النهضة الحسينية .. أسس قيامها ودورها
إسلام بني أمية
إن أحد الأمراض السياسية التي رافقت الرسالة الإسلامية منذ الأيام الأولى للبعثة هي الحالة التي أطلق عليها القرآن الكريم تسمية (النفاق) ولم تخلو فترة من حياة هذه الرسالة إلا وكان المنافقين قوة ونفوذ غير اعتيادي مما أوصلهم في بعض العصور إلى قمة قيادة الأمة حيث أدى هذا الوضع الشاذ إلى انحراف خطير طال كل الأرض الإسلامية.
وقد بدأت السلسلة منذ أيام الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله) فكان أبو سفيان بقصة عدائه المعروفة للدين الجديد ولشخص الرسول(صلى الله عليه وآله) ليصبح العلم الأول في قيادة المنافقين، وبدأت هذه المدرسة تخرج رجالاتها الذين أبلوا بلاءً خطيراً في تحريف النهج الإسلامي ومحاولة إعادة العصبية الجاهلية من جديد، فبعد وفاة الرسول(صلى الله عليه وآله) وإعطاء راية الخلافة إلى وصيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) برز معاوية بن أبي سفيان إلى السطح السياسي وأخذ يهيئ للدور الذي اختطه ورسمه له من سبقه في التخطيط لظهوره، وبعد مآل الخلافة الإسلامية إلى أبي بكر وعمر بن الخطاب وعثمان كان معاوية يعمل في خلف الكواليس لتنفيذ مهمته التي تبلورت قاعـــدتها في زمن خلافة عثمان ومن ثم قتله وما أحدث من إفرازات خلخلت الجبهة الإسلامية التي تمتعت بقدر من الاستقرار النوعي خلال الفترات السابقة لتبدأ حرب معاوية المعلنة ضد الخلافة الإسلامية المتمثلة بالإمام أمير المؤمنين علي (عليه السلام) وبدأت الفتن تنهش أطراف الدولة الإسلامية حيث برزت شوكة المرتدين والخوارج تقوى لتعطيل المشروع الإسلامي الذي أراد الإمام (عليه السلام) إعادته إلى سابق عهد رسول الله(صلى الله عليه وآله) إضافة إلى حروب معاوية وتمرده على الخلافة الإسلامية. ورغم الهدوء النسبي المعلن الذي ساد المرحلة الأخيرة من خلافة أمير المؤمنين (عليه السلام) إلا أن المؤامرة السيرة لم تهدأ وكانت تحضيرات معاوية تجري على قدم وساق لمواجهة المرحلة المقبلة، حتى حيكت مؤامرة اغتيال الإمام (عليه السلام) على يد من الخوارج الذين مثلوا وقتها الوجه السياسي لحركة معاوية الانقلابية.
وما دمنا لسنا بصدد عرض هذه الوقائع التاريخية وإنما أتينا بها مقدمة لكلامنا، فإن الحديث عنها يتطلب بحوثاً مفصلة وقد تحدثت الكثير من الكتب التاريخية وكتب السيرة عن هذا مفصلاً.لذا سنتركها وندخل فيما يرتبط بموضوعنا.
الإمام الحسين (عليه السلام) شاهداً
عاش الإمام الحسين (عليه السلام) خطوات الدعوة الإسلامية بكل مراحلها وتحت ظل النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله) الذي كان يقربه وأخاه الإمام الحسن (عليه السلام) منذ صغرهما وكان الإمام الحسين يلقى الرعاية من قبل الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله) ومن أمير المؤمنين (عليه السلام) بصورة استثنائية حتى أن الصحابة والخلفاء كانوا يقربونه لما عرفوا من قربه من رسول الله(صلى الله عليه وآله) الذي يقول فيه (عليه السلام):«حسين مني وأن من حسين» وفي قصة تنقلها التواريخ الإسلامية أن الإمام الحسين (عليه السلام) مر على المسجد فوجد عمر يخطب على المنبر فصاح به الإمام (عليه السلام) قائلاً له: «أنزل عن منبر أبي واذهب إلى منبر أبيك» فأجابه عمر بما يليق بالإمام (عليه السلام) قائلاً له:«لم يكن لأبي منبر»، ثم أخذ بيد الحسين (عليه السلام) بلطف ولما ذهب إلى بيته أخذه معه(1).
وقد عاش عليه السلام كل تلك الأحداث التي جرت من واقعة السقيفة وحتى حروب أبيه أمير المؤمنين (عليه السلام) ومن ثم كان المؤازر والناصر لولي عصره والخليفة من بعد أبيه الإمام الحسن (عليه السلام).
