إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

رسالة جلوة من ولاية أهل البيت عليهم السلام - للسيدعادل العلوي

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • رسالة جلوة من ولاية أهل البيت عليهم السلام - للسيدعادل العلوي

    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمّد و آل محمّد الأطيبين الأطهرين
    و اللعنة الدآئمة الوبيلة على أعدآئهم و ظالميهم أجمعين

    سلام عليكم

    هذه الرسالة من أجمل الرسآئل و هي مختصرة و مفيدة
    و يجب أن أنبه على أن هذا الموضوع موجه
    للشيعة الجعفرية الإثني عشرية الرافضية الإمامية
    فقط
    !!!!!

    ثاني شيئ

    إذا لم يعجبك هذه الرسالة فأرجوا أن تكظم غيضك و تخرج من الموضوع بهدوء

    و شكرا لكم لتعاونكم

  • #2
    « الأوّل »

    لقد أمر أئمتنا الأطهار (عليهم السلام) أن ننزّههم وننزّلهم عن الربوبية بأ نّهم عباد مخلوقون ، كما ورد في أدعيتهم ومناجاتهم ، كما في مناجاة أمير المؤمنين علي (عليه السلام)أبي الأئمة المعصومين (عليهم السلام) : « أنت الربّ وأنا المربوب ، أنت الخالق وأنا المخلوق ، أنت المولى وأنا العبد ، أنت الرازق وأنا المرزوق ... » ، فمن قال باُلوهيّتهم فهو كافر ملعون كما ورد في أخبارهم الشريفة . وحينئذ لو قلنا في علوّ مقامهم وعظمتهم من المكارم والفضائل ما يعجز عنه البيان ويكلّ عنه اللسان ، فإنّا لا زلنا لم نقل شيئاً ، وما ذكرناه فهو بحكم الصفر ، والدليل على ذلك :


    في علم الحساب والرياضيات يرسم العدد الذي لا نهاية له بهذا الشكل : (ب) (العدد الثامن بالإنگليزية اُفقياً) ، ولو جعلنا ما يساويه من العدد مهما بلغ فإنّه يُعدّ صفراً (صفر = ب) ، أي لو كتبنا من الأعداد بالمليارد وما زاد ، فإنّه في مقابل اللانهاية يعدّ صفراً ، وحينئذ ربّ الأرباب ، خلاّق السماوات والأرضين ، واجب الوجود لذاته ، مستجمع جميع الصفات الكمالية والجمالية بلا نهاية ، فهو الأوّل وهو الآخر ، وهو القادر على كلّ شيء والعالم بكلّ شيء ، ليس كمثله شيء ، وهو الحيّ الأبدي السرمدي ، ولا يقاس به شيء ، سبحانه وتعالى فهو الوجود والكمال المطلق ومطلق الوجود والكمال ، فهو اللّه ربّ العالمين ، وكلّ شيء بالنسبة إليه يعدّ صفراً ولا شيء ، فشيئيّة الشيء من مشيّته ، فلو نزّلنا الأئمة المعصومين (عليهم السلام) عن الربوبية ، فكلّما نقول في حقّهم فإنّه يعدّ صفراً ولا شيء ، وإلى مثل هذا المعنى أشاروا (عليهم السلام) : « لا تقولوا فينا ربّاً وقولوا فينا ما شئتم ، ولن تبلغوا ».

    وإليك جملة من الروايات بهذا المضمون :
    1 ـ بحار الأنوار
    [1] ، عن الخصال ، بسنده : قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : « إيّاكم والغلوّ فينا ، قولوا : إنّا عبيد مربوبون ، وقولوا في فضلنا ما شئتم ».

    2 ـ قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : « لا تتجاوزوا بنا العبودية ، ثمّ قولوا ما شئتم ، ولن تبلغوا ، وإيّاكم والغلوّ كغلوّ النصارى ، فإنّي بريء من الغالين »
    [2].
    تبيين ـ قوله (عليه السلام) : « ولن تبلغوا » ، أي بعد ما أثبتم لنا العبودية ، كلّ ما قلتم في وصفنا كنتم مقصّرين في حقّنا ، ولن تبلغوا ما نستحقّه من التوصيف.

    3 ـ البحار ، عن بصائر الدرجات ، بسنده ، عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) ، قال لاسماعيل بن عبد العزيز : يا إسماعيل ، ضع لي في المتوضّأ ماء ، قال : فقمت فوضعت له . قال : فدخل . قال : فقلت في نفسي : أنا أقول فيه كذا وكذا ، ويدخل المتوضّأ يتوضّأ.
    قال : فلم يلبث أن خرج . فقال : يا إسماعيل ، لا ترفع البناء فوق طاقته فينهدم ، اجعلونا مخلوقين وقولوا فينا ما شئتم ، فلن تبلغوا . فقال إسماعيل : وكنت أقول : إنّه ، وأقول وأقول.
    بيان ـ كذا وكذا ، أي أ نّه ربّ ورازق وخالق ومثل هذا ، كما أ نّه المراد بقوله : كنت أقول : أ نّه ، وأقول.

    4 ـ البحار
    [3] ، عن كشف الغمة ، بسنده ، عن مالك الجهني ، قال : كنّا بالمدينة حين اُجليت الشيعة وصاروا فرقاً ، فتنحّينا عن المدينة ناحية ثمّ خلونا ، فجعلنا نذكر فضائلهم وما قالت الشيعة إلى أن خطر ببالنا الربوبية ، فما شعرنا بشيء إذا نحن بأبي عبد اللّه (عليه السلام) واقف على حمار ، فلم ندرِ من أين جاء . فقال : يا مالك ويا خالد ! متى أحدثتما الكلام في الربوبية ؟ فقلنا : ما خطر ببالنا إلاّ الساعة . فقال : اعلما أنّ لنا ربّاً يكلأنا بالليل والنهار نعبده ، يا مالك ويا خالد ، قولوا فينا ما شئتم واجعلونا مخلوقين ، فكرّرها علينا مراراً وهو واقف على حماره.

    5 ـ بحار الأنوار
    [4] ، بسنده ، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث معرفته بالنورانية ، مخاطباً سلمان وأبا ذرّ عليهما الرحمة ، فقال (عليه السلام) : إعلم يا أبا ذرّ أنا عبد اللّه عزّ وجلّ وخليفته على عباده ، لا تجعلونا أرباباً ، وقولوا في فضلنا ما شئتم ، فإنّكم لا تبلغوا كنه ما فينا ولا نهايته ، فإنّ اللّه عزّ وجلّ قد أعطانا أكبر وأعظم ممّا يصفه واصفكم أو يخطر على قلب أحدكم ، فإذا عرفتمونا هكذا فأنتم المؤمنون.

