نقاش ساخن حول هل الحيوانات والنباتات والجمادات مكلفه ؟
قال الشيخ الاجل الاوحد احمد بن زينالدين الاحسائي اعلي الله مقامه في شرح العرشية الجزء الثالث : -
احب نقل كلمات للسيد نعمةالله الجزايري في رسالته التي صنفها في الطاعون و اسبابه و احكامه و ان كانت طويلة لانه لما ذكر ان الوباء و الطاعون ينقي الزمان من كثير من الفسقة و الظلمة قال فان قلت قد ذكرت الحيوانات و الجمادات و اغلبها في احكام التنقية فهل يدخلون في نظام النفوس الناطقة و هل يتحصل لهم شعور و علم و تكليف قلت هذه مسئلة غريبة و البحث عنها اغرب فالجواب ان النطق و الكلام للطيور و الحيوانات مما وردت الاخبار متواترة به و كفي بذلك ما حكي الله تعالي في الكتاب المجيد عن النملة و كلامها مع سليمن (ع) و سمع سليمان (ع) عصفورا يقول لعصفورته لم تمنعيني نفسك و انا اقدر علي ان اخذ سرير سليمان (ع) بمنقاري و ارمي به في البحر فطلبهما سليمان (ع) فقال لاتقدر فقال يا نبي الله الزوج يعظم نفسه عند زوجته كيلاتطمع فيه ثم قال (ع) للانثي لم تمنعينه نفسك و هو يحبك فقالت يا نبي الله انه مدع يزعم انه يحبني و هو يهوي غيري فاثر كلام العصفورة في قلب سليمان و دخل بيته و بقي اربعين يوما يعني ان العصفورة لاتريد الشركة في الحب فكيف يكون سليمن يحب الله تعالي و يحب الملك و السلطان و في الحديث ان القبرة و انثاها كانا قد اتخذا عشهما في جواد الارض عند دنو وقت الفراخ فماشعرا الا و قد اتي سليمان (ع) و عساكره و نزلا بالقرب منهما فخافا علي فراخهما فقالت الانثي ان سليمن نبي كريم و هو يحب الهدية و كانا خبئا لافراخهما تمرة و جرادة فحمل احدهما التمرة و الاخر الجرادة فلما اتيا سليمن (ع) بسط يديه فوقع الذكر علي اليمين و الانثي علي اليسار فتكلما معه و قبل هديتهما و دعا لهما بخير و امر عساكره الايمروا علي طريقهما ثم انه مسح علي رؤسهما فكان التاج من مسح سليمن (ع) و تسبيحهما في الاسحار لعن الله مبغضي المحمد (ص) و من ثم ورد النهي في كراهة ذبحهما و قال (ع) لاتدعوا صبيانكم يلعبون بالقنابر و اما العصفور فورد في الخبر انه من شيعة عمر بن الخطاب و انه لما عرضت عليه ولاية اهل البيت (ع) لميقبلها و كذلك الفاختة و الرخمة و في الحديث انه ماصيد الصيد في بر او بحر الا في حال ترك التسبيح و ائمتنا (ع) و خواص اصحابهم كانوا يعرفون كلام الطيور و الحيوانات و يترجمونها للناس و في الرواية ان الخطاف دل ادم علي الحواء حتي اجتمعا في مكة شرفه الله تعالي فعاتبه الله علي جمعه من فوقه ( فرقه خل ) الله تعالي فقال الخطاف الهي الست قلت و من كل شيء خلقنا زوجين و رأيت ادم منفردا اردت ايضا ان يكون مع حواء زوجين غيرة مني علي وحدانيتك فقال تعالي غفرت عن قبح ( عفوت عن سوء خل ) فعلك بحسن عذرك و جعلتك في جوار ذريته و امانهم و في الحديث ان صوته قرائة سورة الفاتحة و مد صوته قرائة الاخير يقول فيه الضالين و بالجملة فكلام الحيوانات و لغاتها مما لاينبغي انكاره و عدم فهمنا له لايدل علي انكاره فانا