إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

مقال رقم 1 لنصر حامد أبو زيد الجزء 1

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مقال رقم 1 لنصر حامد أبو زيد الجزء 1

    ما قبل أيلول (سبتمبر) 2001 وليس ما بعده (1) تجديد الخطاب الديني ضرورة معرفية وليس استجابة لاستحقاقات 11 سبتمبر - نصر حامد أبو زيد
    من الضروري في البداية إزالة الالتباس الذي يمكن أن ينتج عن كون الدعوة لتجديد الخطاب الديني يعاد طرحها اليوم بإلحاح بعد أحداث الحادي عشر من أيلول (سبتمبر). وفي سياق الضغوط الأمريكية علي العالم العربي والإسلامي لتعديل برامجه التعليمية، خاصة منها ما يرتبط بتعليم الإسلام. لا يحتاج الكاتب هنا لإبراز جهوده في مجال (نقد الخطاب الديني) خلال أكثر من ربع قرن، هي مجمل حياته الأكاديمية.
    وهي جهود صارت مكثفة خلال العشر سنوات الأخيرة بصفة خاصة. الكاتب هنا لا يتعامل مع الأسئلة والإشكاليات التي يطرحها علينا الآخرون بقدر ما يتعامل مع أسئلة الواقع الراهن، وكثير منها أسئلة مؤجلة. أكثر الأسئلة المؤجلة تتعلق بحقوق الإنسان وحقوق المرأة وحقوق الأقليات، وهي الحقوق التي يمكن تصنيفها تحت مفهوم (العدل). وثمة أسئلة تتعلق بقضايا التعليم والحرية والديمقراطية والتقدم والنهضة.. الخ.
    إنها قضايانا وأسئلتنا منذ عصر النهضة، الذي بدأناه في القرن التاسع عشر، وتعثرت مسيرتنا معها لأسباب عديدة، فتأجلت القضايا وتوقف حسمها من أمد ليس بالقريب. لا ينبغي إذن أن نتقاعس عن التعامل مع هذه القضايا وغيرها لمجرد أنها تثار وتنعكس علينا من مرايا الآخرين، فيركبنا العناد متصورين أننا بذلك ندافع عن هويتنا. ليست هويتنا هي (التخلف) ومقاومة (التطور).
    ومن العبث أن ننحاز إلي صفوف دعاة (التجمد) باسم الدفاع عن الدين والهوية. وأخيرا فإن المعيار الذي علي أساسه نقيس الأمور يجب أن يكون معيار حاجتنا للتطور، ومقاومة (الجمود)، وهو المعيار الذي قامت علي بنائه أسس نهضتنا الحديثة، والتي لم تحقق كثيرا من طموحاتها، فتركت وراءها كثيرا من القضايا المؤجلة. لا سبيل أمامنا لاستئناف مشروع النهضة علي أسس أكثر متانة إلا أن نبحث عن أسباب إخفاقها ونواجه بشجاعة أسئلتها، أو بالأحري أسئلتنا، المؤجلة، وعلي رأس هذه القضايا قضية (تجديد الخطاب الديني).
    1 ــ تقديم:
    أتناول في هذه المقدمة مسألتين: المسألة الأولي علاقة (الخطاب الديني) بمجمل (الخطاب العام) السياسي الاجتماعي الاقتصادي الخ. المسألة الثانية معني (التجديد) ودلالته، آفاقه ومحاذيره حين يتصل بقضايا دينية، لا تنفصل بالضرورة عن قضايا الاجتماع والسياسة والاقتصاد. ولكن قبل الدخول في المسألتين لابد من تأكيد البديهيات، التي تتعرض للتشويه وتحتاج من ثم إلي الشرح والتوضيح. (الخطاب الديني) خطاب إنساني بشري شأنه شأن أي فرع من فروع الخطاب العام. إنه خطاب عن (الدين) وليس هو (الدين)، وهو من ثم قد يكون ــ شأنه شأن الخطاب العام ــ خطابا حافزا للتقدم والازدهار، وقد يكون خطابا محافظا يسعي