تمثّّل كربلاء في الضمير الإنساني ذروة التضحية والعطاء من اجل الإسلام ومن أجل الإنسان، فنموذج الشهادة الساطع الذي جسّده الحسين وآله وصحبه يبقى دائماً الأسمى والأعلى، يغذّي العقول والقلوب ويمدّها بالقيم التي ترتفع بالإنسان إلى مستوى الإنسانية العالي الذي أراده الله تعالى للمسلم الصادق في رحاب الإسلام .
فالإسلام ثورة دائمة وحركة دائمة وتجدد دائم في الإنسان، إنه إنجاز كامل على الصعيد النظري، وحركة دائمة على صعيد الحركات التاريخية، إنجاز كامل على الصعيد النظري بشهادة قول الله تعالى: (( اليوم اكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً)).
وحركة دائمة على صعيد الحركة التاريخية بشهادة قوله تعالى: (( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله )) وقوله تعالى: (( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر )) .
ولأن الإسلام – على صعيد الحركة التاريخية حركة دائمة وثورة دائمة – فهو يقدم الشهداء بإستمرار، فهو خلال ظهوره قدم الشهداء من أجل النصر وفي الطريق إليه في مقابل القوى الجاهلية وقيمها، وبعد إكتماله إستمر في تقديم الشهداء من أجل المحافظة على النصر في مواجهة قوى الردة والتحريف، ففي كل ثورة يرتفع شهداء، شهداء في الطريق إلى النصر، وشهداء للمحافظة على النصر.
وفي مواجهة كل ثورة تنشأ ردة على قيم الثورة وعلى أهدافها، ومهمة هذه الردة أن تغتال الثورة وتغتال المستقبل، ومن هنا عظمة الشهادة ضد الردة، إنها شهادة المنتصرين الذين لم يقعوا أسرى لإمتيازات النصر، بل إستقاموا على طريق ذات الشوكة حتى بعد أن نالوا نعمة النصر، ليصلوا إلى النعمة الأعظم – نعمة الشهادة .
وهكذا كان الحسين (ع) وصحبه، لقد كان الحسين منتصراً، وكان قادراً بإستمرار على ان يتمتع بإمتيازات إنتصار الإسلام في مجتمع إسلامي يضعه في أعلى الدرجات.
ولكنه رأى حركة الردة تنمو تحت ستار الإسلام ، وتحول الإسلام في حركة الردة هذه إلى مؤسسة جامدة، تحول إلى قيصرية وكسروية وملك (عضوض) كما حذّر رسول الله (ص) من ذلك، ومن وعيه أن الإسلام ثورة دائمة، ومن وعيه أن هذه الثورة معرّضة للإغتيال بحركة الردة ومعرضة للتجميد في مفاهيم الملك العضوض، ومعرضة لأن تصبح أداة للقمع ومبرراً لها.
من هذا الوعي إنطلق لينخرط في إلتزام الشهادة من أجل المحافظة على جوهر الإسلام وعلى نقائه في مقابل حركة الردة والتحريفية التي أخذت تطغى على مؤسساته .
وهذا الإسلام الذي إلتزم الإمام الحسين (ع) الشهادة من أجله، ليس نظرية معلّقة في الفراغ وليس تجريداً محضاً، إنه الإسلام على الأرض، إنه المجتمع المسلم والناس المسلمون، مخاوفهم، وآمال حياتهم وكرامتهم، ومستقبل أجيالهم.
ولم يكن الحسين (ع) وصحبه شهداء منذ قتلوا فقط، لقد كانوا شهداء ايضاً وهم أحياء، فالشهادة ليست بالموت فقط، إنها تكون بالحياة أيضاً. إن الإلتزام بقضية عادلة، قضية الفرد والأسرة والجماعة، لتكون قضية المجتمع باسره، وقضية الأمة بكاملها حاضرها ومستقبلها، وجعل هذا الإلتزام موصولاً بالله تعالى بتوجيه الله وتعليمه، والسير على مبادئ التقوى السياسية .
إن الإلتزام على هذا النهج هو الذي يعطي الحياة معنى الشهادة، ويعطي الموت معنى الشهادة، أن تكون الحياة من اجل الناس جميعاً، أن يتّحد مصير الشهيد مع مصير البشر هو الذي يمنح إمتياز الشهادة للإنسان.
وهذا هو واقع مهرجان الشهداء في كربلاء، إنها دخلت التاريخ من باب الإنسانية الواسع الرحب، لم تدخل التاريخ من باب العشائرية والطائفية والإقليمية، دخلته من باب الإنسانية لأنها كانت تعبيراً عن الإلتزام بقضية الإنسان بما هو مخلوق كريم له الحق في الكرامة والسعادة والمستقبل .
وقال الله تعالى: (( ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً )).
إذن عالمية كربلاء، وإنسانية كربلاء هي التي جعلتها تدوم إلى الآن في ضمائر الناس ومشاعرهم وعقولهم، تغذيه بالقيم التي تنقل الغنسان من صنم الذات إلى محراب العمل العام من أجل الجماعة، من أجل سلامتها، وكرامتها، ومستقبلها على هدي ما ورد عن رسول الله (ص) (( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)) .
