إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

حول أبي بكر وعمر وعثمان

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • حول أبي بكر وعمر وعثمان

    حول أبي بكر وعمر وعثمان

    - في كتاب جلاء العيون/63 ، أن الذي يشك في كفر عمر فهو كافر .
    - في أصول الكافي:1/145، أن الخلفاء الثلاثة وبقية الصحابة كفروا بإنكارهم ولاية علي بن أبي طالب .
    - وأن كل الناس بعد وفاة النبي ارتدوا إلا ثلاثة: المقداد وأبو ذر وسلمان الفارسي (قرآن مجيد نوشته مقبول حسين دهلوى/ 134)
    - في الأنوار النعمانية:3/264 ، أن منكر خلافة علي بلا فصل بعد النبي بلا فصل فهو كافر .
    - في كتاب أسرار محمد/211 ، أن أبا بكر عند الإحتضار لم يستطع النطق بالشهادتين .
    - في كتاب أسرار محمد/30 ، أن الشيطان أول من بايع أبا بكر في المسجد .
    - في كتاب حق اليقين/509 ، أن أبا بكر وعمر مستبدان أكثر من الشيطان .
    - في كتاب قرآن مجيد توسط مقبول حسين دهلوى/674 ، أن أبا بكر وعمر كانا تابعين للشيطان .
    - في حق اليقين/500 ، أن أبا بكر وعمر في الطبقة السابعة من جهنم .
    - في الأنوار النعمانية:2/278 ، نحن لانقبل الإله الذي يقبل خلافة أبي بكر بعد النبي .
    - في كتاب ترجمة القرآن المجيد تأليف مقبول حسين دهلوى/479 أن الخلفاء شاربي الخمر حرفوا القرآن لمقاصدهم .
    -في حق اليقين/519 ، أن عمر وعثمان ومعاوية عباد أصنام وشر المخلوقات على وجه الأرض .
    -في كتاب القرآن مجيد توسط مقبول حسين دهلوى/551 ، أن الفحشاء أبو بكر والمنكر عمر والبغي عثمان ، ومن يشك في ذلك فهو كافر !
    الجواب

  • #2
    الجواب

    أولا

    يجب معرفة الفرق في المنهج بيننا وبينكم في النظرة الى الصحابة غير أهل البيت عليهم السلام ، وفي الإعتقاد بهم ، ونلخصه في الفروق التالية:
    الفرق الأول

    أننا نؤمن بحرية البحث العلمي في الصحابة , وأن المسلم له الحق الشرعي أن يعتقد في أي منهم ما يتوصل اليه اجتهاده أو تقليده بينه وبين ربه , وهو معذور إن عمل بشروط الاجتهاد والتقليد المتفق عليها بين المسلمين . بينما يريد المغالين في الصحابة تحريم البحث العلمى فيهم , وحتى البحث في تقييم بعضهم لبعض , أو تقييم الرسول صلى الله عليه وآله لهم , فكل ذلك عندهم حرام ومقفل عليه بأقفال !!
    الفرق الثاني

    أننا نحترم الصحابة ونحترم آراء المسلمين فيهم , لكن نقول إنهم حسب تعريفكم (كل من رأى النبي صلى الله عليه وآله ومات مسلماً)يبلغون مئتي ألفاً وأكثر ، ويشملون حتى الكفار الذين حاربوا النبي صلى الله عليه وآله حتى عجزوا ، ثم أسلموا تحت السيف !
    وعقيدتنا أنهم ( ما عدا أهل البيت المنصوص عليهم صلى الله عليه وآله ) فيهم المخلص المهاجر الصالح المجاهد ، وفيهم المتوسط ، وفيهم العادي فيجب أن نعطي للمسلم حرية البحث والإعتقاد فيهم بما يتوصل اليه بينه وبين ربه .
    الفرق الثالث

    روى بخاري وغيره أن المسلمين سألوا النبي صلى الله عليه وآله كيف نصلي عليك؟ يعني في الصلاة وغيرها ، فعلمهم أن يقرنوا معه آله صلى الله عليه وآله ، وهي صيغة توقيفية فلا يجوز لنا أن نقول (صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين) لأنه استدراك على رسول الله صلى الله عليه وآله !
    ومن جهة أخرى ثبت أن النبي صلى الله عليه وآله أخبر عن ربه بأن العديد من أصحابه يمنعون من الورود على حوض الكوثر يوم القيامة ، ويؤمر بهم الى النار !!
    وهو الحديث المعروف بحديث الحوض الصحيح , وفي بعض نصوصه أنه لاينجو منهم (إلا مثل همل النعم) !! (راجع صحيح بخاري:4/94 إلى99 وص156 و:3 /32 ، وصحيح مسلم:7/ 66 حديث الحوض ، وفيها تعابير نبوية يكاد يشيب المسلم من هولها !)
    وهمل النعم: الأنعام المنفردة عن القطيع ! فلا يجوز للمسلم شرعاً أن يقرن برسوله في الصلاة عليه جماعة فيهم من أهل النار !!
    نعم يجوز أن يترضى المسلم عن الصالحين من الصحابة عندكم وعندنا لكن بدون أن يقرنهم بالنبي صلى الله عليه وآله .
    الفرق الرابع

    يفضل غيرنا الصحابة على العترة الطاهرة من أهل البيت عليهم السلام ، وحجتهم أنهم صحابة وصاروا خلفاء ! فتراهم يعرضون عن أهل بيت نبيهم صلى الله عليه وآله ، في عقائدهم وفقههم ، ويعرضون عن ذكر فضائلهم ومناقبهم ، بل تراهم ينفرون أحياناً من ذلك!! مع أن أهل البيت عليهم السلام صحابة وأهل بيت وعترة !!
    أما نحن فنفضل أهل البيت عليهم السلام على الصحابة ، لكن ليس بسبب صحبتهم ولا بسبب نسبهم , بل لأن النبي صلى الله عليه وآله أمرنا بتفضيلهم واتباعهم من بعده ، وذلك في عدة أحاديث متواترة أو صحيحة عندنا وعندكم ، مثل حديث الثقلين الصحيح المتواتر عند الجميع ، وحديث أن حب علي وبغضه ميزان للإيمان والنفاق ، وحديث الكساء الذي حدد فيه من هم أهل بيته وآله وعترته وجعله مصطلحاً إسلامياً ، وحديث المباهلة حيث اختارهم بأمر ربه وباهل فيهم النصارى ، وهم علي وفاطمة والحسين والحسين عليهم السلام ... وعشرات الأحاديث المتفق عليها بين الجميع ، في مقامهم ووجوب مودتهم واتباعهم !!
    الفرق الخامس

    أن الله تعالى كلفنا بولاية أهل البيت النبوي الطاهرين عليهم السلام واتباعهم ، ولم يكلفنا باتباع الصحابة ، فالذي يسألنا الله عنه في حشرنا ونشرنا هو الكتاب والعترة كما نص النبي صلى الله عليه وآله , ولانسأل عن رأينا في الصحابة وعقيدتنا فيهم إلا بمقدار مايتعلق بأهل البيت النبوي صلى الله عليه وآله ، فلماذا نكلف أنفسنا أمراً لم يكلفنا إياه الله تعالى ، ولا يسألنا عنه يوم القيامة ؟!!
    إن الجميع متفقون أن صلاة المسلم لا تصح إلا بالصلاة على محمد وآل محمد صلى الله عليه وآله . وهذا أعظم دليل على أن الله تعالى يريدنا أن نصلي عليهم مع رسوله في كل صلاة . ولم يفت أحد من فقهاء المسلمين حتى الخوارج بوجوب الصلاة على الصحابة ! بل إن إضافة (وصحبه) في الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله تبطل الصلاة! أما في غير الصلاة فهي حسب أصولكم بدعة لأنه لا يوجد فيها حتى حديث ضعيف !
    وإذا كان هذا حال جواز الصلاة عليهم , فلماذا لايترك للمسلم حرية الإعتقاد فيهم حسب ما يصل اليه رأيه أو رأي من يقلده , مع مراعاة مشاعر المحبين لهم المغالين فيهم !!
    ثانياً

    على ضوء ما تقدم ، كيف يجوز للمسلم أن يجعل الصحابة عصاً يرفعها في وجوه المسلمين ، ويسلبهم حريتهم في البحث والإعتقاد ، ويجبرهم على أن يقلدوه فيعتقدوا بعدالتهم جميعاً ؟!
    كيف يجوز لأحد أن يحاسب المسلمين على نظرتهم الى مئتي ألف مسلم رأوا رسول الله صلى الله عليه وآله ! ويجبرهم على القول برأيه فيهم ، ويصادر حريتهم ، ويفتش عن قلوبهم ، ولا يحملهم على الأحسن ويعذرهم !
    ثالثاً

    لايصح أن يكون المسلمون ملكيين أكثر من الملك ، فيقولون في الصحابة ويعتقدون فيهم ما لم يكونوا يعتقدونه في أنفسهم ! فقد كان لبعض الصحابة آراء شديدة في بعضهم ، وطعن بعضهم في بعض وشتم بعضهم بعضاً ، وكفَّر بعضهم بعضاً ، وقاتل بعضهم بعضاً ، وقتله ! وقد روى الجميع موقف سعد بن عبادة رحمه الله وهو صحابي جليل وزعيم الأنصار، حيث اعترض عليهم في السقيفة وأدانهم ، فأرادوا قتله ، ولم يبايع أبا بكر ولا عمر ، وكان يتكلم عليهم أغلظ الكلام ويتهمهم بأشد التهم ! وقد روى الطبري:3/210، أن سعداً قال لهم: (لو أن الجن اجتمعت لكم مع الإنس ما بايعتكم ، حتى أعرض على ربي ! وكان لايصلي معهم) !
    وروى بخاري قصته مخففة:2/291 ، عن لسان عمر . ولما صار عمر خليفة قال لسعد: كرهت جوارك ، ونفاه الى سوريا ، وبعد مدة يسيرة قتل هناك فاتهموا عمر بقتله !
    وكذلك كان موقف علي وفاطمة عليهما السلام وكافة أهل البيت عليهم السلام وبني هاشم ، من السقيفة خلافة أبي بكر ، فقد قال علي لأبي بكر كما في تاريخ المسعودي414: (أفسدت علينا أمورنا ، ولم تستشر ولم ترع لنا حقاً ) !
    وروى ابن قتيبة وهو من كبار علماء السنة ، في كتابه الإمامة والسياسة:1/30 ، أن عمر جاء بمسلحين ومعهم حطب وهاجموا بيت علي وفاطمة ليجبروهم على البيعة: (فجاء فناداهم وهم في دار علي فأبوا أن يخرجوا فدعا بالحطب وقال: والذي نفس عمر بيده لتخرجن أو لأحرقنها على من فيها! فقيل له: يا أبا حفص إن فيها فاطمة ! فقال: وإنْ !! فخرجوا فبايعوا إلا علياً ، فوقفت فاطمة على بابها فقالت: لاعهد لي بقوم حضروا أسوأ محضر منكم ، تركتم رسول الله جنازة بين أيدينا ، وقطعتم أمركم بينكم ، لم تستأمرونا ولم تروا لنا حقاً... فلما سمعت أصواتهم نادت بأعلى صوتها: يا أبت يا رسول الله ، ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب وابن أبي قحافة !) .
    ثم روى ابن قتيبة محاولة أبي بكر وعمر أن ترضى فاطمة عنهما ، ولكنها بقيت غاضبة تدعو عليهما بعد كل صلاة !
    قال ابن قتيبة: (فقال عمر لأبي بكر: إنطلق بنا إلى فاطمة فإنا قد أغضبناها فانطلقا جميعاً فاستأذنا على فاطمة فلم تأذن لهما ، فأتيا علياً فكلماه فأدخلهما عليها ، فلما قعدا عندها حولت وجهها إلى الحائط ، فسلما عليها فلم ترد عليهما السلام ! فتكلم أبو بكر فقال: يا حبيبة رسول الله ! والله إن قرابة رسول الله أحب إلي من قرابتي ، وإنك لأحب إلي من عائشة ابنتي ، ولوددت يوم مات أبوك أني متُّ ولا أبقى بعده ، أفتراني أعرفك وأعرف فضلك وشرفك وأمنعك حقك وميراثك من رسول الله ، إلا أني سمعت أباك رسول الله يقول: لا نورث ، ما تركنا فهو صدقة . فقالت: أرأيتكما إن حدثتكما حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وآله تعرفانه وتفعلان به؟ قالا: نعم. فقالت: نشدتكما الله ألم تسمعا رسول الله يقول: رضا فاطمة من رضاي ، وسخط فاطمة من سخطي ، فمن أحب فاطمة ابنتي فقد أحبني ، ومن أرضى فاطمة فقد أرضاني ، ومن أسخط فاطمة فقد أسخطني؟ قالا: نعم سمعناه من رسول الله(ص) ! قالت: فإني أشهد الله وملائكته أنكما أسخطتماني وما أرضيتماني ، ولئن لقيت النبي لأشكونكما إليه ! فقال أبو بكر: أنا عائذ بالله تعالى من سخطه وسخطك يا فاطمة ، ثم انتحب أبو بكر يبكي حتى كادت نفسه أن تزهق ، وهي تقول: والله لأدعون الله عليك في كل صلاة أصليها ! ثم خرج باكياً فاجتمع إليه الناس فقال لهم: يبيت كل رجل منكم معانقاً حليلته مسروراً بأهله ، وتركتموني وما أنا فيه ! لا حاجة لي في بيعتكم أقيلوني بيعتي ! قالوا: يا خليفة رسول الله ، إن هذا الأمر لا يستقيم ، وأنت أعلمنا بذلك ، إنه إن كان هذا لم يقم لله دين . فقال: والله لولا ذلك وما أخافه من رخاوة هذه العروة ما بت ليلة ولي في عنق مسلم بيعة ، بعدما سمعت ورأيت من فاطمة ! قال: فلم يبايع علي كرم الله وجهه حتى ماتت فاطمة رضي الله عنهما ، ولم تمكث بعد أبيها إلا خمساً وسبعين ليلة).
    وأخيراً روى مسلم:5/152، مناقشة عمر لعلي والعباس في أوقاف رسول الله صلى الله عليه وآله وأنه قال لهما: (فلما توفي رسول الله(ص)قال أبو بكر أنا وليُّ رسول الله فجئتما تطلب ميراثك من ابن أخيك ويطلب هذا ميراث امرأته من أبيها ، فقال أبو بكر: قال رسول الله(ص)ما نورث ما تركنا صدقة ! فرأيتماه كاذباً آثماً غادراً خائناً ! والله يعلم إنه لصادق بار راشد تابع للحق ! ثم توفي أبو بكر وأنا وليُّ رسول الله(ص)ووليُّ أبي بكر ، فرأيتماني كاذباً آثماً غادراً خائناً والله يعلم إني لصادق بار راشد تابع للحق). (ورواه البيهقي في سننه: 6/298) . انتهى .
    فكان طبيعياً إذن ، أن يكون لبعضهم رأي سلبي في الآخر ، كما رأيت من رأي سعد وعلي وفاطمة عليهما السلام والعباس.. ولم تقع السماء على الأرض !
    رابعاً

    تعليق


    • #3
      رابعاً

      رويتم عن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: (سألت ربي فيما اختلف فيه أصحابي من بعدي فأوحى الله إلى يا محمد إن أصحابك عندي بمنزلة النجوم في السماء ، بعضها أضوأ من بعض ، فمن أخذ بشئ مما هم عليه من اختلافهم فهو عندي على هدى ).
      وقد أخرجه الخطيب في الكفاية/66، في باب في تعديل الصحابة ، وعبد بن حميد في مسنده/250 ، بلفظ آخر عن ابن عمر ، أن رسول الله قال: مثل أصحابي مثل النجوم يهتدى به ، فأيهم أخدتم بقوله اهتديتم) ، واخرجه الديلمي في مسنده:4/ 447 ، عن ابن عباس بلفظ: (أصحابى بمنزلة النجوم بأيهم أخذتم به اهتديتم ، واختلاف أصحابي لكم رحمة). انتهى .
      ومع أن علماء الجرح والتعديل ضعَّفوا هذا الحديث وحكموا بأنه موضوع ، لكن علماءكم قبلوه واحتجوا به في الفقه وأصول الفقه وغيرهما فيصح لنا أن نحتج به فنقول: مادام الصحابة كلهم نجوم هداية، وسعد بن عبادة رحمه الله مثلاً من كبارهم وخيارهم ، فيصح أن نقتدي به ، ويكون رأينا سلبياً في أبي بكر وعمر مثل رأيه ، ونكون مهتدين مقبولين عند الله ورسوله صلى الله عليه وآله .
      خامساً

