تويت
بسم الله الرحمن الرحيم
بمناسبة الذكرى الخامسة لشهادة الامام آية الله العظمى السيد محمد الشيرازي رضوان الله عليه ..
خسرناهم وهم الفائرون
الشيرازي .. تأصيل العصر وعصرنة الاصالة
إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (109) فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنتُم مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ (110) إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ - - -المؤمنون-(111)
صدق الله العلي العظيم
فريق من عباد الله .. فئة منهم .. ربما هم النوابغ ... يأتون في عصر من العصور .. فيُقابلوا بالسخرية كاحدى صور الاهمال ومصاديق المحاربة .. كما حدث لانبياء الله ورسله والاوصياء عليهم السلام .. والنتيجة .. تخسر الامم عطاءات ذلك الفريق من العباد .. ولا تعي لخسارتها الا بعد ان تفقدهم ..
انشغلوا بالاستهزاء بالنابغة .. فخسروه وخسروا عطائه وحى صار النابغة المذكر بالله سببا لان ينسوا ذكر الله لعدم الاستفادة منه ومحاربته والاستهزاء به .. نسو الله لان السيد المذكر به تركهم وشانهم فلا يستطيع ان يلزم الناس بما كرهوه .. ولانهم انشغلوا بالاستهزاء ومحاربة العبقري النابغة بدل ان ينشغلوا بالاستفادة منه ومن مشاريعه الحضارية وافكاره الحضارية ..
الغرب بشكل عام متقدم لانه يجيد الاستفادة من نوابغه .. بل يبحث عنهم في كل العالم ويستضيفهم .. على عكسنا .. فاننا اعداء التقدم لذلك فنحن اعداء النوابغ .. وهذا ما فعلناه من السيد الشيرازي ... نحاربه ولا نستفيد منه حتى الموت وربما بعد الموت ربما في تطور في حالة التخلف التي نعيشها .. وحرب نابغة العصر جاءت على ثلاث مستويات رئيسية :
اصدقائهم .. مقلديهم .. مريدوهم وما اشبه وذلك بعدم اتباعهم لاقوالهم وتفاعلهم مع طموحاتهم .. ثم اعدائهم في نطاق علماء الدين .. .. هؤلاء يحاربون النوابغ ايضا فيسقطونهم بنحو او آخر .
ثم – بالطبع – الحكومات بختلف هوياتها المذهبية .. من عملاء الحكومات الكافرة .
في الحقيقة .. خسرنا النابغة ولكنه لم يخسر نفسه .. فكان من الفائزين .. في الاخرة وهذا هوا لاهم .. وفي الدنيا عندما يأتي جيل يعرف قيمة النابغة وفكره واطروحاته الحضارية فيستفيد منها ويفوز بها .
ونلقي هنا نظرة خاطفة وسريعة على جانب من مشروعه الحضاري في تحديث الاسلام وعرضه بصورة ملائمة للعصر ولكن مع المحافظة التامة على الاصالة الدينية .. والثوابت الاسلامية وعدم المساس بها .. بل الابداع والاجتهاد فيها .. وانطلاقاً منها .
في بدايات حياته رضوان الله عليه كان الشيعة عالة على كتب السنة حول الاسلام وعلى كتب المستشرقين العصرية حول الدين .. فكان العالم الشيعي .. والحركة الشيعية .. والفرد الشيعي .. يضطر راغبا او مكرها للكتب السنية وكتب المستشرقين وهي مشحونة بكل تأكيد بالاغراض والامراض والاخطاء .. تلك الامراض التي لازمت البعض حتى الآن ولانزل نعاني من آثارها سوى في العالم او المفكر او التنظيم الانسان الشيعي .
في ذلك الزمن وفي هذا الظرف الخطير .. انبرى الشهيد الشيرازي رضوان الله عليه فألف كتباً اسلامية عصرية وافتتحها بكتاب : الاخلاق الاسلامية .
وقاد معركة التأليف بكافة صورها واشكالها ومجالاتها ... ألف وشجع الآخرين على التأليف .. ورباهم عليه .. وخلف للامة حين استشهادة ثروة هائلة من المؤلفات ... وها ان استمع الآن لاخر محاضرة له قبيل ساعات من شهادته وهو يوصي الاخوات المؤمنات بالتأليف ويحثهن عليه ..
بالنسبة للجماهير الشيعية .. كان يصعب عليها مراجعة القرآن الكريم ونهج البلاغة والصحيفة السجادية بدون شرح , فهناك فجوة واسعة بين الناس بشكل عام وبين اللغة العربية الفصحى خصوصا لغة القرآن والنهج والصحيفة .. ولا يتمكنون من الاستفادة من تفاسير وشروح في مستوى ولغة مجمع البيان مثلا وشرح ابن ميثم البحراني على النهج وشرح السيد على خان الشيرازي على الصحيفة ... وفي النتيجة كان الناس لا يتمكنون من الاستفادة من هذه المصادر الدينية الاساسية .. وضمن ما قام به الشهيد الشيرازي انه قام بوضع شروح مستوعبة ولكن بلغة سهلة ومبسطة يتفاعل معها الناس .. فجاء : تقريب القرآن الى الاذهان .. وتوضيح نهج البلاغة .. وشرح الصحيفة السجادية .