    ثمّ
    [5] ، جاء في الحديث ، قال (عليه السلام) : « يا سلمان ويا جندب ، قالا : لبيك صلوات اللّه عليك ، قال (عليه السلام) : أنا أمير كلّ مؤمن ومؤمنة ممّن مضى وممّن بقي ، واُيّدت بروح العظمة ، وإنّما أنا عبدٌ من عبيد اللّه ، لا تسمّونا أرباباً ، وقولا في فضلنا ما شئتم ، فإنّكم لن تبلغوا من فضلنا كنه ما جعله اللّه لنا ولا معشار العشر ».

    وبهذا ينفتح لنا اُفقٌ جديد في عبارة ما ورد من الناحية المقدّسة (عليه السلام) في أدعية رجب : « اللّهم إنّي أسألك بمعاني جميع ما يدعوك به ولاة أمرك ، المأمونون على سرّك ، المستبشرون بأمرك ، الواصفون لقدرتك ، المعلنون لعظمتك ، أسألك بما نطق فيهم من مشيّتك ، فجعلتهم معادن لكلماتك ، وأركاناً لتوحيدك وآياتك ومقاماتك التي لا تعطيل لها في كلّ مكان ، يعرفك بها من عرفك ، لا فرق بينك وبينها إلاّ أ نّهم عبادك وخلقك ، فَتْقها ورَتْقها بيدك ، بدؤها منك وعَودها إليك ، أعضاد وأشهاد ومناة وأذواد وحفظة وروّاد ، فبهم ملأت سمائك وأرضك ، حتّى ظهر أن لا إله إلاّ أنت ، فبذلك أسألك ...»
    [6].

    فهم (عليهم السلام) نور السماوات والأرض ، وبهم ملأت السماوات والأرض ، حتّى كان ظهور التوحيد وكلمته بتجلّياتهم وملائهم الكون ، فهم صنائع اللّه والخلق صنائعهم ، ولولاهم لما خلق اللّه الأفلاك وما فيها ، ولولاهم لساخت الأرض بأهلها.
    فظهور أن لا إله إلاّ اللّه إنّما كان بجلواتهم فيما سوى اللّه سبحانه.
    [1]بحار الأنوار 25 : 270.
    [2]بحار الأنوار 25 : 273.
    [3]بحار الأنوار 25 : 289.
    [4]بحار الأنوار 26 : 2.
    [5]بحار الأنوار 26 : 6.
    [6]مفاتيح الجنان : 134 ، في أعمال رجب.

    تعليق


    • #3
      « الثاني »

      إنّما خلق اللّه الجنّة من نور النبيّ المصطفى محمد وآله الطاهرين (عليهم السلام) ، وهي دار الاستراحة للمؤمنين والمتّقين ، وقد جاء في وصفها عن النبي الأكرم محمد (صلى الله عليه وآله) : « فيها ما تشتهي الأنفس وتلذّ الأعين وما لم يخطر على قلب بشر » ، وقد عجّت الروايات النبوية والمروية عن أهل البيت (عليهم السلام) والآيات القرآنية بذكر نعيم الجنّة وما فيها من الحور العين ، والولدان المخلّدين ، وأنهار من لبن وعسل لذّة للشاربين ، وكواعب أتراباً وقصور من ذهب وفضّة ولآليء ومرجان وغير ذلك . ولكن مهما قالوا في نعيم الجنّة فإنّ هناك ما لم يخطر على قلب بشر ، ولم يمرّ على ذهن إنسان مهما أراد أن يبالغ في وصفها وثنائها ، فإذا كانت الجنّة التي هي دار الاستراحة ليس إلاّ ، هكذا مقامها ، فما بالك بسادات الجنّة وأنوارها ، والتي خلقت من نورهم الأنور ، فإنّ أوّل ما خلق اللّه نور محمد (صلى الله عليه وآله) ، واشتقّ منه أنوار المعصومين (عليهم السلام) ، فكانوا بعرش اللّه محدقين ـ كما ورد في زيارة الجامعة الكبيرة ـ فهل يمكن لنا أن ندرك حينئذ مقام المعصومين (عليهم السلام) ، أم هناك ما لم يخطر على قلب بشر من الأوّلين والآخرين ، وكما قالوا : « قولوا فينا ما شئتم ولن تبلغوا ».
      وقال أمير المؤمنين علي (عليه السلام) في حديث طويل : فإنّ اللّه عزّ وجلّ قد أعطانا أكبر وأعظم ممّا يصفه واصفكم ، أو يخطر على قلب أحدكم ، فإذا عرفتمونا هكذا فأنتم المؤمنون[1].
      [1]بحار الأنوار 26 : 2.
      <H4></H4>

      تعليق


      • #4
        « الثالث »

        اشتهرت عند الفلاسفة والحكماء قاعدة عقلية تسمّى بقاعدة (الأشرف) ، وهي تعني أنّ الأشرف لا يصدر منه الخسيس والوضيع والرذيل مباشرة ، بل يصدر منه الشريف ، وحينئذ واجب الوجود لذاته ، وعلّة العلل ونور الأنوار يستحيل أن يصدر منه العالم المادي الهيولاني الظلماني مباشرة ، بل لا بدّ من وسائط ومراتب نورية ذات سير نزولي وصعودي ، فمن اللّه سبحانه وإليه عزّ وجلّ.
        ولمثل هذا قالوا بالعقول العشرة ، كما عند المشّائين من الفلاسفة ، أو أرباب العقول والمثل الافلاطونية كما عند الاشراقيين ، فلا بدّ عندهم من واسطة بين النور الأتمّ والفيض الأكمل وبين العالم المادي الهيولاني ، وتكون هذه الواسطة ذات جنبتين : جانب ملكوتي نوري روحاني مجرّد ، وجانب ناسوتي مادي جسماني ، نظيره وجود الإنسان نفسه ، فإنّه مركّب من روح مجرّدة وجسد جسماني.
        فالفلاسفة باعتبار قاعدة الأشرف ، وباعتبار قاعدة (الواحد لا يصدر إلاّ من واحد ، كما لا يصدر منه إلاّ واحد) ـ لاستحالة توارد علّتين على معلول واحد ، وصدور معلولين من علّة واحدة ـ قالوا : بأنّ اللّه خلق العقل الأوّل ، ومن ثمّ صدرت العقول والأفلاك ، باعتبار الجانب الوجودي والماهوي في مراتب ، وهذا العالم الطبيعي المادي الذي نعيش فيه إنّما هو صادر من العقل العاشر المسمّى بالعقل الفعّال.
        هذا إجمال ما عند الفلاسفة ، ويقيمون البراهين العقلية عليه . وأمّا في لسان الروايات النبوية والولوية ، وعند المتشرّعة والفلاسفة الإسلاميين ، فقد جاء في كثير من الأخبار أنّ أوّل ما خلق اللّه هو العقل ، وأنّ أوّل ما خلق اللّه نور محمد (صلى الله عليه وآله) . ولا منافاة بينهما ; فإنّ العقل نور من نور اللّه سبحانه ، فتجلّى نور محمد (صلى الله عليه وآله) من نور ربّ العالمين ، ثمّ تجلّى من نور محمد أنوار الأئمة الطاهرين (عليهم السلام) ، فكلّهم نور واحد ـ كما جاء في زيارة الجامعة الكبيرة : « أنتم نور الأخيار » ـ ولا يعرف حقيقة هذا النور إلاّ اللّه المحيط به والخالق له ، وأمّا الخلق فإنّه يعجز عن إدراك عظمة وكنه هذا النور ، كما ورد في الخبر عن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) ـ مخاطباً أمير المؤمنين علي (عليه السلام) ـ : « ما عرفك إلاّ اللّه وأنا ، وما عرفني إلاّ اللّه وأنت ، وما عرف اللّه إلاّ أنا وأنت » ، فقولوا أيّها الخلائق من المدائح والفضائل والعظمة في النبيّ المصطفى وعليّ المرتضى وأهل بيته الطاهرين ، ولن تبلغوا ....

