الاخوة اعضاء المنتدى الرائع ارفق لكم ما توفر لدي من موضوع وهو عبارة عن موضوع منقول عسى ان يكون مفيدا تحياتي /واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين *
************************************************** ************************************************** ************************
مودة أهل البيت عليهم السلام
وفضائلهم
في الكتاب والسُنّة
الحمدُ لله ربِّ العالمين.. والصلاة والسلام على رسول الله سيد الخلائق وخاتم النبيين محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين .
وبعد.. فإنّ حق الرسول العظيم على أتباعه لحق عظيم ، يتفاوت الاَفراد في معرفته ومستويات أدائه ، وليس من شك فإنّ حبه هو من أولى هذه الحقوق ، إذ هو المقدمة الضرورية لما يتبعه من اقتفاء أثره وتحرّي سُنّته وإحياء أمره وحسن اتباعه ، فما لم يتحقق الحب الصادق فلا نستطيع أن ننتظر الاتباع والاهتداء والاقتداء . ومن هنا قال صلى الله عليه وآله وسلم :« لايؤمن أحدكم حتى أكون أحبُّ إليه من نفسه ووالده وولده والناس أجمعين» .
إنّ حبه صلى الله عليه وآله وسلم فرع لحب الله تعالى ، وكلاهما من بديهيات الايمان وأولوياته، كما ان حبه صلى الله عليه وآله وسلم يستلزم حب أولى الناس به وأقربهم منزلة لديه وأخصّهم بحمل أمانته وأداء رسالته ، وبهذا تتكامل سلسلة الحب متلازمة الحلقات ، وبدون ذلك فليس ثمة حب لله ولا لرسوله.. ومن هنا قال صلى الله عليه وآله وسلم : « احبوا الله لما يغذوكم به من نعمه ، واحبوني بحب الله ، وأحبوا أهل بيتي لحبي» .
وأهل بيته وأولى الناس به هم الذين اختارهم حين أمره الله تعالى بمباهلة النصارى في قوله تعالى : ( قُلْ تعالُوا ندعُ أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل... ) .
وهم الذين خصّهم في تأويل آية التطهير حين نزلت ( إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً ) فأدار كساءه على نفسه الشريفة وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام ، وقال : « اللهمّ هؤلاء أهل بيتي فاذهب عنهم الرجس ، وطهرهم تطهيراً.. » وهم الذين اختصهم في الاَمر بالصلاة حين نزل قوله تعالى : ( وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها ) فراح
وهم الذين أمرنا بالصلاة عليهم معه كلما ذكر النبي صلى الله عليه السلام إذ قال :« قولوا اللّهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم» .
وليس ينفك هذا الحب عن صدق الولاء وحسن الاهتداء والاقتداء بالهدي الذي كانوا عليه ( إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ... ) فكما كان الحب مقدمة أولى للاتباع ، فإنّ الاتباع شرطاً لازم ومصداق أكيد للحب الصادق .. وإلاّ كان مجرد دعوى قاصرة عن بلوغ معناها وغايتها . ومن هنا كان حب أهل بيت النبي صلى الله عليه السلام مقدمة لحسن اتباعهم والسير على نهجهم واقتفاء أثرهم ، قال صلى الله عليه وآله وسلم : « إنّي تارك فيكم ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي ، كتاب الله.. وعترتي أهل بيتي » فلم يكن الحب الذي من علاماته الاحترام لهم والتأدب معهم وميل القلب إلى ذكرهم.. لم يكن لوحده غاية مالم تتحقق لوازمه ومصاديقه في اتباع نهجهم والاهتداء بهديهم والذبّ عنهم ، وبدون هذا سيبقى مفهوماً قاصراً لم يحقق معناه ولم يبلغ أهدافه ومقاصده .
من كل هذا أصبح هذا النوع من الحب ، حب الله وحب رسوله وحب أهل بيت رسوله ، مبدأً رسالياً كبيراً يتضمن أبعاداً مهمة وخطيرة في حياة الفرد والمجتمع ، فهو المفتاح في علاقة الفرد والاُمّة بتعاليم السماء ، على هذا دلّنا الله تعالى ورسوله ، وبه أمرنا ، لا لقرب لحمتهم من النبي صلى الله عليه السلام وحسب ، على ما في هذا من شرف رفيع ، بل لاَنّهم عيبة علمه وحملةُ أمانته والمصطفين على الناس من بعده شرفاً وعلماً وحكمة وهدياً .