وقد كان للإمام الحسين (عليه السلام) مواقف مشهودة مع معاوية فقد وقف (عليه السلام) لمعاوية بالمرصاد، وحاسب ولأنه أشد الحساب ولم يستطع معاوية بدهائه وتصنعه في حلمه ومخاتلته في سياسته أن يجلب ودج الحسين(عليه السلام) ويكسبه إلى جنبه أو يهدا من ثورة غضبه عليه(2).
وعاش (عليه السلام) حروب أبيه ضد التمرد فكان قائداً في معركة الجملة ومعركة صفين وشهد مؤامرة التحكيم التي خدع بها معاوية الرأي العام ومن ثم شهد(عليه السلام) معركة أخيه الإمام الحسن(عليه السلام) ونكث العهود التي رافقت هدنته مع معاوية، فكان(عليه السلام) شاهداً على كل هذا التاريخ وكانت عزيمته تقوى للاستعداد لمقاومة هذا الانحراف الخطير وعندما حاول الكوفيون حث الإمام الحسن(عليه السلام) على إعادة الكرة في حرب معاوية ولما لم يعطهم الإمام(عليه السلام) جواباً لاحترامه للعهد الذي بينه وبين خصمه توجهوا إلى الإمام الحسين(عليه السلام) الذي كان جوابه مماثلاً لجواب أخيه(عليه السلام) حيث قال لهم(عليه السلام):«قد كان صلح وكانت بيعة كنت لها كارها فانتظروا ما دان هذا الرجل حياً –يعني معاوية- فإن يهلك نظرنا ونظرتم فانصرفوا عنه»(3).
وقد ظل زعماء الكوفة يوفدون رسلهم إلى الإمام الحسين(عليه السلام) لغرض التأثير على موقف الإمام الحسن(عليه السلام) غير أن الإمام الحسين(عليه السلام) كان يصر على احترام المواثيق كأمرٍ لابد منه وحتى بعد وفاة الإمام الحسن(عليه السلام) أجابهم بكتاب جاء فيه:«إني لأرجو أن يكون رأي أخي في الموادعة ورأيي في جهاد الظلمة رشداً وسداداً فألصقوا في الأرض، وأخفوا الشخص والتمسوا الهدى ما دام ابن هند حياً، فإن يحدث به حدث وأنا حي يأتكم رأيي إن شاء الله»(4).
بدعة معاوية
تكونت لدى معاوية فكرة كاملة عن الرأي العام الإسلامي الذي رفض طريقة حكمه خصوصاً في العراق والمدينة فأخذ يبلور شكلاً جديداً من الحكم اتخذ عدة أشكال من وسائل الضغط على المسلمين لتقبله وذلك باستحداث فكرة (ولاية العهد) والترويج لها والتي لاقت رفضاً شديداً في كل أقاليم الدولة غير أنته لم يكتفي بالدعوة المجرّدة فقط بل جنّد لذلك أعتى العناصر التي التفت حوله والمعروفة بانحرافها عن النهج الإسلامي.
وهنا بدأت مضايقة وحصار الإمام الحسين(عليه السلام) لأنه القائد الأبرز المرشح لقيادة الأمة حيث شخصت إليه أبصار المسلمين(عليه السلام).
وقد اتخذ معاوية أسلوب المرحلية في فرض مبدأ (ولاية العهد) فلم يعلن بادئ الأمر عن المرشح لهذا المنصب ليرى بعينه قائمة المنافسين لهذا المنصب ليتسنى له تصفيتهم أو الإيحاء بذلك غير أنه لم يكن يأبه بمن برزوا لهذا المنصب من أمثال مروان بن الحكم أو ابن الزبير أو غيرهم بمثل ما كان عليه الأمر من معارضة الإمام الحسين(عليه السلام) الشديدة والتي يقف وراءها أهل العراق بالدرجة الأولى.
وبعد إعلان فكرة معاوية (بالبيعة ليزيد) ساد الغضب العارم أوساط المدينة والكوفة وكان همه الأكبر هو وضع الكوفة حيث التأييد الشامل للإمام(عليه السلام)، رغم أن رأي أهل المدينة جاء رافضاً لهذه الفكرة كما جاء على لسان عبد الرحمن بن أبي بكر الذي قال في جمع من أهل المدينة ورسل معاوية بحضور مروان حيث وجه إليه الخطاب بعد أن حاول الأخير تجميل طرح فكرة ولاية العهد واعتبارها حلاً إسلامياً. قال عبد الرحمن:«كذبت وكذب من أمرك بهذا والله ما يزيد بمختار ولا رضئ ولكن تريدون أن تجعلوها هرقلية، ويزيد هو يزيد القرود ويزيد الفهود ويزيد الخمور»(5).