نري بعض الهنود يتكلمون بلغة تقع في الاسماع مثل اصوات الخطاطيف من غير حروف و لا تمييز كلمات مع انها لغة عندهم يتعارفون بها و اما ان لها نفوسا ناطقة بمعني الشعور و العلم بمصالحها و مضارها و نحو ذلك فذهب اليه قدماء الحكماء و المحققون منهم و صرح به ابنسيناء في جواب اسولة بهمنيار ، و قال القيصري في شرح فصوصالحكم لا تفاوت بين الانسان و الحيوانات في النفوس الناطقة و لا دليل علي نفيه بل هي دراكة للكليات و الجهل بالشيء لاينافي وجوده و امعان النظر بما يصدر عنها من العجايب يوجب ان يكون لها ادراك الكليات ،
اقول و الاخبار ظاهرة فيه و دالة علي ان لها تكليفا من التسبيح و التقديس و الطاعة لخالقها و القيام بولاية المحمد (ص) و محبتهم و امتثال اوامرهم و نواهيهم و روي ان رجلا من الصحابة مر بطريق فغطه ( فعضه خ ) كلب و مزق ثيابه فاتي الي النبي (ص) يشكو صاحب الكلب فقام (ص) مع جماعة من الصحابة و اتوا الي منزل صاحب الكلب فخرج فقال له ان كلبك جرح فلانا و مزق ثيابه فاخرجه حتي نقتله فدخل و وضع في عنقه حبلا و خرج به فلما راه الكلب سلم عليه فقال له النبي (ص) لم جرحت هذا الرجل و مزقت ثيابه فقال يا رسول الله (ص) هذا يبغض اهل بيتك و ينصب العداوة لوصيك علي بن ابيطالب (ع) و نحن معاشر الكلاب امرنا بان من ينصب العداوة لاهل بيتك نفعل به هذا الفعل فخجل ذلك المنافق و حسن النبي (ص) ما فعله الكلب و رجع و في حديث ان بعض الحيوانات نكرت له امه فنزا عليها و لما فرغ عرفها فعمد الي ذكره فقطعه باضراسه ، و ينبغي ان تعلم ان غاية الادراك هو الافراط في المحبة التي يسمي في عرف الناس عشقا و صرح الحكماء بان من بلغ درجة العاشقين كان من اهل العلم و الادراك و ذكروا ان الطيور اعشق من الناس حتي ان القماري و نحوها اذا مات ذكرها نعته الانثي و بكت عليه حتي تموت و كذلك اذا ماتت ( مات خل ) الانثي و هذا مشاهد في الخيل و البغال و اضرابهما فانها تكثر الحنين الي ما الفته من جنسها حتي تلقاه و ذكروا ان صاحب قندهار يحارب مع حاكم بخاري و لما اصطفت الناس كان مع كل عسكر افيال فنظر فيل من احد العسكرين الي فيل من العسكر الاخر فعدي نحوه و عدي الاخر اليه فتلاقيا في الميدان و وضع كل واحد منهما خرطومه علي خرطوم الاخر و تعانقا طويلا و سالت الدموع من اعينهما ثم وقعا علي الارض فوجدا ميتين و اما النبات فذكر الشيخ ابوعلي في رسالة صنفها في العشق ان العشق لايختص بالانسان بل هو موجود في الحيوانات و النباتات و المعادن و في كتب الفلاحة ان النخل يخاف تارة و يعشق اخري قالوا صح ان النخلة اذا لمتحمل ضرب في اصلهما بفأس و يقول شخص لاخر لاي شيء هذا فيقول الضارب دعني اقطعها فيقول دعها في ضماني العام فان لمتحمل فاقطعها و في كتاب النفايس اذا زرع شخص اربع نخلات ( نخيلات خل ) فحسن ثمرهن سنين ثم يبست واحدة لمتحمل مقابلها و فيه ايضا ان شخصا كان له نخل و كانت واحدة منهن تزهر و تسقط قبل الانعقاد او قبل البلوغ فشكي الي حاذق فجاء حتي نظرها فقال انها