ما هي حقيقة مُصحف فاطمة (عليها السَّلام)؟
لقد كثُر الكلام حول ما يُسمى بمُصحف فاطمة (عليها السَّلام)، ولقدحاول أعداء أهل البيت (عليهم السَّلام) التشنيع على الشيعة من خلال اتهامهم بأن لهمقرآناً آخر يأخذون منه أحكام الدين غير القرآن الكريم يُسمونه مصحففاطمة.
هذا ما يقوله أعداء مدرسة أهل البيت (عليهم السَّلام)، وهو اتهامرخيص ليس له أي قيمة علمية، إذ سرعان ما يجد الباحث بطلان هذا الكلام لدى رجوعه إلىالواقع الخارجي، ولدى مراجعته للنصوص المأثورة عن أئمة أهل البيت (عليهمالسَّلام).
ثم أن هذا الاتهام ليس جديداً، بل يصل تاريخه إلى عهد الأمويينوالعباسيين الذين عاصروا الأئمة (عليهم السَّلام)، ويدل على ذلك أسئلة الرّواتوأجوبة الأئمة (عليهم السلام) وتصريحاتهم النافية بشكل قاطع كون مصحف فاطمة (عليهاالسَّلام) قرآن آخر.
لكن رغم كل ذلك ورغم الإجابات المتكررة التي أجاب بهاالعلماء الأفاضل في مختلف العصور عن هذا السؤال فإننا نجد أن هناك من يجد بُغيته فياتهام الشيعة بهذا الاتهام، ولا يدفعه إلى ذلك طبعاً سوى المرض أوالجهل.
أما الآن لنرى ما هو المقصود من مصحف فاطمة (عليها السَّلام) عند أهلالبيت (عليهم السَّلام) وعند أتباعهم الشيعة الإمامية الاثنا عشرية.
لمعرفةذلك لابد وإن نعرف أولاً المعنى اللغوي لكلمة المصحف، ثم نأتي بعد ذلك إلى الرواياتوالأحاديث المأثورة عن أئمة أهل البيت (عليهم السَّلام) كي نعرف حقيقة مصحف فاطمة (عليها السَّلام).
المعنى اللغوي للمصحف
قال الفرّاء فيلفظ المصحف: "وقد استثقلت العرب الضمّة فكسرت ميمها وأصلها الضم، من ذلك مِصحف...،لأنها في المعنى مأخوذة من أصحف جمُعت فيه الصُحف".
وقال أبو الهلال العسكريفي الفروق اللغوية:" الفرق بين الكتاب والمصحف، أن الكتاب يكون ورقة واحدة ويكونجملة أوراق، والمصحف لا يكون إلا جماعة أوراق صحفت، أي جمع بعضها إلىبعض".
وكلمة مصحف مأخوذة من الصحيفة وهي القرطاس المكتوب، والمصحف ـ مثلثالميم ـ هو ما جُمع من الصحف بين دفتي الكتاب المشدود، ولذلك قيل للقرآن مصحف،وعليه فكل كتاب يسمى مصحفاً.
وقال ابن بابويه: صحيفة فاطمة، أو مصحف فاطمة،أو كتاب فاطمة، ورد التعبير بكل ذلك عن كتاب ينسب إليها (عليهاالسَّلام).
ما هو مُصْحَفُ فاطمة؟
مصحف فاطمة الزهراء (عليها السَّلام) هو كتاب عظيم المنزلة أملاه جبرائيل الأمين على سيدة نساءالعالمين فاطمة الزهراء (عليها السَّلام) بعد وفاة أبيها رسول الله (صلَّى اللهعليه وآله) وذلك تسكيناً لها على حزنها لفقد أبيها (صلَّى الله عليهوآله).
أما كاتب هذا الكتاب هو الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهالسَّلام)، فقد كتبه بخطه المبارك.
ومصحف فاطمة (عليها السَّلام) يُعتبر منجملة ودائع الإمامة، قال الإمام الرضا (عليه السَّلام) ـ وهو يَعُّد علامات الإمامالمعصوم (عليه السَّلام) ـ:" ... ويكون عنده مصحف فاطمة (عليهاالسَّلام)".
أما بالنسبة إلى مكان وجود هذا المصحف في الحال الحاضر فهواليوم موجود عند الإمام المهدي المنتظر (عجَّل الله فرَجَه).
يُعتبر هذاالمصحف أول مصنف في الإسلام، حيث أن الزهراء (عليها السَّلام) توفيت في الثالث منشهر جمادى الأولى عام 11 هجري، ولم يكتب قبل هذا التاريخ كتاب في عصرالإسلام.
فمصحف فاطمة هو مجموع حديث جبرائيل الأمين لفاطمة (عليها السلام) فهو وحي غير معجز كالحديث القدسي والنبوي.
