أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق سيدنا ونبينا محمد وآله أجمعين الطيبين الطاهرين.
الإمام علي عليه السلام مدرسة المعارف.
الإمام أمير المؤمنين عليه السلام مدرسة متعددة الأبعاد والمعارف، فكل حقل من المعرفة يتعرف عليه الإنسان ويسبر غوره يجد أنّ الإمام عليه السلام له قصب السبق فيه، فهو الفارس الأول والمجلي لحقائق التوحيد، وهو الفارس الأول لعلمي البلاغة والنحو، وهو السباق في علم الفقه والفرائض، فهناك مسائل فقهية ذات عمق في علم الفرائض شرح الإمام عليه السلام غوامضها.
الحكمة العملية عند الإمام علي عليه السلام.
الحكمة العملية هي ما ينبغي على الإنسان الراشد أن يكون عليه في حياته الدنيا مع ربه والناس والكون، وقد أبان الإمام عليه السلام الحكمة العملية بتقسيمه الناس إلى راشدين في تصرفاتهم وفق الحكمة، وغير راشدين وهم السفهاء الذين لا يعون الحقائق، وأسهب عليه السلام في إيضاح حقائق الحكمة العملية من نواحي متعددة، نشير إلى بعضها.
الرشد في التعامل مع الدنيا.
تحدث الإمام عليه السلام عن الدنيا ولفت انتباه الإنسان الراشد إلى أنها ليست بدار قرار، فلا يمكن أن تدوم لأحد، وهذه حقيقة لا شبهة فيها، فلا يمكن لأحد أن يدعي أنّ الدنيا دائمة، لا تتغير عن حالٍ، وأشار الإمام عليه السلام إلى هذه الحكمة بقوله عليه السلام: ‹‹الدنيا دار ممر لا دار مقر››، فالدنيا لا يستقر فيها إنسان ولا تثبت له.
أصناف الناس في الدنيا.
ثم أبان عليه السلام أنّ الناس فيها على قسمين:
الأول: ‹‹رجل باع نفسه فأوبقها››، فجعل نفسه عبداً للدنيا، بربط النفس بها، البيع هو العقد في اللغة، فمن ارتبط بالهوى أو بالجاه أو بشهوة من الشهوات، فقد جعل نفسه عبداً لما ارتبط به، فأوبق نفسه لما باعها له.
الثاني: ‹‹ورجل ابتاع نفسه فأعتقها››، فمن باع نفسه على الله تعالى فقد أعتقها، والإمام عليه السلام يبين في هذا التصنيف الراشد وغيره، فالراشد باع نفسه على الله وجعل أعماله له تعالى، وأعتق نفسه من الأهواء والشهوات فجعل رضا الله غايته، وأما من باع نفسه على الهوى فهو عبد لهواه وأسير لشهواته ولما يطمح إلى تحقيقه قد نسي عالم المُثل والقيم، ولا يفكر إلاّ فيما يريد أن يحققه وإنْ خالف رضا ربه تعالى.
خصائص الراشد.
وأبان عليه السلام طريق الهداية لمن أراد إكمال نفسه، فقال: ‹‹أيها الناس اعلموا أنه ليس بعاقل من انزعج من قول الزور فيه، ولا بحكيم من رضي بثناء الجاهل عليه››، فالعاقل لا يتأثر بالإعلام المضاد، فيغير اتجاهه بسبب ذلك، بل باقٍ على عقيدته ويقينه، ‹‹ولا بحكيم من رضي بثناء الجاهل عليه››، وإذا أثنى عليه الجهال لا يفرح بذلك الثناء، فإنه لا ينم عن الواقع لصدوره ممن لا يعي الحق، والإمام عليه السلام شخّص الميزان وهو الله والدار الآخرة، فمن كان هدفه الله وعالم الآخرة فما قيل فيه مما يُرضي الله ويحقق له الفوز عنده في عالم الآخرة ذلك هو الحق، وقد انطلق الإمام عليه السلام في تجلية هذه الحكمة من قوله تعالى: {بَلِ الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ*وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ}(القيامة:14،15)
أسس ومبادئ الرشد.
وشرح عليه السلام ما ينبغي - لمن سار في طريق الرشد أن يُقوّي نفسه عليه للوصول إلى الهداية - بأمور ثلاث:
الأول: الموعظة.
قال عليه السلام لبعض ولده: ‹‹أحي قلبك بالموعظة››، فالإنسان يحتاج دائماً أن يذكر نفسه بالمواعظ وهو معنى الذكرى التي أشار إليها القرآن، {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ}(الذاريات:55).
الثاني: الزهد.
‹‹وأمته بالزهادة››، ويحتاج أن يقاوم الإغراءات وتسويلات النفس بالزهد في زخارف الدنيا كي لا يغتر بها ولا يُلبس عليه الشيطان.
الثالث: اليقين.
‹‹وقوِّه باليقين››، فلا طمأنينة إلا مع الثبات والاستقرار، ولا يتحقق ذلك إلاّ بالعلم الجازم وهو اليقين.
طرق تحصيل اليقين.
