بنات النبي(ص)
أم ربائبه
تأليف
السيد جعفر مرتضى العاملي
سلسلة الكتب المؤلفة في رد الشبهات (113) أم ربائبه
تأليف
السيد جعفر مرتضى العاملي
إعداد
مركز الأبحاث العقائدية
رأي المفيد في زوجتي عثمان:
ومهما يكن من أمر، فإننا نريد هنا أن نطرح مسألة نختلف مع الشيخ المفيد رحمه اله فيها، ونبين ما نعتمد عليه فيما نذهب إليه في ذلك، فنقول:
إنه رحمه الله تعالى قد تحدث في بعض الموارد في أجوبة المسائل السروية عن تزويج النبي الأكرم صلى الله عليه وآله ابنتيه لعثمان بن عفان، بحيث يظهر من كلامه: أنه يرى: أنهما كانتا بنتين للنبي(ص) على الحقيقة.
</SPAN>وقال رحمه الله ما يلي:
".. قد زوج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ابنتيه قبل البعثة كافرين كانا يعبدان الأصنام. أحدهما: عتبة بن أبي لهب. والآخر: أبو العاص بن الربيع.
فلما بعض النبي(ص) فرَّق بينهما. فمات عتبة على الكفر، وأسلم أبو العاص بعد إبانة الإسلام، فردها عليه بالنكاح الأول ".
إلى أن قال:
"وهاتان هما اللتان تزوجهما عثمان بن عفان، بعد هلاك عتبة، وموت أبي العاص "(1).
وأصرح من ذلك قوله رحمه الله في أجوبة المسائل الحاجبية.
قال رحمه الله: " وسأل فقال: الناس مختلفون في رقية وزينب، هل كانتا ابنتي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أم ربيبتيه؟
فإن كانتا ابنتيه، فكيف زوجهما من أبي العاص بن الربيع، وعتبة بن أبي لهب، وقد كان عندنا منذ أكمل الله عقله على الإيمان، وولد مبعوثاً، ولم يزل نبياً صلى الله عليه.
وما باله رد الناس عن فاطمة(ع)، ولم يزوجها إلا بأمر الله عز وجل، وزوج ابنتيه بكافرين على غير الإيمان؟!
والجواب:
إن زينب ورقية كانتا ابنتي رسول الله(ص) والمخالف لذلك شاذ بخلافه.
</SPAN>فأما تزويجه لهما بكافرين، فإن ذلك كان قبل تحريم مناكحة الكفار. وكان له أن يزوجهما [بمن] يراه. وقد كان لأبي العاص رغبة نسب برسول الله(ص). وكان لهما محل عظيم إذ ذاك. ولم يمنع شرع من العقد لهما، فيمتنع رسول الله(ص) من أجله.
فصل:
وأما فاطمة، فإن السبب الذي من اجله ردّ رسول الله(ص) خاطبيها حتى الوحي بتزوجيها أمير المؤمنين(ع)، فلأنها كانت سيدة نساء العالمين الخ "(2).
</SPAN></SPAN>
الفصل الثاني
النقد في بداياته
</SPAN></SPAN>موقفنا
فإن كان الشيخ المفيد رحمه الله يعتقد بمضمون هذا الكلام، ولم يورده على سبيل المجاراة في البحث، وإرسال الكلام وفق ما يرضاه من هو بصدد مناظرته ومحاورته، فإننا نقول:
إننا لا نوافقه على ما قاله، ولا نراه قريباً إلى الصواب، خصوصاً بالنسبة لتزوج عثمان من زينب بعد وفاة أبي العاص بن الربيع، وكذا بالنسبة لكون </SPAN>البنتين اللتين تزوجهما عثمان بنتين لرسول الله صلى الله عليه وآله على الحقيقة.
ولبيان ذلك نقول:
عثمان لم يتزوج بزينب:
فأما بالنسبة لقول الشيخ المفيد رحمه الله:
"وهاتان هما اللتان تزوجهما عثمان بن عفان، بعد هلاك عتبة، وموت أبي العاص". فنقول:
إن من الواضح: أن التي تزوجها أبي العاص بن الربيع اسمها زينب. وعثمان لم يتزوج بها أصلاً. وقد توفيت زينب في سنة ثمان من الهجرة كما ذكره كل من ترجم لها، وكل من كتب في السيرة النبوية الشريفة.
