم الذين كانوا مع عمر لما سمعوا صوتها وبكاءها انصرف أكثرهم باكين ، وبقي عمر وقوم معه ، فأخرجوا عليا .
حتى في رواية أكثرهم : أن عمر دخل البيت ، وأخرج الزبير ، ثم عليا . واجتمع الناس ينظرون ، وصرخت فاطمة وولولت ، حتى خرجت إلى باب حجرتها ، وقالت : ما أسرع ما أغرتم على أهل بيت نبيكم . وقد ذكر الشهرستاني في كتاب الملل والنحل : أن النظام نقل : أن عمر ضرب بطن فاطمة ذلك اليوم ، حتى ألقت المحسن من بطنها ، وكان يصيح : أحرقوها بمن فيها .
وفي روايات أهل البيت ( عليهم السلام ) : أن عمر دفع باب البيت ليدخل ، وكانت فاطمة وراء الباب ، فأصابت بطنها ، فأسقطت من ذلك جنينها المسمى بالمحسن . وماتت بذلك الوجع .
وفي بعض رواياته : أنه ضربها بالسوط على ظهرها . وفي رواية : أن قنفذ ضربها بأمره " .
ثم يذكر رحمه الله خلاصة عما جاء في كتاب سليم بن قيس ، ويذكر أيضا قول الإمام الحسن للمغيرة بن شعبة .
ثم يقول : " وكفى ما ذكروه في ثبوت دخول بيتها ، الذي هو من بيوت النبي ( ص ) بغير إذنها ، وفي تحقق الأذى ، لا سيما مع التهديد بالإحراق ، حتى أن في الاستيعاب ، وكتاب الغرر وغيرهما ، عن زيد بن أسلم ، أنه قال : كنت ممن حمل الحطب مع عمر إلى دار فاطمة . وسيأتي بعض الأخبار في المقالة الرابعة من المقصد الثاني ( 1 ) .
وقال رحمه الله أيضا : " ثبوت أذية الرجلين لفاطمة غاية الأذى يوم مطالبة علي بالبيعة ، حتى الهجوم على بيتها ، ودخوله بغير إذن ، بل ضربها ، وجمع الحطب لإحراقه ، وكذا أذيتها في أخذ فدك منها ، ومنع إرثها ، وقطع الخمس ، ونحو ذلك ، ووقوع المنازعة بينها وبين من آذاها ، وتحقق غضبها ، وسخطها على من عاندها ، إلى أن ماتت على ذلك ، فمما لا شك فيه عندنا معشر الإمامية ، بحسب ما ثبت وتواتر من أخبار ذريتها الأئمة الأطهار ، والصحابة الأخيار كما هو مسطور في كتبهم ، بل باعتراف جماعة من غيرهم أيضا كما سيأتي بعض ذلك ، سوى ما مر من أخبار مخالفيهم .
وأما المخالفون ، فأمرهم عجيب غريب في هذا الباب ، لأن عامة قدماء محدثيهم سطروا في كتبهم جميع ما نقلناه عنهم ، وأكثروا طرحها ؟ ( كذا ) . بل أكثرها موجودة في كتبهم المعتبرة ، بل صحاحهم المعتمدة عندهم ، لا سيما الصحيحين ، اللذين هما عندهم تاليا كتاب الله في الاعتماد ، كما صرحوا به . وقد عرفت ، ما فيها من الدلالة صريحا ، حتى على صريح طردها ، ومنعها عن ميراثها ، وفدكها ، وخمسها ، ودوام سخطها لذلك إلى موتها . مع موافقة مضمونها لما هو معلوم بين من دفنها سرا ، وإخفاءقبرها ، بحيث أنهم إلى الآن مختلفون في موضعه . . " .