وفي هذا الكتاب نحاول الاقتراب أكثر فأكثر إلى معرفتهم ومعرفة حقهم الثابت علينا ، فكل ذلك من المعارف الضرورية التي لا غنى لمسلم عنها .
وبعد : إنّ حبّ أهل البيت عليهم السلام عترة النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم يعدّ ضرورة من ضرورات الدين الاِسلامي الثابتة بالقطع كتاباً وسُنّة ، قال تعالى : ( قُل لا أسألُكُم عَلَيهِ أجراً إلاّ المودَّةَ في القُربَى ) .
وتواتر عن النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال : « أحبوا الله لما يغذوكم من نعمته ، وأحبوني بحبّ الله ، وأحبوا أهل بيتي بحبي» .
وتواتر عنه صلى الله عليه وآله وسلم : « أنّ حبهم علامة الاِيمان ، وأن بغضهم علامة النفاق » و « أنّ من أحبهم أحب الله ورسوله ، ومن أبغضهم أبغض الله ورسوله » وعشرات الاَحاديث التي تحث على حبهم وتنهى عن بغضهم .
ومما لا ريب فيه أنّه تعالى لم يفرض حبهم ومودتهم إلى جانب وجوب التمسك بهم إلاّ لاَنهم أهل للحب والولاء من حيث قربهم إليه سبحانه ومنزلتهم عنده وطهارتهم من الشرك والمعاصي ومن كل ما يبعد عن دار كرامته وساحة رضاه .
لذا فإنّ حبّ أهل البيت عليهم السلام عقيدة مستمدة من كتاب الله تعالى وسُنّة نبيه المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ، وليس هو مجرد هوىً عابر أو عاطفة مجرّدة ، إنّه مبدأ يتعلق بحبّ القادة الرساليين الذين جعلهم الله تعالى هداة للبشر
إنّه مبدأ يتعلق بحبّ أحد الثقلين اللذين أوجب الرسول المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم على أُمّته التمسك بهما حتى يردا عليه الحوض ، وجعلهم أماناً لاَهل الاَرض كما أن النجوم أمان لاَهل السماء ، وكسفينة نوح من ركبها نجا ، ومن تخلّف عنها غرق وهوى .
وفي هذا البحث حاولنا إلقاء الضوء على بعض الجوانب المهمة التي تخصّ مودة أهل البيت عليهم السلام باعتبارها فرضاً علينا وواجباً في أعناقنا ، وذلك من خلال خمسة فصول :
الفصل الاَول : من هم أهل البيت ؟
الفصل الثاني : حبهم عليهم السلام في الكتاب والسُنّة والاَدب .
الفصل الثالث : بعض فضائلهم عليهم السلام في الكتاب والسُنّة .
الفصل الرابع : معطيات حبهم عليهم السلام .
الفصل الخامس : أهل البيت عليهم السلام بين الغلو والبغض .
نرجو من الله تعالى أن ينفع به الاخوة المؤمنين وأن يجعله خيراً لنا في الدنيا وذخراً في الآخرة .
يحددّ المفهوم اللغوي لكلمة أهل بما يضاف إليها ، فأهل القرى : سكانها ، وأهل الشيء : صاحبه ، وأهل الكتاب : أتباعه أو قرّاؤه ، وكذلك أهل التوراة وأهل الانجيل ، وقد ورد بعض هذه الاَلفاظ في القرآن الكريم(1).
وأهل الرجل : عشيرته وذوو قرباه (2)، وأخصّ الناس به (3)، ومن
____________
1) راجع الاَنباء بما في كلمات القرآن من أضواء | محمد جعفر الكرباسي : 241 ـ 242 ، منشورات الوفاق ـ النجف الاَشرف .
2) القاموس المحيط | مجدالدين الفيروزآبادي 1 : 331 ـ مادة أهل ـ ، مؤسسة الرسالة ـ بيروت.
