شرائط وجوب الصوم
الشرط الأول : البلوغ .
(مسألة 12) : لا يجب الصيام على الصبي غير البالغ .
فرع 1 : يصح الصوم من الصبي كما تصح الصلاة وغيرها من العبادات من الصبي .
فرع 2 : إذا طلع عليه الفجر وهو غير بالغ . فلا يجب عليه الصيام ولا قضاء عليه حتى لو بلغ في أثناء النهار .
تطبيق : إذا طلع الفجر على الإنسان وهو بالغ فصام متطوعاً وبلغ أثناء النهار ، فمثل هذا الشخص بإمكانه بل يستحب أن يواصل صيامه فيقبل منه أنشاء الله تعالى ولا قضاء عليه ، وبإمكانه أن يفطر في ذلك النهار إذا أراد ولو بعد أن بلغ .
الشرط الثاني : العقل .
(مسألة 13) : لا يجب الصيام على المجنون .
فرع : يشترط في وجوب الصيام أن يستمر بالإنسان عقله ورشده إلى نهاية النهار فلو فقد عقله في جزء من النهار ، فصيام ذلك النهار ليس واجباً عليه ولا قضاء عليه .
فرع : لو طلع عليه الفجر وهو عليل قد فقد عقله , ثم أفاق واسترد عافيته وحالته العقلية الاعتيادية في أثناء النهار , فصيام هذا النهار ليس واجباً عليه ولا يجب عليه القضاء .
الشرط الثالث : عدم الإغماء .
(مسألة 14) : إذا أصابه الإغماء قبل ان ينوي صيام النهار المقبل واستمر به الإغماء إلى ان طلع عليه الفجر فلا يجب عليه صيام ذلك النهار حتى لو أفاق صباحاً أو ظهراً وانتبه الى نفسه .
نعم إذا نوى المكلف الصيام في النهار المقبل ثم أُغمي عليه بعد النية ثم أفاق في أثناء النهار فعليه ان يواصل صيامه ويحتسب من الصيام الواجب على الأحوط وجوباً ولزوماً . وكذلك إذا أصبح صائماً وأغمي عليه في أثناء النهار ساعة أو أكثر ثم أفاق , فعليه ان يبقى على صيامه ويحتسب من الصيام الواجب .
الشرط الرابع : الخلو من الحيض والنفاس .
(مسألة 15) : يجب ان تكون المرأة نقية من دم الحيض والنفاس, فلا يجب عليها الصوم وان كان حصول الحيض أو النفاس في جزء من النهار .
تطبيق : إذا اتفق انقطاع الدم عن الحائض والنفساء بعد الفجر بثانية واحدة , فلا يجب عليها صيام ذلك اليوم , وإذا فاجئها الدم قبل غروب الشمس بثانية واحدة فليس صيام ذلك اليوم بواجب .
فرع : إذا صامت المرأة وهي غير نقية ولو في جزء من النهار , لم يكن صيامها مطلوباً شرعاً ولا يعفيها من القضاء .
الشرط الخامس : عدم الشيخوخة التي تضعف عن الصيام.
(مسألة 16) : الشيخ والشيخة إذا كان الصوم حرجاً ومشقة عليهما بسبب شيخوختهما , فكل منهما مخيّر بين ان يصوم وبين ان يفطر ويعطي الفدية عن كل يوم يفطره بمدّ من الطعام وهو ثلاثة أرباع الكيلو من الحنطة أو الخبز أو غيرهما والأحوط استحباباً ان تكون الفدية مُدّين .
فرع 1 : إذا اختار الشيخ أو الشيخة الإفطار ودفع الفدية , فإذا تمكنا من القضاء بعد ذلك فانه لا يجب عليهما القضاء.
فرع 2 : إذا عجز الشيخ والشيخة وتعذر عليهما الصيام نهائياً أو كان الصيام مضراً بهما ضرراً صحياً , فلا يجب عليهما الصيام بل يفطرا وليس عليهما فدية .
الشرط السادس : عدم الإصابة بداء العِطاش .
ذو العِطاش , هو الذي يُمنى بحالة مرضية من خلل في كبده ونحو ذلك تجعله يشعر بعطش شديد فيشرب الماء ولا يرتوي .
(مسألة 17) : ذو العطاش إذا كان الصوم حرجاً ومشقة وصعوبة عليه , فهو مخيّر كالشيخ والشيخة بين ان يصوم وبين ان يفطر ويعطي الفدية عن كل يوم يفطره بمُدّ من الطعام , وإذا اختار الإفطار والفدية فلا يجب عليه القضاء بعد ذلك .