أما وفاة زوجها أبي العاص بن الربيع، فقد كانت بعد وفاتها بأربع سنوات، أي في السنة الثانية عشرة، </SPAN>في خلافة أبي بكر(3).
وعثمان إنما تزوج رقية في مكة، ثم ماتت في المدينة مرجع المسلمين من غزوة بدر، فتزوج بعدها أم كلثوم، وماتت في سنة ثمان. وقيل: ماتت ولم يبن بها عثمان(4).
والخلاصة:
أن زينب لم تتزوج عثمان قطعاً.
ونظير ما وقع من الاشتباه هنا: ما قاله البعض، وهو يتحدث عن بنات النبي: ".. وأم كلثوم خرجت إلى أبي العاص، بن الربيع، بن عبد العزى بن عبد شمس، وزينب خرجت إلى عثمان أيضاً"(5).
</SPAN>
مع أن العكس هو الصحيح، فإن زينب تزوجها أبو العاص، وأم كلثوم تزوجها عثمان كما هو معلوم.
ماذا عن بنات رسول الله(ص):
وأما بالنسبة لكون زينب، ورقية، وأم كلثوم، اللواتي كبرن، وتزوجن إحداهن ابا العاص بن الربيع، والأخرى عثمان بن عفان، فإننا نقول:
إنهن لسن بنات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على الحقيقة، وذلك يحتاج إلى توضيح في حدود ما يسمح لنا به المجال والوقت، شرط أن لا نزهق القارئ بالنصوص والتفاصيل الكثيرة والمتشعبة. بل نكتفي بالقول السديد، وبالمختصر المفيد إن شاء الله تعالى، فنقول:
رقية وأم كلثوم في عصمة أبني أبي لهب:
إنهم يقولون: إن رقية وأم كلثوم كانتا قد تزوجتا في الجاهلية بابني أبي لهب، فلما بعث النبي(ص) </SPAN>
ونزل قوله تعالى: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ}.
أمر أبو لهب ولديه بطلاقهما، وكذلك فعلت زوجته حمالة الحطب، محتجة لذلك بأنهما قد صبتا إلى دين أبيهما.
فطلقاهما قبل الدخول. فتزوجت رقية بعثمان بن عفان، وهاجرت معه إلى الحبشة في السنة الخامسة من البعثة، وكانت حاملاً، فأسقطت علقة في السفينة كما ذكره البعض(6) ثم رجعت معه إلى المدينة، وماتت هناك.
وثمة أقاويل وتفاصيل أخرى(7) لا حاجة لإيرادها هي الأخرى موضع شك وريب، ونكتفي ها هنا بما ذكر.
</SPAN>ونقول:
الأدلة والشواهد
إن لدينا من الأدلة والشواهد ما يكفي للحكم بعدم صحة هذه المزاعم، ونذكر منها الدلائل التالية:
1 ـ بنات النبي ولدن في الإسلام:
قال المقدسي: " عن سعيد بن أبي عروة، عن قتادة، قال:
ولدت خديجة لرسول الله(ص): عبد مناف في الجاهلية.
وولدت في الإسلام غلامين وأربع بنات: القاسم، وبه كان يكنى: أبا القاسم، فعاش حتى مشى ثم مات. وعبد الله مات صغيراً. وأم كلثوم، </SPAN>وزينب ورقية، وفاطمة "(8).
وقال القسطلاني، والديار بكري: "وقيل: ولد له قبل المبعث ولد يقال له: عبد مناف، فيكونون على هذا إثني عشر، وكلهم سوى هذا وُلِدوا في الإسلام بعد المبعث "(9).
وقد صرح الزبير بن بكار وغيره بأن عبد الله، ثم أم كلثوم، ثم فاطمة، ثم رقية، قد ولدوا كلهم بعد الإسلام(10).
وقال السهيلي أيضاً: " كلهم ولدوا بعد النبوة"(11).