        تعليق


        • #5
          <H3>« الرابع »</H3>

          مسألة وجدانية نعيشها كلّ يوم ، فإنّ دورنا ومساجدنا ومدارسنا وأسواقنا في عصرنا التكنولوجي إنّما تُضاء في لياليها بالمصابيح الكهربائية ، بأشكال مختلفة وأحجام متفاوتة وألوان زاهية . ولو كنّا في غرفة ، فلولا نور المصباح لما كنّا نرى في الغرفة شيئاً من أثاثها كالفرش والوسادة والستائر والناس ، فالنور يظهر لنا هذه الأشياء كما أنّ الوجود يظهر لنا الماهيات على قول . ثمّ إنّ مصابيح الدار ـ مثلا ـ لو أردنا أن نسرجها من منبع الكهرباء في البلد مباشرة ، فإنّها تحترق لا محالة ; لعدم تحمّلها تلك الطاقة الكهربائية الهائلة ، فإنّ المصباح ذو مئة واط لا يتحمّل الألف واط كما هو واضح . فحينئذ لا بدّ من محوّلة ـ تنصب في مكان معيّن ـ تنتقل إليها الطاقة الكهربائية من المصدر الأوّل والمنبع الأساسي ، ثمّ توزّع الطاقة الكهربائية إلى المصابيح كلٌّ بحسب استعداده.
          نظير هذه المسألة الحسية الوجدانية في عالم الخلق والأنوار ، فإنّ اللّه سبحانه هو الفيّاض المطلق ومطلق الفيض ، فخلقه المادي الظلماني لا يتحمّل فيضه الأقدس ، فلا بدّ من ميزانية لهذا العالم العلوي والسفلي ، تقسم الفيض الإلهي كلّ على حسب استعداده وقابليته ، وميزانية العوالم كلّها هو النبيّ الأعظم محمد (صلى الله عليه وآله)وأهل بيته الأطهار (عليهم السلام) ، كما جاء في دعاء العديلة[1] ، في صفات صاحب الزمان (عليه السلام) : « الحجة الخلف القائم المنتظر المهدي المرجى ، الذي ببقائه بقيت الدنيا ، وبيمنه رزق الورى ، وبوجوده ثبتت الأرض والسماء ، وبه يملأ اللّه الأرض قسطاً وعدلا بعدما ملئت ظلماً وجوراً ... ».
          فإنّ اللّه هو الرزّاق ذو القوّة المتين ، ولكن بيُمن وبركة صاحب الأمر خاتم الأوصياء (عليهم السلام) يرزق الخلق ، ولولا الحجة لساخت الأرض بأهلها ـ ربّما لعدم تحمّلها الفيض الإلهي الأكمل ـ فمهما نقول في فضل هذه الميزانية العظمى والآية الكبرى وعظمتها وكرامتها وشرافتها ، وأ نّها الواسطة بين الخالق والمخلوق ، فهي فوق المخلوق ودون الخالق ، وإنّ الخالق سبحانه يعرفها دون المخلوق ، ومهما قال المخلوق من فضائلها ومناقبها ، فإنّه لم يبلغ المقصود ولن يبلغ « قولوا فينا ما شئتم ، ولن تبلغوا » ، و « لن » تفيد التأبيد كما في اللغة ، فلا يخفى لطفه.
          <H5>[1]مفاتيح الجنان : 85.
          <H4>


          </H5></H4>

          تعليق


          • #6
            الخامس

            قال اللّه سبحانه وتعالى في محكم كتابه ومبرم خطابه : ( اللّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالأ رْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاة فِيها مِصْباحٌ المِصْباحُ في زُجاجَة الزُّجاجةُ كَأنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَة مُبارَكَة زَيْتُونَة لا شَرْقِيَّة وَلا غَرْبِيَّة يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُور يَهْدِي اللّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَضْرِبُ اللّهُ الأمْثالَ لِلْنَّاسِ واللّهُ بِكُلِّ شَيْء عَليم * في بُيُوت أذِنَ اللّهُ أنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيها اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالغُدُوِّ وَالآصالِ * رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللّهِ وَإقامِ الصَّلاةِ وَإيتاءِ الزَّكاةِ يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ القُلُوبُ وَالأبْصارُ * لِيَجْزِيَهُمُ اللّهُ أحْسَنَ ما عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِساب )[1].

