بسم الله الرحمن الرحيم
أخواني الاعزاء هذه أول مشاركة لي في النتدى أرجو أن تنال أعجابكم
المحاضرة للسيد محمد محمد باقر الصدر وبعنوان الحسين أطروحة الثورة وفلسفة الشهاده
وقد جعلت المحاضرة بعدة حلقات يعني حقلقتين أو ثلاث ولم يتم وضع الحلقة التالية بعد وضع الردود و ما أرجوه من
المشرفين ـثبيت هذه المحاضرة
المحاضرة كا التالي
[FONT='Arial','sans-serif']الإمام الحسين (ع) أطروحة الثورة و فلسفة الشهادة..........................................1[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif'][/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']المقدمة:-[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']من لا يعرف الحسين ؟![/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']و هو الذي لم يحظ رجل في التاريخ (خارج أطر الأنبياء) بما حضي هو به من اهتمام العلماء و الباحثين و الدارسين من مختلف الأجناس على وجه الأرض و على امتداد التاريخ لتفرده كرجل....و كقضية..[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']و لتفرد الدور الذي أداه كدورٍ مكمل للدور الرسالي الإلهي...[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']فلم يعد خافياً على أحد من هو الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) كما لم تعد خافية تفاصيل استشهاده و مفرداتها ...ثم حجم التضحية التي قدمها كقائد مسؤول عن أمة .. و عن دين..[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']و لكن المهم هو:كيف تعامل المسلمون مع قضية الحسين (ع)؟[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']و كيف نظروا إلى واقعة كربلاء؟...[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']إن غالبية الموالين للحسين (ع) انبهروا بالجانب المأساوي من الحدث فلم يجدوا على أرض كربلاء غير رؤوس تقطع و خيام تحرق و نساء تسبى فما استطاعوا حيالها إلا البكاء و النحيب و الضرب على الصدور ..........[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']أما نخبة منهم –علماء و مفكرين- فقد وجدوا على أرض كربلاء حقائق أكبر و معان أعمق وجدوا عليها قضية عظيمة كانت المأساة إحدى أدوات نجاحها و تحقيق أهدافها....[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']أنها ثورة الحق ضد الباطل...[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']و صرخة الإسلام ضد الجاهلية التي بدأت تعود..[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']بل هي دعوة مستمرة لتقويض هياكل الأصنام على مر العصور...[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']و أما الآخرون(السائرون في ركاب السياسة و سلاطينها) فإنهم لم يجدوا في الحسين إلا إنه قتيل سعيه إلى السلطة و الحكم!![/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']و هؤلاء أيضاً فيهم نخبة و لكنها نخبة فقدت وعيها فلم تعد قادرة على التمييز فقالت : إن سيدنا يزيد قتل سيدنا الحسين (ع) !! فأصبح الجميع سادة لهم : زعيم الباطل و إمام الحق على السواء....[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']و لا يزال الجميع على ما هم عليه.....[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']الإمام الحسين (ع) أطروحة الثورة و فلسفة الشهادة..........................................2[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']فالموالون ... لا زالوا يبكون و يلطمون.....[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']و نخبتهم لا زالت تكتشف يوماً بعد يوم دروساً ثورية و فكرية في قضية الحسين (ع) دون أن تندفع إلى الاحتذاء به و السير على نهجه و طريقه....[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']و عبيد المال و السلطان لا زالوا ينظرون إلى الحسين (ع) كرجل سياسة طموح لم يستطع تحقيق أهدافه و نخبتهم لا زالت غير قادرة على التمييز ...[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']و لكن بين كل هؤلاء هنالك من قرأ الدرس باجتهاد فاستوعبه و آمن به فجرى في أعماقه مجرى الدم في العروق أن يقدم دماءه كما قدمها الحسين (ع)....[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']أن يحيلها إلى نار تحرق عروش الظالمين كما فعلت دماء الحسين (ع) ....[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']إنه فيلسوف العصر الإمام الشهيد السيد محمد باقر الصدر (قدس).. الذي فهم فكر الحسين (ع) و فلسفة ثورته فآمن بهما سوية و حين أيقن أن الظرف هو عين ظرف يزيد و إن الجاهلية حركت رأسها لتعود و إن الإسلام –لكي يستمر- لابد له من دم يسيل كما سال دم الحسين (ع) على صعيد كربلاء و حين تلفت حوله فلم يجد من فهم الدرس كما فهمه هو تقدم حاملاً كفنه و أطلق لاءاته المدوية في وجه الطغاة الأمويين الجدد ليرفد الإسلام بدم حسيني جديد فيقوده نحو التجدد و البقاء ... إن ما ستقرأه في هذا الكتاب هو نقل حرفي لمحاضرة نادرة مسجلة بصوت الإمام الشهيد نقلتها في سنة 1980 لا أعلم أين و منى ألقاها و لكنني أعرف جيداً أن كل ما فيها جديد يتحدث عن ثورة الحسين (ع) التي وقعت بالأمس و التي يجب أن تقع اليوم أو غداً ......[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']لقد حفظت هذه المحاضرة طيلة ثلاثين عاما قد انصرمت من الزمن الأسود متنقلاً بها مخبأً إلى مخبأً لكي أوصلها أليك في أحد الأيام و قد حان هذا اليوم بعد انهيار الصنم و سقوط الطاغية ......[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']و أنت تقرأها ..ستجد أن للتاريخ قراءات مختلفة ...[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']قراءة للكلمات... و أخرى للأحداث ... و ثالثة للأفكار...[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']قراءة تسوقها العاطفة ... و أخرى يقودها الميول....[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']قراءة تسبح على السواحل و الشطآن ... و أخرى تغوص في الأعماق فتستخرج اللآلئ و المرجان[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']قراءة تلتصق بزمن الحدث و ظرفه و لا تحيد عنه .. و أخرى تقرأ لك من خلال ماضيك ..حاضرك و مستقبلك..[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']و هذه هي قراءة الإمام الشهيد (قدس).. فأنه عندما يتحدث عن الحسين (ع) فأنه يقصد كل الثوار من أصحاب الرسالات اللذين جعلوا من دمائهم جسراً نحو الحرية و عندما يتحدث عن يزيد فأنه يتحدث عن جميع دهاقنة الظلم و الاستبداد و الدكتاتورية في كل زمان إنه يتحدث عن صدام..[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif'] الإمام الحسين (ع) أطروحة الثورة و فلسفة الشهادة..........................................3[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']و هو عندما يذكر كربلاء ... فأنه يذكر كل بقعة طاهرة من الأرض سالت عليها دماء شهيد..... إنه يذكر العراق..[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']و عندما يتناول فلسفة الحسين (ع) في الشهادة من أجل القضية ... فأنه يتحدث عن معاصريه و هو من الموالين للحسين (ع) .... أنه يتحدث عن نفسه...