      الكتب التي اعتمد عليها الكاتب في إشكالاته ، أكثرها ليست من مصادر مذهبنا الأساسية ، كما أنه لم يورد أي نص منها ! وهذا نقص في البحث العلمي والأمانة العلمية !
      وأهم الكتب التي اعتمد عليها هي: أصول الكافي للكليني رحمه الله ، اعتمد عليه في عشرة موارد ، والشافي للسيد المرتضى رحمه الله في موردين ، وأسرار آل محمد وهو ترجمة كتاب سليم بن قيس الهلالي رحمه الله في موردين ، والإحتجاج للطبرسي رحمه الله في مورد واحد .
      بينما اعتمد في بقية إشكالاته على كتب لعلماء متأخرين ، بعضهم من كبار العلماء ، وبعضهم غير معروف ، ولم ينقل نص كلام أحد منهم ! بل ادعى عليهم دعاوي ووضع عنوانها من عنده ، وأعطى رقم صفحة في المصدر ، وقد رأيت أنا لم نجد ما ادعاه في أكثر من مورد !
      فقد نقل عن كتاب جلاء العيون سبعة موارد ، وعن حق اليقين خمسة موارد ، وعن حياة القلوب أربعة موارد ، وهذه الكتب الثلاثة للعلامة المجلسي رحمه الله . وعن كتاب الأنوار النعمانية للسيد الجزائري رحمه الله في ثلاثة موارد ، وعن كتاب تفسير البرهان للبحراني رحمه الله في مورد واحد ، وعن ترجمة القرآن لمقبول حسين دهلوي خمسة موارد ، ويظهر أنه كتاب بلغة الأردو ، وكذلك الكتب الأخرى وهي: الشيعة وتحريف القرآن ، وتاريخ الإسلام ، وأصول الشريعة في عقايد الشيعة وفصل الخطاب ، والشيعة مذهب حق ، وحقيقة فقه الأحناف مقابل الفقه الجعفري ، وكتب هزار تمهارى دس همارى ! وهذا يدل على أن كاتب الإشكالات ، ليس متضلعاً باللغة العربية ، فهو يقرأ بالفارسية والأردو ! وكان الأحرى به أن يقرأ مصادر مذهب الشيعة العربية !
      والكتاب الذي سماه(جليل العيون)هو كتاب (جلاء العيون) للعلامة المجلسي قدس سره وهو باللغة الفارسية ، مترجم الى الأوردية ، وقال صاحب الذريعة الى تصانيف الشيعة رحمه الله :4/94: (جلاء العيون في تواريخ المعصومين عليهم السلام مصائبهم بالفارسية للعلامة المجلسي المولى محمد باقر المتوفى بأصفهان في1111، مرتب على أربعة عشر باباً بعدد المعصومين عليهم السلام .. طبع بإيران مكرراً وجدد طبعه في النجف... ترجمة جلاء العيون... بلغة أردو طبع بالهند ، للسيد محمد باقر الهندي المترجم المعاصر، وله ترجمة حق اليقين وعين الحياة وغيرها..).
      وقال في الذريعة:5/125: (جلاء العيون ، الهندي ، هو ترجمة الجلاء الفارسي بالأردوية ، طبع بالهند في مجلدين ، لبعض فضلائها) . انتهى .
      وقال في الذريعة:8/264: (الدمع الهتون في ترجمة جلاء العيون ، باللغة الأردوية ، طبع بالهند ، لبعض فضلائها) . انتهى .
      وأما كتاب حق اليقين ، فتوجد عدة كتب بهذا الإسم ، لكن يظهر أن مقصوده كتاب (حق اليقين) للعلامة المجلسي رحمه الله وهو بالفارسية فرغ من تأليفه1109 ، كما في فهرس مخطوطات مكتبة السيد الكلبايكاني قدس سره :2/66والذريعة:7/40 . ويظهر أنه منتشر في الهند وباكستان ، فقد قال صاحب الذريعة الى تصانيف الشيعة رحمه الله :4/98: (ترجمة حق اليقين الفارسي في أصول الدين ، تأليف العلامة المجلسي ، بلغة أردو للسيد محمد باقر الهندي المترجم ، مطبوع بالهند ، وله ترجمة جلاء العيون ، وعين الحياة ، كما مر ويأتي ترجمة حق اليقين إلى العربية ، اسمه: ترجمة شهادة الخصوم). انتهى.
      ويظهر أن الإشكالات عليه قديمة ، فقد ذكر صاحب الذريعة رحمه الله :5/174إسم كتاب: (جواب اعتراضات بعض العامة على مباحث الإمامة ) من كتاب "حق اليقين"تأليف العلامة المجلسي كانت قد أرسلت الإعتراضات من بلاد الهند إلى إيران ، فأجاب عنها السيد أحمد الأصفهاني الخاتون آبادي المتوفى بمشهد خراسان 1161 . قال الشيخ عبد النبي القزويني في تتميم أمل الآمل: إني رأيت الجواب بأحسن عبارة وأسلوب ). انتهى.
      فلعل كاتب هذه الإشكالات أخذها ممن كتبها قبله ، ولعله رأى أجوبتها بلغة أردو أيضاً ، وأعرض عنها !!
      سادسا: نحن لانكفِّر الصحابة كما زعموا

      تعليق


      • #4
        سادسا: نحن لانكفِّر الصحابة كما زعموا

        قال كاتب الإشكالات:
        - في أصول الكافي:1/145، أن الخلفاء الثلاثة وبقية الصحابة كفروا بإنكارهم ولاية علي بن أبي طالب .
        - وأن كل الناس بعد وفاة النبي ارتدوا إلا ثلاثة: المقداد وأبو ذر وسلمان الفارسي (قرآن مجيد تأليف مقبول حسين دهلوى ص134)
        - في كتاب جلاء العيون/63، أن الذي يشك في كفر عمر فهو كافر .
        - في الأنوار النعمانية:3/264 ، أن منكر خلافة علي بلا فصل بعد النبي بلا فصل فهو كافر) .
        الجواب

        راجعنا المكان المذكور من كتاب الكافي فلم نجد ما نسبه اليه الكاتب ! لكن توجد في أماكن أخرى في الكافي وغيره أحاديث متعددة عن النبي صلى الله عليه وآله وآله عليهم السلام تتحدث عن وقوع الإنقلاب والردة في هذه الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وآله ولكنها ردة بالمعنى اللغوي لأن النبي صلى الله عليه وآله لم يحكم بكفر أصحابها . ولبيان ذلك نقول:
        نحن نعتقد بأن الإمامة والخلافة ثابتة لعلي والأئمة من العترة النبوية عليهم السلام بنص النبي صلى الله عليه وآله بأمر الله عز وجل ، وأنه بلغ ذلك للأمة في مناسبات عديدة أشهرها في خطبته في غدير خم في عودته من حجة الوداع . ومنها في مرض وفاته صلى الله عليه وآله عندما أمر الصحابة أن يأتوه بورق ودواة ليكتب لهم عهداً إن اتبعوه بعده لايضلون أبداً ، فردوا عليه وعصوه في ذلك ! فطردهم من بيته !
        وقد روى ذلك بخاري بست روايات ، منها في:1/36: (عن ابن عباس قال: لما اشتد بالنبي(ص)وجعه قال: إئتوني بكتاب أكتب لكم كتاباً لاتضلوا بعده . قال عمر: إن النبي(ص)غلبه الوجع وعندنا كتاب الله حسبنا ! فاختلفوا وكثر اللغط! قال (ص): قوموا عني ، ولا ينبغي عندي التنازع . فخرج ابن عباس يقول: إن الرزيئة كل الرزيئة ، ما حال بين رسول الله(ص) وبين كتابه ) !!
        وقال بخاري:5/137: (لما حضر رسول الله(ص)وفي البيت رجال فقال النبي (ص): هلموا أكتب لكم كتاباً لاتضلوا بعده . فقال بعضهم: إن رسول الله (ص)قد غلبه الوجع وعندكم القرآن ، حسبنا كتاب الله ! فاختلف أهل البيت واختصموا ، فمنهم من يقول: قربوا يكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده . ومنهم من يقول غير ذلك!فلما أكثروا اللغو والإختلاف قال رسول الله: قوموا).
        وقال بخاري:7/9: (باب قول المريض قوموا عني...عن ابن عباس قال: لما حُضِرَ رسول الله(ص)وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب...ورواه البخاري أيضاً: 8/160....
        وفي مسلم:5/75: (عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس أنه قال: يوم الخميس وما يوم الخميس ! ثم جعل تسيل دموعه حتى رأيت على خديه كأنها نظام اللؤلؤ ! قال قال رسول الله(ص): إئتوني بالكتف والدواة (أو اللوح والدواة) أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبداً ، فقالوا: إن رسول الله(ص) يهجر ) !! (عن ابن عباس قال: لما حضر رسول الله(ص)وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب فقال النبي(ص): هلم أكتب لكم كتاباً لاتضلون بعده ! فقال عمر: إن رسول الله(ص)قد غلب عليه الوجع وعندكم القرآن ، حسبنا كتاب الله...الخ).
        وفي مسند أحمد:3/346: (عن جابر أن النبي(ص)دعا عند موته بصحيفة ليكتب فيها كتاباً لايضلون بعده ، قال فخالف عليها عمر بن الخطاب حتى رفضها ) ! (ورواه أحمد:1/ 324و336 و324 )
        وفي مجمع الزوائد:9/ 33: وعن عمر بن الخطاب قال: لما مرض النبي (ص)قال: أدعوا لي بصحيفة ودواة أكتب كتاباً لاتضلون بعدي أبداً ! فكرهنا ذلك أشد الكراهة !! ثم قال: أدعوا لي بصحيفة أكتب لكم كتاباً لاتضلون بعده أبداً! فقال النسوة من وراء الستر: ألا تسمعون مايقول رسول الله(ص)؟! فقلت: إنكن صواحبات يوسف إذا مرض رسول الله(ص)عصرتنَّ أعينكن ، وإذا صح ركبتنَّ رقبته . فقال رسول الله: دعوهنَّ فإنهنَّ خيرٌ منكم ) !! انتهى .
        فأحاديث ردة الصحابة في مصادرنا ناظرة الى معصيتهم للنبي صلى الله عليه وآله ومنعهم إياه تأمين أمته الى يوم القيامة ! فالكفر فيها كفر نعمة الله تعالى بإمامة أهل البيت عليهم السلام .والدليل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وآله عندما عصوه ورفضوا أن يكتب عهده طردهم من بيته ولم يحكم بارتدادهم ، مع أن الرد على رسول الله كفر ، وصاحبه مرتد عن الإسلام بإجماع المسلمين !
        نماذج من أحاديث ارتداد الأمة في مصادرنا

        في الكافي:1/420 ، عن الإمام الصادق عليه السلام في قول الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى: فلان وفلان وفلان ، ارتدوا عن الايمان في ترك ولاية أمير المؤمنين عليه السلام .قلت: قوله تعالى: ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الأمر؟ قال: نزلت والله فيهما وفي أتباعهما وهو قول الله عز وجل الذي نزل به جبرئيل عليه السلام على محمد: ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللهُ (في علي عليه السلام )سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الأمر ، قال: دعوا بني أمية إلى ميثاقهم ألا يُصَيِّروا الأمر فينا بعد النبي صلى الله عليه وآله ، ولايعطونا من الخمس شيئاً ! وقالوا إن أعطيناهم إياه لم يحتاجوا إلى شئ ولم يبالوا أن يكون الأمر فيهم ! فقالوا: سنطيعكم في بعض الأمر الذي دعوتمونا إليه وهو الخمس ألا نعطيهم منه شيئاً وقوله: كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللهُ ، والذي نزل الله ما افترض على خلقه من ولاية أمير المؤمنين عليه السلام ،وكان معهم أبو عبيدة وكان كاتبهم فأنزل الله: أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ . أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ.. الآية.. (الزخرف:79-80) .
        وفي الكافي:1/420: (عن عبد الرحمن بن كثير ، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل:إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْراً لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً. (النساء:137) ( و): إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْراً لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ(آل عمران:90) ؟قال: نزلت في فلان وفلان وفلان آمنوا بالنبي صلى الله عليه وآله في أول الأمر وكفروا حيث عرضت عليهم الولاية حين قال النبي صلى الله عليه وآله : من كنت مولاه فهذا علي مولاه ، ثم آمنوا بالبيعة لأمير المؤمنين عليه السلام ، ثم كفروا حيث مضى رسول الله صلى الله عليه وآله فلم يقروا بالبيعة ، ثم ازدادوا كفراً بأخذهم من بايعوه بالبيعة لهم ! فهؤلاء لم يبق فيهم من الإيمان شئ ) .
        وفي الإختصاص للمفيد رحمه الله /10: (عن أبي بكر الحضرمي قال: قال أبو جعفر عليه السلام :ارتد الناس إلا ثلاثة نفر: سلمان وأبو ذر ، و المقداد . قال: فقلت: فعمار ؟ فقال: قد كان جاض جيضة ثم رجع . ثم قال: إن أردت الذي لم يشك ولم يدخله شئ فالمقداد ، فأما سلمان فإنه عرض في قلبه عارض ، أن عند ذا يعني أمير المؤمنين عليه السلام إسم الله الأعظم لو تكلم به لأخذتهم الأرض وهو هكذا ؟! فلبب ووجئت في عنقه حتى تركت كالسلعة! ومرَّ به أمير المؤمنين عليه السلام فقال: يا أبا عبد الله هذا من ذاك بايع فبايع ! وأما أبو ذر فأمره أمير المؤمنين عليه السلام بالسكوت ولم يكن تأخذه في الله لومة لائم ، فأبى إلا أن يتكلم فمرَّ به عثمان فأمر به ! ثم أناب الناس بعد ، فكان أول من أناب أبو ساسان الأنصاري ، وأبو عمرة وفلان ، حتى عقد سبعة ، ولم يكن يعرف حق أمير المؤمنين عليه السلام إلا هؤلاء السبعة). ( راجع معجم رجال الحديث للسيد الخوئي رحمه الله :4/315) .
        وفي الكافي:2/244: (عن حمران بن أعين قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام : جعلت فداك ما أقلَّنا ! لو اجتمعنا على شاة ما أفنيناها ! فقال: ألا أحدثك بأعجب من ذلك: المهاجرون والأنصار ذهبوا إلا ، وأشار بيده ، ثلاثة ! قال حمران فقلت: جعلت فداك ما حال عمار ؟ قال: رحم الله عماراً أبا اليقظان ، بايع وقتل شهيداً . فقلت في نفسي: ما شئ أفضل من الشهادة . فنظر إليَّ فقال: لعلك ترى أنه مثل الثلاثة ، أيهات أيهات !!) . انتهى.
        وقال في هامشه: (قوله: جاض، أي عدل عن الحق ، وفي بعض النسخ بالحاء والصاد المهملتين وحاصوا عن العدو أي انهزموا ، والمراد بالناس غير أهل البيت عليهم السلام ، والإرتداد عن الإيمان لا عن الإسلام كما يفهم من الأخبار ).
        وفي الكافي:8 /296 عن عبد الرحيم القصير قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام : إن الناس يفزعون إذا قلنا إن الناس ارتدوا ، فقال: يا عبد الرحيم إن الناس عادوا بعد ما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله أهل جاهلية ! إن الأنصار اعتزلت فلم تعتزل بخير ، جعلوا يبايعون سعداً وهم يرتجزون ارتجاز الجاهلية: يا سعد أنت المرجى ، وشعرك المرجل ، وفحلك المرجم ).
        وفي الكافي:2/440: (عن معاوية بن وهب قال: خرجنا إلى مكة ومعنا شيخ متأله متعبد ، لا يعرف هذا الأمر ، يتم الصلاة في الطريق ، ومعه ابن أخ له مسلم ، فمرض الشيخ فقلت لابن أخيه: لو عرضت هذا الأمر على عمك لعل الله أن يخلصه ، فقال كلهم: دعوا الشيخ حتى يموت على حاله فإنه حسن الهيئة ، فلم يصبر ابن أخيه حتى قال له: يا عم إن الناس ارتدوا بعد رسول الله صلى الله عليه وآله إلا نفراً يسيراً وكان لعلي بن أبي طالب من الطاعة ما كان لرسول الله صلى الله عليه وآله ،وكان بعد رسول الله الحق والطاعة له . قال: فتنفس الشيخ وشهق ، وقال: أنا على هذا ، وخرجت نفسه ! فدخلنا على أبي عبد الله عليه السلام فعرض عليُّ بن السري هذا الكلام على أبي عبد الله فقال: هو رجل من أهل الجنة ، قال له علي بن السري: إنه لم يعرف شيئاً من هذا غير ساعته تلك !؟ قال: فتريدون منه ماذا ؟ قد دخل والله الجنة).
        أقول: لا يصح حمل الكفر في هذه الروايات وأمثالها على معناه المصطلح، وأكبر دليل على ذلك كما ذكرنا أن النبي صلى الله عليه وآله لم يحكم بكفر من رفض ولاية علي والعترة عليهم السلام . وقد رووا وروينا أنه أمر علياً عليه السلام أن ينزلهم في ذلك بمنزلة فتنة ، لابمنزلة ردة ، وقد عاملهم علي عليه السلام معاملة المسلمين مع أنه كان يصرح بأن سنن الأمم السابقة قد جرت عليها بعد رسولها صلى الله عليه وآله كما قال تعالى: (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ ، وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ، وَلَوشَاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ ، وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ ، وَلَوشَاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ ). (البقرة:253) .
        وقال علي عليه السلام في جواب رجل سأله عن الفتنة فقال: (يا أمير المؤمنين أخبرنا عن الفتنة وهل سألت رسول الله صلى الله عليه وآله عنها ؟فقال عليه السلام : لما أنزل الله سبحانه قوله: أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ.(العنكبوت:2)علمتُ أن الفتنة لا تنزل بنا ورسول الله صلى الله عليه وآله بين أظهرنا . فقلت: يا رسول الله ما هذه الفتنة التي أخبرك الله تعالى بها ؟!
        فقال صلى الله عليه وآله : يا علي إن أمتي سيفتنون من بعدي ! فقلت يا رسول الله: أوليس قد قلت لي يوم أحد حيث استشهد من استشهد من المسلمين وحيزت عني الشهادة فشق ذلك علي ، فقلت لي: أبشر فإن الشهادة من ورائك ؟ فقال لي: إن ذلك لكذلك فكيف صبرك إذاً ؟ فقلت: يا رسول الله ليس هذا من مواطن الصبر ، ولكن من مواطن البشرى والشكر .
        فقال: يا علي إن القوم سيفتنون بأموالهم ويمنون بدينهم على ربهم ، ويتمنون رحمته ويأمنون سطوته، ويستحلون حرامه بالشبهات الكاذبة والأهواء الساهية فيستحلون الخمر بالنبيذ ، والسحت بالهدية . والربا بالبيع !
        قلت: يا رسول الله بأي المنازل أنزلهم عند ذلك ؟ أبمنزلة ردة أم بمنزلة فتنة؟ فقال: بمنزلة فتنة ). (نهج البلاغة:2/49) .
        وفي مختصر بصائر الدرجات/203: (يا رسول الله فبأي المنازل أنزلهم إذا فعلوا ذلك ؟ قال: بمنزلة فتنة ، ينقذ الله بنا أهل البيت عند ظهورنا السعداء من أولي الألباب ، إلا أن يدعوا لضلالة ويستحلوا الحرام في حرم الله ، فمن فعل ذلك منهم فهو كافر . يا علي: بنا ختم الله فتح الإسلام وبنا يختمه بنا).
        وقد روى الحاكم في المستدرك:3/140و142، بلفظين وصححهما: (عن علي رضي الله عنه قال: إن مما عهد إليَّ النبي صلى الله عليه وآله أن الأمة ستغدر بي بعده.... عن حيان الأسدي سمعت علياً يقول قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله : إن الأمة ستغدر بك بعدي ، وأنت تعيش على ملتي وتقتل على سنتي ، من أحبك أحبني ومن أبغضك أبغضني، وإن هذه ستخضب من هذا ، يعني لحيته من رأسه).(ورواه الحارث في مسنده/296 ، والخطيب في تاريخ بغداد: 11/216 ، وأوردنا مصادره وصيغه المفصلة في معجم أحاديث الإمام المهدي عليه السلام :1/248رقم 154).
        ومما يؤكد قولنا إن الكفر في هذه الأحاديث كفر نعمة ، ويثبت بطلان تهمة خصومنا لنا بأنا نكفر الصحابة، أن فقهاء مذهبنا يحكمون بإسلام من تشهد الشهادتين ولايستثنون أحداً إلا الغلاة الذين يؤلهون أهل البيت عليهم السلام أو يؤلهون أي مخلوق ، وإلا النواصب الذين يعلنون بغضهم وعداوتهم لأهل البيت عليهم السلام ، وذلك للحديث المتفق عليه عند الجميع: (ياعلي لايحبك إلا مؤمن ولايبغضك إلا منافق) . ويطول الكلام لو أردنا نقل كلماتهم رضوان الله عليهم ، فراجع المصادر الفقهية في بحث تعريف الكافر ، في باب الطهارة ، وغيره . أبعد الناس عن تكفير المسلمين .