فرع 1 : إذا عجز ذو العطاش وتعذر عليه الصيام نهائياً فلا يجب عليه الصيام , بل يفطر وليس عليه فدية .
الشرط السابع : عدم كون المرأة حاملاً مقرباً .
(مسألة 18) : إذا كانت المرأة حاملاً مقرّباً يضر الصوم بحملها , أفطرت وأعطت الفدية عن كل يوم تفطره بمُدّ من طعام , وعليها القضاء بعد ذلك .
(مسألة 19) : إذا كان الصوم يضر بالمرأة الحامل نفسها لا بحملها, أفطرت وعليها القضاء بعد ذلك وليس عليها الفدية , وعدم وجوب الصوم على هذه المرأة بسبب عدم توفر الشرط التاسع (الأمن من الضرر الصحي) وسيأتي الكلام لاحقاً ان شاء الله تعالى.
الشرط الثامن : عدم كون المرأة مرضعة .
(مسألة 20) : إذا كانت المرأة مرضعة يضر الصوم بالولد الرضيع, أفطرت , وأعطت الفدية عن كل يوم تفطره بمُدّ من طعام, وعليها القضاء بعد ذلك .
فرع : إذا كان بإمكان المرأة ان ترضع الولد من غير حليبها من امرأة أخرى أو من الحليب الحيواني أو من الحليب المجفف بحيث لا يتضرر الولد من ذلك, فلا يجوز لها الإفطار .
(مسألة 21) : إذا كان الصوم يضر بالمرأة المرّضع نفسها لا بالولد أفطرت وعليها القضاء وليس عليها الفدية , وعدم وجوب الصوم على هذه المرأة بسبب عدم توفر الشرط التاسع (الأمن من الضرر الصحي) وسيأتي الكلام عنه ان شاء الله تعالى .
الشرط التاسع : الأمن من الضرر الصحي .
(مسألة 22) : إذا لم يكن المكلف آمناً من الضرر بسبب الصوم , فلا يجب عليه الصيام , فمن كان يخشى ان يُصاب بمرض بسبب الصوم , ومن كان مريضاً ويخشى ان يطول به المرض أو يشتد المرض أو يصاب بمرض آخر بسبب الصوم , ومن كان مريضاً وأجهده المرض وأضعفه فأصبح يعاني صعوبة ومشقة شديدة في الصيام . ففي كل هذه الحالات لا يجب على المكلف الصيام .
فرع 1 : الضرر الصحي بسبب الصوم الذي يسقط وجوب الصوم إذا كان بدرجة يهتم العقلاء بالتحفظ منها عادة , كالصداع الشديد أو الحمى العالية أو الالتهاب المعتد به والتي تمنع عادة عن ممارسة مهامهم وأعمالهم , ومن الواضح ان الشدة والضعف أمر نسبي يختلف من إنسان إلى آخر فالإنسان المتداعي صحياً قد تكون الحمى البسيطة شديدة بالنسبة إليه وتثير متاعب صحية كبيرة عنده .
فرع 2 : الضرر الذي لا يراه الناس عادة مانعاً عن ممارسة أعمالهم ومهامهم كالصداع البسيط أو الحمى الضئيلة أو الالتهاب الجزئي في العين أو الأذن أو اللوزتين ونحو ذلك فمثل هذا الضرر لا يسقط وجوب الصيام .
فرع 3 : إذا كان الإنسان مريضاً ولكن الصيام لا يضره ولا يعيق شفائه ولا يوقعه في مشقة شديدة فعليه ان يصوم .
(مسألة 23) :
1- إذا تيقن المكلف من الضرر الصحي بسبب الصيام .
2- وإذا ظن بوقوع الضرر الصحي بسبب الصيام .
3- وإذا شك بوقوع الضرر الصحي بسبب الصيام .
4- وإذا احتمل الضرر بدرجة أقل من خمسين بالمائة ولكنها تبعث في النفس الخوف والتوجس لأهمية العضو المتضرر كما إذا خشي على عينه من الرمد والعمى واحتمل ذلك بدرجة ثلاثين بالمائة (مثلاً) ففي كل الحالات الأربع , لا يجب على المكلف الصيام . أما إذا احتمل الضرر الصحي بدرجة ضئيلة لا تبعث في النفس خوفاً وتوجساً ففي هذه الحالة لا يجوز له الإفطار بل يجب عليه الصيام .
