إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

سلسلة النصوص و الروايات من كتب اهل السنة على الامامة الالهية للامام علي عليه السلام

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • سلسلة النصوص و الروايات من كتب اهل السنة على الامامة الالهية للامام علي عليه السلام

    - الإمامة عند الشيعة الإمامية:



    يقول سيدنا الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام(148 - 203 هـ‍/ 765 - 818 م):
    إن الإمام زمام الدين، ونظام المسلمين، وصلاح الدنيا، وعز المؤمنين، إن الإمامة أس الإسلام النامي، وفرعه السامي، وبالإمام توفير الفئ والصدقات، وإمضاء الحدود والأحكام، ومنع الثغور والأطراف، الإمام يحل حلال الله، ويحرم حرام الله، ويقيم حدود الله، ويذب عن دين الله، ويدعو إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة، والحجة البالغة، وهو الأمين الرفيق، والوالد الرقيق، والأخ الشفيق، ومفزع العباد، أمين الله في أرضه، وحجته على عباده، وخليفته في بلاده، الداعي إلى الله، والذاب عن حرم الله، عز المسلمين، وغيظ المنافقين، وبوار الكافرين .

    وفي رواية الكليني (أبو جعفر بن محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني - المتوفى 328 هـ‍(939 م)، قال الإمام الرضا عليه السلام: إن الإمام زمام الدين، ونظام المسلمين، وصلاح الدنيا، وعز المؤمنين إن الإمامة أس الإسلام النامي، وفرعه السامي، بالإمامة تمام الصلاة والزكاة والصيام والحج، وتوفير الفئ والصدقات، وإمضاء الحدود والأحكام، ومنع الثغور والأطراف، الإمام يحل حلال الله، ويحرم حرام الله، ويقيم حدود الله، ويذب عن دين الله، ويدعو إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة، والحجة البالغة، الإمام كالشمس الطالعة، المجللة بنورها العالم، وهي في الأفق، بحيث لا تنالها الأيدي والأبصار.
    الإمام البدر المنير، والسراج الظاهر، والنور الساطع، والنجم الهادي... الإمام المطهر من الذنوب، والمبرأ من العيوب، المخصوص بالعلم، المرسوم بالحلم... معدن القدس والطهارة والنسك والزهادة والعبادة، مخصوص بدعوى الرسول، ونسل المطهرة البتول... فهو معصوم مؤيد، موفق مسدد، قد أمن من الخطأ والزلل والعثار، يخصه الله بذلك، ليكون حجته على عباده، وشاهده على خلقه (
    ويقول الإمام أبو عبد الله جعفر الصادق عليه السلام (80 - 83 هـ‍/ 699 - 703 م - 148 هـ‍/ 765 م): إن الله - عز وجل - أعظم من أن يترك الأرض بغير إمام عادل، إن زاد المؤمنون شيئاً ردهم، وإن نقصوا شيئاً أتمهم، وهو حجة الله على عباده .

    والإمامة - عند الشيعة الإمامية - رياسة عامة في أمور الدين والدنيا، لشخص من الأشخاص، نيابة عن النبي صلى الله عليه و اله وسلم .

    وترى الشيعة الإمامية أن النبوة لطف ولما كانت الإمامة لطفاً ، فلذلك كل ما دل على وجوب النبوة، فهو دال على وجوب الإمامة، خلافة عن النبوة، قائمة مقامها، إلا من تلقى الوحي الإلهي بلا واسطة
    وترى الشيعة الإمامية عهد من إلى الأئمة،
    وتستدل على ذلك بقول مولانا الإمام جعفر الصادق، عليه السلام: أترون أن الوصي منا، يوصي إلى من يريد؟ لا، ولكنه عهد من الله ورسوله لرجل فرجل، حتى ينتهي الأمر صاحبه.
    هذا وترى كذلك أن الإمامة بالنص من الله ورسوله، وأن الأئمة منصوص عليهم .


    و بعد هذه المقدمة سنبدأ ان شاء الله بالادلة و النصوص من كتب اهل السنة علي الامامة الالهية للامام علي عليه السلام و المعصومين عليهم السلام

  • #2
    - قوله صلى الله عليه و اله وسلم، لعلي عليه السلام: إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا:

    يروي كثير من المحدثين والمؤرخين وأصحاب السير، أنه لما نزل قوله تعالى: (وأنذر عشيرتك الأقربين) : جمع رسول الله صلى الله عليه و اله وسلم، بني عبد المطلب مرتين، وفي الثانية قال لهم: يا بني عبد المطلب، إني والله ما أعلم شابا في العرب، جاء قومه بأفضل مما جئتكم به، قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله تعالى: أن أدعوكم إليه، فأيكم يؤازرني على هذا الأمر، على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم، فأحجم القوم عنها جميعا قلت (أي الإمام علي): وإني لأحدثهم سنا، وأرمصهم عينا، وأعظمهم بطنا، وأحمشهم ساقا:
    (أنا يا نبي الله أكون وزيرك)، فأخذ صلى الله عليه و اله وسلم، برقبتي، ثم قال: (إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا). قال: فقام القوم يضحكون، فيقولون لأبي طالب: (قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع) (1).

    (1) تفسير الطبري 19 / 74 - 75 (ط بولاق)، شرح نهج البلاغة 13 / 210 - 212، السيرة الحلبية 1 / 460 - 461، أبو جعفر الإسكافي: نقض العثمانية، تفسير ابن كثير 3 / 561 (وانظر روايات أخرى في 3 / 558 - 562)، ابن الأثير: الكامل في التاريخ 2 / 63،


    وروىالطبري في تاريخه بسنده عن ابن عباس عن علي بن أبي طالب قال: لما نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وأنذر عشيرتك الأقربين)، دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لي: يا علي، إن الله أمرني، أن أنذر عشيرتي الأقربين، فضقت بذلك ذرعا، وعرفت أني متى أباديهم بهذا الأمر، أرى منهم ما أكره، فصمت عليه، حتى جاءني جبريل فقال: يا محمد: إنك ألا تفعل ما تؤمر به، يعذبك ربك، فاصنع لنا صاعا من طعام، واجعل عليه رحل شاة، واملأ لنا عسا من لبن، ثم اجمع لي بني عبد المطلب حتى أكلمهم، وأبلغهم ما أمرت به، ففعلت ما أمرني به، ثم دعوتهم له وهم يومئذ أربعون رجلا - يزيدون رجلا أو ينقصونه - فيهم أعمامه: أبو طالب وحمزة والعباس وأبو لهب، فلما اجتمعوا إليه دعاني بالطعام الذي صنعت لهم، فجئت به، فلما وضعته تناول رسول الله صلى الله عليه وسلم، حذية من اللحم، فشقها بأسنانه، ثم ألقاها في نواحي الصحفة.

    ثم قال: خذوا باسم الله، فأكل القوم حتى ما لهم بشئ حاجة، وما أرى إلا موضع أيديهم، وأيم الله الذي نفس علي بيده، وإن كان الرجل الواحد منهم ليأكل ما قدمت لجميعهم، وأيم الله، إن كان الرجل الواحد منهم ليشرب مثله.
    فلما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن يكلمهم، بدره أبو لهب إلى الكلام، فقال:
    لهد ما سحركم صاحبكم فتفرق القوم، ولم يكلمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: الغد يا علي، إن هذا الرجل سبقني إلى ما قد سمعت من القول، فتفرق القوم قبل أن أكلمهم، فعد لنا من الطعام بمثل ما صنعت، ثم اجمعهم.
    قال: ففعلت، ثم جمعتهم، ثم دعاني بالطعام فقربته لهم، ففعل كما فعل بالأمس، فأكلوا حتى ما لهم بشئ حاجة، ثم قال: اسقهم، فجئتهم بذلك العس، فشربوا حتى رووا منه جميعا ثم تكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا بني عبد المطلب، إني والله ما أعلم شابا من العرب جاء قومه بأفضل مما قد جئتكم به، إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله تعالى أن أدعوكم إليه، فأيكم يؤازرني على هذا الأمر، على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم؟
    قال: فأحجم القوم عنها جميعا، وقلت: وإني لأحدثهم سنا، وأرمصهم عينا، وأعظمهم بطنا، وأطمشهم ساقا: أنا، أكون وزيرك عليه، فأخذ برقبتي، ثم قال: (أنت أخي ووصيي، وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا)، قال: فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب: (قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع).

    وروىالطبري أيضا في تاريخه بسنده عن أبي صادق عن ربيعه بن ناجد، أن رجلا قال لعلي عليه السلام: يا أمير المؤمنين بم ورثت ابن عمك صلى الله عليه وسلم، دون عمك؟ فقال علي: هاؤم! ثلاث مرات، حتى اشرأب الناس، ونشروا آذانهم، ثم قال: جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم، - أو دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم - بني عبد المطلب، منهم رهطة، كلهم يأكل الجذعة، ويشرب الفرق (مكيال يكال به اللبن)، قال: فصنع لهم مدا من طعام، فأكلوا حتى شبعوا، وبقي الطعام، كما هو: قال: ثم دعا بغمر، فشربوا حتى رووا، قال: ثم قال: يا بني
    </SPAN>عبد المطلب، إني بعثت إليكم بخاصة، وإلى الناس بعامة، وقد رأيتم من هذا الأمر، ما قد رأيتم، فأيكم يبايعني على أن يكون: أخي وصاحبي ووارثي؟ فلم يقيم إليه أحد، فقمت إليه - وكنت أصغر القوم - قال: فقال: إجلس، قال: ثم قال ثلاث مرات، كل ذلك أقوم إليه، فيقول لي: إجلس، حتى كان في الثالثة، فضرب يده على يدي، قال: فبذلك ورثت ابن عمي صلى الله عليه وسلم، دون عمي (1).

    وفي السيرة الحلبية: أنه لما نزل قوله تعالى: (وأنذر عشيرتك الأقربين) جمع صلى الله عليه وسلم، بني عبد المطلب في دار أبي طالب، وهم أربعون رجلا - وفي الإمتاع خمسة وأربعون رجلا - فصنع لهم (علي) طعاما - أي رجل شاة مع مد من البر، وصاعا من لبن - فقدمت لهم الجفنة، وقال: كلوا بالسم الله، فأكلوا حتى شبعوا، وشربوا حتى نهلوا - وفي رواية حتى رووا -، وفي رواية قال: ادنوا عشرة عشرة، فدنا القوم عشرة عشرة، ثم تناول القعب الذي فيه اللبن، فجرع منه ثم ناولهم، وكان الرجل منهم يأكل الجذعة، وفي رواية: يشرب العس من الشراب في مقعد واحد، فقهرهم ذلك.
    فلما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتكلم، بدره أبو لهب بالكلام، فقال: لقد سحركم صاحبكم سحرا عظيما، وفي رواية: ما رأينا كالسحر اليوم، فتفرقوا ولم يتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    فلما كان الغد قال: يا علي عد لنا بما صنعت بالأمس من الطعام والشراب، قال علي: ففعلت، ثم جمعتهم له صلى الله عليه وسلم، فأكلوا حتى شبعوا، وشربوا حتى نهلوا، ثم قال لهم: يا بني عبد المطلب، إن الله قد بعثني إلى الخلق كافة، وبعثني إليكم خاصة، فقال: (وأنذر عشيرتك الأقربين)، وأنا أدعوكم إلى كلمتين خفيفتين على اللسان، ثقيلتين في الميزان، شهادة أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، فمن يجيبني إلى هذا الأمر، ويؤازرني - أي يعاونني - على القيام به؟

    قال علي: أنا يا رسول الله، وأنا أحدثهم سنا، وسكت القوم، زاد بعضهم في الرواية: يكن أخي ووزيري ووريثي وخليفتي من بعدي، فلم يجبه أحد، فقال علي: أنا يا رسول الله، قال: اجلس. ثم أعاد القول على القوم ثانيا فصمتوا، فقام علي، فقال: أنا يا رسول الله، فقال: اجلس، فأنت أخي ووزيري ووصيي ووارثي وخليفتي من بعدي (2).
    وروى المحب الطبري (615 - 694 هـ) عن بريدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لكل نبي وصي ووارث، وإن عليا وصيي ووارثي، قال:
    خرجة البغوي في معجمه (3).
    وروى أحمد بن حنبل في الفضائل بسنده عن الأعمش عن المنهال بن عمرو، عن عمرو عن عباد بن عبد الله الأسدي عن علي قال: لما نزلت (وأنذر عشيرتك الأقربين)، دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم رجالا من أهل بيته - إن كان الرجل منهم لآكلا جذعة، وإن كان شاربا فرقا - فقدم إليهم رجلا، فأكلوا حتى شبعوا، فقال لهم: من يضمن عني ديني ومواعيدي، ويكون معي في الجنة، ويكون خليفتي في أهلي؟ فعرض ذلك على أهل بيته، فقال علي: أنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: علي يقضي عني ديني، وينجز مواعيدي) (4).

    (1) تاريخ الطبري 2 / 319 - 322 (ط دار المعارف - القاهرة 1977).

    (2) السيرة الحلبية 1 / 460 - 461 (ط الحلبي - القاهرة 1964).
    (3) المحب الطبري: الرياض النضرة 2 / 234، وانظر: الإمام أحمد بن حنبل: المسند 1 / 111، 159، 331، فضائل الصحابة 2 / 615 (حديث رقم 1052)، 2 / 650 - 651 (حديث رقم 1108) 2 / 712 - 713 (حديث رقم 1220) المستدرك للحاكم 3 / 125 - 126، 172، مجمع الزوائد للهيثمي 8 / 253، 9 / 113، 134، 146، 165، كنوز الحقائق للمناوي ص 42، 121، كنز العمال للمتقي الهندي 6 / 153، 154، 392، 397، 8 / 215، أبو نعيم:
    حلية الأولياء 1 / 63، الخطيب البغدادي: تاريخ بغداد 11 / 112، 12 / 305، النسائي: تهذيب خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ص 29، طبقات ابن سعد 1 / 124، 125.
    (4) فضائل الصحابة 2 / 651.


    وعن عثمان بن المغيرة عن أبي صادق عن ربيعة بن ناجذ عن علي قال:
    جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم، بني عبد المطلب، فيهم رهط كلهم يأخذ الجذعة، ويشرب الفرق، قال: فصنع له مدا من طعام، فأكلوا حتى شبعوا، قال: وبقي الطعام كما هو كأنه لم يمس، ثم دعا بغمر، فشربوا حتى رووا، وبقي الشراب كأنه لم يمس، أو لم يشرب، فقال: يا بني عبد المطلب، إني بعثت إليكم خاصة، وإلى الناس عامة، وقد رأيتم من هذه الآية، فأيكم يبايعني، على أن يكون أخي وصاحبي؟ قال: فلم يقم إليه أحد، قال: فقمت، وكنت أصغر القوم، قال:
    فقال: اجلس ثم قال ثلاث مرات، كل ذلك أقوم إليه، فيقول لي: إجلس حتى كان في الثالثة ضرب بيده على يدي) (1).
    وفي مسند علي بن أبي طالب عن المنهال بن عمرو عن عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب عن عبد الله بن عباس عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا بني عبد المطلب، إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه، فأيكم يؤازرني على هذا الأمر، على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم؟ قال: فأحجم القوم عنها جميعا، وقلت: أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه، فأخذ برقبتي وقال: هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا) (2

    (1) فضائل الصحابة 2 / 712 - 713.
    (2) الإمام الطبري: تهذيب الآثار - مسند علي بن أبي طالب - القاهرة 1982 ص 62 - 63 (نشر جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض).

    هذا وقد استندت الشيعة إلى هذه الأحاديث الشريفة في أن سيدنا الإمام علي بن أبي طالب - عليه السلام إنما هو وصي رسول الله صلى الله عليه و اله وسلم، ومن ثم فهي من الأدلة القوية، والحجج الجلية على إمامة علي عليه السلام، وخلافته من بعد النبي صلى الله عليه و اله وسلم .

    وعلى أية حال: لا كلام في أن الوصي - سواء أكان مأخوذا من العهد، أو من وصى يصي بمعنى الوصل - هو متصرف فيما كان الموصي متصرفا فيه، ولذا قيل: إن الوصاية هي استنابة الموصي غيره بعد موته في التصرف فيما كان له التصرف فيه، من إخراج حق واستيفائه، أو ولاية على طفل أو مجنون، يملك الولاية عيه إلى آخره.
    ومن ثم يبدو واضحا أن الوصي مما يختلف ولايته سعة وضيقا، بحسب اختلاف ولاية الموصي سعة وضيقا، فأوصياء سائر الناس، إنما تكون ولايتهم مقصورة على الأموال، من الدور والعقار ونحوهما، أو على الأطفال والمجانين، ومن في حكمهم من السفهاء، الذين كان للموصي ولاية عليهم.
    وأما أوصياء الأنبياء، فتكون وصايتهم عامة على جميع الأمة - ذكرها وأنثاها، حرها وعبدها، كبيرها وصغيرها - وعلى جميع ما في أيديهم من الأموال - منقولها وغير منقولها - ذلك لأن كل نبي، إنما هو أولى بأمته من أنفسهم، فيكون أولى بأموالهم، بالأولوية القطعية، وإذا كان النبي أولى بهم وبأموالهم، كان الوصي كذلك.
    ومن ثم فإن الأدلة على أن الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، إنما هو وصي رسول الله صلى الله عليه و اله وسلم، إنما هي من الأدلة القوية، والحجج الجليلة، على أن لعلي عليه السلام، ما كان ثابتا للنبي صلى الله عليه و اله وسلم، من الولاية العامة على المؤمنين أنفسهم وأموالهم جميعا، وهذا هو معنى الإمام أو الخليفة

    تعليق


    • #3
      - إن عليا وزير النبي صلى الله عليه و اله وسلم:


      روى الحافظ المحب الطبري في الرياض النضرة بسنده عن (أسماء بنت عميس) قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (اللهم إني أقول - كما قال أخي موسى - اللهم اجعل لي وزيرا من أهلي، أخي عليا، أشدد به أزري، وأشركه في أمري، كي نسبحك كثيرا، ونذكرك كثيرا إنك كنت بنا بصيرا) (أخرجه أحمد في المناقب).

