موضوع منقول من شبكة هجر الثقافية ,وفيه الكاتب رائد قاسم يوضح حقيقة حميد المهاجر واساليبة الحكائية ,وان كان الموضوع في بعض النقاط التي لانوافقه فيها,ولاكن الموضوع فيه كثير من الحقائق التي شوهت مذهب ال البيت ((ع)) وما هذا الموضوع الا غيظ من فيض بسبب الشوائب التي ارفقها المهاجري والفالي والكوراني وحملوا مذهب ال البيت كثير من الاشياء التي لايحتملها المذهب ,مثل التشبث بالخرافات ,واليكم هذا الموضوع ونترك الردود تنساب للتعليق ......... وهذا عنوان الموضوع أيها الخطباء .. احترموا عقولنا!
رائد قاسم
يرتقي المنبر وعينيه دامعتان، والمستمعين من حوله كأن الطير على رؤوسهم، ما أن يقول يا حسين حتى يبدءوا البكاء والنحيب وتهطل الدموع من أعينهم انهارا.
ثم يبدأ سماحة الشيخ المقدس بنعي الإمام الحسين والرجال والنساء في حزن شديد ، ما بين بكاء وتأثر عارم بحديث الشيخ .. هكذا هو ديدنهم منذ أن قتلت الإمام الحسين حاضرة الكوفة ،عاصمة دولة الإمام علي المعروف أهلها بتشيعهم ومناصرتهم وولائهم لإل بيت النبي (ص) قبل أكثر من ألف وثلاثمائة عاما مضت .
البكاء عند الشيعة وشعائر اللطم على الصدور، والتطيير وضرب الأكتاف بالسلاسل ، ليس سوى جلد عميقا للذات، فالحسين الذي قتلته عاصمة دولة أبيه وساهمت في قتاله سيوف أهلها ، خرجت منها بعد أشهر قليلة ثورة "التوابين" كانوا مجموعة من الشيعة الذين لم يعودوا يطيقوا الحياة بعد أن خذلوا الإمام الحسين في يوم عاشوراء ، وظل ضميرهم يعذبهم بشراسة حتى عافوا الحياة بنعيم ورخاء بعده وعزموا على الثار له والموت دون ثأره ، وعلى مر الأزمان كانت الذات الشيعية تشعر بذنب عظيم وتأنيب دائم للنفس وعذاب وجداني شديد ومستمر على عدم نصرة الإمام الحسين وأهل بيته ، تخرج من الضمير اليقظ لتتغلغل مشاعر وقيم العذاب في أعماق الوجدان ، وتطفوا على سطح الواقع المشحون بالألم نزعة عارمة في التكفير عن هذا الذنب الرهيب الذي ارتكبه الأسلاف بتركهم الحسين وحيدا في صحراء نينوى ، وذلك بانتظار حفيده صاحب العصر والزمان الإمام المهدي، وحتى ظهوره فان الشيعة ليس لهم سوى البكاء والنحيب والقيام بضرب القامات بالسيوف واللطم على الصدور، والزحف ما بين الروضتين وضرب السلاسل، وغيرها من الشعائر التي قال عنها الدكتور علي شريعتي بأنها مستقاة من بعض المذاهب المسيحية في العهد ألصفوي.
هنا ينتهز الخطيب السلفي القح الفرصة السانحة والعقول اليانعة والمشاعر الملتهبة ليبكي الشيعة وينتزعهم من عالم الشهادة والمادة والواقع إلى عالم المجهول والأمنية ، عالم ليس له وجود سوى في مخيلته وفي أذهان مستمعيه وأتباعه ، عالم طوبائي جميل ، يتحول فيه الحلم إلى حقيقة قادمة ووعد مقبل ، والخيال إلى واقع سيتحقق عما قريب، تتزاوج فيه سنوات القهر والبؤس بالأماني الماورائية الرائعة.. انه يعبر في خطاباته عن صوفية القرن الجديد، صوفية شيعية يائسة من هذا العالم.
