الباحث في هذا الموضوع إذا تجرد للحقيقة فإنه سيجد النص على علي بن أبي طالب واضحا جلياً كقوله ( ص ): " من كنت مولاه " قال ذلك بعد ما انصرف من حجة الوداع فعقد لعلي موكب للتهنئه حتى أن أبابكر نفسه وعمر كانا من جماعة المهنئين للإمام يقولان: " بخ بخ لك يا أبن أبي طالب ( 1 )
وهذا النص مجمع عليه من الشيعة والسنة , ولم أخرج أنا في البحث - هذا - إلا مصادر أهل السنة والجماعة ومع ذلك لم أذكر المصادر كلها فهي أكثر بكثير مما ذكرت , وللإطلاع على المزيد من التفصيل ادعو القارئ إلى مطالعة كتاب الغدير للعلامة الأميني وقد طبع منه ثلاثة عشر مجلداً يحصي فيها المصنف رواة هذا الحديث من طريق أهل السنة والجماعة.
أما الإجماع المدعى على انتخاب أبي بكر يوم السقيفة ثم مبايعته بعد ذلك في المسجد , فإنه دعوى بدون دليل , إذ كيف يكون الإجماع وقد تخلف عن البيعة علي والعباس وسائر بني هاشم كما تخلف أسامة بن زيد والزبير وسلمان الفارسي وأبو ذر الغفاري والمقداد بن الأسود وعمار بن ياسر وحذيفة بن اليمان وخزيمة بن ثابت وابو بريدة الأسلمي والبراء بن عازب وأبي بن كعب وسهل بن حنيف وسعد بن عبادة وقيس بن سعد وأبو أيوب الأنصاري وجابر بن عبداللهوخالد بن سعيد وغير هؤلاء كثيرون ( 2 )
فأين الإجماع المزعوم يا عباد الله؟ على أنه لو كان علي بن أبي طالب وحده تخلف عن البيعة لكان ذلك كافيا للطعن في ذلك كافياً للطعن في ذلك الإجماع إذ أنه المرشح الوحيد للخلافة من قبل الرسول على فرض عدم وجود النص المباشر عليه.
وإنما كانت بيعة أبي بكر على غير مشورة بل وقعت على حين غفلة من الناس وخصوصاً أولي الحل والعقد منهم كما يسميها علماء المسلمين إذ كانوا مشغولين بتجهيز الرسول ودفنه , وقد فوجئ سكان المدينة المنكوبة بموت نبيهم وحمل الناس على البيعة بعد ذلك قهراً ( 3 ) كما يشعرنا بذلك تهديدهم بحرق بيت فاطمة إن لم يخرج المتخلفون عن البيعة فكيف يجوز لنا بعد ذلك أن نقول بأن البيعة كانت بالمشورة وبالإجماع.
وقد شهد عمر بن الخطاب نفسه بأن تلك البيعة كانت فلتة وقى الله المسلمين شرها , وقال فمن عاد إلى مثلها فقتلوه , أو قال فمن دعا إلى مثلها فلا بيعة له ولا لمن بايعة ( 4 )
ويقول الإمام علي في حقها: " أما والله لقد تقمصها ابن ابي قحافة وإنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى ينحدر عني السيل ولا يرقى إلي الطير " ( 5 )
ويقول سعد بن عبادة سيد الأنصار الذي هاجم أبابكر وعمر يوم السقيفة وحاول بكل جهوده أن يمنعهم ويبعدهم عن الخلافة ولكنه عجز عن مقاومتهم لأنه كان مريضاً لا يقدر على الوقوف , وبعدما بايع الأنصار أبابكر قال سعد: والله لا ابايعكم أبداً حتى أرميكم بكل سهم في كنانتي من نبل , وأخضب سناني ورمحي , وأضربكم بسيفي ما ملكته يدي , وأقاتلكم بمن معي من أهلي وعشيرتي ولا والله لو أن الجن اجتمعت لكم مع الإنس ما بايعتكم حتى أعرض على ربي , فكان لا يصلي بصلاتهم ولا يجتمع بجمعتهم , ولا يفيض بإفاضتهم , ولو يجد عليهم أعواناً لطال بهم , ولو بايعهم أحد على قتالهم لقاتلهم , ولم يزل كذلك حتى قتل بالسم في خلافة عمر( 6 )
فإذا كانت هذه البيعة فلتة وقى الله المسلمين شرها على حد تعبير عمر الذي شيد أركانها وعرفت ما آلت إليه أمور المسلمين بسببها.