      وروى أحمد في الفضائل بسنده عن الحارث بن حصيرة عن القاسم قال: سمعت رجلا من خثعم يقول: سمعت رجلا من خثعم يقول: سمعت أسماء بنت عميس تقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: (اللهم أقول - كما قال أخي موسى - اللهم اجعل لي وزيرا من أهلي * عليا أخي * أشدد به أزري * وأشركه في أمري * كي نسبحك كثيرا * ونذكرك كثيرا * إنك كنت بنا بصيرا) (1).

      وقال السيوطي في تفسيره: وأخرج السلفي في (الطيوريات) عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر، عليهما السلام، قال: لما نزلت: (واجعل لي وزيرا من أهلي * هارون أخي * اشدد به أزري * وأشركه في أمري * كي نسبحك كثيرا * ونذكرك كثيرا * إن كنت بنا بصيرا) (2)، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، على جبل، ثم دعا ربه، وقال: (اللهم أشدد أزري بأخي علي، فأجابه إلى ذلك) (3)، والأزر - كما هو معروف - بتقديم الزاي على الراء: الظهر، قوله أشدد أزري بأخي علي، أي أشدد ظهري بأخي علي (4).

      (1)بن حنبل: فضائل الصحابة 2 / 678، وقال السيوطي في (الدر المنثور) (4 / 295) أخرجه ابن مردويه والخطيب وابن عساكر عن أسماء بنت عميس، فذكره.
      (2) سورة طه: آية 29 - 35.
      (3) تفسير الدر المنثور 4 / 295.
      (4) فضائل الخمسة 1 / 336.


      وقال الشبلنجي في نور الأبصار: وأخرجه الفخر الرازي في تفسير الكبير، في ذيل تفسير قولته تعالى في سورة المائدة (إنما وليكم الله ورسوله) (1).

      وفي نور الأبصار عن أبي ذر الغفاري، رضي الله عنه، قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما من الأيام الظهر، فسأل سائل في المسجد فلم يعطه أحد شيئا، فرفع السائل يديه إلى السماء وقال: اللهم أشهد أني سألت في مسجد نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، فلم يعطني أحد شيئا، وكان علي، رضي الله عنه، في الصلاة راكعا، فأومأ إليه بخنصره اليمنى، وفيه خاتم، فأقبل السائل فأخذ الخاتم من خنصره، وذلك بمرأى من النبي صلى الله عليه وسلم، وهو في المسجد، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم، طرفه إلى السماء، وقال: اللهم إن أخي موسى سألك فقال: (رب اشرح لي صدري * ويسر لي أمري * واحلل عقدة من لساني * يفقهوا قولي * واجعل لي وزيرا من أهلي * هارون أخي * أشدد به أزري * وأشركه في أمري * فأنزلت عليه قرآنا: سنشد عضدك بأخيك * ونجعل لكما سلطانا * فلا يصلون إليكما * اللهم * إني محمد نبيك وصفيك * اللهم اشرح لي صدري * ويسر لي أمري * واجعل لي وزيرا من أهلي * عليا أشدد به ظهري)، قال أبو ذر، رضي الله عنه، فما استتم دعاءه، حتى نزل جبريل عليه السلام من عند الله عز وجل وقال: يا محمد، إقرأ (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا * الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة * وهم راكعون)، قال: نقله أبو إسحاق أحمد الثعلبي في تفسيره (2).

      (1) سورة المائدة: آية 55، نور الأبصار ص 70.
      (2) نور الأبصار ص 77.

      تعليق


      • #4
        3- قوله صلى الله عليه و اله وسلم لعلي علیه السلام: فاز من لزمك، وهلك من فارقك، مثلك ومثل الأئمة من ولدك، بعدي مثل سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق.:

        روى الحاكم في المستدرك بسنده عن حنش الكناني قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح، سمعت أبا ذر يقول - وهو آخذ بباب الكعبة - (أيها الناس من عرفني فأنا من عرفتم، ومن أنكرني، فأنا أبو ذر:
        سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق (قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم) (1).
        ورواه المتقي الهندي في كنز العمال، وقال: أخرجه ابن جرير عن أبي ذر (2)، ورواه الهيثمي في مجمعه، وقال: رواه البزار والطبراني في الثلاثة (أي الكبير والأوسط والصغير (3)، وذكره علي بن سلطان في مراقاته (4) في المتن، وقال في الشرح: رواه أحمد، يعني الإمام أحمد بن حنبل (5).


        (1) المستدرك للحاكم 2 / 343 (وانظر 3 / 150).
        (2) كنز العمال 6 / 216.
        (3) مجمع الزوائد 9 / 168.
        (4) علي بن سلطان القاري: مرقاة المفاتيح 5 / 610.
        (5) فضائل الخمسة 2 / 56 - 57.


        وروى الخطيب البغدادي في تاريخه بسنده عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنما مثلي ومثل أهل بيتي كسفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق (1).
        وروى الحافظ سليمان الحنفي في ينابيع المودة بسنده عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنا مدينة العلم، وعلي بابها، ولن تؤتى المدينة إلا من قبل الباب، وكذب من زعم أنه يحبني ويبغضك، لأنك مني وأنا منك لحمك من لحمي، ودمك من دمي، وروحك من روحي، وسريرتك من سريرتي، وعلانيتك من علانيتي، سعد من أطاعك، وشقي من عصاك، وربح من تولاك، وخسر من عاداك، فاز من لزمك، وهلك من فارقك، مثلك ومثل الأئمة من ولدك بعدي، مثل سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق، ومثلكم مثل النجوم، كلما غاب نجم طلع نجم، إلى يوم القيامة) (2).
        وروى الحافظ أبو نعيم (أحمد بن عبد الله الأصبهاني 336 - 430 هـ) في حليته بسنده عن أبي الصهباء عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق) (3).
        وروى الإمام أحمد في الفضائل بسنده عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
        (النجوم أمان لأهل السماء، إذا ذهبت النجوم ذهب أهل السماء، وأهل بيتي أمان لأهل الأرض، فإذا ذهب أهل بيتي، ذهب أهل الأرض) (4).

        (1) تاريخ بغداد 2 / 19.
        (2) ينابيع المودة ص 31، مهدي السماوي: الإمامة ص 163.
        (3) حلية الأولياء 4 / 306، الصواعق المحرقة ص 282.
        (4) فضائل الصحابة 2 / 671، الصواعق المحرقة ص 283.

        وروى الحاكم (321 - 415 هـ) في المستدرك بسنده عن ابن عباس قال:
        قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق، وأهل بيتي أمان لأمتي من الاختلاف، فإذا خالفتها قبيلة من العرب، اختلفوا فصاروا حزب إبليس.
        (قال الحاكم هذا حديث صحيح الإسناد) (1).

        (1) المستدرك للحاكم 3 / 149.

        ولا ريب في أن أهل البيت، إنما قد استحقوا أن يكونوا - دون غيرهم - سفينة النجاة - سفينة نوح - ذلك لأن سفينة نوح معروفة - بصريح القرآن - أنها تنجي من ركبها، حيث لا عاصم من أمر الله.
        ولا يحتمل أن يكون هناك انجراف وراء العاطفة في إرسال هذا التصريح وأمثاله في حق أهل البيت من قبل رسول الله صلى الله عليه و اله وسلم، لأن ذلك يتنافى، والإيمان برسالته.
        أليس لأنهم بلغوا الدرجة التي تؤهلهم لهذا المقام الجليل، وسيكثر الكذبة على سيدنا رسول الله صلى الله عليه و اله وسلم، وتطحن الفتن برحاها صدور الأبرياء والمذنبين، وسيعتلي منبر رسول الله صلى الله عليه و اله وسلم من ليس لهذا المقام بأهل، فيتعين على سيدنا رسول الله صلى الله عليه و اله وسلم، أن يبين للناس ما أمر الله تعالى ببيانه، في فضل أهل البيت ولزوم طاعتهم، واتباع سيرتهم.
        ولنضع نصب أعيننا، ونحن نتابع أحاديث رسول الله صلى الله عليه و اله وسلم، هذا الحقيقة:
        (وستفترق الأمة إلى اثنتين وسبعين، أو ثلاث وسبعين فرقة، أو يصيبها ما أصاب الأم من الاختلاف والفرقة، حذو القذة بالقذة فرقة ناجية.
        وهذا الحديث الشريف (كون فرقة ناجية)، لا يقبل النقاش في كتب الفرق جميعا، وبعد: فماذا يريد سيدنا رسول الله صلى الله عليه و اله وسلم، بكلامه هذا؟
        وهل يكون في اللغة أوضح وأصرح من هذا الكلام؟ ألا يأمرنا سيدنا رسول الله صلى الله عليه و اله وسلم، أن نأخذ عن أهل البيت، وأن نتولى من والاهم، ونعادي من عاداهم؟ لأنهم سفينة النجاة، إذا تلاطم مجتمع المسلمين بالفتن والكذب على رسول الله صلى الله عليه و اله وسلم، وذهبوا فرقا متعددة يكفر بعضهم بعضا، ويلعن بعضهم بعضا، في غير ما جدوى،
        والطريق واضح، اتباع رسول الله صلى الله عليه و اله وسلم، وأهل البيت، فهم منارة السالكين، وإنارة للمدلجين

        فحديث السفينة، واختلاف الأمة، وكون فرقة ناجية من مجموع هذه الفرق، وتداول المسلمين هذه الأحاديث النبوية الشريفة بينهم - حتى في أغلب مجالسهم الخاصة - ليدل دلالة واضحة، على لزوم تحديد المسلم موقفه عقلا وشرعا.
        وسفينة نوح، عندما أغرق الماء القوم الظالمين، وغطى عاليها سافلها، وأن لا منجى إلا بركوبها، وقد هلك من هلك، ولم ينج إلا راكبها - الأمر المعروف والمشهور عند كل أهل الأديان.
        وآل محمد صلى الله عليه و اله وسلم، إنما هم مثل سفينة نوح، لا ينجو إلا من تمسك بحبهم، واعتصم بولائهم، وأخذ بسببهم >

        تعليق


        • #5
          4-قوله صلى الله عليه و اله وسلم لعلي عليه السلام: أنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي: -

          روى البخاري في صحيحه بسنده عن سعد قال: سمعت إبراهيم بن سعد عن أبيه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى

          وروى البخاري أيضا بسنده عن شعبة عن الحكم عن مصعب بن سعد عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، خرج إلى تبوك واستخلف عليا، فقال: أتخلفني في الصبيان والنساء، قال: ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه ليس نبي بعدي (1).
          وروى مسلم في صحيحه بسنده عن سعيد بن المسيب عن عامر بن سعد بن وقاص عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي: أنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي، قال سعيد: فأحببت أن أشافه بها سعدا، فلقيت سعدا، فحدثته بما حدثني عامر، فقال: أنا سمعته، فقلت: أنت سمعته، فوضع إصبعيه على أذنيه، فقال: نعم، وإلا فاستكتا (2).
          وروى مسلم أيضا بسنده عن الحكم عن مصعب بن سعد بن وقاص قال:
          خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب في غزوة تبوك، فقال: يا رسول الله، تخلفني في النساء والصبيان، فقال: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، غير أنه لا نبي بعدي (3).

          (1) صحيح البخاري 6 / 3.
          (2) صحيح مسلم 15 / 173 - 75 (بيروت 1981).
          (3) صحيح مسلم 15 / 175.


          وروى مسلم في صحيحه أيضا بسنده عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال: أمر معاوية بن أبي سفيان سعدا، فقال: ما منعك أن تسب أبا التراب، فقال: أما ما ذكرت ثلاثا قالهن له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلن أسبه، لأن تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له، خلفه في بعض مغازيه، فقال له علي: خلفتني مع النساء والصبيان، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موصى، إلا أنه لا نبوة بعدي، وسمعته يقول يوم خيبر: لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، قال: فتطاولنا لهما، فقال: ادعوا لي عليا، فأتي به أرمد،

          فبصق في عينه، ودفع الراية إليه، ففتح الله عليه، ولما نزلت هذه الآية: فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم... دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم: عليا وفاطمة وحسنا وحسينا، فقال: اللهم هؤلاء أهلي (1).
          وروى مسلم أيضا بسنده عن شعبة عن سعد بن إبراهيم: سمعت إبراهيم بن سعد عن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعلي: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى (2).
          وروى النسائي في الخصائص بسنده عن عامر بن سعد بن أبي وقاص قال: أمر معاوية سعدا فقال: ما يمنعك أن تسب أبا تراب، فقال: أما ذكرت ثلاثا قالهن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلن أسبه، لأن تكون لي واحدة منها أحب إلي من حمر النعم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له، وخلفه في بعض مغازيه، فقال له علي: أتخلفني مع النساء والصبيان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبوة بعدي، وسمعته يقول يوم خيبر:
          لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، فتطاولنا إليها فقال: ادعوا إلي عليا، فأتي به أرمد، فبصق في عينه ودفع الراية إليه، ولما نزلت (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا، فقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي) (3).
          هذا وقد روى الإمام النسائي حديث المنزلة هذا بعدة طرق، وبصيغ مختلفة (4).

          ____________
          (1) صحيح مسلم 15 / 175 - 176.
          (2) صحيح مسلم 15 / 176.
          (3) النسائي: تهذيب خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه - تهذيب وترتيب كمال يوسف الحوت - عالم الكتب - (بيروت 1983) ص 19 - 20.
          (4) تهذيب خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ص 19، 20، 28، 29، 39، 40، 41، 42، 43، 44، 45، 46، 72 (وهي الأحاديث الشريفة أرقام 8، 9، 21، 41،
          42، 43، 44، 45، 46، 47، 48، 49، 50، 51، 52، 53، 54، 55، 56، 57، 58، 112).


          وروى الحاكم في المستدرك بسنده عن الحسن بن سعد مولى علي عليه السلام، (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يغزو غزوة له قال: فدعا عليا فأمره أن يتخلف على المدينة، فقال: لا أتخلف بعدك يا رسول الله أبدا، قال (أي علي):
          فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعزم علي لما تخلفت، قبل أن أتكلم، قال: فبكيت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يبكيك يا علي؟ قلت: يا رسول الله، يبكيني خصال غير واحدة، تقول قريش غدا: ما أسرع ما تخلف عن ابن عمه وخذله، ويبكيني خصلة أخرى، كنت أريد أن أتعرض للجهاد في سبيل الله، لأن الله يقول: (ولا يطؤون موطأ يغيظ الكفار * ولا ينالون من عدو نيلا).. إلى آخر الآية، فكنت أريد أن أتعرض لفضل الله).
          (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما قولك تقول قريش: ما أسرع ما تخلف عن ابن عمه وخذله، فإن لك بي أسوة، قد قالوا: ساحر وكاهن وكذاب، أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي؟ وأما قولك أتعرض لفضل الله، فهذه أبهار من فلفل، جاءنا من اليمن، فبعه واستمتع به أنت وفاطمة، حتى يأتيكم الله من فضله، فإن المدينة لا تصلح إلا بي أو بك، قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد.
          وذكره السيوطي في الدر المنثور في تفسير قوله تعالى: (ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله) في أواخر التوبة، وقال: أخرجه ابن مردويه عن علي (1).

          1) المستدرك للحاكم 2 / 337، الفيروزآبادي: فضائل الخمسة 1 / 302 - 303.

          وأخرج الإمام أحمد في الفضائل بسنده عن سعيد بن المسيب عن عامر بن سعد عن أبيه سعد سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول لعلي: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه ليس بعدي نبي؟ قال سعيد: فأحببت أن أشافه بذلك
          سعدا، فلقيته فذكرت له ما ذكرني عامر، قال: فوضع إصبعيه في أذنيه، ثم قال: استكتا، إن لم أكن سمعته من النبي صلى الله عليه وسلم (1).
          هذا وقد روى الإمام أحمد حديث المنزلة هذا في الفضائل (2) والمسند (3) بطرق وصيغ مختلفة، ورواه أيضا الهيثمي في مجمع الزوائد (4)، والمتقي في كنز العمال (5).
          وروى ابن سعد في الطبقات الكبرى بسنده عن أبي سعيد قال: غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك، وخلف عليا في أهله، فقال بعض الناس: ما منعه أن يخرج به، إلا أنه كره صحبته، فبلغ ذلك عليا، فذكره للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا ابن أبي طالب، أما ترضى أن تنزل مني بمنزلة هارون من موسى) (6).
          وعن عبد الله بن شريك قال: سمعت عبد الله بن رقيم الكناني قال: قدمنا المدينة، فلقينا سعد بن مالك فقال، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك، وخلف عليا، فقال له: يا رسول الله خرجت وخلفتني، فقال: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي (7).