3) لسان العرب | ابن منظور 11 : 28 ـ 29 ـ مادة أهل ـ ، أدب الحوزة ـ قم .
قال تعالى ( وأمُر أهلَكَ بِالصَّلاةِ ) (2)أي ذوي قرباك ومن يرتبط بك في النسب .
وقال تعالى ( يا نُوحُ إنَّهُ ليسَ مِن أهلِكَ ) (3)مشيراً إلى ابنه ، وهو من أهله من حيث النسب ، لكنه تعالى أراد أنه ليس من أهل دينك وملتك والسائرين على منهجك .
وأهل بيت الرجل : ذوو قرباه ومن يجمعه وإياهم نسب (4)، وأطلقت في الكتاب الكريم على أولاد إبراهيم عليه السلام وأولاد أولاده ، قال تعالى : (رحمةُ اللهِ وبرَكاتُهُ عَليكُم أهلَ البيتِ إنَّهُ حَميدٌ مجيدٌ ) (5).
وصار «أهل البيت» متعارفاً بين المسلمين في آل النبي صلى الله عليه وآله وسلم (6)، تبعاً للنصوص ، وهم كما في حديث الكساء وغيره : محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والاِمام علي والزهراء والحسن والحسين عليهم السلام ، والذين نزلت فيهم آية التطهير ( إنَّما يُريدُ اللهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أهلَ البيتِ ويُطهِّركُم تَطهيراً)(7)..
____________
1) مفردات الراغب : 29 ـ أهل ـ ، المكتبة المرتضوية .
2) سورة طه : 20 | 132 .
3) سورة هود : 11 | 46 .
4) مفردات الراغب : 29 ـ أهل ـ .
5) سورة هود : 11 | 73 .
6) مفردات الراغب : 64 ـ بيت ـ .
7) سورة الاحزاب : 33 | 33 ، راجع : صحيح مسلم ـ كتاب فضائل الصحابة 4 : 1883 | 2424 .
والعترة هم أهل البيت عليهم السلام ، صرّح به ابن منظور ، مستدلاً بقوله صلى الله عليه وآله وسلم «إني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي »قال : فجعل العترة أهل البيت عليهم السلام (3).
وثمة فرق بين أهل الرجل وأهل بيت الرجل ، فقد عُبّر في اللغة مجازاً بأهل الرجل عن امرأته ، قال الزبيدي في تاج العروس : (ومن المجاز : الاَهل للرجل زوجته) (4).
أما أهل بيت الرجل : فهم من يجمعه وإياهم نسب ، وتُعورِف في اُسرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم (5).
____________
1) مفردات الراغب : 30 ـ آل ـ .
2) لسان العرب 11 : 28 ـ 29 ـ أهل ـ .
3) لسان العرب 9 : 34 ـ عتر ـ .
4) تاج العروس من جواهر القاموس | محمد مرتضى الزبيدي 7 : 217 ـ أهل ـ ، المطبعة الخيرية ـ مصر ط1 .
5) مفردات الراغب : 29 ـ أهل ـ .
ولـ «أهل البيت» في لسان الكتاب والسُنّة معنى خاص ، فالمراد من أهل البيت هم : رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، والاِمام علي ، وفاطمة الزهراء ، وسيدا شباب أهل الجنة الحسن والحسين عليهم السلام ، ويلحق بهم الذرية الطاهرة ، وهم الاَئمة التسعة المعصومون من ولد الاِمام الحسين عليهم السلام ، وهؤلاء هم أقرب الناس إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأخصّهم به من حيث العلم ، وأعرفهم بدينه ، وأعلمهم بسنته ونهجه .
وهناك جملة وافرة من الروايات الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الطرفين المصرّحة بأسمائهم (1)، زيادة على تواتر نصوص سابقهم على إمامة لاحقهم عند الامامية ، وهذا ما ينطبق تمام الانطباق على ما جاء في الصحيحين ، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أن الاَئمة اثنا عشر وكلهم من قريش (2). وقد اختصّ عنوان أهل البيت بهم دون غيرهم ، مهما كان قربه من النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، سواء بذلك نساؤه أو أتباعه أو ذوو قرباه ، وهذا ما نطق به القرآن الكريم ، وما ذكرته السُنّة النبوية المطهّرة ، وما نقله الصحابة والتابعون ورواة الحديث .