            قال العلاّمة الطباطبائي في تفسيره القيّم (الميزان) :
            قد بيّن سبحانه بأنّ له تعالى نوراً عاماً تستنير به السماوات والأرض فتظهر به في الوجود بعد ما لم تكن ظاهرة فيه ، فمن البيّن أن ظهور شيء بشيء يستدعي كون المُظهر ظاهراً بنفسه ، والظاهر بذاته المُظهر لغيره هو النور . فهو تعالى نور يُظهر السماوات والأرض بإشراقه عليها ، كما إنّ الأنوار الحسية تظهر الأجسام الكثيفة للحسّ بإشراقها عليها ، غير أنّ ظهور الأشياء بالنور الإلهي عين وجودها ، وظهور الأجسام الكثيفة بالأنوار الحسية غير أصل وجودها.
            وهناك نورٌ خاصٌّ يستنير به المؤمنون ويهتدون إليه بأعمالهم الصالحة ، وهو نور المعرفة الذي ستستنير به قلوبهم وأبصارهم يوم تقلّب فيه القلوب والأبصار فيهتدون به إلى سعادتهم الخالدة ، فيشاهدون فيه شهود عيان ما كان في غيب عنهم في الدنيا . مثّل تعالى هذا النور بمصباح في زجاجة في مشكاة يشتعل من زيت في نهاية الصفاء والرقّة ، فتتلالأ الزجاجة كأ نّها كوكب درّي ، فتزيد نوراً على نور ، والمصباح موضوع في بيوت العبادة التي يسبّح اللّه فيها رجال من المؤمنين ، لا تلهيهم عن ذكر اللّه وعبادته تجارة ولا بيع.
            فهذه صفة ما أكرم اللّه به المؤمنين من نور معرفته المتعقّب للسعادة الخالدة وحرّمه على الكافرين وتركهم في ظلمات لا يبصرون ، فخصّ من اشتغل بربّه وأعرض عن عرض الحياة الدنيا بنور من عنده ، واللّه يفعل ما يشاء له الملك وإليه المصير[2].
            قوله تعالى : ( اللّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالأ رْضِ ) إلى آخر الآية . المشكاة على ما ذكره الراغب وغيره : كوّة غير نافذة ، وهي ما يتّخذ في جدار البيت من الكوّ لوضع بعض الأثاث كالمصباح وغيره عليه ، وهو غير الفانوس . والدرّي : من الكواكب العظيم الكثير النور ، وهو معدود في السماء . والإيقاد : الإشعال . والزيت : الدهن المتّخذ من الزيتون . والنور : معروف ، وهو الذي يظهر به الأجسام الكثيفة لأبصارنا ، فالأشياء ظاهرة به ، وهو ظاهر مكشوف لنا بنفس ذاته ، فهو الظاهر بذاته والمظهر لغيره من المحسوسات للبصر . هذا باعتبار الوضع اللغوي الأوّل ، ثمّ عمّم لكلّ ما ينكشف به شيء من المحسوسات على نحو الاستعارة أو الحقيقة الثانية ، فعدّ كلّ من الحواسّ الخمسة نوراً أو ذا نور ، يظهر به محسوساته كالسمع والشمّ والذوق واللمس ، ثمّ عمّم لغير المحسوس فعدّ العقل نوراً يظهر به المعقولات . كلّ ذلك بتحليل معنى النور المبصر إلى الظاهر بذاته المظهر لغيره.
            وإذ كان وجود الشيء هو الذي يظهر به نفسه لغيره من الأشياء كان مصداقاً تاماً للنور ، ثمّ لما كانت الأشياء الممكنة الوجود إنّما هي موجودة بإيجاد اللّه تعالى كان هو المصداق الأتمّ للنور ، فهناك وجود ونور تتّصف به الأشياء ، وهو وجودها ونورها المستعار المأخوذ منه تعالى ، ووجود ونور قائم بها وهو الوجود الذي يحمل عليها ، تعالى اللّه عن ذلك وتقدّس.
            ومن ذلك يستفاد أ نّه تعالى غير مجهول لشيء من الأشياء ، لأنّ ظهور كلّ شيء لنفسه أو لغيره إنّما هو عن إظهاره تعالى ، فهو الظاهر بذاته له قبله ، وإلى هذه الحقيقة يشير قوله تعالى بعد آيتين : ( ألَمْ تَرَ أنَّ اللّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ في السَّماواتِ وَالأ رْضِ وَالطَيْرُ صافَّاتٌ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ ) ; إذ لا معنى للتسبيح والعلم به وبالصلاة مع الجهل بمن يصلّون له ويسبّحونه ، فهو نظير قوله : ( وَإنْ مِنْ شَيْء إلاّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ )[3].
            فقد تحصّل أنّ المراد بالنور في قوله : ( اللّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالأ رْضِ ) ، نوره تعالى من حيث يشرق منه النور العام الذي يستنير به كلّ شيء ، وهو مساو لوجود كلّ شيء وظهوره في نفسه ولغيره ، وهي الرحمة العامة.
            ثمّ أراد اللّه أن يمثّل لنوره الأتمّ المطلق بمثال حسّي ، كما من باب تشبيه المعقول بالمحسوس في الاُمور العقلانية ، فضرب مثالا لنوره بمصباح ولكن بأوصاف خاصة تمتاز عن باقي المصابيح ، كما إنّ نوره الأتمّ يظهر ويتجلّى في الإنسان الكامل الذي هو أشرف المخلوقات وهو النبي المختار محمد المصطفى سيد المرسلين ، وأهل بيته الأطهار كما جاء في الأخبار ، كما سنوافيك بذلك.
            قال العلاّمة الطباطبائي : وقوله : ( مَثَلُ نُورِهِ ) يصف تعالى نوره ، وإضافة النور إلى الضمير الراجع إليه تعالى ـ وظاهره الإضافة اللامية ـ دليل على أنّ المراد ليس هو وصف النور الذي هو اللّه ، بل النور المستعار الذي يفيضه ، وليس هو النور العام المستعار الذي يظهر به كلّ شيء ، وهو الوجود الذي يستفيضه منه الأشياء وتتّصف به ، والدليل عليه قوله بعد تتميم المثل : ( يَهْدِي اللّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ ) ، فإنّه لو كان هو النور العام لم يختصّ به شيء دون شيء ، بل هو نوره الخاص بالمؤمنين بحقيقة الإيمان على ما يفيده الكلام.
            وقد نسب تعالى في سائر كلامه إلى نفسه نوراً ، كما في قوله : ( يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللّهِ بِأ فْواهِهِمْ وَاللّهُ مُتِمُّ نُورِهِ )[4] . وهذا هو النور الذي يجعله اللّه لعباده المؤمنين ، يستضيئون به في طريقهم إلى ربّهم ، وهو نور الإيمان والمعرفة.
            وليس المراد به القرآن كما قال بعضهم ، فإنّ الآية تصف حال عامة المؤمنين قبل نزول القرآن وبعده.
            وقوله : ( كَمِشْكاة فِيها مِصْباحٌ المِصْباحُ فِي زُجاجَة ) ; المشبّه به مجموع ما ذكر من قوله : مشكاة فيها مصباح المصباح ... الخ ، لا مجرّد المشكاة وإلاّ فسد المعنى . وهذا كثير في تمثيلات القرآن الكريم.
            وقوله : ( الزُّجاجَةُ كَأ نَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ ) ; تشبيه الزجاجة بالكوكب الدرّي من جهة ازدياد لمعان نور المصباح وشروقه بتركيب الزجاجة على المصباح ، فتزيد الشعلة بذلك سكوناً من غير اضطراب بتموّج الأهوية وضرب الرياح ، فهي كالكوكب الدرّي في تلألؤ نورها وثبات شروقها.
            وقوله : ( يُوقَدُ مِنْ شَجَرَة مُبارَكَة زَيْتُونَة لا شَرْقِيَّة وَلا غَرْبِيَّة يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ ) ; خبر بعد خبر المصباح ، أي المصباح يشتعل آخذاً اشتعاله من شجرة مباركة ـ والبَرَكَة في اللغة الخير الثابت والمستمرّ ـ زيتونة ، أي إنّه يشتعل من دهن زيت مأخوذ منها ، والمراد بكون الشجرة لا شرقية ولا غربية أ نّها ليست نابتة في الجانب الشرقي ولا في الجانب الغربي حتّى تقع الشمس عليها في أحد طرفي النهار ويفيء عليها في الطرف الآخر ، فلا تنضج ثمرتها ، فلا يصفو الدهن المأخوذ منها ، فلا تجود الإضاءة ، بل هي ضاحية تأخذ من الشمس حظّها طول النهار ـ كأ نّها في وسط البستان ـ فيجود دهنها لكمال نضج ثمرتها . هذا ما يفهم من سياق الآية الشريفة ، وما ذكر من المعاني الاُخرى لا يفهم من السياق.
            وقوله : ( نُورٌ عَلى نُور ) ; خبر لمبتدأ محذوف وهو ضمير راجع إلى نور الزجاجة المفهوم من السياق ، والمعنى نور الزجاجة المذكور نور عظيم على نور كذلك ، أي في كمال التلمّع.
