إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

عائشة هي أول من أطلقت نعثلاً على عثمان بن عفان

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • عائشة هي أول من أطلقت نعثلاً على عثمان بن عفان

    عائشة هي أول من أطلقت نعثلاً على عثمان بن عفان

    "النَّعْثَلُ": الشيخ الأحمق، والنَّعثلة: أن يمشي الرجل مفاجّا ويقلب قدميه كأنه يغرف بهما وهو من التبختر. ونعثل: رجل من أهل مصر كان طويل اللحية، قيل: إنه كان يشبه عثمان، وشاتمو عثمان يسمونه نعثلاً تشبيهاً بالرجل المصري، وفي حديث عائشة: اقتلوا نعثلاً قتل اللَّه نعثلاً! تعني عثمان، وكان هذا منها لمّا غاضبته وذهبت إلى مكة.
    يروي الطبري عن عثمان بن الشريد، قال: مرّ عثمان على جبلة بن عمرو الساعدي وهو بفناء داره ومعه جامعة، فقال: يا نعثل واللَّه لأقتلنك ولأحملنك على قلوص جرباء ولأخرجنّك إلى حرة النار ثم جاءه مرة أخرى وعثمان على المنبر فأنزله عنه.
    وروى أيضاً عن عبد الرحمن بن محمّد: أن محمّد بن أبي بكر تسوّر على عثمان من دار عمرو بن حزم ومعه كنانة بن بشر بن عتاب وسودان بن حمران وعمروفبن الحمق فوجدوا عثمان عند امرأته نائلة وهو يقرأ في المصحف فتقدمهم محمّدفبن أبي بكر فأخذ بلحية عثمان فقال قد أخزاك اللَّه يا نعثل، فقال عثمان: لستُ بنعثل ولكني عبدفاللَّه وأمير المؤمنين، قال محمّد ما أغنى عنك معاوية وفلان وفلان، فقال عثمان: يا ابن أخي دع عنك لحيتي فما كان أبوك ليقبض على ما قبضتعليه، فقال محمّد: لو رآك أبي تعمل هذه الأعمال أنكرها عليك..".
    إذن، لقب "نعثل" كان السمة البارزة في شخصية عثمان، ويظهر أن سبب تلقيبه به هو تبختره في مشيه، وإلا فإن طول اللحية ليست علة تامة للتسمية بذاك اللقب لعدم اقتصارها على عثمان، ويشهد لما قلنا من أن التبختر هو المناط ما ورد من أن سورة عبس وتولّى نزلت به، حيث جمع ثيابه وتأفف عندما جلس بقربه ابن أم مكتوم، وجمع الثياب عادة من علائم الكبر والتبختر.
    وعائشة كانت من ألد الخصوم لعثمان ثم لمّا قُتل طالبت بدمه لأن الناس بايعوا الإمام عليّاً (عليه السَّلام)!!
    قال ابن الأثير:
    (وخرجت عائشة من مكة تريد المدينة بعدما خرجت منها لحاجة، فلما كانت بسرف لقيها رجلٌ من أخوالها من بني ليث يقال له عُبيدفبن أبي سلمة، وهو ابن أمّ كلاب، فقالت له: مَهيَمْ؟
    قال: قُتل عثمان وبقوا ثمانياً. قالت: ثم صنعوا ماذا؟ قال: اجتمعوا على بيعة عليّ. فقالت: ليت هذه انطبقت على هذه إن تمّ الأمر لصاحبك! ردوني ردوني! فانصرفت إلى مكة وهي تقول: قُتل واللَّه عثمان مظلوماً، واللَّه لأطلبن بدمه! فقال لها: ولمَ؟ واللَّه إن أوّل من أمال حرفه لأنتِ، ولقد كنتِ تقولين: اقتلوا نعثلاً فقد كفر. قالت: إنهم استتابوه ثم قتلوه، وقد قلتُ وقالوا، وقولي الأخير خير من قولي الأول، فقال لها ابن أمّ كلاب:
    فمنكِ البَــــــداءُ ومنــــكِ الغِيَرْومنكِ الرّياحُ ومنكِ المطــــــــــــــــــرْ
    وأنت أمرتِ بقتـــــــلِ الإمــــــامِوقلتِ لنا إنّهُ قــــــد كفــــــــــــــــــــرْ
