إلى متى?
عبدالله خليفة
إلى متى تبقى القوى الحديثة البحرينية منقسمة، وعلى أي أساس فكري يوجد هذالانقسام؟ لا نجد أي فروق فكرية جدية بين هذه القوى المختلفة، إلا على أساس ماض يبدو ان لا شيء كبير منه باق. إن كل جمعية قالت إنها تمثل خطوطاً فكرية وسياسية ما، فأين هذه الخطوط المفترضة؟
إن القوى الحديثة هي التي تضررت من هذا التشرذم، وجمعيات الدكاكين والبقالات السياسية هي ملكيات خاصة، أكثر منها ممثلة لقوى سياسية وفكرية، ويجب ألا يستمر أصحاب هذه البقالات في التصور انهم سوف يستمرون طويلاً في البقاء، أو أن هذه الجمعيات ــ الدكاكين لن يصيبها الكساد والإفلاس بعد النتائج المخيبة للآمال في سنوات التحول هذه، التي عادت فيها بنفس العقلية وبنفس روحية داحس والغبراء في الوقت الذي كان الوطن فيه بحاجة إلى رؤية جراحه وتقدمه. إن الجمعيات الحديثة المتشرذمة هي روح هذا البلد، ولكنها توجهت لرؤية وجوهها الداخلية، وقادتها الذين لا يقودون سوى مجموعة من الكراسي يستطيع أي مرشح أن يحضرها في خيمته ويستطيع أن يجعلها جمعية تأسيسية! بل إنه يستطيع أي فرد في البحرين أن يقيم جمعية سياسية، مع بعض المساعدات من وجوه الخير، وتأجير أي بيت عتيق، ويضع لافتة من هذه اللافتات التي وضعوها على دكاكينهم ويقول جمعية الكفاح الشعبي العامة وفروعها! وكل جمعية تفهم الوطن بشكل وكأنه الصين الشعبية! وكل لديه فهم للإسلام والقومية وهو لا يقصد سوى أن يبرز نفسه وشلته وإذا سألتهم ماذا كتبتم بهذا المفاهيم، وماذا ألفتم للناس إن كنتم أصحاب رؤى وفلسفات فلن يجيبوك بشيء! وهذا ما جعل أفراداً كثيرين من العامة يضحكون على هذه السفاسف ، ويتقدمون إلى المعارك الانتخابية بجد وكأنهم هم قادة الجمعيات..
أجل في الشهور القادمة سوف يجد هؤلاء أنفسهم عاطلين عن العمل، وربما حينذاك بعد أن ذهبت الوليمة العارمة، سوف تبرز الأسئلة. بل وستتكاثر الفواتير وتخف وتنعدم المساعدات ويختفي طلاب الحاجات ويعودون إلى محلاتهم ولياليهم، ويظهر السؤال الكبير عن هذه الجمعيات السياسية التي ظهرت كالأعشاب بعد المطر: ما أهميتها وما دورها؟ ما هي أفكارها، هل لديها أفكار مختلفة عن شقيقاتها الجمعيات المجاورة لها والمنافسة والمماثلة؟ قد نعذر زعماء الجمعيات فهؤلاء لم يفكروا إلا في أنفسهم، وكيف ان السلطة سترضى عنهم، وتمولهم وتعطيهم وترفعهم، هؤلاء أمرهم معروف، وطالما عرفوا كيف يسايرون الرياح ويوظفونها لجيوبهم، ولكننا نتساءل عن هذه القواعد المحبوسة طوال العقود من السنين، ترث العبودية وتسلمها لأولادها وبناتها، عمرها لم تتحرر أو ترفع رؤوسها، تساق من حظيرة إلى حظيرة حتى تذبح.. إذا كانت القواعد المتماثلة هذه ترفض أن تكون في جمعية واحدة، أو في تجمع موحد، متحولة كالعشائر تتبع "الأوامر" فإذا جاءت الأوامر لتأييد أحد الانتهازيين فإن الأمر حق ، فكيف تستطيع هذه القواعد أن تتفهم المطالب الحيوية للحركة الوطنية الحديثة في ظل التحولات الراهنة؟ كيف تتفهم ضرورة وحدة القوى الديمقراطية أمام موجات من العواصف المحلية والمناطقية والعالمية؟ في عبادة كل شخص خطأ جسيم ، وبلغة تراثنا "إثم عظيم" لو يدركون ..!
لقد أعطت القواعد عقولها إجازة مفتوحة، منذ أن تقبلت الهياكل الدكتاتورية للسنوات الطوال الخوالي، فكل جمع يذهب إلى جمعه وينتظر سماع التعليمات لينفذها، والكل قبضات صغيرة لا تحرك هواءً ولا تغير أمراً. الكل مشغول بحفظ التعليمات والأغاني الحماسية للشلل السياسي التي ستذروها الرياح، ولن تبقى إلا حقول محصودة وهشيم بعد نصف قرن من التضحيات والشهداء.