</SPAN>
فإذا كانت رقية قد ولدت بعد المبعث، كما يقوله هؤلاء، فكيف يصح أن يقال: إنها تزوجت في الجاهلية بابن أبي لهب، فلما جاء الإسلام أسلمت، فطلقها زوجها، فتزوجها عثمان، وحملت منه، وأسقطت علقة في السفينة، وهي مهجرة إلى الحبشة، بعد البعثة بخمس سنوات فقط؟!
وكذلك الحال بالنسبة لأم كلثوم، فإنها إذا كانت قد ولدت بعد المبعث، فكيف تكون قد تزوجت في الجاهلية، ثم لما أسلمت بعد المبعث طلقها زوجها قبل الهجرة إلى الحبشة؟!
2 ـ تبت يدا أبي لهب وتب:
لقد ذكروا: أن أبا لهب قد أمر ولديه بطلاق بنتي النبي(ص)، بعد نزول سورة: تبت يدا أبي لهب وتب. ووافقته على ذلك زوجته حمالة الحطب، </SPAN>
محتجة بأن هاتين البنتين قد صبتا إلى دين أبيهما(12) ثم تزوج عثمان رقية وهاجر بها إلى الحبشة.
ونقول:
ألف ـ إن ذلك يتنافى مع قولهم: إن هذه السورة (سورة المسد) قد نزلت حينما كان المسلمون محصورين في شعب أبي طالب(13)، لأن الحصر في الشعب قد بدأ في السنة السادسة من البعثة، أي بعد الهجرة إلى الحبشة بسنة.
ونحن نرجح هذه الرواية على تلك الرواية التي تقول: إنه (ص) حين نزل قوله تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأقْرَبِينَ} صنع لهم طعاماً ودعاهم، فقال له أبو لهب: تباً لك، ألهذا دعوتنا؟ فنزلت: تبت يدا أبي لهب وتب(14).
وذلك لأن هذه السورة قد نزلت جملة
واحدة، كما هو ظاهر لا يخفى من سياقها وكما صرّحوا به(15) قد تضمنت الإزراء على أم جميل لأذاها لرسول الله(ص).
ومن الواضح: أن تعرض قريش لرسول الله(ص) بالأذى، قد كان بعد نزول آية إنذار العشيرة، وذلك حينما بدأ يذكر آلهتهم، ويسفّه أحلامهم.
ويؤيد ذلك: أنه قد قيل في سبب نزول السورة أيضاً: إنه كان إذا وفد على النبي(ص) وفد سألوا عمه عنه، وقالوا: أنت أعلم به، فيقول لهم: إنه ساحر، فيرجعون عنه، ولا يلقونه.
فأتاه وفد، فقال لهم مثل ذلك، فقالوا: لا ننصرف حتى نراه، فقال: إنا لم نزل نعالجه من الجنون، فتباً له.
فأُخبِر النبي(ص) بذلك، فحزن، ونزلت </SPAN>السورة(16).
ومن الواضح: أن محاولة اتصال الوفد به (ص) واتصاله هو بالوفود قد كانت متأخرة عن نزول آية إنذار العشيرة بسنوات.
ب ـ إنه إذا كان طلاق رقية وأم كلثوم قد حصل بعد نزول سورة المسد، وبعد تعرُّض المشركين للنبي(ص) بالأذى، فإن ما يثير التساؤل هنا هو السبب الذي جعل ابني ابي لهب يمتنعان عن الدخول بزوجتيهما، اللتين كانتا في وضع لا يمنع من ذلك.
وها هو عثمان يتزوج إحداهما ويدخل بها فوراً، فتحمل منه، وتسقط علقة في السفينة حين هجرتهما </SPAN>إلى الحبشة، كما يدّعون!!.
ج ـ يقول البعض: " أما رقية، فتزوجت من عتبة بن أبي لهب، فمات عنها "(17).
وعليه فإن دعوى طلاق ابن أبي لهب لرقية تصبح موضع شك أيضاً. ولا يبقى وثوق بالسبب الذي ادعوه لذلك، وهو نزول السورة وإسلام البنات، فتترجح رواية نزول السورة، والمسلمون محصورون في الشعب.
