كيف صار العثماني حسينيا ؟
ما الذي صير زهير بن القين من كونه عثمانيا الى أن يصير حسينيا ؟
كيف يتحول الانسان من حالة الى حالة ؟
زهير بن القين شاهد من شواهد التاريخ ، وعلم من أعلام مدرسة عاشوراء ،
استاذ هذه المدرسة هو الحسين بن علي عليهما السلام ،
نذكر لكم حكاية زهير بن القين في تاريخ الملحمة الحسينية الخالدة ، ونترك للقراء الكرام التعليق بما تجود به القريحة :
هو زهير بن القين البجلي الذي كان مع جماعته يتجنبون لقاء الحسين عليه السلام أثناء مسيرته من مكة إلى العراق .
ثم نراه قد تحول إلى قطعة من الفداء والتضحية في سبيل المبدأ والعقيدة، لكلمات سمعها من الإمام عليه السَّلام، فكيف حصل ذلك ؟
تذكر لنا نصوص التاريخ أن زهيرا كان يسير مع قومه في نفس الاتجاه الذي يسير فيه الامام الحسين عليه السلام وصحبه ، نحو الكوفة ، وكان يتحاشى أثناء الطريق ان ينزل في منزل نزل فيه الحسين عليه السلام ، فكان يسبقه تارة ، أو يتأخر عنه في النزول ، فقد كان زهير عثماني الهوى ، والعثمانيون في ذلك الوقت يرون في الحكم الاموي امتدادا لنفوذهم ، والحسين عليه السلام يمثل رمز المعارضة للحكم الأموي المتسلط على رقاب العباد ، وباسم الاسلام !!!
و بينما هم في الطريق إذ نزلوا في منزلٍ لم يجدوا بُداً من أن ينازلوا الحسين فيه.
وهنا حصل ما لم يكن بالحسبان ، فقد بعث الحسين برسوله إلى زهير يدعوه للقاءه ، وكان زهير حيئنذ مع قومه يأكلون الطعام، فطرح كل إنسان ما في يده وكأن على رؤوسهم الطير. لقد أصيبوا بالاحراج .
وهنا تتحرك الفطرة السليمة في زوجته دلهم وفتقول له :
أيبعث اليك ابن رسول الله ثم لا تأتيه ؟ ! سبحان الله ! لو أتيته فسمعت كلامه، ثم انصرفت.
وكأن كلام زوجته قد أخرجه من الورطة التي أحس أنه وقع فيها بدعوة الحسين له ،
فذهب زهير إلى لقاء الحسين عليه السلام .
وكانت المفاجأة ، وكان التغيير الجوهري في حياته ، فقد عاد على غير الحال التي ذهب عليها ، عاد والابتسامة ترتسم على شفتيه.. عاد فرحاً مسروراً. بعد أن ذهب قلقا ، واجما ، محرجا .
ترى ماذا قال له الحسين وبأي شيء ذكره مما جعله يعود سريعاً ليودع أصحابه ويطلّق زوجته وينضم إلى ركب التضحية والفداء.؟
إن التاريخ لم يتحفنا الا بكلمات قليلة حولت زهيراً إلى بطل خلده التاريخ، إلى داع للحق يسير على نهجه الثائرون.
ان ما نقله لنا التاريخ هو تلك الكلمات التي تفوه بها زهير بعد الانقلاب الذي حصل في حياته ولقاءه الحسين عليه السلام عندما عاد الى رحله ليفاجئ زوجته بموقفه هذا ، طالبا منها أن تلحق بأهلها حفاظا على سلامتها ، فيطلقها حبا لها وصونا لها من السبي ، وذلك لأن الحسين عليه السَّلام نقل لزهير نبوءة عن نفسه، وذكر له «انه يقتل في كربلاء وان رأسه الشريف يحمله زجر بن قيس إلى يزيد يرجو نواله فلا يعطيه شيئاً» (دلائل الامامة للطبري ص 74).
هذه الكلمات اعادت الذاكرة لزهير وقد نبهته عن غفوته التي كان عليها، هزت كيانه من اعماقه، جعلته يعود مسرعاً قائلاً لأصحابه: «من أحب منكم ان يتبعني، وإلا فانه آخر العهد»
فما هي هذه الذاكرة ؟ وماذا خبأت الأيام لزهير ؟ فلنستمع له وهو يحدث زوجته وقومة في تلك اللحظة الخالدة من حياته بقوله :
«إني سأحدثكم حديثاً: إنا غزونا بلنجر(مدينة ببلاد الروم وفي بعض المصادر البحر ) ففتح الله علينا وأصبنا غنائم، فقال لنا سلمان الفارسي رضي الله عنه: أفرحتم بما فتح الله عليكم، وأصبتم من الغنائم ؟ فقلنا: نعم، فقال: إذا أدركتم شباب ألِ محمدٍ فكونوا أشدّ فرحاً بقتالكم معهم مما أصبتم اليوم من الغنائم».
