(( هناك .. يقول لهم :- إنني أرسلت إليكم محمد الصدر ليقرع أسماعكم ، فلم ترعووا ، ولم تهتدوا ، فهذا دربكم فاسلكوه ))خطبة السيد محمد الصدر (45) من مسجد الكوفة المقدمة بين الفينة والفينة …. تطرق أبواب العالم رسالة كونية ملفتة للنظر ، أو تطرق أبواب العلم ظاهرة معجزة لا يوجد لها تفسير ، أو تستفز الواقع العملي والمحتبري حالة علمية استثنائية تنبلج من بين أصابع المستحيل لتحيل الرؤى والفهم إلى عجز يثير التساؤل والريبة بين أطياف الناس على اختلاف مستوياتهم وتوجهاتهم وتطلعاتهم .فتارة يقترب نجم أو كويكب أو نيزك من مجموعتنا الشمسية ويتجه نحو كوكبنا مهدداً حالة الاستقرار الموهومة ويثير ضجة عالمية كظاهرة (إقتراب كوكب أو جرم سماوي مرسوم عيه صورة لوجه إنسان يضع على رأسه عمامة سوداء ، قال البابا يوحنا بولص السادس إنه السيد المسيح (ع) آت من جهة مجهولة خارج مجرة درب التبانة مؤذناً بالخلاص .هذه الظاهرة التي أُطلق عليها تسمية ( Face in the space ) وترجمتها ( وجه في الفضاء ) والتي شغلت العلم والأرصاد الجوية والفلكية طيلة عامي 1996 و 1997 ، ثم تلاشت دون توديع ، ودون أن يصرِّح أحد من علماء الفلك والأرصاد الجوية عن سبب اقتراب هذا الجرم من الأرض ، ولا عن المكان الذي انطلق منه ، ولا الجهة التي يتجه نحوها ، ودون أن ينبس أحدهم ببنت شفة ليوضح هذا الخطأ الحاصل في الحسابات الفلكية ، ولم يكلف أحد من الفلكيين نفسه ليصرح عن آخر تطورات هذا الحدث وكأنما أصبح – بقدرة قادر – في غياهب جب التلاشي . وتارة تقوم الدنيا ولا تقعد لولادة غريبة لجنين يتخطى كل الحسابات والنتائج المختبرية ويتحدى كل قوانين الوراثة المعتمدة والمعمول بها ضمن حقل الطب ، وقد نجد أن طفلاً أو شخصاً ما ينبغ عن قابلية غريبة لا يقبلها العلم ولا يجد لها مكاناً في عالم المعقول ، ولكنه في نفس الوقت يقف أمامها حائراً ويتقبلها بتحفظ شديد نظراً لرسوخها في عالم الواقع.فهناك ثمة أشخاص غيَّروا مجرى الأحداث وأثّروا في مسيرة التاريخ دون أن يجد العلماء تفسيراً لنبوغهم الفردي ضمن (زمـكانية) واحدة تضم الملايين من البشر ، فبعض الأشخاص كانوا قد شغلوا الدنيا بإبداعاتهم أو نظرياتهم أو قياداتهم ، وبدأ الناس ينظرون إليهم على أنهم ليسوا من البشر العاديين وكأنهم جاءوا من خارج كوكب الأرض ، خذ الشاعر المتنبي أنموذجاً في حقل الأدب ، أو خذ أينشتاين أنموذجا في حقل الفيزياء أو خذ ليوناردو دافنشي في حقل الفن والتشكيل ، هذا فضلاً عن اكتشافات الطب المتعددة لأمراض وإصابات جديدة لم يتسن للعلم أن يأخذها بتفسيراته وتبريراته التطبيقية ، مما حصره في زاوية الهروب أمام تساؤلات العامة ، فأرجأها إلى قائمة العجز التفسيري التي تسمى بقائمة ( الأمراض الوظيفية ) أو أحالها إلى مصادر ( الصدفة ) التي تعجز عن تفسير نفسها تفسيراً منطقياً . من الطبيعي ونحن نواجه هذه الظواهر الطبيعية أن نتساءل بوعي : هل أن هذه الظواهر دخيلة على الكون ؟؟ أم أنها موجودة – أصلاً – ضمن الحالة الواقعية ، ولكنها غير مكتشفة ؟ فنحن نعرف أن الكثير من الظواهر تمر علينا – نحن سكان الأرض - دون أن نلتفت إليها بوعي ، وبذلك يطويها الجحود أو التجاهل أو النسيان ، وهذا ما حدث مع – حتى – الأنبياء ، فعندما دخلت ابنة ( قُس ابن ساعدة ) على رسول الله (ص) قال : هذه ابنة نبي ضيَّعَه قومه ، ومن ذلك الكثير الكثير مما لم تشر إليه أصابع التاريخ ولم يتناوله المؤرخون بالشرح والتحليل والتفسير لأسباب تتعلق بالفهم والاهتمام الإنساني بهذه الظواهر ، والأخطر من ذلك أن يتم تناول هذه الظواهر على وفق التفسيرات المنزاحة نحو التسييس أو التوظيف ضمن المصالح ، والأشد خطراً هو تفسير هذه الظواهر من قبل جهلاء تقودهم أحقادهم للتقليل من أهميتها . ولكن إجمالاً ، يمكننا القول أن مجيء هذه الظواهر - على حين فترة من السكون أو الاضطراب – يمثل رسائل مشفّرة إلى العالم من القوّة المسيطرة المتمثلة بالخالق عز وجل ، أو من الموكلين بتسيير بعض الفعاليات المهمة ، كما أوكل ملك الموت بنا ليتوفانا بأمر من الله . وهذه الرسائل تحتاج إلى من يحل شفرتها ويترجمها للناس على اختلاف مستوياتهم وقدرتهم على الاستيعاب ، موقنين بأن هذه الرسائل لم تأت بشكل عفوي أو اعتباطي ، بل إنها تحمل كمّاً هائلاً من المعلومات التي يحتاجها الإنسان لتوجيه مسيرته توجيهاً صحيحاً بإزاء التداعيات والتهافتات التي تسيطر في مكان معين وزمان معين على مسيرة الإنسان وعلاقته بالقوة المطلقة . نحن الآن بصدد تناول ظاهرة إنسانية عاشها البشر عموماً ، والعراقيون خصوصاً في زمن ليس بالبعيد عن زمن كتابة هذا البحث ، إنها ظاهرة السيد محمد محمد صادق الصدر ( عليه صلوات من ربه ورحمة ) أعني به السيد الشهيد الثاني ، أو ما يمكن أن تسمى بـــ (ظاهرة الصدر الثالث) على اعتبار أسبقية فيلسوف الإسلام المعاصر السيد الأستاذ محمد باقر الصدر الشهيد في العراق ، والسيد موسى الصدر في لبنان ، ولذا تأتي ظاهر ( محمد الصدر ) ثالثاً ضمن التسلسل الزمني . هذه الظاهرة التي شغلت الساسة داخل وخارج العراق رغم تكالب وسائل التعتيم والتغييب والمصادرة سابقاً ولاحقاً ، واقتضى القضاء عليها تدخل مجموعة من القوى العالمية ووضع برامج وتوقيتات أخذت مساحة واسعة من وقت وطاقات الذين حاولوا الالتفاف على هذه الظاهرة ، واستدعت تدخل قوى عالمية للقضاء عليها ، وتكالب مراكز قوى داخل وخارج الحوزة العلمية للقضاء عليها ، على وفق مؤامرة لها ذيول تاريخية تم تطبيقها مع السيد الشهيد الصدر الأول محمد باقر الصدر . إن إطلاقنا لمفهوم الظاهرة على هذا الحدث ، تقتضي منّا أن نحاول جاهدين تناول الظروف المحيطة بولادة هذه الظاهرة ، والوقوف على التأثيرات التي خلفتها في الساحة السياسية العراقية والعالمية ، وأعتقد – ظانـّا – إن ظاهرة السيد الشهيد الثاني 0 أو الصدر الثالث -على اعتبار أن السيد الصدر الثاني لم يثبت استشهاده بعد - كانت رسالة موجهة من الإمام الحجة ( عجل الله ظهوره المبارك ) للأسرتين العراقية والدولية رغم أن الكثير من أعضاء الأسرتين لم يستطع فهم هذه الرسالة من حيث الشكل والمضمون والغاية وجهة الإرسال.ولست بصدد أن أثبت أن السيد الصدر الثالث هو الرسالة الأخيرة للإمام المهدي (ع) ، لأنني سأكتفي بدراسة أسباب ونتائج انبثاق هذه الظاهرة للوصول إلى مصداقية كون الرسالة موقّع عليها من قِبل الإمام نفسه ، ومختومة بختم الناحية المقدسة بشكل يقطع الطريق – رغم أننا لسنا من قطاع الطرق – على من يدعي أن هذه الظاهرة هي محض ظاهرة عابرة ولا تنتمي إلى أصل المهدوية بصلة . ولكي نفهم بشكل واع ٍ ماهيّة هذه الرسالة ، سنحاول – خطوة بخطوة - أن نتناول النقاط التي شملها تأثير هذه الظاهرة عبر الفترة الزمنية التي تضمنتها . متمنياً على القارئ أن يمنحني فسحة من سعة الصدر والصبر لاستكمال البحث ، وفرز مفرداته ضمن الحقل الإستنتاجي الذي يؤدي بدوره لفهم المقدمات عبر فهم النتائج .
X
اقرأ في منتديات يا حسين
تقليص
لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.