بالنسبة للحوزة العلمية .. كان طلبتها في الغالب ليسوا من العرب وانما من قوميات اخرى .. من ايران وافغانستان وشبه القارة الهندية وما اشبه .. امثال هؤلاء كانت اللغة العربية الفصحى عليهم صعبة .. فكيف بلغة كتب الحوزة الاساسية : كفاية الاصول المعقد جدا .. والرسائل المعقدة .. والمكاسب كذلك .. وعلى هذا الاساس كان هؤلاء يخوضون جهادا كبيرا في استيعاب مطالب هذه الكتب .. فانبرى الشهيد الشيرازي فقام بوضع شروح مستوعبة على الكتب الثلاثة , فقام بتاليف : الوصول الى كفاية الاصول , وشرح المكاسب , وشرح الرسائل .
ولم تكن في الحوزة موسوعة فقهية كاملة تامة وعصرية , الحوزة كانت تعيش على جواهر الكلام في شرح شرائع الاسلام من 40 مجلدا .. فانبرى الشهيد الشيرازي فألف موسوعة الفقه بعشرات مجلداتها .. وهي تعد الان كسيدة الموسوعات الفقهية .. ومن ابرز مزاياها مواكبتها للعصر استعراضاً استدلالياً مستوعباً قدر الامكان .. والوضوح والسهولة . فعالم الدين الذي يدخل ميدان الاجتهاد يتمكن من الاستفادة من موسوعة الفقه .. ان لم يكن كلها فغالبها .. بخلاف موسوعة الجواهر ذات اللغة المعقدة الصعبة .
وعصرنة الثقافة الدينية كانت بعداً واحداً هاماً من ابعاد المرجع الشهيد .. نعرف قيمتها انها جرت في ظل اوضاع معاكسة له تماماً .. في ظل حرب شعواء ومحاربة متواصلة شُنت عليه من مختلف الجهات .. وجرى كل ذلك في ظل الحرب الكلامية .. ومحاربة الحكومات المتوالية له ولنهجه الحضاري والجهادي .. وعندما نتفكر في انجازاته رضوان الله عليه نرى انها – مع ظروفها – معجزة من المعاجز او شبيهة بها .
بمناسبة الذكرى الخامسة لشهادة الامام آية الله العظمى السيد محمد الشيرازي رضوان الله عليه ..
خسرناهم وهم الفائرون
الشيرازي .. تأصيل العصر وعصرنة الاصالة
إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (109) فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنتُم مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ (110) إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ - - -المؤمنون-(111)
صدق الله العلي العظيم
فريق من عباد الله .. فئة منهم .. ربما هم النوابغ ... يأتون في عصر من العصور .. فيُقابلوا بالسخرية كاحدى صور الاهمال ومصاديق المحاربة .. كما حدث لانبياء الله ورسله والاوصياء عليهم السلام .. والنتيجة .. تخسر الامم عطاءات ذلك الفريق من العباد .. ولا تعي لخسارتها الا بعد ان تفقدهم ..
انشغلوا بالاستهزاء بالنابغة .. فخسروه وخسروا عطائه وحى صار النابغة المذكر بالله سببا لان ينسوا ذكر الله لعدم الاستفادة منه ومحاربته والاستهزاء به .. نسو الله لان السيد المذكر به تركهم وشانهم فلا يستطيع ان يلزم الناس بما كرهوه .. ولانهم انشغلوا بالاستهزاء ومحاربة العبقري النابغة بدل ان ينشغلوا بالاستفادة منه ومن مشاريعه الحضارية وافكاره الحضارية ..
الغرب بشكل عام متقدم لانه يجيد الاستفادة من نوابغه .. بل يبحث عنهم في كل العالم ويستضيفهم .. على عكسنا .. فاننا اعداء التقدم لذلك فنحن اعداء النوابغ .. وهذا ما فعلناه من السيد الشيرازي ... نحاربه ولا نستفيد منه حتى الموت وربما بعد الموت ربما في تطور في حالة التخلف التي نعيشها .. وحرب نابغة العصر جاءت على ثلاث مستويات رئيسية :
اصدقائهم .. مقلديهم .. مريدوهم وما اشبه وذلك بعدم اتباعهم لاقوالهم وتفاعلهم مع طموحاتهم .. ثم اعدائهم في نطاق علماء الدين .. .. هؤلاء يحاربون النوابغ ايضا فيسقطونهم بنحو او آخر .
ثم – بالطبع – الحكومات بختلف هوياتها المذهبية .. من عملاء الحكومات الكافرة .