    فهبنـــــــا أطعنـــــــاكِ في قتلـــهوقاتِلُهُ عندَنا مَــــــنْ أمــــــــــــــــــــرْ
    ولم يسقطِ السقفُ من فوقنــاولم ينكســــف شمسُنا والقمـــــــرْ
    وقد بايعَ الناسُ ذا بـــــــــدرة يزيــــلُ الشَّبا ويقيـــــمُ الصّعَــــــــــرْ
    ويلبس للحرب أثوابهـــــــــــــــاوما من وفى مثلُ من قد غدَرْ
    فانصرفت إلى مكّة فقصدت الحجر فسترت فيه، فاجتمع الناس حولها، فقالت: أيّها الناس إن الغوغاء من أهل الأمصار وأهل المياه وعبيد أهل المدينة اجتمعوا على هذا الرجل المقتول ظلماً بالأمس ونقموا عليه استعمال من حدثت سنّه، وقد استُعمل أمثالهم قبله، ومواضع من الحمى حماها لهم فتابعهم ونزع لهم عنها، فلمّا لم يجدوا حجّة ولا عذراً بادروا بالعدوان فسفكوا الدم الحرام واستحلّوا البلد الحرام والشهر الحرام وأخذوا المال الحرام، واللَّه لإصبعٌ من عثمان خير من طاق الأرض أمثالهم! وواللَّه لو أن الذي اعتدُّوا به عليه كان ذنباًلخلص منه كما يخلَّص الذهب من خبثه أو الثوب من درنه إذ ماصوه كما يماصُ الثوب بالماء، أي يُغسل).
    وذكر ابن قتيبة الدينوري:
    (إن عائشة لمّا أتاها أنه بويع لعليّ‏ (عليه السَّلام)، وكانت خارجة عن المدينة، فقيل لها: قُتل عثمان، وبايع الناس عليّاً، فقالت: ما كنت أبالي أن تقع السماء على الأرض، قتل واللَّه مظلوماً، وأنا طالبة بدمه، فقال لها عبيد: إن أول من طعن عليه وأطمع الناس فيه لأنت، ولقد قلت: اقتلوا نعثلاً فقد فجر، فقالت عائشة: قد واللَّه قلتُ وقال الناس، وآخر قولي خير من أوله، فقال عبيد: عذر واللَّه ضعيف يا أمّ المؤمنين) ثم أنشد الشعر المتقدم.
    قال ابن أبي الحديد:
    (قال كلُّ من صنّف في السير والأخبار: إن عائشة كانت من أشدّ الناس على عثمان حتى إنّها أخرجت ثوباً من ثياب رسول اللَّه فنصبته في منزلها وكانت تقول للداخلين إليها: هذا ثوب رسول اللَّه لم يبل وعثمان قد أبلى سنَّته، قالوا: أوَّل من سمّى عثمان نعثلاً عائشة، وكانت تقول: اقتلوا نعثلاً قتل اللَّه نعثلاً).
    وفي لفظ الطبري:
    "فانصرفت إلى مكّة فنزلت على باب المسجد فقصدت للحجر فسترت واجتمع إليها الناس، فقالت: يا أيُّها الناس إن عثمان قُتل مظلوماً وواللَّه لأطلبن بدمه".
    وقال البلاذري:
    (كانت عائشة وأمّ سلمة حجَّتا ذلك العام "عام قتل عثمان" وكانت عائشة تؤلِّب على عثمان، فلمّا بلغها أمره وهي بمكة أمرت بقبتها فضربت في المسجد الحرام وقالت: إني أرى عثمان سيشأم قومه كما شأم أبو سفيان قومه يوم بدر).
    وأخرج الطبري عن عمر بن شبة من طريق عبيدفبن عمرو القرشي قال: خرجت عائشة وعثمان محصورٌ، فقدم عليها مكة رجلٌ يقال له: اخضر، فقالت: ما صنع الناس؟ فقال: قتل عثمانُ المصريين، قالت: إنّا للَّه وإنّا إليه راجعون، أيقتل قوماً جاءوا يطلبون الحقّ ويُنكرون الظلم؟ واللَّه لا نرضى بهذا، ثم قدم آخر فقالت: ما صنع الناس؟ قال: قتل المصريُّون عثمان).