        http://www.alameli.net/books/index.php?id=3048

        تعليق


        • #5
          مكانة الصحابة في القرآن الكريم:


          1. خيرية الأمة الإسلامية:
          منذ أن أهبط آدم عليه السلام إلى الأرض، ثم حمل نوح أتباعه المؤمنين في السفينة، انتشر بنو آدم وأولادهم وأحفادهم في البلاد، وصاروا أمما، جعل الله تبارك وتعالى لكل أمة شرعة ومنهاجا، وادخر أمة محمد النبي الخاتم ليكونوا الآخرين السابقين، فهم آخر الأمم بعثا في الدنيا، وأول الأمم حسابا يوم القيامة، وقد وصف الحق تبارك وتعالى هذه الأمة بقوله: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ).
          2. أفضلية الصحابة:
          ما بعث الله نبيا إلا كان أصحابه وحواريوه أقرب الناس إلى الله تعالى، فمن آمن مع نوح، وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب ويوسف والأسباط، ومن بعدهم أتباع داود وسليمان وموسى وعيسى عليهم جميعا السلام، ويكفيك وصف القرآن للحواريين، ولما كان محمد صلى الله عليه وسلم سيد ولد آدم، فلا بد أن يكون أتباعه والمؤمنون برسالته في أعلى عليين.
          3. الله يرضى عن المهاجرين والأنصار ومن تبعهم بإحسان:
          أثنى الله تبارك وتعالى على الصحابة عامة، وعلى السابقين من المهاجرين والأنصار خاصة يقول سبحانه: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ، وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ، وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً، ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}.
          ولا يخفى أن السابقين من المهاجرين كانوا من المستضعفين في مكة، وقد تعرضوا لصور متعددة من العذاب، كما تحملوا ضغوطا شديدة من صناديد قريش، وما زادهم ذلك إلا تمسكا بدينهم، وإخلاصا في اتباع أوامره واجتناب نواهيه، ولما اشتد عليهم العذاب، أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى الحبشة، قائلا لهم: "إن فيها ملكا لا يظلم عنده أحد"، فتركوا الأموال والديار والأهل والأوطان، وهاجروا بدينهم، وكان على رأس المهاجرين عثمان بن عفان وزوجته رقية بنت النبي صلى الله عليه وسلم، وقد زكى النبي صلى الله عليه وسلم هجرتهم بقوله: "عثمان أول من هاجر بأهله بعد لوط" ثم توالت الهجرة، فهاجر جماعة في الهجرة الثانية إلى الحبشة، ثم أذن الله تبارك وتعالى للمسلمين في الهجرة إلى المدينة، وهنا يبرز دور الأنصار، فقد نالوا شرف حماية الدعوة الإسلامية، واحتضانها على أرض المدينة، فقد سعت الأنصار إلى بيعة النبي صلى الله عليه وسلم، وعاهدوه على نصرة دينه، وحماية المهاجرين، فاشتروا بذلك الآخرة، وكما وفوا بما عاهدوا الله عليه، فقد وفى الله تبارك وتعالى لهم كما وعدهم نبي الله عز وجل، فكانت الجنة مثوى لهم، فالآية القرآنية الكريمة تمتدح المهاجرين، والأنصار، بالإضافة إلى التابعين الذين ساروا على دربهم، واتبعوهم بإحسان، فنالوا الدنيا والآخرة، وذلك في قوله تعالى : [رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ، وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً، ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ]
          ويفصل القرآن الكريم سبب المكانة العالية للمهاجرين والأنصار بقوله: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً، وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَه،ُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ، والَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالأِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ، وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا، وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ، وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ، والَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإيمَانِ، وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} ..هذه ثلاث آيات من سورة الحشر الأولى منها في المهاجرين، والثانية في الأنصار، والثالثة في الذين يجيئون بعد المهاجرين والأنصار مستغفرين لهم سائلين الله تعالى أن لا يجعل في قلوبهم غلا لهم وليس وراء هذه الأصناف الثلاثة إلا الخذلان والوقوع في حبائل الشيطان ولهذا قالت عائشة رضي الله عنها لعروة بن الزبير بشأن بعض هؤلاء المخذولين: "أمروا أن يستغفروا لأصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم فسبُّوهم" أخرجه مسلم في صحيحه. كما أثنى الحق تبارك وتعالى على من جاء من بعد الصحابة مقرا لهم بالفضل والسبق، داعيا لهم ومستغفرا بأنهم على الخير.
          وهناك أدلة كثيرة تثبت عدالة الصحابة من القرآن الكريم والسنة المطهرة نذكرها فيما بعد .
          4. فضل الصحابة قبل الفتح وبعده
          يقدم الله تبارك وتعالى السابقين للإسلام عن غيرهم ممن أسلم بعد فتح مكة، وسبب التفضيل بديهي ومعروف، فمن آمن ودولة الكفر غالبة، فقد تعرض للإيذاء والبطش والعذاب والتنكيل، وكان جهاده في نصرة دينة توطئة لكل من جاء بعدهم، أما من أسلم ودولة الإسلام هي الغالبة، فقد دخل في حصن الإسلام واحتمى فيه، وشتان بين من يشيد قلعة الإسلام، وبين من يحتمي فيها، قال الله تعالى: {لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}، ومن كرم الله تعالى أن فضَّل من أنفق قبل الفتح وقاتل على من دخل الإسلام، ودولته غالبة، هذا الفضل ثابت بدرجة أعظم عند الله تعالى، وكلا وعد الله الحسنى.
          5. ثناء الله على الصحابة كلهم بدون استثناء أحد منهم
          يقول عز من قائل: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ، رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ، تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً، سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ، ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ، وَمَثَلُهُمْ فِي الأِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ، يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ، وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً}.
          وقال النووي في شرحه بعد ذكر آية الحشر: "وبهذا احتج مالك في أنه لا حق في الفيء لمن سب الصحابة رضي الله عنهم لأن الله إنما جعله لمن جاء من بعدهم يستغفر لهم"، وقال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية: "وما أحسن ما استنبط الإمام مالك من هذه الآية الكريمة أن الرافضي الذي يسب الصحابة ليس له في مال الفيء نصيب لعدم اتصافه بما مدح الله به هؤلاء في قولهم: {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ}. وهناك العديد من الآيات التي تمدح الصحابة وتثني عليهم، وإثبات عدالتهم، منها" لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة"، وقوله تعالى: :والسابقون السابقون، أولئك المقربون"
          6. مكانة الصحابة في السنة المطهرة
          * ولا عجب أن يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "بعثت من خير قرون بني آدم قرنا فقرنا، حتى كنت من القرن الذي كنت فيه". ، وفي لفظ عمران بن حصين: "خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم"[ (تخريج 23) ].
          * وفي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يأتي على الناس زمان فيغزو فئام من الناس فيقال: هل فيكم من صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيقولون نعم فيفتح لهم، ثم يأتي على الناس زمان فيغزوا فئام من الناس، فيقال: هل فيكم من صاحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون نعم، فيفتح لهم ثم يأتي على الناس زمان فيغزو فئام من الناس فيقال هل فيكم من صاحب من صاحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون نعم فيفتح لهم"[ (تخريج 24)].
          * عن عبد الله بن مغفل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الله الله في أصحابي، الله الله في أصحابي، لا تتخذوهم غرضا بعدي، فمن أحبهم فبحبي أحبهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن آذاهم فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذى الله يوشك أن يأخذه"[ (تخريج 25)].
          * عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تسبوا أصحابي، لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه"[ (تخريج 26) ].
          * عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لا تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ، وَلا نَصِيفَهُ. أخرجه أحمد في فضائل الصحابة [ (تخريج 27) ]]
          * عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ : قَالَ أُنَـاسٌ مِنْ أَصْحَابِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَّا نُسَبُّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ سَبَّ أَصْحَابِي فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ، وَالْمَلائِكَةِ، وَالنَّـاسِ أَجْمَعِينَ، لا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلا عَدْلا أخرجه أحمد في فضائل الصحابة[ (تخريج 28) ]
          * عَنْ عَامِرٍ، قَالَ : شَكَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى رَسُولِ اللَّـهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَا خَالِدُ، مَا لَكَ وَمَا لِرَجُلٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ ؟، لَوْ أَنْفَقْتَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا، لَمْ تُدْرِكْ عَمَلَهُ " أخرجه أحمد في فضائل الصحابة [(تخريج 29) ]
          * عن أبي سعيد الخدري قال: كان بين خالد بن الوليد وبين عبد الرحمن بن عوف شيء، فسبه خالد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تسبوا أحدا من أصحابي، فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه". (متفق عليه) [ (تخريج 30) ]
          * فإذا كان سيف الله خالد بن الوليد وغيره ممن أسلم بعد الحديبية لا يساوي العمل الكثير منهم القليل من عبد الرحمن بن عوف وغيره ممن تقدم إسلامه مع أن الكل تشرف بصحبته صلى الله عليه وسلم فكيف بمن لم يحصل له شرف الصحبة بالنسبة إلى أولئك الأخيار، إن البون لشاسع وإن الشقة لبعيدة فما أبعد الثرى عن الثريا بل وما أبعد الأرض السابعة عن السماء السابعة ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
          * عَنْ عَبْدِ اللَّـهِ بْنِ بِي أَوْفَى، شَكَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ، فَقَالَ : " يَا خَالِدُ، لِمَ تُؤْذِي رَجُلا مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ؟ لَوْ أَنْفَقْتَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا لَمْ تُدْرِكْ عَمَلَهُ "، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَقَعُونَ فِيَّ فَأَرُدُّ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لا تُؤْذُوا خَالِدًا، فَإِنَّهُ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ صَبَّهُ اللَّهُ عَلَى الْكُفَّارِ " أخرجه أحمد في فضائل الصحابة[ (تخريج 31) ].
          * عَنْ عَائِشَةَ : " أُمِرُوا بِالاسْتِغْفَارِ لأَصْحَابِ مُحَمَّدٍ فَسَبُّوهُمْ أخرجه أحمد في فضائل الصحابة.
          * عن ابن عمر قال: " لا تَسُبُّوا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ، فَلَمَقَامُ أَحَدِهِمْ سَاعَةً خَيْرٌ مِنْ عِبَادَةِ أَحَدِكُمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً أخرجه أحمد في فضائل الصحابة.
          * وروى ابن بطة بإسناد صحيح - كما في منهاج السنة لابن تيمية - عن ابن عباس أنه قال: "لا تسبوا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فلمقام أحدهم ساعة - يعني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم - خير من عمل أحدكم أربعين سنة " وفي رواية وكيع: "خير من عمل أحدكم عمره".
          * ولما ذكر سعيد بن زيد رضي الله عنه العشرة المبشرين بالجنة قال: "والله لمشهد رجل منهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يغبر فيه وجهه خير من عمل أحدكم ولو عمِّر عُمْر نوح" أخرجه أبو داود والترمذي.
          * وعن جابر رضي الله عنه قال: "قيل لعائشة أن أناسا يتناولون أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حتى أبا بكر وعمر فقالت: وما تعجبون من هذا؟ انقطع عنهم العمل، فأحب الله أن لا ينقطع عنهم الأجر" أخرجه رزين كما في جامع الأصول لابن الأثير.
          * ويشهد لذلك قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: "إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي قد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فَنِيَت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار"[ (تخريج 32) ].
          7.
          مكانة الصحابة عند سلف الأمة
          ظهرت مكانة الصحابة رضوان الله عليهم واضحة جلية في القرآن والسنة ودلت على فضل أولئك الأخيار، فصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم عدول بتعديل الله تعالى لهم وثنائه عليهم وثناء رسوله صلى الله عليه وسلم. ومن ثم استفاض علماء السلف في بيان مكانتهم وعدالتهم، وإليك بعض هذه الأقوال:-
          * قال النووي في التقريب الذي شرحه السيوطي في تدريب الراوي: "الصحابة كلهم عدول من لابس الفتن وغيرهم بإجماع من يعتد به" انتهى.
          * وقال الحافظ ابن حجر في الإصابة: "اتفق أهل السنة على أن الجميع عدول ولم يخالف في ذلك إلا شذوذ من المبتدعة" انتهى. ولهذا لا تضر جهالة الصحابي فإذا قال التابعي: "عن رجل صحب النبي صلى الله عليه وسلم" لم يؤثر ذلك في المروي لأن الجهالة في الصحابة لا تضر لأنهم كلهم عدول.
          * قال الخطيب البغدادي في كتاب الكفاية: "كل حديث اتصل إسناده بين من رواه وبين النبي صلى الله عليه وسلم لم يلزم العمل به إلا بعد ثبوت عدالة رجاله، ويجب النظر في أحوالهم سوى الصحابي الذي رفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأن عدالة الصحابة ثابتة معلومة بتعديل الله لهم، وإخباره عن طهارتهم، واختياره في نص القرآن". ثم ساق بعض الآيات والأحاديث في فضلهم، ثم قال: "على أنه لو لم يرد من الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم فيهم شيء مما ذكرناه لأوجبت الحال التي كانوا عليها من الهجرة والجهاد والنصرة، وبذل المهج والأموال، وقتل الآباء والأولاد والمناصحة في الدين، وقوة الإيمان، واليقين القطع على عدالتهم، والاعتقاد لنزاهتهم، وأنهم أفضل من جميع المعدلين والمزكين الذين يجيئون بعدهم أبد الآبدين".
          ومذهب أهل السنة والجماعة فيهم وسط بين طرفيها الإفراط والتفريط، وسط بين المفرطين الغالين، الذين يرفعون من يعظمون منهم إلى ما لا يليق إلا بالله أو برسله، وبين المفرِّطين الجافين الذين ينقصونهم ويسبونهم، فهم وسط بين الغلاة والجفاة، يحبونهم جميعا وينزلونهم منازلهم التي يستحقونها بالعدل والإنصاف، فألسنتهم رطبة بذكرهم بالجميل اللائق بهم وقلوبهم عامرة بحبهم وما صح فيما جرى بينهم من خلاف فهم فيه مجتهدون إما مصيبون فلهم أجر الاجتهاد والإصابة، وإما مخطئون ولهم أجر الاجتهاد وخطؤهم مغفور، وليسوا معصومين بل هم بشر يصيبون ويخطئون ولكن ما أكثر صوابهم بالنسبة لصواب غيرهم وما أقل خطأهم إذا نسب إلى خطأ غيرهم ولهم من الله المغفرة والرضوان، وكتب أهل السنة مملوءة ببيان هذه العقيدة الصافية النقية في حق هؤلاء الصفوة المختارة من البشر لصحبة خير البشر صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم أجمعين .