[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']إن من أبرز ما ستجده عندما تنهي قراءة المحاضرة هو أنك ستتأكد من أن الإمام الشهيد هو يكتبها أو هو يلقيها كان قد قرر بملئ إرادته و كامل وعيه الإقدام على الشهادة و سلوك طريقها و هو يعلم جيداً أنها آتية لا محالة... و ما كان هذا الإصرار على الشهادة إلا نتيجة لإيمانه و إقتناعه المطلقين بانتمائه إلى فلسفة الحسين (ع) في الشهادة و بدورها في تأجيج الثورة ضد الظلم و الطغيان و عندي أن الإمام الشهيد (قدس) اذا لم يكن الوحيد الذي فهم ثورة الحسين (ع) على هذا النحو فأنه (على الأقل) الوحيد الذي ترجم ذلك الفهم إلى ممارسة ....[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']فسلام عليه يوم ولد , و يوم استشهد , و يوم يبعث حيا .. و لنا فيه القدوة و الأسوة إن كنا صادقين....[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']الإمام الحسين (ع) أطروحة الثورة و فلسفة الشهادة..........................................4[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']الإمام الحسين (ع)...[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif'] أطروحة الثورة و فلسفة الشهادة [/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']في هذا اليوم يوم كربلاء أو عيد الدم تبرز الشهادة و قيمها بمعناها الأنبل...[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']و في هذا اليوم حيث الحسين (ع) هو الأنموذج للبطل التاريخي سأتحدث إليكم عن شهادة هذا الشهيد..[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']لقد تحدث و كتب الكثيرون عن موقف الحسين (ع) بطل كربلاء و مازالوا يتحدثون و يكتبون فذهب التقليديون في تفسير هذا الموقف مذهباً و ذهب المثقفون التقدميون مذهباً آخر...[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']لكني فيما ذهب اليه بعد الإمعان في التأمل و التفكير انتهيت إلى أننا لن نفهم هذا الموقف الحسيني في معناه الأدق إلا متى فهمنا معنى الشهادة نفسها ... ذلك أن عظمة الحسين من جهة و تركيزنا على الضرر من جهة أخرى جعلنا نضيع في بريق عظمة الحسين (ع) ما هو أعظم منه ما هو أعظم من الحسين (ع) هو ما ضحى بنفسه من أجله ...[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']لقد كانت عند الحسين (ع) قضية و هو قد ضحى من أجل هذه القضية لكننا سقطنا في المأزق العاطفي إذ تكلمنا بسخاء الحسين (ع) و نسينا بسخاء مماثل القضية التي كان هو لها الشهيد الأكبر و التي كانت عظيمة عندنا ,عظيمة في تاريخ البشرية , و عظيمة بين يدي الخالق و خلقه , و عندي , و إن هذه القضية بمعناها الأدق هي الشهادة و هي مذهبي في تفسير موقف الحسين (ع) و بطولاته ......، و على هذا فأني سأطرحها أمامكم الآن من زاوية مغايرة فأنا أنظر إليها كمسألة فلسفية على ضوء الفكر... و بكلمة...إني أفكر و أستدل و أستعين بالعلم و المنطق ... و على هذا [/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']و من حيث يبدو هذا الطرح أمراً مستعصياً فأني سأبحر إليه في حدود قدرتي و فهمي و معرفتي .. و ليس سراً أن ما تثيره قضية الشهادة من معان زاخرة بالإثارة و الدهشة و هو مما يشل المنطق و يحبط القدرة على التفكير ..[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']فالشهادة هنا هي مزيج من العاطفة الملتهبة الجياشة و من الحكمة العميقة المعقدة و الحديث عن هذين العنصرين في أطار واحد يجعل الكلمة قاصرة عن الوصول إلى مرادها ثم أن المسألة تصبح أكثر تعقيداً بالنسبة لإنسان مثلي تنقصه قوة الروح و حرارة العاطفة و عذري أن ما أردت قوله كامن في حدود قدرتي و لعلي بالغ من ذلك بعض ما أردت غير مغال في قليل أو كثير ...[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif'][/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif'][/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']الإمام الحسين (ع) أطروحة الثورة و فلسفة الشهادة..........................................5[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']و أبدأ فأقول:إن أول شروط الوصول إلى سر الشهادة هو إبراز معالم المدرسة التي اتخذت هذه الشهادة في ظلها معناها و التي في إطارها تتبلور لها قيمة خاصة و هذه هي المدرسة التي يشكل الحسين أحد معالمها...، فالنضال التاريخي الذي يعتبر الحسين (ع) أحد حملة ألويته ، و كربلاء إحدى ساحاته ....هذا النضال ، هو جزء من حركة التأريخ ، هو حلقة في مسيرة نضالية تاريخية كانت موجودة في عصور مختلفة و على جهات متعددة ، و ستبقى ...ذلك أن الحسين (ع) صورة لحلقة متصلة في تلك السلسلة من التاريخ الإبراهيمي .... فيجب أن نفهم تلك الصورة بل و أن يكون فهمنا لها على هذا الأساس و ما من شك في إن طرح قضية الحسين (ع) معزولة عن ترابطها التاريخي و بالتالي إعطاء معركة كربلاء صورة الحادثة العابرة يؤدي إلى تجريدها من أسسها التاريخية ودوافعها الاجتماعية ومن ثم إفراغها من مضامينها الأساسية واستمراريتها المتجددة لتجعل منها (وهذا ما حدث)مجرد واقعه مؤسية لا نملك إزائها ألا أن نبكي كما نبكي اليوم لنستنتج من كل ذالك إن فصل الحسين (ع) وقضيته عن الجذور التاريخية للمدرسة العقائدية التي انبتتها هو بمثابة بتر عضو من جسم حي لدراسته أو الاحتفاظ به.[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']أن الثورات الدينية التي قام بها الأنبياء منذ القدم أنما تصنف على ضوء مضامين تلك الأديان والطبقة التي كان ينتمي إليها أولئك الانبياء ثم علاقاتهم الاجتماعية وكذالك الدعوة التي دعوا اليها وعلى هذا الأساس فأن جميع الانبياء في التاريخ الصادق منهم والدعي والمقصود من الأنبياء هنا المفهوم اللغوي وهو يعني كل من احدث حركة دينيه تاريخية يفرزون إلى مجموعتين :[/FONT]
· [FONT='Arial','sans-serif']الأولى :ويعتبر إبراهيم (ع) ابرز بناتها ومنها الانبياء الذين جاءوا من بعده وتعرفنا عليهم[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif'] لقربهم التاريخي منا فهؤلاء ينحدرون وينتمون إلى طبقه محرومة واحده وقال عنهم نبي الإسلام إن أكثرهم رعاة ماشيه كذالك قال عنهم التاريخ باستثناء قلة منهم كانوا يمتهنون حرفا متواضعة لا تسد الرمق .[/FONT]
· [FONT='Arial','sans-serif']وأما الثانية :فصحابها هم على نقيض المجموعة الأولى من حيث الطبقة والوضع الاجتماعي فهؤلاء الأنبياء أو أصحاب المدارس الفكرية والاخلا قيه سواء كانوا من الجنس الأصفر في الصين أو من الإيرانيين أو من أصحاب مذاهب الفلسفية و الأخلاقية في اليونان والذين هم في نهاية المطاف من خارج الدائرة الإبراهيمية فأنهم جميعا من دون استثناء كانوا من أبناء الطبقة النافذة المرفهة في مجتمعاتهم أي من أبناء الأمراء و الأشراف و رجال الدين و المال سواء عن طريق الأب أو الأم أو الاثنين معا كذلك كان كونفوشيوس و لاوتسو و زرادشت و ماني و مزدك و سقراط و أفلاطون و أرسطو [/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']إن قراءة تأريخ الطبقات تفيد أن الطبقة المسيطرة في المجتمع القديم كانت طبقة الأمراء و ذوي الثراء و رجال الدين اللذين كانوا يتنازعون فيما بينهم النفوذ الاقتصادي و السياسي و العقائدي و هم (سواء اختلفوا أو اتفقوا) فان اختلافهم أو اتفاقهم كان على حساب الرعية.[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']الإمام الحسين (ع) أطروحة الثورة و فلسفة الشهادة..........................................6[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']و عندما يذكر القران الأميين ((هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم)) فإنما يعني بالأميين أبناء الطبقة المحرومة من الرعية أما الرسول الذي منهم فهو الرسول الإبراهيمي الذي هو من هذه الطبقة و بالتالي فان هذا الإنسان المرسل ليس ملاكاً و أنما من البشر من عامة الناس من صميم تلك الطبقة المضطهدة و ليس من الخاصة المصطفاة...[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']و إذا قال القرآن
