عبادة الأصنام
بــسـم الله الرحمـن الرحيم
سماحة المرجع الديني الأعلى آية الله العظمى السيد محمود الحسني حفظكم الله : يسأل البعض فيقول ،
ما معنى الأصنام التي وردت في عبارات كثيرة في كتاباتكم أدامكم الله تعالى ؟ إذا قصد زيد من الناس فما هو فعلهُ حتى صار مساوياً للصنم ؟ فإن كثير من العوام قد تستغرب من ذلك ؟
الجواب : ــ
بسمه تعالى :
يطلق عنوان الصنم أو الوثن إضافة إلى ما هو مشاع في عصر الجاهلية المعبودة من دون الله المصنوعة من الحجارة وغيرها فإن ذلك العنوان يطلق على عدة معاني منها :
أولاً :-أئمة الضلالة :
فكل من وقف ضد الحق وأهله وخدع وأضل الآخرين فهو صنم ووثن ، فليس المقصود أن الأصنام أئمة الضلالة دَعَوا الناس إلى عبادة أنفسهم بل أحلوا لهم الحرام وحرموا عليهم الحلال فأطاعهم الناس وبإطاعتهم فقد عبدوهم من حيث لا يشعرون ، ويشهد لهذا المعنى ما ورد في القرآن والسنة المحمدية الشريفة وما ورد عن المعصومين والصالحين (عليهم السلام) ومنها : -
1 ) قوله تعالى (( اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ )) ففي كـتب التفسير ، انه لما نزلت الآية ((اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ ...)) قال عدي بن حاتم : ما كنا نعبدهم يا رسول الله ،
قال(صلى الله عليه وآله): أليس كانوا يحـلون لكم ويحرمون ، فتأخذون بقولهم ،
قال عدي : نـعـم ،
قال: رسول الله(صلى الله عليه وآله): هو ذاك.
2 ) قوله تعالى: (( لا يَتـَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ ))
3 ) سئل الإمام الصادق(عليه السلام): عن قوله تعالى
(اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ)).

قال
عليه السلام): أما والله ما دعوهم إلى عبادة أنفسهم ، ولو دعوهم إلى عبادة أنفسهم لما أجابوهم ، ولكن أحلوا لهم حراماً وحرموا عليهم حلالاً ،( فتبعوهم ) ، فعبدوهم من حيث لا يشعرون .

4 ) كتب أمير المؤمنين(عليه السلام) لمعاوية: (( ان بيعتي شملت الخاص والعام ، وإنما الشورى للمؤمنين من المهاجرين الأولين السابقين بالإحسان من البدريين ، وإنما أنت طليق بن طليق ، لعين بن لعين ، وثن إبن وثن ليست لك هجرة ولا سابقـة ولا منقبة ولا فضيلة ، وكان أبوك من الأحزاب الذين حاربوا الله ورسوله )) .
5 ) سُئِلَ الأمام الصادق(عليه السلام) عن أعداء الله .
قال(عليه السلام): الأوثان الأربعة ،
فقيل : من هم ؟
قال(عليه السلام): أبو الفصيل ورمع ونعثل ومعاوية ، ومن دان بدينهم ، فمن عادى هؤلاء فقد عادى أعداء الله .
ثانياً : - الفعل أو القول المنحرف الضال : فكل فعل أو قول يخالف فعل الحق وقوله فهو وثن وصنم ، فالجحود لولاية أمير المؤمنين وأهل بيته المعصومين(عليهم السلام) , مثلاً , يمثل الصنمية والوثنية فالتمسك بهذا الفعل المنحرف فقد تمسك وعبد صنم ووثن الجحود والضلالة .
ويشهد لهذا المعنى ما ورد عن النبي المصطفى(صلى الله عليه وآله وسلم): (( يا علي ما من عبد لقي الله يوم يلقاه جاحداً لولايتك ، إلا لقي الله بعبادة صنم أو وثن )) .
ثالثاً : ـ الدينار والدرهم والدنيا :
فالدينار والدرهم والدنيا وما تشمله من مفردات مادية تبعد الإنسان عن الإخلاص المطلق في عبادة الخالق الواحد الأحد ، فهي أصنام وأوثان تتربع في قلوب ونفوس اتباعها وعبادها ، ويشهد لهذا المعنى:
ما ورد عن النبي المصطفى(صلى الله عليه وآله وسلم): يأتي على الناس زمان بطونهم آلهتهم ونسائهم قبلتهم ، ودنانيرهم دينهم ، علمائهم شر خلق الله على وجه الأرض ، ... فتعجب الصحابة فقالوا: يا رسول الله أيعبدون الأصنام ؟
قال(صلى الله عليه وآله وسلم): نعم كل درهم عندهم صنم .
وفي الختام أسأل الله تعالى أن يرزقنا إخلاص النية والتوحيد في عبادة الواحد القهار ، وأترك الحكم لك أيها المكلف في تحديد وتطبيق مصاديق الأصنام في الخارج حتى تعتاد على ذلك فتكون من المميزين (بعون الله تعالى) لأصنام الرجال والضلال والدنيا ممن سيحارب ويحارب بها أهل الباطل أطروحة الإمام المعصوم(عليه السلام) وأنصاره وشخصه المقدس(أرواحنا لتعجيل ظهوره الفداء) والحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين والله المسدد
السيد
محمود الحسني
تعليق