بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
إن الهدف الأصيل في هذه الورقة هو وأد النزاع و الجدل و بعث الحوار الفعلي
أطرح هنا بحثاً عن نفوس تاقت إلى الحق فعملت له و لوجهه لا غير(حتى و إن ظنّت هذا الحق ماركسياً, مسيحيا , أم مسلما)و كون الموضوع بشأن الإنسان الإسلامي فلنتوجه به بمفردات أكثر تحديداً فالإستغفار و التوبة, مثلاً , دليل دائم على ثورة النفس على الواقع لرسمه من جديدو إن حصل الفشل ..
و إنّ خير دليل على ذلك (عدا عن الإستغفار و التوبة في النفس الثورية المسلمة) هو الألطاف الإلهية التي يفيضها تعالى على المسلمين و الحمد لله, فأثناء العمل للحق (حتى و لو بالواجبات فحسب) يثار في سكينة العمل اضطرابٌ هدفه ليس زعزعة الإعتقاد بل البحث و العلم(التفكّر) و قد قال الرسول(ص): (الحكمة ضالة المؤمن أنّى و جدها التقطها), و قال (ص) : (خذوا الحكمة و لو من فم منافق). و هذا البحث ليس عن الصحيح و السقيم فحسب بل هو توق إلى الرقي بالنفس و السلوك إلى الله تعالى..و قد قال(ص): ساعة تفكر خيرٌ من عبادة سنة..
نتطلع دائماً لمشتركٍ يتوجّه بأسئلة أو مواضيع في الشؤون الأصيلة العقيدية مثلاً... بل هلاّ يطرح أحدٌ(و لا أخلي الجميع ) , و لو أسئلة جانبية (لا تقدّم و لا تؤخر) بأن يقول مثلاً ما الدافع لقول كذا أو فعل كذا و ما أصل المسألة و في نفسه أولاًدون أن يحكم مسبقا بأدواته هو..
على أنّ النهج الذي يتّبعه الكثيرون واضح في خطله و فسادمبناه ,فيقوم على تفنيد (و لو بمغالطة أو شبهة) أمور جانبية لهدم أصول و عقائد و هذا من الغريب و المريع في آن, غريب عن المنطق و مريع أن يكون منهج تفكير بعض من يحملون الهوية الإسلامية و الأدهى أن يطبّقه في مجتمعه و يصبح فيما بعد جسما دخيلا في الفكرالإسلامي و واجهة سيئة, و أي مجتمع أو حضارة سنبني أو نرتجي و منهج تفكيرنا يقوم على قطع الجذور بإزالة الأوراق (بل و على افتراض فساد الأوراق)!؟؟
لم أجد إلا طرحاً لمواضيعسجالية (منحيث الطرح بغض النظر عن الصحة و عدمها) و لا شأن لها في أصالة دين أو عقيدة مهما كانت
و هذا دليل كاف على نوع الحوار المتطلّع إليه و مرشدٌ بـيّـنٌ أيُّ أشخاص يدخلون (مع كامل الإحترامفلا مذمة في قولي) و إنما من يدخل ليس من أصحاب الحوار بل صاحب قول يريد بثّه ثم ما عليه بعد ذلك إلا تأكيده و الإشاحة عن قول الآخرين و كأن قولهم أو فكرهم أسنّةٌ يتقيها بجوشن يتسربله على نفسه و عقله..
نعم..لا بد أن أخلي آحاداً من هذا, أذكر مثلاً محاوراً اسمه ابن مسلم(من بني تميم) و إن تطرّف في مواضيع, إلا أنني في حوار لي معه رأيت له هدأة نحو الدليل و تمايزاً في احترام الرأي و إن لم يأخذ به و هذا كاف كبداية لحوار هادف أو على الأقل لسائل يرتجي العلم لا التراشق و حسب..
و لا أخلي البعض من ذلك و إنما أتساءل.. أين هم ؟
ليس الطرح هنا أنّي أريد من المحاورين من يقول لي نعم أنت على حق مسبقاً أو لاحقاً , فهذا (و إن كان الحق معي فرضاً) من قتل حمأة الرأي و قيد على حرية الفكر..
كونوا كالصحابة لا أكثر..
إنّ في الصحابة(رض) نموذجين أساسييّن(تصنيف بحسب الفكرة التي أتحدّث عنها لا غير)
نموذجٌ بحث عن الحق و نموذج استجاب له, وهذان يومئان إلى شيء مما أتحدّث عنه
الأول: من بحث عن الحق و ثارت نفسه ابتداءً ثم عرض نفسه على الدعوة الإسلامية و هذه خصوصية لشذر من الصحابة كسلمان المحمدي(رض) و أبي ذرٍّ عبد اللهبن جنادة الغفاري(رض) فمن المعلوم أنّهما نبذا ما بأيديهما قبل الرسالة و اتجهوا إليها حين سمعوا بوجودها أو أنها ستوجد..
و النموذج الثاني : من استجاب و قد عرضت عليه الرسالة المقدّسة.. و أدّى و عمل.
