ما هو النوم ؟
برغم أن الإنسان يقضي حوالي ثلث حياته نائماً ، إلا أنالأكثرية لا يعرفون الكثير عن النوم. هناك اعتقاد سائد بأن النوم عبارة عن خمول فيوظائف الجسم الجسدية والعقلية يحتاجه الإنسان لتجديد نشاطه. والواقع المثبت علمياًخلاف ذلك تماماً، حيث أنه يحدث خلال النوم العديد من الأنشطة المعقدة على مستوىالمخ والجسم بصفة عامة وليس كما يعتقد البعض. بل على العكس، فإن بعض الوظائف تكونأنشط خلال النوم كما أن بعض الأمراض تحدث خلال النوم فقط وتختفي مع استيقاظ المريض. وتعتبر هذه المعلومات والحقائق العلمية حديثة في عمر الزمن، حيث أن بعض المراجعالطبية لم تتطرق إليها بعد.
والسؤال الذي يطرح نفسه، ماذا يحدث خلال النوم؟
النوم ليس فقداناً للوعي أو غيبوبة وإنما حالة خاصة يمر بها الإنسان، وتتمخلالها أنشطة معينة. عندما يكون الإنسان مستيقظاً فإن المخ يكون لديه نشاطاًكهربائياً معيناً، ومع حلول النوم يبدأ هذا النشاط بالتغير ودراسة النوم تساعدناعلى تحديد ذلك تحديداً دقيقاً. فالنائم يمر خلال نومه بعدة مراحل من النوم لكل منهادورها. فهناك المرحلة الأولى والثانية، ويكون النوم خلالهما خفيفاً ويبدآن مع بدايةالنوم. بعد ذلك تبدأ المرحلة الثالثة والرابعة، أو ما يعرف بالنوم العميق، وهاتانالمرحلتان مهمتان لاستعادة الجسم نشاطه، ونقص هاتين المرحلتين من النوم ينتج عنهالنوم الخفيف غير المريح والتعب والإجهاد خلال النهار. وبعد حوالي التسعين دقيقةتبدأ مرحلة الأحلام أو ما يعرف بمرحلة حركة العينين السريعة، وتحدث الأحلام خلالهذه المرحلة، وهذه المرحلة مهمة لاستعادة الذهن نشاطه. والمرور بجميع مراحل النوميعرف بدورة نوم كاملة. وخلال نوم الإنسان الطبيعي (6-8 ساعات) يمر الإنسان بحوالي 4-6 دورات نوم كاملات.
ما عدد ساعات النوم التي يحتاجها الإنسان الطبيعي؟
يتفاوت عدد ساعات النوم التي يحتاجها الإنسان الطبيعي تفاوتاً كبيراً من شخصإلى آخر. ولكن المؤكد أن عدد الساعات التي يحتاجها نفس الشخص تكون ثابتة دائماً. فبالرغم من أن الإنسان قد ينام في أحد الليالي أكثر من ليلة أخرى إلى عدد الساعاتالتي ينامها الشخص خلال أسبوع أو شهر تكون عادة ثابتة.
يعتقد كثير من الناس أنعدد ساعات النوم اللازمة يومياً هو ثمان ساعات. وإذا أردنا الدقة أكثر فإن أغلبالأشخاص ينامون من 7-7.5 ساعات يومياً. وهذا الرقم هو متوسط عدد الساعات لدى أغلبالناس ، ولكنه لا يعني بالضرورة أن كل إنسان يحتاج ذلك العدد من الساعات. فنومالإنسان يتراوح بين أقل من ثلاث ساعات لدى البعض إلى أكثر من 10 ساعات لدى البعضالآخر.
وفي دراسة للمركز الوطني للإحصاءات الصحية بالولايات المتحدة الأمريكية،وجد أن اثنين من كل عشرة أشخاص ينامون أقل من 6 ساعات في الليلة ، وواحد من كل عشرةينام 9 ساعات أو أكثر في الليلة. ويدعى الأشخاص اللذين ينامون أقل من 6 ساعاتبأصحاب النوم القصير، واللذين ينامون أكثر من 9 ساعات بأصحاب النوم الطويل، ولكنهمطبيعيون. فنابليون وأديسون كانا من أصحاب النوم القصير. في حين أن العالم آينيشتينكان من أصحب النوم الطويل. بمعنى أن عدد ساعات النوم التي يحتاجها الإنسان إذا كانطبيعياً ولا يعاني من أحد أمراض النوم لا تؤثر على إنتاجيته وإبداعه.