جاء عن أم سلمة أنه عندما نزلت ( إنَّما يُريدُ اللهُ ليُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أهلَ البيتِ ويُطهِّركُم تطهيراً ) قالت : فأرسل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى علي
____________
1) اُنظر ينابيع المودة | القندوزي الحنفي 3 : 281 | 1 ، دار الاُسوة ط1 .
2) صحيح البخاري 9 : 147| 79 باب الاستخلاف ، عالم الكتب ـ بيروت ط5 . وصحيح مسلم 4 : 1883 .
وعن عائشة قالت : كان أحبّ الرجال إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ـ تعني الاِمام عليّاً عليه السلام ـ لقد رأيته وقد أدخله تحت ثوبه ، وفاطمة وحسناً وحسيناً، ثم قال : « اللهم هؤلاء أهل بيتي» (2).
وعن الاِمام علي عليه السلام أنّه عندما نزلت آية التطهير قال : « فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : يا علي هذه الاية نزلت فيك وفي سبطيَّ والاَئمة من ولدك» (3).
هذا بالاضافة إلى أن المراد من البيت في لفظة (أهل البيت) ليس المسكن ، وإنما المراد هو بيت الرسالة أي البيت النبوي ، وأهل البيت عليهم السلام هم الذين تربّوا ودرجوا في أحضان الرسالة ، ونشأوا في بيت الطهارة والعلم ، وعرفوا كل صغيرة وكبيرة ، وأحاطوا بكل شاردة وواردة ، لذلك تجد أنهم قد أجابوا على كل مسألة ومعضلة وجّهت إليهم وفي كل مجالات الدين وعلومه ، ولا تجد ذلك عند غيرهم مهما بلغ في العلم والمعرفة .
روي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، عندما قرأ قوله تعالى : ( في بُيُوتٍ أذِنَ اللهُ أن
____________
1) المستدرك على الصحيحين 3 : 158 | 4705 . والسنن الكبرى | البيهقي 7 : 63 .
2) ترجمة الاِمام علي عليه السلام من تاريخ مدينة دمشق 2 : 163 ـ 164 | 642 . وشواهد التنزيل لقواعد التفضيل | الحاكم الحسكاني 2 : 61 | 682 ـ 684 ، مجمع احياء الثقافة الاِسلامية ط1. وعمدة عيون صحاح الاَخبار في مناقب إمام الاَبرار | ابن البطريق : 40 | 23 ، مؤسسة النشر الاِسلامي ـ قم .
3) كفاية الاَثر في النصّ على الاَئمة الاثني عشر | أبو القاسم الخزاز الرازي : 156 ، مؤسسة النشر الاِسلامي ـ قم .
وعن أمير المؤمنين عليه السلام قال : « نحن بيت النبوّة ، ومعدن الحكمة ، أمان لاَهل الاَرض ، ونجاة لمن طلب» (3).
وقال الاِمام الحسين عليه السلام : « إنّا أهل بيت النبوّة» (4).
************************************************** ************************************************** ************************
سلسلة المعارف الاسلامية
16
16
مودة أهل البيت عليهم السلام
وفضائلهم
في الكتاب والسُنّة
اصدار مركز الرسالة
( 5 )
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لله ربِّ العالمين.. والصلاة والسلام على رسول الله سيد الخلائق وخاتم النبيين محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين .
وبعد.. فإنّ حق الرسول العظيم على أتباعه لحق عظيم ، يتفاوت الاَفراد في معرفته ومستويات أدائه ، وليس من شك فإنّ حبه هو من أولى هذه الحقوق ، إذ هو المقدمة الضرورية لما يتبعه من اقتفاء أثره وتحرّي سُنّته وإحياء أمره وحسن اتباعه ، فما لم يتحقق الحب الصادق فلا نستطيع أن ننتظر الاتباع والاهتداء والاقتداء . ومن هنا قال صلى الله عليه وآله وسلم :« لايؤمن أحدكم حتى أكون أحبُّ إليه من نفسه ووالده وولده والناس أجمعين» .
