تويت
ومن الجدير بالذكر أن هناك مصادر كانت محايدة، ومن بينها تاريخ خليفة بن خياط المتوفى سنة 240هـ، وتاريخ الأمم والملوك للطبري المتوفى سنة 310هـ، وجوامع السيرة والرسائل الملحقة بها لابن حزم الأندلسي المتوفى 456هـ، والعواصم من القواصم لأبي بكر بن العربي المتوفى سنة 543هـ، والكامل في التاريخ لابن الأثير المتوفى سنة 630هـ، والعبر في أخبار العرب والعجم والبربر لعبد الرحمن بن خلدون المتوفى سنة 808هـ..
وقد وقفت هذه المصادر - وغيرها - موقفاً محايداً إلى حدٍّ كبير في الحكم على الدولة الأموية .
ومع ذلك فلم تستطع هذه المصادر المحايدة أن تقف أمام هذا الحاجز السميك الذي حال دون إنصاف بني أمية، وجذب نحوه عشرات من الدراسات العاطفية التي توالت عبر العصور حتى عصرنا الحديث.
والحق أن هناك أسباباً وقفت مع المنهج المتحيز على حساب المنهج المحايد، وكانت وراء هذا الميل السائد لدى جمهرة كبيرة من المسلمين لظلم بني أمية، ومن هذه الأسباب :
1- أن صراع بني أمية يفسر دائماً وبصفة مطلقة على أنه كان صراعاً مع أهل البيت، أدى إلى انتقاصٍ من قدرهم، وسلبٍ لبعض حقوقهم، وقد نسيت القضية الأساسية التي كانت محور الصراع، وهي (مقتل عثمان)، وهي قضية خلافية لم يختلف فيها علي ومعاوية وحدهما، بل كان مع كل منهما عدد كبير من الصحابة والتابعين !!.
2- يرى بعضهم أن العداء كان تقليدياًّ وأصيلاً، بل وسابقاً للإســلام، بين فرعي عبد مناف : عبد شمس ثم أمية فحرب، فأبي سفيان، وبين هاشم فعبد المطلب فعبد الله فمحمد، ويدخل فيهم- بالضرورة - أبناء عبد المطلب جميعاً..
ويؤكد هؤلاء رأيهم بأن كثيراً من الأمويين - في رأيهم - وقفوا من الرسالة المحمدية موقف العداء المطلق؛ ولهذا يبدي هؤلاء مشاعر بغض لبني أمية، وهم يظنون أن موقفهم المتحيز إنما هو تحيز للإسلام ولآل الرسول عليه السلام ضد خصومهم.
ج- ومن أبرز الأسباب التي شجعت الكتابات المتحيزة أن هناك طوائف قد ظهرت في العصر الأموي معادية - منذ البداية - لبني أمية، وأبرزها طائفة الشيعة التي بدأت كحركة منحازة لآل البيت، ثم تطورت فأصبحت مذهباً محدداً وطائفة محددة، كما ظهرت طائفة الخوارج بفروعها المختلفة، وقد بقى أعداء الأمويين يحكمون العالم الإسلامي بعدهم لقرونٍ طويلة ؛ فالعباسيون الذين قاموا على أنقاضهم قد ظلوا يحكمون بعدهم أكثر من خمسة قرون، وقد وجهوا الكتابة التاريخية في عصرهم توجيهاً مناهضاً لبني أمية، كما أن الشيعة الذين حكموا المغرب ومصر لأكثر من قرنين ونصف كانوا يتحكمون كذلك في مسار الكتابة التاريخية..
وأمام هذا الحاجز أغفل المسلمون كتب الحديث التي تتحدث عن جيل الصحابة كله - وأكثر بناة الدولة الأموية كانوا منه - كما أغفلوا نقد المصادر التاريخية كالبلاذري والطبري وابن الأثير، فضلاً عن نقد المصادر العلوية المتحيزة اعتماداً على منهج الحديث في الجرح والتعديل فيما يتعلق بالرواة (الرجال)، وعلى نقد (المتن) فيما يتعلق بالوقائع التاريخية.