(و ما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم)) فهو لا يعني أن موسى (ع) يتكلم العبرية و محمد يتكلم العربية كما يتوهم الكثيرون فهذه حقيقة لا تحتاج إلى تأكيد فان النبي الذي يبعث في العرب لا يتحدث الصينية أو اليونانية بل أن اللغة المقصودة هنا هي لغة الطبقة التي ينتمي إليها النبي المرسل ...اللغة التي تتحدث عن آلامهم و آمالهم ثم أن الحديث بلغة هؤلاء الناس إنما يعني رفض لغة المثقفين في الأمس و اليوم..المثقفون اللذين يتحدثون بلغة خاصة بحيث لا تفهم الجماهير لغتهم و لا يفهمون لغتها... من هنا فان حديثنا عن الأنبياء الإبراهيميين هو حديث هذه الجماهير تماما كم أن ظهور هؤلاء الأنبياء يختلف عن ظهور الأنبياء الآخرين ففي حين كان هؤلاء يتوسلون القوة لإشاعة عقائدهم كان الإبراهيميون يعتمدون على الجماهير في نضالهم ضد القوى الغاشمة...كان لإبراهيم عكازه و لموسى (ع) عصاه التي دخل بها قصور فرعون و أغرقه و جيشه في اليم و خسف بقارون و كنوزه الأرض و أخيرا كان لنبي الإسلام يتمه و ضعفه فما إن انتهت فترة الإعداد حتى نهض للجهاد فكانت له حربا في كل خمسين يوما حتى بلغت غزواته خمسا و ستين غزوة في مدة لا تزيد على سنوات عشر..[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']تلك كانت معاجز هؤلاء الأنبياء و هي معاجز تتناسب مع رسالاتهم ...تمزيق السحر بالعصا ...و ضرب فرعون في عرشه ثم تبيان القرآن الإعلامي لحقيقتين هما:[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']أنه و الإسلام لم يأت محمد من عنده على أن دينا واحدا كان له على امتداد التاريخ ظهور يتلائم و ظروف عصره و بيئته و هذا الدين كان الإسلام و أكد القرآن هذه الظاهرة الفذة معطيا الإسلام رؤية تاريخية شاملة مستوعبا و مضيفا إلى ثورته جميع الثورات التي قاومت الشرك و ناهضت الأقوياء في سبيل الضعفاء معتبراً تلك الحرب واحدة في جميع الأزمنة و على كل الساحات و في بعض الآيات تبدو رؤية القرآن التاريخية واضحة في وضعها لكل هذه الثورات في حلقة مترابطة ((إن اللذين يكفرون بآيات الله و يقتلون النبيين بغير حق و يقتلون اللذين يأمرون بالقسط من الناس فبشرهم بعذاب أليم)) ففي هذه الآية الكريمة تتلمس ثلاثة حقائق مترابطة آخذة بعضها بأطراف بعض:[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']أولا:آيات الله ثانياً: الأنبياء ثالثاً:اللذين يدعون للعدالة.[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']إنها تضع اللذين يكفرون بآيات الله و قتلة الأنبياء و قتلة طلاب العدالة في صف واحد و تحكم عليهم حكما واحدا و هذا هو الفهم الاجتماعي و تلك هي فلسفة التاريخ البشري و تفسير ثوراته [/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']الإمام الحسين (ع) أطروحة الثورة و فلسفة الشهادة..........................................7[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']التاريخية كما عرضها القرآن .. لقد كان نبي الإسلام آخر رسول لذلك الدين الذي بعث أنبياؤه ليعلموا الناس الحكمة و الكتاب و العدالة و اللذين أكد القرآن على رسالاتهم الواحدة ...الرسالة ....المشعل من نبي إلى نبي و من رسول إلى رسول و كان آخر معلم من أولئك الأنبياء اللذين ناضلوا ليحرروا الإنسان من العبودية بالدعوة إلى عبادة إله واحد و هو في ثورته الكبرى تلك حقق هاتيك الرؤية الإنسانية النابعة من وحدة التاريخ البشري واهباً الأجناس و الملل على اختلاف ألوانها و تعدد طبقاتها و تناثر رؤاها تلك الوحدة التي فرقت الشرك من حيث كان الشرك أساس التفرقة ... لقد كان شعار التوحيد في الاسلام شعاراً للتحرير و قبل أن يتوجه محمد بن عبد الله بهذا الشعار إلى المثقفين و الخطباء و المتعلمين و القادرين و الفلاسفة توجه به إلى العبيد و المعذبين و المستضعفين و الجياع اللذين كانوا يؤلفون في مكة الطبقة المحرومة ... اللذين شكلوا مجموعة المسحوقين و الأرذلين و قد أخذ كبار مكة و قادتها من أعداء الرسول أخذوا عليه أن لم يتبعه إلا الأرذلون و كان هذا المأخذ أكبر شهادة زكت الإسلام و ثورته ....[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']فقد خرج محمد (ص) من المستضعفين و إلى المستضعفين في حين خرج قائد البوذية في الهند و الصين من أشراف الهند و الصين ....[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']أما اليوم فمع الإسلام تختلف القيم ... كان محمد بن عبد الله (ص) رسول الإسلام وعداً للعبيد اللذين ظنوا أن العبودية هي مصيرهم الأبدي وعدا للمحرومين المسحوقين الذين اعتقدوا تحت وطئة القوة السياسية والفكرية والأدبية والعسكرية التي كانت في خدمة السادة ... أنهم مخلوقون للقهر والذل والخنوع [/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']فإذا كان الفكر النبوي الخارج عن الدائرة الإبراهيمية المتفلت من غير إطارها يقول كما قال أرسطو وأفلاطون إن الله أو الطبيعة قد خلقت البشر صنفين : العبيد والأحرار [/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']فأن محمد ابن عبد الله قد أعلن أن البشرية من جنس واحد وذات اله واحد وبمبدأ المساواة هذا بنا مجتمعا إنسانيا جديدا على ضوء عقيدة وطيدة ونهج اقتصادي واجتماعي متين فلم يعد غريبا أذن أن يقدم مجتمع المدينة الذي أسترد فيه بلال وهو العبد المسحوق قيمته وشرفة الإنسانيين أو أن يفاجئ سالم (مولى أبي حذيفة) العرب واليهود حين أم المصلين في مسجد قباء وهو الذي عرفته قريش عبدا ذليلا متسكعا أن بلالا يعترف له بالقيمة الإيمانية الأكابر من قريش وسادة العرب و أن سالم مولى حذيفة يسجد خلفه للصلاة الأكابر كذلك أن محمدا أسقط كل قيم الجاهلية وضعا قيما جديدة لمفهوم الشرف والسيادة مجتمعين أمرا بتقصير اللحى الطويلة والثياب لان جر الثوب يورث الخيلاء مشيرا بأن يمشي الإنسان على الأرض هونا فإذا ركب فليردف أخاه المسلم خلفه ثم يذهب إلى أبعد ضاربا المثل بنفسه فها هو يركب الحمار العادي ليسقط بذالك قيم الشرف القديمة في نظر أصحابها وها هو يوغل في المساواة فيقول لمن تصيبه الرعدة من هيبة الرسول (ص) [/FONT]))[FONT='Arial','sans-serif']هون عليك فأنا أبن امرأة كانت تأكل القديد )) تلك هي مدرسة الاسلام التي اختطت للحسين (ع) حفيد [/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif'] الإمام الحسين (ع) أطروحة الثورة و فلسفة الشهادة..........................................8[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']المعلم الأكبر فيما بعد طريقة تلك هي مدرسة الاسلام التي قادها أخر راعٍ من الأنبياء الذين كان أكثرهم رعاة ماشية و أخر رسول من سلسلة أولئك الرجال الذين كانوا يبرزون على حين غرة من الصحراء القاحلة الصامتة ليقارعوا آلة القوه والمال واليهتكوا أقنعة الزيف على أن الفاصل بين حقيقة الاسلام وواقعة وبين مجرى الحوادث التي طرأت بعد وفاة الرسول مباشرة كان فاصلا ضئيلا جدا في بادئ الأمر و الزاوية بين مدرسة الإسلام و تاريخه كانت جذورها جدا قصيرة لكنها ما لبثت إن أخذت في الأتساع حسب امتداد المسافة التي أخذت تقطعها قدما على طريق الانحراف ثم انتهت إلى أن اتسعت الآف الكيلومترات فإذا أضيف إلى هذا الأتساع عوامل أخرى امتدت المسافة حتى أخذ كل ضلع من خطي الزاوية اتجاهاً آخر مبتعداً كل البعد عن الآخر في رحلة معاكسة و لقد كان ذلك بعد خمس عشرة سنة من قبض الرسول حتى أصبحت الخلافة التي تمثل مركز الإسلام أرضاً ممغنطة جذبت إليها كل العناصر المضادة لثورة الإسلام و على هذا الجسر عبرت هذه العناصر الخنادق الفاصلة بين الإسلام والجاهلية فأسقطت أهم قاعدة شادها المهاجرون والأنصار وأصبح الخليفة أداة في أيدي أولئك الذين وترهم الإسلام وبواسطتها استعادوا كل قواهم وجمعوا أمرهم ليستردوا نفوذهم البائد الذي قوضته الثورة وقد صادفت هذه الردة نجاحا ما لبث إن أصبح أساسا للفواجع التي تلت بل قانونا استمر على امتداد تاريخ طويل ولا أقول هنا إن هذا القانون لا مفر منه لكي يصبح قانون