__________________
الإمام محمد مهدي شمس الدين (قده) - من خطاب إعلان المقاومة
فالإسلام ثورة دائمة وحركة دائمة وتجدد دائم في الإنسان، إنه إنجاز كامل على الصعيد النظري، وحركة دائمة على صعيد الحركات التاريخية، إنجاز كامل على الصعيد النظري بشهادة قول الله تعالى: (( اليوم اكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً)).
وحركة دائمة على صعيد الحركة التاريخية بشهادة قوله تعالى: (( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله )) وقوله تعالى: (( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر )) .
ولأن الإسلام – على صعيد الحركة التاريخية حركة دائمة وثورة دائمة – فهو يقدم الشهداء بإستمرار، فهو خلال ظهوره قدم الشهداء من أجل النصر وفي الطريق إليه في مقابل القوى الجاهلية وقيمها، وبعد إكتماله إستمر في تقديم الشهداء من أجل المحافظة على النصر في مواجهة قوى الردة والتحريف، ففي كل ثورة يرتفع شهداء، شهداء في الطريق إلى النصر، وشهداء للمحافظة على النصر.
وفي مواجهة كل ثورة تنشأ ردة على قيم الثورة وعلى أهدافها، ومهمة هذه الردة أن تغتال الثورة وتغتال المستقبل، ومن هنا عظمة الشهادة ضد الردة، إنها شهادة المنتصرين الذين لم يقعوا أسرى لإمتيازات النصر، بل إستقاموا على طريق ذات الشوكة حتى بعد أن نالوا نعمة النصر، ليصلوا إلى النعمة الأعظم – نعمة الشهادة .
وهكذا كان الحسين (ع) وصحبه، لقد كان الحسين منتصراً، وكان قادراً بإستمرار على ان يتمتع بإمتيازات إنتصار الإسلام في مجتمع إسلامي يضعه في أعلى الدرجات.
ولكنه رأى حركة الردة تنمو تحت ستار الإسلام ، وتحول الإسلام في حركة الردة هذه إلى مؤسسة جامدة، تحول إلى قيصرية وكسروية وملك (عضوض) كما حذّر رسول الله (ص) من ذلك، ومن وعيه أن الإسلام ثورة دائمة، ومن وعيه أن هذه الثورة معرّضة للإغتيال بحركة الردة ومعرضة للتجميد في مفاهيم الملك العضوض، ومعرضة لأن تصبح أداة للقمع ومبرراً لها.
من هذا الوعي إنطلق لينخرط في إلتزام الشهادة من أجل المحافظة على جوهر الإسلام وعلى نقائه في مقابل حركة الردة والتحريفية التي أخذت تطغى على مؤسساته .
وهذا الإسلام الذي إلتزم الإمام الحسين (ع) الشهادة من أجله، ليس نظرية معلّقة في الفراغ وليس تجريداً محضاً، إنه الإسلام على الأرض، إنه المجتمع المسلم والناس المسلمون، مخاوفهم، وآمال حياتهم وكرامتهم، ومستقبل أجيالهم.
ولم يكن الحسين (ع) وصحبه شهداء منذ قتلوا فقط، لقد كانوا شهداء ايضاً وهم أحياء، فالشهادة ليست بالموت فقط، إنها تكون بالحياة أيضاً. إن الإلتزام بقضية عادلة، قضية الفرد والأسرة والجماعة، لتكون قضية المجتمع باسره، وقضية الأمة بكاملها حاضرها ومستقبلها، وجعل هذا الإلتزام موصولاً بالله تعالى بتوجيه الله وتعليمه، والسير على مبادئ التقوى السياسية .
إن الإلتزام على هذا النهج هو الذي يعطي الحياة معنى الشهادة، ويعطي الموت معنى الشهادة، أن تكون الحياة من اجل الناس جميعاً، أن يتّحد مصير الشهيد مع مصير البشر هو الذي يمنح إمتياز الشهادة للإنسان.
وهذا هو واقع مهرجان الشهداء في كربلاء، إنها دخلت التاريخ من باب الإنسانية الواسع الرحب، لم تدخل التاريخ من باب العشائرية والطائفية والإقليمية، دخلته من باب الإنسانية لأنها كانت تعبيراً عن الإلتزام بقضية الإنسان بما هو مخلوق كريم له الحق في الكرامة والسعادة والمستقبل .
وقال الله تعالى: (( ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً )).
إذن عالمية كربلاء، وإنسانية كربلاء هي التي جعلتها تدوم إلى الآن في ضمائر الناس ومشاعرهم وعقولهم، تغذيه بالقيم التي تنقل الغنسان من صنم الذات إلى محراب العمل العام من أجل الجماعة، من أجل سلامتها، وكرامتها، ومستقبلها على هدي ما ورد عن رسول الله (ص) (( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)) .
__________________
الإمام محمد مهدي شمس الدين (قده) - من خطاب إعلان المقاومة