((العلمانيون والديمقراطيون في عالم إسلام))
في هذه المقالة أحاول تبيان وجهة نظري من التعامل العلماني العربي والشرقي مع اللاسلام والمسلمين . ورأيي , مع استثناءات محدودة , إن غالبية العلمانيون يتعاملون مع الموضوع بطريقة كثيرا ما تجافي الموضوعية وهي لذلك غير علمية , بل إن نشاطهم يمكن أن يعتبر اقرب للتسلية الادمانية غير المسئولة وغير المتفكرة بنتائج نشاطهم ولا الحريصة على صدق منطقها من أن يكون موقفا سياسيا ناضجا , وأنهم يفقدون بذلك مهمتهم الأساسية في مجتمعهم , لينضموا إلى الجوقة الناشطة في بناء صورة " العدو الجديد " للرأسمالية – اللاسلام اللارهابي . فالرأسمالية لاتستطيع العيش دون وجود من تقنع شعوبها به كعدو خطير يبرر تأجيل تغيير النظام إلى آخر أكثر عدالة , بدلا من تصعيد الفوارق وتصعيد تصنيع اللاسلحة والحروب في العالم كما يجري الآن , لذا يجري في العالم نشاط كبير لصناعة هذا البديل الذي يفترض إن يأخذ دور الاتحاد السوفيتي المنهار .يترك العلمانيون في العالم العربي من اجل هذه التسلية الادمانية اللذيذة المناسبة لأمريكا وفي لحظة تأريخية خطيرة يتركون مهمتهم التأريخية المزعجة مهمة المشاركة الأساسية في تأسيس ديمقراطية لشعوبهم احتذاءا بما فعل العلمانيون الآخرون لشعوبهم تأسيس ديمقراطية تجد فيها تلك الشعوب مكانا أيضا لمعتقداتهم الدينية الإسلامية بشكل رئيس , المهمة العسيرة لتأسيس ديمقراطية معقولة " ديمقراطية إسلامية " بالضرورة , قابلة للحياة في المجتمع أولا , وثم التطور باتجاه ديمقراطية متكاملة بقدر ما يسمح به تطور فكر الشعوب اللاسلامية في تفسيرها لنصوص اللاسلام وفي اطمئنانها إلى إن الديمقراطية ضمان لحرية الفكر والمعتقد للجميع بلا استثناء وان هذه الحرية صديق لها وليست عدو وهذا ما سأحاول تسليط الضوء عليه والبرهنة على إمكانيته في هذه المقالة. يرى معظم العلمانيون إنهم يهاجمون" الإسلام السياسي " " والمعممين " و " المتطرفين " وليس المسلمون عموما, إلا انه من المشكوك به أن تتمكن الأدوات الخشنة في مقالة الكاتبة صبيحة شبر في الحوار المتمدن: لماذا يهاجم جميعهم شخصية الرسول ؟ فتقول : يفتشون في سيرته عن خطأ ويعجزون ويدعون إن زواجه من فتاة صغيرة هو اكبر الأخطاء يحاكمون الأحداث القديمة التي حدثت قبل خمسة عشر قرنا من الزمان بمنطق هذه الأيام ، كان زواج الفتيات الصغيرات من كبار السن متفشيا في تلك المرحلة ، ولم يحدث المنع إلا في العصر الحديث. لكن هذا المنطق البسيط " والعلماني " الحق ، لايجد متحمسين له , وتبقى " مفاخذة " رجل لفتاة قاصر قبل 1500 عام اكبر " الجرائم " إغراء للكتابة كأن لم يحدث بعدها ماهو أسوء منها في التاريخ الموغل في الوحشية. أتساءل: لماذا يعامل العلمانيون مؤمني شعوبهم بكل نواقصها كأشياء ثمينة رائعة بينما يتعامل علمانيو الشرق مع المسلمين اللذين يشكلون الغالبية الساحقة لشعوبهم"كشيء يمكن التخلص منه " ؟ إنهم في نهاية الأمر يتعاملون مع شعبهم نفسه كشيء يمكن التخلص منه .