ولا غرابة في ذلك إذ أن الزهراء (عليها السَّلام) كانت محدّثة، وليست الزهراء هي الوحيدة التي حدّثتها الملائكة،فقد كانت مريم بنت عمران محدّثة، كما كانت أم موسى بن عمران (عليه السَّلام) محدّثة، وسارة زوجة النبي إبراهيم (عليه السَّلام) أيضاً كانت محدّثة فقد رأتالملائكة فبشروها بإسحاق ويعقوب.
ذلك أن الحديث مع الملائكة رغمأهميته وعظمته فهو ليس من علامات النبوة وخصائصها، فمن ذكرناهن لسن من جملةالأنبياء كما هو واضح، لكن الملائكة تحدثت إليهن، وإلى هذا يشير محمد بن أبي بكرقائلاً:
إن مريم لم تكن نبية وكانت محدّثة، وأم موسى بن عمران كانت محدّثةولم تكن نبية، وسارة امرأة إبراهيم قد عاينت الملائكة فبشروها بإسحاق ومن وراءإسحاق يعقوب ولم تكن نبية، وفاطمة بنت رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) كانتمحدّثة ولم تكن نبية". بحار الأنوار: 39/ 55 و39/ 79
المعصومون ومصحف فاطمة (عليها السَّلام)
عندما سئل الإمام الصادق (عليه السَّلام) عن مصحف فاطمة (عليها السَّلام) قال: "إن فاطمة مكثت بعد رسول الله (صلَّى اللهعليه وآله) خمسة وسبعين يوماً، وكان دخلها حزنٌ شديد على أبيها، وكان جبرئيل يأتيهافيُحسن عزاءَها على أبيها، ويُطيب نفسها ويخبرها عن أبيها ومكانِه، ويخُبرها بمايكون بعدها في ذريتها، وكان عليّ (عليه السَّلام) يكتب ذلك، فهذا مصحففاطمة".
عن حمّاد بن عثمان، عن الإمام الصادق (عليه السَّلام) أنه لماسأله: وما مصحف فاطمة؟
قال (عليه السَّلام): "... إن الله تعالى لمّا قبضنبيه، (صلَّى الله عليه وآله) دخل على فاطمة من وفاته من الحزن مالا يعلمه إلا اللهعَزَّ وجَلَّ، فأرسل الله إليها ملكا يسلّي غمّها ويحدثها، فشكت ذلك إلى أميرالمؤمنين (عليه السَّلام).
فقال: إذا أحسست بذلك وسمعت الصوت قولي لي،فأعلمته بذلك، فجعل أمير المؤمنين (عليه السَّلام) يكتب كلّما سمع حتى أثبت من ذلكمصحفاً".
ثم قال:" أما إنه ليس فيه شيء من الحلال والحرام، ولكن فيه علم مايكون".
ليس في مصحف فاطمة شيء من القرآن
قال الإمامالصادق (عليه السَّلام): "وإن عندنا لمصحف فاطمة (عليها السَّلام) وما يدريهما مصحففاطمة، مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات، والله ما فيه من قرآنكم حرف واحد، إنماهو شيء أملاه الله وأوحى إليها".
وقال الإمام الصادق (عليه السَّلام): " ... مصحف فاطمة ما فيه آية من القرآن ... ".
وقال الإمام الصادق (عليهالسَّلام): "وعندنا مصحف فاطمة (عليها السَّلام أما والله ما فيه حرف من القران ... ".
وقال الإمام الصادق (عليه السَّلام): "مصحف فاطمة ما فيه شيء من كتابالله، وإنما هو شيء القي عليها بعد موت أبيها (صلى الله عليهما)".
وقالالإمام الصادق (عليه السلام):... وفيه مصحف فاطمة، وما فيه آية منالقران".
وقال الإمام الصادق (عليه السَّلام): " ... وعندنا مصحف فاطمة، أماوالله ماهو بالقران".
ما يحتويه مصحف فاطمة (عليهاالسَّلام)
قال الإمام الصادق (عليه السَّلام): " ... و كان جبرئيليأتيها فيُحسن عزاءَها على أبيها، ويُطيب نفسها ويخبرها عن أبيها ومكانِه، ويخُبرهابما يكون بعدها في ذريتها ... ".
وقال الإمام الصادق (عليه السَّلام): " ... وليخرجوا مصحف فاطمة فان فيه وصية فاطمة ".
وقال الإمام الصادق (عليهالسَّلام): " ... أما إنه ليس فيه شيء من الحلال والحرام، ولكن فيه علم مايكون".
وفي الإمامة والتبصرة، لابن بابويه القمي: صحيفة فاطمة أومصحف فاطمة، أو كتاب فاطمة، ورد التعبير بكل ذلك عن كتاب ينسب إليها (عليهاالسَّلام)، كان عند الأئمة، وردت فيه أسماء من يملك من الملوك.
مصحف فاطمة: ففيه مايكون من حادث وأسماء كل من يملك إلى أن تقوم الساعة.
وقال العلامةالمجلسي (رحمه الله): الظاهر من أكثر الأخبار اشتمال مصحفها على الأخبار
تعليق