إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

درس وموعظة للموحدين: "الإستقامة في التوحيد"، للسيد المرجع محمد حسين فضل الله

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • درس وموعظة للموحدين: "الإستقامة في التوحيد"، للسيد المرجع محمد حسين فضل الله

    السيد محمّد حسين ابن السيد عبد الرؤوف ابن نجيب الدين ابن السيد محيي الدين ابن السيد نصر الله ابن محمد بن فضل الله ابن محمد بن محمد بن يوسف بن بدر الدين بن علي بن محمد بن جعفر بن يوسف بن محمد بن الحسن بن عيسى بن فاضل بن يحيى بن حوبان بن الحسن بن ذياب بن عبد الله بن محمد بن يحيى بن محمد بن داود بن ادريس بن داوود بن أحمد بن عبد الله بن موسى بن عبد الله بن الحسن المثنى ابن الحسن السبط ابن الإمام علي بن أبي طالب ، عَلَم ومرجع وفقيه، له دروس ومواعظ، وله جهاد وتصحيح، له درس مختصر في التوحيد، نذكره هنا تذكرة للموحدين، وموعظة لمن أوغلوا في الشرك وسلكوا سبيل الضالين، نذكر هذا، مع علمنا أن الهداية بيد الله وحده " إنك لاتهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء"..



    الاستقامـة في التوحيـد

    الاستقامة التي جعلها الله سبحانه وتعالى عنواناً للدين كلِّه بكل تفاصيله بعد التوحيد، من خلال قوله تعالى: {إنّ الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون* أولئك أصحاب الجنة خالدين فيها جزاءً بما كانوا يعملون} [الأحقاف:13-14]، فقد اختصرت الرسالة كلها بكلمة ربنا الله والاستقامة، في خط هذه الكلمة التي تؤكد التوحيد؛ توحيد الله في الربوبية، فلا شريك له في الألوهية، وتوحيد الله في العبادة، فلا معبود غيره، وتوحيد الله في الطاعة، فلا طاعة لغيره إلا من خلال طاعته، وإذا قلنا "ربنا الله" وعشنا هذا التوحيد في عقولنا وفي قلوبنا وفي كل سلوكنا في الحياة، فإننا ننفتح على الرسالة، لأن الله لم يخلقنا عبثاً، ولأن الله سبحانه وتعالى أرادنا أن نعيش في هذا الكون على أساس السير على هداه، والرسول هو الذي يعرّفنا هداه.

    ولذلك، كانت الرسالة من نتاج الإيمان بالتوحيد، لأن الإيمان بالتوحيد ليس مجرد حالة فكرية يعيشها الإنسان في فكره، بل هي حالة في العقل والقلب واللسان وحركة الحياة كلها. ولذلك إذا أردنا أن نعبد الله كما ينبغي أن يُعبد، لا بد لنا من دليل يدلنا على كل تفاصيل عبادته، وإذا كنا نريد أن نطيع الله، فلا بد من دليل يدلنا على مواقع طاعته وعلى مواقع القرب منه ومواقع رضاه، وقد أكد الله سبحانه ذلك في أمره بإطاعة الله وإطاعة الرسول: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله} [آل عمران:31].
    إذاً عندما نقول "ربنا الله"، يجب أن تمثِّل هذه الكلمة المنطقة العقلية في ما نؤمن به، والمنطقة العاطفية في ما نحبه، لأننا لا بد أن نوحد الله بالحب ولا نحب غيره إلا من خلال حبنا له، {ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشدّ حباً لله} [البقرة:165]، يعني يحبون الله أكثر مما يحبون أحداً. ونحن عندما نحبُّ الأنبياء والأولياء، فإننا نحبّهم من خلال محبة الله لهم ومن خلال محبتهم لله، وهذا ما ورد في حديث النبي(ص) عن علي(ع) في واقعة خيبر عندما قال: "لأعطينّ الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله".فقيمة النبي(ص) والأئمة(ع) أنهم أحبوا الله ورسوله كما لم يحبه أحد، وأحبهم الله ورسوله كما لم يحب أحداً، فالحب يكون لله وحده، أما الحب لغير الله فهو يمتد من خلال الحب لله سبحانه وتعالى.
    ولذلك، فكما أن علينا أن لا نشرك بالله غيره في العبادة، علينا أن لا نشرك بالله غيره في الحب، وأن نوحّده في الحب كما نوحده في الطاعة.{إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا}، أي ساروا على خط توحيد الله سبحانه وتعالى في ربوبيته، ومعنى ذلك أننا في كل ما نعيشه، وما نريد الإيمان به عندما نريد أن نلتزم أي فكرٍ أو نلتزم أي منهج أو نلتزم أي خط نعقد عليه قلوبنا، علينا أن نفكر هل هذه الانتماءات إلى هذا الجانب أو ذاك الجانب، تتفق أو تنسجم مع إيماننا بالله الواحد؟ وهل يرضى الله بهذا الفكر أو بذلك الخط أو بهذا المنهج أو بهذا الحب أو بهذا البغض؟
    وهكذا عندما نريد أن نقوم بعمل، فلا بد لنا أن نلتفت، هل يرضى الله بهذا العمل أم لا؟ وعندما نريد أن نفشي أي علاقة من العلاقات مع الناس، سواء كانت سلبية أو إيجابية، علينا أن ننتظر في أنه هل يرضى الله لنا بهذه العلاقة أو لا يرضى؟ وهكذا بالنسبة إلى المواقف عندما نريد أن نؤيد شخصاً في أي جانب من جوانب الحياة أو نرفض شخصاً في أي جانب من جوانب الحياة.

