إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

محاضرة غير منشورة للسيد محمد باقر الصدر

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • محاضرة غير منشورة للسيد محمد باقر الصدر

    بسم الله الرحمن الرحيم
    أخواني الاعزاء هذه أول مشاركة لي في النتدى أرجو أن تنال أعجابكم
    المحاضرة للسيد محمد محمد باقر الصدر وبعنوان الحسين أطروحة الثورة وفلسفة الشهاده
    وقد جعلت المحاضرة بعدة حلقات يعني حقلقتين أو ثلاث ولم يتم وضع الحلقة التالية بعد وضع الردود و ما أرجوه من
    المشرفين ـثبيت هذه المحاضرة

    المحاضرة كا التالي

    [FONT='Arial','sans-serif']الإمام الحسين (ع) أطروحة الثورة و فلسفة الشهادة..........................................1[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif'][/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']المقدمة:-[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']من لا يعرف الحسين ؟![/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']و هو الذي لم يحظ رجل في التاريخ (خارج أطر الأنبياء) بما حضي هو به من اهتمام العلماء و الباحثين و الدارسين من مختلف الأجناس على وجه الأرض و على امتداد التاريخ لتفرده كرجل....و كقضية..[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']و لتفرد الدور الذي أداه كدورٍ مكمل للدور الرسالي الإلهي...[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']فلم يعد خافياً على أحد من هو الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) كما لم تعد خافية تفاصيل استشهاده و مفرداتها ...ثم حجم التضحية التي قدمها كقائد مسؤول عن أمة .. و عن دين..[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']و لكن المهم هو:كيف تعامل المسلمون مع قضية الحسين (ع)؟[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']و كيف نظروا إلى واقعة كربلاء؟...[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']إن غالبية الموالين للحسين (ع) انبهروا بالجانب المأساوي من الحدث فلم يجدوا على أرض كربلاء غير رؤوس تقطع و خيام تحرق و نساء تسبى فما استطاعوا حيالها إلا البكاء و النحيب و الضرب على الصدور ..........[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']أما نخبة منهم –علماء و مفكرين- فقد وجدوا على أرض كربلاء حقائق أكبر و معان أعمق وجدوا عليها قضية عظيمة كانت المأساة إحدى أدوات نجاحها و تحقيق أهدافها....[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']أنها ثورة الحق ضد الباطل...[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']و صرخة الإسلام ضد الجاهلية التي بدأت تعود..[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']بل هي دعوة مستمرة لتقويض هياكل الأصنام على مر العصور...[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']و أما الآخرون(السائرون في ركاب السياسة و سلاطينها) فإنهم لم يجدوا في الحسين إلا إنه قتيل سعيه إلى السلطة و الحكم!![/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']و هؤلاء أيضاً فيهم نخبة و لكنها نخبة فقدت وعيها فلم تعد قادرة على التمييز فقالت : إن سيدنا يزيد قتل سيدنا الحسين (ع) !! فأصبح الجميع سادة لهم : زعيم الباطل و إمام الحق على السواء....[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']و لا يزال الجميع على ما هم عليه.....[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']الإمام الحسين (ع) أطروحة الثورة و فلسفة الشهادة..........................................2[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']فالموالون ... لا زالوا يبكون و يلطمون.....[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']و نخبتهم لا زالت تكتشف يوماً بعد يوم دروساً ثورية و فكرية في قضية الحسين (ع) دون أن تندفع إلى الاحتذاء به و السير على نهجه و طريقه....[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']و عبيد المال و السلطان لا زالوا ينظرون إلى الحسين (ع) كرجل سياسة طموح لم يستطع تحقيق أهدافه و نخبتهم لا زالت غير قادرة على التمييز ...[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']و لكن بين كل هؤلاء هنالك من قرأ الدرس باجتهاد فاستوعبه و آمن به فجرى في أعماقه مجرى الدم في العروق أن يقدم دماءه كما قدمها الحسين (ع)....[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']أن يحيلها إلى نار تحرق عروش الظالمين كما فعلت دماء الحسين (ع) ....[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']إنه فيلسوف العصر الإمام الشهيد السيد محمد باقر الصدر (قدس).. الذي فهم فكر الحسين (ع) و فلسفة ثورته فآمن بهما سوية و حين أيقن أن الظرف هو عين ظرف يزيد و إن الجاهلية حركت رأسها لتعود و إن الإسلام –لكي يستمر- لابد له من دم يسيل كما سال دم الحسين (ع) على صعيد كربلاء و حين تلفت حوله فلم يجد من فهم الدرس كما فهمه هو تقدم حاملاً كفنه و أطلق لاءاته المدوية في وجه الطغاة الأمويين الجدد ليرفد الإسلام بدم حسيني جديد فيقوده نحو التجدد و البقاء ... إن ما ستقرأه في هذا الكتاب هو نقل حرفي لمحاضرة نادرة مسجلة بصوت الإمام الشهيد نقلتها في سنة 1980 لا أعلم أين و منى ألقاها و لكنني أعرف جيداً أن كل ما فيها جديد يتحدث عن ثورة الحسين (ع) التي وقعت بالأمس و التي يجب أن تقع اليوم أو غداً ......[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']لقد حفظت هذه المحاضرة طيلة ثلاثين عاما قد انصرمت من الزمن الأسود متنقلاً بها مخبأً إلى مخبأً لكي أوصلها أليك في أحد الأيام و قد حان هذا اليوم بعد انهيار الصنم و سقوط الطاغية ......[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']و أنت تقرأها ..ستجد أن للتاريخ قراءات مختلفة ...[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']قراءة للكلمات... و أخرى للأحداث ... و ثالثة للأفكار...[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']قراءة تسوقها العاطفة ... و أخرى يقودها الميول....[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']قراءة تسبح على السواحل و الشطآن ... و أخرى تغوص في الأعماق فتستخرج اللآلئ و المرجان[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']قراءة تلتصق بزمن الحدث و ظرفه و لا تحيد عنه .. و أخرى تقرأ لك من خلال ماضيك ..حاضرك و مستقبلك..[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']و هذه هي قراءة الإمام الشهيد (قدس).. فأنه عندما يتحدث عن الحسين (ع) فأنه يقصد كل الثوار من أصحاب الرسالات اللذين جعلوا من دمائهم جسراً نحو الحرية و عندما يتحدث عن يزيد فأنه يتحدث عن جميع دهاقنة الظلم و الاستبداد و الدكتاتورية في كل زمان إنه يتحدث عن صدام..[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif'] الإمام الحسين (ع) أطروحة الثورة و فلسفة الشهادة..........................................3[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']و هو عندما يذكر كربلاء ... فأنه يذكر كل بقعة طاهرة من الأرض سالت عليها دماء شهيد..... إنه يذكر العراق..[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']و عندما يتناول فلسفة الحسين (ع) في الشهادة من أجل القضية ... فأنه يتحدث عن معاصريه و هو من الموالين للحسين (ع) .... أنه يتحدث عن نفسه...[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']إن من أبرز ما ستجده عندما تنهي قراءة المحاضرة هو أنك ستتأكد من أن الإمام الشهيد هو يكتبها أو هو يلقيها كان قد قرر بملئ إرادته و كامل وعيه الإقدام على الشهادة و سلوك طريقها و هو يعلم جيداً أنها آتية لا محالة... و ما كان هذا الإصرار على الشهادة إلا نتيجة لإيمانه و إقتناعه المطلقين بانتمائه إلى فلسفة الحسين (ع) في الشهادة و بدورها في تأجيج الثورة ضد الظلم و الطغيان و عندي أن الإمام الشهيد (قدس) اذا لم يكن الوحيد الذي فهم ثورة الحسين (ع) على هذا النحو فأنه (على الأقل) الوحيد الذي ترجم ذلك الفهم إلى ممارسة ....