أن الثورة تأكل أبنائها ) مبدأً وارد في الإسلام و لكن عثمان كان أداة في أيدي أولئك اللذين عملوا على إبادة الأبناء الحقيقيين للثورة الإسلامية فتقوض ذلك البناء الذي شاده أبناء الثورة بسيوفهم و جهادهم و صبرهم و تضحياتهم على يد بني أمية في هذه الفتنة التي عبأت عناصر الردة و بثت الروح من جديد في الجسم المشلول لأعداء الثورة كان علي بن أبي طالب (ع) أول الضحايا و لقد كانت سيرة علي (ع) السياسية و الاجتماعية و الفكرية بداية نضال جديد هو نضال المؤمنين بالقيم الجديدة و الشعارات النبيلة التي رفعها الإسلام ضد هذه الجاهلية الجديدة التي دبت فيها الروح بفعل حرارة النفاق و دب فيها الحسد الذي اعتمل مجددا في القلوب فأعلنت حربها الخفية آناً و الصريحة آخر على أنصع الوجوه في مسيرة الثورة ... كانت معركة الإسلام في زمن الرسول . بين معسكري الشرك و التوحيد لكنها مع علي أضحت معركة بين أبناء الثورة الأتقياء. و بين عناصر الثورة المضادة التي اتخذت شكلا جديدا في ظل الإسلام كذلك كانت حرب محمد و أبي سفيان تختلف عن حرب علي و معاوية ... كانت الأولى حرب بين عدو و عدو أما الثانية فقد كانت بين الصديق و شبه الصديق... كانت خطورتها على أنها حرب داخلية و لطالما انتصرت الثورات على أعدائها في الخارج و لكنها لطالما منيت بالهزيمة على يد أعدائها في الداخل من هنا كانت حرب الإسلام على النفاق و اعتباره أعظم من الشرك ... لقد كانت معركة محمد (ص) أحدى مظاهر انتصار الإسلام على الشرك الصريح في الجبهات الخارجية.. أما معركة (ع) فكانت مظهرا من مظاهر الهزيمة في الجبهة الداخلية.. فقد خاض علي حربه... [/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']ضد الجاهلية المستجدة التي لبست لبوس الإسلام... و ضد الشرك الذي اتخذ شكل التوحيد...[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif'] الإمام الحسين (ع) أطروحة الثورة و فلسفة الشهادة..........................................9[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']و ضد الوثنية ذات المصاحف المرفوعة على أسنة الرماح ..[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']خاضها حربا طويلة و مريرة ثم ما لبث أن لقي مصرعه على يد المتطرفين من الخوارج اللذين كانوا لعبة في أيدي أعدائهم الأذكياء. إلى أن ضعفت قوى الثورة الحقيقية تحت ضربات الجاهلية الجديدة و استمرت الأيام تغيب وجه الثورة الأصيل إلى أن جاء الحسن (ع)... كان الحسن (ع) وارثا لتركة أبيه ممثلة بالحكومة التي خلفها و الجيش الذي نفذ النفاق إلى أعمق أعماقه فسقط قادته تحت إغراء وعود و أموال السلطة الأموية في الشام بحيث كانوا على استعداد للمساومة على القائد و العقيدة . و كانت صفقات بيع القيم و الشرف تعقد في الداخل كانت أهم البقع و أغناها قد وقعت في يد العدو . يتحرك عليها بكل حرية.. في حين كانت قوات الحسن عليه السلام عاجزة عن الوصول إليها أما في العراق نفسه ... فقد كان روح الشقاق قد تفشت و اتسعت الشقة بين الأجنحة فطبقت الأشراف تخلت عن الالتزام بالمبادئ العلوية التي يستند إليها حكم الحسن (ع) بينما كانت الجماهير الكادحة غارقة في الضعف و الجهل و التراجع تحت تأثير الخوارج اللذين اتخذوا موقفا فضا متشددا أستهدف التأثير على العامة ... و في هذا الخضم . وقفت مع الحسن (ع) البقية القليلة الباقية من مناصري الثورة الإسلامية الأكثر وعيا بمبادئها و لكن هذه القوة سرعان ما أخذت بالضمور أما القوى الداخلية المعادية فكان أن وقعت الكارثة التي قوضت إسلام العدالة. و أبقت على إسلام الأشراف و النخبة فكان الصلح الذي فرض على الحسن (ع) فرضا ... لقد عاش الحسن في المدينة مجردا من سلاحه . و هو الذي كان يمثل روح الثورة على الجاهلية المستجدة . حيث وجد حتى من أسرته من يعاديه . و صار لا يأمن جواسيس بني أمية حتى داخل بيته و سهل على معاوية أن يشتري ضمير زوجته فأقدمت على دس السم له في جرعة العسل و لعل النظرة الذي وصل إليه الناس يومئذ في علاقته مع الإسلام الحقيقي . الذي يمثله الإمام الحسن (ع) ترينا الموقف العنيف الذي جوبه به عند دفن جثمانه . فقد أوصى إلى أخيه بأن يدفن قرب جده . فرفضت السلطة الأموية بعنف تنفيذ تلك الوصية .[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']و في المدينة ... مدينة جده و أبيه ... و مأوى الأنصار و المهاجرين و نفي جثمان الحسن (ع) ليدفن أخيرا في مقبرة المدينة العامة المعروفة بالبقيع ... [/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']إن مظهر الغربة هذا ... و بالتالي مظهر الضعف الذي كان يحيط بالحسن (ع) و هو في مدينة جده إنما هو صورة لضعف جبهة النضال و الحق الذي كان يمثلها و التي تعرضت لهجمة رجعية شرسة أشعلت ضدها نار الحرب في كل الميادين و فرضت سيطرتها في كل الساحات ... و لقد جاء الآن الحسين (ع) ... و دوره التاريخي .. و أنا لن معرفة الأسلوب الذي اختاره الحسين (ع) لثورته ما لم نعرف الظروف العامة و الخاصة التي تحيط به و الشروط التي أوجبت عليه اختيار هذا الأسلوب ... كان ظهور الدور الحسيني في سنة 60 هـ حيث الأمة بانتظار رجل تاريخي ينهض بأعباء الدور القيادي . و يكون حارساً و مسئولا عن هذه الثورة الكبرى التي أطلقها [/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif'] الإمام الحسين (ع) أطروحة الثورة و فلسفة الشهادة..........................................1 0[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']محمد بن عبد الله (ص) و التي أخذت دعائمها تتقوض تحت ضربات بني أمية و أعوانهم . و كان دور الحسين (ع) هنا شاقا لأنه كان دورا تاريخيا لقد تلفت حواليه و نظر إلى الأوضاع السائدة من حوله . فوجد أنه مسئول عن حراسة الثورة فقد آخر قاعدة من قواعدها و آخر قلعة من قلاعها و آخر قيمة من قيمها . و لم يبق من تراث جده و أبيه و أخيه الذي يشكل وجه الإسلام و صورة العدل و الحق سيف أو جندي واحد ...[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']كان الواقع الاجتماعي و السياسي و الأمة مشرفة على سنة 60 هـ على الشكل التالي :[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']كانت قد مرت سنوات وبنو أميه ماضون في تقويض الثورة الإسلامية وقواعدها الاجتماعية وإسقاطها قاعدة اثر قاعدة .من جهة .وقريش تصادر كل منجزات هذه الثورة.وكل قيمها .لتسخرها لخدمة إغراضها الخاصة ...إما أنصار الثورة, وتلاميذ محمد(ص) ورفاقه الأوائل عقب إلغاء ونسف مركز الحكومة الثورية الإسلامية في المدينة , فقد انقسموا إلى ثلاث فئات :[/FONT]