القسوة الإعلامية على المسلمين:-
غربيا
لايكاد يخلو يوم من أخبار وتحليلات عن الهجوم الإعلامي الغربي العام على المسلمين , لذا لن أطيل في الموضوع .ومما قرأت مؤخراً عن دراسة ميدانية قام بها قسم الإعلام بجامعة ايرفورت الألمانية أكدت إسهام البرامج السياسية في القناتين الحكوميتين الأولى والثانية خلال عام ونصف , في زيادة الخوف من الإسلام ( الاسلاموفوبيا ) وتكريس أجواء صراع الحضارات داخل المجتمع الألماني .
حللت الدراسة صورة الإسلام والمسلمين في 133 مادة سياسية بثتها قناتا " أي. ار. دي" و "زد.دي.اف" بين يونيو/تموز 2005 وديسمبر /كانون الأول 2006 فتبين ان الإسلام قدم في 80% من برامج القناتين كايدولوجية سياسية ذات منظومة قيمية مخالفة للأنماط السلوكية السائدة في المجتمع الألماني, وتم تصويره كخطر سياسي ومجتمعي ,وربطه بقضايا العنف والنزاعات كالإرهاب واضطهاد المرأة ومشاكل الاندماج والتعصب الديني وقتل النساء بدعوى الدفاع عن الشرف , في الوقت الذي ندرت تغطية تنامي النزاعات العنيفة والمتطرفة في أديان أخرى ,كما لم تتعد التقارير المحايدة او الايجابية حول الإسلام والمنتمين إليه 19%. شددت الدراسة في النهاية على أهمية منح مسلمي ألمانيا الحقوق الإعلامية المكفولة للنصارى واليهود نفسها وتمثيلهم في مجالس إدارات شبكات الإذاعة والتلفزة الألمانية.
كذلك معروف النشاط الهادف إلى تشويه صورة المسلمين والعرب في السينما الغربية , وخاصة الأمريكية . فيقول جاك شاهين , الأمريكي من أصل لبناني إلف كتاباً قدم فيه مسحاً نقدياً لأكثر من 900 فيلم هوليوودي :"العنصرية الوحيدة المسموح بها في السينما والتلفزة الأمريكية اليوم هي العنصرية المعادية للعرب والمسلمين ".
ملفت للنظر ان تقريراً سنوياً تصدره الأمم المتحدة نشر في كانون ثاني 2006 ارجع ماوصفه بـ"الغبن" الواقع على أحوال المرأة العربية قديماً وحديثاً إلى بنى ثقافية ومجتمعية بعضها قبلي يعتمد على العرف , والى مواريث دينية تستند إلى تفسيرات وتأويلات النصوص المقدسة بحيث تخدم التراتب بين الذكر والأنثى بإعطاء الأفضلية للرجل على حساب المرأة , وان الاجتهادات الفقهية القديمة فسرت النصوص الإسلامية في ضوء هاد من ذلك العرف في حين ان الإسلام براء من هذا التمييز المجحف .
عربياً
لكن المؤلم ان يتقل هذا الغبن إلى داخل الشعوب الإسلامية نفسها , على يد مثقفيها العلمانيين هذه أمثلة :
سيد القمني
لو قال مواطن انه لايريد " إقامة دولة دينية او حكومية دينية" وان منهجه " إقامة حكومة و دولة مدنية , يتساوون فيها الحقوق والواجبات التي يضمنها الدستور " وان " الشعب من حقه ان يولي الحاكم وان يحاسبه وان يعزله لفترات محددة , وتحدث عن فصل السلطات الثلاثة في الدولة .. وان حقوق الأفراد مكفولة بحكم الدستور " لو قال مواطن هذا لحكمنا انه علماني بلا شك , ولافترضنا ان العلمانيين سيحتضنوه بكل الحب . لكن ان عرفنا ان من قال هذا لم يكن الا"قيادي معلوم الشأن "في حزب الإخوان المسلمين في مصر (عصام العريان ) , في نيسان عام 2005 , مع بعض الإضافات عن دور الإسلام هنا وهناك ) لأثار ذلك استغرابنا , و..ربما تفاؤلنا.