            والمراد من كون النور على النور ، قيل : هو تضاعف النور لا تعدّده ، فليس المراد به أ نّه نور معيّن أو غير معيّن فوق نور آخر مثله ، ولا أ نّه مجموع نورين اثنين فقط ، بل إنّه نور متضاعف من غير تحديد لتضاعفه ، وهذا التعبير شائع في الكلام.
            وهذا معنى لا يخلو من جودة ، وإن كان إرادة التعدّد أيضاً لا تخلو من لطف ودقّة ، فإنّ للنور الشارق من المصباح نسبة إليه بالأصالة والحقيقة ، ونسبة إلى الزجاجة التي عليه بالاستعارة والمجاز ، ويتغاير النور بتغاير النسبتين ويتعدّد بتعدّدهما ، وإن لم يكن بحسب الحقيقة إلاّ للمصباح.
            وهذا الاعتبار جار بعينه في الممثّل له ، فإنّ نور الإيمان والمعرفة نور مستعار مشرق على قلوب المؤمنين ، مقتبس من نوره تعالى ، قائم به ، مستمدّ منه.
            فقد تحصّل أنّ الممثّل له هو نور اللّه المشرق على قلوب المؤمنين ، والمثل هو المشبّه به النور المشرق من زجاجة على مصباح موقد من زيت جيّد صاف ، وهو موضوع في مشكاة فإنّ نور المصباح المشرق من الزجاجة والمشكاة تجمعه وتعكسه على المستنير به ، يشرق عليهم في نهاية الجودة والقوة والانعكاس.
            وقوله : ( يَهْدِي اللّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاء ) ; استئناف يعلّل به اختصاص المؤمنين بنور الإيمان والمعرفة وحرمان غيرهم ، فمن المعلوم من السياق أنّ المراد بقوله : ( مَنْ يَشاء ) ; القوم الذين ذكرهم بقوله بعد : ( رَجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تَجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللّهِ ) ، فالمراد بمن يشاء المؤمنون بوصفه كمال إيمانهم.
            وقوله : ( وَيَضْرِبُ اللّهُ الأمْثالَ لِلْنَّاسِ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْء عَلِيم ) ; إشارة إلى أنّ المثل المضروب تحته طور من العلم ، وإنّما اختير المثل لكونه أسهل الطرق لتبيين الحقائق والدقائق ، ويشترك فيه العالم والعامي ، فيأخذ منه كلّ ما قسم له ، قال تعالى : ( وَتِلْكَ الأمْثالُ نَضْرِبُها لِلْناسِ وَما يَعْقِلُها إلاّ العالِمون )[5].
            هذا غيض من فيض تفسير آية النور ، والنور الحسّي الذي نراه ونحسّه إنّما هو جلوة من جلوات عالم النور المجرّد ، ويمتاز النور الحسّي عن باقي الموجودات المادية والحسّية بخصائص ، كشفافيّته ونفوذه واتّساعه وسرعته ، حتّى اصطلحوا حركة الكواكب والنجوم بالسنة الضوئية ، على أنّ الضوء خلال ثانية واحدة يطوي ثلاثمائة ألف كيلومتر ، ويدور الضوء في ثانية حول الأرض سبع مرّات ، ثمّ إنّ أقوى نور حسّي هو نور الشمس ، وهو الذي يربّي الأشياء والموجودات الحيّة السماوية والأرضية ، فحلاوة الفواكه وحموضتها وألوانها ورشدها ونموّها ، إنّما هي ببركة نور الشمس ، بإذن اللّه سبحانه وقدرته وعلمه ، وهذا يعني أنّ كلّ ما في الوجود الحسّي إنّما هو من وجود اللّه عزّ وجلّ . وعرّف النور أ نّه الظاهر بنفسه والمظهر لغيره ، وأنّ اللّه سبحانه الوجود الأتمّ الظاهر بنفسه والمظهر لغيره ، فهو النور ونور النور ومنوّر النور ونور الأنوار.
            وكلمة النور في القرآن الكريم والروايات الشريفة اُطلقت على سبع معان :
            1 ـ القرآن الكريم ، لقوله تعالى : ( وَاتَّبَعُوا النُورَ الذي مَعَهُ )[6].
            2 ـ الإيمان باللّه سبحانه ، لقوله تعالى : ( يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُلُماتِ إلى النُّورِ )[7].
            3 ـ الهداية ، لقوله تعالى : ( وَجَعَلْناهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ في النَّاسِ )[8].
            4 ـ الدين الإسلامي ، لقوله تعالى : ( وَيَأبى اللّهُ إلاّ أنْ يُتِمَّ نُورَهُ )[9].
            5 ـ النبيّ الأكرم محمد (صلى الله عليه وآله) ، لقوله تعالى : ( داعِياً إلى اللّهِ بِإذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً )[10].
            6 ـ الأئمة الأطهار عترة الرسول المختار (عليهم السلام) ، كما جاء في زيارة الجامعة الكبيرة : « خلقكم اللّه أنواراً فجعلكم بعرشه محدقين » ، « أنتم نور الأخيار ».
            7 ـ العلم ، كما جاء في الأخبار : « العلم نور يقذفه اللّه في قلب من شاء » ، و « النظر إلى وجه العالم عبادة » ; لأ نّه مظهر لعلم اللّه ونوره . وسادة العلماء ومعدن العلوم ومنهل الفضائل ومنبع الآداب هو محمد وآله الأطهار (عليهم السلام) ، وفي عالم الأنوار خلقهم اللّه أنواراً ، وجعلهم محدقين بعرشه قبل أن يخلق العالم بآلاف السنين كما ورد في الأخبار ، ونورهم يحيط بمخلوقات اللّه فهم صنايع اللّه والخلق صنايعهم ، وفي إطار تربيتهم ، وأشعّة أنوارهم القدسية ، فنورهم لا شرقيّ ولا غربيّ ، ويعني هذا الإحاطة الكاملة على الموجودات ، كما كانت الشجرة اللاغربية واللاشرقية يحيطها النور من كلّ جانب ، فلهم الاحاطة بإذن اللّه على ما سواه جلّ جلاله ، كنوره الأتمّ الذاتي.
            فصاحب الأمر له الاحاطة حتّى على العرش الإلهي ، كإحاطة اللّه سبحانه ، إلاّ أنّ الإحاطة الإلهية ذاتية من ذات اللّه سبحانه ، وإنّها أزلية أبدية سرمدية ، وإحاطة الأئمة الأطهار (عليهم السلام) إحاطة إمكانية عرضية من اللّه سبحانه ، ويمكن الزوال عنهم ، ولكن سنّة اللّه التكوينية جعلها لهم ، ولن تجد لسنّة اللّه تحويلا ولا تبديلا ، ولولا الحجة لساخت الأرض بأهلها ، فهم نور الأخيار ـ والجمع المحلّى بالألف واللام يدلّ على العموم ـ فهم نور كلّ الأخيار ، ومنهم الملائكة ، حتّى جبرئيل والروح الأمين وما دونهم ، فإنّ الأئمة والنبي الأكرم (عليهم السلام) نورهم في كلّ العوالم في الدنيا والآخرة ، وقد ورد في زيارة الجامعة : « بدأ اللّه بكم وبكم يختم » ، وأوصى صاحب الزمان (عليه السلام) مؤكداً بزيارة الجامعة ; لما فيها من المعرفة النورانية والمقام الشامخ لأهل البيت (عليهم السلام).
            وأمّا تأويل آية النور ، كما جاء في أخبارنا المروية عن أهل البيت عترة النبي المختار (عليهم السلام) فقد جاء في اُصول الكافي ، كتاب الحجة ، بسنده ، عن صالح بن سهل الهمداني ، قال : قال أبو عبد اللّه (عليه السلام) في قول اللّه تعالى : ( اللّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالأرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاة ) فاطمة (عليها السلام) ، ( فِيها مِصْباحٌ ) الحسن ، ( المِصْباحُ في زُجاجَة ) الحسين ، ( الزُّجاجَةُ كَأ نَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ ) فاطمة كوكب درّي بين نساء الدنيا ، ( تُوقَدُ مِنْ شَجَرَة مُبارَكَة ) إبراهيم (عليه السلام) ، ( زَيْتُونَة لا شَرْقِيَّة وَلا غَرْبِيَّة )لا يهودية ولا نصرانية ، ( يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ ) يكاد العلم ينفجر بها ، ( وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُور ) إمام منها بعد إمام ، ( يَهْدِي اللّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاء ) يهدي اللّه للأئمة من يشاء ، ( وَيَضْرِبُ اللّهُ الأمْثالَ لِلْنَّاسِ ) ... وللحديث تتمّة ، فراجع حتّى تعرف تأويل ( أو كظلمات يغشاه موج من فوقه موج ظلمات بعضها فوق بعض ) ....