وخلاصةالقول أن عدد ساعات النوم التي يحتاجها الإنسان تختلف من شخص إلى آخر، فالكثيريعتقدون بأنهم يحتاجون إلى ثمان ساعات نوم يومياً. وأنه كلما زادوا من ساعات النومكلما كان ذلك صحياً أكثر، وهذا اعتقاد خاطئ. فعلى سبيل المثال إذا كنت تنام لمدةخمس ساعات فقط بالليل وتشعر بالنشاط في اليوم التالي فإنك لا تعاني من مشاكل ونقصالنوم.
هل يتغير النوم مع تقدم السن؟
مع نمو الأطفال فإن نومهم يتغيرتدريجياً (راجع معلومات النوم عند الأطفال). ولكن ما إن يصل المرء إلى مرحلة البلوغ (وأقصد بها عنا حوالي العشرين عاماً من العمر) فإن عدد ساعات النوم التي يحتاجهاالجسم لا تتغير مع تقدم العمر، ولكن في المقابل فإن طبيعة وجودة النوم تتغير كلماًتقدم بنا العمر. فعند كبار السن يصبح النوم خفيفاً وأقل فعالية وأقل راحة، ذلك كلهبالرغم من عدم تغير ساعات النوم. والسبب في ذلك يعود إلى أن نسبة كل مرحلة من مراحلالنوم السابقة تتغير مع تقدم السن.
فعندما يبلغ الرجل حوالي سن 50 سنة والسيدةحوالي 60 سنة، فإن نسبة النوم العميق (مرحلة 3-4) تكون قد وصلت عادة إلى نسبة بسيطةجداً من وقت النوم، وعند البعض قد تختفي تماماً. فتجد الأشخاص في هذا السن أسرعاستيقاظاً نتيجة للضوضاء الخارجية مقارنة بصغار السن. فبالرغم من عدم التغييرالكبير في عدد ساعات النوم مع تقدم السن إلا أن طبيعة النوم تختلف، فيصبح النومخفيفاً ومتقطعاً طوال الليل، وهذا أحد أسباب النعاس خلال النهار الذي يصيب الكثيرمن كبار السن.
النوم عند الأطفال
"طفل يستيقظ عدة مراتأثناء الليل" "طفل يرفض الذهاب إلى غرفة نومه عندما يحين موعد النوم" ، "طفل يشعربالتعب والنعاس أثناء النهار" ، "طفل لا يريد النوم في غرفته" . تلك بعض الأمثلة منالشكاوي التي نسمعها من الوالدين. معظم الأهل يشتكون من طريقة نوم أطفالهم، وقديتساءلون أي طريقة نوم تعتبر طبيعية بالنسبة للطفل. ومشاكل النوم عند الأطفال تؤثرعلى الآباء أكثر من أطفالهم، فتوتر وحرمان الأهل من النوم يؤدي إلى سلوكهم أساليبخاطئة والتي قد تزيد من تفاقم المشكلة.
إن النوم عند الأطفال هي عمليةديناميكية تنشأ وتتغير كلما كبر الطفل. وخلال فترة نموهم قد يتعلم الأطفال عادات فيالنوم قد تكون حميدة أو سيئة، فما أن تنشأ هذه العادات فإنها قد تستمر لشهور أو حتىلسنوات.
السنة الأولى من العمر:
إن معدل النوم لدى الأطفال حديثي الولادةمن 16-18 ساعة يومياً، موزعة على 4-5 فترات نوم (غفوات). وبعد مرور شهرين يزداد نومالطفل بالليل، مما يعطي الأهل فرصة للاستراحة والنوم. وعلى الرغم من أن موعد النومينتقل تدريجياً ليصبح خلال الليل؛ فإن الطفل يستمر في أخذ غفوات خلال النهار. وعندما يصل الطفل إلى 3-6 أشهر من العمر، فإنه عادة ما يحتاج إلى 3 غفوات أثناءالنهار ، وذلك يتغير تدريجياً إلى غفوتين أثناء النهار في العمر من 6-12 شهر، وغفوةواحدة عندما يصبح عمره سنة واحدة، ليصبح مجموع ساعات نومه 12-14 ساعة. إلا أنالاستيقاظ من النوم خلال الليل يزداد في النصف الثاني من السنة الأولى، وتستمر هذهالمشكلة في السنة الأولى وحتى السنة الثانية من العمر. إلا أنه ومن الجيد أنالأطفال عادة ما يتخلصون من هذه المشاكل مع مرور الزمن ولا يكون لها أي تأثير علىنمو الطفل وصحته.
