تويت
(ام البنين).. سيدة زكية زاهدة.. يتبركن النسوة بـ ( سفرتها )
زوجة الكرار ام قمر بني هاشم العباس (عليهما السلام). ليس في العرب اشجع من آبائها ولم يعرف التاريخ ضرة تخلص لابناء ضرتها وتقدمهم على ابنائها سوى هذه السيدة الزكية. كانت فصيحة بليغة لسنة ورعة ذات زهد وتقى وعبادة. من النساء الفضليات العارفات بحق اهل البيت، مخلصة في ولائهم ممحضة في مودتهم ولها عندهم الجاه الوجيه والمحل الرفيع. بالرغم من التعتيم الذي فرضه النظام السابق على الرموز الدينية التي هي سراج ينير الطريق للناس في مسيرة حياتهم، فأن الذاكرة الجمعية العراقية بقيت محتفظة بمكانة كبيرة لهذه السيدة الجليلة ام البنين.
فالنسوة في بلادنا يتبركن بـ ( سُفرة ام البنين ) ويلتمسن الشفاء وقضاء الحاجات بأذن الله. واشتهر بين الناس خاصة العارفون بحقها انه اذا فقد شيء فانهم يقرأون الفاتحة على روحها الطاهرة مع ذكر الصلوات على محمد وآل محمد فأنهم يجدون ما فقدوه وينالون ما طلبوه بأذن الله، والنذور المقدمة لله بثوابها تحل المشاكل الكبيرة كشفاء المرض واعطاء الاولاد لمن لم يرزق ولدا ودفع البلايا، وكرامات ام البنين اكثر من ان تعد، فأذا كانت لديك حاجة ملحة فتوجه الى الله سبحانه وتعالى وقدم ام البنين وسيلة كما قال الله سبحانه (وابتغوا اليه الوسيلة) المائدة (35) ونعم الوسيلة هذه السيدة الجليلة، قدوة في الايمان والاستقامة، ورمز البطولة، والحديث عن ام البنين الآن ضروري حيث اننا بحاجة الى قدوات نسائية تتمثل شخصيتهن بالثبات في مواجهة التحديات الحضارية التي نمر بها وام البنين واحدة من ابرز تلك النساء الفضليات، اسمها فاطمة وكنيتها ام البنين، اسم ابيها حزام بن خالد بن ربيعة بن الوحيد بن كعب بن عامر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن، اسم امها ثمامة بنت السهيل بن عامر ابن مالك (وهو ابن ابي برة عامر ملاعب الاسنة) بن جعفر بن كلاب.
ولادتها: قدّرت على وجه التقريب بعد الهجرة بخمس سنين.
زواجها: تزوجها الامام علي عليه السلام بعد وفاة فاطمة عليها السلام، حيث روي ان امير المؤمنين قال لاخيه عقيل ـ وكان نسّابة عالما بأنساب العرب واخبارهم: انظر الى امرأة ولدتها الفحولة من العرب لاتزوجها، فتلد لي غلاما فارسا، فقال له: ليس في العرب اشجع من آبائها، وانها لما دخلت على علي كان الحسنان مريضين فأخذت تسهر معهما وتقابلهما بالبشاشة ولطيف الكلام.
* اولادها:
من اولادها: العباس وجعفر وعبد الله وعثمان ربتهم على البطولة والشهامة والفداء وعلى التسليم لله سبحانه وتعالى، وكانت المعركة الحاسمة في كربلاء، ام البنين تودع ابناءها وتجلس في المدينة تنتظر الاخبار الى ان كان ذلك اليوم يوم قدوم اهل البيت راجعين من كربلاء الى المدينة واذا بالناعي ينعى الامام الحسين عليه السلام عند قبر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قائلا:
يا اهل يثرب لا مقام لكم بها ** قتل الحسين فادمعي مدرار
الجسم منه بكربلاء مضرج ** والرأس منه على القنا يدار
فقالت ام البنين ايها ا لناعي: اخبرني عن ابي عبد الله الحسين عليه السلام، فلما نعى اليها الاربعة قالت: قطعت نياط قلبي، اولادي ومن تحت الخضراء كلهم فداء لابي عبد الله الحسين عليه السلام، اخبرني عن الحسين عليه السلام، فقال لها: عظم الله لك الاجر بمصاب مولانا الحسين عليه السلام.