            ويقول العلاّمة المجلسي في كتابه القيّم (مرآة العقول[11]) ، في شرح وبيان هذه الرواية الشريفة ، وأ نّها صحيحة السند بالسند الثاني ، أنّ معنى : ( اللّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالأرْضِ ) ; أي : منوّرهما بنور الوجود والعلم والهداية والأنوار الظاهرة . وقيل : أي ذو نور السماوات والأرض ، والنور : الأئمة (عليهم السلام) ، فهم نور السماوات حين كانوا محدقين بالعرش ، والأرض بعدما اُنزلوا صلب آدم ، ( مَثَلُ نُورِهِ ) ; أي : صفة نور اللّه العجيبة الشأن ، ( كَمِشْكاة ) ; أي : مثل مشكاة ، وهي الكوّة الغير النافذة التي يوضع فيها المصباح ، وقيل : المشكاة الاُنبوبة في وسط القنديل ، والمصباح : الفتيلة المشتعلة ، ( فِيها مِصْباحٌ ) ; الحسن (عليه السلام) ، و ( المِصْباحُ ) ; الحسين (عليه السلام) ، فالمصباح الثاني غير الأوّل ، ولعلّ فيه إشارة إلى وحدة نوريهما . وقال بعض الأفاضل : مثّل النور الحقيقي الذي هو من عالم الأمر بالنور الظاهري الذي هو من عالم الخلق ، والنور ضياء بنفسه ومضيء لما يطلع عليه ويشرق عليه ، فمثّل الجوهر الروحاني المناط للانكشافات العقلية بالمصباح ، وحامله بالمشكاة ، والحامل لمادّته والمشتمل عليها التي منها مدده وحفظه عن الانقطاع والنفاذ بالزجاجة ، التي هي وعاء مادة نور المصباح التي هي الزيت ، ففي الأنوار الحقيقية التي هي النفوس القدسية والأرواح الزكية للأئمة من أهل البيت (عليهم السلام) ، الحسن (عليه السلام)مصباح ، وفاطمة (عليها السلام) مشكاة فيها المصباح ، والحسين (عليه السلام) الزجاجة فيها مادة نور المصباح ويجيء منها مدده ، والزجاجة كوكب درّي والمراد به فاطمة (عليها السلام) ، فإنّ الزجاجة يعني الحسين (عليه السلام) مجمع النور الفائض من رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) ، الواصل إليه ابتداءً ووساطة ، كما كانت (عليها السلام) مجمع ذلك ، والمعني عنها بالمشكاة كوكب درّي لاحاطتها بالنور كلّه ، والزجاجة أيضاً لإحاطتها بجميع النور كأ نّها كوكب درّي ( يُوقَدُ مِنْ شَجَرَة مُبارَكَة ) إبراهيم (عليه السلام) ، أي : المشبّه بالشجرة فيما ضرب له المثل إبراهيم ، لأنّ ابتداء ظهور ذلك النور منه ، ومواد العلوم من أثمار تلك الشجرة ... فإنّ إبراهيم (عليه السلام) لكونه أصل عمدة الأنبياء وهم (عليهم السلام) أغصانه وتشعّبت منه الغصون المختلفة من الأنبياء والأوصياء من بني إسرائيل وبني إسماعيل ، واستنارت منهم أنوار عظيمة في الفرق الثلاث من أهل الكتب السماوية من اليهود والنصارى والمسلمين ، فكان إبراهيم (عليه السلام) كالشجرة الزيتونة من جهة تلك الشعب والأنوار ، ولما كان تحقيق ثمار تلك الشجرة ، وسريان أنوار هذه الزيتونة في نبيّنا وأهل بيته صلوات اللّه عليهم أكمل وأكثر وأتمّ ، لكونهم من الأئمة الفضلى ، واُمّتهم الاُمّة الوسطى ، وشريعتهم وسيرتهم وطريقتهم أعدل السير وأقومها كما قال تعالى : ( وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ اُمَّةً وَسَطاً ) ، كما إنّ اليهود كانوا يصلّون إلى المغرب والنصارى إلى المشرق ، فجعل قبلتهم وسط القبلتين ، وكذا في حكم القصاص والديّات وسائر الأحكام جعلوا وسطاً ، فشبّه إبراهيم (عليه السلام)من جهة تشعّب هذه الأنوار العظيمة منه بزيتونة لم تكن شرقية ولا غربية ، أي غير منحرفة عن الاعتدال إلى الإفراط والتفريط ، المتحقّقين في الملّتين والشريعتين ، وأومى بالشرقية إلى النصارى وبالغربية إلى اليهود ; لقبلتيهم ، ويمكن أن يكون المراد بالآية : الزيتونة التي تكون في وسط الشجرة في شرقها ; فلا تطلع الشمس عليها بعد العصر ، ولا غربية ; فلا تطلع عليها في أوّل اليوم . فيكون التشبيه أتمّ وأكمل . ( يَكادُ زَيْتُها ) ; أي زيت الشجرة أو الزيتونة ، والمراد بالزيتونة في المشبّه : المادة البعيدة للعلم ، وهي الإمامة والخلافة التي منبعها إبراهيم ، حيث قال سبحانه : ( إنِّيْ جاعِلُكَ لِلْناسِ إماماً ) ، وسرى في ذرّيته المقدسة . وبالزيت : الموادّ القريبة من الوحي والإلهام . وإضاءة الزيت : انفجار العلم من تلك المواد . ( وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ ) ; أي وحي أو تعليم من البشر أو سؤال ، فإنّ السؤال ممّا يقدح نار العلم . ( نُورٌ عَلى نُور ) ; كلّ إمام يتلو إماماً ، يزيد في إنارة علم اللّه وحكمته بين الناس ، ويؤيّد هذا التأويل ما رواه ابن بطريق في العمدة والسيد ابن طاووس في الطرائف من مناقب ابن المغازلي الشافعي باسناده عن الحسن البصري أ نّه قال : المشكاة فاطمة ، والمصباح الحسن والحسين (عليهما السلام) ، والزجاجة كأ نّها كوكب درّي فاطمة (عليها السلام) ، كوكباً درّياً بين نساء العالمين . ( تُوقَدُ مِنْ شَجَرَة مُبارَكَة ) ; الشجرة المباركة إبراهيم (عليه السلام) . ( لا شَرْقِيَّة وَلا غَرْبِيَّة ) ; لا يهودية ولا نصرانية . ( يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ ) ; قال : يكاد العلم أن ينطق منها . ( وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُور ) ; قال : منها إمام بعد إمام . ( يَهْدِي اللّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاء ) ; قال : يهدي لولايتهم مَن يشاء.
            وذكر الطبرسي (قدس سره) في تأويل الآية أقوالا :
            أحدها : أ نّه مثلٌ يضربه اللّه لنبيّه محمد (صلى الله عليه وآله) . فالمشكاة صدره ، والزجاجة قلبه ، والمصباح فيه النبوّة . ( لا شَرْقِيَّة وَلا غَرْبِيَّة ) ; أي لا يهودية ولا نصرانية .
            ( تُوقَدُ مِنْ شَجَرَة مُبارَكَة ) ; يعني شجرة النبوّة ، وهي إبراهيم (عليه السلام) . ( يَكادُ ) ; محمد يتبيّن للناس ولو لم يتكلّم به ، كما إنّ ذلك الزيت يضيء . ( وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ ) ; أي : تصيبه النار.