[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']فسلام عليه يوم ولد , و يوم استشهد , و يوم يبعث حيا .. و لنا فيه القدوة و الأسوة إن كنا صادقين....[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']و الحمد لله رب العالمين...[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif'][/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']عبد الحسين عبد الهادي العبيدي[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']بغداد-2005[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif'][/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif'][/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif'][/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif'][/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif'][/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif'][/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif'][/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif'][/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif'][/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']الإمام الحسين (ع) أطروحة الثورة و فلسفة الشهادة..........................................4[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']الإمام الحسين (ع)...[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif'] أطروحة الثورة و فلسفة الشهادة [/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']السيد الشهيد الإمام محمد باقر الصدر (قدس)[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']في هذا اليوم يوم كربلاء أو عيد الدم تبرز الشهادة و قيمها بمعناها الأنبل...[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']و في هذا اليوم حيث الحسين (ع) هو الأنموذج للبطل التاريخي سأتحدث إليكم عن شهادة هذا الشهيد..[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']لقد تحدث و كتب الكثيرون عن موقف الحسين (ع) بطل كربلاء و مازالوا يتحدثون و يكتبون فذهب التقليديون في تفسير هذا الموقف مذهباً و ذهب المثقفون التقدميون مذهباً آخر...[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']لكني فيما ذهب اليه بعد الإمعان في التأمل و التفكير انتهيت إلى أننا لن نفهم هذا الموقف الحسيني في معناه الأدق إلا متى فهمنا معنى الشهادة نفسها ... ذلك أن عظمة الحسين من جهة و تركيزنا على الضرر من جهة أخرى جعلنا نضيع في بريق عظمة الحسين (ع) ما هو أعظم منه ما هو أعظم من الحسين (ع) هو ما ضحى بنفسه من أجله ...[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']لقد كانت عند الحسين (ع) قضية و هو قد ضحى من أجل هذه القضية لكننا سقطنا في المأزق العاطفي إذ تكلمنا بسخاء الحسين (ع) و نسينا بسخاء مماثل القضية التي كان هو لها الشهيد الأكبر و التي كانت عظيمة عندنا ,عظيمة في تاريخ البشرية , و عظيمة بين يدي الخالق و خلقه , و عندي , و إن هذه القضية بمعناها الأدق هي الشهادة و هي مذهبي في تفسير موقف الحسين (ع) و بطولاته ......، و على هذا فأني سأطرحها أمامكم الآن من زاوية مغايرة فأنا أنظر إليها كمسألة فلسفية على ضوء الفكر... و بكلمة...إني أفكر و أستدل و أستعين بالعلم و المنطق ... و على هذا [/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']و من حيث يبدو هذا الطرح أمراً مستعصياً فأني سأبحر إليه في حدود قدرتي و فهمي و معرفتي .. و ليس سراً أن ما تثيره قضية الشهادة من معان زاخرة بالإثارة و الدهشة و هو مما يشل المنطق و يحبط القدرة على التفكير ..[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']فالشهادة هنا هي مزيج من العاطفة الملتهبة الجياشة و من الحكمة العميقة المعقدة و الحديث عن هذين العنصرين في أطار واحد يجعل الكلمة قاصرة عن الوصول إلى مرادها ثم أن المسألة تصبح أكثر تعقيداً بالنسبة لإنسان مثلي تنقصه قوة الروح و حرارة العاطفة و عذري أن ما أردت قوله كامن في حدود قدرتي و لعلي بالغ من ذلك بعض ما أردت غير مغال في قليل أو كثير ...[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif'][/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif'][/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']الإمام الحسين (ع) أطروحة الثورة و فلسفة الشهادة..........................................5[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']و أبدأ فأقول:إن أول شروط الوصول إلى سر الشهادة هو إبراز معالم المدرسة التي اتخذت هذه الشهادة في ظلها معناها و التي في إطارها تتبلور لها قيمة خاصة و هذه هي المدرسة التي يشكل الحسين أحد معالمها...، فالنضال التاريخي الذي يعتبر الحسين (ع) أحد حملة ألويته ، و كربلاء إحدى ساحاته ....هذا النضال ، هو جزء من حركة التأريخ ، هو حلقة في مسيرة نضالية تاريخية كانت موجودة في عصور مختلفة و على جهات متعددة ، و ستبقى ...ذلك أن الحسين (ع) صورة لحلقة متصلة في تلك السلسلة من التاريخ الإبراهيمي .... فيجب أن نفهم تلك الصورة بل و أن يكون فهمنا لها على هذا الأساس و ما من شك في إن طرح قضية الحسين (ع) معزولة عن ترابطها التاريخي و بالتالي إعطاء معركة كربلاء صورة الحادثة العابرة يؤدي إلى تجريدها من أسسها التاريخية ودوافعها الاجتماعية ومن ثم إفراغها من مضامينها الأساسية واستمراريتها المتجددة لتجعل منها (وهذا ما حدث)مجرد واقعه مؤسية لا نملك إزائها ألا أن نبكي كما نبكي اليوم لنستنتج من كل ذالك إن فصل الحسين (ع) وقضيته عن الجذور التاريخية للمدرسة العقائدية التي انبتتها هو بمثابة بتر عضو من جسم حي لدراسته أو الاحتفاظ به.[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']أن الثورات الدينية التي قام بها الأنبياء منذ القدم أنما تصنف على ضوء مضامين تلك الأديان والطبقة التي كان ينتمي إليها أولئك الانبياء ثم علاقاتهم الاجتماعية وكذالك الدعوة التي دعوا اليها وعلى هذا الأساس فأن جميع الانبياء في التاريخ الصادق منهم والدعي والمقصود من الأنبياء هنا المفهوم اللغوي وهو يعني كل من احدث حركة دينيه تاريخية يفرزون إلى مجموعتين :[/FONT]
    · [FONT='Arial','sans-serif']الأولى :ويعتبر إبراهيم (ع) ابرز بناتها ومنها الانبياء الذين جاءوا من بعده وتعرفنا عليهم[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif'] لقربهم التاريخي منا فهؤلاء ينحدرون وينتمون إلى طبقه محرومة واحده وقال عنهم نبي الإسلام إن أكثرهم رعاة ماشيه كذالك قال عنهم التاريخ باستثناء قلة منهم كانوا يمتهنون حرفا متواضعة لا تسد الرمق .[/FONT]
    · [FONT='Arial','sans-serif']وأما الثانية :فصحابها هم على نقيض المجموعة الأولى من حيث الطبقة والوضع الاجتماعي فهؤلاء الأنبياء أو أصحاب المدارس الفكرية والاخلا قيه سواء كانوا من الجنس الأصفر في الصين أو من الإيرانيين أو من أصحاب مذاهب الفلسفية و الأخلاقية في اليونان والذين هم في نهاية المطاف من خارج الدائرة الإبراهيمية فأنهم جميعا من دون استثناء كانوا من أبناء الطبقة النافذة المرفهة في مجتمعاتهم أي من أبناء الأمراء و الأشراف و رجال الدين و المال سواء عن طريق الأب أو الأم أو الاثنين معا كذلك كان كونفوشيوس و لاوتسو و زرادشت و ماني و مزدك و سقراط و أفلاطون و أرسطو [/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']إن قراءة تأريخ الطبقات تفيد أن الطبقة المسيطرة في المجتمع القديم كانت طبقة الأمراء و ذوي الثراء و رجال الدين اللذين كانوا يتنازعون فيما بينهم النفوذ الاقتصادي و السياسي و العقائدي و هم (سواء اختلفوا أو اتفقوا) فان اختلافهم أو اتفاقهم كان على حساب الرعية.