لعل ابرز الخطباء هو الشيخ عبد الحميد المهاجر ، انه رجل ناهز الستين، خطيب لامع دو لسان مفوه ، صداقته مع المنبر تزيد على ال30 عاما ، بيد انه سئم في السنوات الأخيرة من البحوث المشوبة ببعض المواد العلمية .. مل من طرح قضايا الساعة ووجهة نظر الدين والفقهاء حولها.. يئس من إصلاح الواقع المتسم بالتناقض الشديد بين ما يدعو إليه ويرغب فيه والاتجاهات الإنسانية في عصر العولمة ، فاتجه لا إراديا نحو البارسيكلوجيا والخرافة والتصوف، ليجد فيها ضالته المفقودة وغايته المنشودة ...فالاجتماع الإنساني يتجه نحو القيم التي طالما حذر منها ، حركة المجتمع البشري أخذت تسير نحو مزيد من الانعتاق من القيم الدينية المتزمتة ، والى مزيد من التحرر والانطلاق والتشبع بقيم العصر وثقافة النهضة والوعي ، قيم في جوهرها وديناميكيتها تفرز مظاهر إنسانية مبنية على التعدد والتنوع والمساواة ، ونبذ الاحتقان الديني والطائفي ، والاتجاه نحو تحقيق التنمية والإنتاجية .
هنا لا يجد الشيخ المهاجر من خلال هذا الواقع السوداوي من وجهة نظره الأيدلوجية الأحادية الجامدة سوى الاتجاه إلى الروايات المسطرة في الدفاتر الشيعية ليجد فيها ضالته ، ليعلن إنها حقيقة قادمة ، وعوضا من أن يقدم دينه ومذهبه كمصدر وحيد للتشريع ومصدر لحل الإشكاليات العميقة التي يواجهها الفرد والمجتمع المسلم على الطريقة الشيعية ، يدعو مستمعيه وأنصاره للتمسك المطلق بالتفسير السلفي للدين، بما يحتويه من فتاوى وأحكام وعقائد متنافرة مع القيم والأنظمة الكونية ، علاوة على تناقضها مع أطروحات الأنظمة الدينية المنافسة ، ويدعو إلى الاعتصام بالنظم الاجتماعية والقيم الحاكمة واعتبارها طريق النجاة في عالم يعج بالشرور والآثام .
يقول الشيخ المهاجر لمستمعيه إنه يرى وجوه ستكون من أنصار الإمام المهدي! ثم يقول بأنه في زمن الإمام سيتمكن الموالون من ركوب السحاب ! ويقول بان هذه الأيام هي أيام ظهوره عليه السلام! ثم يكيل النقد اللاذع والوعيد ضد بعض الشعراء الذين تجرئوا في شعرهم على الانتقاص من بعض العقائد والآراء الدينية .
في الواقع لم يكن الشيخ المهاجر هو أول من قال بأن ظهور الإمام قريب ، فمنذ تلك العصور الموغلة في تاريخ الإسلام والكثير من الاتجاهات العقائدية كانت ترى في عصرها بأنه عصر الظهور، وان الشر والأنانية تحكم العالم ولا بد من ظهور قريب للمصلح العظيم ، ولعل أولها كان في زمن المغول ، عندما هاجموا بغداد وتحولت مياه دجلة إلى نهر من الدم ، من كثرة ما أزهق فيها من النفوس .
يختتم الشيخ المهاجر خطبته بنعي الإمام الحسين بصوته الشجي ،ويدعو للمرضى وأصحاب الأمنيات المتعسرة ، ثم يحاط بجموع ضخمة من البسطاء الذين يقدمون له مناديل ورقية طالبين منه أن يبللها ببصاقه ، عل بركاته تحل عليهم! فهم في اشد الحاجة إليها!
يذكرني الشيخ المهاجر بزميليه ، الكوراني والفالي ، اللذان ما برحا يعزفان على هذه السيمفونية الافيونية والناس من حولهم مهللين مكبرين مترقبين النصر القادم الذي سيجعل الشيعة سادة الأرض وقادة الأمم وطليعة البشرية وقيادة الإنسانية !