          تعليق


          • #6
            حب أهل السنة للصحابة


            تواترت أقوال علماء أهل السنة واعتقادهم حب الصحابة رضي الله عنهم؛ فمن ذلك:
            * قول الطحاوي في عقيدة أهل السنة: "ونحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نفرط في حب أحد منهم ولا نتبرأ من أحد منهم ونبغض من يبغضهم وبغير الخير يذكرهم ولا نذكرهم إلا بخير وحبهم دين وإيمان وإحسان وبغضهم كفر ونفاق وطغيان" .
            * وقال ابن أبي زيد القيرواني المالكي في مقدمة رسالته المشهورة: "وأن خير القرون الذين رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأفضل الصحابة الخلفاء الراشدون المهديون أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي رضي الله عنهم أجمعين وأن لا يذكر أحد من صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم إلا بأحسن ذكر والإمساك عما شجر بينهم وأنهم أحق الناس أن يلتمس لهم أحسن المخارج ويظن بهم أحسن المذاهب.
            * وقال الإمام أحمد بن حنبل في كتاب السنة: "ومن السنة ذكر محاسن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم أجمعين والكف عن الذي جرى بينهم فمن سب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو واحدا منهم فهو مبتدع رافضي، حبهم سنة والدعاء لهم قربة والاقتداء بهم وسيلة والأخذ بآثارهم فضيلة". وقال: "لا يجوز لأحد أن يذكر شيئا من مساويهم ولا يطعن على أحد منهم فمن فعل ذلك فقد وجب على السلطان تأديبه وعقوبته ليس له أن يعفو عنه بل يعاقبه ثم يستتيبه فإن تاب قبل منه وإن لم يتب أعاد عليه العقوبة وخلَّده في الحبس حتى يتوب ويرجع".
            * وقال الإمام أبو عثمان الصابوني في كتاب عقيدة السلف وأصحاب الحديث: "ويرون الكفّ عمّا شجر بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتطهير الألسنة عن ذكر ما يتضمن عيبا أو نقصا فيهم ويرون الترحم على جميعهم والموالاة لكافَّتهم".
            * وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه العقيدة الواسطية: "ومن أصول أهل السنة والجماعة سلامة قلوبهم ألسنتهم لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كما وصفهم الله في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} وطاعة للنبي صلى الله عليه وسلم في قوله: "لا تسبوا أصحابي فو الذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مُدَّ أحدهم ولا نصيفه" ويقبلون ما جاء به الكتاب والسنة والإجماع من فضائلهم ومراتبهم ويفضِّلون من أنفق من قبل الفتح وهو صلح الحديبية وقاتل على من أنفق من بعد وقاتل ويقدمون المهاجرين على الأنصار، ويؤمنون بأن الله قال لأهل بدر وكانوا ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا: "اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم"، وبأنه لا يدخل النار رجل بايع تحت الشجرة كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم بل لقد رضي الله عنهم ورضوا عنه وكانوا أكثر من ألف وأربعمائة ويشهدون بالجنَّة لمن شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم كالعشرة وثابت بن قيس بن شماس وغيرهم ويقرون بما تواتر به النقل عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وغيره من أن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر ثم يثلثون بعثمان ويربعون بعلي رضي الله عنهم كما دلت عليه الآثار وكما أجمع على تقديم عثمان في البيعة مع أن بعض أهل السنة كانوا قد اختلفوا في عثمان وعلي رضي الله عنهما - بعد اتفاقهم على تقديم أبي بكر وعمر - أيهما أفضل فقدَّم قوم عثمان وسكتوا وربعوا بعلي وقدَّم قوم عليّاً وقوم توقفوا لكن استقر أمر أهل السنة على تقديم عثمان ثم علي وإن كانت هذه المسألة - مسألة عثمان وعلي - ليست من الأصول التي يضلَّلُ المخالف فيها عند جمهور أهل السنة لكن التي يضلل فيها مسألة الخلافة وذلك أنهم يؤمنون أن الخليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي، ومن طعن في خلافة أحد من هؤلاء فهو أضل من حمار أهله". ثم ذكر محبتهم لأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوليهم لهم وحفظهم فيهم وصية رسول الله صلى الله عليه وتولِّيهم أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين وإيمانهم بأنهنَّ أزواجه في الآخرة ثم قال: "ويتبرءون من طريقة الروافض الذين يبغضون الصحابة ويسبونهم وطريقة النواصب الذين يؤذون أهل البيت بقول أو عمل، ويمسكون عما جرى بين الصحابة ويقولون أن هذه الآثار المروية في مساويهم منها ما هو كاذب ومنها ما قد زيد فيه ونقص وغيّر عن وجهه الصحيح منه هم فيه معذورون إما مجتهدون مصيبون وإما مجتهدون مخطئون وهم مع ذلك لا يعتقدون أن كل واحد من الصحابة معصوم عن كبائر الإثم وصغائره بل يجوز عليهم الذنوب في الجملة ولهم من السوابق ومن الفضائل ما يوجب مغفرة ما يصدر منهم إن صدر حتى أنه يغفر لهم من السيئات ما لا يغفر لمن بعدهم لأن لهم من الحسنات التي تمحو السيئات ما ليس لمن بعدهم وقد ثبت بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم خير القرون وإن المد من أحدهم إذا تصدق به كان أفضل من جبل أحد ذهبا ممن بعدهم ثم إذا كان قد صدر من أحدهم ذنب فيكون قد تاب منه أو أتى بحسنات تمحوه أو غفر له بفضل سابقته أو بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم الذي هم أحق الناس بشفاعته أو ابتلي ببلاء في الدنيا كفَّر به عنه فإذا كان هذا في الذنوب المحققة فكيف الأمور التي كانوا فيها مجتهدين إن أصابوا فلهم أجران وإن أخطئوا فلهم أجر واحد والخطأ مغفور ثم إن القدر الذي ينكر من فعل بعضهم قليل نزر مغفور في جنب فضائل القوم ومحاسنهم من الإيمان بالله ورسوله والجهاد في سبيله والهجرة والنصرة والعلم النافع والعمل الصالح ومن نظر في سيرة القوم بعلم وبصيرة وما منَّ الله عليهم به من الفضائل علم يقينا أنهم خير الخلق بعد الأنبياء لا كان ولا يكون مثلهم وأنهم الصفوة من قرون هذه الأمة التي هي خير الأمم وأكرمها على الله".
            * وروى بإسناده عن أبي زرعة كلمات تكتب بماء الذهب حيث قال: "إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله فاعلم أنه زنديق، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عندنا حق، والقرآن حق، وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا، ليبطلوا الكتاب والسنة والجرح بهم أولى وهم زنادقة".
            هذه نماذج من أقوال علماء أهل الحديث فيما يجب اعتقاده في حق خيار الخلق بعد الأنبياء والمرسلين صلوات الله عليهم وسلامه ورضي الله عن الصحابة أجمعين. ومما ينبغي التفطن له أن القدح في هؤلاء الصفوة المختارة رضي الله عنهم قدح في الدين لأنه لم يصل إلى من بعدهم إلا بواسطتهم ويؤكد ذلك كلام أبي زرعة - رحمه الله - حين يقول: "وإنما أدَّى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة والجرح بهم أولى وهم زنادقة" والطعن في الصحابة رضوان الله عليهم، إنما هو طعن في الإسلام، لأنهم نَقَلةُ هذا الدين إلينا، وشهوده عندنا، ولم يتلقه غيرهم، وهم مصدر معرفتنا بالدين وكتابه وسنته وسائر أحكامه والقدح فيهم لا ولن يضرهم شيئا بل يفيدهم كما في حديث المفلس ولا يضر القادح إلا نفسه فمن وجد في قلبه محبة لهم وسلامة من الغل لهم وصان لسانه عن التعرض لهم إلا بخير فليحمد الله على هذه النعمة وليسأل الله الثبات على هذا الهدى ومن كان في قلبه غلٌّ لهم وأطلق لسانه بذكرهم بما لا يليق بهم فليتق الله في نفسه وليقلع عن هذه الجرائم وليتب إلى الله ما دام باب التوبة مفتوحا أمامه قبل أن يندم حيث لا ينفعه الندم. ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم.
            لماذا يكره الشيعة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
            إن المسلم ليصاب بالدهشة كلما ظهر له كراهية الشيعة لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، خاصة وهو يؤمن بعدالتهم رضوان الله عليهم، وتكفي الآيات المباركات التي تصرح برضوان الله على من بايع النبي صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة، ومن المعلوم أن عددهم يومئذ قد بين 1400 و 1600 صحابي حسب الروايت الصحيحة ، ومكانة أهل بدر في السماء بين الملائكة، قد بشر بها جبريل عليه السلام، حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم سامح ابن أبي بلتعة عندما أرسل رسالة لمشركي قريش يحذرهم فيها من خروج النبي صلى الله عليه وسلم لهم، وقال قولته المشهورة: لعل الله اطلع على أهل بدر وقال: افعلوا ما شئتم فقد غفرت لكم.
            فما الذي جعل الشيعة تحيد عن جادة الطريق، بل وتنحدر في هوية سب الصحابة، تلك الهوية الموصلة إلى قعر جهنم، ورغم تحذير النبي صلى الله عليه وسلم من مغبة سب الصحابة، إلا أن الفكر الشيعي يقوم على فكرة معاداة الصحابة، كما سنتبين ذلك جليا فيما يلي، والمدخل الوحيد لفهم سبب هذه العداوة لا يمكن الوصول إليه إلا بعد أن عرض ركائز الفكر الشيعي التي وضعت على أصولها عقائد القوم، ولا يتعجل القارئ الحكم على ما سنقدمه من طرح للفكر الشيعي، فللقصة جوانبها المتعددة، والتي لا مناص من طرحها مختصرة ومن أراد المزيد من البيان فليرجع إلى إسهامات دعوية، ويطلع على الباب السابع من كتاب جذور الشيعة وجيش المهدي،
            ترتكز عقيدة الشيعة بالقول بحتمية الوصاية والإمامة بعد النبوة، وأنها منصب يختاره الحق تبارك وتعالى، وأبلغ به النبي، وأخذ المواثيق على كل الصحابة بتولية علي يوم غدير خم، وأن الصحابة تآمروا على غصب خلافة علي، في اتفاق سري بين أبي بكر وعمر، ينص على يبايع عمر أبا بكر على خلافة النبي صلى الله عليه وسلم، في مقابل أن ينصب عمر وليا لعهده، وبعد أن غصبوا حق علي حرفوا القرآن الكريم وكفروا وارتدوا، فلابد وهذا هو الحال عندهم أن ينقموا على الصحابةويكرهونهم، وما ذلك إلا للنفاق المورق في قلوبهم.

            تعليق


            • #7
              الصحابة في حجمهم الحقيقي





              الهاشمي بن علي رمضان

              كلمة الصحبة ومشتقاتها في القرآن
              قبل الخوض في هذا الموضوع بتفاصيله وأبعاده نرى لزاماً علينا أن نأتي على كلمة الصحبة ومشتقاتها من القرآن الكريم، لنرى أنّها استعملت في معان عديدة مختلفة.
              يقول تعالى في كتابه المجيد مخاطباً مشركي قريش: (مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّة)( سورة سبأ: الآية 46)، فأنت ترى أن الله جعل عتاة قريش الذين اتهموا رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالجنون، تراه يخاطبهم بأنهم أصحابه، وهذا المعنى لا يخفى على كل فطن، إذ معناه رسولكم الذي أُرسل إليكم.
              نفس هذا المعنى تجده في قوله تعالى: (مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى)( سورة النجم: الآية 2).
              ويتكرّر هذا المعنى في قوله تعالى: (وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُون)( سورة التكوير: الآية 22).
              كذلك يطلق لفظ الصاحب أو الصحابي في القرآن على النسبة إلى مكان ، كقوله تعالى : (يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ)( سورة يوسف: الآية 39)، فبالرغم من أنّ رفيقي يوسف (عليه السلام) كانا كافرين بدليل قوله تعالى: (أَ أَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللهُ الوَاحِدُ القَهَّارُ)( سورة يوسف: الآية 39).
              لكن لانّه جمعهما مكان واحد مع يوسف، صارا صاحبين له نسبة إلى المكان الذي اجتمعوا فيه.
              هذا المعنى موجود أيضاً في قوله تعالى: (وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)( سورة البقرة: الآية 275)، وأصحاب النار كما هو معلوم بالبداهة أهلها وساكنوها.
              ونفس المعنى أيضاً موجود في الآيات التالية:
              (أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذ خَيْرٌ مُسْتَقَرّاً وَأَحْسَنُ مَقِيلاً (سورة الفرقان: الآية 24).
              (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً)(سورة الكهف: الآية 9).
              (وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وَأَصْحَابِ مَدْيَنَ)(سورة التوبة: الآية 70).
              (وَنَادَى أَصْحَابُ الاَعْرَافِ)(سورة الأعراف: الآية 48).
              (وَإِنْ كَانَ أَصْحَابُ الاَيْكَةِ لَظَالِمِينَ)(سورة الحجر: الآية 78).
              (وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الحِجْرِ المُرْسَلِينَ)(سورة الحجر: الآية 80).
              (وَأَصْحَابَ مَدْيَنَ)(سورة الحج: الآية 44).
              (أَصْحَابَ القَرْيَةِ)(سورة يس: الآية 13).
              (أَصْحَابِ القُبُورِ)(سورة الممتحنة: الآية 13).
              (أَصْحَابُ الاُخْدُودِ)( سورة البروج: الآية 4).
              هذا وقد تُطلق كلمة الصاحب أو الصحابي أو الأصحاب نسبة إلى زمان كقوله تعالى: (... كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ)( سورة النساء: الآية 47).
              وقد يطلق لفظ الصحبة نسبة إلى حيوان كقوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الفِيلِ)(سورة الفيل: الآية 1) و: (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الحُوتِ)(سورة القلم: الآية 48).
              كذلك يطلق لفظ الصحبة نسبة إلى آلة كقوله تعالى : (وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ)(سورة العنكبوت: الآية 15).
              كما يطلق لفظ الصحبة أو الصاحبة على الزوجة كما في قوله تعالى:
              (أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ)( سورة الأنعام: الآية 101)، و : (وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلا وَلَداً)( سورة الجن: الآية 3)، و : (يَوَدُّ المُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمَئِذ بِبَنِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيِهِ)( سورة المعارج: الآية 12).
              وقد يطلق معنى الصحبة على رجل يحاور آخر بغض النظر عن كفر أو إيمان الصاحب كقوله تعالى: (قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذي خَلَقَكَ مِنْ تُرَاب ثُمَّ مِنْ نُطْفَة ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً)( سورة الكهف: الآية 37).
              كذلك يُطلق لفظ الصحبة نسبة إلى الحق أو الباطل كقوله تعالى: (فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنْ اهْتَدَى)( سورة طه: الآية 135).
              (فَأَصْحَابُ المَيْمَنَةِ)( سورة الواقعة: الآية 8).
              (وَأَصْحَابُ المَشْئَمَةِ)( سورة الواقعة: الآية 9).
              (وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ)( سورة الواقعة: الآية 41).
              ويطلق لفظ الصحبة كذلك نسبة إلى شخص كقوله تعالى: (قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى)( سورة الشعراء: الآية 61).
              (فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطى فَعَقَرَ)( سورة القمر: الآية 29).
              وهكذا ترى أن لفظ الصحبة ومشتقاتها ليس له أىّ فضل في ذاته ولا أىّ مزيّة، بل نستطيع أن نقول إنّه لفظ محايد.
              بعد هذا الاستعراض لهذه الآيات القرآنية نأتي إلى تعريف الصحابي لغة:
              يقول الخليل بن أحمد الفراهيدي في مادة «صحب»: «الصحاب يُجمع بالصَّحب والصحبان والصحبة والصحاب. والأصحاب: جماعة الصحب والصحابة مصدر قولك: صاحبك الله وأحسن صِحابتك. ويقال عند الوداع: مصاحباً معافى... إلى أن يقول: «وكلّ شيء لائم شيئاً فقد استصحبه»(1).
              هذا وقد أعرضنا عن بقية كتب اللغة خشية التطويل.

