إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

الحقيقة النورانية لمحمد وآل محمد(ص)

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #31
    قصص الأنبياء بسنده قال أبو عبد الله (عليه السلام) : اجتمع ولد آدم في بيت ، فتشاجروا فقال بعضهم : خير خلق الله أبونا آدم ، وقال بعضهم : الملائكة المقرّبون ، وقال بعضهم : حملة العرش ، إذ دخل عليهم هبة الله فقال بعضهم : لقد جاءكم من يفرّج عنكم ، فسلّم ثمّ جلس فقال : في أيّ شيء كنتم ؟ فقال : كنّا نفكّر في خير خلق الله ، فأخبروه فقال : اصبروا لي قليلا حتّى أرجع إليكم ، فأتى أباه فقال : يا أبتِ ، إنّي دخلت على إخوتي وهم يتشاجرون في خير خلق الله ، فسألوني فلم يكن عندي ما اُخبرهم ، فقلت : اصبروا حتّى أرجع إليكم ، فقال آدم : يا بنيّ وقفت بين يدي الله جلّ جلاله ، فنظرت إلى سطر على وجه العرش مكتوب : بسم الله الرحمن الرحيم محمّد وآل محمّد خير من برأ الله[2].



    [2]السفينة 6 : 205 ، عن البحار 26 : 282.

    تعليق


    • #32
      بسم الله الرحمن الرحيم
      اللهم صل على محمّد و آل محمّد الأطيبين الأطهرين
      اللعنة الدآئمة الوبيلة على أعدآئهم و ظالميهم أجمعين


      و أما بعد
      فيا أخ صندوق

      في كلامك إشكاليات عديدة و يحتاج إلى فراغ بال طويل للإجابة على تسآؤلاتك أو إستفساراتك أو تشكيكاتك , و هذا الذي لا تساعدني عليه نفسيتي إذ أمر بظروف جدا صعبة , أسئل الله أن يرحمني بحق محمد و آل محمد .
      و لكن إن إستطعت سأبيّن الأمر في وقت لاحق إن شاء الله , علما بأنني لحد الآن لم أورد , الرد على الإشكالية الثالثة في كلامك السابق بسبب هذه الظروف التي سببت لي آلام كثيرة , أسئل الله أن يفرج عني و يكشف همي و كربي و ينجيني من الحزن .

      و لكن يجب أولا تحديد المرجع , بمعنى , ما هو قول الفصل عندك , أنا قول الفصل عندي القرآن الكريم بتفسير محمد و آل محمد و رواياتهم الشريفة , لأن إذا ما حددنا هذا المرجع , فسوف لن نصل إلى نتيجة إذ كل واحد منا مباني قبوله للفكرة مغاير عن الآخر .

      نسألكم خالص الدعآء
      فإني حقيقتا في ضيق شديد

      تعليق


      • #33
        الله يفرّج عليك بحق محمد وآل محمد
        اللهم فرّج عن اخونا المكروب لواء الحسين بحق نور وجهك الكريم يارب العالمين


        اخ لواء الحسين
        لم ادعو تملقا ومجاملة لك لكني اشعر بمعاناتك ومعاناة كل مكروب.

        ولا تحسبوا رقصي بينكم طربا فالطير يرقص مذبوحا من الألم

        اما بشأن الموضوع فأتمنى ان ينتهي الى هذا الحد فأنا ابحث الان عن الهدوء وراحة بال.

        تعليق


        • #34
          روح أنس من الله البدء بدا * وروح قدس على العرش العلي بدا


          يا علة الخلق يا من لا يقارب خير ‍ * المرسلين سواه مشبه أبدا


          يا من به كمال الدين الحنيف وللايمان * من بعد وهن ميله عضدا

          يا صاحب النص في خم ومن رفع ‍ * النبي منه على رغم العدى عضدا

          أنت الذي اختارك الهادي البشير أخا * وما سواك ارتضى من بينهم أحدا

          أنت الذي عجبت منك الملائك في * بدر ومن بعدها إذا شاهد أحدا

          مولاي دونكها بكرا منقحة * ما جاورت غير معنى حلة بلدا

          رقت فراقت لذي علم وينكر معناها * البليد ولا عتب على البلدا

          تعليق


          • #35
            [grade="00008B FF6347 008000 4B0082 DC143C"]اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
            أشكركم أعزائي جميعاً على المرور العاطر شكراً للأخ الفاضل لواء الحسين للإضافة الكريمة
            كما أشكر اخي مسلم بن عوسجة على القصيدة الرائعة
            أسأله الكريم أن يقضي حوائجكم جميعاً ويسهل أموركم ويفتح لكم الأبواب المغلقة
            بحق محمد وآله الطيبين الطاهرين
            حفظكم الرحمن
            دمتم بعافية[/grade]

            [grade="FF4500 4B0082 0000FF 000000 FF0000"]
            ************************************************** ***************[/grade]
            [poem font="Simplified Arabic,6,blue,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
            روح أنس من الله البدء بدا =وروح قدس على العرش العلي بدا
            يا علة الخلق يا من لا يقارب خير ‍ = المرسلين سواه مشبه أبدا
            يا من به كمال الدين الحنيف وللايمان = من بعد وهن ميله عضدا
            يا صاحب النص في خم ومن رفع ‍ = النبي منه على رغم العدى عضدا
            أنت الذي اختارك الهادي البشير أخا = وما سواك ارتضى من بينهم أحدا
            أنت الذي عجبت منك الملائك في = بدر ومن بعدها إذا شاهد أحدا
            مولاي دونكها بكرا منقحة = ما جاورت غير معنى حلة بلدا
            رقت فراقت لذي علم وينكر معناها = البليد ولا عتب على البلدا[/poem]

            تعليق


            • #36
              اللهم صل على سيدنا محمد وآل محمد وعجل الله فرجهم الشريف


              يُرفع للفائدة ..