          (1) فضائل الصحابة 2 / 633.
          (2) فضائل الصحابة 2 / 566، 567، 592، 610، 7611 612، 633، 642، 643، 633، 670، 7675 682 - 684 (وهي الأحاديث أرقام 954، 956، 1006، 1041، 1045، 1078، 1091، 1093، 1131، 1143، 1153، 1168).
          (3) مسند أحمد 1 / 170، 175، 177، 184، 330، 6 / 369.
          (4) مجمع الزوائد 9 / 109، 110، 111، 119.
          (5) كنز العمال 3 / 154، 5 / 40، 6 / 154، 188، 395، 405.
          (6) الطبقات الكبرى 3 / 14، 15.
          (7) الطبقات الكبرى 3 / 15.

          وروى ابن عبد البر في الإستيعاب بسنده عن يحيى بن معين عن مروان بن معاوية الفزاري عن موسى الجهني عن فاطمة بنت علي قالت: سمعت أسماء بنت عمير تقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعلي: أنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه ليس بعدي نبي (1).
          وروى ابن حجر العسقلاني في الإصابة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي في غزوة تبوك: أنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنك لست بنبي، أي لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي (2).
          هذا وقد ورد حديث المنزلة هذا أيضا في أسد الغابة (3)، وفي الرياض النضرة (4)، وفي ذخائر العقبى (5)، وفي صواعق ابن حجر (6)، وفي تحفة الأحوذي (7)، ورواه ابن ماجة (8)، والترمذي (9)، في صحيحهما، والخطيب البغدادي في تاريخه (10)، والطحاوي في مشكل الآثار (11)، وابن هشام في السيرة (12)، وابن الأثير في الكامل (13)، وابن عساكر في تاريخه (14)، والمسعودي في مروج الذهب (15)، وابن كثير في السيرة (16)، وابن قيم الجوزية
          ____________
          (1) الإستيعاب في معرفة الأصحاب 3 / 34.
          (2) الإصابة في تمييز الصحابة 2 / 509.
          (3) أسد الغابة 4 / 104، 106.
          (4) الرياض النضرة 2 / 214، 215، 216، 270، 326.
          (5) ذخائر العقبى ص 120.
          (6) الصواعق المحرقة ص 73، 74، 187.
          (7) تحفة الأحوذي 10 / 228 (حديث رقم 3808).
          (8) صحيح ابن ماجة ص 12.
          (9) صحيح الترمذي 10 / 235.
          (10) تاريخ بغداد 1 / 324، 2 / 323، 3 / 228، 4 / 204، 282، 7 / 452، 8 / 52، 9 / 394، 10 / 43، 11 / 432.
          (11) مشكل الآثار 2 / 309.
          (12) سرة ابن هشام 4 / 382.
          (13) الكامل في التاريخ 2 / 278.
          (14) تاريخ ابن عساكر 1 / 107.
          (15) مروج الذهب 1 / 711.
          (16) ابن كثير: السيرة النبوية 4 / 12.

          و غير ذلك من الاخبار من كتب اهل السنة

          تعليق


          • #6
            تتمة الكلام حول حديث المنزلة:




            وقال النبي صلى الله عليه و اله وسلم - في الخبر المجمع على روايته بين سائر فرق الإسلام - (أنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي).
            وهكذا ثبت النبي صلى الله عليه و اله وسلم للإمام علي جميع مراتب هارون من موسى، فهو إذن وزير النبي صلى الله عليه و اله وسلم، وشادا أزره، ولولا أنه صلى الله عليه و اله وسلم، خاتم النبيين، لكان الإمام شريكا في أمره.
            ومنها (ثانيا) أن هذا الحديث الشريف، قد تكرر من النبي صلى الله عليه و اله وسلم في مناسبات عدة، مما يدل على اهتمامه الخاص، وتأكيده الشديد، حتى صار نقله يرسل إرسال المسلمات في فضائل الإمام علي، بحيث لا تستطيع الدنيا حجبه.
            ومنها (ثالثا) أن مضمون الحديث الشريف عام، وإعطاء المنزلة بهذا الشمول، منزلة هارون من موسى، وقد فصلها القرآن تفصيلا، وقد اتخذ النبي صلى الله عليه و اله وسلم الإمام علي بن أبي طالب، أخا له، وآثره بذلك على من سواه، تحقيقا لعموم الشبه بين الإمام علي وهارون عليهما السلام.

            ومنها (رابعا) أن الحديث الشريف قد أعطى للإمام بالنسبة للنبي صلى الله عليه و اله وسلم ما كان لهارون بالنسبة لموسى عليهما السلام - ما عدا النبوة - وقد أشارت معظم الروايات إلى ذلك مثل قوله صلى الله عليه و اله وسلم (إلا أنه لا نبي بعدي) أو (لا نبوة بعدي)، ولا ريب في أن استثناء النبوة أمر لا بد منه، إذ لم يدع أحد أن عليا كان نبيا - سواء في حياة رسول الله أو بعد مماته - وإنما هو وصي رسول الله، خاتم النبيين، وهو سيد الوصيين، وأبو العترة الطاهرة المطهرة، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.
            ولا ريب في أن الحديث الشريف إنما يدل على أن الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام إنما هو كف ء لخلافة النبي من بعده، وأنه قد خلفه على أمته - وإن ظلمه الناس - ولهذا يقول صاحب الدعوة صلى الله عليه و اله وسلم للإمام علي: أنت مني كهارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي، وهكذا أخرج النبي صلى الله عليه و اله وسلم النبوة الثابتة لهارون، وأبقي للإمام جميع ما لهارون.

            ومكانة هارون من موسى بينها القرآن الكريم، إذ طلب موسى من ربه أن يرسل معه وزيرا، هارون أخاه، يشركه في أمره، وقد أعطي الإمام علي - بموجب حديث المنزلة - عموم منزلة هارون من موسى ما عدا النبوة، لأن سيدنا محمد صلى الله عليه و اله وسلم، هو خاتم النبيين، فلا نبوة بعده، ومن ثم فإن للإمام علي الخلافة - خلافة النبي صلى الله عليه و اله وسلم - يقول ابن أبي الحديد (وقال له صلى الله عليه وسلم: لولا أني خاتم الأنبياء، لكنت شريكا في النبوة، فإن لا تكن نبيا، فإنك وصي نبي ووارثه بل أنت سيد الأوصياء، وإمام المتقين.
            ومن المعروف أن أظهر المنازل التي لهارون من موسى (وزارته) له، وشد أزره به، وإشراكه معه في أمره، وخلافته عنه، وفرض طاعته على جميع أمته، بدليل قول الله تعالى: (واجعل لي وزيرا من أهلي * هارون أخي * اشدد به أزري * وأشركه في أمري)، وقوله تعالى: (أخلفني قي قومي * وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين)، وقوله تعالى: (قد أوتيت سؤلك يا موسى).
            ومن ثم فإن الإمام علي بن أبي طالب، بحكم هذه النصوص، إنما هو خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في قومه ووزيره في أهله، وشريكه في أمره - على سبيل الخلافة عنه، وليس على سبيل النبوة - وأفضل أمته، وأولاهم به حيا وميتا، وله عليهم من فرض الطاعة زمن النبي - بوزارته له - مثل الذي كان لهارون على أمة موسى، زمن موسى (1).
            وهكذا يمكن القول بأن حديث المنزلة هذا، إنما هو دليل واضح على خلافة علي عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم،

            تعليق


            • #7
              5- قول النبي صلى الله عليه و اله وسلم لعلي عليه السلام : أنت أمير المؤمنين ويعسوب الدين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين، وفاروق الأمة، ومنارة الهدى وإمام الأولياء:

              روى الحاكم في المستدرك بسنده عن عبد الله بن سعد بن زرارة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أوحي إلي في علي ثلاث، إنه سيد المسلمين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين - قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد (1).
              وذكره المتقي في كنز العمال بطريقين: قال: في أحدهما: لما عرج بي إلى السماء انتهى بي إلى قصر من لؤلؤ، فراشه من ذهب يتلألأ، فأوحى إلي ربي في علي ثلاث خصال: إنه سيد المسلمين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين - قال أخرجه البارودي وابن قانع والبزار والحاكم وأبو نعيم (2).
              وقال في الثاني: ليلة أسري بي أتيت على ربي، فأوحى إلي في علي بثلاث: إنه سيد المسلمين، وولي المتقين، وقائد الغر المحجلين - قال أخرجه ابن النجار عن عبد الله بن زرارة (3).
              ورواه الهيثمي في مجمعه عن عبد الله بن حكيم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
              إن الله تعالى أوحى إلي في علي ثلاثة أشياء، ليلة أسري بي: إنه سيد المؤمنين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين - قال رواه الطبراني في الصغير (4).

              (1) المستدرك للحاكم 3 / 137.
              (2) كنز العمال 6 / 157.
              (3) كنز العمال 3 / 157.
              (4) الهيثمي: مجمع الزوائد 9 / 121.

              وروى أبو نعيم في الحلية بسنده عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أنس أسكب لي وضوءا، ثم قام فصلى ركعتين، ثم قال: يا أنس، أول من يدخل عليك من هذا الباب، أمير المؤمنين، وسيد المسلمين، وقائد الغر المحجلين، وخاتم الوصيين، قال أنس: قلت: اللهم اجعله رجلا من الأنصار، وكتمته، إذ جاء علي، فقال: من هذا يا أنس؟ فقلت: علي فأقبل الرسول صلى الله عليه وسلم مستبشرا، فاعتنقه ثم جعل يمسح عرق وجهه بوجهه، ويمسح عرق علي بوجهه، قال علي: يا رسول الله، لقد رأيتك صنعت شيئا ما صنعت بي من قبلي؟ قال: وما يمنعني، وأنت تؤدي عني، وتسمعهم صوتي، وتبين لهم ما اختلفوا فيه بعدي - رواه جابر الجعفي عن أبي الطفيل عن أنس نحوه (1).
              وفي رواية عن الشعبي قال: قال علي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مرحبا بسيد المسلمين: وإمام المتقين)، فقيل لعلي: فأي شئ كان من شكرك؟ قال:
              (حمدت الله تعالى على ما آتاني، وسألته الشكر على ما أولاني، وأن يزيدني مما أعطاني) (2).
              وفي رواية ثالثة عن أنس بن مالك قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي برزة الأسلمي، فقال له - وأنا أسمع - (يا أبا برزة، إن رب العالمين عهد إلي عهدا في علي بن أبي طالب، فقال: إنه راية الهدى، ومنار الإيمان، وإمام أوليائي، ونور جميع من أطاعني، يا أبا برزة، علي بن أبي طالب، أميني غدا في القيامة، وصاحب رايتي في القيامة، على مفاتيح خزائن رحمة ربي) (3).

              (1) أبو نعيم الأصفهاني: حلية الأولياء 1 / 63 - 64.
              (2) حلية الأولياء 1 / 66.
              (3) حلية الأولياء 1 / 66.


              وفي نهج البلاغة: إن الله عهد إلي في علي عهدا، فقلت: يا رب بينه لي، قال: إسمع، إن عليا راية الهدى، وإمام أوليائي، ونور من أطاعني، وهو الكلمة التي ألزمتها المتقين، من أحبه فقد أحبني، ومن أطاعه فقد أطاعني،
              فبشره بذلك. فقلت: قد بشرته يا رب، فقال: أنا عبد الله وفي قبضته، فإن يعذبني فبذنوبي لم يظلم شيئا، وأن يتم لي ما وعدني، فهو أولى، وقد دعوت له فقلت: اللهم أجل قبله، واجعل ربيعه الإيمان بك، قال: قد فعلت ذلك، غير أني مختصه بشئ من البلاء، لم أختص به أحدا من أوليائي، فقلت: رب، أخي وصاحبي، قال: إنه سبق في علمي، إنه لمبتل ومبتلى (1).
              وعن سلام الجعفي عن أبي برزة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى عهد لي عهدا في علي، فقلت: يا رب بينه لي، فقال: إسمع، فقلت: سمعت، فقال: إن عليا راية الهدى، وإمام أوليائي، ونور من أطاعني، وهو الكلمة التي ألزمتها للمتقين، من أحبه أحبني، ومن أبغضه أبغضني، فبشره بذلك، فجاء علي، فبشرته، فقال: يا رسول الله، أنا عبد الله وفي قبضته، فإن يعذبني فبذنبي، وإن يتم لي الذي بشرتني به، فالله أولى بي، قال: قلت، اللهم أجل قلبه، واجعل ربيعه الإيمان، فقال الله: قد فعلت به ذلك، ثم إنه رفع إلي أنه سيخصه من البلاء بشئ لم يخص به أحدا من أصحابي، فقلت: يا رب، أخي وصاحبي، فقال: إن هذا شئ قد سبق إنه مبتلي ومبتلى به (2).

              (1) ابن أبي الحديد: شرح نهج البلاغة 9 / 167 (دار الفكر - بيروت 1967).
              (2) حلية الأولياء 1 / 66 - 67.

              وروى الخطيب البغدادي في تاريخه بسنده عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس في القيامة راكب غيرنا، ونحن أربعة، فقام عمه العباس فقال له: فداك أبي وأمي، أنت ومن؟ قال: أما أنا فعلى دابة الله البراق، وأما أخي صالح على ناقة الله التي عقرت، وعمي حمزة، أسد الله وأسد رسوله، على ناقتي العضباء، وأخي وابن عمي وصهري علي بن أبي طالب، على ناقة من نوق الجنة، مدبجة الظهر، رحلها من زمرد أخضر، مصبب بالذهب الأحمر، رأسها من الكافور الأبيض، وذنبها من العنبر الأشهب، وقوائمها من المسك الأذفر، وعنقها من لؤلؤ، وعليها قبة من نور الله، باطنها عفو الله، وظاهرها رحمة الله، بيده لواء الحمد، فلا يمر بملأ من الملائكة، إلا قالوا: هذا ملك مقرب، أو نبي مرسل، أو حامل عرش رب العالمين، فينادي مناد من لدنان العرش - أو قال من بطنان العرش - ليس هذا ملكا مقربا، ولا نبيا مرسلا، ولا حامل عرش رب العالمين، هذا علي بن أبي طالب، أمير المؤمنين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين، إلى جنات رب العالمين، أفلح من صدقه، وخاب من كذبه، ولو أن عابدا عبد الله بين الركن والمقام، ألف عام، وألف عام، حتى يكون كالشن البالي، ولقي الله مبغضا لآل محمد، أكبه الله على منخره في نار جهنم (1).
              وفي رواية أخرى: جاء فيها: هذا علي بن أبي طالب، وصي رسول رب العالمين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين (2).
              وروى ابن حجر العسقلاني في الإصابة بسنده عن أبي ليلى الغفاري قال:
              سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: سيكون من بعدي فتنة، فإذا كان ذلك، فالزموا علي بن أبي طالب، فإنه أول من آمن بي، وأول من يصافحني يوم القيامة، وهو الصديق الأكبر، وهو فاروق هذه الأمة، وهو يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب المنافقين (3).

              وروى ابن الأثير في أسد الغابة بسنده عن خالد بن الحارث عن عوف عن الحسن عن أبي ليلى الغفاري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ستكون بعدي فتنة، فإذا كان ذلك فالزموا علي بن أبي طالب، فإنه أول من يراني، وأول من يصافحني يوم القيامة، وهو الصديق الأكبر، وهو فاروق هذه الأمة يفرق بين الحق والباطل، وهو يعسوب المؤمنين (4).
              وروى الهيثمي في مجمعه بسنده عن أبي ذر وسلمان قالا: أخذ النبي صلى الله عليه وسلم، بيد علي فقال: إن هذا أول من آمن بي، وهذا أول من يصافحني يوم القيامة، وهذا الصديق الأكبر، وهذا فاروق هذه الأمة، يفرق بين الحق والباطل، وهو يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب الظالمين (5).
              رواه الطبراني والبزار عن أبي ذر وحده، ورواه المناوي في فيض القدير، والمتقي في كنز العمال (6).
              وروى المتقي في كنز العمال عن علي عليه السلام قال: أنا يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب الظلمة - قال أخرجه أبو نعيم (7).
              وفي رواية عن أبي مسعر قال: دخلت على علي عليه السلام، وبين يديه ذهب، فقال: أنا يعسوب المؤمنين، وهو يعسوب المنافقين، وقال: بي يلوذ المؤمنون، وبهذا يلوذ المنافقون - قال أخرجه أبو نعيم (8) وفي رواية ثالثة: علي يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب المنافقين - قال أخرجه ابن عدي عن علي (9). وأخرجه المناوي في فيض القدير (10) وفي كنوز الحقائق (11).

