مع إطلاق مبادرته "البعلبكية" و دعوته النواب للاجتماع نهاية أيلول الحالي، أعلن رئيس مجلس النواب دخول الاستحقاق الرئاسي سكة المواعيد الدستورية
ومع فورة الردود المتباينة من فريق الموالاة على المبادرة واستحضار الدستور لتثبيت "حقهم" بانتخاب رئيس الجمهورية القادم بنصف النواب زائد واحد، أو بمن حضر أو "كيفما كان"، يجتهد خبراء و منظري الدستور في المعارضة مدافعين عن فكرة نصاب الثلثين استناداً إلى المادة 49 من الدستور، و بما تيسر من تفاسير ممكن أن يساعد بها اتفاق الطائف.
في معرض رده "الشخصي" على مبادرة الأستاذ نبيه بري، أتحفنا وليد بك جنبلاط، بنظرته و نظريته عن الاستحقاق الرئاسي و تحدث بشكل مسهب عن "ورقته الرابحة" و التي لن يتخلى عنها مقابل لاشي، و هو اثبت لنا بالعقل والمنطق أن انتخاب الرئيس بنصاب الثلثين ما هي إلا بدعة مارسها اللبنانيون منذ نشوء الدولة اللبنانية و حتى تاريخ انتخاب العماد إميل لحود، بل إن هذه الضلالة مارستها "العدو" سوريا عند انتخاب الرئيس الراحل الياس سركيس، و"الجارة" إسرائيل طبقت نفس البدعة بعدم استطاعتها تجاوز الثلثين عندما تم انتخاب بشير الجميل و من بعده أمين.
أما الدكتور سمير جعجح، لم يفتأ يذكرنا بأنه عماد الديمقراطية في لبنان و صولجانها و منظرها الأوحد، و يرفض أن تربط المعارضة مسألة التوافق بالنصاب لأنه " عندما يتم التوافق لا يعود هناك قيمة لموضوع النصاب لأنه لا يعود مطروحا كمشكلة في هذه الحال" فان " مجرد ربط التوافق بالنصاب ينم عن وجود نوايا ما في اتجاهات معينة" وحذار كل الحذر فالمعارضة هدفها الحقيقي " انتزاع اعتراف خاطئ و مزور منا بأننا لن ننتخب رئيساً من دونهم". ولو يكتفي الدكتور جعجع بما قاله لاعتبرنا أن ما قاله كلاماً سياسيا دفاعاً عن موقع سياسي، إلا انه لم يتوانى في تصاريح سابقة عن اقتطاع كلام البطريرك - على طريقة "لا اله"- عندما تحدث البطريرك مؤيدا نظرية نصاب الثلثين، و هو القائل في إحدى تصاريحه- جعجع- "يجب أن نقف جميعاً وراء البطريرك صفير دائماً و حرام متاجرتهم بالبطريرك صفير".
وسمعنا كثيراً، بطبيعة الحال، من العديد من اقطاب الموالاة تعدد النظريات، بالنسبة لنصاب الثلثان أو نصف النواب+واحد آو حتى بمن حضر عدى عن النظريات التي تحدثت عن الانتخاب خارج لبنان و ما إلى ذلك من مخططات لم نرى فيها إلا مراعاة لل "نحن"و "حقنا" و لم نرى فيها أية إشارة للمشاركة والعيش المشترك و ما إلى ذلك من تعبيرات كانوا "يصرعونا" بها.
و في المقلب الثاني، ما زالت المعارضة متمسكة بنصاب الثلثين و تحارب بأسنانها و أظافرها لانتخاب رئيس قوي توافقي يكون للبنانين جميعاً، و أعلن جميع أقطاب المعارضة الانضمام مباشرة إلى مبادرة الرئيس بري الداعية إلى التوافق و الانتخاب بنصاب الثلثين.
وفي هذا الصدد طالعنا الأمير طلال ارسلان في مقابلة تلفزيونية بتفسيراته للدستور و كيف أن المادة 49 تتحدث عن نصاب الثلثين (حضوراً و تصويتاً) في الجلسة الأولى للانتخاب في الدورة الأولى وفي نفس الجلسة بالنصف زائد واحد بالدورة الثانية ، وإذا كانوا (الموالاة) فعلا يريدون الاستحقاق لبناني محط كما يدعون فليكن انتخاب رئيس الجمهورية من الشعب مباشرة، أليس الشعب مصدر السلطات و صاحب السيادة ؟ و هو نفس الاقتراح الذي أثنى عليه في ما مضى السيد حسن نصر الله عندما اقترحه العماد ميشال عون، و الذي أقام الدنيا و لم يقعدها في صفوف الموالاة ، فكيف بنا نعدل بسيادة المقدس الدستور!!