              تعليق


              • #37
                اللهم صل على محمدوال محمد الطاهرين
                احسنتم لكل خير وموفقين

                تعليق


                • #38
                  اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
                  رفع الله من قدركم أختنا الفاضلة أمة الزهراء وبارك الرحمن بكم
                  كما نشكر الفاضل الكريم قيوم للمرور العاطر
                  حفظكم الرحمن جميعاُ وقضى حوائجكم


                  دمتم بعافية

                  تعليق


                  • #39
                    الأخ لواء الحسين عليه السلام أسأل الله أن يفرج عنكم بحق محمد وآل محمد وننتظر ردكم على الاشكالات التي أوردها صندوق العمل، وفقتم لكل خير.

                    تعليق


                    • #40
                      بسم الله الرحمن الرحيم
                      اللهم صل على محمد و آل محمد الأطيبين الأطهرين
                      و اللعنة الدآئمة الوبيلة على أعدآئهم و ظالميهم أجمعين
                      السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
                      أخي العزيز أو أختي الفاضلة الإسلام الخالص دام توفيقكم

                      لا يحفى عليكم أن المعترض قد قاطع المنتدى , و لعله خيرا فعل , و لذلك سوف لا أوجه إليه الكلام كمخاطب , و أكتفي برد مزاعمه في رده الذي كان قد كتبه في تلك الأونة على مشاركتي , و سأحاول تبيان ما أقدر من بيانه , و إن شاء الله يقع ذلك مفيدا لكم.

                      أولا مسئلة الهدف و الغاية , فلقد قلت سابقا بأن المسئلة ليست بهذه السهولة و في هذا الأمر دقائق و أسرار كثيرة إذا ما تعمق المتعمق فيها .
                      المعترض أبدى بأن المسئلة غائية العبادة أئصل من غائية خلق العالم لأجل أهل البيت عليهم السلام , بناءا على ما إستظهره , و هذا الإستظهار يبدوا وجيها لأول وهلة , و لكن إذا تمعنا فيها نرى أنه غير أصيل بنفسه .
                      أولا يجب أن أضيف بأن مسئلة " ما خلقت الجن و الانس إلا ليعبدون " هذه غاية من غايات الخلق و ليست الغاية الوحيدة , مضافا إلى أن في القرآن الكريم آيات عديدة يستظهر منها غايات عديدة أخرى , مثل الرحمة , و إظهار القدرة , و لمعرفة الله عز و جل :

                      قال الله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌوَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً}
                      لِتَعْلَمُوا، لام التعليل
                      نهج البلاغة للسيّد الشريف الرضي رضوان الله تعالى عليه:
                      عن الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام قال: أَوَّلُ الدِّينِ مَعْرِفَتُهُ ـ سبحانه وتعالى

                      روى الشيخ محمد بن علي الصدوق رضوان الله تعالى عليه في علل الشرائع:
                      حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن الحسين بن عبيد الله، عن الحسن بن علي بن أبي عثمان، عن عبد الكريم بن عبدالله، عن سلمة بن عطا، عن أبي عبدالله الصادق عليه السلام قال: خرج الحسين بن علي عليهما السلام على أصحابه فقال: إن الله عز وجل ما خلق العباد إلا ليعرفوه، فإذا عرفوه عبدوه، فإذا عبدوه استغنوا بعبادته عن عبادة من سواه.

                      أو للرحمة :

                      وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ {118} إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ

                      إذا من هنا نستنتج أن فهم غاية الخق و حصرها بالعبادة , بعيد عن الصواب .
                      ثم أن المعترض حينما أصل غائية العبادة , نسئله , هل العبادة بنفسها غاية ؟ أي بمعنى آخر الله عز و جل عندما شرع لخلقه العبادة هذه العبادة غايته و هدفه و ثمره راجعة لهم أم لله عز و جل ؟ إذا كانت الثمرة لله فالله غني عن العباد و عبادتهم , و إذا كانت الغاية هي إيصال العباد للكمال , فهذا عودها إلى العبد نفسه , إذا لا تكون العبادة غاية في خلق الخلق بنفسها , بل هي بنفسها تكون وسيلة و غاية لشيئ آخر و هو الكمال , و هذا الكمال هو خلافة الله , الخلافة ليس بمعناه السطحي بل بمعناه العميق , الخلافة الاسمائية الإلهية , و هذا مبحث آخر عميق لا اود أن ألجه لكونه سيشط بنا بعيدا و هذا البحث يحتاج إلى نفسية صافية عن الكدورات و الآن مع الاسف لا يتحصل لي مثل هذه النفسية.
                      إذاً إذا كانت العبادة هي بنفسها وسيلة لإيصال الانسان لمرحلة أن يكون خليفة الله و مظهر أسمائه , فلا تكون إذا هي الغاية الأصيلة بهذا المنظور.
                      و إذا كانت الغاية من الخلق هو خلافة الله سبحانه و تعالى : " إني جاعل في الأرض خليفة " فهذه الغاية متحققة في أصلها في محمد و آل محمد صلوات الله و سلامه عليهم أجمعين فهم خلفاء الله بالأصالة و كل الخلق بما فيهم الانبياء سلام الله عليهم إنما هم تبع لهذه الخلافة الإلهية , و بالتالي يثبت قولنا في رد مزاعم المعترض.