            وقد قيل أيضاً : إنّ المشكاة إبراهيم (عليه السلام) ، والزجاجة إسماعيل ، والمصباح محمد ، كما سمّي سراجاً في موضع آخر . ( مِنْ شَجَرَة مُبارَكَة ) ; يعني إبراهيم ; لأنّ أكثر الأنبياء من صلبه . ( لا شَرْقِيَّة وَلا غَرْبِيَّة ) ; لا نصرانية ولا يهودية ; لأنّ النصارى تصلّي إلى المشرق واليهود تصلّي إلى المغرب . ( يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ ) ; أي : تكاد محاسن محمد تظهر قبل أن يوحى إليه . ( نُورٌ عَلى نُور ) ; أي : نبيّ من نسل نبيّ.
            وقيل : إنّ المشكاة عبد المطّلب ، والزجاجة عبد اللّه ، والمصباح هو النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، لا شرقية ولا غربية ، بل مكّية ; لأنّ مكة وسط الدنيا.
            وروي عن الرضا (عليه السلام) أ نّه قال : نحن المشكاة ، والمصباح محمد (صلى الله عليه وآله) ، يهدي لولايتنا من أحبّ.

            وفي كتاب التوحيد للشيخ الصدوق عليه الرحمة ، بالإسناد عن عيسى بن راشد ، عن أبي جعفر الإمام الباقر (عليه السلام) في قوله : ( كَمِشْكاة فِيها مِصْباحٌ ) ; قال : نور العلم في صدر النبي (صلى الله عليه وآله) . ( المِصْباحُ في زُجاجَة ) ; الزجاجة صدر علي (عليه السلام) ، صار علم النبيّ إلى صدر علي ، علّم النبيّ علياً . ( يُوقَدُ مَنْ شَجَرَة مُبارَكَة ) ; نور العلم . ( لا شَرْقِيَّة وَلا غَرْبِيَّة ) ; لا يهودية ولا نصرانية . ( يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ ) ; قال : يكاد العالم من آل محمد (صلى الله عليه وآله) يتكلّم بالعلم قبل أن يُسأل . ( نُورٌ عَلى نُور ) ; أي إمام مؤيّد بنور العلم والحكمة في إثر إمام من آل محمد ، وذلك من لدن آدم إلى أن تقوم الساعة ، (الخبر).

            وثانيها : أ نّها مثل ضربه اللّه للمؤمن ، والمشكاة لنفسه ، والزجاجة لصدره ، والمصباح : الإيمان والقرآن في قلبه . ( يُوقَدُ مَنْ شَجَرَة مُبارَكَة ) ; هي الإخلاص للّه وحده لا شريك له ، فهي خضراء وناعمة كشجرة التفّت بها الشجرة فلا تصيبها الشمس على أيّ حال كانت لا إذا طلعت ولا إذا غربت ، وكذلك المؤمن قد اختزن من أين يصيبه شيء من الفتن ، فهو بين أربع خِلال : إن اُعطي شكر ، وإن ابتلي صبر ، وإن حكم عدل ، وإن قال صدق ، فهو في سائر الناس كالرجل الحيّ الذي يمشي بين قبور الأموات . ( نُورٌ عَلى نُور ) ; كلامه نور ، وعلمه نور ، ومدخله نور ، ومخرجه نور ، ومصيره إلى نور يوم القيامة . عن اُبيّ بن كعب.

            وثالثها : أ نّه مثل للقرآن في قلب المؤمن ، فكما إنّ هذا المصباح يستضاء به وهو كما هو لا ينقص ، فكذلك القرآن يهتدي به ويعمل به كالمصباح . فالمصباح هو القرآن ، والزجاجة قلب المؤمن ، والمشكاة لسانه وفمه ، والشجرة المباركة شجرة الوحي . ( يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ ) ; تكاد حجج القرآن تتّضح وإن لم يُقرأ ، وقيل : تكاد حجج اللّه على خلقه تضيء لمن تفكّر فيها وتدبّرها ولو لم ينزل القرآن . ( نُورٌ عَلى نُور ) ; يعني أنّ القرآن نور لدينه وإيمانه من يشاء أو لنبوّته وولايته . انتهى ما ذكره العلاّمة المجلسي عن المفسّر الكبير المحقق الطبرسي صاحب مجمع البيان (قدس سره) ، ثمّ يتعرّض العلاّمة إلى تفسير وتأويل تتمة الآيات الشريفة على أنّ اللّه كما ضرب الأمثال للمؤمنين وأئمتهم (عليهم السلام) ، كذلك ضرب مثلين للكافرين والمنافقين وأئمتهم ، يذكر ذلك بالتفصيل ، فراجع.