              الصحابي اصطلاحاً :
              يقول ابن حجر العسقلاني في كتابه الإصابة في تمييز الصحابة: «الصحابي من لقي النبي (صلى الله عليه وسلم) مؤمناً به ومات على الإسلام، فيدخل فيمن لقيه من طالت مجالسته له أو قصرت، ومن روى عنه أو لم يرو، ومن غزا معه أو لم يغز، ومن رآه رؤية ولم يجالسه، ومن لم يره لعارض كالعُمي، ويخرج بقيد الإيمان من لقيه كافراً ولو أسلم بعد ذلك إذا لم يجتمع به مرة أُخرى...»(2).
              وقال الإمام البخاري في تعريف الصحابي ما يلي: «ومن صحب النبي (صلى الله عليه وسلم) أو رآه من المسلمين فهو من أصحابه»(3).
              وعلى هذين التعريفين يكون كلّ شعب رسول الله (صلى الله عليه وآله) صحابة من الطفل الصغير إلى الشيخ الكبير إلى المرأة.
              وياليت الأمر وقف عند هذا الحدّ، بل إنّ علماء السنّة أجمعوا على أن كل الصحابة عدول ثقات!!

              عدالة الصحابة :
              يقول ابن الأثير في مقدمة كتابه أُسد الغابة في معرفة الصحابة ما يأتي: «والصحابة يشاركون سائر الرواة في جميع ذلك إلاّ الجرح والتعديل، فإنهم كلّهم عدول لا يتطرق الجرح إليهم، لانّ الله عزّ وجلّ ورسوله زكّياهم وعدّلاهم، وذلك مشهور لا نحتاج لذكره»(4).
              أما ابن حجر العسقلاني فيقول عن عدالة الصحابة: «اتفق أهل السنّة أنّ الجميع عدول، ولم يخالف في ذلك إلاّ شذوذ من المبتدعة، وقد ذكر الخطيب في الكفاية فصلاً نفيساً في ذلك فقال: عدالة الصحابة ثابتة معلومة بتعديل الله لهم وإخباره عن طهارتهم واختياره لهم، فمن ذلك قوله تعالى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّة أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ)( سورة آل عمران: الآية 110) وقوله: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ اُمَّةً وَسَطاً)( سورة البقرة: الآية 143)، وقوله: (لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ المُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ)( سورة الفتح: الآية 18)، وقوله: (وَالسَّابِقُونَ الأوَّلُونَ مِنَ المُهَاجِرينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ)( سورة التوبة: الآية 100)، وقوله: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ المُؤْمِنِينَ)( سورة الأنفال: الآية 64 )، وقوله: (لِلْفُقَراءِ المُهَاجِرينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْوَاناً وَيَنْصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) إلى قوله: (إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ)( سورة الحشر: الآية 8)، في آيات كثيرة يطول ذكرها وأحاديث شهيرة يكثر تعدادها... ، وجميع ذلك يقتضي القطع بتعديلهم ولا يحتاج أحد منهم مع تعديل الله لهم إلى تعديل أحد من الخلق...، إلى أن يقول إلى أن روى بسنده إلى أبي زرعة الرازي قال: إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فاعلم أنه زنديق، وذلك أن الرسول حق والقرآن حق وما جاء به حق، وإنما أدّى إلينا ذلك كلّه الصحابة وهؤلاء (وهم) يريدون أن يجرحوا شهودنا ليُبطلوا الكتاب والسنّة، والجرح بهم أولى وهم زنادقة انتهى...»(5).
              فعلى رأي علماء أهل السنّة كل شعب رسول الله الذي آمن به صحابة، وهم أيضاً عدول كلّهم لا يتطرق الشك إليهم أبداً حتّى إلى واحد منهم.
              وقالوا: من يطعن في صحابي واحد فهو زنديق، وقالوا: إنّ الله طهرهم وزكّاهم جميعاً.
              وحتّى يتبيّن لك الأمر تعال إلى كلام الله المجيد وانظر رأي القرآن في الصحابة أو فقل رأيه في كثير منهم.

              الصحابة في القرآن :
              يقول تعالى في سورة الفتح: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الاِنْجِيلِ كَزَرْع أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الكُفَّارَ وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً»( سورة الفتح: الآية 29).
              فمن ينظر إلى أول الآية يرى أن الممدوحين مع رسول الله هم عموم الصحابة، لكن انظر إلى قوله تعالى: (وَعَدَ اللهُ الَّذينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ...).
              فلم يَعِدْ الله جميع الصحابة بالمغفرة والأجر، بل فقط مَنْ آمن وعمل صالحاً، ولو كان الوعد للجميع لقال: (وعدهم الله...) فتأمل.
              ويقول تعالى في نفس هذه السورة: (إِنَّ الَّذينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً)( سورة الفتح: الآية 10).
              وأنت ترى في هذه الآية أنّ الله تعالى يحذّر الناكثين بأنهم إنّما ينكثون على أنفسهم وليسوا بضارّي الله تعالى شيئاً.
              ولدى قراءة سورة الحجرات تصادف هذه الآية: (إِنَّ الَّذينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وراء الحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَروُا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)( سورة الحجرات: الآيات 4 ـ 5).
              فانظر لوصف الله تعالى هذه الفئة من المسلمين حيث وصفهم بأبشع وصف وهو أنهم لا يعقلون، وقد وصفهم الله في صدر السورة بأنهم يرفعون أصواتهم فوق صوت النبي مع أنهم مؤمنين به (صلى الله عليه وآله) .
              ويقول في سورة الحجرات أيضاً: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَة فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)( سورة الحجرات: الآية 6).
              ومن المعلوم والمشهور أن هذه الآية نزلت في الوليد بن عقبة، وهو أخو عثمان بن عفان لامه، عندما بعثه إلى بني المصطلق فرجع وكذب على النبي (صلى الله عليه وآله) (6)، فالله يصف الوليد بالفاسق، وأئمة السنّة يقولون إنّه عدل؟!
              ويقول تعالى في سورة التوبة: (لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَة وَيَوْمَ حُنَيْن إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرينَ)( سورة التوبة: الآية 25).
              في هذه الآية يذكر الله ويشنّع على المسلمين فرارهم يوم حنين حيث تركوا النبي مع ثلة قليلة عدد أصابع اليد وفرّوا، وقد اغترَّ المسلمون في حنين بكثرتهم حتّى قال أبو بكر: «لن نُغلَب اليوم من قلّة»(7).
              وقال الله أيضاً مخاطباً الصحابة: (يَا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيْلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الاَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاّ قَلِيلٌ إِلاَّ تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِل قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْء قَدِيرٌ)(8).
              فالله هنا يقرّع الصحابة بسبب تثاقلهم عن الغزو وكما لا يخفى فإن الله تعالى توعّد الصحابة في هذه الآية بالعذاب الأليم وباستبدالهم بقوم آخرين ـ الفرس على رأي ـ إذا لم ينفروا في سبيله، فأين مدح الله للصحابة هنا؟!
              وفي نفس سورة التّوبة هذه تقرأ قوله تعالى: (وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللهَ لَئِنْ آَتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ * فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلى يَوْمِ يُلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ)( سورة التوبة: الآيات 75 ـ 77).
              المشهور أن هذه الآية نزلت في أحد الصحابة على عهد النبي (صلى الله عليه وآله) ، وهو ثعلبة بن حاطب الأنصاري، الذي شكا لرسول الله الفقر وطلب أن يدعو له الرسول (صلى الله عليه وآله) بالغنى والثروة، ولمّا أعطاه الله سؤله رفض دفع الزكاة وقال: إنّها الجزية أو أخت الجزية، فأنزل الله فيه هذه الآية.
              إنّ ثعلبة صحابي أنصاري عاش مسلماً مؤمناً بالله ورسوله لكنه يوصف بالنفاق كما قال تعالى; فأين عدالة الصحابة جميعاً ؟! وأين ما يدّعيه علماء أهل السنة وأئمتهم ؟! ثم يأتي من يقول: إذا انتقصت أحداً من الصحابة فأنت زنديق !! فها هو الله ينتقص بعضهم بل كثير منهم، أفتونا بعلم إن كنتم صادقين.
              ويقول تعالى في سورة الأحزاب: (وَإِذْ يَقُولُ المُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً)( سورة الأحزاب: الآية 12).
              قد يقول كثير من علماء أهل السنة: إنّ هذه الآية خاصة بالمنافقين ولا دخل لها بالصحابة (وسنُبيّن أن المنافقين هم صحابة كذلك فيما بعد) ولكن من ينظر مليّاً إلى الآية فسيجدها تقصد فئتين، المنافقين ثم فئة أُخرى غير المنافقين وهم الذين في قلوبهم مرض.
              يقول الله تعالى عزّ وجلّ في سورة الأحزاب أيضاً: (يَا أَيُّهَا الَّذينَ امنوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَام غَيْرَ نَاظِرينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلاَ مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيث إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْي مِنْكُمْ وَاللهُ لاَ يَسْتَحْي مِنَ الحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاء حِجَاب ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلاَ أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللهِ عَظِيماً)( سورة الأحزاب: الآية 53).
              وقد قال الإمام الفخر الرازي في تفسيره: «القائل هو طلحة بن عبيد الله الذي قال: لئن عشتُ بعد محمّد لا نكحنّ عائشة»(9).
              ويقول تعالى في آية أُخرى من سورة الأحزاب: (يَا نِسَاءَ النَّبِيّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَة مُبَيِّنَة يُضَاعَفْ لَهَا العَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً)( سورة الأحزاب: الآية 30).
              نعم هذا هو منطق القرآن لا قرابة بين الله وبين أحد من خلقه ولا مجاملة من الله ولا من رسوله لاحد، لا لصحابي ولا لزوجة النبيّ، إنّ أكرم الخلق عند الله اتقاهم بما في ذلك الأنبياء والمرسلين، بل إنّ صحبة الرسول مسؤولية خطيرة وكذلك الزوجيّة له (صلى الله عليه وآله)، فمن لم يراعها حقّ رعايتها كان عذابه مضاعفاً لما رأى من الحق ومن هدي الرسول الكريم، فهل بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) من هاد وهل بعده من عظيم؟! ولولا رسول الله لأخذ عذاب الله كثيراً من الصحابة كما أخذ السامريّ ومن كان قبل الصحابة من أتباع وأصحاب الأنبياء، ألا ترى إلى قوله تعالى: (وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)(سورة الأنفال: الآية 33).
              ويقول الله تعالى في سورة الأحزاب: (إِنَّ الَّذينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُّهِيناً)( سورة الأحزاب: الآية 57).
              إنّ الله لا يتأذّى ولكن أذى الله من أذى الرسول، وعليه فكلّ من آذى الرسول (صلى الله عليه وآله) صحابيّاً أو غيره فقد آذى الله، وهذا نظير قوله تعالى: (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ)( سورة النساء: الآية 80)، وما أكثر من آذى الرسول من الصحابة والصحابيّات، ومن أراد اليقين فليبحث فسيرى عجباً.
              ويقول الله تعالى في سورة آل عمران: (وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الُمؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلاَ وَاللهُ وَلِيَّهُمَا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المُؤْمِنونَ)( سورة آل عمران: الآيات 121 ـ 122).
              ويقول الفخر الرازي في تفسيره: «أنها نزلت في حيّين من الأنصار همّا بترك القتال في أُحد والعودة إلى المدينة أُسوة برأس النفاق عبد الله بن أُبي بن أبي سلول»(10).
              ويقول تعالى في سورة آل عمران حول معركة أُحد: (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الاَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُريدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُريدُ الآخِرَةَ...)( سورة آل عمران: الآية 152).
              ويقول كذلك: (إذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلَى أَحَد وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمّاً بِغَمٍّ لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ مَا أَصَابَكُمْ وَاللهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)( سورة آل عمران: الآية 153).
              ويقول أيضاً: (إِنَّ الَّذينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمَ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ)( سورة آل عمران: الآية 155).
              مرحى لهؤلاء الصحابة الذين يفرّون من ساحة المعركة ويتركون الرسول خلفهم والرسول يناديهم في ذلك الموقف الشديد.
              وقد ذكر الفخر الرازي في تفسيره: «أنّ عمر بن الخطاب كان من المنهزمين، إلاّ أنّه لم يكن في أوائل المنهزمين!! ومن الذين فرّوا يوم أُحد عثمان بن عفان ورجلين من الأنصار يقال لهما سعد وعقبة، انهزموا حتّى بلغوا موضعاً بعيداً ثم رجعوا بعد ثلاثة أيام فقال لهم النبيّ (صلى الله عليه وآله): لقد ذهبتم بها عريضة»(11)!
              ثم لنأت إلى سورة الجمعة ولنقرأ هذه الآية: (وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِماً قُلْ مَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)( سورة الجمعة: الآية 11).
              وقد نزلت هذه الآية في الصحابة الذين كانوا يصلون الجمعة مع رسول الله (صلى الله عليه وآله)، حتّى إذا دخل دحية الكلبي ـ وكان مشركاً ـ المدينة بتجارة من الشام فترك الصحابة المسجد وخرجوا إليه ولم يبق معه (صلى الله عليه وآله) إلاّ اثنا عشر رجلاً على رواية، حتّى قال النبي (صلى الله عليه وآله) فيهم: «لو اتّبع آخرهم أوّلهم لالتهب الوادي عليهم ناراً»(12).
              ونأتي إلى سورة التحريم حيث ترى عجباً، إذ فضحت هذه السورة زوجتين من زوجات الرسول وهما عائشة وحفصة، حيث جاء في سبب نزولها أن الرسول (صلى الله عليه وآله) كان يأتي زينب بنت جحش ويأكل عندها عسلاً، فاتفقت عائشة مع حفصة على أن تقولا للرسول (صلى الله عليه وآله) إنّ فيك رائحة مغافير (الثوم)، وهكذا كان إلى أن قال الرسول (صلى الله عليه وآله): «لقد حرّمتُ العسل على نفسي»، فنزلت سورة التحريم ومنها قوله تعالى: (إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاَهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالمَلاَئِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ)( سورة التحريم: الآية 4).
              وصالح المؤمنين كما رواه البعض هو علي بن أبي طالب (عليه السلام)(13).
              ومعنى صغت كما قال الفخر الرازي في تفسيره: مالت عن الحقّ.