إنّ حبه صلى الله عليه وآله وسلم فرع لحب الله تعالى ، وكلاهما من بديهيات الايمان وأولوياته، كما ان حبه صلى الله عليه وآله وسلم يستلزم حب أولى الناس به وأقربهم منزلة لديه وأخصّهم بحمل أمانته وأداء رسالته ، وبهذا تتكامل سلسلة الحب متلازمة الحلقات ، وبدون ذلك فليس ثمة حب لله ولا لرسوله.. ومن هنا قال صلى الله عليه وآله وسلم : « احبوا الله لما يغذوكم به من نعمه ، واحبوني بحب الله ، وأحبوا أهل بيتي لحبي» .
وأهل بيته وأولى الناس به هم الذين اختارهم حين أمره الله تعالى بمباهلة النصارى في قوله تعالى : ( قُلْ تعالُوا ندعُ أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل... ) .
وهم الذين خصّهم في تأويل آية التطهير حين نزلت ( إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً ) فأدار كساءه على نفسه الشريفة وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام ، وقال : « اللهمّ هؤلاء أهل بيتي فاذهب عنهم الرجس ، وطهرهم تطهيراً.. » وهم الذين اختصهم في الاَمر بالصلاة حين نزل قوله تعالى : ( وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها ) فراح
( 6 )
يطرق باب بيت علي وفاطمة فجر كل يوم ويقول : « الصلاة الصلاة.. ( إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا») .
وهم الذين أمرنا بالصلاة عليهم معه كلما ذكر النبي صلى الله عليه السلام إذ قال :« قولوا اللّهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم» .
وليس ينفك هذا الحب عن صدق الولاء وحسن الاهتداء والاقتداء بالهدي الذي كانوا عليه ( إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ... ) فكما كان الحب مقدمة أولى للاتباع ، فإنّ الاتباع شرطاً لازم ومصداق أكيد للحب الصادق .. وإلاّ كان مجرد دعوى قاصرة عن بلوغ معناها وغايتها . ومن هنا كان حب أهل بيت النبي صلى الله عليه السلام مقدمة لحسن اتباعهم والسير على نهجهم واقتفاء أثرهم ، قال صلى الله عليه وآله وسلم : « إنّي تارك فيكم ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي ، كتاب الله.. وعترتي أهل بيتي » فلم يكن الحب الذي من علاماته الاحترام لهم والتأدب معهم وميل القلب إلى ذكرهم.. لم يكن لوحده غاية مالم تتحقق لوازمه ومصاديقه في اتباع نهجهم والاهتداء بهديهم والذبّ عنهم ، وبدون هذا سيبقى مفهوماً قاصراً لم يحقق معناه ولم يبلغ أهدافه ومقاصده .
من كل هذا أصبح هذا النوع من الحب ، حب الله وحب رسوله وحب أهل بيت رسوله ، مبدأً رسالياً كبيراً يتضمن أبعاداً مهمة وخطيرة في حياة الفرد والمجتمع ، فهو المفتاح في علاقة الفرد والاُمّة بتعاليم السماء ، على هذا دلّنا الله تعالى ورسوله ، وبه أمرنا ، لا لقرب لحمتهم من النبي صلى الله عليه السلام وحسب ، على ما في هذا من شرف رفيع ، بل لاَنّهم عيبة علمه وحملةُ أمانته والمصطفين على الناس من بعده شرفاً وعلماً وحكمة وهدياً .
وفي هذا الكتاب نحاول الاقتراب أكثر فأكثر إلى معرفتهم ومعرفة حقهم الثابت علينا ، فكل ذلك من المعارف الضرورية التي لا غنى لمسلم عنها .
والله من وراء القصد ، وهو الهادي إلى سواء الصراط
مركز الرسالة
( 7 )
الحمدُ لله ربِّ العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على محمد المصطفى الاَمين وآله الهداة الميامين .
وبعد : إنّ حبّ أهل البيت عليهم السلام عترة النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم يعدّ ضرورة من ضرورات الدين الاِسلامي الثابتة بالقطع كتاباً وسُنّة ، قال تعالى : ( قُل لا أسألُكُم عَلَيهِ أجراً إلاّ المودَّةَ في القُربَى ) .