كنت أتابع برنامج على قناة الانوارالسلفية ، فكان من بين الخطباء علي ألكرواني ، فكان من جملة ما يقوله إنه في عصر الإمام الحجة سوف يشاهد العالم مظلومية الزهراء وأئمة أهل البيت ، إلا انه تدارك متسائلا بعفوية كيف ذلك؟ فأجاب: انه والله اعلم ربما يعرضها عليهم على شكل فيلم سينمائي! هذا ممكن فالموجودات حركتها ليست سوى طاقة في الفضاء ولعل العلم يتمكن من إعادة بثها من جديد.
لا شك إن من عوامل ظهور التصوف ، كان اليأس من الاصلاح وانعدام الأمل في تغيير الأوضاع ، وعدم القدرة على التفاعل الايجابي والمساهمة الفاعلة في العمران البشري، فكان السبيل الوحيد هو التصوف والانعزال والرهبنة والابتعاد عن الواقع .
إن حركة التشيع اليوم يسيطر عليها التسلف والحنين إلى الماضي والانعتاق العقلي والوجداني من الواقع المعاش ، والركون إلى الماضي بكل معطياته ، ليكون الماضيين أحياء يحكمون ويوجهون عبر التراث والتفسير المطلق للدين ، من خلال هذا التيار الذي يعد الشيخ المهاجر ابرز رموز وقناة الأنوار وما شابهها من القنوات الدينية السلفية الشيعية ابرز مظاهره ، عندما تذهب إلى إحدى المكتبات الشيعية ستجد أن الطابع العام هو كتب الكرامات والأدعية والمعاجز، علاوة على الطلب المتزايد من قبل الأفراد ، خاصة العنصر الأكثر سحقا واضطهادا ( النساء) على المؤلفات الروحية المعروفة بكتب الطمس والرمل ، في دلالة على اليأس وانعدام الأمل في الانعتاق من القوى الظلامية المسيطرة على الروح والعقل والجسد ، فتضطر المرأة إلى تعلم العلوم اللاحسية علها تحقق من خلالها رغباتها وأمانيها .
إنني اتسائل : أين المادة العلمية والبحوث الشيقة التي تحرك العقول وترفع الهمم ، التي كان الشيخ المهاجر يتحفنا بها في الثمانينات والتسعينات؟ أين كتاب الايدولوجيا الإسلامية ، الذي أتحف به المكتبة العربية قبل سنوات طويلة ؟
يبدوا أن المشايخ السلفيين يشعرون باليأس لذلك اتجهوا للتصوف والانقطاع عن عالم الشهادة ! لأنهم يرومون نظرية واحدة تسود هذه الحياة ، لا يريدون سنة ولا شيعة! ولا مسيحيين ولا مسلمين! ولا علمانيين ولا ليبراليين! لا يريدون في هذا العالم سوى رؤية مسلم شيعي اثني عشري وحسب ! أما بقية الأديان والمذاهب والملل والنحل فلتذهب إلى الجحيم، فهي من عمل الشيطان! وبما إن حركة الاجتماع البشري تتجه نحو إقرار التعددية والتنوع، وقيم الحرية والحقوق والمواطنة، فإنهم لا شك سيشعرون بالحزن والإحباط ، فلا يمتلكون سوى التعلق بالأوهام ،علها تتحقق يوما ليخرج الإمام الموعود ويطهر الأرض من كل إسلام غير التشيع ومن كل دين غير الإسلام!
كلما استمعت للشيخ الوائلي (رحمه الله) تنتابني آهة على هذا المنبر الذي كانت تلقى من خلاله الكثير من البحوث والدراسات العلمية المتميزة بيد انه أصبح اليوم وسيلة للتكفير والإقصاء عند السلفيين السنة ، وبث للخرافة والوهم عند السلفيين الشيعة ، فمتى يعود هذا المنبر الذي ارتقاه النبي محمد(ص) وخلفاءه وأهل بيته لممارسة دوره في بث الوعي والقيم الإنسانية النبيلة؟ متى يدعو للحرية والعدالة والمساواة؟ متى يدعو للوحدة والتالف والانسجام؟ متى يدعو للمواطنة والإخاء وحقوق المرأة ؟ متى يساهم في طوي صفحة الماضي ويكتب صفحة الحاضر والمستقبل بتفاؤل واشراقية، متى تطوى عمامة الإقصاء والتعصب وترتدا عمامة المحبة والسلام ؟ متى يتبوآ الدين مكانته الحقيقة في الحياة ويساهم في رفد الجنس البشري بقيم السماء الخالدة وتعاليمها الربانية ؟
--- التوقيع ---
الحرية روح الحياة .. والحقيقة ينبوع الوجود
{ الحرية والحقيقة}
www.alhuriya.net
رائد قاسم
يرتقي المنبر وعينيه دامعتان، والمستمعين من حوله كأن الطير على رؤوسهم، ما أن يقول يا حسين حتى يبدءوا البكاء والنحيب وتهطل الدموع من أعينهم انهارا.