· [FONT='Arial','sans-serif']فئة لم يؤت الصبر أفرادها على تحمل ما يجري للقيم الإسلامية الشريفة فهاجروا بالثورة [/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']ورفعوا الصلوات, وقتلوا , وكان أبو ذر و عمار وعبد الله أبن مسعود وميثم وحجر بن عدي (رضي الله عنهما) قد سلكوا طريق الشهادة وكانوا رواد وقادة هذه الفئة الإبرار ...[/FONT]
· [FONT='Arial','sans-serif']وفئة انتهت إلى أن الجنة التي ينبغي نيلها تحت ضلال السيوف والتي كان الجهاد باب من أبوابها يمكن نيلها عن طريق أكثر سهوله و أقل نصبا وهو طريق الزهد والعبادة واعتزال الناس وكان ممثل هذه الفئة عبد الله بن عمر وهذا الموقف السلبي كان غريبا من فئة كان من أفرادها رجال صحبوا الرسول وتربوا في مدرسة الإسلام و أدركوا معاني الجهاد والتضحية في سبيل الحق لكنهم ما لبثوا في تلك الفترة التاريخية الحرجة التي تتطلب جهر الصوت والدعوة إلى العدل أن انكفئوا عن ساحة الحرب بين الحق والباطل واعتزلوا في أروقة المساجد وخلايا البيوت مضحين بنخبة جيدة من أبطال الحق لصالح الظلم والردة في حين كانت الأمة وهي تتلوى تحت سياط بني أمية تنتظر منهم موقفا[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']يتبع [/FONT]
أخواني الاعزاء هذه أول مشاركة لي في النتدى أرجو أن تنال أعجابكم
المحاضرة للسيد محمد محمد باقر الصدر وبعنوان الحسين أطروحة الثورة وفلسفة الشهاده
وقد جعلت المحاضرة بعدة حلقات يعني حقلقتين أو ثلاث ولم يتم وضع الحلقة التالية بعد وضع الردود و ما أرجوه من
المشرفين ـثبيت هذه المحاضرة
المحاضرة كا التالي
[FONT='Arial','sans-serif']الإمام الحسين (ع) أطروحة الثورة و فلسفة الشهادة..........................................1[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif'][/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']المقدمة:-[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']من لا يعرف الحسين ؟![/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']و هو الذي لم يحظ رجل في التاريخ (خارج أطر الأنبياء) بما حضي هو به من اهتمام العلماء و الباحثين و الدارسين من مختلف الأجناس على وجه الأرض و على امتداد التاريخ لتفرده كرجل....و كقضية..[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']و لتفرد الدور الذي أداه كدورٍ مكمل للدور الرسالي الإلهي...[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']فلم يعد خافياً على أحد من هو الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) كما لم تعد خافية تفاصيل استشهاده و مفرداتها ...ثم حجم التضحية التي قدمها كقائد مسؤول عن أمة .. و عن دين..[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']و لكن المهم هو:كيف تعامل المسلمون مع قضية الحسين (ع)؟[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']و كيف نظروا إلى واقعة كربلاء؟...[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']إن غالبية الموالين للحسين (ع) انبهروا بالجانب المأساوي من الحدث فلم يجدوا على أرض كربلاء غير رؤوس تقطع و خيام تحرق و نساء تسبى فما استطاعوا حيالها إلا البكاء و النحيب و الضرب على الصدور ..........[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']أما نخبة منهم –علماء و مفكرين- فقد وجدوا على أرض كربلاء حقائق أكبر و معان أعمق وجدوا عليها قضية عظيمة كانت المأساة إحدى أدوات نجاحها و تحقيق أهدافها....[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']أنها ثورة الحق ضد الباطل...[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']و صرخة الإسلام ضد الجاهلية التي بدأت تعود..[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']بل هي دعوة مستمرة لتقويض هياكل الأصنام على مر العصور...[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']و أما الآخرون(السائرون في ركاب السياسة و سلاطينها) فإنهم لم يجدوا في الحسين إلا إنه قتيل سعيه إلى السلطة و الحكم!![/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']و هؤلاء أيضاً فيهم نخبة و لكنها نخبة فقدت وعيها فلم تعد قادرة على التمييز فقالت : إن سيدنا يزيد قتل سيدنا الحسين (ع) !! فأصبح الجميع سادة لهم : زعيم الباطل و إمام الحق على السواء....[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']و لا يزال الجميع على ما هم عليه.....[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']الإمام الحسين (ع) أطروحة الثورة و فلسفة الشهادة..........................................2[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']فالموالون ... لا زالوا يبكون و يلطمون.....[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']و نخبتهم لا زالت تكتشف يوماً بعد يوم دروساً ثورية و فكرية في قضية الحسين (ع) دون أن تندفع إلى الاحتذاء به و السير على نهجه و طريقه....[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']و عبيد المال و السلطان لا زالوا ينظرون إلى الحسين (ع) كرجل سياسة طموح لم يستطع تحقيق أهدافه و نخبتهم لا زالت غير قادرة على التمييز ...[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']و لكن بين كل هؤلاء هنالك من قرأ الدرس باجتهاد فاستوعبه و آمن به فجرى في أعماقه مجرى الدم في العروق أن يقدم دماءه كما قدمها الحسين (ع)....[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']أن يحيلها إلى نار تحرق عروش الظالمين كما فعلت دماء الحسين (ع) ....[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']إنه فيلسوف العصر الإمام الشهيد السيد محمد باقر الصدر (قدس).. الذي فهم فكر الحسين (ع) و فلسفة ثورته فآمن بهما سوية و حين أيقن أن الظرف هو عين ظرف يزيد و إن الجاهلية حركت رأسها لتعود و إن الإسلام –لكي يستمر- لابد له من دم يسيل كما سال دم الحسين (ع) على صعيد كربلاء و حين تلفت حوله فلم يجد من فهم الدرس كما فهمه هو تقدم حاملاً كفنه و أطلق لاءاته المدوية في وجه الطغاة الأمويين الجدد ليرفد الإسلام بدم حسيني جديد فيقوده نحو التجدد و البقاء ... إن ما ستقرأه في هذا الكتاب هو نقل حرفي لمحاضرة نادرة مسجلة بصوت الإمام الشهيد نقلتها في سنة 1980 لا أعلم أين و منى ألقاها و لكنني أعرف جيداً أن كل ما فيها جديد يتحدث عن ثورة الحسين (ع) التي وقعت بالأمس و التي يجب أن تقع اليوم أو غداً ......[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']لقد حفظت هذه المحاضرة طيلة ثلاثين عاما قد انصرمت من الزمن الأسود متنقلاً بها مخبأً إلى مخبأً لكي أوصلها أليك في أحد الأيام و قد حان هذا اليوم بعد انهيار الصنم و سقوط الطاغية ......[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']و أنت تقرأها ..ستجد أن للتاريخ قراءات مختلفة ...[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']قراءة للكلمات... و أخرى للأحداث ... و ثالثة للأفكار...[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']قراءة تسوقها العاطفة ... و أخرى يقودها الميول....[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']قراءة تسبح على السواحل و الشطآن ... و أخرى تغوص في الأعماق فتستخرج اللآلئ و المرجان[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']قراءة تلتصق بزمن الحدث و ظرفه و لا تحيد عنه .. و أخرى تقرأ لك من خلال ماضيك ..حاضرك و مستقبلك..