              تعليق


              • #8
                ومعنى صغت كما قال الفخر الرازي في تفسيره: مالت عن الحقّ.
                وتواصل السورة: (عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِمَات مُؤْمِنَات قَانِتَات تَائِبَات عَابِدَات سَائِحَات ثَيِّبَات وَأَبْكَاراً)( سورة التحريم: الآية 5).
                فالله يقول لعائشة وحفصة لا تظنّا أنكما أفضل النّساء لانكما زوجتا الرسول، بل يستطيع الله أن يبدله نساءاً خيراً منكنّ.
                ثم يقارن الله تعالى عائشة وحفصة بامرأة نوح وامرأة لوط ليحذّرهنّ أنّ كونهما زوجتين لمحمّد (صلى الله عليه وآله) لا يدرأ عنهما عذاب النار ولا يجعلهنّ بالضرورة من أهل الجنة، يقول تعالى: (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَةَ نُوح وَامْرَأَةَ لُوط كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلاَ النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ)( سورة التحريم: الآية 10).
                ثم يأتي علماء أهل السنة بعد كلّ هذه الأدلة ليقولوا: إنّ عائشة أحبّ النّاس لرسول الله (صلى الله عليه وآله) والويل لمن يقول غير ذلك!(14).
                ثم تعال معي إلى سورة النور، حيث يقول العزيز الحكيم: (إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بالاِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لاَ تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الاِثْمِ وَالَّذي تَوَلّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ)( سورة النور: الآية 11).
                فتأمّل قوله تعالى: (عُصْبَةٌ مِنْكُمْ)، ألا يعني ذلك أنهم داخلون في دائرة الصحابة، وقد ورد في التفاسير أنّ الذين جاؤوا بالإفك (اتهام عائشة) هم زيادة على رأس النفاق عبد الله بن أبي سلول، حسان بن ثابت شاعر الرسول (صلى الله عليه وآله) والإسلام ، وزيد بن رفاعة ومسطح بن أُثاثة وحمنة بنت جحش(15).
                وقد يدّعي الكثير من البسطاء أنّ هذه فضيلة لعائشة حيث برّأها الله وأنزل فيها قرآناً من فوق سماواته، لكن من يتأمّل الحالة جيّداً يجد أنّ الاية نزلت لتبرأة ساحة النبي الاعظم (صلى الله عليه وآله) وتنزيهه، ولو كانت عائشة زوجة لغير رسول الله ما كان ينزل فيها حرف واحد، لانّ الله تعالى بيّن أحكامه وأحكام السرقة والخمر وغيرها في كتابه، لكن نظراً لحساسية موقع رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومنزلته العظمية برأ الله ساحته ونزّهها.
                ويقول الله تعالى في سورة الأنفال: (مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتّى يُثْخِنَ فِي الأرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ لَوْلاَ كِتَابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظيمٌ)( سورة الأنفال: الآيات 67 ـ 68).
                في هذه الآيات خطاب شديد للصحابة الذين حاربوا في بدر لأنهم أخذوا أسرى، وليس هذا من شأن الرسول (صلى الله عليه وآله) كما ليس من شأن الأنبياء السابقين، لكن الله سمح لهم بعد ذلك بأخذ الفداء، والعجيب أنّ كثيراً من المفسّرين أدخلوا الرسول (صلى الله عليه وآله) في هذا التهديد مع أنّ ظاهر الآية واضح في مخاطبة الصحابة، ثم أنّ رسول الله ما كان ليقوم بفعل أو قول دون إذن الله فلماذا يدخل في دائرة التهديد؟! نعم هذا ما فعلته أيدي بني أُمية الحاقدة على النبيّ (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته فينطبق عليهم قول الله تعالى: (يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ)( سورة المائدة: الآية 41).
                وتقرأ في سورة الأنعام هذه الآية: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللهُ...)( سورة الأنعام: الآية 93)(16).
                وفي قول نزلت هذه الآية في عبد الله بن سعد بن أبي سرح أخو عثمان بن عفان والذي أهدر النبي (صلى الله عليه وآله) دمه لأنّه قال إنني أستطيع أن أقول مثل ما أنزل الله، والعجيب أنّ هذا الأفّاك الأثيم يصبح في زمن عثمان أحد وزراء الدولة وقادة الجيش؟!
                هذا غيض من فيض، ولولا أنّ المجال لا يتّسع لأكثر من هذا لأتينا على كلّ الآيات النازلة في شأن الصحابة والتي كانت تفضح بعضاً منهم أو تُقرّع البعض الآخر أو تهدّدهم وتتوعّدهم.
                وهكذا ترى أنّ القرآن يضع الصحابة في محلّهم الطبيعي.
                والعجب أنّ علماء أهل السنّة كما أشرنا إلى ذلك سابقاً يزعمون أنّ الله والقرآن عدّلا الصحابة جميعاً، وعليه إنّ أيّ قدح في أيّ واحد منهم هو خروج عن الإسلام وزندقة، فها هو القرآن يكذّب آراءهم النابعة من الهوى ويقول غير ما قالوا، ولا كلام بعد كلام الله وإن كره الكارهون.
                ثمّ دعنا من الصحابة ولنأت إلى أشرف ولد آدم وأفضل رسل الله ورأس أُولي العزم (عليهم السلام) حيث إنّه (صلى الله عليه وآله) لم يكتسب تلك المنزلة العظيمة بالأماني بل بأعماله، وها هو القرآن يشير إلى هذه الحقيقة قائلاً: (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الخاسِرِينَ)( سورة الزمر: الآية 65).
                وحاشا رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يشرك، لكن هذا هو مقياس الله، لا مجاملة ولا محاباة مع أيّ أحد في أحكامه وشرائعه.
                ثم انظر إلى قوله تعالى في سورة الحاقة: (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلَ لأََخَذْنَا مِنْهُ بِاليَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الوَتِينَ)( سورة الحاقة: الآيات 44 ـ 46).
                فليس معنى كون الرسول (صلى الله عليه وآله) نبيّاً يحجزه عن العقاب إذا خرج عن حدود الله، فما بالك بعد هذا بالصحابة؟!
                إنّ الصحابة هم أوّل المكلّفين في الإسلام وأوّل المسؤولين.
                فهم إذن تحت الشرع وليسوا فوقه، وليس عندهم جواز عبور إلى الجنّة، هيهات ليس الأمر بالأماني.
                إنّ الصحابة في موضع خطير حيث أنّ الرسول (صلى الله عليه وآله) كان بين أظهرهم ولا حجّة لمن تعدّى حدود الله منهم غداً يوم القيامة، فقد شاهدوا نور النبوّة وآيات الله نزلت بينهم وقد تمت عليهم الحجّة والويل لمن لم يُنجِه كلّ ذلك.

                رأي الرسول (صلى الله عليه وآله) في الصحابة :
                بعد استعراضنا لكثير من الآيات الموضحة والمبيّنة لرأي القرآن في الصحابة، نأتي الآن لنرى رأي الرسول (صلى الله عليه وآله) في أصحابه.
                نفتح صحيح البخاري ونقرأ: عن عقبة (رضي الله عنه) أنّ النبي (صلى الله عليه وآله) خرج يوماً فصلّى على أهل أُحد صلاته على الميّت ثم انصرف على المنبر فقال: «إنّي فرط لكم وأنا شهيد عليكم وإنّي والله لأنظر إلى حوضي الآن، وإنّي أُعطيتُ مفاتيح خزائن الأرض أو مفاتيح الأرض، وإنّي والله ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي، ولكن أخاف عليكم أن تنافسوا فيها»(17).
                وجاء هذا الحديث بألفاظ أُخرى منها هذا الحديث التالي: عن أبي هريرة عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: «بينا أنا قائم إذا زمرة حتّى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال هلمّ، فقلت: أين؟ قال: إلى النار والله، قلت وما شأنهم؟ قال: إنهم ارتدّوا بعدك على أدبارهم القهقرى، ثم إذا زمرة حتّى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال: هلمّ، قلت: أين؟ قال: إلى النار والله، قلت ما شأنهم؟ قال: إنّهم ارتدّوا بعدك على أدبارهم القهقرى، فلا أراه يخلص منهم إلاّ مثل هَمَلِ النَّعم»(18).
                فإذا نظرت إلى الحديث الأوّل ترى أنّ الرسول (صلى الله عليه وآله) قال: «وأنا شهيد عليكم» أي على أفعال أصحابه، وهذا يذكرنا بقول عيسى بن مريم (عليه السلام) حيث قال: (... وكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ)( سورة المائدة: الآية 117).
                فالرسول (صلى الله عليه وآله) ليس مسؤولاً عن أفعال أصحابه بعد حياته.
                ثم انظر إلى قوله (صلى الله عليه وآله): «لكن أخاف عليكم أن تنافسوا فيها».
                نعم هكذا كان، حيث صار الصحابة بعد فتح البلدان من أغنى الناس كطلحة والزبير وغيرهما، ولهذا حاربوا علىّ بن أبي طالب (عليه السلام) لأنّه كان أشد الناس في الحق بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله).
                وتأمّل هذه المفردة في الحديث (حتّى إذا عرفتهم) وهذا يعني أنهم عاشوا مع الرسول (صلى الله عليه وآله) وليسوا أفراداً من أُمّته متأخرين أو المنافقين كما يدّعى البعض.
                ثم تأمّل هذه المفردة (إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى).
                نعم هكذا كان، وانظروا كتب التواريخ وما فعله كثير من الصحابة من كنز الأموال وقتل النفوس وتعطيل حدود الله وتغيير سنّة الرسول (صلى الله عليه وآله) لترى عجباً!!

                مخالفات الصحابة للرسول (صلى الله عليه وآله):
                إنّ الباحث المتجرّد سيكتشف أنّ الصحابة هم أوّل من خالف الله ورسوله ولم يكونوا جميعاً مطيعين متهالكين في طاعته (صلى الله عليه وآله) كما يدّعي البعض، وإليك غيض من فيض من هذه المخالفات:
                عن البراء بن عازب (رضي الله عنه) قال: «جعل النبي (صلى الله عليه وآله) على الرجّالة يوم أُحد ـ وكانوا خمسين رجلاً ـ عبد الله بن جبير فقال: إن رأيتمونا تخطفنا الطير فلا تبرحوا مكانكم هذا حتّى أرسل إليكم، وإن رأيتمونا هَزمنا القوم وأوطأناهم فلا تبرحوا حتّى أرسل إليكم، فهزموهم (هزيمة المشركين)، قال فأنا والله رأيت النساء يشتددن قد بدت خلاخلهنّ وأسوُقُهنّ رافعات ثيابهنّ، فقال أصحاب عبد الله بن جبير: الغنيمة أيْ قوم الغنيمة، ظَهرَ أصحابكم فما تنتظرون، فقال عبد الله بن جبير: أنسيتم ما قال لكم رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ قالوا: والله لنأتيّن الناس فلنصيبنّ من الغنيمة، فلمّا أتوهم صرفت وجوههم فأقبلوا منهزمين، فذاك إذ يدعوهم الرسول في أُخراهم، فلم يبق مع النبيّ (صلى الله عليه وآله) غير اثني عشر رجلاً فأصابوا منّا سبعين»(19).
                أُنظر إلى هؤلاء الصحابة يخالفون أوامر الرسول (صلى الله عليه وآله) علانية حتّى تسببوا في هزيمة المسلمين وشهادة خيار الصحابة كمصعب بن عمير وحمزة وغيرهما، ولو لم ينزلوا من الجبل لكانت معركة أُحد الضربة القاضية للمشركين، ولما تجّرأوا بعدها على خوض حروب أُخرى ضد الرسول (صلى الله عليه وآله) كغزوة الخندق وغيرها.
                ويا ليته كان فرارهم الأوّل بعد هزيمتهم، لكن أعادوا نفس الفعلة في غزوة حنين.
                وإليك حادثة أُخرى وقعت قبل أربعة أيام من وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله)، وهي المعروفة برزيّة يوم الخميس: عن ابن عباس قال: «يومُ الخميس وما يوم الخميس، ثم بكى حتّى خضب دمعه الحَصْبَاء، فقال: اشتدّ برسول الله (صلى الله عليه وآله) وجعه يوم الخميس فقال: ائتوني بكتاب أكتب لكم كتاباً لن تضلّوا بعده أبدا، فتنازعوا ـ ولا ينبغي عند نبيّ تنازع ـ فقالوا: هَجَر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، قال: دعوني فالذي أنا فيه خير ممّا تدعوني إليه، وأوصى عند موته بثلاث: أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم ونسيت الثالثة»(20).
                مرحى لهؤلاء الصحابة يأمرهم الرسول فيقولون إنّ النبيّ يهجر (يخرّف)!! ولا يطيعونه حتّى يُعرض عنهم.
                ويا حسرة على ذلك الكتاب الذي لم يُكتَب والذي قال عنه الرسول (لَنْ تضلّوا بعده) ولو فعل الصحابة ما أُمروا به لما اختلف مسلمان إلى يوم القيامة، فانظر إلى ما جناه علينا الصحابة من الضلال وما حرمونا منه.
                حديث آخر فخذه: «عن عليّ (رضي الله عنه) قال: بعث النبي (صلى الله عليه وآله) سريّة وأمّر عليهم رجلاً من الأنصار وأمرهم أن يُطيعوه، فغضب عليهم وقال: أليس قد أمر النبيّ (صلى الله عليه وآله)أن تطيعوني؟ قالوا: بلى، قال: عزمتُ عليكم لما جمعتم حطباً وأوقدتم ناراً ثم دخلتم فيها، فجمعوا حطباً فأوقدوا، فلمّا همّوا بالدخول نظر بعضهم إلى بعض قال بعضهم: إنمّا تبعنا النبي (صلى الله عليه وآله) فراراً من النار أفندخلها؟ فبينما هم كذلك إذ خمدت النار وسكن غضبه، فذكر للنبي (صلى الله عليه وآله) فقال: لو دخلوها ما خرجوا منها أبداً إنّما الطاعة في المعروف»(21).
                انظر إلى هذا الأمير المتلاعب كيف يأمر الصحابة بالهلاك وسوء العاقبة في الدنيا والآخرة، وانظر استنكار الرسول (صلى الله عليه وآله) لذلك الفعل وما قاله.
                والأعجب من هذا كلّه أنك تجد في كتب وصحاح أهل السنّة أحاديث في الطاعة ما أنزل الله بها من سلطان، بل مخالفة لصريح القرآن والفطرة الإنسانيّة مثل هذا الحديث الآتي: عن أنس بن مالك (رضي الله عنه) قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : اسمعوا وأطيعوا وإن أستُعمِل عليكم عبد حبشي كأنّ رأسه زبيبة»(22).
                نقول: أوّلاً: حاشى لرسول الله أن تصدر منه هكذا أوصاف في حقّ عباد الله، وهو الذي وصفه الله تعالى بالخُلق العظيم ولا يعيّر الرسول أحداً من الخلق ولا يقول رأس فلان ككذا ولا غيرها.
                وثانياً: أليس الله تعالى يقول: (وَلاَ تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمْ النَّارُ ...)( سورة هود: الآية 113).
                فالله ينهي عن طاعة الظالمين فكيف يأمر بها نبيّه؟!
                نعم، إن معاوية وملوك بني أُمية وبني العباس وضعوا هذه الأحاديث حتّى لا يخرج عليهم أحد ولا ينهاهم مسلم، وهل يريد الحكّام الظالمون أكثر من ذلك؟!
                وتعالَ إلى حديث آخر شبيه بالسابق:
                قال (صلى الله عليه وآله): «من رأى من أميره شيئاً فكرهه فليصبر، فإنّه ليس أحد يفارق الجماعة شبراً فيموت إلاّ مات ميتة جاهليّة»(23).
                إنّ هذا الحديث كذب صريح، وإلاّ لو كان صحيحاً فلماذا خالفه الصحابة أنفسهم، أليس قد فارق علي بن أبي طالب جماعة المسلمين ولم يبايع أبا بكر إلاّ بعد ستة أشهر؟ أليس قد خالفت عائشة هذا الحديث وخرجت على عليّ في حرب الجمل مع طلحة والزبير؟! أليس قد فارق عبد الله بن عمر الجماعة ولم يبايع عليّاً طيلة خلافته ثم بايع بعد ذلك يزيد وعبد الملك بن مروان؟!
                وهناك حديث آخر يعارض هذه الأحاديث، يقول: عن عبد الله عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: «السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحبّ أو كره ما لم يُؤمَر بمعصية، فإن أُمر بعصية فلا سمع ولا طاعة»(24).
                وإليك فعلة شنيعة أُخرى اقترفها صحابي ابن صحابي:
                عن أسامة بن زيد بن حارثة قال: «بعثنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى الحُرقة (قبيلة) من جُهينة، قال فصبّحنا القوم فهزمناهم، قال ولحقتُ أنا ورجل من الأنصار رجلاً منهم، قال: فلمّا غشيناه قال لا إله إلاّ الله، قال: فكفّ عنه الأنصاري فطعنتُهُ برمحي حتّى قتلتُه، قال: فلمّا قدمنا بلغ ذلك النبي (صلى الله عليه وآله)، قال: فقال لي: يا أُسامة أقتلْتَهُ بعدما قال لا إله إلا الله، قال: قلتُ: يا رسول الله إنّما كان متعوّذاً (أي قالها خوفاً من القتل لا إيماناً) قال: أقتلته بعد أن قال لا إله إلا الله؟ قال: فما زال يكرّرها علىّ حتّى تمنّيتُ أني لم أكن أسلمتُ قبل ذلك اليوم»(25).
                والواقع أنّ الإنسان لا يجد ما يعلق عليه في هذه الحادثة، لذا نتركها للقارئ.
                وإليك حادثة أُخرى: عن أبي هريرة قال: «شهدنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال لرجل ممّن يدّعي الإسلام: هذا من أهل النار، فلمّا حضر القتال قاتل الرجل قتالاً شديداً فأصابته جراحة، فقيل: يا رسول الله الذي قلت إنّه من أهل النار فإنّه قد قاتل اليوم قتالاً شديداً وقد مات، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): إلى النار، قال: فكاد بعض الناس أن يرتاب، فبينما هم على ذلك إذ قيل: إنّه لم يمت ولكن به جراحاً شديداً، فلمّا كان من اللّيل لم يصبر على الجراح فقَتل نفسه، فأخبر النبيّ (صلى الله عليه وآله) بذلك فقال: الله أكبر إني عبد الله ورسوله، ثم أمر بلالاً فنادى بالناس...»(26).
                هذا رجل مسلم، صحب النبي (صلى الله عليه وآله) وغزا معه، والله أعلم كم غزوة شارك فيها، ولم يكفر بالله ولم يرتدّ لكنّه من أهل النار لأنّه انتحر ولم يصبر على الجراح، فكيف يقال: إنّ جميع الصحابة عدول؟!
                نكتفي بهذا القدر اليسير من مخالفات الصحابة لله ولرسوله وننتقل إلى بحث آخر وهو: رأي الصحابة في بعضهم البعض.