لتأييد الواقع الماثل واعتبار (ليس في الإمكان أبدع مما كان). بل إنه قد يكون خطابا يقوم علي افتراض إمكانية التماثل التام مع تجربة الماضي التاريخية الاجتماعية السياسية، فيسعي لنزع صفة التاريخية عنها لتتحول إلي (يوتوبيا) يجب تحقيق نموذجها وفرضه علي الواقع الراهن ولو باستخدام القوة. نحن إذن إزاء أنماط ومستويات من الخطاب تتفاوت في مسعاها النقدي: في الخطاب الحافز للتقدم والازدهار يعلو دور (النقد)، نقد الواقع ونقد التراث، سعيا لبلورة إجاباتنا نحن عن مشكلات مختلفة من حيث الطبيعة والبناء عن المشكلات التي تعامل معها الأسلاف. هذا المسعي النقدي الخلاق لا يكتفي بنقد التراث ــ باعتباره خطابا إنسانيا أيضا عن (الدين) وليس هو (الدين) ــ بل يتناول بنفس المنهج النقدي تراث الآخر، متبعا خطوات السلف في الانفتاح النقدي الحر علي ثقافات العالم كافة.
    وليس صحيحا ذلك الترويج لأكذوبة أن جيل الرواد منذ الطهطاوي حتي طه حسين مرورا بقاسم أمين وعلي عبد الرازق كانوا (مستغربين). إن نقد هؤلاء المفكرين الأعلام، الذين ذكرناهم علي سبيل المثال لا الحصر، للتراث الغربي يتماثل في عمقه مع نقدهم للتراث الإسلامي. إنه (النقد) المبدع الخلاق المضاد للتقليد الأعمي، واتباع خطي الآباء دون تبصر. أليس النهي عن التقليد الأعمي للآباء من صلب دعوة القرآن الكريم؟ وإعادة الاعتبار لجيل الرواد تنقلنا إلي مناقشة مسألتنا الأولي في هذا التقديم: هل كان هذا النمط الإبداعي من الخطاب الديني المتمثل في خطاب رواد النهضة إلا جزءا من (الخطاب العام) الاجتماعي السياسي، الذي يمكن وصفه بخطاب (النهضة الحديثة) في مجالات السياسة والأدب والتاريخ والاجتماع؟ يكفي أن نذكر كتابات (طه حسين) و(محمد حسين هيكل) و(توفيق الحكيم) و(خالد محمد خالد) و(عبد الرحمن الشرقاوي) عن (السيرة النبوية) و(حياة محمد) عليه السلام، ونضعها في سياق الكتابة التاريخية للعبادي وتاريخ الفكر الإسلامي بصفة خاصة، ذلك الذي أنجزه (أحمد أمين) في موسوعته المعروفة. إنه خطاب (التجديد) العام الذي ينطوي في عباءته خطاب (التجديد) الديني. في الخطاب المحافظ الذي يسعي لتثبيت الواقع الماثل باعتباره "أفضل الممكنات" تحل الإيديولوجيا السياسية، في صورتها البرجماتية النفعية، محل النقد. ومن السهل للقارئ الناقد أن يتابع الكتابات التي انتشرت كالسرطان في الخمسينيات والستينيات عن (الإسلام والقومية العربية) أو عن "الإسلام والاشتراكية" ليدرك غياب البعد التحليلي النقدي في هذه الكتابات. ولذلك كان من السهل علي بعض ممثلي هذا النمط من الخطاب أن يجدوا تبريرا إسلاميا لخطاب السبعينيات السياسي الاجتماعي الاقتصادي، فتم اكتشاف أن (قانون الإصلاح الزراعي) مناف للإسلام، وأن قانون (ضريبة التركات) غير إسلامي، بل تم اكتشاف أن (التجارة في العملة) تقع في دائرة (الحلال)، وأن نظام البنوك الحالي نظام ربوي خارج عن قواعد الإسلام. وهذا الخطاب الإيديولوجي كان هو الخطاب الذي أسس مشروعية (شركات الاستثمار الإسلامية)، التي لم يعد ثمة