عبدالله الديصاني ( من الملاحدة المعروفين ) دخل يوما على الامام جعفر الصادق عليه السلام فلما قعد قال له: يا جعفر بن محمد دلني على معبودي؟ ـ فأنت تقول إن هناك رباً يعبد أنا لا أعرفه فأريد أن تدلني عليه ـ فقال له أبو عبد الله: ما اسمك؟ فخرج عنه ولم يخبره باسمه، فقال له أصحابه: كيف لم تخبره باسمك؟ قال لو قلت له: عبد الله كان يقول مَن هذا الذي أنت له عبد؟
ـ فالإمام(ع) يريد أن يحطّم أعصابه، كما مرّ معنا في رواية الزنديق المصري، وأن يترك تأثيره النفسي عليه، لأنه ليس هو الذي سمّى نفسه، بل أبوه هو الذي سمّاه ولا يتحمل مسؤولية اسمه، لكن الإمام أراد أن يهزمه نفسياً ـ فرجع إليه، فقالوا له: عد إليه وقل له يدلك على معبودك، ولا يسألك عن اسمك، فرجع فقال له أبو عبد الله: اجلس، وإذا غلام له صغير ـ يعني كان هناك ولد للإمام الصادق(ع) ـ في كفّه بيضة يلعب بها، فقال له أبو عبد الله: يا غلام ناولني البيضة، فناوله إياها، فقال له أبو عبد الله(ع): يا ديصاني هذا حصن مكنون ـ الحصن هو الشيء الذي يستر ما في داخله، وهذه البيضة هي حصن ما في داخلها مكنون أي مغلق ـ له جلد غليظ، وتحت الجلد الغليظ جلد رقيق، وتحت الجلد الرقيق ذهبة مائعة ـ وهي صفار البيض ـ وفضة ذائبة ـ وهي بياض البيض ـ فلا الذهبة المائعة تختلط بالفضة الذائبة ـ مع أنهما متصلان ـ ولا الفضة الذائبة تختلط بالذهبة المائعة، فهي على حالها لم يخرج منها خارج مصلح فيخبر عن صلاحها ـ يعني إذا كانت صالحة لم يأتِ أحد ليخبرنا على أنها صالحة، باعتبار أنه لا يوجد أحد صنعها من الداخل ـ ولا دخل فيها مفسد فيخبر عن فسادها، لا يدري للذكر خلقت أم للأنثى ـ أي يمكن أن تفقّس عن دجاجة أو ديك ـ تنفلق عن مثل ألوان الطواويس ـ بحيث تراها مزخرفة ملوّنة تدلّ على إبداع خالق لا يجارى في خلقه ـ أترى لها مدبّراً؟ ـ هل هي صنعت نفسها بهذه الدقة وبهذا النظام وبهذا التلوين والجمال؟ ـ قال: فأطرق مليّاً ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأنّ محمداً عبده ورسوله وأنك إمام وحجّة من الله على خلقه وأنا تائب مما كنت فيه".
تعليق