قد أوضح الإمام عليه السلام الطريق إلى تحصيل اليقين، فقال: ‹‹العلم يهتف بالعمل فإن أجابه وإلاّ ارتحل››، فمن رام الوصول إلى اليقين لا بد أن يَقرُن المعرفة بالعمل، فإذا أدرك شيئاً ولم يعمل به ضعُف الإدراك إلى أن يزول، ومن حصل على بعض المعارف العقدية أو الأخلاقية، ولم تستقر لديه فمصيرها الزوال، فالصائم قد يحصل على معارف معنوية في أيام شهر رمضان، خصوصاً في العشر الأواخر، فيجد نفسه قد تغير بنحو طبعي، غير أنه سرعان ما يعود سيرته الأولى بعد انتهاء الشهر.
تثبيت اليقين في النفس.
وأبان عليه السلام أنّ ما يجعل اليقين ثابتاً لا يزول هو الحكمة، ‹‹ونوره بالحكمة››، فإنارة اليقين تكون بها، وهو ما يتحقق بما يسمى بالتلميحات في العصر الحديث، فالتلميح حِكَمٌ تكون بمرأى الإنسان - كبيته أو مقر عمله - تذكره ما يريد أن يكون عليه، فإن كان مهتماً بتقوية شخصيته فعليه أن يضع لافتات بخطوط جميلة تُذكِرُه بما يهتم به، وتمثل برامج عمل يستطيع من خلالها أن يعي الأهمية لما يريد أن يكون عليه، فقوله عليه السلام: ‹‹ونوره بالحكمة››، أي اجعل تلك التلميحات تُذكرك، وتجعل يقينك مستقراً، وقد استفاد العلماء من ذلك فكان بعضهم يضع لافتات في منزله أو محل عبادته، تبين المنهج العملي لشخصيته، وتذكره بالأولويات التي ينبغي أن يحققها لرضا الله وتكامل نفسه.
الإمام علي عليه السلام حكيم البشرية.
ويبقى الإمام عليٌ عليه السلام الفارس المُجلي في كل كلمة نطق بها، أو حكمة أدلى بها للعامة أو لخاصة أصحابه، عندما أجاب على بعض أسئلتهم كإجابته لهمام في صفة المتقين، أو شرحه لحقائق توحيد الباري تعالى.
فسلام على إمامنا أمير المؤمنين عليه السلام يوم وُلد ويوم استُشهد مرتحلاً إلى الله ويوم يُبعث أمة كإبراهيم عليه السلام.
وصلى الله وسلم وزاد وبارك على سيدنا ونبينا محمد وآله أجمعين الطيبين الطاهرين.
الإمام علي عليه السلام مدرسة المعارف.
الإمام أمير المؤمنين عليه السلام مدرسة متعددة الأبعاد والمعارف، فكل حقل من المعرفة يتعرف عليه الإنسان ويسبر غوره يجد أنّ الإمام عليه السلام له قصب السبق فيه، فهو الفارس الأول والمجلي لحقائق التوحيد، وهو الفارس الأول لعلمي البلاغة والنحو، وهو السباق في علم الفقه والفرائض، فهناك مسائل فقهية ذات عمق في علم الفرائض شرح الإمام عليه السلام غوامضها.
الحكمة العملية عند الإمام علي عليه السلام.
الحكمة العملية هي ما ينبغي على الإنسان الراشد أن يكون عليه في حياته الدنيا مع ربه والناس والكون، وقد أبان الإمام عليه السلام الحكمة العملية بتقسيمه الناس إلى راشدين في تصرفاتهم وفق الحكمة، وغير راشدين وهم السفهاء الذين لا يعون الحقائق، وأسهب عليه السلام في إيضاح حقائق الحكمة العملية من نواحي متعددة، نشير إلى بعضها.
الرشد في التعامل مع الدنيا.
تحدث الإمام عليه السلام عن الدنيا ولفت انتباه الإنسان الراشد إلى أنها ليست بدار قرار، فلا يمكن أن تدوم لأحد، وهذه حقيقة لا شبهة فيها، فلا يمكن لأحد أن يدعي أنّ الدنيا دائمة، لا تتغير عن حالٍ، وأشار الإمام عليه السلام إلى هذه الحكمة بقوله عليه السلام: ‹‹الدنيا دار ممر لا دار مقر››، فالدنيا لا يستقر فيها إنسان ولا تثبت له.
أصناف الناس في الدنيا.
ثم أبان عليه السلام أنّ الناس فيها على قسمين:
الأول: ‹‹رجل باع نفسه فأوبقها››، فجعل نفسه عبداً للدنيا، بربط النفس بها، البيع هو العقد في اللغة، فمن ارتبط بالهوى أو بالجاه أو بشهوة من الشهوات، فقد جعل نفسه عبداً لما ارتبط به، فأوبق نفسه لما باعها له.