فيما يلي بعض النصائح لمساعدة الأهل في تكييف الطفل للنوم فيمواعيد منظمة خلال السنة الأولى من عمره:
- رّب ابنك على اعتبار أن الليل للنوموالنهار للبقاء مستيقظاً، وذلك من خلالتقييد وقت اللعب والمرح خلال النهارفقط.
- ساعد ابنك على تعلم الربط بين السرير والنوم. ويمكن بلوغ ذلك عن طريقأخذ الطفل إلى السرير في موعد النوم، ومقاومة الرغبة بالسماح له بالنوم فيغرفة الجلوس أو بين ذراعي الوالدين.
- يجب أن تكون الإضاءة خافته في غرفةالنوم.
- إذا استيقظ الطفل أثناء الليل، فلا تعره أي انتباه. وإذا بدأ بالبكاءفكن حليماًوحاول تهدئة روعه وإشعاره بالطمأنينة، أو غيّر الحفاض إذا لزمالأمر. احرص على عدم إنارة ضوء الغرفة، ابق المحادثة بأخفض صوت ممكن، ولا تفقدأعصابك. إذا أعرت بكاء الطفل عند استيقاظه أهمية، فإنه سوف يتعود على ذلكويلجأ إلى هذا السلوك لجذب انتباه الأهل.
- إطعام الرضيع كميات كبيرة منالحليب أثناء الليل قد يؤثر على نوم الطفل، وقدينتج عنه الاستيقاظالمتكرر(عادة من 3 إلى 8 مرات في الليلة الواحدة) . فيعمر الستة أشهر، عادة مايحصل الأطفال الأصحاء على القدر الكافي منالغذاء أثناء النهار، لذلك إذا تكرراستيقاظ طفلك من النوم طلباً للغذاء فننصحكباستشارة طبيب الأطفال للوصول إلىخطة علاجية للخفض من عدد مراتالاستيقاظ تدريجياً.
مرحلة البدء بالمشي إلىما قبل المدرسة:
في السنة الثانية من عمره، ينام الطفل بمعدل 12-13 ساعةيومياً، منها ساعة إلى ساعتين في النهار، و 11 ساعة في الليل. في هذه المرحلة منالعمر تبدأ مواعيد نوم الطفل بالانتظام أكثر. المشاكل الرئيسية التي تحدث في هذاالعمر هي: رفض النوم وحيداً، البكاء عند موعد النوم، والاستيقاظ باكياً في الليل.
تتضمن الاستراتيجية المناسبة لهذا العمر ما يلي:
- عرّف الطفل دائماً متىيكون موعد نومه.
- تجنب تعريض الطفل للإثارة (كاللعب) قبل موعد نومه.
- حاول جعل الطفل يحب غرفة نومه، وذلك من خلال وضع بطانيات وأغطيةجذابة ، إضافةإلى السماح له باصطحاب اللعبة المفضلة إلى غرفة نومه وهكذا.
- عوّد طفلك علىنظام معين قبل النوم، مثل قراءة قصة قبل النوم.
- قاوم رغبة الطفل في قصة أخرىأو رغبته في الشرب وغير ذلك من الأمورالتي قد يلجأ إليها الطفل لإبقاء والديهمعه أطول فترة ممكنة.
- كن ثابت في قرارك وعلى نفس المبدأ كل ليلة.
- إذاكان طفلك ينام في غرفة خاصة به فعوده بأنك لن تبقى معه في الغرفة حتىيغفو،ولكنك بالتأكيد ستكون قريباً منه إذا احتاجك.
- في هذا العمر قد يستيقظ الطفلمن نومه في الليل (مثل الكبار)، لذلك يجب أنيتعلم الطفل بالتدريج كيفية العودةإلى النوم. فإذا بكي الطفل عند استيقاظه (وأنت تعرف بأن هذه عادته، أي أنه لميصبه أي مكروه) فانتظر لمدة خمسدقائق قبل الذهاب إلى غرفته، وعندما تذهب ابقمعه لوقت قصير ولا تحاولحمله، اجعل المحادثة بسيطة وقصيرة إلى أقل درجة ممكنة،ثم غادر حتى إنبقي الطفل يبكي. إذا استمر في البكاء انتظر لمدة عشر دقائق قبلالذهاب إليهمرّة أخرى، وابق لفترة قصيرة ثم غادر غرفته. إذا استمر في البكاءانتظر لمدة 15 دقيقة قبل العودة إليه، وهكذا.