إلى أن قال رحمه الله وهو يتحدث عن بعضهم الذي لم يمكنه إنكار أصل القضية : " أسقط من بعض ما نقله ما كان صريحا في دوام غضبها . بل موه في النقل بذكر ما يشعر بعدم الغضب ، غفلة منه عن أن مثل هذا لا ينفع في مقابل تلك المعارضات القوية كثرة ، وسندا ، ودلالة . . الخ " ( 3 ) .
وقال رحمه الله : " . . إن الذي يظهر من روايات القوم ، التي نقلناها من كتبهم ، موافقة لما روي عن ذريتها الأئمة وغيرهم هو أن أسباب الأذية لم تكن شيئا واحدا . بل كانت متعددة ، تواترت منهم عليها من حين وفاة أبيها ( صلى الله عليه وآله ) إلى أن توفيت هي : من الهجوم على بابها ، بل على داخل بيتها بغير إذنها ، وسائر ما ذكرناه ، حتى لو فرضنا أنه لم يصدر منهم غير محض إظهار الإهانة يوم مطالبة علي للبيعة الخ . . " ( 4 ) .
المصدر:
( 1 ) مرآة الأنوار ( المطبوع كمقدمة لتفسير البرهان للسيد هاشم البحراني ) ، ولؤلؤة البحرين : ص 107 .
( 2 ) ضياء العالمين ( مخطوط ) : ج 2 ق 3 ص 60 - 64 .
( 3 ) ضياء العالمين ( مخطوط ) : ج 2 ق 3 ص 96 و 97 .
( 4 ) ضياء العالمين ( مخطوط ) : ج 2 ق 3 ص 107 و 108 .
19 - الخواجوئي المازندراني ( ت 1173 ه ) .
وقال الفاضل المحقق الخواجوئي المازندراني في رسالته " طريق الإرشاد " ، وهو من أكابر علماء الإمامية في عصره : " وأما إيذاؤهم فاطمة ( عليها السلام ) ، فمشهور ، وفي كتب الجمهور مسطور . بعث أبو بكر إلى بيت أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، لما امتنع عن البيعة ، فأضرم فيه النار ، وفيه فاطمة ( ع ) ، وجماعة من بني هاشم ، وأخرجوا عليا ( ع ) ، وضربوا فاطمة ( ع ) فألقت فيه جنينها .
وأما جواب القوشجي عن هذا بأن تأخر علي عن بيعة أبي بكر لم يكن عن شقاق ومخالفة ، وإنما كان لعذر ، وطرو أمر . ففيه : أن لو كان الأمر كذلك ، فأي وجه لإضرام النار في بيته ، وإخراجه منه عنفا .
إلى أن قال : هذا التأخر إن كان لعذر يسوغ معه التأخر عن البيعة فالأمر على ما عرفته من وجوب الإهمال والاعتذار ، وحينئذ فلا وجه لإخراجه عنفا ، وإحراق بيته بالنار . وإن لم يكن كذلك فكيف يسوغ لمثل علي ( ع ) أن يتخلف بلا عذر عن بيعة إمام يعتقد صلاحيته للإمامة ؟ ومن مات وليس في عنقه بيعة إمام مات ميتة جاهلية . كما رواه ميمون بن مهران ، الخ . . . " ( 1 ) .
ويقول أيضا وهو يتابع مناقشة ما قاله القوشجي : " . . ثم أي تقصير في ذلك لفاطمة ( ع ) الطاهرة ؟ أو بم استحقت الضرب إلى حد ألقت جنينها ؟ ! وبعد اللتيا والتي ، ففيه تصريح في المطلوب لأنه لما سلم صحة الرواية ، ولم يقدح فيها ( 2 ) . وفيها دلالة صريحة على ضربهم فاطمة ضربا شديدا . وقد سبق أن إيذاءها إيذاء رسول الله الخ . . . " ( 3 ) .