ثم يبدأ سماحة الشيخ المقدس بنعي الإمام الحسين والرجال والنساء في حزن شديد ، ما بين بكاء وتأثر عارم بحديث الشيخ .. هكذا هو ديدنهم منذ أن قتلت الإمام الحسين حاضرة الكوفة ،عاصمة دولة الإمام علي المعروف أهلها بتشيعهم ومناصرتهم وولائهم لإل بيت النبي (ص) قبل أكثر من ألف وثلاثمائة عاما مضت .
البكاء عند الشيعة وشعائر اللطم على الصدور، والتطيير وضرب الأكتاف بالسلاسل ، ليس سوى جلد عميقا للذات، فالحسين الذي قتلته عاصمة دولة أبيه وساهمت في قتاله سيوف أهلها ، خرجت منها بعد أشهر قليلة ثورة "التوابين" كانوا مجموعة من الشيعة الذين لم يعودوا يطيقوا الحياة بعد أن خذلوا الإمام الحسين في يوم عاشوراء ، وظل ضميرهم يعذبهم بشراسة حتى عافوا الحياة بنعيم ورخاء بعده وعزموا على الثار له والموت دون ثأره ، وعلى مر الأزمان كانت الذات الشيعية تشعر بذنب عظيم وتأنيب دائم للنفس وعذاب وجداني شديد ومستمر على عدم نصرة الإمام الحسين وأهل بيته ، تخرج من الضمير اليقظ لتتغلغل مشاعر وقيم العذاب في أعماق الوجدان ، وتطفوا على سطح الواقع المشحون بالألم نزعة عارمة في التكفير عن هذا الذنب الرهيب الذي ارتكبه الأسلاف بتركهم الحسين وحيدا في صحراء نينوى ، وذلك بانتظار حفيده صاحب العصر والزمان الإمام المهدي، وحتى ظهوره فان الشيعة ليس لهم سوى البكاء والنحيب والقيام بضرب القامات بالسيوف واللطم على الصدور، والزحف ما بين الروضتين وضرب السلاسل، وغيرها من الشعائر التي قال عنها الدكتور علي شريعتي بأنها مستقاة من بعض المذاهب المسيحية في العهد ألصفوي.
هنا ينتهز الخطيب السلفي القح الفرصة السانحة والعقول اليانعة والمشاعر الملتهبة ليبكي الشيعة وينتزعهم من عالم الشهادة والمادة والواقع إلى عالم المجهول والأمنية ، عالم ليس له وجود سوى في مخيلته وفي أذهان مستمعيه وأتباعه ، عالم طوبائي جميل ، يتحول فيه الحلم إلى حقيقة قادمة ووعد مقبل ، والخيال إلى واقع سيتحقق عما قريب، تتزاوج فيه سنوات القهر والبؤس بالأماني الماورائية الرائعة.. انه يعبر في خطاباته عن صوفية القرن الجديد، صوفية شيعية يائسة من هذا العالم.
