بسم علي وآله
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم أجمعين
شريعتي.. وما أدراك ما شريعتي
لن أطيل في الرد على ما كتبه أحمد رضي في مقالته المنشورة على موقع الراصد بعنوان (علي شريعتي غريب في زمن الغربة) ولن أفعل مثل ما فعل مما حسب أنه من الأدب بأن لا يرد على رجل الدين الذي قاطعه في تلك المحاضرة التي لم أسمعها ولم أقرأ منها إلا ما قاله هو في تلك المقالة والتي بان فيها الغلط والخطأ والاشتباه.. الذي يعذر ذلك الرجل المتدين القادم من حوزة قم العلمية والأخبر بموضوع شريعتي وملابساته..
سأختصر الطريق وأسأل أحمد رضي..
هل هو رجل دين، أم رجل سياسة؟!
إن كان رجل دين فكيف يفتي الأمة بما لا يعلم، وإن كان رجل سياسة فهو إلى المتحول أقرب منه إلى الثابت، وهذا هو الأخطر، عندما يكون محيطنا الديني مرهون بخطاب السياسي الذي يفرضون فيه الإصابة في الرأي والموقف، بأكثر مما يفرضونه برجل الدين..
ليست القضية غائبة عن الناس الذين في قم حتى لا يعرفون موقف الإمام الخميني من هذه القضية؟ والوثائق شاهدة على ذلك، كما هي مؤسسات الإمام وتلامذته ومدرسته، وأنا في هذه اللحظة أضع الوثائق على طاولتي وأمامي لأتجرع السم بشأن أمرين:
• الأول:أنه يكون شريعتي عنوانا في الحراك الثقافي والسياسي الذي يقرن بحركة فقيه كالسيد الإمام الخميني (رحمه الله) .
• الآخر:أن يصف اسم شريعتي إلى جانب الأسماء الذين بعضهم كان له موقف الصدام الشديد مع شريعتي وهو الشهيد المطهري.
ومنها فإن موقف رجل الدين الذي لا أعرف من هو موقف صائب والمكان والزمان الذي قال فيه كلمة التصحيح ملائم ومناسب.. فما عاد الأمر يتحمل هذا الاختراق إلى هذا الحد في مساحتنا الدينية باسم الكلمة القادرة على هز عواطف الناس..
هناك ثوابت وقيم لا يمكن التهاون فيها مهما بلغ الأمر، وهذا مما يستفاد من حركة الإمام الخميني الذي كان في ذكراه الموقف الذي أشعل الضوء كما يقول الكاتب..
شريعتي باختصار رجل تغرب وتعلم من الغرب ومن الثقافة الغربية وأتقن اللغة الثورية عند الغرب ثم أراد تقريبها بالخطاب الديني في إيران وبعض المساحات الدينية وتطبيقها في المجتمع الديني الذي كان يعيش هو الآخر حراكه الثوري ولكن بلغته، وانتهى الأمر فهو ليس بصاحب مدرسة وليس بفقيه وليس بإمام معصوم حتى يندب عليه ليل ونهار وتأسس على ضوء خطاباته المسارات والأفكار، هو رجل كان قدره في وقته وانتهى.. أما مسألة استرجاعه في الوضع والذاكرة فهي تنطلق من أحد أمرين لا ثالث لهما:
- إما التسامح في الموقف والكلمة والخطاب.
- أو لإضافته كرقم في مواجهة الحوزة العلمية والثابت الديني.
وهذا أمر لا يختلف عليه من أن شريعتي كان حربة في مواجهة الخطاب الديني ورموزه، وحسينية الإرشاد التي يتغنى بها هي الشهادة الكبرى على ذلك، وحتى السيد الخامنئي الذي يستشهد به الكاتب فقد قرأت مقالا لخالد توفيق الذي ترجم الكثير من خطب وخطابات السيد الخامنئي والذي كتب قبل سنوات في مجلة الوحدة أن السيد التقى بشريعتي في بيت جلال آل أحمد في مشهد وانتقده غاية الانتقاد حول موقفه من العلماء، ثم إن السيد قال: ما يريده الشباب من شريعتي يوجد لدى الشهيد المطهري بشكل أفضل وأهذب..
ويكفي ما ينقله الكاتب عن غيره حول شريعتي وموضوع الإمامة فهو مما يدعو إلى الاحتياط في مطالعة كتب شريعتي واعتماد نتاجاته، ولا أعتقد أن شيعيا متعلم أو غير متعلم، رجل دين أو مثقف، يقبل بالتهاون في أمر الإمامة الذي هو أصل من أصول المذهب إن لم يكن من أصول الدين..
إن الآخر الذي يعيش الانتماء إلى جزء من أفكاره على نحو المتحول لا الثابت لا يقبل التهاون بها، فكيف يريدنا أن نجتر إلى التسامح في أي رؤية تطرح حول الإمامة أو غيرها من المبادئ والأسس داخل الدين..
وهذه هي النتيجة أن يأتي مثل الرضي لكي يدافع عن شريعتي أن يحط من قدر الفقهاء بنقله لهذه العبارة الاستهزائية التي لا رائحة فيها من العلم:إن الفقهاء ينكبون على ألف مسألة شرعية في آداب التخلي دون أن يقدموا مسألة واحدة أو حكما شرعيا واحدا يتعلق بالمصير المشؤوم الذي ينتظر الأمة والبلاد..
وهذه واحدة من المغالطات إذ أن الفقهاء ينهمكون في هذه المسألة ولكن لا يتناسون أمر هذه الأمة والواقع شاهد على ذلك، ولهم الحق في هذا الانكباب والحرص على الجزئيات التي لا يدركها عامي كالرضي، والله شهيد على ما أقول: لو أن الأطباء، أو جملة من الخبراء الغربيين عقدوا مؤتمرا وخصصوا ملايين الدولارات وحشدوا الرجال ووظفوا الاعلام لمؤتمر حول الدخول إلى بيت الخلاء لقلنا أن هذا انجازا وأكبرنا وهولنا، بينما نستكثر على الفقيه الذي هو وضيفته أن ينشغل في زاوية من مكتبه وليس ينفق في ذلك غير حبر وورق لتبيان مسألة مكلف هو بالاجتهاد فيها وبيان رأيه.
إن المسألة وما فيها كما هو واضح إحياء أسماء للحط من الحوزات العلمية وخطابها الديني..
ومهما فعلوا لن يطفؤا نور الله المؤيد بصاحب الأمر.. وعلى من ليسوا بأهل اختصاص أو دراية أن يتقوا الله في الأمة ولا يلعبوا بعواطفهم..
اللهم عجل لوليك الفرج
السید محمود الغریفي البحراني
تعليق