وقال أيضا بعد أن ذكر طائفة مما رواه الجمهور في حق أهل البيت ( ع ) وفي حق السيدة الزهراء صلوات الله وسلامه عليها : " كيف يروي الجمهور هذه الروايات ، ثم يظلمونها ، ويؤذونها ، ويأخذون حقها ، وينسبونها إلى الكذب ودعوى الباطل ، ويكسرون ضلعها ، ويجهضون ولدها من بطنها " ( 4 ) .
وقال أيضا : " . . فانظر أيها العاقل الرشيد ، وصاحب الرأي السديد ، كيف يروي الجمهور هذه الروايات . ثم يظلمونها ، ويأخذون حقها ، ويكسرون ضلعها ، ويجهضون ولدها من بطنها ، فليحذر المقلد . . إلى أن قال رحمه الله : هذا ، وورد في طريقنا : أنها ( ع ) كانت معصومة صديقة شهيدة رضية الخ . . . " ( 5 )
المصدر:
( 1 ) الرسائل الاعتقادية : ص 444 . ( 2 ) المقصود هو القوشجي .
( 3 ) الرسائل الاعتقادية : ص 446 .
( 4 ) ( رسالة : طريق الإرشاد ) للخواجوئي المازندراني ( ضمن الرسائل الاعتقادية ) : ص 465 .
( 5 ) الرسائل الاعتقادية : ص 301 .
20 - الشيخ يوسف البحراني ( ت 1186 ه ) .
قال الفقيه الكبير المحدث الشيخ يوسف البحراني في معرض الاحتجاج أيضا : " . . وأخرجه قهرا ، منقادا ، يساق بين جملة العالمين ، وأدار الحطب على بيته ليحرقه عليه ، وعلى من فيه " . وقال : " . . وضرب الزهراء ( ع ) حتى أسقطها جنينها ، ولطمها حتى خرت لوجهها ، وجبينها ، وخرجت لوعتها وحنينها " ( 1 )
المصدر :
( 1 ) راجع : الحدائق الناضرة : ج 5 ص 180 .
قال الفقيه الكبير المحدث الشيخ يوسف البحراني في معرض الاحتجاج أيضا : " . . وأخرجه قهرا ، منقادا ، يساق بين جملة العالمين ، وأدار الحطب على بيته ليحرقه عليه ، وعلى من فيه " . وقال : " . . وضرب الزهراء ( ع ) حتى أسقطها جنينها ، ولطمها حتى خرت لوجهها ، وجبينها ، وخرجت لوعتها وحنينها " ( 1 )
المصدر :
( 1 ) راجع : الحدائق الناضرة : ج 5 ص 180 .
21 - الشيخ جعفر كاشف الغطاء ( ت 1228 ه . ق ) .
قال الإمام العلم الشيخ جعفر كاشف الغطاء الكبير ، وهو يستدل على عدم صحة خلافة أبي بكر : " . . ومنه إحراق بيت فاطمة الزهراء لما جلس فيه علي ( ع ) ، ومعه الحسنان ، وامتنع ( ع ) عن المبايعة ، نقله جماعة من أهل السنة ، منهم : الطبري ، والواقدي ، وابن حزامة ( كذا ) عن زيد بن أسلم ، وابن عبد ربه ، وهو من أعيانهم ، وروي في كتاب المحاسن وغير ذلك " ( 1 ) . وقال وهو يورد إشكالاته على الخليفة الثاني : " . . ومنه قصد بيت النبوة وذرية الرسول بالإحراق " ( 2 ) .
المصدر:
( 1 ) كشف الغطاء ص 18 . ( 2 ) المصدر السابق .
قال الإمام العلم الشيخ جعفر كاشف الغطاء الكبير ، وهو يستدل على عدم صحة خلافة أبي بكر : " . . ومنه إحراق بيت فاطمة الزهراء لما جلس فيه علي ( ع ) ، ومعه الحسنان ، وامتنع ( ع ) عن المبايعة ، نقله جماعة من أهل السنة ، منهم : الطبري ، والواقدي ، وابن حزامة ( كذا ) عن زيد بن أسلم ، وابن عبد ربه ، وهو من أعيانهم ، وروي في كتاب المحاسن وغير ذلك " ( 1 ) . وقال وهو يورد إشكالاته على الخليفة الثاني : " . . ومنه قصد بيت النبوة وذرية الرسول بالإحراق " ( 2 ) .