[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']و هذه هي قراءة الإمام الشهيد (قدس).. فأنه عندما يتحدث عن الحسين (ع) فأنه يقصد كل الثوار من أصحاب الرسالات اللذين جعلوا من دمائهم جسراً نحو الحرية و عندما يتحدث عن يزيد فأنه يتحدث عن جميع دهاقنة الظلم و الاستبداد و الدكتاتورية في كل زمان إنه يتحدث عن صدام..[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif'] الإمام الحسين (ع) أطروحة الثورة و فلسفة الشهادة..........................................3[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']و هو عندما يذكر كربلاء ... فأنه يذكر كل بقعة طاهرة من الأرض سالت عليها دماء شهيد..... إنه يذكر العراق..[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']و عندما يتناول فلسفة الحسين (ع) في الشهادة من أجل القضية ... فأنه يتحدث عن معاصريه و هو من الموالين للحسين (ع) .... أنه يتحدث عن نفسه...[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']إن من أبرز ما ستجده عندما تنهي قراءة المحاضرة هو أنك ستتأكد من أن الإمام الشهيد هو يكتبها أو هو يلقيها كان قد قرر بملئ إرادته و كامل وعيه الإقدام على الشهادة و سلوك طريقها و هو يعلم جيداً أنها آتية لا محالة... و ما كان هذا الإصرار على الشهادة إلا نتيجة لإيمانه و إقتناعه المطلقين بانتمائه إلى فلسفة الحسين (ع) في الشهادة و بدورها في تأجيج الثورة ضد الظلم و الطغيان و عندي أن الإمام الشهيد (قدس) اذا لم يكن الوحيد الذي فهم ثورة الحسين (ع) على هذا النحو فأنه (على الأقل) الوحيد الذي ترجم ذلك الفهم إلى ممارسة ....[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']فسلام عليه يوم ولد , و يوم استشهد , و يوم يبعث حيا .. و لنا فيه القدوة و الأسوة إن كنا صادقين....[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']و الحمد لله رب العالمين...[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif'][/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']عبد الحسين عبد الهادي العبيدي[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']بغداد-2005[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif'][/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif'][/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif'][/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif'][/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif'][/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif'][/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif'][/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif'][/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif'][/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']الإمام الحسين (ع)...[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif'] أطروحة الثورة و فلسفة الشهادة [/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']السيد الشهيد الإمام محمد باقر الصدر (قدس)[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']و في هذا اليوم حيث الحسين (ع) هو الأنموذج للبطل التاريخي سأتحدث إليكم عن شهادة هذا الشهيد..[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']لقد تحدث و كتب الكثيرون عن موقف الحسين (ع) بطل كربلاء و مازالوا يتحدثون و يكتبون فذهب التقليديون في تفسير هذا الموقف مذهباً و ذهب المثقفون التقدميون مذهباً آخر...[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']لكني فيما ذهب اليه بعد الإمعان في التأمل و التفكير انتهيت إلى أننا لن نفهم هذا الموقف الحسيني في معناه الأدق إلا متى فهمنا معنى الشهادة نفسها ... ذلك أن عظمة الحسين من جهة و تركيزنا على الضرر من جهة أخرى جعلنا نضيع في بريق عظمة الحسين (ع) ما هو أعظم منه ما هو أعظم من الحسين (ع) هو ما ضحى بنفسه من أجله ...[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']لقد كانت عند الحسين (ع) قضية و هو قد ضحى من أجل هذه القضية لكننا سقطنا في المأزق العاطفي إذ تكلمنا بسخاء الحسين (ع) و نسينا بسخاء مماثل القضية التي كان هو لها الشهيد الأكبر و التي كانت عظيمة عندنا ,عظيمة في تاريخ البشرية , و عظيمة بين يدي الخالق و خلقه , و عندي , و إن هذه القضية بمعناها الأدق هي الشهادة و هي مذهبي في تفسير موقف الحسين (ع) و بطولاته ......، و على هذا فأني سأطرحها أمامكم الآن من زاوية مغايرة فأنا أنظر إليها كمسألة فلسفية على ضوء الفكر... و بكلمة...إني أفكر و أستدل و أستعين بالعلم و المنطق ... و على هذا [/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']و من حيث يبدو هذا الطرح أمراً مستعصياً فأني سأبحر إليه في حدود قدرتي و فهمي و معرفتي .. و ليس سراً أن ما تثيره قضية الشهادة من معان زاخرة بالإثارة و الدهشة و هو مما يشل المنطق و يحبط القدرة على التفكير ..[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']فالشهادة هنا هي مزيج من العاطفة الملتهبة الجياشة و من الحكمة العميقة المعقدة و الحديث عن هذين العنصرين في أطار واحد يجعل الكلمة قاصرة عن الوصول إلى مرادها ثم أن المسألة تصبح أكثر تعقيداً بالنسبة لإنسان مثلي تنقصه قوة الروح و حرارة العاطفة و عذري أن ما أردت قوله كامن في حدود قدرتي و لعلي بالغ من ذلك بعض ما أردت غير مغال في قليل أو كثير ...[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif'][/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif'][/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']الإمام الحسين (ع) أطروحة الثورة و فلسفة الشهادة..........................................5[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']و أبدأ فأقول:إن أول شروط الوصول إلى سر الشهادة هو إبراز معالم المدرسة التي اتخذت هذه الشهادة في ظلها معناها و التي في إطارها تتبلور لها قيمة خاصة و هذه هي المدرسة التي يشكل الحسين أحد معالمها...، فالنضال التاريخي الذي يعتبر الحسين (ع) أحد حملة ألويته ، و كربلاء إحدى ساحاته ....هذا النضال ، هو جزء من حركة التأريخ ، هو حلقة في مسيرة نضالية تاريخية كانت موجودة في عصور مختلفة و على جهات متعددة ، و ستبقى ...ذلك أن الحسين (ع) صورة لحلقة متصلة في تلك السلسلة من التاريخ الإبراهيمي .... فيجب أن نفهم تلك الصورة بل و أن يكون فهمنا لها على هذا الأساس و ما من شك في إن طرح قضية الحسين (ع) معزولة عن ترابطها التاريخي و بالتالي إعطاء معركة كربلاء صورة الحادثة العابرة يؤدي إلى تجريدها من أسسها التاريخية ودوافعها الاجتماعية ومن ثم إفراغها من مضامينها الأساسية واستمراريتها المتجددة لتجعل منها (وهذا ما حدث)مجرد واقعه مؤسية لا نملك إزائها ألا أن نبكي كما نبكي اليوم لنستنتج من كل ذالك إن فصل الحسين (ع) وقضيته عن الجذور التاريخية للمدرسة العقائدية التي انبتتها هو بمثابة بتر عضو من جسم حي لدراسته أو الاحتفاظ به.[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']أن الثورات الدينية التي قام بها الأنبياء منذ القدم أنما تصنف على ضوء مضامين تلك الأديان والطبقة التي كان ينتمي إليها أولئك الانبياء ثم علاقاتهم الاجتماعية وكذالك الدعوة التي دعوا اليها وعلى هذا الأساس فأن جميع الانبياء في التاريخ الصادق منهم والدعي والمقصود من الأنبياء هنا المفهوم اللغوي وهو يعني كل من احدث حركة دينيه تاريخية يفرزون إلى مجموعتين :[/FONT]