وجاء رد الإمام الحسين(عليه السلام) على خطاب معاوية الذي مدح فيه يزيد ووصفه بأوصاف تحببه من الناس فقال الإمام(عليه السلام):«كأنك تصف محجوباً أو تنعت غائباً أو تخبر عما كان مما إحتويته بعلم خاص وقد دل يزيد على موقع رأيه فخذ من يزيد مما أخذ به من استفزازه الكلاب الهارشة عند التهارش والحمام السبق لأترابهن والقينات ذوات المعازف وضروب الملاهي تجده ناصراً ودع ما تحاول فما أغناك أن تلقى الله بزر هذا الخلق بأكثر مما أنت لاقيه فوالله ما برحت تقدح باطلاً في جور وحنقاً في ظلم حتى ملأت الأسقية»(6).
وقد كانت له(عليه السلام) عدة مواقف وردود جريئة على معاوية كانت أشد من الصخر عليه (راجع كتاب [الإمام الحسين استراتيجية وموقف] محمد تقي باقر)، ثم بدأت مرحلة معاوية الثانية بأخذ البيعة قسراً وتحت السيوف وظل هدفه الأول هو استحصال البيعة من الإمام الحسين(عليه السلام) أو ضمان سكوته(عليه السلام) الأمر الذي لم يتسنى له إلى آخر معركة الطف.
هلاك معاوية واستخلاف يزيد
تذكر كتب التاريخ والسيرة فترات هلاك معاوية واستخلاف ابنه يزيد على أنها أسوأ كارثة عرفها الإسلام لأنها أسست لقيم جديدة لم يعرفها المجتمع الإسلامي من قبل فاستحداث نظام الوراثة كان من مبتدعات معاوية كما أن هذا الاختيار السيء ليزيد هو ضربة قاصمة لكل القيم الإسلامية حيث لم يعرف عن الخير غير تربيته السيئة البعيدة عن الإسلام حيث عاش وترعرع في كنف أسر مسيحية وكان يجاهر بالفسق والفور في أكثر من مناسبة بل ذهب إلى أكثر من ذلك إلى الكفر بقوله (لعبت هاشم بالملك فلا خبر جاء ولا وحي نزل).
إسلام بني أمية
إن أحد الأمراض السياسية التي رافقت الرسالة الإسلامية منذ الأيام الأولى للبعثة هي الحالة التي أطلق عليها القرآن الكريم تسمية (النفاق) ولم تخلو فترة من حياة هذه الرسالة إلا وكان المنافقين قوة ونفوذ غير اعتيادي مما أوصلهم في بعض العصور إلى قمة قيادة الأمة حيث أدى هذا الوضع الشاذ إلى انحراف خطير طال كل الأرض الإسلامية.
وقد بدأت السلسلة منذ أيام الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله) فكان أبو سفيان بقصة عدائه المعروفة للدين الجديد ولشخص الرسول(صلى الله عليه وآله) ليصبح العلم الأول في قيادة المنافقين، وبدأت هذه المدرسة تخرج رجالاتها الذين أبلوا بلاءً خطيراً في تحريف النهج الإسلامي ومحاولة إعادة العصبية الجاهلية من جديد، فبعد وفاة الرسول(صلى الله عليه وآله) وإعطاء راية الخلافة إلى وصيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) برز معاوية بن أبي سفيان إلى السطح السياسي وأخذ يهيئ للدور الذي اختطه ورسمه له من سبقه في التخطيط لظهوره، وبعد مآل الخلافة الإسلامية إلى أبي بكر وعمر بن الخطاب وعثمان كان معاوية يعمل في خلف الكواليس لتنفيذ مهمته التي تبلورت قاعـــدتها في زمن خلافة عثمان ومن ثم قتله وما أحدث من إفرازات خلخلت الجبهة الإسلامية التي تمتعت بقدر من الاستقرار النوعي خلال الفترات السابقة لتبدأ حرب معاوية المعلنة ضد الخلافة الإسلامية المتمثلة بالإمام أمير المؤمنين علي (عليه السلام) وبدأت الفتن تنهش أطراف الدولة الإسلامية حيث برزت شوكة المرتدين والخوارج تقوى لتعطيل المشروع الإسلامي الذي أراد الإمام (عليه السلام) إعادته إلى سابق عهد رسول الله(صلى الله عليه وآله) إضافة إلى حروب معاوية وتمرده على الخلافة الإسلامية. ورغم الهدوء النسبي المعلن الذي ساد المرحلة الأخيرة من خلافة أمير المؤمنين (عليه السلام) إلا أن المؤامرة السيرة لم تهدأ وكانت تحضيرات معاوية تجري على قدم وساق لمواجهة المرحلة المقبلة، حتى حيكت مؤامرة اغتيال الإمام (عليه السلام) على يد من الخوارج الذين مثلوا وقتها الوجه السياسي لحركة معاوية الانقلابية.