حاجة لشرح ما انتهت إليه أحوال إيداعات المواطنين المخدوعين. في سياق الكشف عن بعد (الإيديولوجيا السياسية) في الخطاب الديني نكتشف حقيقته كخطاب إنساني بشري، ونعري أي قداسة مُدَّعاة قد يدعيها هذا الخطاب لنفسه. وهنا أطرح تحذيرا فحواه أن ممثلي هذا النمط الثاني من الخطاب الديني، وهم كثيرون وأصواتهم عالية مسموعة، قد يفهمون الدعوة لتجديد الخطاب الديني بأنها دعوة مدفوعة بأحداث الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) من العام الماضي وتوابعه، وأنها من ثم مجرد دعوة لتحسين صورة الإسلام والمسلمين إزاء رد الفعل المعادي في الغرب وسعي الولايات المتحدة للتدخل في صياغة (خطاب إسلامي) ترضي عنه وتؤيده. ولعل في كثير مما يكتب وينشر في الصحف يؤكد هذا، إذ يفهم مصطلح (الخطاب الديني) باعتبار أن المقصود هو (الخطابة) في المساجد، (خطبة الجمعة) علي وجه الحصر والتحديد، وهو فهم قاصر. ليس المقصود بالخطاب الديني (الوعظ الديني) وإنما المقصود (الفكر الديني) في عمقه المعرفي. صحيح أن تجديد لغة الوعظ والخطابة مطلوب للتخلص من اللغة الرثة التي تسيطر في غياب (تعليم) حقيقي، لكن شتان بين تجديد لغة الوعظ وبين تجديد الفكر وإطلاقه حرا. بهذا المعني الأخير (تجديد الفكر) نتحدث عن (تجديد الخطاب). هذا تمييز واجب، لأن الدعوة إلي تجديد الفكر تنبع أساسا من الحاجة الملحة لتأسيس مجتمع العدل والحرية، لتأسيس الوطن (محلا للسعادة المشتركة بيننا، نبنيه بالحرية والفكر والمصنع). إن تأسيس هذا الوطن هو حلم كل مواطن، وعلي ذلك يجب أن تؤخذ الدعوة لتجديد الخطاب الديني في إطار الدعوة لفتح آفاق (الحرية) التي بدونها لا يزدهر (فكر)، وبدون (الفكر الحر) لا نجاح لأي مشروع، مصنع كان أو مزرعة دواجن.
    هذا التحذير ينقلني إلي المسألة الثانية: معني التجديد وآفاقه ومحاذيره، وذلك من دون حاجة إلي إفاضة الحديث عن النمط الثالث من أنماط الخطاب الديني، نمط (اليوتوبيا)، التي تتجلي في صورة (ماض) يجب صياغة (الحاضر) وفق مثاله المتوهم. هذا خطاب ضد التاريخ وضد التراث وضد الواقع، وإن كان يجد في حالة (التزمت) الراهنة أرضا خصبة لترويج دعواه.
    في تحديد معني التجديد أقتبس عبارة الشيخ (أمين الخولي) التي استخدم فيها استعارة (القتل) حين قال: (أول التجديد قتل القديم بحثا)، ما معني هذه الاستعارة وما دلالتها لصياغة مفهوم التجديد؟ وفي تقديري أن (الاستعارة) ــ استعارة (القتل) ــ لا تفهم حق فهمها في سياق (الخطاب التجديدي) للشيخ إلا باقتباس عبارة أخري تتكرر أيضا في كتاباته، تلك هي (تعد الفكرة حينا ما كافرة تُحَرَّم وتحارب، ثم تصبح ــ مع الزمن ــ مذهبا، بل عقيدة وإصلاحا تخطو به الحياة خطوة إلي الإمام). إنها سنة الحياة المطردة المتكررة في حياة الفكر الإنساني عامة، وفي حياة الفكر الديني بصفة خاصة. هذه الظاهرة المطردة لا تعني أن (التجديد) وثب في فراغ، أو سعي نحو مجهول. إنه يبدأ من "قتل القديم بحثا" ولكنه لا ينتهي عند هذا، فقتل القديم إنما يعني تسليط منهج "النقد