لعل ابرز الخطباء هو الشيخ عبد الحميد المهاجر ، انه رجل ناهز الستين، خطيب لامع دو لسان مفوه ، صداقته مع المنبر تزيد على ال30 عاما ، بيد انه سئم في السنوات الأخيرة من البحوث المشوبة ببعض المواد العلمية .. مل من طرح قضايا الساعة ووجهة نظر الدين والفقهاء حولها.. يئس من إصلاح الواقع المتسم بالتناقض الشديد بين ما يدعو إليه ويرغب فيه والاتجاهات الإنسانية في عصر العولمة ، فاتجه لا إراديا نحو البارسيكلوجيا والخرافة والتصوف، ليجد فيها ضالته المفقودة وغايته المنشودة ...فالاجتماع الإنساني يتجه نحو القيم التي طالما حذر منها ، حركة المجتمع البشري أخذت تسير نحو مزيد من الانعتاق من القيم الدينية المتزمتة ، والى مزيد من التحرر والانطلاق والتشبع بقيم العصر وثقافة النهضة والوعي ، قيم في جوهرها وديناميكيتها تفرز مظاهر إنسانية مبنية على التعدد والتنوع والمساواة ، ونبذ الاحتقان الديني والطائفي ، والاتجاه نحو تحقيق التنمية والإنتاجية .
هنا لا يجد الشيخ المهاجر من خلال هذا الواقع السوداوي من وجهة نظره الأيدلوجية الأحادية الجامدة سوى الاتجاه إلى الروايات المسطرة في الدفاتر الشيعية ليجد فيها ضالته ، ليعلن إنها حقيقة قادمة ، وعوضا من أن يقدم دينه ومذهبه كمصدر وحيد للتشريع ومصدر لحل الإشكاليات العميقة التي يواجهها الفرد والمجتمع المسلم على الطريقة الشيعية ، يدعو مستمعيه وأنصاره للتمسك المطلق بالتفسير السلفي للدين، بما يحتويه من فتاوى وأحكام وعقائد متنافرة مع القيم والأنظمة الكونية ، علاوة على تناقضها مع أطروحات الأنظمة الدينية المنافسة ، ويدعو إلى الاعتصام بالنظم الاجتماعية والقيم الحاكمة واعتبارها طريق النجاة في عالم يعج بالشرور والآثام .
يقول الشيخ المهاجر لمستمعيه إنه يرى وجوه ستكون من أنصار الإمام المهدي! ثم يقول بأنه في زمن الإمام سيتمكن الموالون من ركوب السحاب ! ويقول بان هذه الأيام هي أيام ظهوره عليه السلام! ثم يكيل النقد اللاذع والوعيد ضد بعض الشعراء الذين تجرئوا في شعرهم على الانتقاص من بعض العقائد والآراء الدينية .
في الواقع لم يكن الشيخ المهاجر هو أول من قال بأن ظهور الإمام قريب ، فمنذ تلك العصور الموغلة في تاريخ الإسلام والكثير من الاتجاهات العقائدية كانت ترى في عصرها بأنه عصر الظهور، وان الشر والأنانية تحكم العالم ولا بد من ظهور قريب للمصلح العظيم ، ولعل أولها كان في زمن المغول ، عندما هاجموا بغداد وتحولت مياه دجلة إلى نهر من الدم ، من كثرة ما أزهق فيها من النفوس .
يختتم الشيخ المهاجر خطبته بنعي الإمام الحسين بصوته الشجي ،ويدعو للمرضى وأصحاب الأمنيات المتعسرة ، ثم يحاط بجموع ضخمة من البسطاء الذين يقدمون له مناديل ورقية طالبين منه أن يبللها ببصاقه ، عل بركاته تحل عليهم! فهم في اشد الحاجة إليها!
يذكرني الشيخ المهاجر بزميليه ، الكوراني والفالي ، اللذان ما برحا يعزفان على هذه السيمفونية الافيونية والناس من حولهم مهللين مكبرين مترقبين النصر القادم الذي سيجعل الشيعة سادة الأرض وقادة الأمم وطليعة البشرية وقيادة الإنسانية !
كنت أتابع برنامج على قناة الانوارالسلفية ، فكان من بين الخطباء علي ألكرواني ، فكان من جملة ما يقوله إنه في عصر الإمام الحجة سوف يشاهد العالم مظلومية الزهراء وأئمة أهل البيت ، إلا انه تدارك متسائلا بعفوية كيف ذلك؟ فأجاب: انه والله اعلم ربما يعرضها عليهم على شكل فيلم سينمائي! هذا ممكن فالموجودات حركتها ليست سوى طاقة في الفضاء ولعل العلم يتمكن من إعادة بثها من جديد.