                رأي الصحابة في بعضهم البعض :
                إنّ الذي يمنعنا اليوم من مجرّد ذكر حقائق وأفعال بعض الصحابة ـ التي أثبتها الله ورسوله ويدّعي أنّ ذلك طعن بالصحابة ويتهمنا بسب وشتم جميع الصحابة ـ لا يدري أنّ الصحابة أنفسهم شتم بعضهم بعضاً ولعن بعضهم بعضاً وقاتل بعضهم بعضاً، فهل «حلال عليهم، حرام علينا؟!».
                وإليك بعض الأمثلة على ذلك: عن عامر بن سعد بن أبي وقّاص عن أبيه قال: «أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً فقال: ما منعك أن تسب أبا التراب؟! فقال: أمّا ما ذكرتُ ثلاثاً قالهنّ له رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلن أسبّه لان تكون لي واحدة منهنّ أَحبّ إلىَّ من حُمر النِّعم. سمعتُ رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول له وقد خلّفه في بعض مغازيه فقال له عليّ: يا رسول الله خلّفتني مع النساء والصبيان فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبوّة بعدي، وسمعته يقول يوم خيبر: لأعطينّ الراية رجلاً يُحبّ اللهَ ورسولَه ويحبّه اللهُ ورسولُه، قال فتطاولنا لها فقال: ادعوا لي عليّاً، فأُتي به أرمد فبصق في عينه ودفع الراية إليه ففتح الله عليه، ولمّا نزلت هذه الآية: (فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ)( سورة آل عمران: الآية 61) دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً فقال: اللّهم هؤلاء أهلي»(27).
                ونحن نستخلص من شهادة سعد بن أبي وقاص هذه أشياء:
                أولاً: لو كان سبّ الصحابي كفراً فما بال معاوية بن هند يأمر الصحابة ومن ضمنهم سعداً بسبّ علي بن أبي طالب؟! وما بال بني أُميّة اتخذوا سبّ علي بن أبي طالب سنّة، حتّى كانوا يلعنونه على المنابر طيلة سبعين سنة.
                ثانياً: ثبت عن الصحابة أنّ المقصود من أهل البيت النبويّ ليس زوجات الرسول بل هم: علي وفاطمة وحسن وحسين وفيهم نزلت آية التطهير حيث يقول تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ وُيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)(سورة الأحزاب: الآية 33). فالقرآن نزل بين الصحابة وما كانت لتخفى عليهم مقاصد هذه الآية.
                وثالثاً: يتبيّن كذب أحاديث قيلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومنها هذا الحديث التالي: عن محمد بن إسحاق عن يونس بن محمد عن إبراهيم بن سعد عن عبيدة بن أبي رائطة عن عبد الرحمان عن عبد الله بن مغفّل قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الله الله في أصحابي لا تتخذوهم غرضاً بعدي، فمن أحبّهم فبحبّي أحبّهم ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن آذاهم فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ومن آذى الله فيوشك أن يأخذه»(28).
                فإذا صحّ الحديث فمعاوية ـ وهو صحابي درجة مائة ـ كان يسبّ عليّاً وما أدراك ما علي ويأمر بسبّه; وعليّ (عليه السلام) قال فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله) : «لا يحبّك إلاّ مؤمن ولا يبغضك إلاّ منافق»(29).
                وإليك مثال آخر على رأي الصحابة في بعضهم البعض: عن جابر قال: «صلّى معاذ بن جبل الأنصاري بأصحابه صلاة العشاء فطوّل عليهم، فانصرف رجل منّا، فصلّى، فأُخبر معاذ عنه فقال: إنّه منافق، فلمّا بلغ ذلك الرجل دخل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأخبره ما قال معاذ، فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله) «أتريد أن تكون فتّاناً يا معاذ؟ إذا صلّيت بالناس فاقرأ بالشمس وضحاها وسبّح اسم ربّك الأعلى واللّيل إذا يغشى واقرأ باسم ربّك»(30) وتعليقاً على الحديث نقول: انظر إلى معاذ وهو يرمي أحد المسلمين بالنفاق لأنه لم يُطق تطويله وتأمّل لوم الرسول (صلى الله عليه وآله) لمعاذ.
                كذلك أمر عمر بن الخطاب رجال السقيفة بأن يقتلوا سعد بن عبادة لانّه خالف ما اتفقوا عليه ، وهكذا الأمثال عديدة ، فمن شاء فليحقّق في الصحاح وكتب السيرة.
                ورسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: «من قال لأخيه: يا كافر، فقد باء بها أحدهما»(31).
                وإليك مثالاً آخر: «عن جابر (رضي الله عنه) قال: غزونا مع النبيّ (صلى الله عليه وآله) وقد ثاب معه ناس من المهاجرين حتّى كثروا، وكان من المهاجرين رجل لعّاب فكسع أنصاريّاً فغضب الأنصاري غضباً شديداً حتّى تداعوا، وقال الأنصاري: ياللأنصار، وقال المهاجريّ: يا للمهاجرين، فخرج النبيّ (صلى الله عليه وآله) فقال: ما بال دعوى أهل الجاهليّة، ثم قال: ما شأنهم؟ فأُخبر بكسعة المهاجريّ الأنصاري، قال فقال النبي (صلى الله عليه وآله): دعوها فإنّها خبيثة.
                وقال عبد الله بن أُبي بن سلول: قد تداعوا علينا لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنّ الأعزّ منها الأذلّ، فقال عمر: ألا نقتل يا رسول الله هذا الخبيث لعبد الله، فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله): لا يتحدّث الناس أنّه كان يقتل أصحابه»(32).
                فهاهم المهاجرون والأنصار يختلفون ويكادون يتقاتلون، حتّى وصل الأمر أن يستغلّ هذه الفرصة رأس المنافقين فيقول ما قال.
                ولنتصور مدى تألّم قلب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو يرى أصحابه يرفعون شعارات قبليّة، أليست هذه إذاية للرسول (صلى الله عليه وآله)؟!
                ثم تأمّل قوله (صلى الله عليه وآله) حيث قال: «لا يتحدث الناس أنه كان يقتل أصحابه»، فنفهم منه أنّ المنافقين بعكس ما يقول علماء أهل السنّة كانوا داخلين في دائرة الصحابة وما كان أكثرهم حتّى أن الله تعالى أنزل سورة كاملة باسمهم(33) وقال تعالى فيهم في سورة التوبة: (وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ المَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ...)( سورة التوبة: الآية 101) فمن هم يا تُرى أولئك المنافقون الذين لا يعلمهم الرسول (صلى الله عليه وآله)؟! سنعرفهم يوم القيامة إن شاء الله تعالى.

                تعليق


                • #9
                  1 - وورد في النهج أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه لما استشار عليا رضي الله عنه عند انطلاقه لقتال فارس وقد جمعوا للقتال ، أجابه : ( إن هذا الأمر لم يكن نصره ولا خذلانه بكثرة ولا قلة ، وهو دين الله تعالى الذي أظهره ، وجنده الذي أعده وأمده ، حتى بلغ مابلغ وطلع حيثما طلع ، ونحن على موعد من الله تعالى حيث قال عز اسمه { وعد الله الذين آمنوا } وتلى الآية ، والله تعالى منجز وعده وناصر جنده ، ومكان القيم بالأمر في الإسلام مكان النظام من الخرز فإن انقطع النظام تفرق الخرز ، ورب متفرق لم يجتمع ، والعرب اليوم وإن كانوا قليلاً فهم كثيرون بالإسلام عزيزون بالإجتماع ، فكن قطباً ، واستدر الرحى بالعرب وأصلهم دونك نار الحرب ، فإنك إن شخصت من هذه الأرض انقضت عليك من أطرافها وأقطارها ، حتى يكون ما تدع وراءك من العورات أهم إليك مما بين يديك . إن الأعاجم إن ينظروا إليك غداً يقولوا : هذا أصل العرب فإذا قطعتموه استرحتم ، فيكون ذلك أشد لكَلَبِهم عليك وطمعهم فيك . فأما ماذكرت من مسير القوم إلى قتال المسلمين فإن الله سبحانه وتعالى هو أكره لمسيرهم منك ، وهو أقدر على تغيير ما يكره . وأما ماذكرت من عددهم فإنا لم نكن نقاتل فيما مضى بالكثرة ، وإنما كنا نقاتل بالنصر والمعونة )[ - نهج البلاغة ص257 ، 258 شرح محمد عبده / دار الأندلس للطباعة والنشر والتوزيع / بيروت]. انتهى بلفظه .

                  فتدبر منصفاً لهذا الثناء والحب والخوف على عمر من علي رضي الله عنه فأين ذلك كله ممن يكفر عمر رضي الله عنه ويسبه .

                  2 - وأيضا في النهج لما استشار عمر بن الخطاب عليا رضى الله عنهما في الخروج إلى غزوة الروم ، قال : ( وقد توكل الله لهذا الدين بإعزاز الحوزة ، وستر العورة ، والذي نصرهم وهم قليل لا ينتصرون ، ومنعهم وهم قليل لا يمتنعون ، حي لا يموت ، إنك متى تسر إلى هذا العدو بنفسك ، فتلقهم فتنكب ، لاتكن للمسلمين كانفة دون أقصى بلادهم ، ليس بعدك مرجع يرجعون إليه . فابعث إليهم رجلاً مجرباً ، واحفز معه أهل البلاء وإلنصيحة ، فإن أظهر الله فذاك ما تحب ، وإن كانت الأخرى ، كنت ردْءاً للناس ومثابة للمسلمين )[ نهج البلاغة ص246،247. شرح محمد عبده / دار الاندلس لملطباعة والنشر والتوزيع .].

                  تأمل يا أخي المسلم والمنصف قوله كنت ردءا للناس ومثابة للمسلمين فلوكان عمر رضي الله عنه كافراً مرتداً لم يقل علي ردءا للناس ومثابة للمسلمين فهل علي رضي الله عنه كان يقول كلاما لا يعتقده أم أنها الحقيقة التي عميت على أهل الأهواء؟؟؟!! .

                  3 - وأورد المرتضى في النهج عن علي رضي الله عنه من كتابه الذي كتبه إلى معاوية رضي الله عنهما : ( إنه بايعني القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان ، على مابايعوهم عليه ، فلم يكن للشاهد أن يختار ولا للغائب أن يرد ، وإنما الشورى للمهاجرين والأنصار ، فإن اجتمعوا على رجل وسموه إماماً كان ذلك لله رضى فإن خرج منهم خارج بطعن أو بدعة ردوه إلى ماخرج منه فإن أبى قاتلوه على اتباعه غير سبيل المؤمنين ، وولاه الله ما تولى )[ نهج البلاغة ص 446. شرح محمد عبده / دار الاندلس لملطباعة والنشر والتوزيع .].

                  وهنا يستدل الإمام على رضي الله عنه على صحة خلافته وانعقاد بيعته بصحة بيعة من سبقه ، وهذا يعني بوضوح أن عليا رضي الله عنه كان يعتقد بشرعية خلافة أبى بكر وعمر وعثمان ، كما يذكر في هذا النص الواضح في معناه والذي كتبه إلى معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه ، بأن الإمامة والخلافة تنعقد باتفاق المسلمين واجتماعهم على شخص ، وخاصة في العصر الأول باجتماع الأنصار والمهاجرين فإنهم اجتمعوا على أبى بكر وعمر ، فلم يبق للشاهد أن يختار ، ولا للغائب أن يرد .

                  4 - وفى النـهج أيضـا - عن علي رضي الله عنه ( لله بلاء فـلان لقـد قـوم الأود ، وداوى العمد ، وأقام السنة ، وخلف البدعة ، وذهب نقي الثوب ، قليل العيب ، أصاب خيرها واتقى شرها ، أدى لله طاعة واتقاه بحقه ، رحل وتركهم في طرق متشعبة لا يهتدي إليها الضال ، ولا يستيقن المهتدي )[ نهج البلاغة ص430 شرح محمدعبده] .

                  الشرح
                  لله بلاء فـلان : ( لله بلاد فلان ) وقال شارح نهج البلاغة الشيعي المعتزلى (ابو الحديد) في ج 12ص3 .( أي لله ما صنع فلان ، والمكنى عنه عمر بن الخطاب ، (وقال ابو الحديد) : وقد وجدت النسخة التي بخط الرضى أبي الحسن جامع نهج البلاغة وتحت فلان عمر ) .
                  ويقول ابو الحديد في شرحه لنهج البلاغة : سألت عنه النقيب أبا جعفر يحيى بن أبي زيد العلوي فقال لي هو عمر بن الخطاب ، فقلت له : أيثني عليه أمير المؤمنين هذا الثناء ؟ فقال : نعم ، ويقول أيضا في ج 2 ص 4 : اذا اعترف أمير المؤمنين بأنه اقام السنة وذهب نقي الثوب قليل العيب وأنه أدى إلى الله طاعته واتقاه بحقه فهذا غاية مايكون المدح .
                  لقـد قـوم الأود : الأود : العوج
                  وداوى العمد : العمد بالتحريك : العله ، انظر صبحي الصالح في تعليقه على نهج البلاغة ص671

                  وقد حذف الشريف صاحب النهج حفظا لمذهبه لفظ ( أبي بكر أو عمر ) وأثبت بدله (فلان ) ، ولهذا الإبهام اختلف الشراح فقال البعض هو أبو بكر والبعض عمر ، ورجح الأكثر الأول وهو الأظهر ، فقد وصفه من الصفات بأعلى مراتبها فناهيك به وناهيك بها ، وغاية ما أجابو أن هذا المدح كان من الإمام لاستجلاب قلوب الناس لإعتقادهم بالشيخين أشد الإعتقاد ولايخفى على المنصف أن فيه نسبة الكذب لغرض دنيوي مظنون الحصول ، بل كان اليأس منه حاصلا قاطعا ، وفيه تضييع غرض الدين بالمرة ، فحاشا لمثل الإمام أن يمدح مثلهما [أي إلا من اعتقاد بصدق ما يقوله]، لو كانا كما يزعمون ، وأيضا أية ضرورة تلجأه إلى هذه التأكيدات والمبالغات ؟ وأيضا في هذا المدح العظيم الكامل تضليل الأمة وترويج الباطل ، وذلك محال من المعصوم - حسب اعتقاد الشيعة - بل كان الواجب عليه بيان الحال لما بين يديه ، فانظر وأنصف .

                  وقد احتار الإمامية الإثنا عشرية بمثل هذا النص ، لأنه في نهج البلاغة وما في النهج عندهم قطعي الثبوت ، وصور شيخهم ميثم البحراني[- ميثم بن علي البحراني ( كمال الدين ) من شيوخ الإمامية ، من أهل البحرين ، من كتبه : (شرح نهج البلاغة ) ، توفي في البحرين سنة 679 س (معجم المؤلفين :13/55) .] ذلك بقوله : ( واعلم أن الشيعة قد أوردوا هنا سؤالا فقالوا : إن هذه الممادح إلتي ذكرها . في حق أحد الرجلين تنافي ما أجمعنا عليه من تخطئتهما وأخذهما لمنصب الخلافة ، فإما أن لا يكون هذا الكلام من كلامه رضي الله عنه ، وإما أن يكون إجماعنا خطأ ) . ثم حملوا هذا الكلام على التقية وأنه إنما قال هذا المدح - من أجل ( استصلاح من يعتقد صحة خلافة الشيخين . واستجلاب قلوبهم بمثل هذا الكلام )[ ميثم البحراني/ شرح نهج البلاغة : 4/98] . أى : إن عليا رضي الله عنه - في زعمهم - أظهر لهم خلاف ما يبطن ! ونحن نقول أن قول علي رضي الله عنه هو الحق والصدق ، وهو الذي لا يخاف في الله لومة لائم [أصول مذهب الشيعة / د ناصر القفاري ص 764 .].