وإذا كانت هذه الخلافة تقمصها - من قبل أبي بكر - كما وصفها الإمام علي إذ قال بأنه هو صاحبها الشرعي .
وإذا كانت هذه البيعة ظلماً كما اعتبرها سعد بن عبادة سيد الأنصار الذي فارق الجماعة بسببها.
وإذا كانت هذه البيعة غير شرعية لتخلف أكابر الصحابة والعباس عم النبي عنها.
فما هي الحجة إذا في صحة خلافة أبي بكر؟ والجواب لا حجة هناك عند أهل السنة والجماعة.
فقول الشيعة إذن هو الصحيح في هذا الموضوع , لأنه ثبت وجود النص على خلافة علي عند السنة انفسهم , وقد تأولوه حفاظاً على كرامة الصحابة , فالمنصف العادل لا يجد مناصاً من قبول النص إذا عرف ملابسات القضية( 7 )
---------------------
الهوامش
( 1 )مسند الإمام أحمد بن حنبل ج 4 ص 281
سر العالمين للإمام الغزالي ص 12
تذكرت الخواص لابن الجوزي ص 29
الرياض النضرة للطبري ج 2 ص 169
كنز العمال ج 6 ص 397
البداية والنهاية لبن كثير ج 5 ص 212
تاريخ ابن عساكر ج 2 ص 50
تفسير الرازي ج 3 ص 63
الحاوي للفتاوي للسيوطي ج 1 ص 112
( 2 )تاريخ الطبري , تاريخ ابن الأثير , تاريخ الخلفاء , تاريخ الخميس , الاستيعاب , وكل من ذكر بيعة أبي بكر
( 3 )تاريخ الخلفاء لابن قتيبة ج 1 ص 18
( 4 )صحيح البخاري ج 4 ص 127
( 5 )شرح نهج البلاغة لمحمد عبده ج 1 ص 34 الخطبة الشقشقية
( 6 )تاريخ الخلفاء ج 1 ص 17
( 7 )راجع: السقيفة والخلافة لعبد الفتاح عبد المقصود , والسقيفة للشيخ محمد رضا المظفر.
وهذا النص مجمع عليه من الشيعة والسنة , ولم أخرج أنا في البحث - هذا - إلا مصادر أهل السنة والجماعة ومع ذلك لم أذكر المصادر كلها فهي أكثر بكثير مما ذكرت , وللإطلاع على المزيد من التفصيل ادعو القارئ إلى مطالعة كتاب الغدير للعلامة الأميني وقد طبع منه ثلاثة عشر مجلداً يحصي فيها المصنف رواة هذا الحديث من طريق أهل السنة والجماعة.
أما الإجماع المدعى على انتخاب أبي بكر يوم السقيفة ثم مبايعته بعد ذلك في المسجد , فإنه دعوى بدون دليل , إذ كيف يكون الإجماع وقد تخلف عن البيعة علي والعباس وسائر بني هاشم كما تخلف أسامة بن زيد والزبير وسلمان الفارسي وأبو ذر الغفاري والمقداد بن الأسود وعمار بن ياسر وحذيفة بن اليمان وخزيمة بن ثابت وابو بريدة الأسلمي والبراء بن عازب وأبي بن كعب وسهل بن حنيف وسعد بن عبادة وقيس بن سعد وأبو أيوب الأنصاري وجابر بن عبداللهوخالد بن سعيد وغير هؤلاء كثيرون ( 2 )
فأين الإجماع المزعوم يا عباد الله؟ على أنه لو كان علي بن أبي طالب وحده تخلف عن البيعة لكان ذلك كافيا للطعن في ذلك كافياً للطعن في ذلك الإجماع إذ أنه المرشح الوحيد للخلافة من قبل الرسول على فرض عدم وجود النص المباشر عليه.