في الحقيقة .. خسرنا النابغة ولكنه لم يخسر نفسه .. فكان من الفائزين .. في الاخرة وهذا هوا لاهم .. وفي الدنيا عندما يأتي جيل يعرف قيمة النابغة وفكره واطروحاته الحضارية فيستفيد منها ويفوز بها .
ونلقي هنا نظرة خاطفة وسريعة على جانب من مشروعه الحضاري في تحديث الاسلام وعرضه بصورة ملائمة للعصر ولكن مع المحافظة التامة على الاصالة الدينية .. والثوابت الاسلامية وعدم المساس بها .. بل الابداع والاجتهاد فيها .. وانطلاقاً منها .
في بدايات حياته رضوان الله عليه كان الشيعة عالة على كتب السنة حول الاسلام وعلى كتب المستشرقين العصرية حول الدين .. فكان العالم الشيعي .. والحركة الشيعية .. والفرد الشيعي .. يضطر راغبا او مكرها للكتب السنية وكتب المستشرقين وهي مشحونة بكل تأكيد بالاغراض والامراض والاخطاء .. تلك الامراض التي لازمت البعض حتى الآن ولانزل نعاني من آثارها سوى في العالم او المفكر او التنظيم الانسان الشيعي .
في ذلك الزمن وفي هذا الظرف الخطير .. انبرى الشهيد الشيرازي رضوان الله عليه فألف كتباً اسلامية عصرية وافتتحها بكتاب : الاخلاق الاسلامية .
وقاد معركة التأليف بكافة صورها واشكالها ومجالاتها ... ألف وشجع الآخرين على التأليف .. ورباهم عليه .. وخلف للامة حين استشهادة ثروة هائلة من المؤلفات ... وها ان استمع الآن لاخر محاضرة له قبيل ساعات من شهادته وهو يوصي الاخوات المؤمنات بالتأليف ويحثهن عليه ..
بالنسبة للجماهير الشيعية .. كان يصعب عليها مراجعة القرآن الكريم ونهج البلاغة والصحيفة السجادية بدون شرح , فهناك فجوة واسعة بين الناس بشكل عام وبين اللغة العربية الفصحى خصوصا لغة القرآن والنهج والصحيفة .. ولا يتمكنون من الاستفادة من تفاسير وشروح في مستوى ولغة مجمع البيان مثلا وشرح ابن ميثم البحراني على النهج وشرح السيد على خان الشيرازي على الصحيفة ... وفي النتيجة كان الناس لا يتمكنون من الاستفادة من هذه المصادر الدينية الاساسية .. وضمن ما قام به الشهيد الشيرازي انه قام بوضع شروح مستوعبة ولكن بلغة سهلة ومبسطة يتفاعل معها الناس .. فجاء : تقريب القرآن الى الاذهان .. وتوضيح نهج البلاغة .. وشرح الصحيفة السجادية .
بالنسبة للحوزة العلمية .. كان طلبتها في الغالب ليسوا من العرب وانما من قوميات اخرى .. من ايران وافغانستان وشبه القارة الهندية وما اشبه .. امثال هؤلاء كانت اللغة العربية الفصحى عليهم صعبة .. فكيف بلغة كتب الحوزة الاساسية : كفاية الاصول المعقد جدا .. والرسائل المعقدة .. والمكاسب كذلك .. وعلى هذا الاساس كان هؤلاء يخوضون جهادا كبيرا في استيعاب مطالب هذه الكتب .. فانبرى الشهيد الشيرازي فقام بوضع شروح مستوعبة على الكتب الثلاثة , فقام بتاليف : الوصول الى كفاية الاصول , وشرح المكاسب , وشرح الرسائل .
ولم تكن في الحوزة موسوعة فقهية كاملة تامة وعصرية , الحوزة كانت تعيش على جواهر الكلام في شرح شرائع الاسلام من 40 مجلدا .. فانبرى الشهيد الشيرازي فألف موسوعة الفقه بعشرات مجلداتها .. وهي تعد الان كسيدة الموسوعات الفقهية .. ومن ابرز مزاياها مواكبتها للعصر استعراضاً استدلالياً مستوعباً قدر الامكان .. والوضوح والسهولة . فعالم الدين الذي يدخل ميدان الاجتهاد يتمكن من الاستفادة من موسوعة الفقه .. ان لم يكن كلها فغالبها .. بخلاف موسوعة الجواهر ذات اللغة المعقدة الصعبة .
وعصرنة الثقافة الدينية كانت بعداً واحداً هاماً من ابعاد المرجع الشهيد .. نعرف قيمتها انها جرت في ظل اوضاع معاكسة له تماماً .. في ظل حرب شعواء ومحاربة متواصلة شُنت عليه من مختلف الجهات .. وجرى كل ذلك في ظل الحرب الكلامية .. ومحاربة الحكومات المتوالية له ولنهجه الحضاري والجهادي .. وعندما نتفكر في انجازاته رضوان الله عليه نرى انها – مع ظروفها – معجزة من المعاجز او شبيهة بها .