الثاني: ‹‹ورجل ابتاع نفسه فأعتقها››، فمن باع نفسه على الله تعالى فقد أعتقها، والإمام عليه السلام يبين في هذا التصنيف الراشد وغيره، فالراشد باع نفسه على الله وجعل أعماله له تعالى، وأعتق نفسه من الأهواء والشهوات فجعل رضا الله غايته، وأما من باع نفسه على الهوى فهو عبد لهواه وأسير لشهواته ولما يطمح إلى تحقيقه قد نسي عالم المُثل والقيم، ولا يفكر إلاّ فيما يريد أن يحققه وإنْ خالف رضا ربه تعالى.
خصائص الراشد.
وأبان عليه السلام طريق الهداية لمن أراد إكمال نفسه، فقال: ‹‹أيها الناس اعلموا أنه ليس بعاقل من انزعج من قول الزور فيه، ولا بحكيم من رضي بثناء الجاهل عليه››، فالعاقل لا يتأثر بالإعلام المضاد، فيغير اتجاهه بسبب ذلك، بل باقٍ على عقيدته ويقينه، ‹‹ولا بحكيم من رضي بثناء الجاهل عليه››، وإذا أثنى عليه الجهال لا يفرح بذلك الثناء، فإنه لا ينم عن الواقع لصدوره ممن لا يعي الحق، والإمام عليه السلام شخّص الميزان وهو الله والدار الآخرة، فمن كان هدفه الله وعالم الآخرة فما قيل فيه مما يُرضي الله ويحقق له الفوز عنده في عالم الآخرة ذلك هو الحق، وقد انطلق الإمام عليه السلام في تجلية هذه الحكمة من قوله تعالى: {بَلِ الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ*وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ}(القيامة:14،15)
أسس ومبادئ الرشد.
وشرح عليه السلام ما ينبغي - لمن سار في طريق الرشد أن يُقوّي نفسه عليه للوصول إلى الهداية - بأمور ثلاث:
الأول: الموعظة.
قال عليه السلام لبعض ولده: ‹‹أحي قلبك بالموعظة››، فالإنسان يحتاج دائماً أن يذكر نفسه بالمواعظ وهو معنى الذكرى التي أشار إليها القرآن، {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ}(الذاريات:55).
الثاني: الزهد.
‹‹وأمته بالزهادة››، ويحتاج أن يقاوم الإغراءات وتسويلات النفس بالزهد في زخارف الدنيا كي لا يغتر بها ولا يُلبس عليه الشيطان.
الثالث: اليقين.
‹‹وقوِّه باليقين››، فلا طمأنينة إلا مع الثبات والاستقرار، ولا يتحقق ذلك إلاّ بالعلم الجازم وهو اليقين.
طرق تحصيل اليقين.
قد أوضح الإمام عليه السلام الطريق إلى تحصيل اليقين، فقال: ‹‹العلم يهتف بالعمل فإن أجابه وإلاّ ارتحل››، فمن رام الوصول إلى اليقين لا بد أن يَقرُن المعرفة بالعمل، فإذا أدرك شيئاً ولم يعمل به ضعُف الإدراك إلى أن يزول، ومن حصل على بعض المعارف العقدية أو الأخلاقية، ولم تستقر لديه فمصيرها الزوال، فالصائم قد يحصل على معارف معنوية في أيام شهر رمضان، خصوصاً في العشر الأواخر، فيجد نفسه قد تغير بنحو طبعي، غير أنه سرعان ما يعود سيرته الأولى بعد انتهاء الشهر.
تثبيت اليقين في النفس.
وأبان عليه السلام أنّ ما يجعل اليقين ثابتاً لا يزول هو الحكمة، ‹‹ونوره بالحكمة››، فإنارة اليقين تكون بها، وهو ما يتحقق بما يسمى بالتلميحات في العصر الحديث، فالتلميح حِكَمٌ تكون بمرأى الإنسان - كبيته أو مقر عمله - تذكره ما يريد أن يكون عليه، فإن كان مهتماً بتقوية شخصيته فعليه أن يضع لافتات بخطوط جميلة تُذكِرُه بما يهتم به، وتمثل برامج عمل يستطيع من خلالها أن يعي الأهمية لما يريد أن يكون عليه، فقوله عليه السلام: ‹‹ونوره بالحكمة››، أي اجعل تلك التلميحات تُذكرك، وتجعل يقينك مستقراً، وقد استفاد العلماء من ذلك فكان بعضهم يضع لافتات في منزله أو محل عبادته، تبين المنهج العملي لشخصيته، وتذكره بالأولويات التي ينبغي أن يحققها لرضا الله وتكامل نفسه.
الإمام علي عليه السلام حكيم البشرية.
ويبقى الإمام عليٌ عليه السلام الفارس المُجلي في كل كلمة نطق بها، أو حكمة أدلى بها للعامة أو لخاصة أصحابه، عندما أجاب على بعض أسئلتهم كإجابته لهمام في صفة المتقين، أو شرحه لحقائق توحيد الباري تعالى.
فسلام على إمامنا أمير المؤمنين عليه السلام يوم وُلد ويوم استُشهد مرتحلاً إلى الله ويوم يُبعث أمة كإبراهيم عليه السلام.
وصلى الله وسلم وزاد وبارك على سيدنا ونبينا محمد وآله أجمعين الطيبين الطاهرين.
سماحة العلامة الشيخ : حسين العايش حفظه الله