              وروى المحب الطبري في الرياض النضرة بسنده عن عبد الله بن سعد بن زرارة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليلة أسري بي انتهيت إلى ربي عز وجل، فأوحي إلي - وأمرني شك الراوي - في علي بثلاث: أنه سيد المسلمين، وولي المتقين، وقائد الغر المحجلين - أخرجه المحاملي.
              وعن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنك سيد المسلمين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين، ويعسوب الدين - أخرجه الإمام علي بن موسى الرضا (12).
              وعن معاذة العدوية قالت: سمعت عليا على المنبر - منبر البصرة - يقول:
              أنا الصديق الأكبر - أخرجه ابن قتيبة.
              وعن علي أنه كان يقول: أنا عبد الله، وأخو رسول الله، وأنا الصديق الأكبر - أخرجه القلعي.
              وعن أبي ذر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول لعلي: أنت الصديق الأكبر، وأنت الفاروق الذي تفرق بين الحق والباطل، وفي رواية: وأنت يعسوب الدين - أخرجهما الحاكمي.
              ويقول المحب الطبري: يعسوب الدين: سيده ورئيسه، ومنه الحديث الآخر: هذا يعسوب قريش، وأصله: فحل النحل، وكان الإمام علي يلقب أيضا ببيضة البلد، وبالأمين، وبالشريف، وبالهادي، وبالمهتدي، وذي الأذن الواعية، وقد جاء في الصحيح من شعره: أنا الذي سمتني أمي حيدرة. وحيدرة اسم الأسد، وكانت أمه فاطمة بنت أسد بن هاشم، لما ولدته سمته باسم أبيها، فلما قدم أبو طالب كره الاسم، فسماه عليا (13).

              وروى ابن حجر الهيثمي في صواعقه بسنده عن علي، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
              علي يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب المنافقين.
              وأخرج الحاكم عن جابر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: علي إمام البررة، وقاتل الفجرة، منصور من نصره، مخذول من خذله (14).
              وأخرج الحاكم في المستدرك بسنده عن جابر بن عبد الله يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو آخذ بضبع علي بن أبي طالب، وهو يقول: هذا أمير البررة، قاتل الفجرة، منصور من نصره، مخذول من خذله - مد بها صوته - قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد (15).
              ورواه الخطيب البغدادي في تاريخه، وقال فيه: وهو آخذ بضبع علي يوم الحديبية (16)، وفي رواية أخرى، مع زيادة في آخره: أنا مدينة العلم، وعلي بابها، فمن أراد البيت فليأت الباب (17).
              وروى ابن عبد البر في الإستيعاب بسنده عن أبي ليلى الغفاري قال:
              سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ستكون بعدي فتنة، فإذا كان ذلك، فالزموا علي بن أبي طالب، فإنه أول من يراني، وأول من يصافحني يوم القيامة، وهو الصديق الأكبر، وهو فاروق هذه الأمة، يفرق بين الحق والباطل، وهو يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب المنافقين (18).
              وروى ابن الأثير في أسد الغابة بسنده عن عبد الله بن أسعد بن زرارة قال:
              قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لما أسري بي إلى السماء، انتهي بي إلى قصر من لؤلؤ،
              فراشه من ذهب يتلألأ، فأوحي إلى - وأمرني في علي - بثلاث خصال: أنه سيد المسلمين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين (19).

              ولا ريب في أن من يكون أمير المؤمنين، ويعسوب الدين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين، وفاروق الأمة، الذي يفرق بين الحق والباطل، والصديق الأكبر، ومنارة الهدى، وإمام الأولياء، وكهف الناس عند الفتن، منصور من نصره، مخذول من خذله، إن من يكون كذلك، إنما هو أولى الناس بخلافة رسول الله صلى الله عليه و اله وسلم.

              (1) تاريخ بغداد 13 / 122.
              (2) تاريخ بغداد 11 / 112.
              (3) الإصابة في تمييز الصحابة 4 / 170 - 171.

              4) أسد الغابة 6 / 270.
              (5) مجمع الزوائد 9 / 102 (يعسوب النحل: مقدمها وسيدها، المعنى هنا أن المؤمنين يلوذون بالإمام علي، كما تلوذ النحل بيعسوبها).
              (6) فيض القدير 4 / 358، كنز العمال 6 / 156، الفيروزآبادي: فضائل الخمسة 2 / 100 - 106 (بيروت 1973).
              (7) كنز العمال 6 / 394.
              (8) كنز العمال 6 / 394 (6) كنز العمال 6 / 153.
              (9) فيض القدير 4 / 358.
              (10) كنوز الحقائق ص 92.
              (11) كنوز الحقائق ص 92.
              (2)1 الرياض النضرة 2 / 234.
              (13الرياض النضرة 2 / 204 - 205.

              (14) الصواعق المحرقة 193.
              (15) المستدرك للحاكم 3 / 129.
              (16) المستدرك للحاكم 4 / 219.
              (17) المستدرك للحاكم 2 / 377.
              (18) الإستيعاب في معرفة الأصحاب 4 / 170.
              (19) أسد الغابة 3 / 174.

              تعليق


              • #8
                احسنتم اخي مدافع عن اهل البيت علي النقل الموفق

                تعليق


                • #9
                  6-
                  قوله صلى الله عليه و اله وسلم يوم الغدير: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه وانصر من نصره، واخذل من خذله:


                  روى أحمد في الفضائل بسنده عن أبي إسحاق قال: سمعت سعيد بن وهب، قال: نشد علي الناس، فقام خمسة أو ستة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فشهدوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من كنت مولاه، فعلي مولاه (1).
                  وعن أبي إسحاق قال: سمعت عمرا ذا مرة - وزاد فيه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
                  اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، وأحب من أحبه، قال شعبة: أو قال: أبغض من أبغضه (2).
                  وعن أبي إسحاق عن حبشي بن جنادة السلولي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: علي مني، وأنا منه، لا يؤدي عني، إلا أنا أو علي (3).
                  وروى الترمذي بسنده عن شعبة عن سلمة بن كهيل قال: سمعت أبا الطفيل يحدث عن أبي سريحة - أو زيد بن أرقم، شك شعبة - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه (4) - قال: وقد روى شعبة هذا الحديث عن ميمون أبي عبد الله عن زيد بن أرقم عن النبي صلى الله عليه وسلم وذكره علي بن سلطان في مراقاته (5 / 568) (5).
                  وروى ابن ماجة بسنده عن البراء بن عازب قال: أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجته التي حج، فنزل في بعض الطرق، فأمر الصلاة جامعة، فأخذ بيد علي، فقال: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى، قال: ألست أولى بكل مؤمن من نفسه؟ قالوا: بلى، قال: فهذا ولي من أنا مولاه، اللهم وال من والاه، اللهم عاد من عاداه (6).

                  ____________
                  (1) فضائل الصحابة 2 / 598 - 599.
                  (2) فضائل الصحابة 2 / 599.
                  (3) فضائل الصحابة 2 / 599.
                  (4) صحيح الترمذي 2 / 298.
                  (5) فضائل الخمسة 1 / 349 - 350.
                  (6) صحيح ابن ماجة ص 12.


                  وروى أحمد في المسند بسنده عن البراء قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فنزلنا بغدير خم، فنودي فينا: الصلاة جامعة، وكسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم، تحت شجرتين، فصلى الظهر، وأخذ بيد علي، فقال: ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى، قال: فأخذ بيد علي، فقال: من كنت مولاه، فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه فلقيه عمر بعد ذلك، فقال له: هنيئا يا ابن أبي طالب، أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة (1).
                  وذكره المتقي في كنز العمال (2).
                  وروى الحاكم في المستدرك بسنده عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم قال:
                  لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع، ونزل غدير خم، أمر بدوحات فأقمن، فقال: كأني دعيت فأجبت، إني قد تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر، كتاب الله تعالى، وعترتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، فإنهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض، ثم قال: إن الله عز وجل مولاي، وأنا مولى كل مؤمن، ثم أخذ بيد علي فقال: من كنت مولاه، فهذا وليه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه (3).

                  (1) مسند الإمام أحمد 4 / 281.
                  (2) كنز العمال 6 / 397.
                  (3) المستدرك للحاكم 3 / 109.


                  وروى الحاكم بسنده عن أبي الطفيل عن أبي واثلة، أنه سمع زيد بن أرقم يقول: نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بين مكة والمدينة عند شجرات خمس دوحات عظام، فكنس الناس ما تحت الشجرات، ثم راح رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية فصلى، ثم قام خطيبا، فحمد الله وأثنى عليه، وذكر ووعظ، فقال: ما شاء الله أن يقول، ثم قال: - أيها الناس، إني تارك فيكم أمرين، لن تضلوا إن اتبعتموهما، وهما كتاب الله، وأهل بيتي عترتي، ثم قال: أتعلمون أني أولى بالمؤمنين من
                  أنفسهم؟ ثلاث مرات، قالوا: نعم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كنت مولاه، فعلي مولاه (1).

                  وفي رواية عن زيد بن أرقم قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى انتهينا إلى غدير خم، فأمر بروح فكنس من يوم ما أتى علينا يوم كان أشد حرا منه، فحمد الله وأثنى عليه وقال: أيها الناس، إنه لم يبعث نبي قط، إلا عاش نصف ما عاش الذي كان قبله، وإني أوشك أن أدعى فأجيب، وإني تارك فيكم ما لن تضلوا بعده، كتاب الله عز وجل، ثم قام فأخذ بيد علي، فقال: يا أيها الناس، من أولى بكم من أنفسكم، قالوا: (الله ورسوله أعلم، قال: من كنت مولاه، فعلي مولاه) - قال هذا حديث صحيح الإسناد (2).
                  وروى الحاكم في المستدرك بسنده عن خيثمة بن عبد الرحمن قال:
                  سمعت سعد بن مالك - وقال له رجل، إن عليا يقع فيك أنك تخلفت - فقال سعد: والله إنه لرأي رأيته، وأخطأ رأيي، إن علي بن أبي طالب أعطي ثلاثا لأن أكون أعطيت إحداهن، أحب إلي من الدنيا وما فيها، لقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، يوم غدير خم، بعد حمد الله والثناء عليه، هل تعلمون أني أولى بالمؤمنين؟ قلنا: نعم، قال: اللهم من كنت مولاه، فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وجئ به يوم خيبر، وهو أرمد ما يبصر، فقال: يا رسول الله إني أرمد، فتفل في عينيه، ودعا له، فلم يرمد حتى قتل، وفتح عليه خيبر، وأخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عمه العباس وغيره من المسجد، فقال له العباس:
                  تخرجنا ونحن عصبتك وعمومتك، وتسكن عليا، فقال: ما أنا أخرجتكم وأسكنته، ولكن الله أخرجكم وأسكنه (3).



                  (1) المستدرك للحاكم 3 / 109.
                  (2) المستدرك للحاكم 3 / 533، وانظر: كنز العمال 1 / 48.
                  (3) المستدرك للحاكم 3 / 116.




                  وروى الحاكم في المستدرك بسنده عن رفاعة بن إياس عن أبيه عن جده قال: كنا مع علي يوم الجمل، فبعث إلى طلحة بن عبيد الله، أن ألقني، فأتاه طلحة فقال: نشدتك الله، هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من كنت مولاه، فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه؟ قال: نعم، قال: فلم تقاتلني؟ قال: لم أذكر، قال: فانصرف طلحة (1).
                  وذكره المتقي في كنز العمال، باختلاف يسير، وقال: أخرجه ابن عساكر (2).
                  وروى المحب الطبري في الرياض النضرة بسنده عن ابن مسعود قال:
                  رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخذ بيد علي، وقال: هذا وليي، وأنا وليه، واليت من والاه، وعاديت من عاداه - قال أخرجه الحاكمي (3).
                  وقال السيوطي في الدر المنثور، في ذيل تفسير قول الله تعالى: (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم) (4) قال: وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والنسائي عن بريدة قال: عرفت مع علي اليمن فرأيت منه جفوة، فلما قدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ذكرت عليا فتنقصته، فرأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تغير، وقال:
                  يا بريدة: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: من كنت مولاه، فعلي مولاه (5).

                  (1) المستدرك للحاكم 3 / 371.
                  (2) كنز العمال 6 / 83، وانظر: المستدرك للحاكم 2 / 129، 3 / 110.
                  (3) الرياض النضرة 2 / 622.
                  (4) سورة الأحزاب آية 6.
                  (5) فضائل الخمسة 1 / 355 - 356.


                  وروى النسائي في الخصائص بسنده عن زيد بن أرقم قال: لما رجع النبي صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع، ونزل غدير خم، أمر بدوحات فأقمن، ثم قال:
                  كأني دعيت فأجبت، وإني تارك فيكم الثقلين، أحدهما أكبر من الآخر، كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، فإنهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض، ثم قال: إن الله مولاي، وأنا مولى كل مؤمن، ثم أخذ بيد علي رضي الله عنه، فقال: من كنت وليه فهذا وليه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، فقلت لزيد سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه ما كان في الدرجات أحد، إلا رآه بعينه، وسمعه بأذنيه (1).
                  وروى النسائي في الخصائص بسنده عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: حدثني بريدة، قال: بعثني النبي صلى الله عليه وسلم، مع علي رضي الله عنه إلى اليمن، فرأيت منه جفوة، فلما رجعت شكوت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فرفع رأسه إلي وقال: يا بريدة، من كنت مولاه، فعلي مولاه (2).
                  وفي رواية عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن بريدة قال: خرجت مع علي رضي الله عنه إلى اليمن، فرأيت منه جفوة، فقدمت علي النبي صلى الله عليه وسلم، فذكرت عليا فتنقصته، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يتغير وجهه، فقال: يا بريدة، ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: من كنت مولاه، فعلي مولاه (3).
                  وعن عبد الواحد بن أيمن عن أبيه أن سعدا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كنت مولاه، فعلي مولاه (4).
                  وعن عوف عن ميمون أبي عبد الله قال زيد بن أرقم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ألستم تعلمون أني أولى بكل مؤمن من نفسه، قالوا: بلى، نشهد لأنت أولى بكل مؤمن من نفسه، قال: فإني من كنت مولاه، فهذا مولاه، وأخذ بيد علي (5).

                  ____________
                  (1) النسائي: تهذيب خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ص 50 - 51.
                  (2) الخصائص ص 51.
                  (3) الخصائص ص 52.
                  (4) الخصائص ص 52.
                  (5) الخصائص ص 52.

                  و غير ذلك من الروايات من كتب اهل السنة


                  أما السند: فهو في أعلى مرتبة الصحة والقوة، فإنه حديث متواتر، رواه أكابر الصحابة وأجلاؤهم ومنهم، سيدنا الإمام علي وعمار وعمر وطلحة وزيد بن أرقم والبراء بن عازم وأبو أيوب، وبريدة الأسلمي وأبو سعيد الخدري وأبو هريرة وأنس بن مالك وحذيفة بن أسيد وجابر بن عبد الله وجابر بن سمرة وابن عباس وابن عمر، وعامر بن ليلى وحبشي بن جنادة وجرير البجلي، وقيس بن ثابت وسهل بن حنيف وخزيمة بن ثابت وعبيد الله بن ثابت الأنصاري وثابت بن وديعة الأنصاري والنعمان بن عجلان الأنصاري، وحبيب بن بديل وهاشم بن عتبة وحبة بن جوين ويعلى بن مرة ويزيد بن شراحيل الأنصاري، وناجية بن عمرو والخزاعي وعامر بن عمير وأيمن بن نايل وأبو زينب وعبد الرحمن بن عبد رب وعبد الرحمن بن مبرح وأبو قدامة وعمارة، وغيرهم خلق كثير، من رووا حديث الغدير


                  هذا وقد ذكر الحافظ ابن حجر العسقلاني أسامي جملة ممن روى الحديث، ثم قال: وقد جمع ابن جرير الطبري حديث الموالاة (حديث غدير خم) في مؤلف فيه أضعاف من ذكر وصححه، ثم قال: واعتنى بجمع طرقه (أبو العباس بن عقدة)، فأخرجه من حديث سبعين صحابيا أو أكثر (1).
                  ويروي القندوزي في (ينابيع المودة): أن الطبري المؤرخ ذكر خبر (حديث غدير خم) من خمسة وسبعين طريقا، وأفرد له كتابا سماه (كتاب الولاية) ثم قال: أخرج خبر غدير خم (أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة)، وأفرد له كتابا، سماه (الموالاة)، وطرقه من مائة وخمسة طرق، ثم قال: وحكى العلامة (علي بن موسى بن علي بن محمد أبي المعالي الجويني، الملقب بإمام الحرمين - أستاذ أبي حامد الغزالي - يتعجب ويقول:
                  رأى مجلدا في بغداد في يد صحاف فيه روايات خبر غدير خم، مكتوبا عليه (المجلدة الثامنة والعشرون) من طرق قوله صلى الله عليه و اله وسلم: (من كنت مولاه فعلي مولاه)، ويتلوه (المجلدة التاسعة والعشرون) (2).
                  وأما الدلالة: فهي أيضا في أعلى مراتب الظهور، وذلك لأن للفظ (المولى) في اللغة معاني متعددة كالمالك والعبد والعتق والعتيق والمحب والجار والحليف والعصبة، ومنه قوله تعالى: (وإني خفت الموالي من ورائي) (3)، قيل سموا بذلك لأنهم يلونه في النسب من المولى، وهو القرب، ومن معانيه أيضا الناصر، قيل: ومنه قوله تعالى: (ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا * وأن الكافرين لا مولى لهم) (4)، والصديق، قيل ومنه قوله تعالى: (يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا) (5)، أي صديق عن صديق،

                  (1) ابن حجر العسقلاني: تهذيب التهذيب 7 / 337، 339.
                  (2) فضائل الخمسة 1 / 392.
                  (3) سورة مريم: آية 5.
                  (4) سورة محمد: آية: 11.
                  (5) سورة الدخان: آية 41.