</SPAN></SPAN>
الفصل الثالث
3 ـ إن شانئك هو الأبتر
</SPAN></SPAN>3 ـ إن شانئك هو الأبتر
أخرج الزبير بن بكار، وابن عساكر، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، قال:
توفي القاسم ابن رسول الله(ص) بمكة، فمرّ رسول الله(ص)، وهو آت من جنازته، على العاصي بن وائل وابنه عمرو، فقال حين رأى رسول الله: أني لأشنؤه.
فقال العاصي بن وائل: لا جرم لقد أصبح أبتر.
</SPAN>
فأنزل الله: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ}(18).
ورواية أخرى تقول: ولد لرسول الله (ص) القاسم، ثم زينب، ثم عبد الله، ثم أم كلثوم، ثم فاطمة، ثم رقية. فمات القاسم أولاً، ثم مات عبد الله، فقال العاصي: قد انقطع نسله، فهو أبتر، فنزلت الآية(19).
وروى البعض: أن الآية نزلت في عمرو بن العاص، لا في العاص نفسه(20).
وفي رواية السدي وابن عباس: أن الآية نزلت حين قال العاص بعد موت ابن لرسول الله.
</SPAN>
وحسب تعبير آخر: بعد موت ولد رسول الله(21).
وقل نزلت في عقبة بن أبي معيط لأجل ذلك(22).
أو في أبي لهب كذلك أيضاً(23).
أو في قريش في هذه المناسبة كذلك(24).
ولكن رواية أخرى ذكرت: أن الآية نزلت في أبي جهل حين قال ما قال بمناسبة موت إبراهيم ابن رسول الله(ص)(25).
وقيل غير ذلك.
ونقول:
إن المشهور هو أن القاسم كان أكبر وُلِد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم(26).
</SPAN>والرواية السابقة التي هي مورد البحث تدل على أنه قد مات بعد بعثة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فكيف إذا كان عبد الله قد مات بعده بشهر، فإن الأمر يصبح أكثر وضوحاً، حيث سيأتي: أن عبد الله قد ولد ومات بعد النبوة قطعاً.
وهم يقولون: إنه حين مات القاسم كان عمره سنتين(27) وقيل: عاش حتى مشى(28).
</SPAN>
وجمع البلاذري بين هذين القولين فقال: "مات وقد مشى، وهو ابن سنتين"(29).
وآخرون يقولون: إن أولاد النبي(ص) ماتوا رضّعاً، زاد بعضهم قوله: قبل المبعث(30) وعلى حد تعبير آخر: " ماتوا صغاراً جداً"(31).
وقال مجاهد عن القاسم: عاش سبعة أيام (أو ليال)(32).
</SPAN>وقيل: عاش سبعة عشر شهراً(33).
وعند السهيلي: " بلغ القاسم المشي، غير أن رضاعه لم يتم "(34).
وفي نص آخر: " أما القاسم والطيب فماتا بمكة صغيرين "(35).
وبعض آخر يقول: بلغ القاسم أن يركب الدابة، ويسير على النجيبة(36).
</SPAN>أما اليعقوبي، فقد قال: " كان للقاسم يوم توفي أربع سنين "(37).
شواهد على أن القاسم مات بعد النبوة:
فإذا كان القاسم قد مات صغيراً، فلننظر متى ولد القاسم، على وجه التقريب، فقد جاء في مسند الفريابي ما يدل على أنه ولد في الإسلام.
ويدل على ذلك الروايتان التاليتان:
ألف ـ ما روي من أنه لما توفي القاسم كان له أربع سنين، ثم توفي عبد الله بن رسول الله بعده بشهر، ولم يفطم.
فقالت خديجة: يا رسول الله، لو بقى حتى أفطمه.
</SPAN>قال: فإن فطامه في الجنة(38).
ب ـ " وقع في مسند الفريابي: أن خديجة دخل عليها رسول الله(ص) بعد موت القاسم، وهي تبكي، فقالت: يا رسول الله! درت لبينة القاسم، فلو عاش حتى يستكمل رضاعه لهوّن عليّ.
فقال: إن له مرضعاً في الجنة تستكمل رضاعه.
فقالت: لو أعلم ذلك لهوّن عليّ.
فقال: إن شئت أسمعتك صوته في الجنة.
فقالت: بل أصدق الله ورسوله "(39).
قال السهيلي: " وهذا الحديث يدل على أن القاسم لم يهلك في الجاهلية "(40).