- إذا رفض الطفل البقاء فيغرفة نومه، فاستخدم أسلوب إغلاق الباب؛ إما أنيبقى في السرير أو أن الباب سوفيُـغلق. ولكن مهما حدث فلا تقفل الباببالمفتاح فذلك مرعب، وإنما امسك البابوهو مغلق لعدة دقائق قبل أن تعيدفتحه وإعادة المحاولة.
تكرار حضورالوالدين من وإلى غرفة الطفل يبعث الطمأنينة في نفس الطفل، كما أنه يعطي الطفل شعوربأنهما لن يتركاه إلى الأبد. على الرغم من أن ترك الطفل يبكي في فترة التعليم هذهمؤلم للوالدين؛ إلا أن الخبراء يقولون بأنها لن تترك أي أثر نفسي على الطفل.
العمر من 6-12 سنة (سن المدرسة):
بشكل عام عند بلوغ الطفل سن السادسة فإنهعادة لا يحتاج إلى أن يغفو أثناء النهار، كما أن مجمل ساعات النوم تقل إلى 11 ساعةفي اليوم، وحين يصبح في العاشرة من عمره تكون عدد ساعاتحوالي 10 ساعات يومياً. خلال هذه الفترةتختفي المشاكل التي واجهته في طفولته المبكرة، كما أن معظمالأطفال ينعمون بنوم هادئ أثناء الليل، ويكونون يقظين تماماً أثناء النهار. وكالكبار، فإن بعض الأطفال كالطيور المبكرة (أشخاص النهار) يستيقظون مبكرين وينامونمبكرين وبعضهم كطيور الليل (أشخاص الليل). المشكلة الرئيسية في هذا العمر هي موعدالنوم أكثر من كونها مشكلة في النوم. وأكثر مشكلة شيوعاً في هذا العمر هي رفضالنوم، فالطفل يحاول تأخير موعد نومه إما لمشاهدة التلفزيون أو اللعب أو حلالواجبات المدرسية. وقلّة النوم في هذا العمر تظهر نتائجه السلبية في النهار،فالنوم غير الكافي كفيل بجعل الطفل عصبي وتصرفاته غريبة أثناء النهار، كما أن الطفلقد ينام أو يفقد تركيزه في المدرسة.
فيما يلي بعض النصائح التي تساعد الوالدينلضمان نوم أفضل لأبنائهم:
- ضع موعد نوم مبكر ليتم إتباعه. على الرغم من أنموعد النوم قد يختلف منطفل إلى آخر، إلا أنه عليك إتباع الموعد الذي تجده يوفرنوم كاف لطفلك.
- يجب أن تكون غرفة نوم الطفل جذابة ومريحة.
- يجب أن لايكون في غرفة الطفل تلفزيون أو ألعاب كمبيوتر أو ألعاب أخرى،يمكن السماح للطفلبالاحتفاظ بلعبته المفضلة معه في السرير أو النوم معها.
- علّم طفلك إتباع بعضالعادات الحميدة قبل النوم مثل الذهاب إلى الحمام،وتنظيف الأسنان . . . الخ.
- ابدأ بتعليم ابنك دعاء النوم (الورد).
متى تطلب المساعدة؟
ما سبق كانتوجيهاً للوالدين لمساعدة أطفالهم لتعلم عادات وأساليب نوم جيدة. ومع ذلك، فإنالأطفال قد يعانون من اضطرابات في النوم والتي تحتاج إلى المساعدة وبالتالي إلىعلاج طبي. إذا كان نوم الطفل يتعب الطفل أو أياً من أفراد العائلة، أو إذا كان طفلكيعاني من أحد الشكاوي التالية فذلك يعني أن الوقت قد حان لاستشارة الطبيب المختص:
الشخير، نوم غير ملائم في النهار (مثل النوم في المدرسة بعد نوم ليلة هنيئة)،عدم القدرة على النوم في الليل، تكرار الاستيقاظ من النوم في الليل، المشي المتكررأثناء النوم أو الكوابيس.
تعليق