لكن مايثير الاستغراب أكثر هو تعليق الكاتب الكبير " سيد القمني" على هذه المقولة بالذات (الحوار المتمدن –العدد 1820 -8/2/2007 ) حيث يعلق بشكل معاكس لكل التوقعات الممكنة قائلاً . ويرغم ان الشخص واحده يحمل فيما قال من متناقضات مايؤكد لنا ان الإخوان أبدا لايقولون حقاً ولا يعرفون صدقا وان النوايا غير الطوايا وان الطوايا غير الخفايا وان المعلن غير كل هذا , لكنه يحمل تناقضات تحملها النوايا والطوايا الخفايا , واذا كان المعلن كما سنثبت الآن يحمل شرا مستطيرا للدين وللوطن , فما بالك وما حالك , لو اطلعت على البواطن الخفية؟"
هل هذا رد " علماني " حريص على مستقبل وطنه والديمقراطية فيه , يبحث راجياً عن أساس للعمل والتفاؤل من اجلهما ؟ ماهو مبرر هذا الحديث عن "البواطن" و " الطوايا" بدلاً من الترحيب ( حتى وان كان ترحيباً متشككاً حذراً ) بمثل هذه التصريحات , والدعوة إلى تفعيلها" انه اقرب إلى صورة شخص يغيضه أي تقدم من جماهير شعبه الإسلامي نحو الديمقراطية مما هو رد لباحث عن بوادر الأمل في اعتراف تلك الجماهير الواسعة بالمقاييس والاقتراب منها .
بشكل عام , يستند الداعون الى تحديث موقف الإسلام من مختلف قضايا المجتمع , مثل د. نصر حامد ابو زيد وغيره , الى حقيقة إمكانية تفسير القران بطرق عديدة وهو مااشار إليه منذ ولادة الإسلام الإمام على نفسه حين قال :" ان القران حمالة أوجه " ويأملون من خلال هذه الحقيقة ومن مقولة الإمام علي بالذات إقناع المسلمين بالنظر إلى الجانب الأكثر ايجابية وسلمية وقرباً من الحداثة من القران والدين .لكن بعض " العلمانيين " مثل وفاء سلطان وأيان هرسي علي (هولندا ) وغيرهم كثير , يتخذ موقفاًَ هو في الحقيقة اقرب إلى مواقف المتزمتين المحبذين للعنف من المسلمين نفسها , وموقف مثيري الشغب والأحزاب العنصرية المضادة للأجانب في أوربا نفسه, وهو موقف ان" العنف هو التفسير الوحيد للإسلام".
من المؤسف ان ينضم كاتب بوزن سيد القمني , وهو الذي يخاطر بحياته من اجل الحقيقة , ويقف بوجه تهديدات المتطرفين المؤمنين بالعنف من المسلمين كما أذيع مؤخراً , إلى هذه المجموعة . يقول السيد القمني :"يتحدث العريان عن منهجهم في إقامة دولة مدنية تقوم على المساواة في الحقوق والواجبات مرجعيتها الإسلام الذي هو حضارة جميع المصريين ان العريان بما يقول هنا قد خرج ليس فقط من جماعة الإخوان بل أعلن العصيان على الإسلام . لان المساواة في الحقوق والواجبات بين المواطنين على اختلاف دياناتهم ومذاهبهم , أمر لاتعرفه الشريعة الإسلامية , إنما تعرف المراتب والمنازل حفظاً لقيم المجتمع , ففيها السيد العربي وفيها المسلم المولي , ولا يجوز شرعاً المساواة بينهما , وفيها السيد المسلم وفيها الذمي ولا يجوز شرعاً المساواة بينهما, وفيها السيد الرجل وتابعته محل متعته المرأة , وفيها السيد والعبد والسيد والأمة ولا يجوز شرعاً المساواة بينهما , ولكل من أطراف هذه المعادلة حقوق غير الآخر وواجبات غير الآخر , بل ان السيد دوما كان هو صاحب الحقوق وغيره لاحقوق له .ان دولة الشريعة لاتساوي ابداً بين المواطنين ومن يقول بغير ذلك فقد أنكر معلوما من الدين بالضرورة ." كل من الإسلامي المتطرف والقمني يقولان في نهاية الأمر كلاماً واحداً:" من أراد المساواة بين المواطنين على اختلاف دياناتهم ومذاهبهم , من أراد المساواة بين العربي وغيره والرجل والمرأة , فهو عاص على الإسلام" وعلى المسلم ان يختار بين دينه وبين المساواة.فماذا سيفضل المؤمن ؟ غالباً مااراد المتطرف ان يختار.