    وقال أبو مخنف: جاءت عائشة إلى أمّ سلمة تخادعها على الخروج للطلب بدم عثمان فقالت لها: يا بنت أبي أميّة أنتِ أقل مهاجرة من أزواج رسول اللَّه، وأنت كبيرة أمّهات المؤمنين، وكان رسول اللَّه يقسم لنا من بيتك، وكان جبريل أكثر ما يكون في منزلك. فقالت أمّ سلمة: لأمرٍ ما قلتِ هذه المقالة؟ فقالت عائشة: إنّ عبدفاللَّه أخبرني أنّ القوماستتابوا عثمان فلمّا تاب قتلوه صائماً في شهر حرام، وقد عزمت على الخروج إلى البصرة ومعي الزبير وطلحة فاخرجي معنا لعلّ اللَّه أن يصلح هذا الأمر على أيدينا وبنا. فقالت: أنا أمّ سلمة، إنّك كنت بالأمس تحرّضين على عثمان وتقولين فيه أخبث القول، وما كان اسمه عندك إلا نعثلاً، وإنك لتعرفين منزلة عليّ‏فبن أبي طالب عند رسول اللَّه‏ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم). الحديث.
    وقال أبو الفدا:
    (كانت عائشة تنكر على عثمان مع من ينكر عليه، وكانت تخرج قميص رسول اللَّه وشعره وتقول: هذا قميصه وشعره لم يبل وقد بُلي دينه).
    قال العلاّمة الأميني (قدس سره):
    (هذه الروايات تعطينا درساً ضافياً بنظرية عائشة في عثمان وأنّها لم تكن ترى له جدارة تسنّم ذلك العرش، وبالغت في ذلك حتى ودَّت إزالته عن مستوى الوجود. فأحبّت له أن يُلقى في البحر وبرجله رحىً تجرّه إلى أعماقه، أو أنّه يُجعل في غرارة من غرائرها وتشدّ عليه الحبال فيُقذف في عباب اليمّ فيرسب فيه من غير خروج، أو أنْ يودي به حراب المتجمهرين عليه فتكسح عن الملأ معرّة أحدوثاته، ولذلك كانت تثير الناس عليه بإخراج شعر رسول اللَّه‏ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) وثوبه ونعله، ولم تبرح تؤلّب الملأ الدينيّ عليه وتحثّهم على مقته وتخذّلهم عن نصرته في حضرها وسفرها، وإنّها لم تعدل عن تلكم النظريّة حتّى بعدما أُجهز على عثمان إلا لمّا علمت من انفلات الأمر عن طلحة الذي كانت عائشة تتهالك دون تأميره وتضمر تقديمه منذ كانت تُرهج النقع على عثمان، وتهيّج الأمة على قتله، فكانت تروم أنْ تعيد الإمرة تيميّة مرّة أخرى، ولعلّها حجّت لبثّ هاتيك الدعاية في طريقها وعند مجتمع الحجيج بمكّة، فكان يُسمع منها قولها في طلحة: "إيه ذا الإصبع! إيه أبا شبل! إيه يا ابن عمّ! لكأنّي أنظر إلى إصبعه وهو يبايع له"، وقولها: "إيه ذا الإصبع! للَّه أبوك، أما إنّهم وجدوا طلحة لها كفواً".
    وقولها في عثمان: "اقتلوا نعثلاً قتله اللَّه فقد كفر"، وقولها لابن عبّاس: "إيّاك أن تردّ الناس عن هذا الطاغية"، وقولها بمكّة: "بُعداً لنعثل وسحقاً"، وقولها لمّا بلغها قتله: "أبعده اللَّه، ذلك بما قدّمت يداه وما اللَّه بظلاّم للعبيد".