وتواتر عن النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال : « أحبوا الله لما يغذوكم من نعمته ، وأحبوني بحبّ الله ، وأحبوا أهل بيتي بحبي» .
وتواتر عنه صلى الله عليه وآله وسلم : « أنّ حبهم علامة الاِيمان ، وأن بغضهم علامة النفاق » و « أنّ من أحبهم أحب الله ورسوله ، ومن أبغضهم أبغض الله ورسوله » وعشرات الاَحاديث التي تحث على حبهم وتنهى عن بغضهم .
ومما لا ريب فيه أنّه تعالى لم يفرض حبهم ومودتهم إلى جانب وجوب التمسك بهم إلاّ لاَنهم أهل للحب والولاء من حيث قربهم إليه سبحانه ومنزلتهم عنده وطهارتهم من الشرك والمعاصي ومن كل ما يبعد عن دار كرامته وساحة رضاه .
لذا فإنّ حبّ أهل البيت عليهم السلام عقيدة مستمدة من كتاب الله تعالى وسُنّة نبيه المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ، وليس هو مجرد هوىً عابر أو عاطفة مجرّدة ، إنّه مبدأ يتعلق بحبّ القادة الرساليين الذين جعلهم الله تعالى هداة للبشر
( 8 )
بعد نبيه الكريم صلى الله عليه وآله وسلم وحباهم أفضل صفات الكمال من شجاعة وعفّة وصدق وعلم وحكمة وخلق ، وجعلهم أبوابه والسبل إليه والاَدلاّء عليه وعيبة علمه وخزّان معرفته وتراجمة وحيه وأركان توحيده .
إنّه مبدأ يتعلق بحبّ أحد الثقلين اللذين أوجب الرسول المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم على أُمّته التمسك بهما حتى يردا عليه الحوض ، وجعلهم أماناً لاَهل الاَرض كما أن النجوم أمان لاَهل السماء ، وكسفينة نوح من ركبها نجا ، ومن تخلّف عنها غرق وهوى .
وفي هذا البحث حاولنا إلقاء الضوء على بعض الجوانب المهمة التي تخصّ مودة أهل البيت عليهم السلام باعتبارها فرضاً علينا وواجباً في أعناقنا ، وذلك من خلال خمسة فصول :
الفصل الاَول : من هم أهل البيت ؟
الفصل الثاني : حبهم عليهم السلام في الكتاب والسُنّة والاَدب .
الفصل الثالث : بعض فضائلهم عليهم السلام في الكتاب والسُنّة .
الفصل الرابع : معطيات حبهم عليهم السلام .
الفصل الخامس : أهل البيت عليهم السلام بين الغلو والبغض .
نرجو من الله تعالى أن ينفع به الاخوة المؤمنين وأن يجعله خيراً لنا في الدنيا وذخراً في الآخرة .
والله ولي التوفيق
( 9 )
يحددّ المفهوم اللغوي لكلمة أهل بما يضاف إليها ، فأهل القرى : سكانها ، وأهل الشيء : صاحبه ، وأهل الكتاب : أتباعه أو قرّاؤه ، وكذلك أهل التوراة وأهل الانجيل ، وقد ورد بعض هذه الاَلفاظ في القرآن الكريم(1).
وأهل الرجل : عشيرته وذوو قرباه (2)، وأخصّ الناس به (3)، ومن
____________
1) راجع الاَنباء بما في كلمات القرآن من أضواء | محمد جعفر الكرباسي : 241 ـ 242 ، منشورات الوفاق ـ النجف الاَشرف .
2) القاموس المحيط | مجدالدين الفيروزآبادي 1 : 331 ـ مادة أهل ـ ، مؤسسة الرسالة ـ بيروت.
3) لسان العرب | ابن منظور 11 : 28 ـ 29 ـ مادة أهل ـ ، أدب الحوزة ـ قم .
( 10 )
يجمعه وإياهم نسب أو دين (1).
قال تعالى ( وأمُر أهلَكَ بِالصَّلاةِ ) (2)أي ذوي قرباك ومن يرتبط بك في النسب .
وقال تعالى ( يا نُوحُ إنَّهُ ليسَ مِن أهلِكَ ) (3)مشيراً إلى ابنه ، وهو من أهله من حيث النسب ، لكنه تعالى أراد أنه ليس من أهل دينك وملتك والسائرين على منهجك .