[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']الإمام الحسين (ع) أطروحة الثورة و فلسفة الشهادة..........................................6[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']و عندما يذكر القران الأميين ((هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم)) فإنما يعني بالأميين أبناء الطبقة المحرومة من الرعية أما الرسول الذي منهم فهو الرسول الإبراهيمي الذي هو من هذه الطبقة و بالتالي فان هذا الإنسان المرسل ليس ملاكاً و أنما من البشر من عامة الناس من صميم تلك الطبقة المضطهدة و ليس من الخاصة المصطفاة...[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']و إذا قال القرآن(و ما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم)) فهو لا يعني أن موسى (ع) يتكلم العبرية و محمد يتكلم العربية كما يتوهم الكثيرون فهذه حقيقة لا تحتاج إلى تأكيد فان النبي الذي يبعث في العرب لا يتحدث الصينية أو اليونانية بل أن اللغة المقصودة هنا هي لغة الطبقة التي ينتمي إليها النبي المرسل ...اللغة التي تتحدث عن آلامهم و آمالهم ثم أن الحديث بلغة هؤلاء الناس إنما يعني رفض لغة المثقفين في الأمس و اليوم..المثقفون اللذين يتحدثون بلغة خاصة بحيث لا تفهم الجماهير لغتهم و لا يفهمون لغتها... من هنا فان حديثنا عن الأنبياء الإبراهيميين هو حديث هذه الجماهير تماما كم أن ظهور هؤلاء الأنبياء يختلف عن ظهور الأنبياء الآخرين ففي حين كان هؤلاء يتوسلون القوة لإشاعة عقائدهم كان الإبراهيميون يعتمدون على الجماهير في نضالهم ضد القوى الغاشمة...كان لإبراهيم عكازه و لموسى (ع) عصاه التي دخل بها قصور فرعون و أغرقه و جيشه في اليم و خسف بقارون و كنوزه الأرض و أخيرا كان لنبي الإسلام يتمه و ضعفه فما إن انتهت فترة الإعداد حتى نهض للجهاد فكانت له حربا في كل خمسين يوما حتى بلغت غزواته خمسا و ستين غزوة في مدة لا تزيد على سنوات عشر..[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']تلك كانت معاجز هؤلاء الأنبياء و هي معاجز تتناسب مع رسالاتهم ...تمزيق السحر بالعصا ...و ضرب فرعون في عرشه ثم تبيان القرآن الإعلامي لحقيقتين هما:[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']أنه و الإسلام لم يأت محمد من عنده على أن دينا واحدا كان له على امتداد التاريخ ظهور يتلائم و ظروف عصره و بيئته و هذا الدين كان الإسلام و أكد القرآن هذه الظاهرة الفذة معطيا الإسلام رؤية تاريخية شاملة مستوعبا و مضيفا إلى ثورته جميع الثورات التي قاومت الشرك و ناهضت الأقوياء في سبيل الضعفاء معتبراً تلك الحرب واحدة في جميع الأزمنة و على كل الساحات و في بعض الآيات تبدو رؤية القرآن التاريخية واضحة في وضعها لكل هذه الثورات في حلقة مترابطة ((إن اللذين يكفرون بآيات الله و يقتلون النبيين بغير حق و يقتلون اللذين يأمرون بالقسط من الناس فبشرهم بعذاب أليم)) ففي هذه الآية الكريمة تتلمس ثلاثة حقائق مترابطة آخذة بعضها بأطراف بعض:[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']أولا:آيات الله ثانياً: الأنبياء ثالثاً:اللذين يدعون للعدالة.[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']إنها تضع اللذين يكفرون بآيات الله و قتلة الأنبياء و قتلة طلاب العدالة في صف واحد و تحكم عليهم حكما واحدا و هذا هو الفهم الاجتماعي و تلك هي فلسفة التاريخ البشري و تفسير ثوراته [/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']الإمام الحسين (ع) أطروحة الثورة و فلسفة الشهادة..........................................7[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']التاريخية كما عرضها القرآن .. لقد كان نبي الإسلام آخر رسول لذلك الدين الذي بعث أنبياؤه ليعلموا الناس الحكمة و الكتاب و العدالة و اللذين أكد القرآن على رسالاتهم الواحدة ...الرسالة ....المشعل من نبي إلى نبي و من رسول إلى رسول و كان آخر معلم من أولئك الأنبياء اللذين ناضلوا ليحرروا الإنسان من العبودية بالدعوة إلى عبادة إله واحد و هو في ثورته الكبرى تلك حقق هاتيك الرؤية الإنسانية النابعة من وحدة التاريخ البشري واهباً الأجناس و الملل على اختلاف ألوانها و تعدد طبقاتها و تناثر رؤاها تلك الوحدة التي فرقت الشرك من حيث كان الشرك أساس التفرقة ... لقد كان شعار التوحيد في الاسلام شعاراً للتحرير و قبل أن يتوجه محمد بن عبد الله بهذا الشعار إلى المثقفين و الخطباء و المتعلمين و القادرين و الفلاسفة توجه به إلى العبيد و المعذبين و المستضعفين و الجياع اللذين كانوا يؤلفون في مكة الطبقة المحرومة ... اللذين شكلوا مجموعة المسحوقين و الأرذلين و قد أخذ كبار مكة و قادتها من أعداء الرسول أخذوا عليه أن لم يتبعه إلا الأرذلون و كان هذا المأخذ أكبر شهادة زكت الإسلام و ثورته ....[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']فقد خرج محمد (ص) من المستضعفين و إلى المستضعفين في حين خرج قائد البوذية في الهند و الصين من أشراف الهند و الصين ....[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']أما اليوم فمع الإسلام تختلف القيم ... كان محمد بن عبد الله (ص) رسول الإسلام وعداً للعبيد اللذين ظنوا أن العبودية هي مصيرهم الأبدي وعدا للمحرومين المسحوقين الذين اعتقدوا تحت وطئة القوة السياسية والفكرية والأدبية والعسكرية التي كانت في خدمة السادة ... أنهم مخلوقون للقهر والذل والخنوع [/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']فإذا كان الفكر النبوي الخارج عن الدائرة الإبراهيمية المتفلت من غير إطارها يقول كما قال أرسطو وأفلاطون إن الله أو الطبيعة قد خلقت البشر صنفين : العبيد والأحرار [/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']فأن محمد ابن عبد الله قد أعلن أن البشرية من جنس واحد وذات اله واحد وبمبدأ المساواة هذا بنا مجتمعا إنسانيا جديدا على ضوء عقيدة وطيدة ونهج اقتصادي واجتماعي متين فلم يعد غريبا أذن أن يقدم مجتمع المدينة الذي أسترد فيه بلال وهو العبد المسحوق قيمته وشرفة الإنسانيين أو أن يفاجئ سالم (مولى أبي حذيفة) العرب واليهود حين أم المصلين في مسجد قباء وهو الذي عرفته قريش عبدا ذليلا متسكعا أن بلالا يعترف له بالقيمة الإيمانية الأكابر من قريش وسادة العرب و أن سالم مولى حذيفة يسجد خلفه للصلاة الأكابر كذلك أن محمدا أسقط كل قيم الجاهلية وضعا قيما جديدة لمفهوم الشرف والسيادة مجتمعين أمرا بتقصير اللحى الطويلة والثياب لان جر الثوب يورث الخيلاء مشيرا بأن يمشي الإنسان على الأرض هونا فإذا ركب فليردف أخاه المسلم خلفه ثم يذهب إلى أبعد ضاربا المثل بنفسه فها هو يركب الحمار العادي ليسقط بذالك قيم الشرف القديمة في نظر أصحابها وها هو يوغل في المساواة فيقول لمن تصيبه الرعدة من هيبة الرسول (ص) [/FONT]))[FONT='Arial','sans-serif']هون عليك فأنا أبن امرأة كانت تأكل القديد )) تلك هي مدرسة الاسلام التي اختطت للحسين (ع) حفيد [/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif'] الإمام الحسين (ع) أطروحة الثورة و فلسفة الشهادة..........................................8[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']المعلم الأكبر فيما بعد طريقة تلك هي مدرسة الاسلام التي قادها أخر راعٍ من الأنبياء الذين كان أكثرهم رعاة ماشية و أخر رسول من سلسلة أولئك الرجال الذين كانوا يبرزون على حين غرة من الصحراء القاحلة الصامتة ليقارعوا آلة القوه والمال واليهتكوا أقنعة الزيف على أن الفاصل بين حقيقة الاسلام وواقعة وبين مجرى الحوادث التي طرأت بعد وفاة الرسول مباشرة كان فاصلا ضئيلا جدا في بادئ الأمر و الزاوية بين مدرسة الإسلام و تاريخه كانت جذورها جدا قصيرة لكنها ما لبثت إن أخذت في الأتساع حسب امتداد المسافة التي أخذت تقطعها قدما على طريق الانحراف ثم انتهت إلى أن اتسعت الآف الكيلومترات فإذا أضيف إلى هذا الأتساع عوامل أخرى امتدت المسافة حتى أخذ كل ضلع من خطي الزاوية اتجاهاً آخر مبتعداً كل البعد عن الآخر في رحلة معاكسة و لقد كان ذلك بعد خمس عشرة سنة من قبض الرسول حتى أصبحت الخلافة التي تمثل مركز الإسلام أرضاً ممغنطة جذبت إليها كل العناصر المضادة لثورة الإسلام و على هذا الجسر عبرت هذه العناصر الخنادق الفاصلة بين الإسلام والجاهلية فأسقطت أهم قاعدة شادها المهاجرون والأنصار وأصبح الخليفة أداة في أيدي أولئك