· [FONT='Arial','sans-serif']الأولى :ويعتبر إبراهيم (ع) ابرز بناتها ومنها الانبياء الذين جاءوا من بعده وتعرفنا عليهم[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif'] لقربهم التاريخي منا فهؤلاء ينحدرون وينتمون إلى طبقه محرومة واحده وقال عنهم نبي الإسلام إن أكثرهم رعاة ماشيه كذالك قال عنهم التاريخ باستثناء قلة منهم كانوا يمتهنون حرفا متواضعة لا تسد الرمق .[/FONT]
· [FONT='Arial','sans-serif']وأما الثانية :فصحابها هم على نقيض المجموعة الأولى من حيث الطبقة والوضع الاجتماعي فهؤلاء الأنبياء أو أصحاب المدارس الفكرية والاخلا قيه سواء كانوا من الجنس الأصفر في الصين أو من الإيرانيين أو من أصحاب مذاهب الفلسفية و الأخلاقية في اليونان والذين هم في نهاية المطاف من خارج الدائرة الإبراهيمية فأنهم جميعا من دون استثناء كانوا من أبناء الطبقة النافذة المرفهة في مجتمعاتهم أي من أبناء الأمراء و الأشراف و رجال الدين و المال سواء عن طريق الأب أو الأم أو الاثنين معا كذلك كان كونفوشيوس و لاوتسو و زرادشت و ماني و مزدك و سقراط و أفلاطون و أرسطو [/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']إن قراءة تأريخ الطبقات تفيد أن الطبقة المسيطرة في المجتمع القديم كانت طبقة الأمراء و ذوي الثراء و رجال الدين اللذين كانوا يتنازعون فيما بينهم النفوذ الاقتصادي و السياسي و العقائدي و هم (سواء اختلفوا أو اتفقوا) فان اختلافهم أو اتفاقهم كان على حساب الرعية.[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']الإمام الحسين (ع) أطروحة الثورة و فلسفة الشهادة..........................................6[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']و عندما يذكر القران الأميين ((هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم)) فإنما يعني بالأميين أبناء الطبقة المحرومة من الرعية أما الرسول الذي منهم فهو الرسول الإبراهيمي الذي هو من هذه الطبقة و بالتالي فان هذا الإنسان المرسل ليس ملاكاً و أنما من البشر من عامة الناس من صميم تلك الطبقة المضطهدة و ليس من الخاصة المصطفاة...[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']و إذا قال القرآن

[FONT='Arial','sans-serif']تلك كانت معاجز هؤلاء الأنبياء و هي معاجز تتناسب مع رسالاتهم ...تمزيق السحر بالعصا ...و ضرب فرعون في عرشه ثم تبيان القرآن الإعلامي لحقيقتين هما:[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']أنه و الإسلام لم يأت محمد من عنده على أن دينا واحدا كان له على امتداد التاريخ ظهور يتلائم و ظروف عصره و بيئته و هذا الدين كان الإسلام و أكد القرآن هذه الظاهرة الفذة معطيا الإسلام رؤية تاريخية شاملة مستوعبا و مضيفا إلى ثورته جميع الثورات التي قاومت الشرك و ناهضت الأقوياء في سبيل الضعفاء معتبراً تلك الحرب واحدة في جميع الأزمنة و على كل الساحات و في بعض الآيات تبدو رؤية القرآن التاريخية واضحة في وضعها لكل هذه الثورات في حلقة مترابطة ((إن اللذين يكفرون بآيات الله و يقتلون النبيين بغير حق و يقتلون اللذين يأمرون بالقسط من الناس فبشرهم بعذاب أليم)) ففي هذه الآية الكريمة تتلمس ثلاثة حقائق مترابطة آخذة بعضها بأطراف بعض:[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']أولا:آيات الله ثانياً: الأنبياء ثالثاً:اللذين يدعون للعدالة.[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']إنها تضع اللذين يكفرون بآيات الله و قتلة الأنبياء و قتلة طلاب العدالة في صف واحد و تحكم عليهم حكما واحدا و هذا هو الفهم الاجتماعي و تلك هي فلسفة التاريخ البشري و تفسير ثوراته [/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']الإمام الحسين (ع) أطروحة الثورة و فلسفة الشهادة..........................................7[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']التاريخية كما عرضها القرآن .. لقد كان نبي الإسلام آخر رسول لذلك الدين الذي بعث أنبياؤه ليعلموا الناس الحكمة و الكتاب و العدالة و اللذين أكد القرآن على رسالاتهم الواحدة ...الرسالة ....المشعل من نبي إلى نبي و من رسول إلى رسول و كان آخر معلم من أولئك الأنبياء اللذين ناضلوا ليحرروا الإنسان من العبودية بالدعوة إلى عبادة إله واحد و هو في ثورته الكبرى تلك حقق هاتيك الرؤية الإنسانية النابعة من وحدة التاريخ البشري واهباً الأجناس و الملل على اختلاف ألوانها و تعدد طبقاتها و تناثر رؤاها تلك الوحدة التي فرقت الشرك من حيث كان الشرك أساس التفرقة ... لقد كان شعار التوحيد في الاسلام شعاراً للتحرير و قبل أن يتوجه محمد بن عبد الله بهذا الشعار إلى المثقفين و الخطباء و المتعلمين و القادرين و الفلاسفة توجه به إلى العبيد و المعذبين و المستضعفين و الجياع اللذين كانوا يؤلفون في مكة الطبقة المحرومة ... اللذين شكلوا مجموعة المسحوقين و الأرذلين و قد أخذ كبار مكة و قادتها من أعداء الرسول أخذوا عليه أن لم يتبعه إلا الأرذلون و كان هذا المأخذ أكبر شهادة زكت الإسلام و ثورته ....[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']فقد خرج محمد (ص) من المستضعفين و إلى المستضعفين في حين خرج قائد البوذية في الهند و الصين من أشراف الهند و الصين ....[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']أما اليوم فمع الإسلام تختلف القيم ... كان محمد بن عبد الله (ص) رسول الإسلام وعداً للعبيد اللذين ظنوا أن العبودية هي مصيرهم الأبدي وعدا للمحرومين المسحوقين الذين اعتقدوا تحت وطئة القوة السياسية والفكرية والأدبية والعسكرية التي كانت في خدمة السادة ... أنهم مخلوقون للقهر والذل والخنوع [/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']فإذا كان الفكر النبوي الخارج عن الدائرة الإبراهيمية المتفلت من غير إطارها يقول كما قال أرسطو وأفلاطون إن الله أو الطبيعة قد خلقت البشر صنفين : العبيد والأحرار [/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']فأن محمد ابن عبد الله قد أعلن أن البشرية من جنس واحد وذات اله واحد وبمبدأ المساواة هذا بنا مجتمعا إنسانيا جديدا على ضوء عقيدة وطيدة ونهج اقتصادي واجتماعي متين فلم يعد غريبا أذن أن يقدم مجتمع المدينة الذي أسترد فيه بلال وهو العبد المسحوق قيمته وشرفة الإنسانيين أو أن يفاجئ سالم (مولى أبي حذيفة) العرب واليهود حين أم المصلين في مسجد قباء وهو الذي عرفته قريش عبدا ذليلا متسكعا أن بلالا يعترف له بالقيمة الإيمانية الأكابر من قريش وسادة العرب و أن سالم مولى حذيفة يسجد خلفه للصلاة الأكابر كذلك أن محمدا أسقط كل قيم الجاهلية وضعا قيما جديدة لمفهوم الشرف والسيادة مجتمعين أمرا بتقصير اللحى الطويلة والثياب لان جر الثوب يورث الخيلاء مشيرا بأن يمشي الإنسان على الأرض هونا فإذا ركب فليردف أخاه المسلم خلفه ثم يذهب إلى أبعد ضاربا المثل بنفسه فها هو يركب الحمار العادي ليسقط بذالك قيم الشرف القديمة في نظر أصحابها وها هو يوغل في المساواة فيقول لمن تصيبه الرعدة من هيبة الرسول (ص) [/FONT]))[FONT='Arial','sans-serif']هون عليك فأنا أبن امرأة كانت تأكل القديد )) تلك هي مدرسة الاسلام التي اختطت للحسين (ع) حفيد [/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif'] الإمام الحسين (ع) أطروحة الثورة و فلسفة الشهادة..........................................8[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']المعلم الأكبر فيما بعد طريقة تلك هي مدرسة الاسلام التي قادها أخر راعٍ من الأنبياء الذين كان أكثرهم رعاة ماشية و أخر رسول