في هذه المقالة أحاول تبيان وجهة نظري من التعامل العلماني العربي والشرقي مع اللاسلام والمسلمين . ورأيي , مع استثناءات محدودة , إن غالبية العلمانيون يتعاملون مع الموضوع بطريقة كثيرا ما تجافي الموضوعية وهي لذلك غير علمية , بل إن نشاطهم يمكن أن يعتبر اقرب للتسلية الادمانية غير المسئولة وغير المتفكرة بنتائج نشاطهم ولا الحريصة على صدق منطقها من أن يكون موقفا سياسيا ناضجا , وأنهم يفقدون بذلك مهمتهم الأساسية في مجتمعهم , لينضموا إلى الجوقة الناشطة في بناء صورة " العدو الجديد " للرأسمالية – اللاسلام اللارهابي . فالرأسمالية لاتستطيع العيش دون وجود من تقنع شعوبها به كعدو خطير يبرر تأجيل تغيير النظام إلى آخر أكثر عدالة , بدلا من تصعيد الفوارق وتصعيد تصنيع اللاسلحة والحروب في العالم كما يجري الآن , لذا يجري في العالم نشاط كبير لصناعة هذا البديل الذي يفترض إن يأخذ دور الاتحاد السوفيتي المنهار .يترك العلمانيون في العالم العربي من اجل هذه التسلية الادمانية اللذيذة المناسبة لأمريكا وفي لحظة تأريخية خطيرة يتركون مهمتهم التأريخية المزعجة مهمة المشاركة الأساسية في تأسيس ديمقراطية لشعوبهم احتذاءا بما فعل العلمانيون الآخرون لشعوبهم تأسيس ديمقراطية تجد فيها تلك الشعوب مكانا أيضا لمعتقداتهم الدينية الإسلامية بشكل رئيس , المهمة العسيرة لتأسيس ديمقراطية معقولة " ديمقراطية إسلامية " بالضرورة , قابلة للحياة في المجتمع أولا , وثم التطور باتجاه ديمقراطية متكاملة بقدر ما يسمح به تطور فكر الشعوب اللاسلامية في تفسيرها لنصوص اللاسلام وفي اطمئنانها إلى إن الديمقراطية ضمان لحرية الفكر والمعتقد للجميع بلا استثناء وان هذه الحرية صديق لها وليست عدو وهذا ما سأحاول تسليط الضوء عليه والبرهنة على إمكانيته في هذه المقالة. يرى معظم العلمانيون إنهم يهاجمون" الإسلام السياسي " " والمعممين " و " المتطرفين " وليس المسلمون عموما, إلا انه من المشكوك به أن تتمكن الأدوات الخشنة في مقالة الكاتبة صبيحة شبر في الحوار المتمدن: لماذا يهاجم جميعهم شخصية الرسول ؟ فتقول : يفتشون في سيرته عن خطأ ويعجزون ويدعون إن زواجه من فتاة صغيرة هو اكبر الأخطاء يحاكمون الأحداث القديمة التي حدثت قبل خمسة عشر قرنا من الزمان بمنطق هذه الأيام ، كان زواج الفتيات الصغيرات من كبار السن متفشيا في تلك المرحلة ، ولم يحدث المنع إلا في العصر الحديث. لكن هذا المنطق البسيط " والعلماني " الحق ، لايجد متحمسين له , وتبقى " مفاخذة " رجل لفتاة قاصر قبل 1500 عام اكبر " الجرائم " إغراء للكتابة كأن لم يحدث بعدها ماهو أسوء منها في التاريخ الموغل في الوحشية. أتساءل: لماذا يعامل العلمانيون مؤمني شعوبهم بكل نواقصها كأشياء ثمينة رائعة بينما يتعامل علمانيو الشرق مع المسلمين اللذين يشكلون الغالبية الساحقة لشعوبهم"كشيء يمكن التخلص منه " ؟ إنهم في نهاية الأمر يتعاملون مع شعبهم نفسه كشيء يمكن التخلص منه .
