تويت
أن الشارع المقدس تصدى لصياغة الأحكام والعبادات في الشريعة بطريقة وبصورة تحقق الغايات والأهداف الراقية النقية الصحيحة والمناسبة ، وفي هذا المقام سنتحدث عن الطهارة بمعناه الأعم وكيفية تصدي المولى للإرشاد والحث على الطهارة الظاهرية والباطنية لتحقيق العديد من الثوابت المؤدية إلى تربية الإنسان المسلم وتنقيته وحصوله على السعادتين الدنيوية والأخروية وجعله عنصراً فعالاً ومنتجاً في المجتمع حتى يتحقق المجتمع المثالي الآمن .
وسنذكر العديد من الموارد التي ترشد وتحث وتؤكد على الطهارة ، سواء كانت مترتبة على الأفعال نفسها كما في الوضوء والغسل (مثلاً) أم كانت مترتبة على الأذكار التي تقرأ حين التطهير أم كانت مترتبة على أوامر وإرشادات وأذكار مستقلة ، وسواء كانت الطهارة في الأبدان أم الأفعال أم الأقوال أم الطهارة القلبية والنفسية أم غيرها وسنشير إلى بعض المستويات التي أراد الشارع المقدس تحقيقها :-
المستوى الأول : التوحيد
لإبراز أهمية أصل التوحيد جعلته مستقلاً ، فالإسلام هو دين التوحيد ولهذا أرجع المولى الشرعي جميع الفروع والأصول إلى أصل التوحيد واعتبره الطهارة الكبرى ، وتتحقق هذه الطهارة بالتوبة والا قلاع عن قذارة الاعتقاد بالشريك والرجوع إلى أصل الاعتقاد بالواحد القاهر الجبار العظيم المنعم المعطي ، وقد أشار الشارع المقدس في العديد من موارد الطهارة الظاهرية والباطنية إلى التطهير من الشريك ووجوب الاعتقاد بالخالق الواحد العظيم وعزز هذا وعمّقه من خلال حث وإرشاد الإنسان إلى الإقرار بالربوبية وإلى الاستعانة بالله والتوكل عليه والتوجه بالدعاء إليه والثناء له، والسعي لمرضاته وطلب الرزق والثواب والنعمة منه والحمد له ، وجَعْله (جل جلاله) هو الهدف والغاية ، ومن تلك الموارد :
1. قوله تعالى : )... وَعَهِدْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ( البقرة / آية 125
ورد في تفسيرها : طهّرا البيت من الشرك وعبادة الأوثان والأصنام .
2. قوله تعالى :) وَإِذْ بَوَّأْنا لإِِبْراهِيمَ مَكانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ( الحج/ آية 26
ورد في تفسيرها : طهّر بيتي من الشرك وعبادة الأصنام والأوثان.
3. قوله تعالى :)... إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ( الأحزاب / آية 33
ورد في تفسيرها :أن التطهير يحصل بإذهاب الرجس وهو الشرك.
4. قوله تعالى :) فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ # لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ ( الواقعة / آية (78-79)
ورد في تفسيرها : المطهّرون من الشرك .
5. ما ورد عن الإمام الصادق(u) : [ولتكن صفوتك مع الله تعالى في جميع طاعاتك كصفوة الماء حين أنزله من السماء وسمّاه طهورا] .
6. ما ورد عن الإمام(u) من استحباب قراءة آية الكرسي بعد الوضوء وفيها قوله تعالى : ) اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الأَْرْضِ(
7. ما ورد في تعزيز وتعميق أصل التوحيد من حمد وثناء وتوكل واستعانة :-
أ- إذا نظر إلى الماء عند الإستنجاء أو الوضوء يدعو بـ[الحمد لله الذي جعل الماء طهورا ً ولم يجعله نجساً] .
ب- عند الاستنجاء يقول [اللهم حصّن فرجي وأعِفـَّهُ واستر عورتي وحّرمني على النار ... ياذا الجلال والإكرام ] .
جـ- إذا فرغ من الإستنجاء يقول :-[ الحمد لله الذي أماط عني الأذى .. ] .
د- عند الخروج من مكان الاستنجاء تقول :- [ الحمد لله الذي عرّفني ...].
هـ- ما ورد في الوضوء :- [ تبدأ بالاستياك إذا أردت الوضوء ، ... فإن الاستياك يرضي الرب ... ] .
و- إذا أدخلت يدك في إناء الوضوء تقول :- [ بسم الله وبالله اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين ] .
ز- تتمضمض ثلاث مرات ... وتقول :- [ اللهم لقّنّي حجتي يوم ألقاك وأطلق لساني بذكراك ] .
مقتبس من كلام السيد الحسني بهذا الخصوص