ففكّر لو أنّك في زمن رسول الله(ص) أكنت ستمضي وراءه (ص) مع شذر من الناس و أنت محاط بالجو الجاهلي الأصيل (حيث الإسلام حينها هو المستجد) و قد انهالت عليه التكذيبات من أصحاب الأحلام و القادة من قريش و أصحاب المال و (الواقعية)بعيدا عن التخيلات التي يطرحها بحسب رأيهم الرسول(ص).و الجو العائلي و القبلي المحيط يقول إنّه يدعو إلى ملك له و لهاشم (كما قال أبو جهل لعنه الله) هل كنت ستمضي كاسرا قيد القبيلة و الرحم , لدين يفرّق بين المرء و أبيه
إنّك في كلّ حين في هذه الدنيا مدعو لأن تواجه باطلاً و تنصر حقاً و تتخذ مسلكاً منهما (و الواقعية تفرض أنّ الإنسان بل و كل أمر في الدنيا بما في ذلك الفكر ليس أبيض و أسود فحسب, إن المساحة الرمادية هي الحيّز الأعظم مع تدرّج درجاته إلى هنا أو هناك
إن إيجاد ثقافة التغيير و لو لإثراء الفكر هو هدف بحدّ ذاته لأنه الباعث إلى ما يصطلح عليه بالتفكر (و الله تعالى يشدّد على دعوتنا إلى التفكّر)
ما أتحدّث عنه و ما أستقيه خصوصا من النموذج الأول (لأنّ له رابط بالقادمين إلى منتديات الموالين) هو النفس الثورية المندفعة ذاتيا, هذه النفس لم تكن توجد لدى النموذج الثاني بالشكل عينه مع كامل الإحترام لهم و هذا لا يخليهم من أيّ قدر من الشرف (ولكن كانوا على ما كان عليه آباؤهم حتى أتى الرسول(ص) فاستجابوا)
و إن كنت أستطيع أن أقول ( أو افترض) أن البعض منهم كانوا مستائين من الواقع و استجابوا للتغيير على هذا الأساس
لو كانت هذه الرسالة مطروحة في منتدى لغير الموالين لدعوتهم أن يتخذوا أحد النموذجين..
كم من القادمين إلى منتديات الموالين للحوار (و هذا يعني أنهم يدّعون حمل شخصية النموذج الأول مصداقا للإندفاع الذاتي و الإستجابة في آن)كم منهم يحملون هذه النفس و عليه فقد تساءلوا : لم أنا في هذا المنتدى و ما هدف وجودي فيه, ما الذي تقرّره علي العقيدة كي أدخل و إن دخلت فما الذي تدعوني العقيدة إليه ( و لا بدّ أن أحد مفردات العقيدة الإسلامية في هذا الشأن الحكمة ضالة المؤمن أنّى وجدها التقطها)
على أن المدّعي للحوار, عليه أن يستفهم الأصول العقيدية للمقابل و يطرح جانبا ما قرأ و سمع و شاهد ثم بعد التثبت (بعدم الرجوع إلى رأي شاذ)يتساءل الأسئلة الجانبية ,و هنا لا أخلي بعض الشيعة من خلط المسيء بالباحث دونما تمييز عند الإجابة , و على مدار الحوار يعتمد النظر بعين القواعد العقلية المنطقية المشتركة.و يستمع إلى الفكرة بتمامها أو تدرجها (إذا قسّمت إلى مبانٍ) دون اختزال بينه وبين نفسه و يستفهم إذا ما تشابه عليه.
لكم تمنيت أن يسأل أحدٌ (نفسه على الأقل): ما هو إعتقادهم بالعقائد الرئيسة (مع ما تدّعون من تمني وحدة صف الأمة) فلو علمتم مثلاً اعتقادنا بالله تعالى و الرسول(ص) و القرآن الكريم و غير ذلك لهدمتم نصف ما تظنون من ظنون( على الأقل) إلا شذراً...
و لم هذا الشذر؟؟ و الجواب: المواقع الإلكترونية , الـ CD's , المحاضرات , المشاهد التلفزيونية , و قال الشيخ الذي أنا على صلة به و أرى جميل صنعه و سبحات وجهه تفيض إيماناً ..الخ
و انا أحترم الجو الذي تعيشون فيه و أعيش فيه معكم و مدرك له فهذه من ميزات الموالين أنهم على إطلاع كامل (ماديّ و معنويّ) مزوّدٍ بالتعايش و الصداقات و غير ذلك من الأواصر الإجتماعية مما يقطع حبائل سوء الظن و يجعلهم يرون الأمور بعيون الآخرين و ليس من زاويتهم فحسب.(و هذا من نعم الله عليهم (مع ما يرافقه من ابتلاءات) فهم يعرضون على الإختيار يومياً و يطبقون نموذجي الصحابة الآنفي الذكر و كأن الرسول(ص) أشار إليهم بقوله (....آمنوا بسواد على بياض) و هو دليل على إعمال العقل في الإختيار و التفكّر, أي النفس الثورية ,و هم قد امتحنوا في هذا بأن أحياهم الله وسط التجاذب الفكري)
ترى (بعد هذه الإطالة) هل سأجد و يجد إخوتي الموالين هؤلاء الأشخاص؟؟؟
هذا مرهون بكم تماماً
و السلام على من اتبع الهدى
تعليق