الذين وترهم الإسلام وبواسطتها استعادوا كل قواهم وجمعوا أمرهم ليستردوا نفوذهم البائد الذي قوضته الثورة وقد صادفت هذه الردة نجاحا ما لبث إن أصبح أساسا للفواجع التي تلت بل قانونا استمر على امتداد تاريخ طويل ولا أقول هنا إن هذا القانون لا مفر منه لكي يصبح قانون أن الثورة تأكل أبنائها ) مبدأً وارد في الإسلام و لكن عثمان كان أداة في أيدي أولئك اللذين عملوا على إبادة الأبناء الحقيقيين للثورة الإسلامية فتقوض ذلك البناء الذي شاده أبناء الثورة بسيوفهم و جهادهم و صبرهم و تضحياتهم على يد بني أمية في هذه الفتنة التي عبأت عناصر الردة و بثت الروح من جديد في الجسم المشلول لأعداء الثورة كان علي بن أبي طالب (ع) أول الضحايا و لقد كانت سيرة علي (ع) السياسية و الاجتماعية و الفكرية بداية نضال جديد هو نضال المؤمنين بالقيم الجديدة و الشعارات النبيلة التي رفعها الإسلام ضد هذه الجاهلية الجديدة التي دبت فيها الروح بفعل حرارة النفاق و دب فيها الحسد الذي اعتمل مجددا في القلوب فأعلنت حربها الخفية آناً و الصريحة آخر على أنصع الوجوه في مسيرة الثورة ... كانت معركة الإسلام في زمن الرسول . بين معسكري الشرك و التوحيد لكنها مع علي أضحت معركة بين أبناء الثورة الأتقياء. و بين عناصر الثورة المضادة التي اتخذت شكلا جديدا في ظل الإسلام كذلك كانت حرب محمد و أبي سفيان تختلف عن حرب علي و معاوية ... كانت الأولى حرب بين عدو و عدو أما الثانية فقد كانت بين الصديق و شبه الصديق... كانت خطورتها على أنها حرب داخلية و لطالما انتصرت الثورات على أعدائها في الخارج و لكنها لطالما منيت بالهزيمة على يد أعدائها في الداخل من هنا كانت حرب الإسلام على النفاق و اعتباره أعظم من الشرك ... لقد كانت معركة محمد (ص) أحدى مظاهر انتصار الإسلام على الشرك الصريح في الجبهات الخارجية.. أما معركة (ع) فكانت مظهرا من مظاهر الهزيمة في الجبهة الداخلية.. فقد خاض علي حربه... [/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']ضد الجاهلية المستجدة التي لبست لبوس الإسلام... و ضد الشرك الذي اتخذ شكل التوحيد...[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif'] الإمام الحسين (ع) أطروحة الثورة و فلسفة الشهادة..........................................9[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']و ضد الوثنية ذات المصاحف المرفوعة على أسنة الرماح ..[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']خاضها حربا طويلة و مريرة ثم ما لبث أن لقي مصرعه على يد المتطرفين من الخوارج اللذين كانوا لعبة في أيدي أعدائهم الأذكياء. إلى أن ضعفت قوى الثورة الحقيقية تحت ضربات الجاهلية الجديدة و استمرت الأيام تغيب وجه الثورة الأصيل إلى أن جاء الحسن (ع)... كان الحسن (ع) وارثا لتركة أبيه ممثلة بالحكومة التي خلفها و الجيش الذي نفذ النفاق إلى أعمق أعماقه فسقط قادته تحت إغراء وعود و أموال السلطة الأموية في الشام بحيث كانوا على استعداد للمساومة على القائد و العقيدة . و كانت صفقات بيع القيم و الشرف تعقد في الداخل كانت أهم البقع و أغناها قد وقعت في يد العدو . يتحرك عليها بكل حرية.. في حين كانت قوات الحسن عليه السلام عاجزة عن الوصول إليها أما في العراق نفسه ... فقد كان روح الشقاق قد تفشت و اتسعت الشقة بين الأجنحة فطبقت الأشراف تخلت عن الالتزام بالمبادئ العلوية التي يستند إليها حكم الحسن (ع) بينما كانت الجماهير الكادحة غارقة في الضعف و الجهل و التراجع تحت تأثير الخوارج اللذين اتخذوا موقفا فضا متشددا أستهدف التأثير على العامة ... و في هذا الخضم . وقفت مع الحسن (ع) البقية القليلة الباقية من مناصري الثورة الإسلامية الأكثر وعيا بمبادئها و لكن هذه القوة سرعان ما أخذت بالضمور أما القوى الداخلية المعادية فكان أن وقعت الكارثة التي قوضت إسلام العدالة. و أبقت على إسلام الأشراف و النخبة فكان الصلح الذي فرض على الحسن (ع) فرضا ... لقد عاش الحسن في المدينة مجردا من سلاحه . و هو الذي كان يمثل روح الثورة على الجاهلية المستجدة . حيث وجد حتى من أسرته من يعاديه . و صار لا يأمن جواسيس بني أمية حتى داخل بيته و سهل على معاوية أن يشتري ضمير زوجته فأقدمت على دس السم له في جرعة العسل و لعل النظرة الذي وصل إليه الناس يومئذ في علاقته مع الإسلام الحقيقي . الذي يمثله الإمام الحسن (ع) ترينا الموقف العنيف الذي جوبه به عند دفن جثمانه . فقد أوصى إلى أخيه بأن يدفن قرب جده . فرفضت السلطة الأموية بعنف تنفيذ تلك الوصية .[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']و في المدينة ... مدينة جده و أبيه ... و مأوى الأنصار و المهاجرين و نفي جثمان الحسن (ع) ليدفن أخيرا في مقبرة المدينة العامة المعروفة بالبقيع ... [/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']إن مظهر الغربة هذا ... و بالتالي مظهر الضعف الذي كان يحيط بالحسن (ع) و هو في مدينة جده إنما هو صورة لضعف جبهة النضال و الحق الذي كان يمثلها و التي تعرضت لهجمة رجعية شرسة أشعلت ضدها نار الحرب في كل الميادين و فرضت سيطرتها في كل الساحات ... و لقد جاء الآن الحسين (ع) ... و دوره التاريخي .. و أنا لن معرفة الأسلوب الذي اختاره الحسين (ع) لثورته ما لم نعرف الظروف العامة و الخاصة التي تحيط به و الشروط التي أوجبت عليه اختيار هذا الأسلوب ... كان ظهور الدور الحسيني في سنة 60 هـ حيث الأمة بانتظار رجل تاريخي ينهض بأعباء الدور القيادي . و يكون حارساً و مسئولا عن هذه الثورة الكبرى التي أطلقها [/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif'] الإمام الحسين (ع) أطروحة الثورة و فلسفة الشهادة..........................................1 0[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']محمد بن عبد الله (ص) و التي أخذت دعائمها تتقوض تحت ضربات بني أمية و أعوانهم . و كان دور الحسين (ع) هنا شاقا لأنه كان دورا تاريخيا لقد تلفت حواليه و نظر إلى الأوضاع السائدة من حوله . فوجد أنه مسئول عن حراسة الثورة فقد آخر قاعدة من قواعدها و آخر قلعة من قلاعها و آخر قيمة من قيمها . و لم يبق من تراث جده و أبيه و أخيه الذي يشكل وجه الإسلام و صورة العدل و الحق سيف أو جندي واحد ...[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']كان الواقع الاجتماعي و السياسي و الأمة مشرفة على سنة 60 هـ على الشكل التالي :[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']كانت قد مرت سنوات وبنو أميه ماضون في تقويض الثورة الإسلامية وقواعدها الاجتماعية وإسقاطها قاعدة اثر قاعدة .من جهة .وقريش تصادر كل منجزات هذه الثورة.وكل قيمها .لتسخرها لخدمة إغراضها الخاصة ...إما أنصار الثورة, وتلاميذ محمد(ص) ورفاقه الأوائل عقب إلغاء ونسف مركز الحكومة الثورية الإسلامية في المدينة , فقد انقسموا إلى ثلاث فئات :[/FONT]
    · [FONT='Arial','sans-serif']فئة لم يؤت الصبر أفرادها على تحمل ما يجري للقيم الإسلامية الشريفة فهاجروا بالثورة [/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']ورفعوا الصلوات, وقتلوا , وكان أبو ذر و عمار وعبد الله أبن مسعود وميثم وحجر بن عدي (رضي الله عنهما) قد سلكوا طريق الشهادة وكانوا رواد وقادة هذه الفئة الإبرار ...[/FONT]
    · [FONT='Arial','sans-serif']وفئة انتهت إلى أن الجنة التي ينبغي نيلها تحت ضلال السيوف والتي كان الجهاد باب من أبوابها يمكن نيلها عن طريق أكثر سهوله و أقل نصبا وهو طريق الزهد والعبادة واعتزال الناس وكان ممثل هذه الفئة عبد الله بن عمر وهذا الموقف السلبي كان غريبا من فئة كان من أفرادها رجال صحبوا الرسول وتربوا في مدرسة الإسلام و أدركوا معاني الجهاد والتضحية في سبيل الحق لكنهم ما لبثوا في تلك الفترة التاريخية الحرجة التي تتطلب جهر الصوت والدعوة إلى العدل أن انكفئوا عن ساحة الحرب بين الحق والباطل واعتزلوا في أروقة المساجد وخلايا البيوت مضحين بنخبة جيدة من أبطال الحق لصالح الظلم والردة في حين كانت الأمة وهي تتلوى تحت سياط بني أمية تنتظر منهم موقفا[/FONT]
    [FONT='Arial','sans-serif']يتبع [/FONT]