(مسألة 24) : في الحالات الأربع السابقة التي لا يجب فيها على المكلف الصيام , إذا صام المكلف موطناً نفسه على المرض وتحمّل الضرر الصحي , فمثل هذا الصيام غير مقبول ووجب عليه القضاء بعد ذلك عند عافيته وبرئه .
(مسألة 25) : إذا صام باعتقاد عدم الضرر واطمئناناً بالسلامة ثم اتضح له بعد إكمال الصيام انه كان على خطأ وان الصوم قد أضر به , فعليه ان يقضي الصيام ولا يكتفي بذلك الصوم .
(مسألة 26) : إذا صام وهو يعتقد الضرر , ثم تبين له بعد ذلك انه كان مخطئاً في اعتقاده وان الصيام لم يضره , فمثل هذا الصيام لا يقبل منه ووجب عليه القضاء .
فرع : يستثنى من ذلك حالة واحدة يقبل فيها الصيام ولا قضاء عليه وتتحقق هذه الحالة عند توفر شرطين :
1- ان لا يكون الضرر الذي اعتقده أولاً من الأضرار الخطيرة التي يحرم على كل مكلف ان يوقع نفسه فيها ويعاقب عليها كمرض السكر والسرطان والعمى والشلل والتدّرن ونحو ذلك .
2- ان يكون جاهلاً بالحكم أي يجهل ان المريض أو من لم يأمن الضرر الصحي لا يجب عليه الصيام , ومثل هذا الإنسان الجاهل يكون الصيام الذي وقع منه لأجل الله سبحانه وتعالى فتتحقق نية القربى منه .
(مسألة 27) : إذا كان مريضاً مرضاً لا يجب معه الصيام لكنه لم يتناول مفطراً حتى عوفي أثناء النهار فمثل هذا الشخص يجب عليه قضاء الصيام بعد ذلك , والأحوط وجوباً عليه ان يمسك بقية ذلك النهار .
(مسألة 28) : إذا كان الطبيب حاذقاً وثقة وعندما فحص المريض أخبره ان الصوم يضره ضرراً لا يجب معه الصيام , فعليه ان يعمل بقول الطبيب ولو لم يبعث في نفسه الخوف والقلق , نعم إذا تيقن واطمئن المريض بخطأ هذا الطبيب فلا يأخذ بكلامه وعليه ان يصوم ذلك اليوم .
(مسألة 29) : إذا خاف الإنسان من ان يضره الصوم لكن الطبيب أخبره انه لا ضرر عليه , فعليه ان يعمل وفقاً لشعوره وتخوّفه .
الشرط العاشر : الأمن من الحرج والمشقة .
والحرج : هو المشقة النفسية الشديدة التي لا يتحملها الناس عادة .
(مسألة 30) : إذا كان الصيام محرجاً للإنسان وموقعاً له في مشقة شديدة وأمام مشكلة حياتية , فلا يجب عليه الصيام.
تطبيق : الإنسان الذي يمنعه الصيام عن ممارسة عمله الذي يرتزق منه إما لأنه يسبب له ضعفاً لا يطيق معه العمل , وإما لأن الصيام يعرّضه لعطش لا يطيق معه الإمساك عن الماء ونحو ذلك , ففي هذه الحالة صورتان :
الأولى : إذا كان بإمكان الفرد بصورة غير محرجة ان يبدل عمله أو يؤجله مع الاعتماد في رزقه على مال موفّر ونحوه , فانه يجب عليه ذلك لكي يصوم.
الثانية : أما إذا كان بامكانه ذلك لكن بصورة محرجة فلا يجب عليه تبديل عمله أو تأجيله , بل يسقط عنه وجوب الصوم ثم يقضيه بعد ذلك إذا تيسّر له ذلك , والأحوط وجوباً في مثل هذه الحالات ان يقتصر على الحد الأدنى من الأكل أو الشرب الذي يدفع به الحرج والمشقة عن نفسه .
الشرط الحادي عشر : ان لا يكون مسافراً .
(مسألة 31) : إذا كان المسافر قد وجب عليه التقصير في الصلاة وكان يعلم بالحكم الشرعي بأن المسافر لا صيام عليه , فمثل هذا المسافر لا يجب عليه الصيام , ولو صام كان عبثاً ووجب عليه القضاء بعد ذلك .
فرع 1 : إذا صام المسافر جهلاً منه بالحكم الشرعي بأن المسافر لا صيام عليه , فإن صيامه صحيح ومقبول إذا لم يطّلع ولم يعلم في أثناء النهار بالحكم الشرعي بأن المسافر لا صيام عليه .