وحينئذٍ تنبه زهير إلى الموقف المبدئي الذي ينتظره .
إنه الدفاع عن الإسلام المحمدي الأصيل، إنه الدفاع عن ريحانة الرسول ، الإمام المعصوم المفترض الطاعة الحسين بن علي، إنه الدفاع عن الحق والحقيقة.. لقد تراءت أمام أعين زهير صورة الفتح الحقيقي والمغنم الحقيقي الذي أشار له سلمان رضوان الله تعالى عليه، وانقشعت تلك الغشاوة التي رانت على قلبه طويلا ، فقد القت تلك الكلمات بظلالها عليه، وراح ينظر بعين البصيرة، لينظم إلى قافلة المجد، وكله شوق إلى لقاء الله سبحانه وتعالى..
ولقد نطق روح القدس على لسانه في ليلة عاشوراء وهو يرفض ترك الحسين عليه السَّلام. فقد أجاز الحسين اصحابه في تلك الليلة وقال لهم: «هذا الليل قد غشيكم، فاتخذوه جملاً، ثم ليأخذ كل رجل منكم بيدِ رجل من أهل بيتي، تفرقوا في سوادكم ومدائنكم حتى يفرج الله فإن القوم إنما يطلبوني، ولو قد اصابوني لهوا عن طلب غيري...» ولكن:
أبت الحميّة أنْ تفارق أهلها ******وأبى العزيز بأن يعيش ذليلا
فقد أبى هؤلاء النخبة الذين امنوا بربهم فزادهم هدى، ابوا الا ملاقاة الله ونصر قائدهم وإمامهم، فاجابوا الإمام بكلمات تدل على سموهم ورفعتهم وعظم عقيدتهم، لقد ذابوا في محبة الله وانقطعوا إليه وسارعوا إلى مغفرة منه ورضوان.
فقد قال له زهير بن القين: «والله لوددت أني قتلت ثم نشرت ثم قتلت وهكذا ألف مرة، وإن الله سبحانه يدفع بذلك القتل عن نفسك وعن أنفس هؤلاء الفتيان من أهل بيتك»
(الارشاد: ج 2، ص 92. اعلام الورى: ج 1، ص 456، والطبري: ج 4، ص 619)
حقاً إنها كلمات خالدة تشرف التاريخ بنقلها فلقد شرى زهير نفسه في مرضاة الله
حقا لقد صار العثماني حسينيا ...
ما الذي صير زهير بن القين من كونه عثمانيا الى أن يصير حسينيا ؟
كيف يتحول الانسان من حالة الى حالة ؟
زهير بن القين شاهد من شواهد التاريخ ، وعلم من أعلام مدرسة عاشوراء ،
استاذ هذه المدرسة هو الحسين بن علي عليهما السلام ،
نذكر لكم حكاية زهير بن القين في تاريخ الملحمة الحسينية الخالدة ، ونترك للقراء الكرام التعليق بما تجود به القريحة :
هو زهير بن القين البجلي الذي كان مع جماعته يتجنبون لقاء الحسين عليه السلام أثناء مسيرته من مكة إلى العراق .
ثم نراه قد تحول إلى قطعة من الفداء والتضحية في سبيل المبدأ والعقيدة، لكلمات سمعها من الإمام عليه السَّلام، فكيف حصل ذلك ؟
تذكر لنا نصوص التاريخ أن زهيرا كان يسير مع قومه في نفس الاتجاه الذي يسير فيه الامام الحسين عليه السلام وصحبه ، نحو الكوفة ، وكان يتحاشى أثناء الطريق ان ينزل في منزل نزل فيه الحسين عليه السلام ، فكان يسبقه تارة ، أو يتأخر عنه في النزول ، فقد كان زهير عثماني الهوى ، والعثمانيون في ذلك الوقت يرون في الحكم الاموي امتدادا لنفوذهم ، والحسين عليه السلام يمثل رمز المعارضة للحكم الأموي المتسلط على رقاب العباد ، وباسم الاسلام !!!
و بينما هم في الطريق إذ نزلوا في منزلٍ لم يجدوا بُداً من أن ينازلوا الحسين فيه.
وهنا حصل ما لم يكن بالحسبان ، فقد بعث الحسين برسوله إلى زهير يدعوه للقاءه ، وكان زهير حيئنذ مع قومه يأكلون الطعام، فطرح كل إنسان ما في يده وكأن على رؤوسهم الطير. لقد أصيبوا بالاحراج .
وهنا تتحرك الفطرة السليمة في زوجته دلهم وفتقول له :
أيبعث اليك ابن رسول الله ثم لا تأتيه ؟ ! سبحان الله ! لو أتيته فسمعت كلامه، ثم انصرفت.
وكأن كلام زوجته قد أخرجه من الورطة التي أحس أنه وقع فيها بدعوة الحسين له ،
فذهب زهير إلى لقاء الحسين عليه السلام .
