تويت
لن أنامَ مجددا
و صار المساء .. فأحببت ان ازور فراشي حتى انعم بالنوم .. الذي يتنعم به كل مخلوق .. و اذا بي قرأت شيئا من كتاب الله العزيز الحكيم .. و اغمضتُ عيناي اللتان كانتا ناعستان .. و صرت اغفو و اغفو .. حتى رأيت ما رأيت...
ياللقبر المحفور .. و ياللناس اذ بكو ..
فسألتهم : " لم هذا البكاء ؟"
و لم يجيبوني .. ثم اقسمت على والدتي بأقدس ما لديها .. بكريم ,, بكريم ,, بكريم الا ما تردين علي
و لم تعيرني اي اهتمام ..
و حملوا جنازة حتى يغسلوها .. قبل الدفن .. و رحت معهم حتى ارى المنظر الرهيب ...
فغسلوا شخصا . كنت كأني اعرفه .. و قد فكرت في نفسي .. في اني قد اكون اعرف هذه الجنازة معرفة جيدة .. فقلبي متعلق بها .. و كأنه يريد ان يحتضنها
و غسلوها مع ذكر الايات ..
و كنت معهم حتى حملوها على الاكتاف اربعة .. و كان من يشيعها ...
فتذكرت بالحال من كان شهيدا و مات على الرمضاء بدون كفن .. و تأسيت لحاله...
ثم ،،، دفنوا الجنازة .. و اهالوا عليها التراب .. حتى يغتنموا فضلا من الله ...
و قد اغرقت بالدموع .. و انا ارى بن ادم يدفن في حفرة صغيرة تكون بيتا له حتى الميعاد .. و قيام القائم و انتهاء صلاحية الدنيا ...
و مضى الاحباء و الخلان .. و كانت امي اخر من رحل من تلك الجنازة و كأنها تعرفها .. فقد بكت بكاءا شديدا بان في حنايانا تعبها ...
و لكن ... كان موقفا غريبا اذ ذهب الجميع من المقبرة .. بقيت انا وحدي و لم يأخذوني معهم .. ففكرت في انهم قد نسوني و مضوا .. ام انهم لم يريدوا ان يأخذوني معهم ...
و صارت الافكار تراودني .. حتى احسست بالخوف الشديد .. فقد احسست ان الظلام خيم في المقبرة .. فقررت ان امشي بين القبور بصوت خافت حتى لا يستيقضوا من نومهم الازلي ..
و للأسف اني لم افز بمضمون ما كان في بالي ... فقد استقيظ رجلان .. خلتهما نزلا إليَّ من السماء .. فقالا : " يا فــــــــلان "
حتى هز صوتهما قلبي .. و بان في قلبي الخوف .. و رعش جسمي من صوتها المخيف ..
فوقفت و وجهت وجهي نحوهما حتى قالا : " الى اين ؟!!"
فلم استطع ان اجيب و كأن لساني مربوط ..
فكانت هناك لحظة صمت حتى تباحثا في نفسيهما .. و فتحا كتابان طويلان .. و وفقا واحد عن يميني و الاخر عن شمالي ... فخلت ان الكتاب الذي عن شمالي اكبر من الكتاب الذي عن يميني ..
و بدأوا يسألوني ... من ربك فلم استطع ان اجيب .. حتى سألوني ثانية .. و ثالثة .. فقلت " هو الله الذي لا اله الا هو الحي القيوم "
ثم ،، : " ما هي قبلتك ؟ "
و كأني لا اعرف كيف يتكلم البشر .. فصمت .. و لم اعرف كيف سأجيب .. و كانا يسألاني مرارا ً فقلت .. بعد ان رأيت الشر يتطاير من وجوههما " الكعبة قبلتي "
و .. زادوا علي في الاسئلة حتى كدت اموت ألف مرة .. من ذلك المنظر الرهيب ..
فبدأوا يفتحون صفحة صفحة في كل كتاب .. و كلما مروا على كذب .. او سب .. او رياء .. او عصبية ... انزلا سوطا من السماء و ضرباني فيه .. و ذكراني بآيات ربي التي فيها التحذير من تلك الاعمال ..
فيصير وجهي اسودا .. و يضرباني باكبر سوط .. حتى يفتكوا بجسدي .. و يتبدل غيره .. و الغريب اني كل ما اصرخ .. لا يسمعني اهل القبور الذين جاهدت بألا ازعجهم ...
و مر ذلك اليوم عصيبا .. حيث اضرب تارة .. و اخنق تارة .. و يكوى لساني تارة .. و تتقطع اصابعي تارة اخرى ..
و عندما مللت من هذا الحال .. صرت اصرخ و اصرخ و اصرخ و اصرخ ..... حتى كادت الدنيا تنقلب من صوتي .. الذي هز السماوات و الارض ..
و شاب شعري من المناظر التي رأتها عيني....
و ادركت حينها ان ذلك الجسد .. هو جسدي .. و اني لست سوى روح .. انتزع الرحمن منها جسدها .. و ارجعني إليه .. و ظل جسدي نائما في الفلوات .. و اختار التراب ليكون فرشا له طول الدهور ... فيا للأسف على ما يجري لي و انا في الشباب .. و يا للقبر الذي لا يحترم شبابا و يضمه اليه دون استئذان .. و يا للرحمن اذ يعفو و يغفر و يحلم عنا طول الدهور ..
و انفتحت عيني .. ثم رأيت الفراش الذي لطالما اتلذذ فيه في الدنيا ...فقررت ان اعتزل النوم .. و سأظل مستيقضة طوال دهري!!!!
تعليق