لا شك إن من عوامل ظهور التصوف ، كان اليأس من الاصلاح وانعدام الأمل في تغيير الأوضاع ، وعدم القدرة على التفاعل الايجابي والمساهمة الفاعلة في العمران البشري، فكان السبيل الوحيد هو التصوف والانعزال والرهبنة والابتعاد عن الواقع .
إن حركة التشيع اليوم يسيطر عليها التسلف والحنين إلى الماضي والانعتاق العقلي والوجداني من الواقع المعاش ، والركون إلى الماضي بكل معطياته ، ليكون الماضيين أحياء يحكمون ويوجهون عبر التراث والتفسير المطلق للدين ، من خلال هذا التيار الذي يعد الشيخ المهاجر ابرز رموز وقناة الأنوار وما شابهها من القنوات الدينية السلفية الشيعية ابرز مظاهره ، عندما تذهب إلى إحدى المكتبات الشيعية ستجد أن الطابع العام هو كتب الكرامات والأدعية والمعاجز، علاوة على الطلب المتزايد من قبل الأفراد ، خاصة العنصر الأكثر سحقا واضطهادا ( النساء) على المؤلفات الروحية المعروفة بكتب الطمس والرمل ، في دلالة على اليأس وانعدام الأمل في الانعتاق من القوى الظلامية المسيطرة على الروح والعقل والجسد ، فتضطر المرأة إلى تعلم العلوم اللاحسية علها تحقق من خلالها رغباتها وأمانيها .
إنني اتسائل : أين المادة العلمية والبحوث الشيقة التي تحرك العقول وترفع الهمم ، التي كان الشيخ المهاجر يتحفنا بها في الثمانينات والتسعينات؟ أين كتاب الايدولوجيا الإسلامية ، الذي أتحف به المكتبة العربية قبل سنوات طويلة ؟
يبدوا أن المشايخ السلفيين يشعرون باليأس لذلك اتجهوا للتصوف والانقطاع عن عالم الشهادة ! لأنهم يرومون نظرية واحدة تسود هذه الحياة ، لا يريدون سنة ولا شيعة! ولا مسيحيين ولا مسلمين! ولا علمانيين ولا ليبراليين! لا يريدون في هذا العالم سوى رؤية مسلم شيعي اثني عشري وحسب ! أما بقية الأديان والمذاهب والملل والنحل فلتذهب إلى الجحيم، فهي من عمل الشيطان! وبما إن حركة الاجتماع البشري تتجه نحو إقرار التعددية والتنوع، وقيم الحرية والحقوق والمواطنة، فإنهم لا شك سيشعرون بالحزن والإحباط ، فلا يمتلكون سوى التعلق بالأوهام ،علها تتحقق يوما ليخرج الإمام الموعود ويطهر الأرض من كل إسلام غير التشيع ومن كل دين غير الإسلام!
كلما استمعت للشيخ الوائلي (رحمه الله) تنتابني آهة على هذا المنبر الذي كانت تلقى من خلاله الكثير من البحوث والدراسات العلمية المتميزة بيد انه أصبح اليوم وسيلة للتكفير والإقصاء عند السلفيين السنة ، وبث للخرافة والوهم عند السلفيين الشيعة ، فمتى يعود هذا المنبر الذي ارتقاه النبي محمد(ص) وخلفاءه وأهل بيته لممارسة دوره في بث الوعي والقيم الإنسانية النبيلة؟ متى يدعو للحرية والعدالة والمساواة؟ متى يدعو للوحدة والتالف والانسجام؟ متى يدعو للمواطنة والإخاء وحقوق المرأة ؟ متى يساهم في طوي صفحة الماضي ويكتب صفحة الحاضر والمستقبل بتفاؤل واشراقية، متى تطوى عمامة الإقصاء والتعصب وترتدا عمامة المحبة والسلام ؟ متى يتبوآ الدين مكانته الحقيقة في الحياة ويساهم في رفد الجنس البشري بقيم السماء الخالدة وتعاليمها الربانية ؟
--- التوقيع ---
الحرية روح الحياة .. والحقيقة ينبوع الوجود
{ الحرية والحقيقة}
www.alhuriya.net
--- شبكة هجر الثقافية ---
تعليق