                      أما إعتراضه الثاني خصوص الازمنة و هذا الإعتراض قديم , ذكرها كم مرة في أكثر من موضوع و كنت قد رددت عليه حينها و سأذكر لكم إحدى هذه الأجوبة على هذا الاعتراض.
                      فهو قد قال أن مسئلة نسبية الزمان غير صادقة في مثل هذه القضية للزوم تكليم الرسول أو الامام صلى الله عليهم اجمعين الناس بكلام على حد فهمهم للمحسوسات , فالناس بما أنهم لا يفهمون النسبية في الزمان , فإن الامام لا يحدثهم بذلك , و أن الآيات التي تكلمت عن نسبية الزمان أوردت دائما عبارة " مما تعدون " للدلالة على هذه النسبية كي يعرف المقابل المقدار بالزمان الحسّي الذي لديه , فلا يصدق إذا قولي بنسبية الزمان في هذه القضية , على حد زعمه .
                      الجواب عليه :
                      هو يقول بأن لا بد من ذكر النسبة لكي يكون الزمان نسبيا في القرآن الكريم , أولا لنتكلم قليلا بالفيزياء , الزمان تابع للمتحرك , و الزمان ليس ثابتا عند كل ناظر في منظومته إلى منظوره , و الزمان يتباطئ عند المتحرك كلما إزدادت سرعة حركته و تتسارع للناظر للمتحرك بناءا على منظومته , فالزمان عندنا و عند الملائكة في كل الأحوال مختلف سواء ذكرت النسبة أم لم تُذكر , هذا إن تنازلنا و تكلمنا بالماديات , و إلا فأنا أنزه هذه المباحث من أمثال هكذا إستظهارات , مع أن فيها جانب من الصحة .
                      و لكن فعلا لا نحتاج إلى مثل هذه الإستظهارات , إذ أن القرآن الكريم كفيل برد ما أظهره المعترض علي في مثل إدعاءه , قال تعالى :
                      الآية الأولى :
                      يدبر الامر من السماء الى الارض ثم يعرج اليه في يوم كان مقداره الف سنة مما تعدونالآية الثانية :
                      تعرج الملائكة والروح اليه في يوم كان مقداره خمسين الف سنةنُلاحظ في هاتين الآيتين المباركتين نقاط يجب الإلتفات إليها لرد مزاعم المعترض , أولا الآية الأولى ذكرت النسبة بين أيامنا و يوم العروج , فقالت " مما تعدون " , في حال أن , الآية الثانية , ذكرت أن يوم العروج مقداره خمسين ألف سنة , من دون ذكر للنسبية .
                      كلا الآيتين تشيران إلى يوم العروج و مقداره , يوم العروج في الأولى تكون بمقدار ألف سنة مما نعده , و في الثانية يوم العروج هو مقداره خمسين ألف سنة , فالسؤال هنا هل هذا الزمان نسبي أم غير نسبي , طبعا نسبي , لأن الزمان خمسين ألف سنة , هو غير ألف سنة عندنا , أما السؤال بأن هذه الخمسين سنة بالنسبة لمن , فلم تصرح به الآية , و لكن ليست طبعا بالنسبة للملائكة , إذ أن العروج عند الملائكة و الروح يكون يوما واحدا كما تُصرح به الآية .
                      و بهذا يسقط ما إدعى به من أن لا بد من ذكر النسبة الزمانية سواء في كلام الله عز و جل أو كلام أهل البيت عليهم السلام بناءا على ما أوضحنا كما تقدم .
                      و للفائدة أذكر , أن عند العرب ليس هناك عدد أكبر من ألف , فألف هو أكمل الأعداد عندهم , و هو من أعداد الكثرة , فغالبا يُحمل الألف على الكثرة لا على التحديد .

                      و ختاما أقول أن في هذا البحث مباحث أعمق , و لكن للأسف الناس لا تتعمق في كلام أهل البيت عليهم السلام , و يريدون فهم هذه الأمور العميقة بقياساتهم العقلية البائسة المحدودة , و لكني أحببت أن أذكر شيئا لمن أراد الاستفادة منها و أرجوا أن تعذروني إن لم أقدر أن أخدمكم في ظرفي الحالي بأكثر من ذلك.

                      و أسألكم خالص الدعاء بحق فاطمة الزهرآء سلام الله عليها
                      يا علي
                      التعديل الأخير تم بواسطة لواء الحسين; الساعة 18-07-2011, 10:05 PM.

                      تعليق


                      • #41

                        اللهم صل على محمد وآل محمد
                        وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته
                        وكل عام وأنتم بخير
                        :

                        حقيقةً كما تقول أخي الكريم حول عمق البحث واستنتاجاته العميقة من الصعب تناولها في بعض الأحيان

                        لكن يطرا ببالي بعد أن قرات روايةً لا أتذكر بالتحديد نصها ولكن من مضامينها : أن النبي [صلى الله عليه وآله وسلم]
                        وأمير المؤمنين [صلى الله عليه وآله] يأتيان يوم القيامة ونورهما كالشمس فيرقيان فالنبي[ صلوات الله عليه وآله] يطلب من أمير المؤمنين [عليه وآهل الصلاة والسلام] الوقوف بين الجنة والنار وهنا يبدأ يفصل أهل الحق عن اهل الباطل
                        ويستمر النبي [صلى الله عليه وآله ] ويرقى ....انتهى ..


                        هذه الرواية أو مضمونها أفكر فيه كثيراً ولكن لا استطيع سوى أن أثبحر في عظيم مكانتيهما [عليهما الصلاة والسلام] ..

                        فأتمنى منكم أخي الكريم أن تعطينا فكرة في هذا الجانب متى ماتوفر معك الوقت ,كما اشكرك لتعقيبكم الزاخر

                        بالمفهوم النوراني العبق هذه الشجرة المباركة ..

                        اسئل الله أن يبارك جهودكم و يوفقكم بحق النبي المختار وآله الأطهار صلوات الله عليهم أجمعين ..