فالموالاة تريد تطبيق "اللعبة الديمقراطية" على اساس الخروج بالمطلق عن الدستور و اتفاق الطائف بادعاء شرعية و دستورية الحكومة الحالية برئاسة فؤاد السنيورة حتى ولو خرجت شريحة كبيرة من اللبنانيين منها بالاستقالة (الشيعة) و الضرب بعرض الحائط بالمادة الاولى الفقرة ياء من اتفاق الطائف الذي طالما واجهوا المعارضة به و ما زالوا، و يخططون لأنتخاب الرئيس على نفس القاعدة (الخروج عن الدستور) بالنصف زائد واحد، وهم بذلك يفتحون ابوابا لن يستطيعوا إغلاقها الا بمعونة رب العالمين.
الا اننا، لا نستطيع الا ان نعترف لهم، ان هم اقدموا فعلا على فعلتهم، بأنهم سينقلون لبنان شاؤوا ام أبوا من الجمهورية الاولى الى الجمهورية الثانية و سوف يغرزون سكينا قاتلا بما يسمى صيغة العيش المشترك، ويكرسون الديمقراطية العددية بدلا من الديمقراطية التوافقية.
فالادعاء بالاكثرية البرلمانية للوصول الى تقرير مصير البلاد عند المنعطفات الهامة كأنتخاب رئيس الجمهورية بدون التوافق او الاتفاق مع شريحة كاملة من الشعب (الشيعة) و شريحة كبيرة من المسيحيين(الموارنة) على اساس صيغة العيش الم شترك، سوف تكون سابقة تدفع بأتجاه يستطعيون،ربما، السيطرة عليه الان، الا انهم و بالتأكيد لن يستطيعوا السيطرة عليه ابتدأ من البرلمان القادم، فكل المؤشرات تعطي المعارضة اكثرية البرلمان و لو بالنصف زائد واحد.
و حيث أن المعارضة تدعي بأنها "أم الصبي" و لا تريد أن تفرط بالبلد و العيش المشترك و ما إلى ذلك من تعبيرات توحيدية، و الموالاة لا تعبأ إلا بمصالحها الخاصة على قاعدة لبنان أولا، على أن يكون كما نريده نحن فقط لا كما نريده نحن كلنا كلبنانيين، فانه و في هذا الباب يجدر بنا تاييد ما قاله وليد بك جنبلاط بالانتخاب بنصاب النصف زائد واحد، و لتكن سنة تتبع.
فلينتخبوا الرئيس بالنصف زائد واحد، على قاعدة الديمقراطية العديدة (أكثرية و معارضة) و ان لم يستطيعوا فبمن حضر من نواب الاكثرية او حتى "كيفما كان" و لتؤلف الحكومة الجديدة على قاعدة "ديمقراطيتهم" العددية (أكثرية و معارضة) و ليكن لهم الحكم حتى الانتخابات البرلمانية المقبلة، ولتكن المعارضة على أهبة الاستعداد لممارسة دورها الكامل كمعارضة و في تشرين الاول 2009 ستخرج اكثرية برلمانية حقيقة الى النور، تنتقل فيها الموالاة الى موقعها الطبيعي (معارضة) و المعارضة الى موقها الطبيعي، الامساك بمقاليد الحكم.
عندها سيتم تاليف حكومة موافقة لرغبات و تطلعات الاكثرية الجديدة، و سوف يتم التعامل مع الرئيس المنتخب من ما سمي بالاكثرية السابقة تماماً كما تتعامل الاكثرية الحالية مع الرئيس اميل لحود حتى حلول الاستحقاق الرئاسي القادم، و سوف ينتخب الرئيس الجديد بالنصف زائد واحد او حتى بمن حضر او كيفما اتفق، المهم ان يكون الرئيس من صفوف الاكثرية و موافقاً لتطلعاتها و هنا يسأل سائل : ماذا عن البرلمانات القادمة فيما بعد ؟
إن أي قانون انتخابي سوف تفصله الموالاة على مقاسها سوف تلبسه المعارضة و سيكون جسمها فيه" لبيس" وبناءاً عليه ستكون الاكثرية القادمة للمعارضة الحالية و ذلك الى ماشاء الله، او حتى القضاء الفعلي على المذهبية والطائفية.
كمال عوالي
http://wa3ad.org/index.php?show=news...ticle&id=12188