الإستحقاق بين السلب والإيجاب
بقلم
حسين أحمد سليم آل الحاج يونس
الإستحقاق الدستوري لإنتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية بات قاب قوسين أو أدنى كما يقول المثل السائر, والجميع في حركة دائبة لا تهدأ ليلا أو نهارا, داخليا أو خارجيا, وجميع الشرائح في المجتمع اللبناني شغلها الشاغل في هذه الأيام, مسألة الإستحقاق الدستوري هذا, حتى بات كل الأفراد في لبنان من الصغير الى الكبير, ومن الجاهل الى المثقف, ومن اللامسؤول الى المسؤول, ومن الإنسان العادي الى السياسي... الجميع ما شاء الله يدلون بدلوهم في التحليل والتفكير, حتى العجائز في الأحياء الصغيرة والزواريب الضيقة, باتوا يتحدثون في صبحياتهم على فنجان قهوة بمسألة انتخابات رئاسة الجمهورية, الأطفال الذي يلعبون في الساحات والطرقات والأزقة يوزعون على الأدوار على بعضهم البعض ويطلقون الأسماء السياسية فيما بينهم ويحددون الأسماء المرشحة للرئاسة على بعضهم ويلعبون لعبة التصويت وفرز النتائج وتعيين الرئيس العتيد على هواهم ومزاجيتهم الطفولية... البائعون المتجولون يهتمون بالمسألة من باب واسع ويربطون حركة البيع والشراء في قضية الانتخابات الرئاسية, ويتوقعون ما يتوقعون ليسابقون في توقعاتهم المنجمون والمبرجون والضاربون في الرمل وعلى الخشب...نساء الأحياء اللواتي كن يقضين النهار بطوله يتحدثن مع بعضهن في شؤون النفخ والطبخ والغسيل والموضة ومساحيق التجميل وآخر أنواع العطور والأزياء وأنواع الجوارب والأحذية وأحمر الشفاه... تحولن في هذه الأيام الى الإغراق في الحديث عن قضية الاستحقاق الدستوري في لبنان, وكل منهن تبدي رأيها في الموضوع وتقترح وتتوقع من وحي شمشريخ ملك الجن, وتقسم كل واحدة منهن أنها على علم وبينة بعلم هاروت وماروت, وتصر على مجيء مرشحها رئيسا عتيدا للجمهورية اللبنانية وتقسم بما يطيب لها القسم بفلان وعلتان من دون السماء وتعود لتقسم برب السماء... العاملون في النقل يرهقون سمعك بثرثراتهم التي لا تنتهي حول الانتخابات, ويصرون على محاورتك والنقاش معك, وأنت تبلع بريقك وتعد الثواني بالجملة حتى تصل الى مقصدك وتترك الحافلة لاعنا الساعة التي فكرت فيها التنقل بواسطة سيارات الأجرة... تدخل عملك من أي نوع كان, فأول ما يطالعك ويتناهى لمسمعك الجدل الساخن الذي يدور بين زملاء العمل الواحد, وكل يتعصب لمرشحه, وكل يدلي بما لديه من معرفة سطحية حول الموضوع ليصل بك القرف الى حدود كهربة الأعصاب وفقدان التوازن في رأسك وجسدك من جراء ما تسمع من أفكار متناقضة والكل يدعي المعرفة والمعرفة توغل في البعد كلما حاولوا الاقتراب منها... في هذه الأيام بدأت المدارس بفتح أبوابها لاستقبال التسجيلات لطلابها واعداد التجهيزات اللازمة لافتتاح الموسم الدراسي تماشيا مع هذا الزمن, تحدثك نفسك للقيام بفعل التسجيل لأولادك في المدرسة التي تختار نظرا لمكانتها التربوية, وقياسا للنجاحات التي قطفتها في الموسم الدراسي السابق, فتصطدم كذلك بالأحاديث الروائية التي لا تنتهي وكلما قاربت على الانتهاء تتجدد مع طالب تسجيل جديد , بحيث يسألك المدير أو الناظر أو المشرف أو المدرس أو القائم على التسجيل عن رأيك في موضوع الانتخابات الرئاسية في البلد, ويصر عليك ليعرف منك أنت مع من ولمن ترشح ومن ترى فيه الكفاءة للوصول الى سدة الرئاسة العتيدة, مما يصل بك الى حالة الغثيان مما تسمع من آراء وأفكار وتوقعات كل على هواه ووفق نظرته للأمور من زاوية معينة مقتنع بها, ويريد أن يقنعك بها بكل الوسائل... وآخرون تتعجب لهم ومنهم فكأن شيئا لا يعنيهم لا من قريب ولا من بعيد لا يهتمون لما يحدث ولا يكترثون بشيء, يتابعون أعمالهم وأشغالهم بهدوء تاركين كل الأمور تسير وفق ما يحمل لهم الغد, ضاربين بعرض الحائط اللغو والثرثرة في أمور يعتبرونها مدبرة سلفا ومتفق عليها خارجيا وملزمون بها في الداخل شئنا أم أبينا...بقلم
حسين أحمد سليم آل الحاج يونس
على صعيد آخر بعيدا عن الأجواء الشعبية, في محاولة للدخول الى صلب الموضوع وإن باختصار, فرجالات السياسة, في لقاءاتهم وحركاتهم وتحليلاتهم ونقاشاتهم... وفي كواليسهم, لهم ملء الحرية فيما يتصرفون, وهو حق مكتسب لهم لا يحق لأحد أن يتدخل فيه لا من قريب ولا من بعيد... فهكذا تتطلب اللعبة السياسية للإتيان برئيس جمهورية عتيد, يتسلم زمام السلطة الأولى على المقياس الوطني الذي يرونه مناسبا... أما ما يحصل من تداخلات وتدخلات خارجية؟؟؟!!!... فهو مرفوض وطنيا... ولا يعبر عن الواقع الوطني لا من قريب ولا من بعيد... وما تلك الرحلات المكوكية التي تتم خارج البلاد من البعض مع الاحترام, لا تعكس الصورة الواقعية لرؤى الشعب, ولا تفي بتطلعات الناس, ولا بالتطلعات الوطنية, ولا يحق للآخرين خارج الوطن التدخل في شؤون الوطن مهما كانت الأسباب.... يا ساسة العالم, يا ساسة الغرب, أتركونا نعيش, ونحدد مستقبلنا بأنفسنا, ويا ساسة العرب, شكرا لكم على كل حال... فلبنان عربي وسيبقى عربي...