                        تعليق


                        • #42

                          تعليق


                          • #43
                            بسم الله الرحمن الرحيم
                            اللهم صل على محمد و آل محمد الأطيبين الأطهرين
                            و اللعنة الدآئمة الوبيلة على أعدآئهم و ظالميهم أجمعين
                            أختي الفاضلة الكريمة " أمة الزهرآء " حفظها الله و سدد خطاها
                            إن المسئلة التي سئلتموني عنها , تأخذنا إلى توضيح نقطة جوهرية و حساسة جدا في طريقة فهم كلمات أهل البيت عليهم السلام , بتعبير آخر تسليط الضوء على ما نفهمه بفهمنا الإعتباري و ما هو حقيقة الأمر , فإننا لو فهمنا هذه النقطة الحساسة بشكل صحيح لإستطعنا من حل إشكالات كثيرة و لفهمنا الكثير من الروايات التي كانت قد إستعصيت علينا فهمه من قبل , و مدار هذا البيان هو قولهم صلوات الله عليهم , ما مضمونه " أُمرنا بأن نُكلم الناس على قدر عقولهم " , فإن أهل البيت عليهم السلام حينما يتكلمون عن الحقائق يقربونها لنا بمثال أو بشيئ مقارب لأفهامنا , و التمثيل و إن كان وسيلة للإفهام و لكن يُنزل من القيمة المعرفية الحقيقة للمثل له , فالحقيقة شيئ و ما عُبر عنه شيئ آخر , و الألفاظ و الحروف العربية مع الهمزة ذات 29 حرفا لا يُمكن لها إظهار الحقيقة بما هي هي لمحدودية هذه الحروف في نفسها و محدودية أفهامنا المتعودة على الاعتباريات , و حتى لو رجعت إلى القواميس اللغة كل واحد منهم لم يستطع إستيعاب كل ما يوجد في لغة العرب من معاني , و هذا واضح لمن له أدنى إطلاع في كتب اللغة بأن اللغويين في ما بين أنفسهم يختلفون في ألفاظ المعاني و قد تجد معنى عند لغوي و قد لا تجده عند لغوي آخر و إذا لم يجدوا شيئا يُعرفون بها مفردة معينة و ورد شيئ في الرواية يقولون أن المعنى المفردة هي ما ورد في هذا الحديث أي يعود الأصل في معرفة المفردة إلى الحديث مرة أخرى , فإن كان هذا حال فهمنا لكلام العربي الذي هو كلام الذي نتعامل معه يوميا , فكيف نريد بهذا المستوى من فهم أن نعرف الحقيقة بكاملها , فمثلا ما نفهمه من الروايات الشريفة حول مقام رسول الله صلى الله عليه و آله الأطهار و مقام أمير المؤمنين صلوات الله و سلامه عليه إنما هي حقائق متنزلة إلى حد تمثيل الحسي ليستطيع الانسان بفهمه الاعتباري لمفردات مثل الحاكمية و المراتب فهم شيئ من هذه الحقيقة , و إلا فإن حقيقة الحاكمية و المالكية و المنزلة و المرتبة هو فوق الادراك المحدود , فإن المحدود مهما فعل لا يستطيع فهم حقيقة اللامحدود , كل شخص يميز بين الأشياء , و يجعل لها حدودا على ما تم إعتبارها في حياته المدنية , فإن الحياة المدنية للإنسان تقتضي أن يسلك سبيل نظام الإعتباري , ففي هذا المجتمع المدني قد يكون اللون الأسود لون يشير إلى القبائح , كما أن البياض يشير إلى النقاء و الصفاء , هذه إعتباريات .ثم أن هذه الآيات التي جئت بها آيات تتكلم في أحوال يوم القيامة و ذاك عالم الحقائق , و لكن الخبر عنها بلسان الإعتبار , و لأجل توضيح هذا النظام أي نظام الإعتبار , حيث قد كررت هذا الأمر كثيرا و لعل الأمر يكون غامضا لو لم يتم شرحه , و لأجل هذا الغرض سوف أستعين ببيان السيد العلامة صاحب الميزان قدس سره , في هذا المقام , قال العلامة في بدايات رسالته الموسومة بالولاية , مع شيئ من التصرف للتسهيل المعنى :

                            إنا إذا تتبعنا و تأملنا وجدنا جميع المعاني المرتبطة بالإنسان و الروابط الموجودة بين نفس هذه المعاني ( كالملكية و سائر الإختصاصات و الرئاسات و المعاشرات و متعلقاتها و غيرها ) أمورا إعتبارية و معاني صنعتهها القوة الإنسانية الواهمة , حيث التزم الإنسان باعتبارها من جهة حاجاته الأساسية للحياة الإجتماعية و المدنية و تبادل المصالح و المنافع و دفع الشر و المضار . فكما أن للنبات ناظما طبيعيا في دائرة وجوده عبارة عن تلك السلسلة من العوارض المنظمة الطارئة عليه يحافظ بها علي نفسه بالتغذّي و النمو و توليد المثل , كذلك كان للإنسان نظام طبيعي يحافظ به على نفسه , إلا أن هذا النظام محفوظ بمعان و أمور إعتبارية يربطها نظام إعتباري و تحتها نظام طبيعي . يعيش الإنسان بحسب الظاهر بالنظام الإعتباري كعقود الزواج , و بحسب الباطن و الحقيقة بالنظام الطبيعي كتوليد المثل .

                            و قد ثبت في محله أن كل إعتبار ينبغي أن يتقوّم بحقيقة تحته , فليس من اعتبار محض , بل كل ما يعتبروه الناس أو يتصورونه له منشأ حقيقي وجودي .
                            و بالجملة : فهذا النظام الإعتباري موجود في حيّز الإجتماع و التمدن و قد نشأ كلّه من حاجته للتواصل الإجتماعيهنا قلب المطلب- فحيث لا حياة إجتماعية بالمعنى المذكور لا حاجة للإعتبار .

                            ثم إن ما تعرّض الدين لشرحه و بيانه من المعارف المتعلقة بالمبدأ و من الأحكام و المعارف المتعلقة بما بعد هذه النشأة الدنيوية , كل ذلك بلسان الإعتبار . يشهد بذلك التأمل الصادق . و حيث لا ظرف اجتماع و تبادل للمنافع الأولية في غير ظرف الأحكام التي عُبِّر عنها بلسان الإعتبار , يكون هناك حقائق أخرى مندرجة تحت هذا اللسان . ذلك لأن كل اعتبار قائم بحقيقية .

                            بعبارة أخرى : ما قبل هذه النشأة الإجتماعية من العوالم السابقة على وجود الإنسان الإجتماعي , و ما بعد نشأة الإجتماع مما يستقبله الإنسان من العوالم بعد الموت , حيث لا حاجة للحياة الإجتماعية المدنية , فلا وجود لهذه المعاني الإعتبارية فيها البتة .
                            فالمعارف المشروحة في الدين فيما يرتبط بتلك النشآت غير الإجتماعية تحكي عن حقائق أُخر بلسان الإعتبار , فإذا قيل مأن الإنسان يمتلك بيتا في الجنة مثلا , فلا تكون الملكية هناك مثل الملكية الإعتبارية في الدنيا و التي تنسلخ عنه بأدنى إعتبار ,بل تكون من قبيل مشاعره و لوازمه الذاتيه التي لا تنفك عنه .