  • #2
    اللهم صل على محمد وآل محمد
    اطلعت على هذا الموضوع، وقمت بترتيب ما جاء فيه.
    لكنه ينبغي التذكير أنني لم أجد نصا وتوثيقا لهذا المحاضرة فيما بين يدي من تراث الشهيد الصدر رحمه الله تعالى، ولذلك تبقى نسبة هذه المحاضرة للسيد الشهيد غير أكيدة، كما للاسف كما يظهر أنها غير مكتملة!!
    ونتمنى من العضو المحترم إن كان موجودا ان يتفضل بإكمالها أو يبين لنا مأخذها، لأنه من الواضح أنها منشورة في كتاب يحمل اسم المحاضرة للشخص الذي ذيل توقيعه نهاية المقدمة!
    ونتمنى من الاخوة الكرام التفضل علينا بتوثيقها إن كانت لديهم أي فكرة عنها، وهذه هي المحاضرة:

    بسم الله الرحمن الرحيم



    الحسين (ع) أطروحة الثورة وفلسفة الشهادة

    السيد الشهيد محمد باقر الصدر

    المقدمة:
    من لا يعرف الحسين؟!
    وهو الذي لم يحظ رجل في التاريخ (خارج أطر الأنبياء) بما حضي هو به من اهتمام العلماء والباحثين والدارسين من مختلف الأجناس على وجه الأرض وعلى امتداد التاريخ لتفرده كرجل... وكقضية..
    ولتفرد الدور الذي أداه كدورٍ مكمل للدور الرسالي الإلهي...
    فلم يعد خافياً على أحد من هو الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) كما لم تعد خافية تفاصيل استشهاده ومفرداتها... ثم حجم التضحية التي قدمها كقائد مسؤول عن أمة.. وعن دين..
    ولكن المهم هو: كيف تعامل المسلمون مع قضية الحسين (ع)؟
    وكيف نظروا إلى واقعة كربلاء؟...
    إن غالبية الموالين للحسين (ع) انبهروا بالجانب المأساوي من الحدث فلم يجدوا على أرض كربلاء غير رؤوس تقطع وخيام تحرق ونساء تسبى فما استطاعوا حيالها إلا البكاء والنحيب والضرب على الصدور...
    أما نخبة منهم – علماء ومفكرين- فقد وجدوا على أرض كربلاء حقائق أكبر ومعان أعمق، وجدوا عليها قضية عظيمة كانت المأساة إحدى أدوات نجاحها وتحقيق أهدافها...
    أنها ثورة الحق ضد الباطل...
    وصرخة الإسلام ضد الجاهلية التي بدأت تعود..
    بل هي دعوة مستمرة لتقويض هياكل الأصنام على مر العصور...
    وأما الآخرون (السائرون في ركاب السياسة وسلاطينها) فإنهم لم يجدوا في الحسين إلا إنه قتيل سعيه إلى السلطة والحكم!!
    وهؤلاء أيضاً فيهم نخبة ولكنها نخبة فقدت وعيها فلم تعد قادرة على التمييز فقالت: إن سيدنا يزيد قتل سيدنا الحسين (ع) !! فأصبح الجميع سادة لهم: زعيم الباطل وإمام الحق على السواء...
    ولا يزال الجميع على ما هم عليه...
    فالموالون... لا زالوا يبكون ويلطمون...
    ونخبتهم لا زالت تكتشف يوماً بعد يوم دروساً ثورية وفكرية في قضية الحسين (ع) دون أن تندفع إلى الاحتذاء به والسير على نهجه وطريقه...
    وعبيد المال والسلطان لا زالوا ينظرون إلى الحسين (ع) كرجل سياسة طموح لم يستطع تحقيق أهدافه، ونخبتهم لا زالت غير قادرة على التمييز...
    ولكن بين كل هؤلاء هنالك من قرأ الدرس باجتهاد فاستوعبه وآمن به فجرى في أعماقه مجرى الدم في العروق أن يقدم دماءه كما قدمها الحسين (ع)...
    أن يحيلها إلى نار تحرق عروش الظالمين كما فعلت دماء الحسين (ع)...
    إنه فيلسوف العصر الإمام الشهيد السيد محمد باقر الصدر (قدس) .. الذي فهم فكر الحسين (ع) وفلسفة ثورته فآمن بهما سوية وحين أيقن أن الظرف هو عين ظرف يزيد وإن الجاهلية حركت رأسها لتعود وأن الإسلام - لكي يستمر- لابد له من دم يسيل كما سال دم الحسين (ع) على صعيد كربلاء وحين تلفت حوله فلم يجد من فهم الدرس كما فهمه هو تقدم حاملاً كفنه وأطلق لاءاته المدوية في وجه الطغاة الأمويين الجدد ليرفد الإسلام بدم حسيني جديد فيقوده نحو التجدد والبقاء...
    إن ما ستقرأه في هذا الكتاب هو نقل حرفي لمحاضرة نادرة مسجلة بصوت الإمام الشهيد نقلتها في سنة 1980 لا أعلم أين ومتى ألقاها، ولكنني أعرف جيداً أن كل ما فيها جديد يتحدث عن ثورة الحسين (ع) التي وقعت بالأمس والتي يجب أن تقع اليوم أو غداً...
    لقد حفظت هذه المحاضرة طيلة ثلاثين عاما قد انصرمت من الزمن الأسود متنقلاً بها مخبأً إلى مخبأً لكي أوصلها أليك في أحد الأيام وقد حان هذا اليوم بعد انهيار الصنم وسقوط الطاغية...
    وأنت تقرأها.. ستجد أن للتاريخ قراءات مختلفة...
    قراءة للكلمات... وأخرى للأحداث... وثالثة للأفكار...
    قراءة تسوقها العاطفة... وأخرى يقودها الميول...
    قراءة تسبح على السواحل والشطآن... وأخرى تغوص في الأعماق فتستخرج اللآلئ والمرجان.
    قراءة تلتصق بزمن الحدث وظرفه ولا تحيد عنه .. وأخرى تقرأ لك من خلال ماضيك… حاضرك ومستقبلك..
    وهذه هي قراءة الإمام الشهيد (قدس) .. فأنه عندما يتحدث عن الحسين (ع) فأنه يقصد كل الثوار من أصحاب الرسالات اللذين جعلوا من دمائهم جسراً نحو الحرية وعندما يتحدث عن يزيد فأنه يتحدث عن جميع دهاقنة الظلم والاستبداد والدكتاتورية في كل زمان إنه يتحدث عن صدام..
    وهو عندما يذكر كربلاء... فأنه يذكر كل بقعة طاهرة من الأرض سالت عليها دماء شهيد... إنه يذكر العراق..
    وعندما يتناول فلسفة الحسين (ع) في الشهادة من أجل القضية... فأنه يتحدث عن معاصريه وهو من الموالين للحسين (ع)... أنه يتحدث عن نفسه...
    إن من أبرز ما ستجده عندما تنهي قراءة المحاضرة هو أنك ستتأكد من أن الإمام الشهيد هو يكتبها أو هو يلقيها كان قد قرر بملئ إرادته وكامل وعيه الإقدام على الشهادة وسلوك طريقها وهو يعلم جيداً أنها آتية لا محالة... وما كان هذا الإصرار على الشهادة إلا نتيجة لإيمانه وإقتناعه المطلقين بانتمائه إلى فلسفة الحسين (ع) في الشهادة وبدورها في تأجيج الثورة ضد الظلم والطغيان وعندي أن الإمام الشهيد (قدس) إذا لم يكن الوحيد الذي فهم ثورة الحسين (ع) على هذا النحو فأنه (على الأقل) الوحيد الذي ترجم ذلك الفهم إلى ممارسة...
    فسلام عليه يوم ولد , ويوم استشهد , ويوم يبعث حيا .. ولنا فيه القدوة والأسوة إن كنا صادقين...
    والحمد لله رب العالمين...

    عبد الحسين عبد الهادي العبيدي

    بغداد- 2005

    الإمام الحسين (ع)...