المصدر:
( 1 ) كشف الغطاء ص 18 . ( 2 ) المصدر السابق .
22 - السيد عبد الله شبر ( ت 1243 ه . ق . ) .
وقال العلامة المتبحر السيد عبد الله شبر ، في جملة مؤاخذاته
على عمر بن الخطاب : " إنه هم بإحراق بيت فاطمة ( ع ) ، وقد كان فيه أمير المؤمنين ( ع ) وفاطمة ( ع ) ، والحسنان وآذاهم الخ . . " ( 1 ) .
المصدر:
( 1 ) حق اليقين : ص 187 و 188 .
23 - السيد محمد قلي الموسوي ( ت 1260 ه ) .
وللسيد محمد قلي الموسوي النيشابوري الهندي ، والد صاحب عبقات الأنوار كتاب اسمه تشييد المطاعن أورد فيه عشرات الصفحات المشتملة على النصوص الكثيرة .
فكان منها ما ترجمته : أن عمر قد هدد فاطمة بالإحراق ، وجمع الحطب حول بيتها . كما رواه ثقاة أهل السنة ، وأعاظم معتمديهم ، وأكابر محدثيهم ، من المتقدمين والمتأخرين ، كالطبري ، والواقدي ، وعثمان بن أبي شيبة ، وابن عبد ربه ، وابن جراية ، ومصنف المحاسن وأنفاس الجواهر ، وعبد البر بن أبي شيبة ، والبلاذري ، وابن عبد البر صاحب الاستيعاب ، وأبي بكر الجوهري ، صاحب كتاب السقيفة ، والقاضي جمال الدين واصل ، وأبو الفداء : إسماعيل بن علي بن محمود صاحب كتاب : المختصر ، وابن قتيبة ، وإبراهيم بن عبد الله اليمني الشافعي صاحب كتاب الاكتفاء ، والسيوطي صاحب كتاب جمع الجوامع ، وملا علي المتقي صاحب كنز العمال ، وشاه ولي الله الدهلوي . . . " ( 1 ) . ثم ذكر كلمات هؤلاء . . وقال أيضا : وقوع إحراق بيت الزهراء ، ورد في الروايات ، وتؤيده القرائن الصادقة الموجودة في كتب أهل السنة .
المصدر:
(1) تشييد المطاعن : ج 1 ص 433 و 434 وقبلها وبعدها عشرات الصفحات المليئة بالاستدلالات والنصوص ، وكتاب تشييد المطاعن قد ألف ردا على كتاب : التحفة الاثني عشرية للدهلوي .
24 - السيد محمد المهدي الحسيني القزويني ( ت 1300 ه ) .
ويقول العالم العلم والآية الكبرى السيد محمد بن المهدي بن الحسن الحسيني القزويني ، وهو من أعاظم العلماء وكبار مراجع التقليد في عصره : " فلم يكفهم ذلك كله حتى أنهم قهروا عليا وبني هاشم على البيعة ، وأضرموا النار على بيوت آل محمد . ووقفت دونها فاطمة فلم تقدر على منعهم . ولما فتحت الباب صكوا عليها الباب ، وكسروا ضلعها وأسقطوا جنينها المحسن ، وكسروا سيف الزبير في صحن الدار ، وقادوا عليا بحمائل سيفه ، كما يقاد الجمل المخشوش ، كما نص على ذلك الطبري ، والواقدي ، وابن جراية في النور ، وابن عبد ربه ، ومصنف كتاب نفائس الجواهر لابن سهلويه وهو في المدرات النظامية ببغداد وعمر بن شيبة في كتابه وغيرهم . وذلك بعد تأخر علي عن البيعة ستة أشهر . مضافا إلى منعهم فاطمة ميراث أبيها ، وغصبهم فدكا والعوالي فيها ، ورد دعواها ورد شهادة علي والحسنين وأم أيمن ، وتمزيق صكها المرسوم من النبي الأمين الذي هو بركة العالمين وغير ذلك مما صدر من المؤذيات لفاطمة ، وتحريجهم على بكائها حتى اتخاذها بيت الأحزان ، ومرضها من جهتهم ، ودفنها سرا ، وموتها وهي واجدة كما صرح البخاري وغيره ، فإذا ثبت هذا كله . . " ( 1 )
المصدر:
( 1 ) الصوارم الماضية ، ص 56 ، ( مخطوط ) توجد نسخة مصورة منه في مكتبة المركز الإسلامي للدراسات في بيروت .