وأهل بيت الرجل : ذوو قرباه ومن يجمعه وإياهم نسب (4)، وأطلقت في الكتاب الكريم على أولاد إبراهيم عليه السلام وأولاد أولاده ، قال تعالى : (رحمةُ اللهِ وبرَكاتُهُ عَليكُم أهلَ البيتِ إنَّهُ حَميدٌ مجيدٌ ) (5).
وصار «أهل البيت» متعارفاً بين المسلمين في آل النبي صلى الله عليه وآله وسلم (6)، تبعاً للنصوص ، وهم كما في حديث الكساء وغيره : محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والاِمام علي والزهراء والحسن والحسين عليهم السلام ، والذين نزلت فيهم آية التطهير ( إنَّما يُريدُ اللهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أهلَ البيتِ ويُطهِّركُم تَطهيراً)(7)..
____________
1) مفردات الراغب : 29 ـ أهل ـ ، المكتبة المرتضوية .
2) سورة طه : 20 | 132 .
3) سورة هود : 11 | 46 .
4) مفردات الراغب : 29 ـ أهل ـ .
5) سورة هود : 11 | 73 .
6) مفردات الراغب : 64 ـ بيت ـ .
7) سورة الاحزاب : 33 | 33 ، راجع : صحيح مسلم ـ كتاب فضائل الصحابة 4 : 1883 | 2424 .
=
( 11 )
ويطلق عليهم آل النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو عترته أيضاً ، والآل مقلوب عن الاَهل(1) ، فيقال : آل الله وآل رسوله ، أي أولياؤه ، أصلها أهل ، ثم اُبدلت الهاء همزة ، فصارت في التقدير أأل ، فلمّا توالت الهمزتان أبدلوا الثانية ألفاً (2).
والعترة هم أهل البيت عليهم السلام ، صرّح به ابن منظور ، مستدلاً بقوله صلى الله عليه وآله وسلم «إني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي »قال : فجعل العترة أهل البيت عليهم السلام (3).
وثمة فرق بين أهل الرجل وأهل بيت الرجل ، فقد عُبّر في اللغة مجازاً بأهل الرجل عن امرأته ، قال الزبيدي في تاج العروس : (ومن المجاز : الاَهل للرجل زوجته) (4).
أما أهل بيت الرجل : فهم من يجمعه وإياهم نسب ، وتُعورِف في اُسرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم (5).
____________
=
وسنن الترمذي ـ كتاب التفسير 5 : 351 | 3205 . ومصابيح السُنّة | البغوي 4 : 183 | 4796. وجامع الاصول 9 : 155| 6702 و6703 و6705 . ومسند أحمد 4: 107 . ومستدرك الحاكم 2 : 416 و3 : 147 ـ 148 .
وسنن الترمذي ـ كتاب التفسير 5 : 351 | 3205 . ومصابيح السُنّة | البغوي 4 : 183 | 4796. وجامع الاصول 9 : 155| 6702 و6703 و6705 . ومسند أحمد 4: 107 . ومستدرك الحاكم 2 : 416 و3 : 147 ـ 148 .
1) مفردات الراغب : 30 ـ آل ـ .
2) لسان العرب 11 : 28 ـ 29 ـ أهل ـ .
3) لسان العرب 9 : 34 ـ عتر ـ .
4) تاج العروس من جواهر القاموس | محمد مرتضى الزبيدي 7 : 217 ـ أهل ـ ، المطبعة الخيرية ـ مصر ط1 .
5) مفردات الراغب : 29 ـ أهل ـ .
( 12 )
ولـ «أهل البيت» في لسان الكتاب والسُنّة معنى خاص ، فالمراد من أهل البيت هم : رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، والاِمام علي ، وفاطمة الزهراء ، وسيدا شباب أهل الجنة الحسن والحسين عليهم السلام ، ويلحق بهم الذرية الطاهرة ، وهم الاَئمة التسعة المعصومون من ولد الاِمام الحسين عليهم السلام ، وهؤلاء هم أقرب الناس إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأخصّهم به من حيث العلم ، وأعرفهم بدينه ، وأعلمهم بسنته ونهجه .