وإنما كانت بيعة أبي بكر على غير مشورة بل وقعت على حين غفلة من الناس وخصوصاً أولي الحل والعقد منهم كما يسميها علماء المسلمين إذ كانوا مشغولين بتجهيز الرسول ودفنه , وقد فوجئ سكان المدينة المنكوبة بموت نبيهم وحمل الناس على البيعة بعد ذلك قهراً ( 3 ) كما يشعرنا بذلك تهديدهم بحرق بيت فاطمة إن لم يخرج المتخلفون عن البيعة فكيف يجوز لنا بعد ذلك أن نقول بأن البيعة كانت بالمشورة وبالإجماع.
وقد شهد عمر بن الخطاب نفسه بأن تلك البيعة كانت فلتة وقى الله المسلمين شرها , وقال فمن عاد إلى مثلها فقتلوه , أو قال فمن دعا إلى مثلها فلا بيعة له ولا لمن بايعة ( 4 )
ويقول الإمام علي في حقها: " أما والله لقد تقمصها ابن ابي قحافة وإنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى ينحدر عني السيل ولا يرقى إلي الطير " ( 5 )
ويقول سعد بن عبادة سيد الأنصار الذي هاجم أبابكر وعمر يوم السقيفة وحاول بكل جهوده أن يمنعهم ويبعدهم عن الخلافة ولكنه عجز عن مقاومتهم لأنه كان مريضاً لا يقدر على الوقوف , وبعدما بايع الأنصار أبابكر قال سعد: والله لا ابايعكم أبداً حتى أرميكم بكل سهم في كنانتي من نبل , وأخضب سناني ورمحي , وأضربكم بسيفي ما ملكته يدي , وأقاتلكم بمن معي من أهلي وعشيرتي ولا والله لو أن الجن اجتمعت لكم مع الإنس ما بايعتكم حتى أعرض على ربي , فكان لا يصلي بصلاتهم ولا يجتمع بجمعتهم , ولا يفيض بإفاضتهم , ولو يجد عليهم أعواناً لطال بهم , ولو بايعهم أحد على قتالهم لقاتلهم , ولم يزل كذلك حتى قتل بالسم في خلافة عمر( 6 )
فإذا كانت هذه البيعة فلتة وقى الله المسلمين شرها على حد تعبير عمر الذي شيد أركانها وعرفت ما آلت إليه أمور المسلمين بسببها.
وإذا كانت هذه الخلافة تقمصها - من قبل أبي بكر - كما وصفها الإمام علي إذ قال بأنه هو صاحبها الشرعي .
وإذا كانت هذه البيعة ظلماً كما اعتبرها سعد بن عبادة سيد الأنصار الذي فارق الجماعة بسببها.
وإذا كانت هذه البيعة غير شرعية لتخلف أكابر الصحابة والعباس عم النبي عنها.
فما هي الحجة إذا في صحة خلافة أبي بكر؟ والجواب لا حجة هناك عند أهل السنة والجماعة.
فقول الشيعة إذن هو الصحيح في هذا الموضوع , لأنه ثبت وجود النص على خلافة علي عند السنة انفسهم , وقد تأولوه حفاظاً على كرامة الصحابة , فالمنصف العادل لا يجد مناصاً من قبول النص إذا عرف ملابسات القضية( 7 )
---------------------
الهوامش
( 1 )مسند الإمام أحمد بن حنبل ج 4 ص 281
سر العالمين للإمام الغزالي ص 12
تذكرت الخواص لابن الجوزي ص 29
الرياض النضرة للطبري ج 2 ص 169
كنز العمال ج 6 ص 397
البداية والنهاية لبن كثير ج 5 ص 212
تاريخ ابن عساكر ج 2 ص 50
تفسير الرازي ج 3 ص 63
الحاوي للفتاوي للسيوطي ج 1 ص 112
( 2 )تاريخ الطبري , تاريخ ابن الأثير , تاريخ الخلفاء , تاريخ الخميس , الاستيعاب , وكل من ذكر بيعة أبي بكر
( 3 )تاريخ الخلفاء لابن قتيبة ج 1 ص 18
( 4 )صحيح البخاري ج 4 ص 127
( 5 )شرح نهج البلاغة لمحمد عبده ج 1 ص 34 الخطبة الشقشقية
( 6 )تاريخ الخلفاء ج 1 ص 17
( 7 )راجع: السقيفة والخلافة لعبد الفتاح عبد المقصود , والسقيفة للشيخ محمد رضا المظفر.