القسوة الإعلامية على المسلمين:-
غربيا
لايكاد يخلو يوم من أخبار وتحليلات عن الهجوم الإعلامي الغربي العام على المسلمين , لذا لن أطيل في الموضوع .ومما قرأت مؤخراً عن دراسة ميدانية قام بها قسم الإعلام بجامعة ايرفورت الألمانية أكدت إسهام البرامج السياسية في القناتين الحكوميتين الأولى والثانية خلال عام ونصف , في زيادة الخوف من الإسلام ( الاسلاموفوبيا ) وتكريس أجواء صراع الحضارات داخل المجتمع الألماني .
حللت الدراسة صورة الإسلام والمسلمين في 133 مادة سياسية بثتها قناتا " أي. ار. دي" و "زد.دي.اف" بين يونيو/تموز 2005 وديسمبر /كانون الأول 2006 فتبين ان الإسلام قدم في 80% من برامج القناتين كايدولوجية سياسية ذات منظومة قيمية مخالفة للأنماط السلوكية السائدة في المجتمع الألماني, وتم تصويره كخطر سياسي ومجتمعي ,وربطه بقضايا العنف والنزاعات كالإرهاب واضطهاد المرأة ومشاكل الاندماج والتعصب الديني وقتل النساء بدعوى الدفاع عن الشرف , في الوقت الذي ندرت تغطية تنامي النزاعات العنيفة والمتطرفة في أديان أخرى ,كما لم تتعد التقارير المحايدة او الايجابية حول الإسلام والمنتمين إليه 19%. شددت الدراسة في النهاية على أهمية منح مسلمي ألمانيا الحقوق الإعلامية المكفولة للنصارى واليهود نفسها وتمثيلهم في مجالس إدارات شبكات الإذاعة والتلفزة الألمانية.
كذلك معروف النشاط الهادف إلى تشويه صورة المسلمين والعرب في السينما الغربية , وخاصة الأمريكية . فيقول جاك شاهين , الأمريكي من أصل لبناني إلف كتاباً قدم فيه مسحاً نقدياً لأكثر من 900 فيلم هوليوودي :"العنصرية الوحيدة المسموح بها في السينما والتلفزة الأمريكية اليوم هي العنصرية المعادية للعرب والمسلمين ".
ملفت للنظر ان تقريراً سنوياً تصدره الأمم المتحدة نشر في كانون ثاني 2006 ارجع ماوصفه بـ"الغبن" الواقع على أحوال المرأة العربية قديماً وحديثاً إلى بنى ثقافية ومجتمعية بعضها قبلي يعتمد على العرف , والى مواريث دينية تستند إلى تفسيرات وتأويلات النصوص المقدسة بحيث تخدم التراتب بين الذكر والأنثى بإعطاء الأفضلية للرجل على حساب المرأة , وان الاجتهادات الفقهية القديمة فسرت النصوص الإسلامية في ضوء هاد من ذلك العرف في حين ان الإسلام براء من هذا التمييز المجحف .
عربياً
لكن المؤلم ان يتقل هذا الغبن إلى داخل الشعوب الإسلامية نفسها , على يد مثقفيها العلمانيين هذه أمثلة :
سيد القمني
لو قال مواطن انه لايريد " إقامة دولة دينية او حكومية دينية" وان منهجه " إقامة حكومة و دولة مدنية , يتساوون فيها الحقوق والواجبات التي يضمنها الدستور " وان " الشعب من حقه ان يولي الحاكم وان يحاسبه وان يعزله لفترات محددة , وتحدث عن فصل السلطات الثلاثة في الدولة .. وان حقوق الأفراد مكفولة بحكم الدستور " لو قال مواطن هذا لحكمنا انه علماني بلا شك , ولافترضنا ان العلمانيين سيحتضنوه بكل الحب . لكن ان عرفنا ان من قال هذا لم يكن الا"قيادي معلوم الشأن "في حزب الإخوان المسلمين في مصر (عصام العريان ) , في نيسان عام 2005 , مع بعض الإضافات عن دور الإسلام هنا وهناك ) لأثار ذلك استغرابنا , و..ربما تفاؤلنا.