            هذا ما وددت بيانه إجمالا في تفسير وتأويل آية النور الكريمة . وخلاصة الكلام أنّ من أظهر مصاديق الأمثلة لنور اللّه وأتمّها هو محمد وأهل بيته الأطهار ، فهم نور اللّه في السماوات والأرضين ، خلقهم اللّه أنواراً ، فجعلهم بعرشه حافّين ومحدقين ، فكانوا نور الأخيار والأبرار ، حتّى جبرئيل الملك الأمين ، فكان أمير المؤمنين أسد اللّه الغالب علي بن أبي طالب (عليه السلام) معلّمه ، كما ورد في الخبر الشريف.
            « روى صاحب بستان الكرامة : أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) كان جالساً وعنده جبرئيل (عليه السلام) ، فدخل علي (عليه السلام) ، فقام له جبرئيل . (عليه السلام) فقال النبي (صلى الله عليه وآله) : أتقوم لهذا الفتى ؟ فقال له : نعم ، إنّ له عليّ حقّ التعليم . فقال النبي (صلى الله عليه وآله) : كيف ذلك التعليم يا جبرئيل ؟ فقال : لمّا خلقني اللّه تعالى سألني من أنت وما اسمك ومن أنا وما اسمي ؟ فتحيّرت في الجواب وبقيت ساكتاً ، ثمّ حضر هذا الشابّ في عالم الأنوار وعلّمني الجواب ، فقال : قل أنت ربّي الجليل واسمك الجليل ، وأنا العبد الذليل واسمي جبرئيل ، ولهذا قمت له وعظّمته . فقال النبي (صلى الله عليه وآله) : كم عمرك يا جبرئيل ؟ فقال : يا رسول اللّه ، يطلع نجم من العرش في كلّ ثلاثين ألف سنة مرّة ، وقد شاهدته طالعاً ثلاثين ألف مرّة.
            وإلى هذا الحديث نظر محيي الدين بن عربي ، حيث قال في أوّل خطبة فتوحاته : « الحمد للّه الذي جعل الإنسان الكامل معلّم المَلَك وأدار بانقساره طبقات الفَلَك » . فالنبي وأهل بيته صلوات اللّه عليهم قد شاركوا الملائكة في أفضل صفاتهم التي هي النورية الخاصة ، وزاد عليهم في الصفات العالية التي لا تكاد تحصى »[12].
            وفي الكافي ، بسنده ، عن أبي الحسن (عليه السلام) ، قال : سألته عن قول اللّه تبارك وتعالى : ( يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللّهِ بِأفْواهِهِمْ ) ; قال : يريدون ليطفئوا ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) بأفواههم ، قلت : قوله تعالى ( وَاللّهُ مُتِمُّ نُورِهِ ) ; قال : يقول : واللّه متمّ الإمامة ، والإمامة هي النور ، وذلك قوله عزّ وجلّ : ( آمِنُوا بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الذي أ نْزَلْنا ) ; قال : النور هو الإمام.

            ولا يخفى أ نّه قد ورد في روايات المخلوق الأوّل للّه بأ نّه سبحانه أوّل ما خلق
            العقل ، وأوّل ما خلق نور محمد (صلى الله عليه وآله) ، وأ نّه أوّل ما خلق النور . فقد جاء في كتاب (الأنوار النعمانية)
            [13] بأنّ الأخبار الواردة بأوّلية النور ونوري وروحي فهي واحدة ، وهي عبارة عن نوره (صلى الله عليه وآله) ، وهو أوّل مخلوق على الأوّلية الحقيقية ، ليس فيه للإضافة مدخل بوجه من الوجوه ; لأ نّه قد استفاض في الأخبار أنّ نوره (صلى الله عليه وآله) أفرزه اللّه سبحانه من نوره ، وأفرز من ذلك النور أنوار الأئمة الطاهرين ، وأفرز من ذلك النور الثاني أنوار المؤمنين ... وأمّا حقيقة هذه الأنوار فلا نتحقّقها على حقيقتها ، ولكنّ المفهوم من هذه الأخبار هو أنّ المراد بهذه الأنوار أجسام لطيفة نورانية على قالب هذه الأجسام ، وتفارقها في النور واللطافة والصفا ، ولمّا خلقها وأدخل الأرواح فيها كانت أجساماً فيها أرواح في عالم الملكوت تسبّح اللّه وتقدّسه وتمجّده وتعلّم الملائكة بعد أن خلقوا للعبادة والتسبيح ، ومنه قال (صلى الله عليه وآله) : سبّحنا فسبّحت الملائكة بتسبيحنا ، وقدّسنا فقدّست الملائكة بتقديسنا.


            وأخيراً ، عقيدتنا في رسول اللّه وأهل بيته الأئمة الأطهار (عليهم السلام) : أ نّهم أفضل خلق اللّه ، وأ نّهم عباد مكرمون مربوبون مرزوقون ، خلقهم اللّه فجعلهم أنواراً بعرشه محدقين ، وبعد هذا ، كلّما يقال في وصفهم ومدحهم وثنائهم وعلوّ مقامهم وشخصيتهم القدسية ومكارمهم وفضائلهم ومناقبهم ، فإنّه لا شيء قبال ذواتهم وكنههم وحقيقتهم ، فهم كما قالوا : « نزّلونا عن الربوبية ، وقولوا فينا ما شئتم ، ولن تبلغوا ».
            وأمّا من يعتقد باُلوهيّتهم والعياذ باللّه ، كالغلاة من الذين يعدّون في الفرق الإسلامية من الشيعة ، فإنّا براء منهم ، ونلعنهم تقرّباً إلى اللّه تعالى . وبذلك أمر أئمتنا المعصومون الأطهار (عليهم السلام) ، وهل بعد الحقّ إلاّ الضلال.


            [1]سورة النور ، الآيات 35 ـ 38.
            [2]الميزان في تفسير القرآن 15 : 120.
            [3]سورة أسرى ، الآية 44.
            [4]سورة الصف ، الآية 8 . وفي الأنعام : 122 ، والحديد : 28 ، والزمر : 22.
            [5]العنكبوت : 13.
            [6]سورة الأعراف ، الآية 157 ، وسورة المائدة ، الآية 15.
            [7]سورة البقرة ، الآية 257.
            [8]سورة الأنعام ، الآية 122.
            [9]سورة التوبة ، الآية 32.
            [10]سورة الأحزاب ، الآية 46.
            [11]مرآة العقول 2 : 358.
            [12]الأنوار النعمانية 1 : 15 ، للسيد نعمة اللّه الجزائري.
            [13]الأنوار النعمانية 1 : 14.

            تعليق

            المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
            حفظ-تلقائي
            x

            رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

            صورة التسجيل تحديث الصورة

            اقرأ في منتديات يا حسين

            تقليص

            لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

            يعمل...
            X