25 - السيد الخونساري ( ت 1313 ه . ق . ) .
وقال العلم العلامة المتتبع السيد الخونساري رحمه الله معلقا على أحاديث : فاطمة بضعة مني ، يؤذيني ما آذاها : " . . فلم أدر من آذاها ، ومن أبغضها ، ومن أسقط جنينها ، ومن رفع أنينها ، ومن لطم وجهها ، ومن ضرب جنبها " ( 1 ) .
(1 ) روضات الجنات : ج 1 ص 358 . لمصدر :
26 - آية الله المظفر ( ت 1375 ه . ق . ) .
وقال العلامة آية الله الشيخ محمد حسن المظفر : " . . . وبالجملة ، يكفي في ثبوت قصد الإحراق رواية جملة من علمائهم له ، بل رواية الواحد منهم له ، لا سيما مع تواتره عند الشيعة ، ولا يحتاج إلى رواية البخاري ومسلم وأمثالهم ممن أجهده العداء لآل محمد ( ص ) ، والولاء لأعدائهم ، وأدام التزلف إلى ملوكهم وأمرائهم ، وحسن السمعة عند عوامهم " (1) . وقال : " من عرف سيرة عمر وغلظته مع رسول الله ( ص ) قولا وفعلا لا يستبعد منه وقوع الإحراق ، فضلا عن مقدماته " . وقال : " على أن الإحراق لو وقع ليس بأعظم من غصبالخلافة " ( 2 ) .
المصدر:
( 1 ) المصدر السابق ، ص 89 و 90 . (2) دلائل الصدق : ج 3 ق 1 ص 91 .
27 - السيد شرف الدين ( ت 1377 ه . ق . )
قدمنا في فصل سابق بعض الحديث عن احتجاجات الإمام العلم السيد عبد الحسين شرف الدين على الآخرين ، بالتهديد بالإحراق ، الثابت بالتواتر القطعي ( 1 ) . وبأن أبا بكر قد كشف بيت فاطمة ، وغير ذلك ، فلا نعيد .
المصدر:
(1) المراجعات : ص 357 ، ( ط سنة 1413 ه ) انتشارات أسوة - قم - ايران .
28 - الشهيد الصدر ( ت 1400 ه . ق )
وقال المفكر الإسلامي الكبير الشهيد السعيد السيد محمد باقر الصدر تغمده الله برحمته : " . . إن عمر الذي هجم عليك في بيتك المكي ، الذي أقامه النبي مركزا لدعوته قد هجم على آل محمد ( ص ) في دارهم ، وأشعل النار فيها أو كاد " ( 1 ) .
وقال : " سيرة الخليفة وأصحابه مع علي ، التي بلغت من الشدة : أن عمر هدد بحرق بيته ، وإن كانت فاطمة فيه . ومعنى هذا : إعلان أن فاطمة وغير فاطمة من آلها ، ليس لهم حرمة تمنعهم عن أن يتخذ معهم نفس الطريقة التي سار عليها مع سعد بن عبادة ، حين أمر الناس بقتله " ( 2 ) .