وهناك جملة وافرة من الروايات الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الطرفين المصرّحة بأسمائهم (1)، زيادة على تواتر نصوص سابقهم على إمامة لاحقهم عند الامامية ، وهذا ما ينطبق تمام الانطباق على ما جاء في الصحيحين ، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أن الاَئمة اثنا عشر وكلهم من قريش (2). وقد اختصّ عنوان أهل البيت بهم دون غيرهم ، مهما كان قربه من النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، سواء بذلك نساؤه أو أتباعه أو ذوو قرباه ، وهذا ما نطق به القرآن الكريم ، وما ذكرته السُنّة النبوية المطهّرة ، وما نقله الصحابة والتابعون ورواة الحديث .
جاء عن أم سلمة أنه عندما نزلت ( إنَّما يُريدُ اللهُ ليُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أهلَ البيتِ ويُطهِّركُم تطهيراً ) قالت : فأرسل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى علي
____________
1) اُنظر ينابيع المودة | القندوزي الحنفي 3 : 281 | 1 ، دار الاُسوة ط1 .
2) صحيح البخاري 9 : 147| 79 باب الاستخلاف ، عالم الكتب ـ بيروت ط5 . وصحيح مسلم 4 : 1883 .
( 13 )
وفاطمة والحسن والحسين ، فقال : « هؤلاء أهل بيتي» (1).
وعن عائشة قالت : كان أحبّ الرجال إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ـ تعني الاِمام عليّاً عليه السلام ـ لقد رأيته وقد أدخله تحت ثوبه ، وفاطمة وحسناً وحسيناً، ثم قال : « اللهم هؤلاء أهل بيتي» (2).
وعن الاِمام علي عليه السلام أنّه عندما نزلت آية التطهير قال : « فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : يا علي هذه الاية نزلت فيك وفي سبطيَّ والاَئمة من ولدك» (3).
هذا بالاضافة إلى أن المراد من البيت في لفظة (أهل البيت) ليس المسكن ، وإنما المراد هو بيت الرسالة أي البيت النبوي ، وأهل البيت عليهم السلام هم الذين تربّوا ودرجوا في أحضان الرسالة ، ونشأوا في بيت الطهارة والعلم ، وعرفوا كل صغيرة وكبيرة ، وأحاطوا بكل شاردة وواردة ، لذلك تجد أنهم قد أجابوا على كل مسألة ومعضلة وجّهت إليهم وفي كل مجالات الدين وعلومه ، ولا تجد ذلك عند غيرهم مهما بلغ في العلم والمعرفة .
روي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، عندما قرأ قوله تعالى : ( في بُيُوتٍ أذِنَ اللهُ أن
____________
1) المستدرك على الصحيحين 3 : 158 | 4705 . والسنن الكبرى | البيهقي 7 : 63 .
2) ترجمة الاِمام علي عليه السلام من تاريخ مدينة دمشق 2 : 163 ـ 164 | 642 . وشواهد التنزيل لقواعد التفضيل | الحاكم الحسكاني 2 : 61 | 682 ـ 684 ، مجمع احياء الثقافة الاِسلامية ط1. وعمدة عيون صحاح الاَخبار في مناقب إمام الاَبرار | ابن البطريق : 40 | 23 ، مؤسسة النشر الاِسلامي ـ قم .
3) كفاية الاَثر في النصّ على الاَئمة الاثني عشر | أبو القاسم الخزاز الرازي : 156 ، مؤسسة النشر الاِسلامي ـ قم .
( 14 )
تُرفَعَ وَيُذكَرَ فيها اسمُهُ ) (1)سُئل : أي بيوت هذه ؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم : «بيوت الاَنبياء » ، قال أبو بكر : يا رسول الله ، هذا البيت منها ؟ ـ يعني بيت علي وفاطمة ـ قال صلى الله عليه وآله وسلم : « نعم ، من أفاضلها» (2).
وعن أمير المؤمنين عليه السلام قال : « نحن بيت النبوّة ، ومعدن الحكمة ، أمان لاَهل الاَرض ، ونجاة لمن طلب» (3).
وقال الاِمام الحسين عليه السلام : « إنّا أهل بيت النبوّة» (4).
تعليق