                  قيل: والوارث، ومنه قوله تعالىولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون) ، أي ورثة، إلى غير ذلك.
                  ومن أكمل معانيه وأتمها - بل ومن أشهرها وأظهرها - هو الأولى بالإنسان من نفسه، فالمولى بهذا المعنى، يطلق على كل عال ذي مقام شامخ، مطاع أمره، نافذ حكمه، فيقول له: أنت مولاي، أي أولى بي من نفسي، بل وبهذا المعنى، يطلق أيضا على مالك الرقبة، فإنه أولى بعبده من نفسه، إذ هو المتصرف في أموره وشؤونه، والعبد كل على، لا يقدر على شئ.
                  ومن هنا: صح أن يقال: إن مالك الرقبة، ليس معنى آخر مستقلا للفظ المولى، في قبالة الأولى بالإنسان من نفسه، بل هو من مصاديقه وأفراده، والجامع بينهما هو كل عال ذي مقام منيع شامخ، مطاع أمره، نافذ حكمه، فكل من كان كذلك، فهو بالنسبة إلى من دونه مولاه، أي أولى به من نفسه، سواء كان ذلك ممن يملك رقبته، بحيث إن شاء باعه، كما في موالي العبيد، أم لا.
                  والخلاصة أن المولى الواقع في قوله صلى الله عليه و اله وسلم (من كنت مولاه، فعلي مولاه)، ليس المراد منه إلا الأولى بهم من أنفسهم، الذي هو عبارة عن (الإمام) و ، وذلك لأسباب كثيرة:
                  منها (أولا) قوله صلى الله عليه و اله وسلم: (ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فبعد ما قال أصحابه: بلى، قال: من كنت مولاه، فعلي مولاه)، فتفريعه صلى الله عليه و اله وسلم قول: من كنت مولاه، على قوله: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم، دليل واضح على كون (المولى) هنا، بمعنى الأولى بهم من أنفسهم، وإلا لكان قوله: ألست أولى؟
                  لغوا جدا، هذا مع أن في كثير من طرق الحديث التفريع بالفاء صريحا، مثل قوله: فمن كنت مولاه، فعلي مولاه، وهذا أظهر وأصرح في التفريع، كما لا يخفى.


                  ومنها (ثانيا) قوله صلى الله عليه و اله وسلم في بعض طرق الحديث: إن الله مولاي، وأنا مولى المؤمنين، أولى بهم من أنفسهم، فمن كنت مولاه، فهذا مولاه - يعني عليا عليه السلام - فجعل صلى الله عليه و اله وسلم كلمة أولى بهم من أنفسهم بيانا لقوله: وأنا مولى المؤمنين، ومفسرا لمعناه، وهذا أيضا دليل واضح على كون المراد من (مولى) هنا هو أولى بهم من أنفسهم.
                  ومنها (ثالثا) تصريحه في بعض طرقه بلفظ (أولى به من نفسه) في حديث كنز العمال والهيثمي، الذي كان أوله: إني لا أجد لنبي... إلى قوله: ثم أخذ بيد علي: فقال: من كنت أولى به من نفسه، فعلي وليه، فإن ذلك كذلك دليل واضح على أن المراد من (المولى) في بقية طرق الحديث هو الأولى به من نفسه، بإن الأخبار يفسر بعضها بعضا.
                  ومنها (رابعا) قوله صلى الله عليه و اله وسلم، في طرقه الممزوج بحديث الثقلين: إنه لم يعمر نبي إلا نصف عمر الذي يليه من قبله، أو أني لا أجد لنبي إلا نصف عمر الذي كان قبله، وإني يوشك أن أدعى فأجيب، أو إني قد يوشك أن أدعى فأجيب، وإني مسؤول، وإنكم مسؤولون، فماذا أنتم قائلون، فإن هذا كله من أقوى الأدلة على أنه صلى الله عليه و اله وسلم لم يكن إلا في مقام الوصية والاستخلاف، وتعيين الإمام من بعده، كي يأتم به الناس، ويهتدوا بهداه، ويقفوا أثره، ولا يتركهم سدى، أتباع كل ناعق، وليس بصدد بيان أن من كنت محبه أو ناصره أو نحو ذلك من المعاني، فعلي محبه أو ناصره، فإن إرادة مثل هذه المعاني مما لا يحتاج إلى ذكر قرب مودته، ودون أجله صلى الله عليه و اله وسلم، وأنه يوشك أن يدعى فيجيب وغير ذلك.
                  ومنها (خامسا) أن فعل النبي صلى الله عليه و اله وسلم، ومجموع ما صدر منه في ذلك اليوم - يوم غدير خم - مع صرف النظر عن كل قرينة لفظية، إنما هو أقوى دليل، وأعظم شاهد، على أنه صلى الله عليه و اله وسلم إنما كان بصدد نصب الإمام، والخليفة من بعده، وأن المراد من (المولى) هو الأولى بهم من أنفسهم، ذلك أننا إذا تأملنا نزوله صلى الله عليه و اله وسلم في ذلك الموضع، بعد منصرفه من آخر حجة له، في يوم ما أتى عليه، ولا على أصحابه، أشد حرا منه - كما في بعض روايات الحاكم عن زيد بن أرقم - ووقوفه للناس حتى رد من سبقه، ولحقه من تخلف - كما في بعض روايات النسائي عن سعد - حتى اجتمع إليه الناس جميعا، وأمر بدوحات عظام، فكنس تحتهن ورش، وظلل له بثوب - كما في أغلب روايات زيد - ثم عمم عليه السلام، بما يعتم به الملائكة، ثم أخذ بيد علي - بعدما خطب الناس، ونبههم إلى قرب موته، ودنو أجله - حتى رفع عليا، ونظر الرواي إلى آباطهما - كما في بعض روايات ابن حجر العسقلاني في الإصابة عن جبة بن جوين - ثم نزل قوله تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم) الآية، بل ونزل (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك)، لرأينا أن ذلك كله، ليس إلا وصية واستخلافا من النبي صلى الله عليه و اله وسلم، وأنه كان بصدد تعيين الإمام من بعده، وتفهيم الناس أن المقتدى لهم إنما هو علي بن أبي طالب، وليس أن من كنت محبه أو ناصره، فعلي محبه وناصره.

                  تعليق


                  • #10
                    7- قوله صلى الله عليه و اله وسلم: إن عليا مني وأنا منه، وهو ولي كل مؤمن بعدي:


                    روى الترمذي في صحيحه بسنده عن عمران بن حصين قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، جيشا واستعمل عليهم علي بن أبي طالب عليه السلام، فمضى في السرية فأصاب جارية، فأنكروا عليه، وتعاقد أربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: إذا لقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخبرناه بما صنع علي، وكان المسلمون إذا رجعوا من السفر بدأوا برسول الله صلى الله عليه وسلم، فسلموا عليه، ثم انصرفوا إلى رحالهم، فلما قدمت السرية سلموا على النبي صلى الله عليه وسلم، فقام أحد الأربعة فقال:
                    يا رسول الله، ألم تر إلى علي بن أبي طالب صنع كذا وكذا؟ فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قام الثاني فقال مثل مقالته، فأعرض عنه، ثم قام الثالث فقال مثل مقالته فأعرض عنه، ثم قام الرابع فقال مثل ما قالوا، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم، والغضب يعرف في وجهه، فقال: ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ إن عليا مني، وأنا منه، وهو ولي كل مؤمن بعدي (1).

                    وروى أحمد في المسند بسنده عن بريدة قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثين إلى اليمن، على أحدهما علي بن أبي طالب، وعلى الآخر خالد بن الوليد، فقال: إذا لقيتم فعلي على الناس، وإن افترقتما فكل واحد منكما على جنده، قال: فلقينا بني زيد من أهل اليمن، فاقتتلنا فظهر المسلمون على المشركين، فقتلنا المقاتلة، وسبينا الذرية، فاصطفى علي عليه السلام امرأة من السبي لنفسه، قال بريدة، فكتب خالد بن الوليد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبره بذلك، فلما أتيت النبي صلى الله عليه وسلم، دفعت الكتاب فقرئ عليه، فرأيت الغضب في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، هذا مكان العائذ، بعثتني مع رجل، وأمرتني أن أطيعه ففعلت ما أرسلت به، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقع في علي، فإنه مني، وأنا منه، وهو وليكم بعدي، وإنه مني، وأنا منه، وهو وليكم (2).

                    وروى البخاري في صحيحه (باب مناقب علي بن أبي طالب القرشي الهاشمي أبي الحسن رضي الله عنه) قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي: (أنت مني وأنا منك) (3).
                    وروى البخاري في صحيحه (باب عمرة القضاة) قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي:
                    (أنت مني وأنا منك) (4).

                    (1) صحيح الترمذي 2 / 297، وانظر المسند 4 / 437.

                    (2) مسند الإمام أحمد 5 / 356.
                    (3) صحيح البخاري 5 / 22.
                    (4) صحيح البخاري 5 / 180.

                    وروىأحمد في الفضائل بسنده عن مطرف بن عبد الله عن عمران بن حصين قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية، وأمر عليهم علي بن أبي طالب، فأحدث شيئا في سفره فتعاهد، قال عفان: فتعاقد أربعة من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، أن يذكروا أمره لرسول الله صلى الله عليه وسلم، قال عمران: وكنا إذا قدمنا من سفر بدأنا برسول الله صلى الله عليه وسلم، فسلمنا عليه، قال: فدخلوا عليه، فقام رجل منهم فقال: يا رسول الله إن عليا فعل كذا وكذا، فأعرض عنه، ثم قام الثاني فقال: يا رسول الله، إن عليا فعل كذا وكذا، فأعرض عنه، ثم قام الثالث فقال: يا رسول الله إن عليا فعل كذا وكذا، فأعرض عنه، ثم قام الرابع فقال: يا رسول الله، إن عليا فعل كذا وكذا قال: فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد تغير وجهه، فقال: دعوا عليا، دعوا عليا إن عليا مني وأنا منه، وهو ولي كل مؤمن بعدي) (1).
                    وروى أحمد في الفضائل بسنده عن عمران بن حصين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (علي مني وأنا منه، وهو ولي كل مؤمن بعدي) (2).

                    وروى الهيثمي في مجمعه بسنده عن بريدة قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا أميرا على اليمن، وخالد بن الوليد على الجبل، فقال: إن اجتمعتما فعلي على الناس: فالتقوا وأصابوا من الغنائم، ما لم يصيبوا مثله، وأخذ علي جارية من الخمس، فدعا خالد بن الوليد بريدة فقال: اغتنمها فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما صنع، فقدمت المدينة ودخلت المسجد، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في منزله، وناس من أصحابه على بابه، فقالوا: ما الخبر يا بريدة، فقلت: خيرا، فتح الله على المسلمين، فقالوا: ما أقدمك؟ قلت: جارية أخذها علي من الخمس، فجئت لأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: فأخبر النبي، فإنه يسقط من عين النبي، ورسول الله صلى الله عليه وسلم، يسمع الكلام، فخرج مغضبا فقال: ما بال أقوام ينتقصون عليا؟
                    من تنقص عليا فقد تنقصني، ومن فارق عليا فقد فارقني، إن عليا مني، وأنا منه، خلق من طينتي وخلقت من طينة إبراهيم، وأنا أفضل من إبراهيم (ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم)، يا بريدة، أما علمت أن لعلي أكثر من الجارية التي أخذ، وأنه وليكم بعدي؟ فقلت: يا رسول الله بالصحبة، ألا بسطت يدك فبايعتني على الإسلام جديدا، قال: فما فارقته، حتى بايعته على الإسلام - قال: رواه الطبراني في الأوسط (3).

                    (1) فضائل الصحابة 2 / 605، وانظر 2 / 620، وفي المسند 4 / 437، وأخرجه عبد الرازق في أماليه (ل 12 أ) بهذا الإسناد مثله، والنسائي في الخصائص ص 23، والبغوي في معجم الصحابة (ل 420) كلاهما من طريق جعفر.
                    (2) فضائل الصحابة 2 / 649، وأخرجه ابن أبي عاصم في السنة (ل 115 ب) من طريق جعفر بن سليمان مثله، وانظر فضائل الصحابة 2 / 605، 2 / 620.
                    (3) مجمع الزوائد 9 / 128.

                    وأخرج الترمذي والنسائي وابن ماجة عن حبشي بن جنادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: علي مني، وأنا من علي (1).
                    وروى النسائي في الخصائص بسنده عن يزيد عن مطرف بن عبد الله بن عمران بن حصين قال: جهز رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشا، واستعمل عليهم علي بن أبي طالب، فمضى في السرية، فأصاب جارية فأنكروا عليه، وتعاقد أربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخبرناه ما صنع، وكان المسلمون إذا رجعوا بدأوا برسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام أحد الأربعة فقال:
                    يا رسول الله، ألم تر أن علي بن أبي طالب صنع كذا وكذا، فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قام الثاني وقال مثل ذلك، ثم الثالث فقال مقالته، ثم قام الرابع فقال مثل ما قالوا، فأقبل إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، والغضب يبصر في وجهه، فقال: (ما تريدون من علي، إن عليا مني، وأنا منه، وهو ولي كل مؤمن بعدي) (2).
                    وفي رواية أخرى عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن مع خالد بن الوليد، وبعث عليا رضي الله عنه على جيش آخر، وقال:
                    إن التقيتما، فعلي، كرم الله وجهه، على الناس، وإن تفرقتما، فكل واحد منكما على جنده، فلقينا بني زيد من أهل اليمن، وظفر المسلمون على المشركين، فقاتلنا المقاتلة، وسبينا الذرية، فاصطفى علي جارية لنفسه من السبي، وكتب بذلك خالد بن الوليد إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وأمرني أن أنال منه، قال: فدفعت الكتاب إليه، ونلت من علي رضي الله عنه، فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: لا تبغض لي عليا، فإن عليا مني، وأنا منه، وهو وليكم بعدي (3).

                    ____________
                    (1) السيوطي: تاريخ الخلفاء ص 169.
                    (2) النسائي: تهذيب خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ص 54 - 55.
                    (2) تهذيب الخصائص ص 55 - 56.

                    وروى أبو داوود الطيالسي في مسنده عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي: أنت ولي كل مؤمن بعدي (1).
                    وروى ابن قيم الجوزية في (زاد المعاد) لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم، الخروج من مكة، تبعتهم ابنة حمزة تنادي: يا عم، يا عم، فتناولها علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فأخذ بيدها، وقال لفاطمة: دونك ابنة عمك، فحملتها، فاختصم فيها زيد وجعفر وعلي، فقال علي: أنا أخذتها، وهي ابنة عمي، وقال جعفر: ابنة عمي، وخالتها تحتي، وقال زيد: ابنة أخي، فقضى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، لخالتها، وقال: الخالة بمنزلة الأم، وقال لعلي: أنت مني وأنا منك، وقال لجعفر: أشبهت خلقي وخلقي، وقال لزيد: أخونا ومولانا (متفق عليه) (2).
                    وروى الخطيب البغدادي في تاريخه بسنده عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سألت الله فيك خمسا، فأعطاني أربعا، ومنعني واحدة، سألته فأعطاني فيك، أنك أول من تنشق الأرض عنه يوم القيامة، وأنت معي، معك لواء الحمد، وأنت تحمله، وأعطاني أنك ولي المؤمنين من بعدي (3).
                    وروى ابن الأثير في أسد الغابة بسنده عن وهب بن حمزة قال: صحبت عليا رضي الله عنه، من المدينة إلى مكة، فرأيت منه بعض ما أكره، فقلت: لئن رجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأشكونك إليه، فلما قدمت لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: رأيت من علي كذا وكذا؟ فقال: لا تقل هذا، فهو أولى الناس بعدي، أخرجه ابن منده، وأبو نعيم (4).

                    ____________
                    (1) مسند أبي داود الطيالسي 11 / 360 (حيدرآباد الدكن 1321 هـ).
                    (2) زاد المعاد 3 / 374 - 375، وانظر: البخاري 5 / 180.
                    (3) تاريخ بغداد 4 / 339.
                    (4) أسد الغابة 5 / 457، وانظر: المناوي في فيض القدير ص 357، والهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 109، والمتقي في كنز العمال 6 / 155.