لكن مايثير الاستغراب أكثر هو تعليق الكاتب الكبير " سيد القمني" على هذه المقولة بالذات (الحوار المتمدن –العدد 1820 -8/2/2007 ) حيث يعلق بشكل معاكس لكل التوقعات الممكنة قائلاً . ويرغم ان الشخص واحده يحمل فيما قال من متناقضات مايؤكد لنا ان الإخوان أبدا لايقولون حقاً ولا يعرفون صدقا وان النوايا غير الطوايا وان الطوايا غير الخفايا وان المعلن غير كل هذا , لكنه يحمل تناقضات تحملها النوايا والطوايا الخفايا , واذا كان المعلن كما سنثبت الآن يحمل شرا مستطيرا للدين وللوطن , فما بالك وما حالك , لو اطلعت على البواطن الخفية؟"
هل هذا رد " علماني " حريص على مستقبل وطنه والديمقراطية فيه , يبحث راجياً عن أساس للعمل والتفاؤل من اجلهما ؟ ماهو مبرر هذا الحديث عن "البواطن" و " الطوايا" بدلاً من الترحيب ( حتى وان كان ترحيباً متشككاً حذراً ) بمثل هذه التصريحات , والدعوة إلى تفعيلها" انه اقرب إلى صورة شخص يغيضه أي تقدم من جماهير شعبه الإسلامي نحو الديمقراطية مما هو رد لباحث عن بوادر الأمل في اعتراف تلك الجماهير الواسعة بالمقاييس والاقتراب منها .
بشكل عام , يستند الداعون الى تحديث موقف الإسلام من مختلف قضايا المجتمع , مثل د. نصر حامد ابو زيد وغيره , الى حقيقة إمكانية تفسير القران بطرق عديدة وهو مااشار إليه منذ ولادة الإسلام الإمام على نفسه حين قال :" ان القران حمالة أوجه " ويأملون من خلال هذه الحقيقة ومن مقولة الإمام علي بالذات إقناع المسلمين بالنظر إلى الجانب الأكثر ايجابية وسلمية وقرباً من الحداثة من القران والدين .لكن بعض " العلمانيين " مثل وفاء سلطان وأيان هرسي علي (هولندا ) وغيرهم كثير , يتخذ موقفاًَ هو في الحقيقة اقرب إلى مواقف المتزمتين المحبذين للعنف من المسلمين نفسها , وموقف مثيري الشغب والأحزاب العنصرية المضادة للأجانب في أوربا نفسه, وهو موقف ان" العنف هو التفسير الوحيد للإسلام".
من المؤسف ان ينضم كاتب بوزن سيد القمني , وهو الذي يخاطر بحياته من اجل الحقيقة , ويقف بوجه تهديدات المتطرفين المؤمنين بالعنف من المسلمين كما أذيع مؤخراً , إلى هذه المجموعة . يقول السيد القمني :"يتحدث العريان عن منهجهم في إقامة دولة مدنية تقوم على المساواة في الحقوق والواجبات مرجعيتها الإسلام الذي هو حضارة جميع المصريين ان العريان بما يقول هنا قد خرج ليس فقط من جماعة الإخوان بل أعلن العصيان على الإسلام . لان المساواة في الحقوق والواجبات بين المواطنين على اختلاف دياناتهم ومذاهبهم , أمر لاتعرفه الشريعة الإسلامية , إنما تعرف المراتب والمنازل حفظاً لقيم المجتمع , ففيها السيد العربي وفيها المسلم المولي , ولا يجوز شرعاً المساواة بينهما , وفيها السيد المسلم وفيها الذمي ولا يجوز شرعاً المساواة بينهما, وفيها السيد الرجل وتابعته محل متعته المرأة , وفيها السيد والعبد والسيد والأمة ولا يجوز شرعاً المساواة بينهما , ولكل من أطراف هذه المعادلة حقوق غير الآخر وواجبات غير الآخر , بل ان السيد دوما كان هو صاحب الحقوق وغيره لاحقوق له .ان دولة الشريعة لاتساوي ابداً بين المواطنين ومن يقول بغير ذلك فقد أنكر معلوما من الدين بالضرورة ." كل من الإسلامي المتطرف والقمني يقولان في نهاية الأمر كلاماً واحداً:" من أراد المساواة بين المواطنين على اختلاف دياناتهم ومذاهبهم , من أراد المساواة بين العربي وغيره والرجل والمرأة , فهو عاص على الإسلام" وعلى المسلم ان يختار بين دينه وبين المساواة.فماذا سيفضل المؤمن ؟ غالباً مااراد المتطرف ان يختار.