                            فهم هذا المطلب كما يجب , سيعطيك أفق واسع في فهم الروايات الشريفة , التي بعض ضعاف النفوس يستنكرونها و بل يصفونها بالخرافات جرأة منهم على الله و رسوله , لعدم تمكنهم من فهم أن هذه الحقائق إنما قيلت بلسان الإعتبار , و أما الحقيقة فهو شيئ آخر , و إن كان فيما بينهما ربطا في نوع الوجود و سنخه . ,
                            و يقول الحكيم السبزواري في شرح منظومته ج 3 ص 182
                            " إنّ الكلامَ في عرفِنا لفظٌ دالٌّ بالدلالةِ الوضعيّةِ على ما في الضميرِ، فهو موجودٌ اعتباريٌّ يدلُّ عندَ العارفِ بالوضعِ ـ بدلالةٍ وضعيّةٍ اعتباريّةٍ ـ على ما في ذهنِ المتكلِّم، ولذلك يُعدُّ وجوداً لفظيّاً للمعنى الذهنيِّ اعتباراً، كما يُعدُّ المعنى الذهنيُّ وجوداً ذهنيّاً، ومصداقُه الخارجيُّ وجوداً خارجيّاً للشيء.
                            فلو كان هناك موجودٌ حقيقيٌّ دالٌّ على شيءٍ دلالةً حقيقيّةً غيرَ اعتباريّةٍ، كالأثرِ الدالِّ على المؤثِّرِ، والمعلولِ الدالِّ ـ بما فيه من الكمالِ الوجوديِّ ـ على ما في علّتِه من الكمالِ بنحوٍ أعلى وأشرفَ، كان أحقَّ بأن يُسمّى كلاماً، لأصالةِ وجودِه وقوّةِ دلالتِه. "
                            ولكي يتّضح المراد من ذلك لابدّ من تقديم مقدّمة، ذكرناها سابقاً وهي أنّ الألفاظ موضوعة لأرواح المعاني وليست موضوعة للمصاديق الخارجيّة بخصوصيّاتها. وقد أشار إلى هذه الحقيقة الفيض الكاشاني في مقدّمة تفسير الصافي، بقوله:
                            " «إنّ لكلّ معنى من المعاني حقيقة وروحاً وله صورة وقالب وقد يتعدّد الصور والقوالب لحقيقة واحدة، وإنّما وضعت الألفاظ للحقائق والأرواح، ولوجودهما في القوالب تستعمل الألفاظ فيهما على الحقيقة لاتّحاد ما بينهما، مثلاً لفظ القلم إنّما وضع لآلة نقش الصور في الألواح من دون أن يعتبر فيها كونها من قصب أو حديد أو غير ذلك، بل ولا أن يكون جسماً ولا كون النقش محسوساً أو معقولاً ولا كون اللّوح من قرطاس أو خشب، بل مجرّد كونه منقوشاً فيه. وهذا حقيقة اللوح وحده وروحه، فإن كان في الوجود شيء يستطر بواسطة نقش العلوم في ألواح القلوب فأخلق به أن يكون هو القلم فإنّ الله تعالى قال: (عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) (العلق: 4 ـ 5)، بل هو القلم الحقيقي حيث وجد فيه روح القلم وحقيقته وحدّه من دون أن يكون معه ما هو خارج عنه، وكذلك الميزان مثلاً فإنّه موضوع لمعيار يُعرف به المقادير، وهذا معنى واحد هو حقيقته وروحه وله قوالب مختلفة وصور شتّى بعضها جسمانيّ وبعضها روحانيّ، كما يوزن به الأجرام والأثقال مثل ذي الكفّتين والقبّان وما يجري مجراهما، وما يوزن به المواقيت والارتفاعات كالأسطرلاب، وما يوزن به الدواير والقسي كالفرجار، وما يوزن به الأعمدة كالشاقول، وما يوزن به الخطوط كالمسطرة، وما يوزن به الشعر كالعروض، وما يوزن به الفلسفة كالمنطق، وما يوزن به بعض المدركات كالحسّ والخيال، وما يوزن به العلوم والأعمال كما يوضع ليوم القيامة، وما يوزن به الكلّ كالعقل الكامل، إلى غير ذلك من الموازين. وبالجملة: ميزان كلّ شيء يكون من جنسه، ولفظة الميزان حقيقة في كلّ منها باعتبار حدّه وحقيقته الموجودة فيه، وعلى هذا القياس كلّ لفظ ومعنى"
                            و يقول السيد كمال الحيدري حفظه الله تعالى في هذا الصدد :
                            وعلى هذا الأساس فإنّ معنى الكلام المتعارف عندنا هو أحد مصاديق حقيقة وروح معنى الكلام، لا أنّ حقيقة الكلام هو هذه الألفاظ التي تصدر من المتكلِّم.
                            بيان ذلك: إنّ الكلام في عرفنا هو الألفاظ الصادرة من المتكلِّم، وهي قائمة بالمتكلِّم، حاصلة من تموّج الهواء واهتزازه وخروجه من الحنجرة... وهذه الألفاظ تدلّ على المعاني بحسب الوضع والاعتبار، فهنالك موجود اعتباريّ اعتبره أهل اللغة وهو اللفظ الموضوع، ليدلّ بالدلالة الوضعية الاعتبارية على معنى معيّن عند العارف بتلك اللغة. فالكلام يدلّ على المعنى بالدلالة الاعتباريّة، وإن كان من جهة أخرى كونه وجوداً حقيقيّاً لا اعتباريّاً وهو كونه لفظاً ذا وجود تكوينيّ صادر من متكلّم، وإلى هذه الحقيقة أشار المصنّف في تعليقته على الأسفار بقوله: «إنّ اللفظ وجود اعتباريّ لمعناه، وإنّ التكلّم إيجاد اعتباريّ للمعنى الذي في ضمير المتكلِّم، ليستدلّ به السامع العالم بالوضع على المعنى المقصود. واعتباريّته من جهة اعتباريّة الدلالة»( الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة: ج7، ص3، تعليقة العلاّمة الطباطبائي، رقم (1).)، فالكلام في عرفنا هو إلقاء لفظ يدلّ على معنى بالدلالة الاعتباريّة لإعلام المخاطب العارف باللّغة ما في ضمير المتكلّم.
                            وبناءً على أنّ الألفاظ موضوعة لأرواح المعاني، يتّضح أنّ حقيقة الكلام متقوّمة بما يدلّ على معنىً مكنون خفيّ مضمر، أمّا بقيّة الخصوصيّات من قبيل كونه صادراً من الإنسان وخروجه من طريق الحنجرة ونحوها من الخصوصيّات فهي خصوصيّات المصاديق، وليست دخيلة في حقيقة وروح معنى الكلام.
                            وعلى هذا الأساس تعدّ جميع الموجودات الخارجيّة كلاماً؛ لأنّها دالّة وحاكية بوجودها على وجود علّتها، كحكاية ودلالة الأثر على الموثّر.
                            وهذه الدلالة دلالة عقليّة تكوينيّة، ليست بالوضع والاعتبار كدلالة الدخان على النار، والمخلوق على الخالق، والمصنوع على الصانع، وكدلالة صفة الكمال الموجود في المخلوق على وجود ذلك الكمال عند خالقها وعلّتها.
                            بل إنّ دلالة موجود حقيقيّ على علّته بالدلالة العقليّة أولى وأحقّ أن تسمّى كلاماً من دلالة اللفظ الاعتباريّة، لأنّ دلالة الموجود الحقيقي على علّته أقوى من الدلالة الاعتباريّة، لأصالة الدلالة العقليّة وقوّة دلالتها، وهو بخلاف دلالة اللفظ على المعنى الذي يكون وجوده وجوداً ادعائياً اعتبارياً للمعنى؛ ولذا يسري حسن المعنى وقبحه إلى اللفظ.
                            مضافاً إلى أنّ دلالة اللفظ على المعنى قابلة للتغيّر والتبدّل بخلاف الدلالة العقليّة، فمن الواضح أنّ دلالة الدخان على النار أقوى من دلالة لفظ زيد على الشخص الفلاني.
                            ولا يخفى أنّ ظاهر البيان المتقدّم هو إثبات الكلام الفعلي، أي الكلام في مقام الفعل لا في مقام الذات، لأنّ المخلوقات على هذا تكون كلاماً وكلمات، وخلقها وإيجادها يكون تكلّماً وكلاماً.