                    وروى ابن حجر العسقلاني في الإصابة بسنده عن وهب بن حمزة قال:
                    سافرت مع علي، فرأيت منه جفاء، فقلت: لئن رجعت لأشكونه، فرجعت فذكرت عليا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: لا تقولن هذا لعلي، فإنه وليكم بعدي (1).
                    وروى الحافظ أبو نعيم، في حليته بسنده عن عمران بن حصين قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية، واستعمل عليهم عليا، كرم الله وجهه، فأصاب جارية، فأنكروا ذلك عليه، فتعاقد أربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالوا: إذا لقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخبرناه بما صنع علي، قال عمران: وكان المسلمون إذا قدموا من سفر بدأوا برسول الله صلى الله عليه وسلم، فسلموا عليه، ثم انصرفوا، فما قدمت السرية سلموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام أحد الأربعة، فقال: يا رسول الله، ألم تر أن عليا صنع كذا وكذا، فأعرض عنه، ثم قام آخر منهم، فقال: يا رسول الله، ألم تر أن عليا صنع كذا وكذا، فأعرض عنه، حتى قام الرابع فقال: يا رسول الله، ألم تر أن عليا صنع كذا وكذا، فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعرف الغضب في وجهه فقال: ما تريدون من علي؟ ثلاث مرات، ثم قال: إن عليا مني، وأنا منه، وهو ولي كل مؤمن بعدي (2).

                    (1) الإصابة في تمييز الصحابة 3 / 641.
                    (2) أبو نعيم الأصفهاني: حلية الأولياء وطبقات الأصفياء 6 / 294 (دار الفكر - بيروت).


                    ولا ريب في أن قول النبي صلى الله عليه و اله وسلم: (إن عليا مني، وأنا منه، وهو ولي كل مؤمن بعدي)، وقوله: (علي وليكم بعدي)، كما رأينا بصيغ مختلفة، إنما هو من الأدلة القوية، والنصوص الجلية، على خلافة علي عليه السلام من بعد النبي، صلى الله عليه و اله وسلم، والاستدلال به إنما يتوقف على بيان السند والدلالة معا.
                    فأما السند: فقد رواه جمع من كبار الصحابة وعظمائهم، من أمثال الإمام علي، عليه السلام، وابن عباس، وعمران بن حصين، ووهب بن حمزة، وبريدة الأسلمي، وأنه قد خرجه كثير من أئمة الحديث كالترمذي والنسائي وابن حنبل، وأبي داود الطيالسي وأبي نعيم، والخطيب البغدادي، وأبي حاتم، وابن أبي شيبة، والإمام الطبري، والبزار، والطبراني وابن الجوزي، والرافعي، وابن مردويه، والحافظ أبي القاسم الدمشقي، وابن صهيب، والديلمي، وغيرهم.
                    هذا وقد ذكر المحب الطبري في الرياض النضرة، جملة من الأحاديث التي تمسك بها الشيعة لخلافة علي عليه السلام بعد رسول الله صلى الله عليه و اله وسلم، بلا فصل، فذكر حديث المنزلة، وحديث الغدير، ثم قال: ومنها - وهو أقواها سندا ومتنا - حديث عمران بن حسين: (إن عليا مني، وأنا منه، وهو ولي كل مؤمن من بعدي)، إلى أن قال: وحديث بريدة (لا تقع في علي، فإنه مني، وأنا منه، وهو وليكم بعدي).
                    وأما الدلالة: فهي ظاهرة جدا، بعد ملاحظة القرينة اللفظية المتصلة بالحديث الشريف، وهي كلمة من (بعدي)، وتوضيحه أن للفظ (الولي) في اللغة معاني متعددة، كالمحب والصديق والناصر والجار والحليف وغير ذلك.
                    ومن أشهر معانيه هو (مالك الأمر)، فكل من ملك أمر غيره، بحيث كان له التصرف في أموره وشؤونه، فهو وليه، فالسلطان ولي الرعية، أي يملك أمرهم، وله التصرف في أمورهم وشؤونهم، والأب والجد ولي الصبي أو المجنون، أي يملك أمره، وله التصرف في أموره وشؤونه، وهكذا ولي المرأة في نكاحها، أو ولي الدم أو الميت.
                    وقد يقال: إن (الولي) قد جاء بمعنى الأولى بالتصرف، فالسلطان ولي الرعية، والأب والجد ولي الصبي أو المجنون، وهكذا إلى غيرها من الأمثلة يكون بهذا المعنى، أي أولى بالتصرف، ويؤيده في المقام بعض أخبار الباب - كما تقدم - بلفظ قوله (فهو أولى الناس بكم بعدي).
                    وقد يقال: إن الولي قد جاء بمعنى المتصرف، فالسلطان مثلا، ولي الرعية، يكون بهذا المعنى، أي هو المتصرف في أمورهم، وهكذا ولي الصبي وغيره.
                    وأيا ما كان الأمر، فإن الولي - بما له من المعنى المعروف والظاهر المشهود، سواء عبرنا عنه بمالك الأمر، أو بالأولى بالتصرف أو المتصرف - لا يكاد يطلق، إلا على من له تسلط وتفوق على غيره، وكان له التصرف في أموره وشؤونه، ثم إنه من المعلوم أن إرادة الجار أو الحليف، أو ما أشبه ذلك من لفظ (الولي) في الحديث الشريف، مما لا يناسب المقام، بل مما لا محصل له أصلا - كما قدمنا - فيبقى المحب والصديق والناصر ومالك الأمر، أو الأولى بالتصرف أو المتصرف، على اختلاف التعابير في المعنى الأخير.
                    هذا فضلا عن أن لفظة (من بعدي) مما ينافي إرادة المحب أو الصديق أو الناصر، إذ كونه عليه السلام محبا للمسلمين، أو صديقا أو ناصرا لهم، مما لا ينحصر بما بعد زمان النبي صلى الله عليه و اله وسلم، بل هو عليه السلام، كان كذلك في زمان النبي صلى الله عليه وسلم.
                    ومن ثم فإن المراد من (الولي) في الحديث الشريف، إنما ينحصر في المعنى الأخير، وهو مالك الأمر، أو الأولى بالتصرف في أمور المسلمين وشؤونهم، وذلك لما فيه من المناسبة الشديدة، مع كلمة (من بعدي)، فيتعين هو - أي هذا المعنى - من بين سائر المعاني، وهو معنى الإمام والخليفة، كما هو واضح لمن أنصف

                    تعليق


                    • #11
                      8- قوله صلى الله عليه و اله وسلم لعلي عليه السلام: أنت أخي في الدنيا والآخرة:


                      روى الحاكم في المستدرك بسنده عن ابن عمر قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، آخى بين أصحابه، فآخى بين أبي بكر وعمر، وبين طلحة والزبير، وبين عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف فقال علي عليه السلام: يا رسول الله، إنك قد آخيت بين أصحابك، فمن أخي؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما ترضى يا علي أن أكون أخاك، قال ابن عمر: وكان علي جلدا شجاعا، فقال علي: بلى يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنت أخي في الدنيا والآخرة (1).

                      وأخرج الترمذي عن ابن عمر قال: آخى رسول الله عليه الصلاة والسلام بين أصحابه، فجاء علي تدمع عيناه، فقال: يا رسول الله: آخيت بين أصحابك، ولم تواخ بيني وبين أحد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنت أخي في الدنيا والآخرة (2).

                      وروى الحاكم في المستدرك بسنده عن ابن عباس قال: كان علي يقول في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن الله يقول: (أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم)، والله لا ننقلب على أعقابنا، بعد إذ هدانا الله، والله لئن مات أو قتل، لأقاتلن على ما قاتل عليه حتى أموت، والله إني لأخوه ووليه، وابن عمه، ووارث علمه، فمن أحق به مني) (3).

                      وذكره الهيثمي في مجمعه وقال: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح، وذكره المحب الطبري في الرياض النضرة، وقال أخرجه أحمد في المناقب، والنسائي في الخصائص، والذهبي مختصرا في ميزان الاعتدال (4).

                      ____________
                      (1) المستدرك للحاكم 3 / 14.
                      (2) تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 170.
                      (3) المستدرك للحاكم 3 / 126.
                      (4) مجمع الزوائد 9 / 134، الرياض النضرة 2 / 226، الخصائص ص 18، ميزات الاعتدال 2 / 285.


                      وروى ابن كثير في التفسير: قال أبو القاسم الطبراني: حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا عمرو بن حماد بن طلحة القناد، حدثنا أسباط بن نصر عن سمك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس: أن عليا كان يقول في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم (أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم)، والله لا ننقلب على أعقابنا بعد إذ هدانا الله، والله لئن مات أو قتل لأقاتلن على ما قاتل عليه، حتى أموت، والله إني لأخوه ووليه وابن عمه ووارثه، فمن أحق به مني) (1).

                      وروى أحمد في الفضائل بسنده عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس، أن عليا كان يقول في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل يقول: (أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم) (2) والله لا ننقلب على أعقابنا، بعد إذ هدانا الله، والله لئن مات أو قتل، لأقاتلن على ما قاتل عليه، حتى أموت والله إني لأخوه ووليه وابن عمه ووارثه، ومن أحق به مني) (3).

                      وروى الحاكم في المستدرك بسنده عن أسماء بنت عميس قالت: كنت في زفاف فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أصبحنا جاء النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا أم أيمن، إدعي لي أخي، فقالت: هو أخوك وتنكحه؟ قال: نعم يا أم أيمن، فجاء علي عليه السلام، فنضح النبي صلى الله عليه وسلم، عليه من الماء، ودعا له، ثم قال: إدعي فاطمة، قالت: فجاءت تعثر من الحياء، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أسكتي، فقد أنكحتك أحب أهل بيتي (4).

                      1) تفسير ابن كثير 1 / 614 (بيروت 1986).
                      (2) سورة آل عمران: آية: 144.
                      (3) فضائل الصحابة للإمام ابن حنبل 2 / 652 - 653، ونسبه السيوطي في (الدر المنثور) (2 / 81) إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم عن ابن عباس، وذكره المحب الطبري في (ذخائر العقبى) ص 100، وفي الرياض النضرة 2 / 262.
                      (4) المستدرك للحاكم 3 / 159.


                      وفي رواية ابن سعد: فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستفتح، فخرجت إليه أم أيمن، أيمن، فقال: أين أخي؟ قالت: وكيف يكون أخوك، وقد أنكحته ابنتك، قال، فإنه كذلك (1).
                      وفي رواية أخرى: فجاء رسول الله حتى وقف بالباب وسلم، فاستأذن فأذن له، فقال: أين أخي؟ فقالت أم أيمن: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، من أخوك؟ قال: علي بن أبي طالب، قالت: وكيف يكون أخاك، وقد زوجته ابنتك؟ قال: هو ذاك يا أم أيمن (2).
                      وروى النسائي في الخصائص بسنده عن ابن عباس قال: لما زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاطمة رضي الله عنها من علي رضي الله عنه، كان فيما أهدى معها سرير مشروط، ووسادة من أديم، حشوها ليف، وقربة ماء، وجاء ببطحاء من الرمل فبسطوه في البيت، وقال لعلي رضي الله عنه: إذا أتيت بها فلا تقربها حتى آتيك، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدق الباب، فخرجت أم أيمن، فقال: أين أخي، قالت: وكيف يكون أخاك، وقد زوجته ابنتك، قال: إنه أخي (3).
                      وروى الترمذي في صحيحه عن ابن عمر قال: آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه، فجاء علي تدمع عيناه فقال: يا رسول الله آخيت بين أصحابك، ولم تواخ بيني وبين أحد، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنت أخي في الدنيا والآخرة (4).
                      وروى ابن ماجة في صحيحه بسنده عن عباد بن عبد الله عن علي عليه السلام قال قال علي: أنا عبد الله وأخو رسوله، وأنا الصديق الأكبر، لا يقولها بعدي إلا كذاب، صليت قبل الناس بسبع سنين (5).

                      ____________
                      (1) ابن سعد: الطبقات الكبرى 8 / 14 (دار التحرير - القاهرة 1970).
                      (2) الطبقات الكبرى 8 / 15.
                      (3) خصائص النسائي ص 71 - 72.
                      (4) صحيح الترمذي 2 / 299.
                      (5) صحيح ابن ماجة ص 12.

                      ورواه الحاكم في المستدرك والإمام الطبري في تاريخه، والنسائي الخصائص، والمتقي في كنز العمال، والمحب الطبري في الرياض النضرة (1).
                      وروى أحمد في الفضائل بسنده عن زيد بن أرقم قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجده فذكر قصة مؤاخاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه، فقال علي، يعني للنبي صلى الله عليه وسلم: لقد ذهبت روحي، وانقطع ظهري، حين رأيتك فعلت بأصحابك ما فعلت غيري، إن كان هذا من سخط علي، فلك العتبى والكرامة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي بعثني بالحق، ما أخرتك إلا لنفسي فأنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي، وأنت أخي ووارثي قال: وما أرث منك يا رسول الله؟ قال: ما ورث الأنبياء قبلي، قال: وما ورث الأنبياء قبلك؟
                      قال: كتاب الله وسنة نبيهم، وأنت معي في قصري في الجنة، مع فاطمة ابنتي، وأنت أخي ورفيقي، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم (إخوانا على سرر متقابلين)، المتحابون في الله ينظر بعضهم إلى بعض (2).
                      وروى أحمد في الفضائل بسنده عن قتادة عن سعيد بن المسيب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم آخى بين أصحابه، فآخى بين أبي بكر وعمر وقال لعلي: أنت أخي، وأنا أخوك (3).
                      وفي رواية أحمد بسنده عن عمر بن عبد الله عن أبيه عن جده، أن النبي صلى الله عليه وسلم، آخى بين الناس، وترك عليا، حتى بقي آخرهم، لا يرى له أخا، فقال يا رسول الله آخيت بين الناس وتركتني، قال: ولم تراني تركتك، إنما تركتك لنفسي، أنت أخي، وأنا أخوك، فإن ذاكرك أحد، فقل: أنا عبد الله وأخو رسوله، لا يدعيها بعدي إلا كذاب (4).

                      ____________
                      (1) المستدرك للحاكم 3 / 111، تاريخ الطبري 2 / 56، خصائص النسائي ص 3، 18، كنز العمال 6 / 394، الرياض النضرة 2 / 155.
                      (2) فضائل الصحابة 2 / 638 - 639، وانظر رواية أخرى 2 / 666 - 667.
                      (3) فضائل الصحابة 2 / 597 - 598.
                      (4) فضائل الصحابة 2 / 617.

                      وروى ا أحمد في المسند بسنده عن ربيعة بن ناجذ عن علي عليه السلام قال: جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم أو دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم - بني عبد المطلب، فيهم رهط كلهم يأكل الجذعة، ويشرب الفرق، قال: فصنع لهم مدا من طعام، فأكلوا حتى شبعوا، قال: وبقي الطعام كأنه لم يمس - أو لم يشرب - فقال: يا بني عبد المطلب إني بعثت لكم خاصة، وإلى الناس عامة، وقد رأيتم من هذه الآية ما رأيتم، فأيكم يبايعني على أن يكون أخي وصاحبي؟ قال: فلم يقم إليه أحد، قال: فقمت إليه - وكنت أصغر القوم - قال: فقال: إجلس ثلاث مرات، كل ذلك أقوم إليه فيقول لي: إجلس، حتى كان في الثالثة ضرب بيده على يدي وقال: أنت أخي (1).
                      وذكره الهيثمي في مجمعه، وقال: رجاله ثقات، ورواه الإمام الطبري في تاريخه وقال فيه: على أن يكون أخي، وصاحبي ووارثي، وذكره المحب الطبري في الرياض النضرة، ورواه النسائي في خصائصه، والمتقي في كنز العمال (2).
                      وروىأحمد في المسند بسنده عن ابن عباس قال: لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، من مكة، خرج علي بابنة حمزة، فاختصم فيها علي وجعفر وزيد إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال علي: ابنة عمي، وأنا أخرجتها، وقال جعفر: ابنة عمي، وخالتها عندي، وقال زيد: ابنة أخي - وكان زيد مواخيا لحمزة، آخى بينهما رسول الله صلى الله عليه وسلم - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لزيد: أنت مولاي ومولاها، وقال لعلي:
                      أنت أخي وصاحبي، وقال لجعفر: أشبهت خلقي وخلقي، وهي إلى خالتها (3).

                      ____________
                      (1) المسند 1 / 159.
                      (2) مجمع الزوائد 8 / 302، تاريخ الطبري 2 / 63، الرياض النضرة 2 / 167، الخصائص ص 18 كنز العمال 6 / 408.
                      (3) المسند 1 / 230.

                      وغير ذلك من الروايات في كتب اهل السنة


                      ولعل من الأهمية بمكان الإشارة إلى أن أخوة النبي صلى الله عليه و اله وسلم، للإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، إنما تمتاز عن غيرها، من أخوة الإيمان العامة، التي كانت بين أفراد المهاجرين قبل الهجرة، بما كان للإمام علي -عليه السلام- من منزلة خاصة عند النبي صلى الله عليه و اله وسلم، دون الناس جميعا، اقتضتها وشائج الأسرة، التي تدل على أحد أفرادها، ولهذا خلفه بعده في الهجرة ليرد ودائع الناس التي كانت عنده صلى الله عليه و اله وسلم، لأهلها، وأنامه على فراشه، وأمره أن يتسجى ببرده، ليرى أعداؤه المتربصون به، أنه صلى الله عليه و اله وسلم، نائم في فراشه - والأمر كذلك في بلاغ براءة، كما سنبينه في مكانه من هذه الدراسة.