التاريخي" بضوئه الكاشف ليميز بين ما في التراث من عناصر قابلة للنماء، وما فيه من عناصر جفت وصارت من شواهد التاريخ. هذا في تقديري معني استعارة (القتل)، قتل القديم (بحثا) كمقدمة أولي للتجديد. نحن إذن في حاجة ملحة عاجلة لحرية (البحث) في التراث الديني بوصفها شرطا أوليا للتجديد. وهذه الحرية لا ضمان لها إلا برفع الحصار عن (العقل) في ممارسته للحرية. إذا كان هذا هو الشرط الأولي للتجديد، فإن آفاق التجديد يجب أن تكون بلا ضفاف، فالحديث عن ضرورة وجود (مناطق فكرية آمنة) بمعزل عن التساؤل والنقد والنقاش الحر هو مقدمة (الحجر) علي العقول، وممارسة سلطة رقابية لا وجود لها في تاريخ الفكر الإسلامي. وحين وجدت هذه السلطة كان هذا إيذانا ببداية النهاية، ودخول عصر (الجمود) و"الانحطاط" في كل المجالات، لا في مجال الخطاب الديني وحده. يؤكد هذا مرة أخري أن (الخطاب الديني)، في الماضي كما في الحاضر، جزء لا يتجزأ من نسق الخطاب العام. يجب إذن أن تتسع دعوة التجديد لتشمل كل مجالات الفكر والإبداع، وأن تتسم بقدر هائل من التسامح مع بعض النتوءات، بل ومع بعض ما يمكن تصور أنه شذوذ وخروج علي الإجماع. إن (الحرية) هي وحدها التي تحمي نفسها، وتحمي المجتمع من (التآكل) ومن التستر علي أي فساد يحتمي بمقولات زائفة عن (الحفاظ علي الهوية) و(حماية القيم) ... الخ، ذلك أن مجتمعات الثقة ــ وعمادها الحرية الفكرية ــ قادرة علي التحصن ضد "التجمد) و(التحلل) في آن واحد. إن خرق الإجماع ــ في أي مجال ــ يكون عادة بداية لتأسيس إجماع جديد، وهذا جوهر (التقدم) إن شيئنا أن نتقدم. أليس هذا معني أن الفكرة ــ التي تكون كافرة مُحَرَّمة في وقت ما ــ تصبح هي حاضنة التطور والتغيير في وقت آخر؟ أليس هذا هو معني الصيرورة: التطور من خلال ممارسة مستمرة للنقد، الذي ليس هو بالمناسبة (نقض) وهدم كما يشيع في الخطاب العام أحيانا حين يتصل (النقد) بالخطاب الديني؟ ومن الضروري أن أؤكد أننا في حاجة لحماية حق (الخطأ) في الاجتهاد والتجديد، والتعبير عن الرأي. أليس حق (الخطأ) محصنا في الفكر الإسلامي بالمكافأة؟ أليس من قبيل التناقض المنطقي أن يكون (التجديد) مرهونا بعدم مفارقة (الإجماع) من جهة، ومرهونا بشرط (عدم الخطأ) من جهة أخري؟ أي تجديد متوقع إذن، وأي حرية؟ لنتناول الآن بالعرض، مجرد العرض، بعضا من قضايانا وأسئلتنا المؤجلة، لنري كيف يمكن أن نتعامل معها:

  • #2
    حضرة الدكتور عذرا اوليس نصر حامد هذا هو من حكم عليه القضاء المصري بكفره؟؟

    تعليق


    • #3
      الأخ الكريم المرصاد ... دعك من القضاء المصري وأحكامه وقل لي... ما رأيك في المقال؟

      تعليق

      المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
      حفظ-تلقائي
      x

      رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

      صورة التسجيل تحديث الصورة

      اقرأ في منتديات يا حسين

      تقليص

      لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

      يعمل...
      X