وقد أغفلوا كتب المحدثين والفقهاء من أمثال الصحاح الستة، وكتب أئمة المذاهب الثلاثة عشر كأبي حنيفة وابن حنبل والليث بن سعد وسفيان الثوري، وكتب الفقهاء والعلماء المجتهدين اجتهاداً مقيداً مثل القاضي أبي بكر بن العربي، والإمام ابن تيمية، وابن قيم الجوزية، وغيرهم.
د.عبد الحليم عويس
ae@el-wasat.com
وقد وقفت هذه المصادر - وغيرها - موقفاً محايداً إلى حدٍّ كبير في الحكم على الدولة الأموية .
ومع ذلك فلم تستطع هذه المصادر المحايدة أن تقف أمام هذا الحاجز السميك الذي حال دون إنصاف بني أمية، وجذب نحوه عشرات من الدراسات العاطفية التي توالت عبر العصور حتى عصرنا الحديث.
والحق أن هناك أسباباً وقفت مع المنهج المتحيز على حساب المنهج المحايد، وكانت وراء هذا الميل السائد لدى جمهرة كبيرة من المسلمين لظلم بني أمية، ومن هذه الأسباب :
1- أن صراع بني أمية يفسر دائماً وبصفة مطلقة على أنه كان صراعاً مع أهل البيت، أدى إلى انتقاصٍ من قدرهم، وسلبٍ لبعض حقوقهم، وقد نسيت القضية الأساسية التي كانت محور الصراع، وهي (مقتل عثمان)، وهي قضية خلافية لم يختلف فيها علي ومعاوية وحدهما، بل كان مع كل منهما عدد كبير من الصحابة والتابعين !!.
2- يرى بعضهم أن العداء كان تقليدياًّ وأصيلاً، بل وسابقاً للإســلام، بين فرعي عبد مناف : عبد شمس ثم أمية فحرب، فأبي سفيان، وبين هاشم فعبد المطلب فعبد الله فمحمد، ويدخل فيهم- بالضرورة - أبناء عبد المطلب جميعاً..
ويؤكد هؤلاء رأيهم بأن كثيراً من الأمويين - في رأيهم - وقفوا من الرسالة المحمدية موقف العداء المطلق؛ ولهذا يبدي هؤلاء مشاعر بغض لبني أمية، وهم يظنون أن موقفهم المتحيز إنما هو تحيز للإسلام ولآل الرسول عليه السلام ضد خصومهم.
ج- ومن أبرز الأسباب التي شجعت الكتابات المتحيزة أن هناك طوائف قد ظهرت في العصر الأموي معادية - منذ البداية - لبني أمية، وأبرزها طائفة الشيعة التي بدأت كحركة منحازة لآل البيت، ثم تطورت فأصبحت مذهباً محدداً وطائفة محددة، كما ظهرت طائفة الخوارج بفروعها المختلفة، وقد بقى أعداء الأمويين يحكمون العالم الإسلامي بعدهم لقرونٍ طويلة ؛ فالعباسيون الذين قاموا على أنقاضهم قد ظلوا يحكمون بعدهم أكثر من خمسة قرون، وقد وجهوا الكتابة التاريخية في عصرهم توجيهاً مناهضاً لبني أمية، كما أن الشيعة الذين حكموا المغرب ومصر لأكثر من قرنين ونصف كانوا يتحكمون كذلك في مسار الكتابة التاريخية..
وأمام هذا الحاجز أغفل المسلمون كتب الحديث التي تتحدث عن جيل الصحابة كله - وأكثر بناة الدولة الأموية كانوا منه - كما أغفلوا نقد المصادر التاريخية كالبلاذري والطبري وابن الأثير، فضلاً عن نقد المصادر العلوية المتحيزة اعتماداً على منهج الحديث في الجرح والتعديل فيما يتعلق بالرواة (الرجال)، وعلى نقد (المتن) فيما يتعلق بالوقائع التاريخية.
وقد أغفلوا كتب المحدثين والفقهاء من أمثال الصحاح الستة، وكتب أئمة المذاهب الثلاثة عشر كأبي حنيفة وابن حنبل والليث بن سعد وسفيان الثوري، وكتب الفقهاء والعلماء المجتهدين اجتهاداً مقيداً مثل القاضي أبي بكر بن العربي، والإمام ابن تيمية، وابن قيم الجوزية، وغيرهم.
د.عبد الحليم عويس
ae@el-wasat.com