                            و بهذا البيان يتضح لكم هذه الحقيقة التي أشرنا إليها في بداية كلامنا بأننا ما ندركه من الروايات التمثيلية و عموم الروايات المعصومية الشريفة لا يتعدى كونه فهم ظاهري عرفي اعتباري و التي هي من تنزلات عالم الحقيقة و ليس هي الحقيقة بنفسها بل هي دالة عليها أو إليها.
                            و هذا الامر ايضا جارى على معاني الايات القرآنية الكريمة , فإن المقام التكويني للقرآن الكريم ليس هو هذا الوجود اللفظي الموجود بين أيدينا , بل ما في وراء هذه الالفاظ حقائق و حقائق و بطون و بطون , و اللفظ هو قالب المعنى و الحقيقة بتعدد مراتبها .
                            يقول السيد كمال الحيدري حفظه الله تعالى :
                            لكي نفهم هذه الحقيقة القرآنيّة لابدّ من التمييز بين نحوين من النزول والتنزّل، استعملهما القرآن، وكثيراً ما يقع الخلط بينهما، ويفضي إلى التباسات كبيرة، هما:
                            الأوّل: النزول على نحو التجافي
                            هذا النحو من التنزّل لا يمكن تصوّره إلاّ في عالم المادّة، ومن أهمّ خصائصه هو أنّ الشيء إذا كان في أعلى فهو غير موجود في الأسفل، وبالعكس، وقد استخدم القرآن الكريم هذا اللّون من النزول في قوله تعالى: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنْ الْمَضَاجِعِ) (السجدة: 16)، أي ترتفع جنوبهم عن الفراش، بنحو عندما ينهض هؤلاء لا تبقى جنوبهم في المضجع بل تتجافى عنه وتتباعد.
                            الثاني: النزول على نحو التجلّي
                            هذا النحو من التنزّل يتميّز بخصوصيّة، هي أنّ الشيء المتنزّل لا يفقد وجوده في مرتبته السابقة بعد التنزّل، على العكس من النزول بالنحو الأوّل، فإنّ الشيء إذا نزل من أعلى لم يبق له وجود في المرتبة التي نزل منها.
                            يمكن تقريب ذلك بمثال من النشاط العلمي للإنسان، فإذا ما كانت عند الإنسان فكرة في ذهنه، ثمّ عمد إلى كتابتها على الورق، فإنّ هذه الفكرة تنزّلت من مرتبة وجودها في عقل الإنسان وصارت مكتوبة على الورق، ومن الواضح أنّ الفكرة في الوجود الذهني شيء وهي في الوجود الكتبي شيءٌ آخر، لكن الفكرة عندما تنزّلت من مرتبة إلى أخرى لم يفقد الإنسان علمه بها، بل هي ما تزال تحافظ على وجودها قبل التنزّل وبعده، غاية ما هناك أنّها ظهرت في مرتبة أخرى من مراتب الوجود دون أن تفقد مرتبتها السابقة.
                            طبيعي أنّ للفكرة في مرتبتها الوجوديّة الجديدة أحكامها الخاصّة بها، فإنّ الفكرة وهي في الذهن موجودٌ مجرّد غير قابل للنقل والسرقة مثلاً، لكنّها وهي على الورق تنطبق عليها أحكام المادّة، فهي قابلة للانتقال والسرقة وما إلى ذلك. فالفكرة هي هي، وهي غيرها. هي هي لأنّ المضمون واحد، فما هو موجود في الذهن وما هو على الورق واحد، بيدَ أنّهما يختلفان في المرتبة الوجوديّة، فللفكرة في الذهن درجة وجوديّة مجرّدة عن المادّة، أمّا على الورق فهي في درجة وجوديّة أخرى.
                            وهذا النحو من النزول هو الذي يصطلح عليه القرآن بالتجلّي كما في قوله تعالى: (فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ) (الأعراف: 143).
                            وبهذا يتّضح معنى قوله تعالى: (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ); فإنّ المراد من التنزّل من الخزائن الإلهيّة هو ظهور الأشياء في الكون بعدما لم تكن. وهو الذي يفسّر لنا حقيقة العلم الفعلي للحقّ تعالى، وهو ظهور معلوم الحقّ سبحانه على ما علمه من علمه في مقام الذات. ولازمه أنّ علم الله سبحانه الذاتي لا يتحوّل ويتنزّل ليكون علماً فعليّاً عينيّاً في الخارج، لأنّه لو كان كذلك لفقد مرتبته.
                            هذا كلّه بحسب قوس النزول، كذلك الأمر في قوس الصعود من هذا العالم إلى العوالم الأخرى، يقول سبحانه: (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ) (فاطر: 10)، فليس معناه أنّ الإنسان إذا صعد مرتبة وجوديّة، فَقَدَ مرتبته السابقة، بل هو صعود على نحو التجلّي، كما أنّ ذاك تنزّل على نحو التجلّي.
                            إذا اتّضح ذلك، يتبيّن أنّ نزول القرآن الكريم ليس هو على نحو التجافي ـ كما لا يخفى ـ وإنّما هو على نحو التجلّي، وفقاً للقاعدة التي تحدّثت عنها الآية المباركة: (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ) (الحجر: 21).
                            أسماء المرتبة العالية من القرآن
                            بعد أن اتّضح في البحث السابق أنّ القرآن الذي بأيدينا إنّما تنزّل من تلك المرتبة العينيّة التي هي الأصل، لابدّ من الوقوف على الأسماء التي سُمّيت بها تلك المرتبة العالية:
                            فتارةً سُمّيت تلك المرتبة بأُمّ الكتاب: (وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ) (الزخرف: 4).
                            وأخرى الكتاب المكنون: (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ) (الواقعة: 77 ـ 78).
                            وثالثة باللّوح المحفوظ: (بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ) (البروج: 22).
                            ورابعة الكتاب المبين: (حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (الزخرف: 1 ـ 3)، فإنّه ظاهر في أنّ هناك كتاباً مبيناً عَرَض عليه جعله مقروّاً عربيّاً، وإنّما أُلبس لباس القراءة والعربيّة ليعقله الناس، وإلاّ فإنّه ـ وهو في أُمّ الكتاب، والكتاب المكنون، واللّوح المحفوظ ـ عند الله، عليٌّ لا يصعد إليه العقول، حكيمٌ لا يوجد فيه فصل فصل. وفي الآية تعريف للكتاب المبين وأنّه أصل القرآن العربي المبين.
                            قاعدة منهجيّة