عبدالله خليفة
إلى متى تبقى القوى الحديثة البحرينية منقسمة، وعلى أي أساس فكري يوجد هذالانقسام؟ لا نجد أي فروق فكرية جدية بين هذه القوى المختلفة، إلا على أساس ماض يبدو ان لا شيء كبير منه باق. إن كل جمعية قالت إنها تمثل خطوطاً فكرية وسياسية ما، فأين هذه الخطوط المفترضة؟
إن القوى الحديثة هي التي تضررت من هذا التشرذم، وجمعيات الدكاكين والبقالات السياسية هي ملكيات خاصة، أكثر منها ممثلة لقوى سياسية وفكرية، ويجب ألا يستمر أصحاب هذه البقالات في التصور انهم سوف يستمرون طويلاً في البقاء، أو أن هذه الجمعيات ــ الدكاكين لن يصيبها الكساد والإفلاس بعد النتائج المخيبة للآمال في سنوات التحول هذه، التي عادت فيها بنفس العقلية وبنفس روحية داحس والغبراء في الوقت الذي كان الوطن فيه بحاجة إلى رؤية جراحه وتقدمه. إن الجمعيات الحديثة المتشرذمة هي روح هذا البلد، ولكنها توجهت لرؤية وجوهها الداخلية، وقادتها الذين لا يقودون سوى مجموعة من الكراسي يستطيع أي مرشح أن يحضرها في خيمته ويستطيع أن يجعلها جمعية تأسيسية! بل إنه يستطيع أي فرد في البحرين أن يقيم جمعية سياسية، مع بعض المساعدات من وجوه الخير، وتأجير أي بيت عتيق، ويضع لافتة من هذه اللافتات التي وضعوها على دكاكينهم ويقول جمعية الكفاح الشعبي العامة وفروعها! وكل جمعية تفهم الوطن بشكل وكأنه الصين الشعبية! وكل لديه فهم للإسلام والقومية وهو لا يقصد سوى أن يبرز نفسه وشلته وإذا سألتهم ماذا كتبتم بهذا المفاهيم، وماذا ألفتم للناس إن كنتم أصحاب رؤى وفلسفات فلن يجيبوك بشيء! وهذا ما جعل أفراداً كثيرين من العامة يضحكون على هذه السفاسف ، ويتقدمون إلى المعارك الانتخابية بجد وكأنهم هم قادة الجمعيات..
أجل في الشهور القادمة سوف يجد هؤلاء أنفسهم عاطلين عن العمل، وربما حينذاك بعد أن ذهبت الوليمة العارمة، سوف تبرز الأسئلة. بل وستتكاثر الفواتير وتخف وتنعدم المساعدات ويختفي طلاب الحاجات ويعودون إلى محلاتهم ولياليهم، ويظهر السؤال الكبير عن هذه الجمعيات السياسية التي ظهرت كالأعشاب بعد المطر: ما أهميتها وما دورها؟ ما هي أفكارها، هل لديها أفكار مختلفة عن شقيقاتها الجمعيات المجاورة لها والمنافسة والمماثلة؟ قد نعذر زعماء الجمعيات فهؤلاء لم يفكروا إلا في أنفسهم، وكيف ان السلطة سترضى عنهم، وتمولهم وتعطيهم وترفعهم، هؤلاء أمرهم معروف، وطالما عرفوا كيف يسايرون الرياح ويوظفونها لجيوبهم، ولكننا نتساءل عن هذه القواعد المحبوسة طوال العقود من السنين، ترث العبودية وتسلمها لأولادها وبناتها، عمرها لم تتحرر أو ترفع رؤوسها، تساق من حظيرة إلى حظيرة حتى تذبح.. إذا كانت القواعد المتماثلة هذه ترفض أن تكون في جمعية واحدة، أو في تجمع موحد، متحولة كالعشائر تتبع "الأوامر" فإذا جاءت الأوامر لتأييد أحد الانتهازيين فإن الأمر حق ، فكيف تستطيع هذه القواعد أن تتفهم المطالب الحيوية للحركة الوطنية الحديثة في ظل التحولات الراهنة؟ كيف تتفهم ضرورة وحدة القوى الديمقراطية أمام موجات من العواصف المحلية والمناطقية والعالمية؟ في عبادة كل شخص خطأ جسيم ، وبلغة تراثنا "إثم عظيم" لو يدركون ..!
لقد أعطت القواعد عقولها إجازة مفتوحة، منذ أن تقبلت الهياكل الدكتاتورية للسنوات الطوال الخوالي، فكل جمع يذهب إلى جمعه وينتظر سماع التعليمات لينفذها، والكل قبضات صغيرة لا تحرك هواءً ولا تغير أمراً. الكل مشغول بحفظ التعليمات والأغاني الحماسية للشلل السياسي التي ستذروها الرياح، ولن تبقى إلا حقول محصودة وهشيم بعد نصف قرن من التضحيات والشهداء.