    لكنّها لمّا علمت أنّ خلافة اللَّه الكبرى عادت علويّة واستقرّت في مقرّها الجدير بها _ ولم يكن لها مع أمير المؤمنين‏ (عليه السَّلام) هوى‏ _ قلبت عليها ظهر المجنّ، فطفقت تقول: لوددتُ أنّ السماء انطبقت على الأرض إنْ تمّ هذا! وأظهرت الأسف على قتل عثمان ورجعت إلى مكّة بعدما خرجت منها، ونهضت ثائرة تطلب بدم عثمان لعلّها تجلب الإمرة إلى طلحة من هذا الطريق، وإلا فما هي من أولياء ذلك الدم، وقد وُضع عنها قود العساكر ومباشرة الحروب لأنّها امرأة خلقها اللَّه لخدرها، وقد نهيت كبقيّة نساء النبي‏ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) خاصّة عن التبرّج، وقد أنذرها رسول اللَّه‏ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) وحذّرها عن خصوص واقعة الجمل، غير أنّها أعرضت عن ذلك كلّه لمَا ترجّح في نظرها من لزوم تأييد أمر طلحة، وتصامعت عن نبح كلاب الحوأب، وقد ذكره لها الصّادق الأمين عند الإنذار والتحذير، ولم تزل يقودها الأمل حتى قُتل طلحة فألمّت بها الخيبة، وغلب أمر اللَّه وهي كارهة).
    قال البلاذري في الأنساب:
    (خرجت عائشة باكية تقول: قُتل عثمان رحمه اللَّه، فقال لها عمّار بن ياسر: أنتِ بالأمس تحرضين عليه ثم أنت اليوم تبكينه).
    ما صدر من عائشة صاحبة الجمل لا يغدو مستغرباً لدى الباحث في شخصيتها التي طالما ألّبت الناس على إمام زمانها أمير المؤمنين عليّ‏فبن أبي طالب‏ (عليه السَّلام) وذلك لضغن في صدرها كما عبّر عن ذلك الإمام‏ (عليه السَّلام) بقوله:
    (فمن استطاع عند ذلك أن يعتقل نفسه على اللَّه فليفعل، وإن أطعتموني فإني حاملكم إن شاء اللَّه على سبيل الجنّة وإن كان ذا مشقة شديدة، ومذاقةٍ مريرة، وأمّا فلانة فأدركها رأيُ النساء، وضغنٌ غلا في صدرها كمرجل القين، ولو دُعيت لتنال من غيري ما أتت إليَّ لم تفعل، ولها بعدُ حرمتها الأولى، والحسابُ على اللَّه!).
    وللضغن أسباب منها:
    حنو النبيّ على ابنته فاطمة(عليها السَّلام) وحبه الشديد لها، فأكرمها إكراماً عظيماً أكثر مما كان الناس يظنونه، حتى خرج بها عن حدّ الآباء للأولاد، فقال بمحضر الخاص والعام مراراً لا مرة واحدة وفي مقامات مختلفة لا في مقام واحد: إنها سيّدة نساء العالمين، وإنها أفضل من مريم بنت عمران، وأنها إذا مرّت في الموقف نادى مناد من جهة العرش: يا أهل الموقف: غضّوا أبصاركم لتعبر فاطمة بنت محمّد، وأن تزويجها للإمام عليّ‏ (عليه السَّلام) ما كان إلاّ بعد أن زوّجه اللَّه تعالى إياها في السماء بشهادة الملائكة، كم قال: يؤذيني ما يؤذيها، ويغضبني ما يغضبها، وأنها بضعة مني، يريبني ما رابها. فكان هذا وأمثاله يوجب زيادة الضغن عند الزوجة حسب زيادة هذا التعظيم والتبجيل، والنفوس البشرية تغتاظ على ما هو دون هذا، فكيف هذا!
    ومنها: أن الصدّيقة فاطمة(عليها السَّلام) ولدت أولاداً كثيرة بنين وبنات ولم تلد هي ولداً، وأن رسول اللَّه كان يقيم ابني فاطمة مقام بنيه، ويسمى الواحد منهما "ابني" ويقول: "دعوا لي ابني" "وما فعل ابني" فما ظنك بالزوجة إذا حُرمت الولد من البعل، ثم رأت البعل يتبنّى بني ابنته من غيرها، ويحنو عليهم حنوّ الوالد المشفق! هل تكون مُحبَّةً لأولئك البنين ولأمهم ولأبيهم، أم مبغضة! وهل تودّ دوام ذلك واستمراره، أم زواله وانقضاءه!