وما دمنا لسنا بصدد عرض هذه الوقائع التاريخية وإنما أتينا بها مقدمة لكلامنا، فإن الحديث عنها يتطلب بحوثاً مفصلة وقد تحدثت الكثير من الكتب التاريخية وكتب السيرة عن هذا مفصلاً.لذا سنتركها وندخل فيما يرتبط بموضوعنا.
الإمام الحسين (عليه السلام) شاهداً
عاش الإمام الحسين (عليه السلام) خطوات الدعوة الإسلامية بكل مراحلها وتحت ظل النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله) الذي كان يقربه وأخاه الإمام الحسن (عليه السلام) منذ صغرهما وكان الإمام الحسين يلقى الرعاية من قبل الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله) ومن أمير المؤمنين (عليه السلام) بصورة استثنائية حتى أن الصحابة والخلفاء كانوا يقربونه لما عرفوا من قربه من رسول الله(صلى الله عليه وآله) الذي يقول فيه (عليه السلام):«حسين مني وأن من حسين» وفي قصة تنقلها التواريخ الإسلامية أن الإمام الحسين (عليه السلام) مر على المسجد فوجد عمر يخطب على المنبر فصاح به الإمام (عليه السلام) قائلاً له: «أنزل عن منبر أبي واذهب إلى منبر أبيك» فأجابه عمر بما يليق بالإمام (عليه السلام) قائلاً له:«لم يكن لأبي منبر»، ثم أخذ بيد الحسين (عليه السلام) بلطف ولما ذهب إلى بيته أخذه معه(1).
وقد عاش عليه السلام كل تلك الأحداث التي جرت من واقعة السقيفة وحتى حروب أبيه أمير المؤمنين (عليه السلام) ومن ثم كان المؤازر والناصر لولي عصره والخليفة من بعد أبيه الإمام الحسن (عليه السلام).
وقد كان للإمام الحسين (عليه السلام) مواقف مشهودة مع معاوية فقد وقف (عليه السلام) لمعاوية بالمرصاد، وحاسب ولأنه أشد الحساب ولم يستطع معاوية بدهائه وتصنعه في حلمه ومخاتلته في سياسته أن يجلب ودج الحسين(عليه السلام) ويكسبه إلى جنبه أو يهدا من ثورة غضبه عليه(2).
وعاش (عليه السلام) حروب أبيه ضد التمرد فكان قائداً في معركة الجملة ومعركة صفين وشهد مؤامرة التحكيم التي خدع بها معاوية الرأي العام ومن ثم شهد(عليه السلام) معركة أخيه الإمام الحسن(عليه السلام) ونكث العهود التي رافقت هدنته مع معاوية، فكان(عليه السلام) شاهداً على كل هذا التاريخ وكانت عزيمته تقوى للاستعداد لمقاومة هذا الانحراف الخطير وعندما حاول الكوفيون حث الإمام الحسن(عليه السلام) على إعادة الكرة في حرب معاوية ولما لم يعطهم الإمام(عليه السلام) جواباً لاحترامه للعهد الذي بينه وبين خصمه توجهوا إلى الإمام الحسين(عليه السلام) الذي كان جوابه مماثلاً لجواب أخيه(عليه السلام) حيث قال لهم(عليه السلام):«قد كان صلح وكانت بيعة كنت لها كارها فانتظروا ما دان هذا الرجل حياً –يعني معاوية- فإن يهلك نظرنا ونظرتم فانصرفوا عنه»(3).
وقد ظل زعماء الكوفة يوفدون رسلهم إلى الإمام الحسين(عليه السلام) لغرض التأثير على موقف الإمام الحسن(عليه السلام) غير أن الإمام الحسين(عليه السلام) كان يصر على احترام المواثيق كأمرٍ لابد منه وحتى بعد وفاة الإمام الحسن(عليه السلام) أجابهم بكتاب جاء فيه:«إني لأرجو أن يكون رأي أخي في الموادعة ورأيي في جهاد الظلمة رشداً وسداداً فألصقوا في الأرض، وأخفوا الشخص والتمسوا الهدى ما دام ابن هند حياً، فإن يحدث به حدث وأنا حي يأتكم رأيي إن شاء الله»(4).