المصدر :
( 1 ) فدك في التاريخ : ص 26 ( ط سنة 1987 م ) الدار العالمية للطباعة والنشر والتوزيع .
( 2 ) المصدر السابق ص 91 .
وقال العلامة المتبحر السيد عبد الله شبر ، في جملة مؤاخذاته
على عمر بن الخطاب : " إنه هم بإحراق بيت فاطمة ( ع ) ، وقد كان فيه أمير المؤمنين ( ع ) وفاطمة ( ع ) ، والحسنان وآذاهم الخ . . " ( 1 ) .
المصدر:
( 1 ) حق اليقين : ص 187 و 188 .
23 - السيد محمد قلي الموسوي ( ت 1260 ه ) .
وللسيد محمد قلي الموسوي النيشابوري الهندي ، والد صاحب عبقات الأنوار كتاب اسمه تشييد المطاعن أورد فيه عشرات الصفحات المشتملة على النصوص الكثيرة .
فكان منها ما ترجمته : أن عمر قد هدد فاطمة بالإحراق ، وجمع الحطب حول بيتها . كما رواه ثقاة أهل السنة ، وأعاظم معتمديهم ، وأكابر محدثيهم ، من المتقدمين والمتأخرين ، كالطبري ، والواقدي ، وعثمان بن أبي شيبة ، وابن عبد ربه ، وابن جراية ، ومصنف المحاسن وأنفاس الجواهر ، وعبد البر بن أبي شيبة ، والبلاذري ، وابن عبد البر صاحب الاستيعاب ، وأبي بكر الجوهري ، صاحب كتاب السقيفة ، والقاضي جمال الدين واصل ، وأبو الفداء : إسماعيل بن علي بن محمود صاحب كتاب : المختصر ، وابن قتيبة ، وإبراهيم بن عبد الله اليمني الشافعي صاحب كتاب الاكتفاء ، والسيوطي صاحب كتاب جمع الجوامع ، وملا علي المتقي صاحب كنز العمال ، وشاه ولي الله الدهلوي . . . " ( 1 ) . ثم ذكر كلمات هؤلاء . . وقال أيضا : وقوع إحراق بيت الزهراء ، ورد في الروايات ، وتؤيده القرائن الصادقة الموجودة في كتب أهل السنة .
المصدر:
(1) تشييد المطاعن : ج 1 ص 433 و 434 وقبلها وبعدها عشرات الصفحات المليئة بالاستدلالات والنصوص ، وكتاب تشييد المطاعن قد ألف ردا على كتاب : التحفة الاثني عشرية للدهلوي .
24 - السيد محمد المهدي الحسيني القزويني ( ت 1300 ه ) .
ويقول العالم العلم والآية الكبرى السيد محمد بن المهدي بن الحسن الحسيني القزويني ، وهو من أعاظم العلماء وكبار مراجع التقليد في عصره : " فلم يكفهم ذلك كله حتى أنهم قهروا عليا وبني هاشم على البيعة ، وأضرموا النار على بيوت آل محمد . ووقفت دونها فاطمة فلم تقدر على منعهم . ولما فتحت الباب صكوا عليها الباب ، وكسروا ضلعها وأسقطوا جنينها المحسن ، وكسروا سيف الزبير في صحن الدار ، وقادوا عليا بحمائل سيفه ، كما يقاد الجمل المخشوش ، كما نص على ذلك الطبري ، والواقدي ، وابن جراية في النور ، وابن عبد ربه ، ومصنف كتاب نفائس الجواهر لابن سهلويه وهو في المدرات النظامية ببغداد وعمر بن شيبة في كتابه وغيرهم . وذلك بعد تأخر علي عن البيعة ستة أشهر . مضافا إلى منعهم فاطمة ميراث أبيها ، وغصبهم فدكا والعوالي فيها ، ورد دعواها ورد شهادة علي والحسنين وأم أيمن ، وتمزيق صكها المرسوم من النبي الأمين الذي هو بركة العالمين وغير ذلك مما صدر من المؤذيات لفاطمة ، وتحريجهم على بكائها حتى اتخاذها بيت الأحزان ، ومرضها من جهتهم ، ودفنها سرا ، وموتها وهي واجدة كما صرح البخاري وغيره ، فإذا ثبت هذا كله . . " ( 1 )
المصدر:
( 1 ) الصوارم الماضية ، ص 56 ، ( مخطوط ) توجد نسخة مصورة منه في مكتبة المركز الإسلامي للدراسات في بيروت .