                            قبل الخوض في بيان حقيقة الكتاب المبين الذي يعدّ المرتبة العالية من القرآن الذي بأيدينا، لابدّ من الإشارة إلى قاعدة منهجيّة في المقام، حاصلها:
                            إنّ المفاهيم التي استعملها القرآن الكريم، كالكتاب والعرش والكرسي واللّوح والقلم وغيرها، يمكن أن تكون مختلفة المصاديق من حيث التجرّد والمادّية، بمعنى أنّ المفهوم وإن كان واحداً إلاّ أنّ المصاديق يمكن أن تتنوّع لتشمل ـ بالإضافة إلى المصداق المتداول في حياتنا الحسّية ـ مصاديق أخرى فوق العالم المشهود، بنحو يكون الاستعمال فيها جميعاً حقيقيّاً.
                            قال صدر الدِّين الشيرازي: «اعلم أنّ أكثر الألفاظ الواردة في الكتاب الإلهي، كسائر الألفاظ الموضوعة للحقائق الكلّية، يُطلق تارةً ويُراد به الظاهر المحسوس، ويطلق تارةً ويُراد به سرّه وحقيقته وباطنه، وتارةً يُطلق ويُراد به سرّ سرّه وحقيقة حقيقته وباطن باطنه، وذلك لأنّ أصول العوالم والنشآت ثلاثة: الدُّنيا، والآخرة، وعالم الإلهيّة، وكلّها متطابقة، وكلّ ما يوجد في أحد من هذه العوالم يوجد في الأخيرين على وجه يناسب كلّ موجود لما في عالمه الخاصّ به» تفسير القرآن الكريم، صدر المتألّهين الشيرازي، حقّقه وضبطه وعلّق عليه الشيخ محمّد جعفر شمس الدِّين، دار التعارف للمطبوعات، بيروت 1998: ج8 ص68.
                            و أدعوكم مرة أخرى بتدبر مقدمة الملا فيض الكاشاني قدس سره في تفسيره الصافي , ففيها بيان جميل.
                            في ضوء هذه القاعدة قدّمت هذه النظرية فهمها لكثير من الحقائق القرآنية; كاللّوح والقلم والكتاب والعرش والكرسيّ، ممّا يفيد أنّ لهذه المفاهيم جميعاً حقائق واقعيّة ومصاديق خارجيّة تتناسب وشأنها، لكن غاية ما هناك أنّ الإدراك الإنساني لم يألفها، لألفته بمصاديق عالم المادّة دون ما يقع وراءه. من هنا لابدّ من الالتفات إلى أنّ لغة بعض الآيات والروايات وإن كانت تتحدّث عن هذه الحقائق بما يشبه المصداق المادّي، إلاّ أنّ ذلك من باب المثال (وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلاَّ الْعَالِمُونَ) (العنكبوت: 43)، باعتبار أنّ الإنسان لا يستطيع أن يستوعب تلك الحقائق إلاّ من خلال هذا السبيل.
                            فيا أختي الكريمة , قد جمعت لك في هذا المختصر درر و يواقيت من موائد العلماء الكرام في بيان الفارق بين ما نفهمه من الروايات الشريفة و مقامات أهل البيت عليهم السلام و ما هي حقيقة مقاماتهم المقدسة الشريفة , فنحن لا ندرك من مقامات أهل البيت عليهم السلام إلا كما يفهم الطفل أن هذا الكائن الذي يطعمه و يسقيه و يحافظ عليه , يُقال له : ماما , فإنه غاية معرفته بأن يقول لهذا الكائن بجعل ولفظ إعتباري "ماما" , و لكن هل يعرف هذا الطفل حقيقة هذا الأم , ما معنى الأم , ما هي الامومة , هل يدرك حقيقة حنان الامومة ؟ , فهمنا لمقامات أهل البيت عليهم السلام أيضا كذلك , فهمنا فهم أطفالي , نحن نقول عنهم و نصفهم في زياراتهم الشريفة بأنهم المستقرين في أمر الله , بأنهم وجه الله , عين الله , يد الله , قلب الله , و غير ذلك من الاوصاف و لكن هل حقيقتا نفهم ماذا تعني هذه المقامات بأفهامنا البائسة الفقيرة المحدودة ؟
                            و لا بأس بأن أذكر بيانا جميلا و علميا لسماحة المرجع الكبير الشيخ وحيد الخراساني حفظه الله تعالى في بيان شيئ من معنى هذه الإضافة إلى الله عز و جل مثل قولنا في وصفهم سلام الله عليهم بأنهم وجه الله , قلب الله , عين الله , و غير ذلك من الاضافات .
                            قال سماحته حفظه الله في كتاب المقتطفات الولائية صفحة 20 في بيان عبارة : " أشهد أن دمك سكن في الخلد " و من معاني الدم في لغة العرب " الثار " و البيان يدور حول إضافة الثار إلى الله , " ثار الله " , قال سماحته :
                            " إن الاضافة تجعل من النكرة معرفة , كلّ نكرة تكتسب التعريف بإضافتها, هذه خصوصية علمية في الإضافة. و الآن , لننظر في إضافة لحقتْ مُضافاً صَيـَّـرَتْـهُ فوقَ حدود التعريف ( ما وراء التعريف) , فإن الاضافة إلى ما هو فوق حدَّ التعريف يُوجِـدُ في المُضاف الحالةَ نفسها , و يصبح هو الآخر فوق حدود التعريف , و هذا برهان علمي , فارجع الى الكلمة التي ذكرتها آنفا من أن الحسين بن علي عليهما السلام لا يحيطه تعريفٌ و لا يمكن وصفه.
                            و إليك البرهان : من الثابت أن الإضافة تحوّل النكرة إلى معرفة , من حيث أن ما في المضاف إليه المعرفة ينتقل – من خلال الإضافة – إلى المضاف ( النكرة ) , فإن لحقت الإضافة مضافا إليهٍ فوقَ حدود التعريف و نطاق الوصف , فإن الحكم يسري في المضاف و يصبح هو الآخر فوق حدود التعريف و نطاق الوصف. و هذه هي خصوصية أصل الإضافة , و هناك إضافة من نوع آخر , هي الإضافة الفنائية , و لها حكم آخر ... فإذا كانت الإضافة إضافةً الفاني إلى المـَـفْنيّ فيه , فإن أحكام المفنيّ فيه تسري إلى الفاني , و تترتب آثار المفنيّ فيه على الفاني , هذه هي نتيجة الإضافة الفنائية ... و هنا , سننظر إلى إضافة الحسين بن علي عليهما السلام إلى الله , من أي الإضافات هي؟ ليُعلم السر في قوله عليه السلام : " السلام عليك يا قتيل الله و بن قتيله "
                            "
                            و لمن أراد مراجعة الكلام , فاليذهب الى الرابط التالي :
                            أو مباشرة :
                            أسئل الله تعالى بحق دماء الحسين عليه السلام أن أكون قد وُفقت في بيان ما أردتم معرفته , على قلة بضاعة مني و كثرة تقصيري في حقوق إخوتي لكثرة إنشغالاتي و قلة وقتي .
                            و أدعوكم إلى الإستماع إلى هذه المحاضرة الجميلة , هدية مني لإخوتي :