بدعة معاوية
تكونت لدى معاوية فكرة كاملة عن الرأي العام الإسلامي الذي رفض طريقة حكمه خصوصاً في العراق والمدينة فأخذ يبلور شكلاً جديداً من الحكم اتخذ عدة أشكال من وسائل الضغط على المسلمين لتقبله وذلك باستحداث فكرة (ولاية العهد) والترويج لها والتي لاقت رفضاً شديداً في كل أقاليم الدولة غير أنته لم يكتفي بالدعوة المجرّدة فقط بل جنّد لذلك أعتى العناصر التي التفت حوله والمعروفة بانحرافها عن النهج الإسلامي.
وهنا بدأت مضايقة وحصار الإمام الحسين(عليه السلام) لأنه القائد الأبرز المرشح لقيادة الأمة حيث شخصت إليه أبصار المسلمين(عليه السلام).
وقد اتخذ معاوية أسلوب المرحلية في فرض مبدأ (ولاية العهد) فلم يعلن بادئ الأمر عن المرشح لهذا المنصب ليرى بعينه قائمة المنافسين لهذا المنصب ليتسنى له تصفيتهم أو الإيحاء بذلك غير أنه لم يكن يأبه بمن برزوا لهذا المنصب من أمثال مروان بن الحكم أو ابن الزبير أو غيرهم بمثل ما كان عليه الأمر من معارضة الإمام الحسين(عليه السلام) الشديدة والتي يقف وراءها أهل العراق بالدرجة الأولى.
وبعد إعلان فكرة معاوية (بالبيعة ليزيد) ساد الغضب العارم أوساط المدينة والكوفة وكان همه الأكبر هو وضع الكوفة حيث التأييد الشامل للإمام(عليه السلام)، رغم أن رأي أهل المدينة جاء رافضاً لهذه الفكرة كما جاء على لسان عبد الرحمن بن أبي بكر الذي قال في جمع من أهل المدينة ورسل معاوية بحضور مروان حيث وجه إليه الخطاب بعد أن حاول الأخير تجميل طرح فكرة ولاية العهد واعتبارها حلاً إسلامياً. قال عبد الرحمن:«كذبت وكذب من أمرك بهذا والله ما يزيد بمختار ولا رضئ ولكن تريدون أن تجعلوها هرقلية، ويزيد هو يزيد القرود ويزيد الفهود ويزيد الخمور»(5).
وجاء رد الإمام الحسين(عليه السلام) على خطاب معاوية الذي مدح فيه يزيد ووصفه بأوصاف تحببه من الناس فقال الإمام(عليه السلام):«كأنك تصف محجوباً أو تنعت غائباً أو تخبر عما كان مما إحتويته بعلم خاص وقد دل يزيد على موقع رأيه فخذ من يزيد مما أخذ به من استفزازه الكلاب الهارشة عند التهارش والحمام السبق لأترابهن والقينات ذوات المعازف وضروب الملاهي تجده ناصراً ودع ما تحاول فما أغناك أن تلقى الله بزر هذا الخلق بأكثر مما أنت لاقيه فوالله ما برحت تقدح باطلاً في جور وحنقاً في ظلم حتى ملأت الأسقية»(6).
وقد كانت له(عليه السلام) عدة مواقف وردود جريئة على معاوية كانت أشد من الصخر عليه (راجع كتاب [الإمام الحسين استراتيجية وموقف] محمد تقي باقر)، ثم بدأت مرحلة معاوية الثانية بأخذ البيعة قسراً وتحت السيوف وظل هدفه الأول هو استحصال البيعة من الإمام الحسين(عليه السلام) أو ضمان سكوته(عليه السلام) الأمر الذي لم يتسنى له إلى آخر معركة الطف.
هلاك معاوية واستخلاف يزيد
تذكر كتب التاريخ والسيرة فترات هلاك معاوية واستخلاف ابنه يزيد على أنها أسوأ كارثة عرفها الإسلام لأنها أسست لقيم جديدة لم يعرفها المجتمع الإسلامي من قبل فاستحداث نظام الوراثة كان من مبتدعات معاوية كما أن هذا الاختيار السيء ليزيد هو ضربة قاصمة لكل القيم الإسلامية حيث لم يعرف عن الخير غير تربيته السيئة البعيدة عن الإسلام حيث عاش وترعرع في كنف أسر مسيحية وكان يجاهر بالفسق والفور في أكثر من مناسبة بل ذهب إلى أكثر من ذلك إلى الكفر بقوله (لعبت هاشم بالملك فلا خبر جاء ولا وحي نزل).
تعليق