    ومنها: أنّه اتفق أن رسول اللَّه سدّ باب أبيها إلى المسجد، وفتح باب صهره ثم بعث أباها ببراءة إلى مكة، ثم عزله عنها بصهره، فقدح ذلك أيضاً في نفسها، وولد لرسول اللَّه إبراهيم من مارية، فأظهر الإمام عليّ‏ (عليه السَّلام) بذلك سروراً كثيراً، وكان يتعصّب لمارية، ويقوم بأمرها عند رسول اللَّه ميلاً على غيرها، وجرت لمارية نكبة فكالتي ينسبها العامة إلى عائشةف فبرأها الإمام عليّ منها، وكشف اللَّه بطلانها على يده، كل ذلك مما كان يوغر صدر عائشة عليه، ويؤكد ما في نفسها منه، ثم مات ابراهيم فأبطنت شماتةً وإن أظهرت كآبة.
    هذه الأسباب وغيرها أدت إلى وقوع الشحناء من طرف عائشة على أمير المؤمنين وزوجه الطاهرة فاطمة (عليها السَّلام)، ويؤكد ما قلنا إن عائشة لم تحضر عزاء بني هاشم لما استشهدت سيّدة النساء فاطمة (عليها السَّلام) بل "نُقل إلى مولانا عليّ‏ (عليه السَّلام) عنها كلام يدل على السرور".
    والحسد أعظم سبب أدّى إلى إظهار ضغينتها على آل البيت، فاستلزم إنكار خلافة الإمام عليّ‏ (عليه السَّلام) لذا قال‏ (عليه السَّلام) بما ذكرناه سابقاً: "ولو دُعيَتْ لتنال من غيري مثل ما أتت إليّ لم تفعل" أي: لو أن عمر وليَ الخلافة بعد قتل عثمان على الوجه الذي قتل عليه، والوجهِ الذي أنا وليت الخلافة عليه، ونسب إلى عمر أنه كان يؤثر قتله، أو يحرّض عليه فودعيتْ عائشة إلى أن تخرج عليه من عصابة من المسلمين إلى بعض بلاد الإسلام، تثير فتنةً وتنقض البيعة فلم تفعل، وهذا حق، لأنها لم تكن تَجد على عمر ما تجده على الإمام عليّ‏ (عليه السَّلام)، وحال الإمام ليس كحال عمر.
    لكنها جمعت الجيوش على مولى الثّقلين الذي حربه حرب اللَّه، مع أن النبيّ‏ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) تفرّس بها يوماً بمحضر من نسائه، فقال: "ليت شعري أيّتكُنّ صاحبة الجمل الأدبب، تنبحها كلاب الحوأب، يُقتلُ عن يمينها وشمالها قتلى كثيرة، كلّهم في النار وتنجو بعد ما كادت".
    لذا لمّا وصلت إلى الحوأب وهي منطقة قبل البصرة وهو ماء لبني عامر بن صعصعة، نبحتها الكلاب، فنفرت صِعاب إبلها ومعها طلحة والزبير، فقال قائل منهم: لعن اللَّه الحوأب فما أكثر كلابها! بكت وقالت: أهذا ماء الحوأب؟ قالوا: نعم، قالت: ردُّوني ردُّوني، فسألوها ما شأنها؟ ما بدا لها؟ فقالت: إني سمعت رسول اللَّه يقول: كأني بكلاب ماء يدعى الحوأب، قد نبحت بعض نسائي، ثم قال لي: "إياك يا حميراء أن تكونيها" فقال لها الزبير: مهلاً يرحمك اللَّه فإنا قد جُزنا ماء الحوأب بفراسخ كثيرة، فقالت: أعندك من يشهد بأن هذه الكلاب النابحة ليست على ماء الحوأب؟ فلفّق لها الزبير وطلحة خمسين أعرابياً جعلا لهم جُعلاً، فحلفوا لها، وشهدوا أن هذا الماء ليس بماء الحوأب، فكانت أول شهادة زُور في الإسلام، ثم سارت عائشة لوجهها.