25 - السيد الخونساري ( ت 1313 ه . ق . ) .
وقال العلم العلامة المتتبع السيد الخونساري رحمه الله معلقا على أحاديث : فاطمة بضعة مني ، يؤذيني ما آذاها : " . . فلم أدر من آذاها ، ومن أبغضها ، ومن أسقط جنينها ، ومن رفع أنينها ، ومن لطم وجهها ، ومن ضرب جنبها " ( 1 ) .
(1 ) روضات الجنات : ج 1 ص 358 . لمصدر :
26 - آية الله المظفر ( ت 1375 ه . ق . ) .
وقال العلامة آية الله الشيخ محمد حسن المظفر : " . . . وبالجملة ، يكفي في ثبوت قصد الإحراق رواية جملة من علمائهم له ، بل رواية الواحد منهم له ، لا سيما مع تواتره عند الشيعة ، ولا يحتاج إلى رواية البخاري ومسلم وأمثالهم ممن أجهده العداء لآل محمد ( ص ) ، والولاء لأعدائهم ، وأدام التزلف إلى ملوكهم وأمرائهم ، وحسن السمعة عند عوامهم " (1) . وقال : " من عرف سيرة عمر وغلظته مع رسول الله ( ص ) قولا وفعلا لا يستبعد منه وقوع الإحراق ، فضلا عن مقدماته " . وقال : " على أن الإحراق لو وقع ليس بأعظم من غصبالخلافة " ( 2 ) .
المصدر:
( 1 ) المصدر السابق ، ص 89 و 90 . (2) دلائل الصدق : ج 3 ق 1 ص 91 .
27 - السيد شرف الدين ( ت 1377 ه . ق . )
قدمنا في فصل سابق بعض الحديث عن احتجاجات الإمام العلم السيد عبد الحسين شرف الدين على الآخرين ، بالتهديد بالإحراق ، الثابت بالتواتر القطعي ( 1 ) . وبأن أبا بكر قد كشف بيت فاطمة ، وغير ذلك ، فلا نعيد .
المصدر:
(1) المراجعات : ص 357 ، ( ط سنة 1413 ه ) انتشارات أسوة - قم - ايران .
28 - الشهيد الصدر ( ت 1400 ه . ق )
وقال المفكر الإسلامي الكبير الشهيد السعيد السيد محمد باقر الصدر تغمده الله برحمته : " . . إن عمر الذي هجم عليك في بيتك المكي ، الذي أقامه النبي مركزا لدعوته قد هجم على آل محمد ( ص ) في دارهم ، وأشعل النار فيها أو كاد " ( 1 ) .
وقال : " سيرة الخليفة وأصحابه مع علي ، التي بلغت من الشدة : أن عمر هدد بحرق بيته ، وإن كانت فاطمة فيه . ومعنى هذا : إعلان أن فاطمة وغير فاطمة من آلها ، ليس لهم حرمة تمنعهم عن أن يتخذ معهم نفس الطريقة التي سار عليها مع سعد بن عبادة ، حين أمر الناس بقتله " ( 2 ) .
المصدر :
( 1 ) فدك في التاريخ : ص 26 ( ط سنة 1987 م ) الدار العالمية للطباعة والنشر والتوزيع .
( 2 ) المصدر السابق ص 91 .
تعليق