عاشقة فدعا برصاص فصنع شريطا و ربطه منها الي نخلة هناك فحسن ثمرها تلك السنة و دامت كذلك و ان صاحب البستان قطع ( قلع خل ) الشريط لينظر فاسقطت الزهر فاعاده فصلحت و ذكروا من هذا الباب اشياء كثيرة ، و اما المعادن فروي في الحديث ان نبيا من الانبياء مر علي جبل فرءاه يبكي فسأله عن سبب بكائه فقال منذ سمعت قول الله تعالي يا ايها الذين امنوا قوا انفسكم و اهليكم نارا وقودها الناس و الحجارة فاخاف ان اكون من تلك الحجارة التي تكون من وقود تلك النار فقال ادعو الله ان لاتكون من تلك الحجارة فسكن بكاؤه ثم ان ذلك النبي (ع) مر به بعد مدة فرءاه يبكي فسأله ما هذا البكاء و قد امنت ان تكون من حجارة جهنم فقال هذا بكاء الشكر و ذلك بكاء الخوف ه ، و الدال علي هذا كله قوله تعالي و ان من شيء الا يسبح بحمده و لكن لاتفقهون تسبيحهم حتي انهم قالوا ان تسبيح الحصي في يده (ص) و كذلك حنين الجذع الاعجاز انما هو في اسماع الحاضرين و الا فكل شيء يسبح الله و كل شيء مخلوق يحن الي النبي (ص) و اهل بيته (ع) انتهي كلامه في رسالة الطاعون و انما ذكرته مع طوله و عدم اشتماله علي ما يناسب المقام من التحقيق لاشتماله علي ايات و روايات و حكايات و ايضا يدل علي ما يوجب التكليف المستلزم للدعوي و الحق الذي تشهد له الايات و الروايات و الصحيح من الاعتبارات ان كل شيء مكلف و كل شيء له عقل و تمييز بنسبة حظه من الوجود فمن ذلك قوله تعالي ثم استوي الي السماء و هي دخان فقال لها و للارض ائتيا طوعا او كرها قالتا اتينا طائعين فقوله تعالي فقال لها و لميقل لهم اشارة الي جماديتها المعلومة و قوله اتينا طائعين اشارة الي تمييزها الموجب لادخالها في مقام التكليف في جملة العقلاء و لذا لميقل طائعات و مثل قوله تعالي و خلق الليل و النهار و الشمس و القمر كل في فلك يسبحون و لميقل يسبحن للاشارة الي ان تكليفهم الذي دخلن به في جملة العقلاء هو يسبحون في فلك و كل موضع من القران ذكر فيه النباتات و الجمادات في مقام التكليف ذكرها لضمير ( بضمير خل ) العقلاء مثل قوله و لكن لاتفقهون تسبيحهم و لميقل تسبيحهن و مثل اولميروا الي ما خلق الله من شيء يتفيؤ ظلاله عن اليمين و الشمائل سجدا لله و هم داخرون و لميقل داخرات و لهذا ساوي بين الانسان و بين ساير الحيوانات في موجب التكليف و في التكليف و في فايدة التكليف و غايته في كتابه فقال و ما من دابة في الارض و لا طائر يطير بجناحيه الا امم امثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم الي ربهم يحشرون فذكر غاية التكليف لكل ذي روح بانه يحشر الي ربه المربي له بما يوجب حشره اليه ليوصل اليه ثمرة فعله الذي هو فايدة التكليف و غايته و ذكر موجب التكليف في قوله امم امثالكم حكمهم كحكمهم لمشاركتهم لكم في مناط التكليف الذي هو تمييز الصلاح من ضده و الخير من ضده بنسبة رتبتهم من الوجود و ذكر التكليف في قوله تعالي و ان من امة الا خلا فيها نذير و امثال ذلك من الايات .
نريد من الجميع التكرم بتعليق والنقاش الهادئ
تعليق