    تراكمت كل هذه الأسباب لتشنّ عائشة حرباً لا هوادة فيها على الإمام عليّ حبيب اللَّه ورسوله، بحجة المطالبة بدم عثمان، وكأنّ الإمام‏ (عليه السَّلام) فبنظر عائشةف هو القاتل لعثمان، ولكنّه عذر يُخفي ضغائن تغلي في الصدور، وهل قُتل عثمان بالبصرة ليطلب دمه فيها؟ فقتلة عثمان كانوا في المدينة مع عائشة فلِمَلم تقتص منهم عائشة هناك؟! مع أنّ عائشة وجماعتها كانوا من أشدّ الناس على عثمان، وأعظمهم إغراءً بدمه. ولكنها الخلافة التي نغّصت العيش عليها كيف وصلت إلى ابن أبي طالب‏ (عليه السَّلام) بل يجب أن يبقى بعيداً عنها لأنها محرّمة على الهاشميين حيث لا تجتمع النبوة والخلافة في بيت واحد فحسبما صرّح عمرفبن الخطاب لابن عبّاس‏ف.
    والعجب ثم العجب من الزبير الذي ذهب للبصرة للطلب بدم عثمان، مع أنه بايع أمير المؤمنين يوم مات رسول اللَّه وهو آخذ قائم سيفه يقول: ما أحدٌ أحقُّ بالخلافة من عليّ‏ (عليه السَّلام) ولا أولى بها منه، وامتنع من بيعة أبي بكر!
    لقد نفثت عائشة عمّا يجول في صدرها يوم أقبلت على جملها، فنادت بصوت مرتفع: "أيُّها الناس، أقلّوا الكلام وأسكتوا، فأُسكت الناس لها، فقالت: إن أمير المؤمنين عثمان قد كان غيّر وبدّل، ثم لم يزل يغسل ذلك بالتوبة حتى قُتل مظلوماً تائباً، وإنما نقموا عليه ضربه بالسوط، وتأميره الشبّان، وحمايته موضع الغمامة، فقتلوه محرماً في حرمة الشهر وحرمة البلد ذبحاً كما يذبح الجمل، ألا وإنّ قريشاً رمتْ غرضَها بنبالها، وأدمتْ أفواهها بأيديها، وما نالت بقتلها إياه شيئاً، ولا سلكت به سبيلاً قاصداً، أما واللَّه ليرونّها بلايا عقيمة تنبّه النائم، وتقيم الجالس، وليُسلّطنّ عليهم قوم لا يرحمونهم ويسومونهم سوء العذاب.
    أيُّها الناس، إنه ما بلغ من ذنب عثمان ما يستحلّ به دمه! مُصْتمُوه كما يماصُ الثوب الرخيص، ثم عدوتم عليه فقتلتموه بعد توبته وخروجه من ذنبه، وبايعتم ابن أبي طالب بغير مشورة من الجماعة، ابتزازاً وغصباً، تراني أغضب لكم من سوط عثمان ولسانه، ولا أغضب لعثمان من سيوفكم!
    ألا إن عثمان قُتل مظلوماً فاطلبوا قتلته، فإذا ظفرتم بهم فاقتلوهم، ثم اجعلوا الأمر شورى بين الرهط الذين اختارهم أمير المؤمنين عمرفبن الخطاب ولا يدخل فيهم من شرك في دم عثمان".
    إن مبايعة أمير المؤمنين عليّ‏ (عليه السَّلام) فبنظر عائشة صاحبة الجمل‏ف تعتبر ابتزازاً وغصباً من غير مشورة، وهو صاحب الحق، لكنها تغافلت عن خلافة أبيها كيف تمت غصباً وقهراً، بل لم تنظر إلى خلافة عمر التي تمت بمرسومٍ من أبيها؟! إنها الضغينة كما قال مولى الثّقلين عليّ‏فبن أبي طالب‏ (عليه السَّلام)!
    من كتاب "أبهى المداد في شرح مؤتمر علماء بغداد" لآية الله الشيخ محمّد جميل حمّود:2/241 ـ 250

  • #2
    شكرا لك و لمواضيعك المفيدة

    جزاك الله خيرا

    إستفدت من هذه المواضيع ِ

    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    x

    رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

    صورة التسجيل تحديث الصورة

    اقرأ في منتديات يا حسين

    تقليص

    المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
    أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, اليوم, 07:21 AM
    ردود 2
    12 مشاهدات
    0 معجبون
    آخر مشاركة ibrahim aly awaly
    بواسطة ibrahim aly awaly
     
    يعمل...
    X