وقصة استشهاد اولادها الاربعة في واقعة الطف تروى على النحو الآتي:
لما رأى العباس كثرة القتلى في اهله قال لاخوته: تقدموا فحاموا عن سيدكم حتى تموتوا دونه واراكم قد نصحتم لله ورسوله.
فتقدم عبد الله (استشهد وعمره خمس وعشرين سنة ولا عقب له) وقاتل قتالا شديدا وهو يقول:
انا ابن ذي النجدة والافضال
ذاك علي الخير ذو الفعال
سيف رسول الله ذو النكال
في كل قوم ظاهر الاهوال
قتله هانئ بن ثبيت الحضرمي.
وتقدم بعده جعفر (استشهد وعمره تسع عشرة سنة، ولا عقب له) وهو يقول:
اني انا جعفر ذو المعالي
ابن علي الخير ذو النوال
حسبي بعمي شرفا وخالي
احمي حسينا ذا الندى المفضال
قتله (خولي الاصبحي).
وبرز بعده عثمان (استشهد وعمره احدى وعشرين سنة) وروي عن علي عليه السلام انه قال: انما سميته باسم اخي عثمان بن مظعون، قائلا:
اني انا عثمان ذو المفاخر
شيخي علي ذو الفعال الظاهر
وابن عم النبي الطاهر
اخي حسين خيرة الاخاير
وسيّد الكبار والاصاغر
بعد الرسول والوصي الناصر
فرماه خولي بن يزيد الاصبحي على جبينه فسقط عن فرسه، وحز رأسه رجل من بني ابان. ولما رأي العباس (ويكنى ابا الفضل، ويلقب السقا لانه استسقى الماء لاخيه الحسين عليه السلام يوم الطف وقبره قريب من الشريعة حيث استشهد، وكان صاحب رايةاخيه الحسين عليه السلام في ذلك اليوم. قال الصادق عليه السلام: كان عمنا العباس نافذ البصيرة صلب الايمان جاهد مع ابي عبد الله وابلى بلاء حسنا ومضى شهيدا. ولد في اليوم الرابع من شعبان سنة ست وعشرين هجرية) اتاه اخاه وقال: يا اخي هل من رخصة؟ فبكى الحسين وقال اطلب لهؤلاء الاطفال قليلا من الماء. اقتحم الجيش بسيفه حتى دخل الماء فلما اراد ان يشرب غرفة من الماء ذكر عطش الحسين واهل بيته:
يا نفس من بعد الحسين هوني
وبعده لا كنت ان تكوني
هذا الحسين وارد المنون
وتشربين بارد المعين
هيهات ما هذا فعال ديني
ولافعال صادق اليقين
وملأ القربة وحملها على كتفه الايمن وتوجه نحو الخيمة فقطعوا عليه الطريق فحاربهم حتى ضربه (نوقل الازرق) على يده اليمنى فقطعها فحمل القربة على كتفه الايسر فضربه فقطع يده اليسرى فحلمها بأسنانه وجاءه سهم فأصاب القربة واريق الماء ثم جاءه سهم آخر فأصاب صدره فانقلب عن فرسه وصاح الى اخيه الحسين عليه السلام: ادركني. فلما أتاه رأه صريعا فبكى وحمله الى الخيمة وهو يقول: الآن انكسر ظهري وقلت حيلتي. (استشهد وله اربع وثلاثون سنة وله عقب واسمه عبيد الله. قال علي بن الحسين عليهما السلام: رحم الله العباس لقد اثر وابلى وفدى اخاه بنفسه حتى قطعت يداه، فأبدله الله بهما جناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنة، كما جعل لجعفر بن ابي طالب، وان للعباس عند الله تبارك وتعالى لمنزلة يغبطه بها جميع الشهداء يوم القيامة).
* وفاة ام البنين
توفيت ام البنين بعد مقتل الحسين عليه السلام، ودفنت بالبقيع بالقرب من فاطمة الزهراء، ويقال توفيت في الثالث عشر من جمادى الثاني سنة 64 هـ.
السلام على ام البنين يوم تزوجت عليّا ويوم ضحت بأبنائها، ويوم تبعث الى الله شاهدة بالحق