</SPAN>وخلاصة الأمر: إن سورة الكوثر قد نزلت بعد عدة سنوات من البعثة، حيث إنها هي السورة الرابعة عشرة بحسب ترتيب نزول السور الوارد في رواية ابن عباس(41).
والمستفاد هنا: أن رقية وأم كلثوم قد ولدتا بعد موت القاسم، وعبد الله، أي بعد البعثة بسنوات أيضاً، فكيف تكونان قد تزوجتا أبناء أبي لهب في الجاهلية، ثم تزوجت رقية عثمان وهاجرت إلى الحبشة في الخامسة من البعثة، وحملت فأسقطت علقة في السفينة؟!
الرواية المتقدمة بطريقة أخرى:
وعن ابن عباس قال:
"ولدت خديجة من النبي عبد الله بن محمد. ثم </SPAN>أبطأ عليه الولد من بعده، فبينا رسول الله(ص) يكلم رجلاً، والعاص بن وائل ينظر إليه، إذ قال له رجل: من هذا؟
قال: هذا الأبتر. يعني النبي(ص).
وكانت قريش إذا ولد الرجل(42) ثم أبطأ عليه الولد من بعده قالوا: هذا الأبتر.
فأنزل الله: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ}. إن مبغضك هو الأبتر الذي بتر من كل خير.
ثم ولدت له زينب، ثم ولدت له رقية، ثم ولدت له القاسم ثم ولدت الطاهر ثم ولدت المطهر، ثم ولدت الطيب، ثم ولدت المطيب. ثم ولدت أم كلثوم، ثم ولدت فاطمة، وكانت أصغرهم "(43).
</SPAN>وهذه الرواية تفيد: أن نزول سورة الكوثر قد كان قبل ولادة جميع أبنائه (ص) ما عدا عبد الله الذي كانت ولادته في الإسلام عند جل المؤرخين(44).
فيكون تزويج رقية وأم كلثوم من ابني أبي لهب ثم من عثمان محض خيال من الرواة ومن تحرضاتهم.
لكن القول هنا بأن عبد الله هو أكبر أولاد النبي(ص) خلاف ما هو مشهور، وذلك لا يوجب القطع ببطلان الرواية، فرب مشهور لا أصل له، ولا منطق يساعده.
تناقض غير مقبول:
وقد روى أبو هلال العسكري هذه الرواية عل </SPAN>النحو التالي:
"مات القاسم والطاهر ـ قبل النبوة ـ فمر رسول الله(ص) راجعاً من جنازة القاسم على العاص بن وائل السهمي، وابنه عمرو، فقال عمرو: إني لأشنؤه. فقال العاص: لا جرم لقد أصبح أبتر. فانزل الله: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ} "(45).
فنجد أن هذه الرواية تصرح بموت القاسم قبل النبوة، ثم تقول: إن العاص بن وائل قال ما قال حين رجوع النبي(ص) من جنازة القاسم، فنزلت الآية. فلا يعقل أن تنزل الآية عليه (ص) في هذه المناسبة إلا بعد النبوة، وذلك ظاهر.
إلا أن يقال: إن نزول الآية قد تأخر عن مناسبتها إلى ما بعد سنوات عديدة، وهو بعيد في الغاية، </SPAN>وخلاف ظاهر الرواية، التي جاءت بفاء التفريع.
أو يقال: إن قوله أولاً – قبل النبوة – قد جاء من قبل الرواة، اعتماداً منهم على ما هو المرتكز في أذهانهم بحسب ما سمعوه قبل ذلك.
وربما يكون ذلك سبق من قلم النساخ، وربما، وربما!!
تـذكـيـر:
وقبل أن نمضي في الحديث نسجل هنا تحفظاً على القول المتقدم بأن المراد بالأبتر هو أبو جهل، لوصفه النبي(ص) بذلك حين موت ولده إبراهيم.
فإن أبا جهل قد مات في السنة الثانية من الهجرة في بدر، أي قبل ولادة إبراهيم ابن رسول الله(ص) بعدة سنوات. فهذا يرجح الرواية الأخرى التي تقول: إن ذلك قد صدر من العاص بن وائل بمناسبة موت القاسم، أو عبد الله ابني النبي(ص).....
تعليق