    أطروحة الثورة وفلسفة الشهادة

    السيد الشهيد الإمام محمد باقر الصدر (قدس)


    في هذا اليوم يوم كربلاء أو عيد الدم تبرز الشهادة وقيمها بمعناها الأنبل...
    وفي هذا اليوم حيث الحسين (ع) هو الأنموذج للبطل التاريخي سأتحدث إليكم عن شهادة هذا الشهيد..
    لقد تحدث وكتب الكثيرون عن موقف الحسين (ع) بطل كربلاء ومازالوا يتحدثون ويكتبون فذهب التقليديون في تفسير هذا الموقف مذهباً وذهب المثقفون التقدميون مذهباً آخر...
    لكني فيما ذهب إليه بعد الإمعان في التأمل والتفكير انتهيت إلى أننا لن نفهم هذا الموقف الحسيني في معناه الأدق إلا متى فهمنا معنى الشهادة نفسها... ذلك أن عظمة الحسين من جهة وتركيزنا على الضرر من جهة أخرى جعلنا نضيع في بريق عظمة الحسين (ع) ما هو أعظم منه ما هو أعظم من الحسين (ع) هو ما ضحى بنفسه من أجله...
    لقد كانت عند الحسين (ع) قضية وهو قد ضحى من أجل هذه القضية لكننا سقطنا في المأزق العاطفي إذ تكلمنا بسخاء الحسين (ع) ونسينا بسخاء مماثل القضية التي كان هو لها الشهيد الأكبر والتي كانت عظيمة عندنا ,عظيمة في تاريخ البشرية , وعظيمة بين يدي الخالق وخلقه , وعندي , وإن هذه القضية بمعناها الأدق هي الشهادة وهي مذهبي في تفسير موقف الحسين (ع) وبطولاته... ، وعلى هذا فأني سأطرحها أمامكم الآن من زاوية مغايرة فأنا أنظر إليها كمسألة فلسفية على ضوء الفكر... وبكلمة... إني أفكر وأستدل وأستعين بالعلم والمنطق... وعلى هذا
    ومن حيث يبدو هذا الطرح أمراً مستعصياً فأني سأبحر إليه في حدود قدرتي وفهمي ومعرفتي .. وليس سراً أن ما تثيره قضية الشهادة من معان زاخرة بالإثارة والدهشة وهو مما يشل المنطق ويحبط القدرة على التفكير ..
    فالشهادة هنا هي مزيج من العاطفة الملتهبة الجياشة ومن الحكمة العميقة المعقدة والحديث عن هذين العنصرين في أطار واحد يجعل الكلمة قاصرة عن الوصول إلى مرادها ثم أن المسألة تصبح أكثر تعقيداً بالنسبة لإنسان مثلي تنقصه قوة الروح وحرارة العاطفة وعذري أن ما أردت قوله كامن في حدود قدرتي ولعلي بالغ من ذلك بعض ما أردت غير مغال في قليل أو كثير...
    وأبدأ فأقول: إن أول شروط الوصول إلى سر الشهادة هو إبراز معالم المدرسة التي اتخذت هذه الشهادة في ظلها معناها والتي في إطارها تتبلور لها قيمة خاصة وهذه هي المدرسة التي يشكل الحسين أحد معالمها... ، فالنضال التاريخي الذي يعتبر الحسين (ع) أحد حملة ألويته، وكربلاء إحدى ساحاته... هذا النضال، هو جزء من حركة التأريخ، هو حلقة في مسيرة نضالية تاريخية كانت موجودة في عصور مختلفة وعلى جهات متعددة، وستبقى... ذلك أن الحسين (ع) صورة لحلقة متصلة في تلك السلسلة من التاريخ الإبراهيمي... فيجب أن نفهم تلك الصورة بل وأن يكون فهمنا لها على هذا الأساس وما من شك في إن طرح قضية الحسين (ع) معزولة عن ترابطها التاريخي وبالتالي إعطاء معركة كربلاء صورة الحادثة العابرة يؤدي إلى تجريدها من أسسها التاريخية ودوافعها الاجتماعية ومن ثم إفراغها من مضامينها الأساسية واستمراريتها المتجددة لتجعل منها (وهذا ما حدث) مجرد واقعه مأساوية لا نملك إزائها ألا أن نبكي كما نبكي اليوم لنستنتج من كل ذالك إن فصل الحسين (ع) وقضيته عن الجذور التاريخية للمدرسة العقائدية التي أنبتتها هو بمثابة بتر عضو من جسم حي لدراسته أو الاحتفاظ به.
    أن الثورات الدينية التي قام بها الأنبياء منذ القدم أنما تصنف على ضوء مضامين تلك الأديان والطبقة التي كان ينتمي إليها أولئك الأنبياء ثم علاقاتهم الاجتماعية وكذالك الدعوة التي دعوا إليها وعلى هذا الأساس فأن جميع الأنبياء في التاريخ الصادق منهم والدعي والمقصود من الأنبياء هنا المفهوم اللغوي وهو يعني كل من احدث حركة دينيه تاريخية يفرزون إلى مجموعتين:
    الأولى: ويعتبر إبراهيم (ع) ابرز بناتها ومنها الأنبياء الذين جاءوا من بعده وتعرفنا عليهم
    لقربهم التاريخي منا فهؤلاء ينحدرون وينتمون إلى طبقه محرومة واحده وقال عنهم نبي الإسلام إن أكثرهم رعاة ماشية كذلك قال عنهم التاريخ باستثناء قلة منهم كانوا يمتهنون حرفا متواضعة لا تسد الرمق .
    وأما الثانية: فصحابها هم على نقيض المجموعة الأولى من حيث الطبقة والوضع الاجتماعي فهؤلاء الأنبياء أو أصحاب المدارس الفكرية والأخلاقية سواء كانوا من الجنس الأصفر في الصين أو من الإيرانيين أو من أصحاب مذاهب الفلسفية والأخلاقية في اليونان والذين هم في نهاية المطاف من خارج الدائرة الإبراهيمية فأنهم جميعا من دون استثناء كانوا من أبناء الطبقة النافذة المرفهة في مجتمعاتهم أي من أبناء الأمراء والأشراف ورجال الدين والمال سواء عن طريق الأب أو الأم أو الاثنين معا كذلك كان كونفوشيوس ولاوتسو وزرادشت وماني ومزدك وسقراط وأفلاطون وأرسطو.
    إن قراءة تأريخ الطبقات تفيد أن الطبقة المسيطرة في المجتمع القديم كانت طبقة الأمراء وذوي الثراء ورجال الدين اللذين كانوا يتنازعون فيما بينهم النفوذ الاقتصادي والسياسي والعقائدي وهم (سواء اختلفوا أو اتفقوا) فان اختلافهم أو اتفاقهم كان على حساب الرعية.
    وعندما يذكر القران الأميين (هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم) فإنما يعني بالأميين أبناء الطبقة المحرومة من الرعية أما الرسول الذي منهم فهو الرسول الإبراهيمي الذي هو من هذه الطبقة وبالتالي فان هذا الإنسان المرسل ليس ملاكاً وإنما من البشر من عامة الناس من صميم تلك الطبقة المضطهدة وليس من الخاصة المصطفاة...
    وإذا قال القرآن (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم) فهو لا يعني أن موسى (ع) يتكلم العبرية ومحمد يتكلم العربية كما يتوهم الكثيرون فهذه حقيقة لا تحتاج إلى تأكيد فان النبي الذي يبعث في العرب لا يتحدث الصينية أو اليونانية بل أن اللغة المقصودة هنا هي لغة الطبقة التي ينتمي إليها النبي المرسل... اللغة التي تتحدث عن آلامهم وآمالهم ثم أن الحديث بلغة هؤلاء الناس إنما يعني رفض لغة المثقفين في الأمس واليوم.. المثقفون الذين يتحدثون بلغة خاصة بحيث لا تفهم الجماهير لغتهم ولا يفهمون لغتها... من هنا فان حديثنا عن الأنبياء الإبراهيميين هو حديث هذه الجماهير تماما كم أن ظهور هؤلاء الأنبياء يختلف عن ظهور الأنبياء الآخرين ففي حين كان هؤلاء يتوسلون القوة لإشاعة عقائدهم كان الإبراهيميون يعتمدون على الجماهير في نضالهم ضد القوى الغاشمة... كان لإبراهيم عكازه ولموسى (ع) عصاه التي دخل بها قصور فرعون وأغرقه وجيشه في اليم وخسف بقارون وكنوزه الأرض وأخيرا كان لنبي الإسلام يتمه وضعفه فما إن انتهت فترة الإعداد حتى نهض للجهاد فكانت له حربا في كل خمسين يوما حتى بلغت غزواته خمسا وستين غزوة في مدة لا تزيد على سنوات عشر..
    تلك كانت معاجز هؤلاء الأنبياء وهي معاجز تتناسب مع رسالاتهم... تمزيق السحر بالعصا... وضرب فرعون في عرشه ثم تبيان القرآن الإعلامي لحقيقتين هما:
    أنه والإسلام لم يأت محمد من عنده على أن دينا واحدا كان له على امتداد التاريخ ظهور يتلائم وظروف عصره وبيئته وهذا الدين كان الإسلام وأكد القرآن هذه الظاهرة الفذة معطيا الإسلام رؤية تاريخية شاملة مستوعبا ومضيفا إلى ثورته جميع الثورات التي قاومت الشرك وناهضت الأقوياء في سبيل الضعفاء معتبراً تلك الحرب واحدة في جميع الأزمنة وعلى كل الساحات وفي بعض الآيات تبدو رؤية القرآن التاريخية واضحة في وضعها لكل هذه الثورات في حلقة مترابطة (إن اللذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس فبشرهم بعذاب أليم) ففي هذه الآية الكريمة تتلمس ثلاثة حقائق مترابطة آخذة بعضها بأطراف بعض:
    أولا: آيات الله
    ثانياً: الأنبياء
    ثالثاً: الذين يدعون للعدالة.
    إنها تضع الذين يكفرون بآيات الله وقتلة الأنبياء وقتلة طلاب العدالة في صف واحد وتحكم عليهم حكما واحدا وهذا هو الفهم الاجتماعي وتلك هي فلسفة التاريخ البشري وتفسير ثوراته التاريخية كما عرضها القرآن .. لقد كان نبي الإسلام آخر رسول لذلك الدين الذي بعث أنبياؤه ليعلموا الناس الحكمة والكتاب والعدالة والذين أكد القرآن على رسالاتهم الواحدة... الرسالة... المشعل من نبي إلى نبي ومن رسول إلى رسول وكان آخر معلم من أولئك الأنبياء اللذين ناضلوا ليحرروا الإنسان من العبودية بالدعوة إلى عبادة إله واحد وهو في ثورته الكبرى تلك حقق هاتيك الرؤية الإنسانية النابعة من وحدة التاريخ البشري واهباً الأجناس والملل على اختلاف ألوانها وتعدد طبقاتها وتناثر رؤاها تلك الوحدة التي فرقت الشرك من حيث كان الشرك أساس التفرقة... لقد كان شعار التوحيد في الإسلام شعاراً للتحرير وقبل أن يتوجه محمد بن عبد الله بهذا الشعار إلى المثقفين والخطباء والمتعلمين والقادرين والفلاسفة توجه به إلى العبيد والمعذبين والمستضعفين والجياع اللذين كانوا يؤلفون في مكة الطبقة المحرومة... اللذين شكلوا مجموعة المسحوقين والأرذلين وقد أخذ كبار مكة وقادتها من أعداء الرسول أخذوا عليه أن لم يتبعه إلا الأرذلون وكان هذا المأخذ أكبر شهادة زكت الإسلام وثورته...
    فقد خرج محمد (ص) من المستضعفين وإلى المستضعفين في حين خرج قائد البوذية في الهند والصين من أشراف الهند والصين...
    أما اليوم فمع الإسلام تختلف القيم... كان محمد بن عبد الله (ص) رسول الإسلام وعداً للعبيد اللذين ظنوا أن العبودية هي مصيرهم الأبدي وعدا للمحرومين المسحوقين الذين اعتقدوا تحت وطأة القوة السياسية والفكرية والأدبية والعسكرية التي كانت في خدمة السادة... أنهم مخلوقون للقهر والذل والخنوع
    فإذا كان الفكر النبوي الخارج عن الدائرة الإبراهيمية المتفلت من غير إطارها يقول كما قال أرسطو وأفلاطون إن الله أو الطبيعة قد خلقت البشر صنفين: العبيد والأحرار، فإن محمد ابن عبد الله قد أعلن أن البشرية من جنس واحد وذات اله واحد وبمبدأ المساواة هذا بنى مجتمعا إنسانيا جديدا على ضوء عقيدة وطيدة ونهج اقتصادي واجتماعي متين فلم يعد غريبا أذن أن يقدم مجتمع المدينة الذي أسترد فيه بلال وهو العبد المسحوق قيمته وشرفة الإنسانيين أو أن يفاجئ سالم (مولى أبي حذيفة) العرب واليهود حين أم المصلين في مسجد قباء وهو الذي عرفته قريش عبدا ذليلا متسكعا أن بلالا يعترف له بالقيمة الإيمانية الأكابر من قريش وسادة العرب وأن سالم مولى حذيفة يسجد خلفه للصلاة الأكابر كذلك أن محمدا أسقط كل قيم الجاهلية وضعا قيما جديدة لمفهوم الشرف والسيادة مجتمعين أمرا بتقصير اللحى الطويلة والثياب لان جر الثوب يورث الخيلاء مشيرا بأن يمشي الإنسان على الأرض هونا فإذا ركب فليردف أخاه المسلم خلفه ثم يذهب إلى أبعد ضاربا المثل بنفسه فها هو يركب الحمار العادي ليسقط بذالك قيم الشرف القديمة في نظر أصحابها وها هو يوغل في المساواة فيقول لمن تصيبه الرعدة من هيبة الرسول (ص) (هون عليك فأنا أبن امرأة كانت تأكل القديد) تلك هي مدرسة الإسلام التي اختطت للحسين (ع) حفيد المعلم الأكبر فيما بعد طريقة تلك هي مدرسة الإسلام التي قادها أخر راعٍ من الأنبياء الذين كان أكثرهم رعاة ماشية وأخر رسول من سلسلة أولئك الرجال الذين كانوا يبرزون على حين غرة من الصحراء القاحلة الصامتة ليقارعوا آلة القوه والمال وليهتكوا أقنعة الزيف على أن الفاصل بين حقيقة الإسلام وواقعه وبين مجرى الحوادث التي طرأت بعد وفاة الرسول مباشرة كان فاصلا ضئيلا جدا في بادئ الأمر والزاوية بين مدرسة الإسلام وتاريخه كانت جذورها جدا قصيرة لكنها ما لبثت إن أخذت في الأتساع حسب امتداد المسافة التي أخذت تقطعها قدما على طريق الانحراف ثم انتهت إلى أن اتسعت آلاف الكيلومترات فإذا أضيف إلى هذا الأتساع عوامل أخرى امتدت المسافة حتى أخذ كل ضلع من خطي الزاوية اتجاهاً آخر مبتعداً كل البعد عن الآخر في رحلة معاكسة ولقد كان ذلك بعد خمس عشرة سنة من قبض الرسول حتى أصبحت الخلافة التي تمثل مركز الإسلام أرضاً ممغنطة جذبت إليها كل العناصر المضادة لثورة الإسلام وعلى هذا الجسر عبرت هذه العناصر الخنادق الفاصلة بين الإسلام والجاهلية فأسقطت أهم قاعدة شادها المهاجرون والأنصار وأصبح الخليفة أداة في أيدي أولئك الذين وترهم الإسلام وبواسطتها استعادوا كل قواهم وجمعوا أمرهم ليستردوا نفوذهم البائد الذي قوضته الثورة وقد صادفت هذه الردة نجاحا ما لبث إن أصبح أساسا للفواجع التي تلت بل قانونا استمر على امتداد تاريخ طويل ولا أقول هنا إن هذا القانون لا مفر منه لكي يصبح قانون (أن الثورة تأكل أبنائها) مبدأً واردا في الإسلام ولكن عثمان كان أداة في أيدي أولئك اللذين عملوا على إبادة الأبناء الحقيقيين للثورة الإسلامية فتقوض ذلك البناء الذي شاده أبناء الثورة بسيوفهم وجهادهم وصبرهم وتضحياتهم على يد بني أمية في هذه الفتنة التي عبأت عناصر الردة وبثت الروح من جديد في الجسم المشلول لأعداء الثورة كان علي بن أبي طالب (ع) أول الضحايا ولقد كانت سيرة علي (ع) السياسية والاجتماعية والفكرية بداية نضال جديد هو نضال المؤمنين بالقيم الجديدة والشعارات النبيلة التي رفعها الإسلام ضد هذه الجاهلية الجديدة التي دبت فيها الروح بفعل حرارة النفاق ودب فيها الحسد الذي اعتمل مجددا في القلوب فأعلنت حربها الخفية آناً والصريحة آخر على أنصع الوجوه في مسيرة الثورة... كانت معركة الإسلام في زمن الرسول بين معسكري الشرك والتوحيد لكنها مع علي أضحت معركة بين أبناء الثورة الأتقياء. وبين عناصر الثورة المضادة التي اتخذت شكلا جديدا في ظل الإسلام كذلك كانت حرب محمد وأبي سفيان تختلف عن حرب علي ومعاوية... كانت الأولى حرب بين عدو وعدو أما الثانية فقد كانت بين الصديق وشبه الصديق... كانت خطورتها على أنها حرب داخلية ولطالما انتصرت الثورات على أعدائها في الخارج ولكنها لطالما منيت بالهزيمة على يد أعدائها في الداخل من هنا كانت حرب الإسلام على النفاق واعتباره أعظم من الشرك... لقد كانت معركة محمد (ص) أحدى مظاهر انتصار الإسلام على الشرك الصريح في الجبهات الخارجية.. أما معركة (ع) فكانت مظهرا من مظاهر الهزيمة في الجبهة الداخلية.. فقد خاض علي حربه... ضد الجاهلية المستجدة التي لبست لبوس الإسلام... وضد الشرك الذي اتخذ شكل التوحيد... وضد الوثنية ذات المصاحف المرفوعة على أسنة الرماح..