                            [url=http://shiavoice.com/play-dgvcv.html]ولله المثل الأعلى - 3 - السيد إمام جزائري[/url]

                            عموما أسئلكم خالص الدعآء بحق فاطمة الزهرآء سلام الله عليها
                            يا علي
                            التعديل الأخير تم بواسطة لواء الحسين; الساعة 20-07-2011, 06:23 PM.

                            تعليق


                            • #44
                              اللهم صل على محمد وآل محمد

                              وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته..

                              إلهي بحق فاطمة وابيها وبعلها وبنيها إلا ما وفقت أخي المؤمن لكُل خير ..

                              لقد وفقك الله في هذا الطرح , حقيقةً أثار ردّك الكثير من التساؤلات فلقد قرأت ما كتبته مرتين

                              لعمق وجمال ما خطته يديك , ولقد تبادرت روايات عِدة في حقّهم روحي فداهم ولكن ما اوردتهُ مجزي بالخير

                              قد أحتاجهُ لمراجعة بعض الأطروحات الشفهية وقد أعود لأتعلم منكم مولانا ,, وارجو أن لا أُثقل عليكم

                              فقد وجدتُ ضالتي في مضامين درسك القيّم ..

                              دُمت وسلمت وعشت دوماً لواءً للحُسين [صلوات الله عليه وآله] ,,بارك الله بكم.

                              تعليق


                              • #45
                                أستاذي الفاضل لواء الحسين عليه السلام، لقد كان لردكم الكثير من الفائدة والتذكرة لي، ولكنكم لم تجيبوا على الاشكالية الثالثة بشأن توهم الزيادة في حديث الكساء، واني بانتظار ردكم، وفقكم الله لكل خير وعافاكم بحق محمد وآل محمد.

                                تعليق

                                المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                                حفظ-تلقائي
                                x

                                رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                                صورة التسجيل تحديث الصورة

                                اقرأ في منتديات يا حسين

                                تقليص

                                المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                                أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, 02-05-2025, 07:21 AM
                                ردود 2
                                17 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة ibrahim aly awaly
                                بواسطة ibrahim aly awaly
                                 
                                أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, 02-05-2025, 09:44 PM
                                استجابة 1
                                12 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة ibrahim aly awaly
                                بواسطة ibrahim aly awaly
                                 
                                يعمل...
                                X