وكانت المفاجأة ، وكان التغيير الجوهري في حياته ، فقد عاد على غير الحال التي ذهب عليها ، عاد والابتسامة ترتسم على شفتيه.. عاد فرحاً مسروراً. بعد أن ذهب قلقا ، واجما ، محرجا .
ترى ماذا قال له الحسين وبأي شيء ذكره مما جعله يعود سريعاً ليودع أصحابه ويطلّق زوجته وينضم إلى ركب التضحية والفداء.؟
إن التاريخ لم يتحفنا الا بكلمات قليلة حولت زهيراً إلى بطل خلده التاريخ، إلى داع للحق يسير على نهجه الثائرون.
ان ما نقله لنا التاريخ هو تلك الكلمات التي تفوه بها زهير بعد الانقلاب الذي حصل في حياته ولقاءه الحسين عليه السلام عندما عاد الى رحله ليفاجئ زوجته بموقفه هذا ، طالبا منها أن تلحق بأهلها حفاظا على سلامتها ، فيطلقها حبا لها وصونا لها من السبي ، وذلك لأن الحسين عليه السَّلام نقل لزهير نبوءة عن نفسه، وذكر له «انه يقتل في كربلاء وان رأسه الشريف يحمله زجر بن قيس إلى يزيد يرجو نواله فلا يعطيه شيئاً» (دلائل الامامة للطبري ص 74).
هذه الكلمات اعادت الذاكرة لزهير وقد نبهته عن غفوته التي كان عليها، هزت كيانه من اعماقه، جعلته يعود مسرعاً قائلاً لأصحابه: «من أحب منكم ان يتبعني، وإلا فانه آخر العهد»
فما هي هذه الذاكرة ؟ وماذا خبأت الأيام لزهير ؟ فلنستمع له وهو يحدث زوجته وقومة في تلك اللحظة الخالدة من حياته بقوله :
«إني سأحدثكم حديثاً: إنا غزونا بلنجر(مدينة ببلاد الروم وفي بعض المصادر البحر ) ففتح الله علينا وأصبنا غنائم، فقال لنا سلمان الفارسي رضي الله عنه: أفرحتم بما فتح الله عليكم، وأصبتم من الغنائم ؟ فقلنا: نعم، فقال: إذا أدركتم شباب ألِ محمدٍ فكونوا أشدّ فرحاً بقتالكم معهم مما أصبتم اليوم من الغنائم».
وحينئذٍ تنبه زهير إلى الموقف المبدئي الذي ينتظره .
إنه الدفاع عن الإسلام المحمدي الأصيل، إنه الدفاع عن ريحانة الرسول ، الإمام المعصوم المفترض الطاعة الحسين بن علي، إنه الدفاع عن الحق والحقيقة.. لقد تراءت أمام أعين زهير صورة الفتح الحقيقي والمغنم الحقيقي الذي أشار له سلمان رضوان الله تعالى عليه، وانقشعت تلك الغشاوة التي رانت على قلبه طويلا ، فقد القت تلك الكلمات بظلالها عليه، وراح ينظر بعين البصيرة، لينظم إلى قافلة المجد، وكله شوق إلى لقاء الله سبحانه وتعالى..
ولقد نطق روح القدس على لسانه في ليلة عاشوراء وهو يرفض ترك الحسين عليه السَّلام. فقد أجاز الحسين اصحابه في تلك الليلة وقال لهم: «هذا الليل قد غشيكم، فاتخذوه جملاً، ثم ليأخذ كل رجل منكم بيدِ رجل من أهل بيتي، تفرقوا في سوادكم ومدائنكم حتى يفرج الله فإن القوم إنما يطلبوني، ولو قد اصابوني لهوا عن طلب غيري...» ولكن:
أبت الحميّة أنْ تفارق أهلها ******وأبى العزيز بأن يعيش ذليلا
فقد أبى هؤلاء النخبة الذين امنوا بربهم فزادهم هدى، ابوا الا ملاقاة الله ونصر قائدهم وإمامهم، فاجابوا الإمام بكلمات تدل على سموهم ورفعتهم وعظم عقيدتهم، لقد ذابوا في محبة الله وانقطعوا إليه وسارعوا إلى مغفرة منه ورضوان.
فقد قال له زهير بن القين: «والله لوددت أني قتلت ثم نشرت ثم قتلت وهكذا ألف مرة، وإن الله سبحانه يدفع بذلك القتل عن نفسك وعن أنفس هؤلاء الفتيان من أهل بيتك»
(الارشاد: ج 2، ص 92. اعلام الورى: ج 1، ص 456، والطبري: ج 4، ص 619)
حقاً إنها كلمات خالدة تشرف التاريخ بنقلها فلقد شرى زهير نفسه في مرضاة الله
حقا لقد صار العثماني حسينيا ...
تعليق