                      ولعل مما يؤيد ذلك قول ابن عبد البر في الإستيعاب: ولم يتخلف علي عن مشهد شهده رسول الله صلى الله عليه و اله وسلم، منذ قدم المدينة، إلا تبوك، فإنه خلفه رسول الله صلى الله عليه و اله وسلم، على المدينة وعلى عياله بعده في غزوة تبوك، وقال له في الحديث الصحيح: (أنت مني بمنزلة هارون من موسى)، وفي رواية (أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي) (1).
                      ولا ريب في أن هذا كله، إنما يدل على أخوة خاصة، أرفع درجات من الأخوة الإيمانية العامة، أغنت الإمام عن أن يدخل في المؤاخاة العامة التي كانت بين المهاجرين بعضهم مع بعض، والتي كان النبي صلى الله عليه و اله وسلم، ينميها بكل وسيلة، وكما قال ابن عبد البر وابن الأثير: إن النبي صلى الله عليه و اله وسلم، آخى بين المهاجرين بعضهم مع بعض، وآخى بين المهاجرين والأنصار، وقال في كل واحدة منهما لعلي،عليه السلام(أنت أخي في الدنيا والآخرة)، وآخى بينه وبين نفسه (2).
                      وهكذا، ولحكمة أرادها الله، كرر النبي صلى الله عليه و اله وسلم، قوله لعلي، عليه السلام
                      (أنت أخي في الدنيا والآخرة)، مرة في عقدة أخوة المهاجرين بعضهم مع بعض، ومرة في عقد الأخوة بين المهاجرين والأنصار، وقال ابن عبد البر: وقد روينا من وجوه، عن علي عليه السلام أنه كان يقول: (أنا عبد الله وأخو رسول الله، لا يقولها أحد غيري إلا كذاب) (3).

                      ____________
                      (1) ابن عبد البر: الإستيعاب في معرفة الأصحاب 3 / 34.
                      (2) ابن الأثير: أسد الغابة 4 / 91 الإستيعاب 3 / 35.
                      (3) الإستيعاب 3 / 35.


                      وصدق الإمام علي عليه السلام في قوله هذا، تصديقا لقول المعصوم، سيد الأنبياء والمرسلين، محمد رسول الله صلى الله عليه و اله وسلم (أنت مني بمنزلة هارون من موسى)، فهذه منزلة رفيعة، لا يتطاول إليها أحد من العالمين، ولا يدعيها أحد، غير الإمام علي، إلا كان كاذبا في ادعائه، مفتريا على الله ورسوله، بل حتى الذين أنكروا المؤاخاة بين النبي صلى الله عليه و اله وسلم، والإمام علي، إنما كانت حجتهم ضعيفة، وفي أحسن الأحوال، إنما كان قولهم ردا للنص بالقياس، بل إن الحافظ ابن كثير - بعد أن تردد في ذلك - قال: اللهم إلا أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم، لم يجعل مصلحة علي إلى غيره، فإنه كان مما ينفق عليه من صغره، في حياة أبيه أبي طالب، فآخاه بهذا الاعتبار -

                      وفي الحق أن الإمام علي عليه السلام إنما كان لرسول الله صلى الله عليه و اله وسلم:
                      (كان أخا وابنا وعونا - دائما وأبدا - حتى كان آخر عهد النبي صلى الله عليه و اله وسلم، بالحياة، بل كان يقوم، بما كان يقوم به النبي صلى الله عليه و اله وسلم، في أموره الخاصة، ولعل حوادث: ليلة الهجرة، ويوم تبوك، ويوم براءة، مما يؤيد وجهة نظرنا هذه .
                      وهل بعد هذا دليل على أن الإمام علي بن أبي طالب إنما كان أحق الناس بخلافة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

                      تعليق


                      • #12
                        السلام عليكم

                        9-قوله صلى الله عليه و اله وسلم: لا يؤدي عني إلا أنا أو علي:



                        روى الترمذي في صحيحه بسنده عن أنس بن مالك قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم، ببراءة مع أبي بكر، ثم دعاه فقال: لا ينبغي لأحد أن يبلغ هذا، إلا رجل من أهلي، فدعا عليا، فأعطاه إياه .


                        ورواه أحمد في المسند (1)، والسيوطي في الدر المنثور في تفسير قوله تعالى: (براءة من الله ورسوله)، وقال أخرجه ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وحسنه، وأبو الشيخ وابن مردويه عن أنس (2).
                        وروى الترمذي أيضا بسنده عن ابن عباس قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم، أبا بكر، وأمره أن ينادي بهذه الكلمات، ثم اتبعه عليا، فبينا أبو بكر في بعض الطريق، إذ سمع رغاء ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، القصواء، فخرج أبو بكر فزعا، فظن أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا هو علي، فدفع إليه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمر عليا أن ينادي بهذه الكلمات (الحديث).
                        ثم روى عن زيد بن يثيع قال: سألنا عليا بأي شئ بعثت في الحجة؟
                        قال: بعثت بأربع: أن لا يطوف بالبيت عريان، ومن كان بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم، عهد، فإلى مدته، ومن لم يكن له عهد، فأجله أربعة أشهر، ولا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة، ولا يجتمع المسلمون والمشركون بعد عامهم هذا (3).

                        (1) مسند الإمام أحمد 3 / 283.
                        (2) فضائل الخمسة 2 / 342 - 343.
                        (3) صحيح الترمذي 2 / 183.



                        وعن جابر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم، بعث أبا بكر، رضي الله عنه، فأقبلنا معه، حتى إذا كان بالعرج ، ثوب بالصبح، ثم استوى ليكبر، فسمع الرغوة خلف ظهره، فوقف عن التكبير، فقال: هذه رغوة ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لقد بدا لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الحج، فلعله أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنصلي معه، فإذا علي عليها، فقال أبو بكر: أمير أم رسول؟ فقال علي: لا بل رسول أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم، ببراءة أقرؤها على الناس في مواقف الحج، فقدمنا مكة، فلما كان قبل التروية بيوم، قام أبو بكر فخطب في الناس فحدثهم عن مناسكهم، حتى إذا فرغ قام علي، فقرأ على الناس سورة البراءة حتى ختمها، ثم كان يوم النحر فأفضنا، فلما رجع أبو بكر خطب الناس فحدثهم عن إفاضتهم وعن نحرهم عن مناسكهم، فلما فرغ قام علي فقرأ على الناس براءة حتى ختمها، فلما كان يوم النفر الأول، قام أبو بكر فخطب الناس فحدثهم كيف ينفرون، وكيف يرمون، فعلمهم مناسكهم، فلما فرغ قام علي فقرأ على الناس براءة حتى ختمها (1).
                        وجاء في حديث أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا ينبغي أن يبلغ هذا، إلا رجل من أهلي، فدعا عليا، فأعطاه إياه (2).
                        وروى النسائي في الخصائص بسنده عن زيد بن سبيع عن علي رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: بعث ببراءة إلى أهل مكة مع أبي بكر، ثم أتبعه بعلي فقال له: خذ الكتاب فامض به إلى أهل مكة، قال: فلحقه فأخذ الكتاب منه، فانصرف أبو بكر، وهو كئيب، فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنزل في شئ؟، قال: لا إلا أني أمرت أن أبلغه أنا، أو رجل من أهل بيتي (3).
                        وفي رواية عن عبد الله بن أرقم عن سعد قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، أبا بكر ببراءة، حتى إذا كان ببعض الطريق، أرسل عليا رضي الله عنه، فأخذها منه، ثم سار بها، فوجد أبو بكر في نفسه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يؤدي عني إلا أنا، أو رجل مني (4).


                        (1) أخرجه النسائي في السنن 5 / 247، والدارمي 2 / 66، والبيهقي 5 / 111، وأبو زرعة الدمشقي تاريخه (1 / 11 / 589) وابن أبي حاتم في تفسيره 4 / 339، والطبراني في المعجم الكبير 11 / 400، والخوارزمي في المناقب، والحاكم في المستدرك، وانظر: محمد عبده يماني:
                        علموا أولادكم محبة آل النبي ص 113 - 114.
                        (2) أخرجه الترمذي في التفسير 5 / 256.
                        (3) النسائي: تهذيب خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ص 48 - 49 (بيروت 1983).
                        (4) تهذيب الخصائص ص 49.


                        وروى النسائي في الخصائص بسنده عن أبي الزبير عن جابر: أن النبي صلى الله عليه وسلم، حين رجع من عمرة الجعرانة بعث أبا بكر على الحج، فأقبلنا معه حتى إذا كنا بالعرج ثوب بالصبح (1)، فلما استولى بالتكبير سمع الرغوة خلف ظهره، فوقف عن التكبير فقال: هذه رغوة ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، الجدعاء، لقد بدا لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الحج، فلعله أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنصلي معه، فإذا علي، رضي الله عنه، عليها، فقال له أبو بكر: أمير أم رسول، قال: لا بل رسول، أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم ببراءة، أقرؤها على الناس في مواقف الحج، فقدمنا مكة، فلما كان قبل التروية بيوم، قام أبو بكر فخطب الناس فحدثهم عن مناسكهم، حتى إذا فرغ قام علي فقرأ على الناس براءة حتى ختمها، ثم خرجنا معه حتى إذا كان يوم عرفة، قام أبو بكر فخطب الناس فحثهم على مناسكهم، حتى إذا فرغ قام علي رضي الله عنه، فقرأ على الناس، براءة حتى ختمها، فلما كان النفر الأول قام أبو بكر فخطب الناس فحثهم كيف ينفرون أو كيف يرمون فعلمهم مناسكهم، فلما فرغ قام علي رضي الله عنه، فقرأ على الناس براءة حتى ختمها (2).
                        وروى النسائي بسنده عن أبي إسحاق عن حبشي بن جنادة السلولي قال:
                        قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: علي مني وأنا منه، فلا يؤدي عني إلا أنا أو علي (3).
                        وروى النسائي بسنده عن سماك بن حرب عن أنس قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، براءة مع أبي بكر، ثم دعاه فقال: لا ينبغي أن يبلغ هذا، إلا رجل من أهلي، فدعا عليا فأعطاه إياها (4).


                        (1) المراد بالتثويب هنا: الإقامة للصلاة (النهاية 1 / 226).
                        (2) تهذيب الخصائص ص (49 - 50).
                        (3) تهذيب الخصائص ص 48.
                        (4) تهذيب الخصائص ص 48.

                        وروى أحمد في الفضائل بسنده عن أبي إسحاق عن حبشي بن جنادة، قال ابن آدم السلولي - وكان قد شهد حجة الوداع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: علي مني، وأنا منه، ولا يقضي عني ديني إلا أنا، أو علي، قال ابن آدم: ولا يؤدي عني إلا أنا، أو علي (1).
                        ورواه أحمد في المسند، وأخرجه النسائي في الكوفي كما في تحفة الأشراف، ورواه ابن ماجة، وذكره المحب الطبري في الرياض النضرة (2).
                        وروى السيوطي في الدر المنثور في تفسير قول الله تعالى (براءة من الله ورسوله)، قال: وأخرج ابن حيان وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري قال:
                        بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، أبا بكر يؤدي عنه براءة، فلما أرسله بعث إلى علي فقال:
                        يا علي، إنه لا يؤدي عني إلا أنا أو أنت، فحمله على ناقته العضباء، فسار حتى لحق بأبي بكر فأخذ منه براءة، فأتى أبو بكر النبي صلى الله عليه وسلم، وقد دخله من ذلك مخافة أن يكون قد أنزل فيه شئ، فلما أتاه قال: ما لي يا رسول الله (وساق الحديث) إلى ذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم لا يبلغ عني غيري، أو رجل مني (3).
                        وفي السيرة الحلبية: وفي كلام السهيلي (في الروض الآنف): لما أردف أبو بكر بعلي، رضي الله تعالى عنهما، رجع أبو بكر للنبي صلى الله عليه وسلم وقال: يا رسول الله هل نزل في قرآن؟ قال: لا، ولكني أردت أن يبلغ عني من هو من أهل بيتي، فمضى أبو بكر رضي الله عنه، فحج بالناس... وكان نزول صورة براءة بعد سفر أبي بكر رضي الله تعالى عنه، فقيل له صلى الله عليه وسلم: لو بعثت بها إلى أبي بكر، فقال: لا يؤدي عني إلا رجل من أهل بيتي، ثم دعا صلى الله عليه وسلم، عليا، كرم الله وجهه في الجنة، فقال: أخرج بسورة براءة، وأذن في الناس يوم النحر - أي الذي هو يوم الحج الأكبر - إذا اجتمعوا بمنى، فقرأ علي بن أبي طالب، كرم الله وجهه، براءة يوم النحر، عند الجمرة الأولى، وقال: لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان.(4)


                        (1) فضائل الصحابة 2 / 594، وانظر 2 / 599.
                        (2) المسند 4 / 164، تحفة الأشراف 3 / 13، الرياض النضرة 2 / 229.
                        (3) فضائل الخمسة 2 / 347.

                        (4) السيرة الحلبية 3 / 232.
                        (


                        وروى النسفي في تفسيره: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، أبا بكر على موسم سنة تسع، ثم أتبعه عليا راكبا العضباء، ليقرأها على أهل الموسم، فقيل له: لو بعثت بها إلى أبي بكر، فقال: لا يؤدي عني إلا رجل مني، فلما دنا علي، سمع أبو بكر الرغاء فوقف، وقال: هذا رغاء ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما لحقه قال: أمير أو مأمور، قال: مأمور، فلما كان قبل التروية خطب أبو بكر وحثهم على مناسكهم، وقام علي يوم النحر، عند حمرة العقبة فقال: يا أيها الناس، إني رسول رسول الله إليكم، فقالوا: بماذا، فقرأ عليهم ثلاثين أو أربعين آية، ثم قال: أمرت بأربع، أن لا يقرب البيت بعد هذا العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، ولا يدخل الجنة إلا كل نفس مؤمنة، وأن يتم إلى كل ذي عهد عهده (1).

                        وروى المحب الطبري في الرياض النضرة عن علي رضي الله عنه قال: لما نزلت عشر آيات من براءة، على النبي صلى الله عليه وسلم، دعا النبي صلى الله عليه وسلم، أبا بكر، فبعثه بها ليقرأها على أهل مكة، ثم دعاني فقال لي: أدرك أبا بكر، فحيثما لقيته فخذ الكتاب، فاذهب به إلى أهل مكة فاقرأه عليهم، فلحقته بالجحفة فأخذت الكتاب منه، ورجع أبو بكر إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، نزل في شئ؟ قال:
                        لا، جبريل جاءني فقال: لا يؤدي عنك، إلا أنت أو رجل منك (2).


                        (1) تفسير النسفي 2 / 115، وانظر القصة في: تفسير المنار 140 - 141، تفسير القرطبي ص 2906 - 2907.
                        (2) الرياض النضرة 2 / 226.



                        أن الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، كان هو وحده من بين الصحابة جميعا، الذي هو بمنزلة نفس النبي صلى الله عليه و اله وسلم، ومن ثم فقد تكرر في الأحاديث الشريفة قول رسول الله صلى الله عليه و اله وسلم: (لا يؤدي عني، إلا أنا وعلي)،وهكذا يضع النبي صلى الله عليه و اله وسلم الإمام بمنزلة نفسه، أفلا يكون هذا دليلا على أن عليا إنما هو خليفة النبي من بعده؟

                        تعليق


                        • #13
                          10- قوله صلى الله عليه و اله وسلم في علي عليه السلام يوم خيبر: لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله ليس بفرار:

                          روى البخاري في صحيحه بسنده عن أبي حازم قال: أخبرني سهيل بن سعد رضي لله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر: لأعطين هذه الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه، يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، قال: فبات الناس يدركون أيهم يعطاها، فقال: أين علي بن أبي طالب، فقيل هو يا رسول الله يشتكي عينيه، قال: فأرسلوا إليه، فأتى فبصق رسول الله صلى الله عليه وسلم في عينيه، ودعا له، فبرأ كأن لم يكن له وجع، فأعطاه الراية، فقال علي: يا رسول الله أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا، فقال:
                          أنفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه، فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم (1).
                          وفي رواية عن سلمة رضي الله عنه قال: كان علي رضي الله عنه تخلف عن النبي صلى الله عليه وسلم، في خيبر، وكان رمدا، فقال: أنا أتخلف عن النبي صلى الله عليه وسلم، فلحق، فلما بتنا الليلة التي فتحت، قال: لأعطين الراية غدا - أو ليأخذ الراية غدا - رجل يحبه الله ورسوله، يفتح عليه، فنحن نرجوها، فقيل: هذا علي، فأعطاه ففتح عليه (2).


                          1) صحيح البخاري 6 / 171.
                          (2) صحيح البخاري 6 / 171، صحيح مسلم 15 / 177 - 178.