وأما إذا اطلع في الأثناء على هذا الحكم وواصل صيامه , فصيامه باطل ووجب عليه القضاء .
فرع 2 : المسافر العالم بالحكم الشرعي إذا صام ناسياً للحكمالشرعي , فصيامه باطل ووجب عليه القضاء .
فرع 3 : يجب الصيام على الحاضر المتواجد في بلدته , وكذلك يجب على المسافر الذي لا يجب عليه التقصير في الصلاة كالمقيم عشرة أيام , ومن كان عمله السفر , ومن سافر سفر معصية , ومن مضى عليه ثلاثون يوماً وهو متردد في مكان ما .
(مسألة 32) : إذا طلع الفجر على الإنسان وهو حاضر ثم سافر في أثناء النهار فهنا صورتان :
الاولى : إذا سافر وخرج من البلد بعد الزوال , وجب عليه إتمام صيامه ذلك اليوم .
الثانية : إذا سافر وخرج من البلد قبل الزوال , فهنا حالتان:
1- إذا كان ناوياً للسفر من الليل , وجب عليه الإفطار وعليه القضاء بعد ذلك .
2- إذا لم يكن ناوياً للسفر من الليل بل اتخذ قرار السفر بعد طلوع الفجر . فالأحوط وجوباً إتمام صيام ذلك اليوم ووجب عليه القضاء بعد ذلك .
(مسألة 33) : إذا كان مسافراً فدخل بلده أو بلداً نوى فيه الإقامة فهنا صور :
الأولى : إذا كان دخوله قبل الزوال ولم يتناول المفطر وجب عليه الصيام .
الثانية : إذا كان دخوله بعد الزوال فلا صيام له وعليه ان يقضيه بعد ذلك .
الثالثة : إذا كان قد تناول المفطر قبل الوصول إلى بلدته فلا صيام له وعليه ان يقضيه بعد ذلك .
(مسألة 34) : إذا طلع الفجر والمكلف في بلدة ثم سافر صباحاً ورجع قبل الظهر من نفس اليوم دون ان يتناول للمفطر , وجب عليه ان ينوي ويصوم ذلك اليوم , والأحوط وجوباً القضاء بعد ذلك.
(مسألة 35) : المناط في كون الشروع في السفر قبل الزوال أو بعده , هو البلد لا حدّ الترخص .
(مسألة 36) : إذا خرج إلى السفر في شهر رمضان فلا يجوز له الإفطار إلاّ بعد الوصول إلى حد الترخص , ولو أفطر قبل ذلك عالماً بالحكم وجبت عليه الكفارة .
(مسألة 37) : يجوز السفر في شهر رمضان اختياراً ولو للفرار والتخلص من الصيام , لكنه مكروه .
(مسألة 38) : عرفنا التلازم بين إتمام الصلاة والصوم , والتلازم بين قصر الصلاة والإفطار .
ويستثنى من هذه الملازمة حالات :
الأولى : الأماكن الأربعة وهي ( المسجد الحرام ومسجد النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) ومسجد الكوفة وحرم الحسين(عليه السلام) ) فان المسافر يتخيّر فيها بين القصر والتمام في الصلاة بينما يتعيّن عليه الإفطار .
الثانية : الخارج إلى السفر بعد الزوال فإنه يتعيّن عليه البقاء على الصوم مع انه يقصر في الصلاة .
الثالثة : الراجع من سفره بعد الزوال فانه يجب عليه الإتمام في الصلاة إذا لم يكن قد صلاّها قصراً في السفر بينما يتعيّن عليه الإفطار .
(مسألة 39) : إذا علم المكلف مسبقاً ان أحد الطوارئ (كالحيض أو النفاس أو المرض أو السفر أو غيرها) سوف يحدث في أثناء النهار . فلا يجوز له ان يفطر ويتناول الطعام والشراب قبل ان يحدث الطارئ بل يجب عليه ان ينوي ويصوم عند طلوع الفجر ويبقى صائماً الى ان يطرأ ما يعفيه من الصيام .
تطبيق 1 : إذا علمت المرأة أنها ستحيض بعد ساعة من النهار لم يجز لها ان تأكل في النهار قبل ان تحيض.
تطبيق 2 : وإذا علم انه سيسافر قبل الزوال فلا يجوز له ان يفطر إلا بعد خروجه من بلده ووصوله إلى حد الترخص .