من سلسلة أولئك الرجال الذين كانوا يبرزون على حين غرة من الصحراء القاحلة الصامتة ليقارعوا آلة القوه والمال واليهتكوا أقنعة الزيف على أن الفاصل بين حقيقة الاسلام وواقعة وبين مجرى الحوادث التي طرأت بعد وفاة الرسول مباشرة كان فاصلا ضئيلا جدا في بادئ الأمر و الزاوية بين مدرسة الإسلام و تاريخه كانت جذورها جدا قصيرة لكنها ما لبثت إن أخذت في الأتساع حسب امتداد المسافة التي أخذت تقطعها قدما على طريق الانحراف ثم انتهت إلى أن اتسعت الآف الكيلومترات فإذا أضيف إلى هذا الأتساع عوامل أخرى امتدت المسافة حتى أخذ كل ضلع من خطي الزاوية اتجاهاً آخر مبتعداً كل البعد عن الآخر في رحلة معاكسة و لقد كان ذلك بعد خمس عشرة سنة من قبض الرسول حتى أصبحت الخلافة التي تمثل مركز الإسلام أرضاً ممغنطة جذبت إليها كل العناصر المضادة لثورة الإسلام و على هذا الجسر عبرت هذه العناصر الخنادق الفاصلة بين الإسلام والجاهلية فأسقطت أهم قاعدة شادها المهاجرون والأنصار وأصبح الخليفة أداة في أيدي أولئك الذين وترهم الإسلام وبواسطتها استعادوا كل قواهم وجمعوا أمرهم ليستردوا نفوذهم البائد الذي قوضته الثورة وقد صادفت هذه الردة نجاحا ما لبث إن أصبح أساسا للفواجع التي تلت بل قانونا استمر على امتداد تاريخ طويل ولا أقول هنا إن هذا القانون لا مفر منه لكي يصبح قانون

[FONT='Arial','sans-serif']ضد الجاهلية المستجدة التي لبست لبوس الإسلام... و ضد الشرك الذي اتخذ شكل التوحيد...[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif'] الإمام الحسين (ع) أطروحة الثورة و فلسفة الشهادة..........................................9[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']و ضد الوثنية ذات المصاحف المرفوعة على أسنة الرماح ..[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']خاضها حربا طويلة و مريرة ثم ما لبث أن لقي مصرعه على يد المتطرفين من الخوارج اللذين كانوا لعبة في أيدي أعدائهم الأذكياء. إلى أن ضعفت قوى الثورة الحقيقية تحت ضربات الجاهلية الجديدة و استمرت الأيام تغيب وجه الثورة الأصيل إلى أن جاء الحسن (ع)... كان الحسن (ع) وارثا لتركة أبيه ممثلة بالحكومة التي خلفها و الجيش الذي نفذ النفاق إلى أعمق أعماقه فسقط قادته تحت إغراء وعود و أموال السلطة الأموية في الشام بحيث كانوا على استعداد للمساومة على القائد و العقيدة . و كانت صفقات بيع القيم و الشرف تعقد في الداخل كانت أهم البقع و أغناها قد وقعت في يد العدو . يتحرك عليها بكل حرية.. في حين كانت قوات الحسن عليه السلام عاجزة عن الوصول إليها أما في العراق نفسه ... فقد كان روح الشقاق قد تفشت و اتسعت الشقة بين الأجنحة فطبقت الأشراف تخلت عن الالتزام بالمبادئ العلوية التي يستند إليها حكم الحسن (ع) بينما كانت الجماهير الكادحة غارقة في الضعف و الجهل و التراجع تحت تأثير الخوارج اللذين اتخذوا موقفا فضا متشددا أستهدف التأثير على العامة ... و في هذا الخضم . وقفت مع الحسن (ع) البقية القليلة الباقية من مناصري الثورة الإسلامية الأكثر وعيا بمبادئها و لكن هذه القوة سرعان ما أخذت بالضمور أما القوى الداخلية المعادية فكان أن وقعت الكارثة التي قوضت إسلام العدالة. و أبقت على إسلام الأشراف و النخبة فكان الصلح الذي فرض على الحسن (ع) فرضا ... لقد عاش الحسن في المدينة مجردا من سلاحه . و هو الذي كان يمثل روح الثورة على الجاهلية المستجدة . حيث وجد حتى من أسرته من يعاديه . و صار لا يأمن جواسيس بني أمية حتى داخل بيته و سهل على معاوية أن يشتري ضمير زوجته فأقدمت على دس السم له في جرعة العسل و لعل النظرة الذي وصل إليه الناس يومئذ في علاقته مع الإسلام الحقيقي . الذي يمثله الإمام الحسن (ع) ترينا الموقف العنيف الذي جوبه به عند دفن جثمانه . فقد أوصى إلى أخيه بأن يدفن قرب جده . فرفضت السلطة الأموية بعنف تنفيذ تلك الوصية .[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']و في المدينة ... مدينة جده و أبيه ... و مأوى الأنصار و المهاجرين و نفي جثمان الحسن (ع) ليدفن أخيرا في مقبرة المدينة العامة المعروفة بالبقيع ... [/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']إن مظهر الغربة هذا ... و بالتالي مظهر الضعف الذي كان يحيط بالحسن (ع) و هو في مدينة جده إنما هو صورة لضعف جبهة النضال و الحق الذي كان يمثلها و التي تعرضت لهجمة رجعية شرسة أشعلت ضدها نار الحرب في كل الميادين و فرضت سيطرتها في كل الساحات ... و لقد جاء الآن الحسين (ع) ... و دوره التاريخي .. و أنا لن معرفة الأسلوب الذي اختاره الحسين (ع) لثورته ما لم نعرف الظروف العامة و الخاصة التي تحيط به و الشروط التي أوجبت عليه اختيار هذا الأسلوب ... كان ظهور الدور الحسيني في سنة 60 هـ حيث الأمة بانتظار رجل تاريخي ينهض بأعباء الدور القيادي . و يكون حارساً و مسئولا عن هذه الثورة الكبرى التي أطلقها [/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif'] الإمام الحسين (ع) أطروحة الثورة و فلسفة الشهادة..........................................1 0[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']محمد بن عبد الله (ص) و التي أخذت دعائمها تتقوض تحت ضربات بني أمية و أعوانهم . و كان دور الحسين (ع) هنا شاقا لأنه كان دورا تاريخيا لقد تلفت حواليه و نظر إلى الأوضاع السائدة من حوله . فوجد أنه مسئول عن حراسة الثورة فقد آخر قاعدة من قواعدها و آخر قلعة من قلاعها و آخر قيمة من قيمها . و لم يبق من تراث جده و أبيه و أخيه الذي يشكل وجه الإسلام و صورة العدل و الحق سيف أو جندي واحد ...[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']كان الواقع الاجتماعي و السياسي و الأمة مشرفة على سنة 60 هـ على الشكل التالي :[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']كانت قد مرت سنوات وبنو أميه ماضون في تقويض الثورة الإسلامية وقواعدها الاجتماعية وإسقاطها قاعدة اثر قاعدة .من جهة .وقريش تصادر كل منجزات هذه الثورة.وكل قيمها .لتسخرها لخدمة إغراضها الخاصة ...إما أنصار الثورة, وتلاميذ محمد(ص) ورفاقه الأوائل عقب إلغاء ونسف مركز الحكومة الثورية الإسلامية في المدينة , فقد انقسموا إلى ثلاث فئات :[/FONT]
· [FONT='Arial','sans-serif']فئة لم يؤت الصبر أفرادها على تحمل ما يجري للقيم الإسلامية الشريفة فهاجروا بالثورة [/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']ورفعوا الصلوات, وقتلوا , وكان أبو ذر و عمار وعبد الله أبن مسعود وميثم وحجر بن عدي (رضي الله عنهما) قد سلكوا طريق الشهادة وكانوا رواد وقادة هذه الفئة الإبرار ...[/FONT]
· [FONT='Arial','sans-serif']وفئة انتهت إلى أن الجنة التي ينبغي نيلها تحت ضلال السيوف والتي كان الجهاد باب من أبوابها يمكن نيلها عن طريق أكثر سهوله و أقل نصبا وهو طريق الزهد والعبادة واعتزال الناس وكان ممثل هذه الفئة عبد الله بن عمر وهذا الموقف السلبي كان غريبا من فئة كان من أفرادها رجال صحبوا الرسول وتربوا في مدرسة الإسلام و أدركوا معاني الجهاد والتضحية في سبيل الحق لكنهم ما لبثوا في تلك الفترة التاريخية الحرجة التي تتطلب جهر الصوت والدعوة إلى العدل أن انكفئوا عن ساحة الحرب بين الحق والباطل واعتزلوا في أروقة المساجد وخلايا البيوت مضحين بنخبة جيدة من أبطال الحق لصالح الظلم والردة في حين كانت الأمة وهي تتلوى تحت سياط بني أمية تنتظر منهم موقفا[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']يتبع [/FONT]
تعليق