    خاضها حربا طويلة ومريرة ثم ما لبث أن لقي مصرعه على يد المتطرفين من الخوارج الذين كانوا لعبة في أيدي أعدائهم الأذكياء. إلى أن ضعفت قوى الثورة الحقيقية تحت ضربات الجاهلية الجديدة واستمرت الأيام تغيب وجه الثورة الأصيل إلى أن جاء الحسن (ع)... كان الحسن (ع) وارثا لتركة أبيه ممثلة بالحكومة التي خلفها والجيش الذي نفذ النفاق إلى أعمق أعماقه فسقط قادته تحت إغراء وعود وأموال السلطة الأموية في الشام بحيث كانوا على استعداد للمساومة على القائد والعقيدة. وكانت صفقات بيع القيم والشرف تعقد في الداخل كانت أهم البقع وأغناها قد وقعت في يد العدو. يتحرك عليها بكل حرية.. في حين كانت قوات الحسن عليه السلام عاجزة عن الوصول إليها أما في العراق نفسه... فقد كان روح الشقاق قد تفشت واتسعت الشقة بين الأجنحة فطبقت الأشراف تخلت عن الالتزام بالمبادئ العلوية التي يستند إليها حكم الحسن (ع) بينما كانت الجماهير الكادحة غارقة في الضعف والجهل والتراجع تحت تأثير الخوارج اللذين اتخذوا موقفا فضا متشددا أستهدف التأثير على العامة... وفي هذا الخضم. وقفت مع الحسن (ع) البقية القليلة الباقية من مناصري الثورة الإسلامية الأكثر وعيا بمبادئها ولكن هذه القوة سرعان ما أخذت بالضمور أما القوى الداخلية المعادية فكان أن وقعت الكارثة التي قوضت إسلام العدالة. وأبقت على إسلام الأشراف والنخبة فكان الصلح الذي فرض على الحسن (ع) فرضا... لقد عاش الحسن في المدينة مجردا من سلاحه. وهو الذي كان يمثل روح الثورة على الجاهلية المستجدة. حيث وجد حتى من أسرته من يعاديه. وصار لا يأمن جواسيس بني أمية حتى داخل بيته وسهل على معاوية أن يشتري ضمير زوجته فأقدمت على دس السم له في جرعة العسل ولعل النظرة الذي وصل إليه الناس يومئذ في علاقته مع الإسلام الحقيقي. الذي يمثله الإمام الحسن (ع) ترينا الموقف العنيف الذي جوبه به عند دفن جثمانه. فقد أوصى إلى أخيه بأن يدفن قرب جده. فرفضت السلطة الأموية بعنف تنفيذ تلك الوصية.
    وفي المدينة... مدينة جده وأبيه... ومأوى الأنصار والمهاجرين ونفي جثمان الحسن (ع) ليدفن أخيرا في مقبرة المدينة العامة المعروفة بالبقيع...
    إن مظهر الغربة هذا... وبالتالي مظهر الضعف الذي كان يحيط بالحسن (ع) وهو في مدينة جده إنما هو صورة لضعف جبهة النضال والحق الذي كان يمثلها والتي تعرضت لهجمة رجعية شرسة أشعلت ضدها نار الحرب في كل الميادين وفرضت سيطرتها في كل الساحات... ولقد جاء الآن الحسين (ع)... ودوره التاريخي.. وأنا لن معرفة الأسلوب الذي اختاره الحسين (ع) لثورته ما لم نعرف الظروف العامة والخاصة التي تحيط به والشروط التي أوجبت عليه اختيار هذا الأسلوب... كان ظهور الدور الحسيني في سنة 60 هـ حيث الأمة بانتظار رجل تاريخي ينهض بأعباء الدور القيادي. ويكون حارساً ومسئولا عن هذه الثورة الكبرى التي أطلقها محمد بن عبد الله (ص) والتي أخذت دعائمها تتقوض تحت ضربات بني أمية وأعوانهم. وكان دور الحسين (ع) هنا شاقا لأنه كان دورا تاريخيا لقد تلفت حواليه ونظر إلى الأوضاع السائدة من حوله. فوجد أنه مسئول عن حراسة الثورة فقد آخر قاعدة من قواعدها وآخر قلعة من قلاعها وآخر قيمة من قيمها. ولم يبق من تراث جده وأبيه وأخيه الذي يشكل وجه الإسلام وصورة العدل والحق سيف أو جندي واحد...
    كان الواقع الاجتماعي والسياسي والأمة مشرفة على سنة 60 هـ على الشكل التالي:
    كانت قد مرت سنوات وبنو أمية ماضون في تقويض الثورة الإسلامية وقواعدها الاجتماعية وإسقاطها قاعدة اثر قاعدة، من جهة. وقريش تصادر كل منجزات هذه الثورة، وكل قيمها لتسخرها لخدمة إغراضها الخاصة... أما أنصار الثورة, وتلاميذ محمد(ص) ورفاقه الأوائل عقب إلغاء ونسف مركز الحكومة الثورية الإسلامية في المدينة, فقد انقسموا إلى ثلاث فئات:
    فئة لم يؤت الصبر أفرادها على تحمل ما يجري للقيم الإسلامية الشريفة فهاجروا بالثورة
    ورفعوا الصلوات, وقتلوا, وكان أبو ذر وعمار وعبد الله أبن مسعود وميثم وحجر بن عدي (رضي الله عنهم) قد سلكوا طريق الشهادة وكانوا رواد وقادة هذه الفئة الإبرار...
    وفئة انتهت إلى أن الجنة التي ينبغي نيلها تحت ضلال السيوف والتي كان الجهاد باب من أبوابها يمكن نيلها عن طريق أكثر سهوله وأقل نصبا وهو طريق الزهد والعبادة واعتزال الناس وكان ممثل هذه الفئة عبد الله بن عمر وهذا الموقف السلبي كان غريبا من فئة كان من أفرادها رجال صحبوا الرسول وتربوا في مدرسة الإسلام وأدركوا معاني الجهاد والتضحية في سبيل الحق لكنهم ما لبثوا في تلك الفترة التاريخية الحرجة التي تتطلب جهر الصوت والدعوة إلى العدل أن انكفئوا عن ساحة الحرب بين الحق والباطل واعتزلوا في أروقة المساجد وخلايا البيوت مضحين بنخبة جيدة من أبطال الحق لصالح الظلم والردة في حين كانت الأمة وهي تتلوى تحت سياط بني أمية تنتظر منهم موقفا.
    يتبع...

    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    x

    رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

    صورة التسجيل تحديث الصورة

    اقرأ في منتديات يا حسين

    تقليص

    المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
    أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 21-02-2015, 05:21 PM
    ردود 119
    18,094 مشاهدات
    0 معجبون
    آخر مشاركة وهج الإيمان
    بواسطة وهج الإيمان
     
    أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 23-05-2024, 02:34 PM
    استجابة 1
    100 مشاهدات
    0 معجبون
    آخر مشاركة وهج الإيمان
    بواسطة وهج الإيمان
     
    أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 23-05-2024, 02:27 PM
    استجابة 1
    72 مشاهدات
    0 معجبون
    آخر مشاركة وهج الإيمان
    بواسطة وهج الإيمان
     
    أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 04-10-2023, 10:03 AM
    ردود 2
    156 مشاهدات
    0 معجبون
    آخر مشاركة وهج الإيمان
    بواسطة وهج الإيمان
     
    أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 29-06-2022, 06:45 AM
    استجابة 1
    109 مشاهدات
    0 معجبون
    آخر مشاركة وهج الإيمان
    بواسطة وهج الإيمان
     
    يعمل...
    X