    وأن نقول "ربنا الله"، أي إنّ علينا أن ندرس؛ هل يرضى الله مني بأن أؤيد هذا أو أرفض هذا؟! أن تكون كل حياتنا لله، وأن يكون كل قولنا وعملنا لله، وهذا ما عبرت عنه الآية: {قل إنّ صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله ربِّ العالمين* لا شريك له وبذلك أُمرت وأنا أوّل المسلمين} [الأنعام:162-163]، أن يكون كل شيء فيك لله سبحانه وتعالى، وهذا يحتاج إلى الكثير من الجهد الفكري والعقلي والروحي والعملي، ويحتاج إلى كثير من العلم ومن الفكر في كل هذا المجال، وقد جعل الله للذين استقاموا على خط التوحيد؛ توحيد الله في الربوبية وفي العبادة وفي الطاعة وفي الحب، جعل لهم الجنة، فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
    وهكذا نجد في آية أخرى تقول: {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنـزّل عليهم الملائكة}، عندما ينطلقون في رحلتهم إلى الله سبحانه وتعالى ليفارقوا هذه الدنيا، فإن الملائكة تتلقّاهم بالبشارة وبالأمن والطمأنينة {ألاّ تخافوا}، لأنهم في ذلك المكان يعيشون الغربة والوحشة، بعد أن تركوا الأهل والأولاد والأصدقاء وكل الناس، كلٌ يترك في قبره لا يعرف ماذا يُصنع به. وهنا تأتي الملائكة كما يقول القرآن الكريم، فإذا كان هذا الإنسان مؤمناً بالله ومستقيماً على خط الله وعلى صراطه المستقيم {تتنـزل عليهم الملائكة ألاّ تخافوا} من المستقبل {ولا تحزنوا} على مفارقتكم للدنيا أو من خلال القلق الذي تعيشونه في ما تقبلون عليه {وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون} [فصِّلت:30]، أيضاً أول شيء يقدم للإنسان وهو في قبره وحشره البشارة بالجنة، ثم يقول: {نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة}، أي إنّ الملائكة يقدمون للمؤمنين المستقيمين في خط توحيد الله الصداقة، ويقدمون لهم المحبة، فإذا كنتم قد فارقتم أصدقاءكم وفارقتم أحباءكم، فنحن أولياؤكم، ففي الحياة الدنيا كنا معكم وإن كنتم لا تشعرون بنا وبصداقتنا وبمحبتنا، حيث كنا نرعاكم ونحفظكم ونحميكم، وكذلك نحن أولياؤكم في الآخرة {ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم}، تمنوا على الله ما تشاؤون، ليس هناك شيء محرم عليكم، ليس هناك شيء ممنوع في هذه الحياة التي تقبلون عليها، {ولكم فيها ما تدّعون} أي ما تطلبون {ونزلاً من غفور رحيم} [فصلت:31-32]، هذا كله يتنـزل من الله الذي يغفر لكم ذنوبكم والذي يرحمكم في دنياكم وآخرتكم.

    هذا هو خط الاستقامة في خط التوحيد، وعلينا أن نعمل لنكون على الصراط المستقيم الذي يحبه الله سبحانه وتعالى، فلا ننحرف يميناً ولا شمالاً كما قال الله: {وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السُّبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصّاكم به لعلّكم تتّقون} [الأنعام:153]. إذاً لا بد لنا أن لا نلتفت يميناً ولا شمالاً وأن لا نسير في هذا النفق أو ذاك النفق، بل علينا أن نسير على الخط المستقيم الذي يعرف فيه الإنسان النهاية من حيث يبدأ البداية، وهذا ما ينبغي لنا أن نفكر فيه، أنه لا يغني عنا من الله أحد شيئاً، بل أن ننطلق من الله وإليه. والحمد لله ربِّ العالمين.



    ...
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
x

رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

صورة التسجيل تحديث الصورة

اقرأ في منتديات يا حسين

تقليص

لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

يعمل...
X