                          وروى مسلم في صحيحه بسنده عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال: أمر معاوية بن أبي سفيان سعدا فقال: ما منعك أن تسب أبا التراب (لقب للإمام علي) فقال: أما ما ذكرت ثلاثا قالهن له رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله له، خلفه في بعض مغازيه، فقال له علي: يا رسول الله، خلفتني مع النساء والصبيان، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبوة بعدي، وسمعته يقول يوم خيبر: لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، قال: فتطاولنا لها، فقال: ادعوا لي عليا، فأتي به أرمد، فبصق في عينه، ودفع الراية إليه، ولما نزلت هذه الآية:
                          (فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم)، دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم، عليا وفاطمة وحسنا وحسينا، فقال: اللهم هؤلاء أهلي (1).
                          وفي رواية عن سهل عن أبيه عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال يوم خيبر: لأعطين هذه الراية رجلا يحب الله ورسوله، يفتح الله على يديه، قال عمر بن الخطاب: ما أحببت الإمارة إلا يومئذ، قال: فتساورت لها، رجاء أن أدعى لها، قال: فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم، علي بن أبي طالب فأعطاه إياها، وقال:
                          إمش ولا تلتفت حتى يفتح الله عليك، قال: فسار علي شيئا، ثم وقف ولم يلتفت فصرخ: يا رسول الله: على ماذا أقاتل الناس، قال: قاتلهم حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، فإذا فعلوا ذلك، فقد منعوا منك دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله (2).

                          (1) صحيح مسلم 15 / 175 - 176.
                          (2) صحيح مسلم 15 / 176 - 177، وانظر روايات أخرى 15 / 77 - 179.


                          وروى النسائي في الخصائص بسنده عن عبد الواحد بن أيمن عن أبيه: أن سعدا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لأدفعن الراية إلى رجل يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، ويفتح الله بيده، فاستشرف لها أصحابه فدفعها إلى علي (1).
                          وفي رواية عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه قال لعلي - وكان يسير معه - إن الناس قد أنكروا منك شيئا، تخرج في البرد في الملاءتين، وتخرج في الحر في الخشن والثوب الغليظ، فقال لم تكن معنا في خيبر، قال: بلى، قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، أبا بكر، وعقد له لواء، فرجع، وبعث عمر، وعقد له لواء فرجع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، ليس بفرار، فأرسل إلي، وأنا أرمد، فتفل في عيني، فقال:
                          اللهم أكفه أذى الحر والبرد، قال: ما وجدت حرا بعد ذلك، ولا بردا (2).
                          وفي رواية عن عبد الله بن بريدة قال: سمعت أبي بريدة يقول: حاصرنا خيبر، فأخذ الراية أبو بكر، ولم يفتح له، فأخذها من الغد عمر، فانصرف ولم يفتح له، وأصاب الناس شدة وجهد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، إني دافع لوائي غدا إلى رجل يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، لا يرجع حتى يفتح له، وبتنا طيبة أنفسنا أن الفتح غدا، فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم، صلى الغداة، ثم جاء قائما، ورمى اللواء، والناس على أقصافهم، فما منا إنسان له منزلة عند الرسول صلى الله عليه وسلم، إلا وهو يرجو أن يكون صاحب اللواء، فدعا علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، وهو أرمد، فتفل ومسح في عينيه، فدفع إليه اللواء وفتح الله عليه (3).


                          (1) النسائي: تهذيب خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه - تهذيب وترتيب كمال يوسف الحوت ص 20 - 21 (بيروت 1983).
                          (2) تهذيب الخصائص ص 21،
                          (3) تهذيب الخصائص ص 21 - 22.


                          وروى الحاكم في المستدرك بسنده عن جابر بن عبد الله قال: لما كان يوم خيبر، بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا فجبن، فجاء محمد بن مسلمة فقال: يا رسول الله، لم أر كاليوم قط، قتل محمود بن مسلمة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تمنوا لقاء العدو، وسلموا الله العافية، فإنكم لا تدرون ما تبتلون معهم، وإذا لقيتموهم فقولوا: اللهم أنت ربنا وربهم، ونواصينا ونواصيهم بيدك، وإنما تقتلهم أنت، ثم الأرض جلوسا، فإذا غشوكم فانهضوا وكبروا، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لأبعثن غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبانه، لا يولي الدبر، يفتح الله على يديه، فتشرف لها الناس، وعلي يومئذ أرمد، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم، سر، فقال: يا رسول الله، على ما أقاتلهم؟ فقال: على أن يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، فإذا فعلوا ذلك، فقد حقنوا مني دماءهم وأموالهم، إلا بحقها، وحسابهم على الله عز وجل، قال: فلقيهم ففتح الله عليه (1).
                          ورواه الهيثمي في مجمعه، وقال: رواه الطبراني في الصغير (2).
                          وروى أحمد في مسنده عن بريدة قال: حاصرنا خيبر، فأخذ اللواء أبو بكر، فانصرف ولم يفتح له، ثم أخذه من الغد فخرج فرجع، ولم يفتح له، وأصاب الناس يومئذ شدة وجهد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني دافع اللواء غدا إلى رجل يحبه الله ورسوله، ويحب الله ورسوله، لا يرجع حتى يفتح له، فبتنا طيبة أنفسنا أن الفتح غدا، فلما أن أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم، صلى الغداة، ثم قام قائما، فدعا باللواء، والناس على مصافهم، فدعا عليا، وهو أرمد، فتفل في عينيه، ودفع إليه اللواء، وفتح له، قال بريدة: وأنا فيمن تطاول لها (3).

                          ____________
                          (1) المستدرك للحاكم 3 / 38.
                          (2) مجمع الزوائد 6 / 151.
                          (3) مسند الإمام أحمد 5 / 353


                          وفي رواية عن ابن عباس قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى خيبر - أحسبه قال أبا بكر - فرجع منهمزما ومن معه، فلما كان من الغد بعث عمر، فرجع منهزما، يجبن أصحابه، ويجبنه أصحابه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، لا يرجع حتى يفتح الله عليه، فثار الناس، فقال: أين علي؟ فإذا هو يشتكي عينيه، فتفل في عينيه، ثم دفع إليه الراية، فهزها ففتح الله عليه - قال رواه الطبراني (1).
                          وروى ابن حجر العسقلاني في تهذيب التهذيب فقال: وروى سعد بن أبي وقاص وأبو هريرة وسهل بن سعد وبريدة وأبو سعيد وابن عمر وعمران بن حصين وسلمة بن الأكوع - والمعنى واحد - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر: لأعطين الراية غدا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، يفتح الله على يديه، فأعطاها عليا (2).
                          وقال: وأما حديث الراية يوم خيبر، فروي عن علي والحسن عليهما السلام، والزبير بن العوام، وأبي ليلى الأنصاري، وعبد الله بن عمرو بن العاص وجابر وغيرهم (3).
                          وفي كنز العمال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر: أما أني سأبعث إليهم رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، يفتح الله عليه، فقال: ادعوا لي عليا، فجئ به يقاد أرمد، لا يبصر شيئا، فتفل في عينيه، ودعا له بالشفاء، وأعطاه الراية وقال: إمض باسم الله، فما لحق به آخر أصحابه حتى فتح لأولهم - قال أخرجه أبو نعيم في المعرفة (4).


                          (1) مجمع الزوائد 9 / 124.
                          (2) ابن حجر العسقلاني: تهذيب التهذيب 7 / 337.
                          (3) تهذيب التهذيب 7 / 339.
                          (4) كنز العمال 5 / 285.


                          وروى ابن الأثير في أسد الغابة عن إبراهيم بن بشير الأنصاري، أن الضحاك الأنصاري قال: لما سار النبي صلى الله عليه وسلم، إلى خيبر، جعل عليا على مقدمته، فقال: من دخل النخل فهو آمن، فلما تكلم بها النبي صلى الله عليه وسلم، نادى بها علي، فنظر النبي صلى الله عليه وسلم، إلى جبريل فضحك، فقال: ما يضحكك؟ قال: إني أحبه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم، لعلي: إن جبريل يقول: أنه يحبك، قال: وبلغت أن يحبني جبريل؟ قال: نعم، ومن هو خير من جبريل، الله عز وجل (1).


                          1) أسد الغابة 3 / 45، وانظر: كنز العمال 6 / 158، مجمع الزوائد 9 / 126.


                          ولعل من الأهمية بمكان الإشارة إلى أن الإمام علي نفسه، إنما يقول عن هذا الحادث: (والله ما قلعت باب خيبر بقوة جسدية، ولكن بقوة ربانية

                          تعليق


                          • #14
                            11- قوله صلى الله عليه و اله وسلم لعلي عليه السلام: تقاتل على تأويل القرآن، كما قاتلت على تنزيله:



                            روى النسائي في الخصائص بسنده عن أبي سعيد الخدري قال: كنا جلوسا ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج إلينا قد انقطع شسع نعله، فرمى به إلى علي رضي الله عنه، فقال: إن منكم رجلا يقاتل الناس على تأويل القرآن، كما قاتلت على تنزيله، قال أبو بكر: أنا، قال: لا، قال عمر: أنا، قال: لا، ولكن خاصف النعل (1).
                            وروىأحمد في الفضائل بسنده عن أبي سعيد قال: كنا نمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم، فانقطع شسع نعله، فتناولها علي يصلحها، ثم مشى، فقال: إن منكم لمن يقاتل على تأويل القرآن، كما قاتلت على تنزيله، قال أبو سعيد:
                            فخرجت فبشرته بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يكبر به فرحا، كأنه قد سمعه (2).
                            وأخرجه أحمد في المسند، والحاكم في المستدرك (3).
                            وروى الإمام أحمد في المسند بسنده عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
                            إن منكم من يقاتل على تأويله، كما قاتلت على تنزيله، قال: فقال أبو بكر وعمر أنا هو، فقال صلى الله عليه وسلم: لا، ولكن خاصف النعل (4).
                            وروى الحاكم في المستدرك بطريقين عن أبي سعيد قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانقطعت نعله، فتخلف علي يخصفها، فمشى قليلا، ثم قال:
                            إن منكم من يقاتل على تأويل القرآن، كما قاتلت على تنزيله. فاستشرف لها القوم، وفيهم أبو بكر وعمر، قال أبو بكر: أنا هو؟ قال: لا، قال عمر: أنا هو؟ قال: لا، ولكن خاصف النعل - يعني عليا - فأتيناه، فبشرناه، فلم يرفع به رأسه، كأنه قد كان سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم - قال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين (5).

                            ____________
                            (1) تهذيب الخصائص ص 88.
                            (2) فضائل الصحابة 2 / 627.
                            (3) مسند أحمد 3 / 82، المستدرك للحاكم 3 / 122.
                            (4) المسند 3 / 33.
                            (5) المستدرك للحاكم 3 / 122.


                            وفي رواية أخرى عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه، قال: كنا جلوسا ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج علينا من بعض بيوت نسائه، قال: فقمنا بعده، فانقطعت نعله، فتخلف علي يخصفها، ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومضينا معه، فقال صلى الله عليه وسلم: إن منكم من يقاتل على تأويل القرآن، كما قاتلت على تنزيله، فاستشرفنا لها، وفينا أبو بكر وعمر، فقال أبو بكر: أنا هو يا رسول الله؟
                            فقال صلى الله عليه وسلم: لا، ولكنه خاصف النعل (1).
                            أخرجه أحمد في المسند والفضائل، وقال الشوكاني في در السحابة:
                            أخرجه أحمد بإسناد رجاله رجال الصحيح، فطر بن خليفة وهو ثقة، وأخرجه الحاكم في المستدرك، وقال صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي:
                            وأخرجه ابن أبي شيبة (12 / 64) والبغوي في شرح السنة، وأبو نعيم في الحلية، وابن المؤيد في فرائد السمطي، وابن حباه (544 موارد) والقطيعي في زوائد الفضائل (2).
                            وروى ابن الأثير في أسد الغابة (3) بسنده عن عامر الشعبي عن عبد الرحمن بن بشير قال: كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم، إذ قال: ليضربنكم رجل على تأويل القرآن، كما ضربتكم على تنزيله، فقال أبو بكر: أنا هو؟ قال: لا، قال: عمر: أنا هو؟ قال: لا، ولكن خاصف النعل، وكان علي يخصف نعل النبي.


                            (1) المسند 3 / 182.
                            (2) الشوكاني: در السحابة ص 225، المستدرك للحاكم 3 / 123، البغوي: شرح السنة 10 / 33، حلية الأولياء 1 / 67، ابن المؤيد: فرائد السمطين 1 / 159، 160، 161، 280، القطيعي:
                            زوائد الفضائل (1071)، ابن كثير: البداية والنهاية 7 / 305.
                            (3) ابن الأثير: أسد الغابة في معرفة الصحابة 3 / 429 (دار الشعب - القاهرة 1970).


                            وقال السيوطي في الخصائص الكبرى: وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي عن أبي سعيد قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانقطعت نعله، فتخلف علي يخصفها، فمشى قليلا، ثم قال: إن منكم من يقاتل على تأويل القرآن، كما قاتلت على تنزيله، فقال أبو بكر: أنا، قال: لا، قال عمر: أنا، قال: لا، ولكن خاصف النعل (1).
                            وروى الحافظ أبو نعيم في حليته بسنده عن إسماعيل بن رجاء عن أبيه عن أبي سعيد الخدري قال: كنا نمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم، فانقطع شسع نعله، فتناولها علي يصلحها، ثم مشى، فقال: يا أيها الناس، إن منكم من يقاتل على تأويل القرآن، كما قاتلت على تنزيله، قال أبو سعيد: فخرجت فبشرته بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يكترث به فرحا، كأنه قد سمعه (2).
                            وروى ابن حجر في الإصابة بسنده عن الشعبي عن عبد الرحمن بن بشير قال: كنا جلوسا مع النبي صلى الله عليه وسلم إذ قال: ليضربنكم رجل على تأويل القرآن، كما ضربتكم على تنزيله، فقال أبو بكر: أنا هو يا رسول الله؟ قال: لا، قال عمر:
                            أنا هو يا رسول الله؟ قال: لا، ولكن خاصف النعل، فانطلقنا، فإذا علي يخصف نعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، في حجرة عائشة، فبشرناه (3).
                            وفي رواية عن جابر الجعفي عن الإمام محمد الباقر بن الإمام علي بن الحسين عن أبيه الإمام علي زيد العابدين عن الأخضر بن أبي الأخضر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أنا أقاتل على تنزيل القرآن، وعلي يقاتل على تأويله (4).


                            (1) السيوطي: الخصائص الكبرى 2 / 138.
                            (2) حلية الأولياء 1 / 167.
                            (3) الإصابة في تمييز الصحابة 2 / 392.
                            (4) الإصابة في تمييز الصحابة 1 / 25.

                            وروى المتقي في كنز العمال بسنده عن أبي ذر قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو ببقيع الغرقد، فقال: والذي نفسي بيده، إن فيم رجلا يقاتل الناس من بعدي على تأويل القرآن، كما قاتلت المشركين على تنزيله، وهم يشهدون أن لا إله إلا الله، فيكبر قتلهم على الناس، حتى يطعنوا ولي الله، ويسخطوا عمله، كما سخط موسى أمر السفينة، وقتل الغلام، وإقامة الجدار،

                            وكان خرق السفينة وقتل الغلام، وإقامة الجدار، لله رضى، وسخط ذلك موسى - قال أخرجه الديلمي (1).
                            وروى الهيثمي في مجمعه بسنده عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول إن منكم من يقاتل على تأويل القرآن، كما قاتلت على تنزيله، فقال أبو بكر: أنا هو يا رسول الله؟ قال: لا، قال عمر: أنا هو يا رسول الله؟ قال: لا، ولكنه خاصف النعل، وكان أعطى عليا نعله يخصفها - قال رواه أبو يعلى، ورجاله رجال الصحيح (2)، ورواه المحب الطبري في الرياض النضرة، وقال: أخرجه أبو حاتم (3).
                            وروى ابن الأثير في أسد الغابة بسنده عن أبي الطفيل عن أبي سعيد الخدري قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانقطع شسعه، فأخذها علي يصلحها، فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إن منكم رجلا يقاتل على تأويل القرآن، كما قاتلت على تنزيله، فاستشرف لها القوم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكنه خاصف النعل، فجاء فبشرناه بذلك، فلم يرفع به رأسا، كأنه شئ قد سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم (4).

                            (1) كنز العمال 6 / 390.
                            (2) مجمع الزوائد 5 / 186.
                            (3) الرياض النضرة 2 / 252.
                            (4) ابن الأثير: أسد الغابة 4 / 114.



                            وفي نهج البلاغة عن الأعمش عن إسماعيل بن رجاء عن أبي سعيد الخدري، قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانقطع شسع نعله، فألقاها إلى علي يصلحها، ثم قال: إن منكم من يقاتل على تأويل القرآن، كما قاتلت على تنزيله، فقال أبو بكر الصديق: أنا هو يا رسول الله، فقال: لا، فقال عمر بن الخطاب: أنا هو يا رسول الله، قال: لا، ولكنه ذاكم خاصف النعل، ويد علي على نعل النبي صلى الله عليه وسلم، يصلحها قال أبو سعيد: فأتيت عليا، عليه السلام، فبشرته بذلك، فلم يحفل به، كأنه شئ قد كان علمه من قبل (1).

                            (1) ابن أبي الحديد: شرح نهج البلاغة 3 / 207.

                            تعليق


                            • #15
                              احسنتم خوي مدافع

                              بالنقل الموفق

                              تعليق

                              المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                              حفظ-تلقائي
                              x

                              رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                              صورة التسجيل تحديث الصورة

                              اقرأ في منتديات يا حسين

                              تقليص

                              لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

                              يعمل...
                              X