                  نسأل الله لهم الهداية

                  حتى كتبهم التي تخالف هواهم ومعتقدهم خالفوها مع العلم أن نهج البلاغة من الكتب الصحاح عندهم

                  تعليق


                  • #10
                    كذلك تسابّ خالد بن الوليد وعبد الرحمن بن عوف أمام رسول الله (صلى الله عليه وآله) أفحش خالد بن الوليد لعمّار بن ياسر(34) وما أدراك ما عمّار الطيب بن الطيب(35) كما وصفه رسول الله (صلى الله عليه وآله).

                    ما لاقاه الصحابة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله):
                    1- عمّار بن ياسر:
                    عمّار بن ياسر أبو اليقظان وهو صحابي جليل وقد استشهد أبواه ياسر وسميّة ـ أوّل شهيدة في الإسلام ـ بعد أن عُذِّبا وعمّار عذاباً شديداً من مشركي قريش.
                    وعمّار هو الذي نزل فيه قوله تعالى: (إلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ)(سورة النحل: الآية 106). بعدما نال من رسول الله (صلى الله عليه وآله) وذكر آلهة المشركين على رواية لشدة ما ناله من العذاب، وقد قال فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله): «عمّار تقتله الفئة الباغية»(36) وفعلاً استشهد عمّار يوم حرب صفّين بين علي بن أبي طالب (عليه السلام) ورئيس الفرقة الباغية معاوية بن هند.
                    وقبل أن يقتل «الصحابي» معاوية عمّاراً كما قتل غيره، تعرّض عمّار للضرب والشتم من عثمان ووزيره مروان بن الحكم، وإليك القصة كما أوردها ابن قتيبة في كتابه (الإمامة والسياسة): «... ثم تعاهد القوم ليدفعن الكتاب في يد عثمان، وكان ممّن حضر الكتاب عمّار بن ياسر والمقداد بن الأسود، وكانوا عشرة، فلمّا خرجوا بالكتاب ليدفعوه إلى عثمان والكتاب في يد عمار جعلوا يتسللون عن عمّار حتّى بقي وحده، فمضى حتّى جاء دار عثمان، فاستأذن عليه، فأذن له في يوم شات فدخل عليه وعنده مروان بن الحكم وأهله من بني أُميّة، فدفع إليه الكتاب فقرأه فقال له: أنت كتبت هذا الكتاب؟ قال نعم، قال: ومن كان معك؟ قال كان معي نفر تفرّقوا فَرقاً منك، قال: من هم؟ قال: لا أُخبرك بهم، قال: فلم اجترأت علىّ من بينهم؟ فقال مروان: يا أمير المؤمنين إنّ هذا العبد الأسود (يعني عمار) قد جَرّأ عليك الناس، وإنّك إن قتلته نكّلت به من وراءه، قال عثمان: اضربوه، فضربوه وضربه عثمان معهم حتّى فتقوا بطنه، فغشي عليه، فجرّوه حتّى طرحوه على باب الدار، فأمرت به أُم سلمة زوج النبي عليه الصلاة والسلام فأدخل منزلها...»(37).

                    2- أبو ذرّ الغفاري:
                    هو جندب بن جنادة من قبيلة غفار، وكان رابع من أسلم أو خامسهم بعد خديجة وعليّ وزيد بن حارثة، وقد قال فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله): «ما أظلّت الخضراء ولا أقلّت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر»(38).
                    وأبو ذرّ هذا نفاه عثمان بن عفّان إلى الشام، لكن معاوية خاف منه ومن صرامته في الحق فأرسل لعثمان كتاباً قال له فيه: انقذني من أبي ذرّ، فأرجعه عثمان وشتمه ونفاه إلى صحراء الربذة حتّى مات هناك، فصدق فيه قول الرسول (صلى الله عليه وآله): «تمشي وحدك وتموت وحدك وتُبعث وحدك»(39).
                    بل إنّ هذا الصحابي الجليل القدر لم يجد حين حضرته الوفاة كفناً يُكفّنُ فيه، في حين كان مروان بن الحكم وغيره من بني أُميّة المجرمين يتنعّمون ويبذّرون مال الله على شهواتهم، فإنا لله وإنا إليه راجعون.

                    3- سهل بن سعد الساعدي:
                    صحابي من الصحابة، وقد قال ابن الأثير في ترجمته «... وعاش وطال عمره، حتّى أدرك الحجّاج بن يوسف وامتُحن معه، أرسل الحجّاج سنة أربع وسبعين إلى سهل بن سعد (رضي الله عنه) وقال له: ما منعك من نصر أمير المؤمنين عثمان؟! قال: قد فعلته. قال: كذبت، ثم أمر به فَخُتم في عُنُقه، وخَتم أيضاً في عنق أنس بن مالك (رضي الله عنه)، حتّى ورد عليه كتاب عبد الملك بن مروان فيه، وختم في يد جابر بن عبد الله، يريد (أي الحجّاج) إذلالهم بذلك، وأن يجتنبهم الناس ولا يسمعوا منهم»(40).
                    وكما ترى فإنّ الحجّاج ومن قبله معاوية ويزيد لم يدعوا حرمة للصحابة بل ختموا على رقابهم وأيديهم كالأغنام، وقد ختم يزيد على رقاب أهل المدينة بعد أن غزاها وكان فيها من الصحابة والتابعين الكثير وشرط عليهم أن يختم عليهم وأن يشهدوا على أنهم عبيد ليزيد.
                    ولاحظ حقد الحجّاج على من لم ينصر عثمان، فما بالك بمن حارب عثمان ودعى لقتله، وقد فعل هذا كثير من الصحابة كعائشة وطلحة والزبير وعمرو بن العاص وغيرهم كثير، وبهذا تعرف لماذا صارت لعثمان فضائل كثيرة مزعومة ومثالب وشتائم لمن عارضه أو قتله أو رضي بذلك، فافهم!!
                    نكتفي بهذا القدر، ولو أردنا التوسع فيما لقيه الصحابة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) من التنكيل والتبعيد والقتل والسب والشتم لاحتاج كلّ ذلك إلى كتاب على أقل تقدير، ثم يقال بعد هذا إنّ سبّ الصحابي كفر وزندقة؟!

                    رأي التابعين في الصحابة:
                    في الواقع إنّ الباحث الفطن يكتشف أن مسألة عدالة الصحابة أجمعين أو فقل: إنّ لُغز عدالة الصحابة جميعاً هي مسألة محبوكة وموضوعة لكي تقف حجر عثرة أمام الوصول إلى الحقيقة، ولا يوجد أدنى شكّ في أنّها خطة أُمويّة أسّسها معاوية بن أبي سفيان حتّى لا يفتضح هو وأمثاله من أرثّاء وأخسّاء الصحابة وحتّى لا تصل الأُمة بعد ذلك إلى فهم القرآن الكريم وآياته ـ والتي تتضمّن طعناً بكثير من الصحابة كما أشرنا ـ وبالتالي عدم فهم السنّة الشريفة، وبعبارة أُخرى فقل: أراد معاوية الذي أسلم يوم فتح مكة ثم صار فيما بعد أميراً للمؤمنين، أراد أن لا يستغرب أحد من الأُمة هذه القفزة النوعيّة ولا تُثار الشكوك حولها، وبعبارة أدقّ قام معاوية بعمليّة خلط الأوراق حتّى لا يميّز المسلم يمينه من يساره ولا ناقته من جمله.
                    وبعد هذا الاستعراض القصير جدّاً لما شجر بين الصحابة من السب والتنابز، نأتي إلى طبقة التابعين لنرى رأي بعضهم في الصحابة.
                    لو كان كلّ الصحابة عدولاً كما يقال، فما كان هذا الأمر ليخفى على أحد مشاهير وأعلام التابعين، وهو الحسن البصري الفقيه البصري المعروف والذي أبدى رأيه في معاوية ـ الصحابي ـ صراحة حيث يقول: «أربع خصال كُنّ في معاوية ولو لم يكن فيه منهنّ إلاّ واحدة لكانت موبقة: انتزاؤه على هذه الأُمة بالسفهاء حتّى أبتزّوها أمرها بغير مشورة منهم وفيهم بقايا الصحابة وذوو الفضيلة. استخلافه ابنه ـ يقصد يزيد الشر ـ بعده سكّيراً خميراً يلبس الحرير ويضرب الطنابير. ادعاؤه زيادًا وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الولد للفراش وللعاهر الحجر. قتله حجر وأصحابه ـ يقصد حجر بن عدي الصحابي الجليل ـ ويل له من حجر وأصحابه ويل له من حجر وأصحابه»(41).
                    فهذا التابعي يشنّع على معاوية ـ الصحابي ـ أمورا منها أنه انتزى على حكم المسلمين بالقوّة والباطل رغم وجود بقية باقية من خيار الصحابة، ولم يكتف معاوية بهذا بل جعل أناساً مجرمين ولاة على الإمارات الإسلامية كتوليته زياد بن أبيه (الذي جعله أخاً له) وتولية بسر بن أرطأة السفاح وكتولية المغيرة بن شعبة والضحاك بن قيس الفهري على الكوفة وغيرهم.
                    كذلك يشنّع الحسن البصري على معاوية توليتهُ يزيداً ابنه خليفة ـ ملكاً على الأصح ـ على المسلمين مع ما اشتهر عنه من فسق وفجُور، حتّى قال فيه الحسين بن علي (عليه السلام) قولته الشهيرة عندما رفض مبايعة يزيد: «وعلى الإسلام السلام إذ بُليت الأُمة براع مثل يزيد».
                    ولا ينسى الحسن البصري حادثة قتل معاوية لحجر بن عدي الصحابي الجليل الذي دفنه حيّاً في مرج عذراء قرب دمشق مع ثلّة من أصحابه. وَسجِلّ معاوية مليء بالاغتيالات والتصفيات التي طالت حتّى كبار الصحابة فضلاً عن غيرهم. فقد سمّ الإمام الحسن بن علي (عليه السلام) ريحانة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسيّد شباب أهل الجنة، وقتل محمد بن أبي بكر وعمّار بن ياسر الذي قال فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله): «ويح عمّار تقتله الفئة الباغية»، وعلى هذا يكون معاوية رئيس الفرقة الباغية، ثمّ يأتي من يقول بعد ذلك إنّ جميع الصحابة ـ بمن فيهم معاوية ـ عدول، ثقات، مغفور لهم، مشهود لهم بالجنة وأنّ منهم من اجتهد فأصاب ومنهم من اجتهد فأخطأ كمعاوية ولهذا فله أجر واحد فقط؟!
                    اللّهم احفظ لنا عقولنا فإنّك ما كرّمت بني آدم على الدواب إلاّ بها.

                    صحابة تحت المجهر:
                    ولكي يتبيّن الصّبح لذي عينين، لنضع بعض الصحابة الذين كان لهم أعمق الأثر في أن يوجد لدينا اليوم إسلام ذو شكل عجيب وغريب لا يمتّ إلى إسلام رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأيّ صلة اللّهم إلاّ الاشتراك اللّفظي، تحت المجهر.

                    1 ـ أبو هريرة الدوسي:

                    تعليق


                    • #11
                      1 ـ أبو هريرة الدوسي:
                      أبو هريرة، وما أدراك ما أبو هريرة، راوية الإسلام الأعظم. واختُلف في اسم أبي هريرة اختلافاً شديداً، لكن طغى عليه هذا الاسم.
                      وقد أسلم هذا الرجل في السنة السابعة للهجرة بعد غزوة خيبر، يعني أنه لم يصاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلاّ مقدار ثلاث سنوات أو أقلّ، لكن العجيب أنه أكثر الصحابة رواية، حيث بلغ مجموع أحاديثه (5374) حديثاً، علماً أنّ مجموع ما رواه الخلفاء الأربعة: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي (عليه السلام) هو (1421) حديثاً، وكما يقول السيد عبد الحسين شرف الدين العاملي فإنّ نسبة حديث هؤلاء الذين طالت صحبتهم للرسول (صلى الله عليه وآله) إلى حديث أبي هريرة هو أقل من 27 في المائة (42).
                      وليت الأمر وقف عند هذا الحدّ، بل إنّ أبا هريرة يقول: «حفظت عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعاءين فأمّا أحدهما فبثثته، وأمّا الأخر فلو بثثته قُطع هذا البلعوم»(43).
                      وقد استنكر كثير من الصحابة على هذا الرجل كثرة حديثه، ومنهم عمر بن الخطاب، وحتّى قال فيه علي بن أبي طالب (عليه السلام): «إنّ أكذب الأحياء على رسول الله (صلى الله عليه وآله) لابو هريرة الدوسي»(44).
                      وحتّى تتيقّن بنفسك أيها القارئ الكريم أنّ أبا هريرة كان مخرّفا ولم يكن محدّثاً فتعال معي لنضع جزءاً يسيراً جدّاً جدّاً من أحاديثه وانظر مخالفتها للعقل أولاً وللقرآن والسنّة ثانيًا حتّى تعلم أنّ حديث أبي هريرة ليس إلاّ زخرف من الكلام ولا يمكن أن يكون كلام شخص عاقل فضلاً عن نبيّ، وإليك هذا البعض اليسير:
                      عن أبي هريرة عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: «أختتن إبراهيم (عليه السلام) وهو ابن ثمانين سنة بالقدوم»(45).
                      ربمّا لا يدري أبو هريرة أنّ الأنبياء هم أكمل خلق الله تعالى، فلا حاجة أن يختتنوا بل يولدون مختونين مقطوعي السرّة، كما كان شأن نبيّنا (صلى الله عليه وآله).
                      ثمّ لماذا يبقى إبراهيم غير مختون إلى هذا العمر المتأخّر؟!
                      عن أبي هريرة عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: «بينما أيوب يغتسل عُرياناً خرَّ عليه رجل جراد من ذهب، فجعل يحثي في ثوبه، فنادى رَبُّهُ: يا أيوّب ألم أكن أغنيتك عمّا ترى؟ قال: بلى يا ربّ ولكن لا غنى لي عن بركتك»(46).
                      تعليق: إنّ هذا الحديث متهاو من عدة وجوه:
                      أوّلاً: إذا كان أيوب (عليه السلام) يغتسل عرياناً فكيف كان يضع الجراد الذهبي في ثوبه؟!
                      ثانياً: لماذا يعاتب الله أيوّب على أخذ هذا الجراد، أليس هو الذي أنزله عليه؟! أم كان الأمر اختباراً لأيوّب؟! وإذا كان اختباراً فكيف يكون أيوّب حريصاً لهذه الدرجة على جمع الذهب؟!
                      إنّ أيوّب مدحه الله تعالى وجعله أُسوة في الصبر، وكذلك باقي الأنبياء ليس همّهم جمع الذهب والفضّة، وماذا يعني لهم الذهب والفضّة وكل كنوز الدنيا أمام طاعة الله ورضاه؟! نعم إذا كان أبو هريرة يقيس نبي الله أيوّب بنفسه فحينئذ لا نستغرب منه هذا التصرف.
                      ويمضي أبو هريرة في تطاوله على رُسل الله وأنبياءه فيقول: «قيل يا رسول الله من أكرم الناس؟! قال: أتقاهم، فقالوا: ليس عن هذا نسألك، قال: فيوسف نبيّ الله ابن نبيّ الله ابن نبي الله ابن خليل الله. قالوا: ليس عن هذا نسألك قال: فعن معادن العرب تسألون خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا»(47).
                      تعليق: ما بال القوم لا يكتفون، بقوله (صلى الله عليه وآله)«أتقاهم؟!» أليس الله تعالى يقول: (إنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُم) ؟! ثم ما معنى كرامة يوسف على الناس جميعاً حتّى على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وهل الكرامة بالنسب فقط وإذا كان كذلك فإخوة يوسف هم كذلك أبناء وأحفاد أنبياء.
                      عن أبي هريرة قال: «سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: «قرصتْ نملة نبيّاً من الأنبياء، فأمر بقرية النمل فأُحرقت، فأوحى الله إليه: أن قرصتك نملة أحرقتَ أُمّة من الأُمم تسبّح»(48).
                      تعليق: ليس هذا الذي يحكي عنه أبو هريرة بنبيّ، بل إنسان مجنون أو رجل بعقل طفل مشاغب، وهل يعمل هذا الفعل عاقل؟! نعم ربمّا قرصت نملة باليمن رِجل أبي هريرة الحافية فأحرق قرية النمل ثم نسب الحديث إلى الرسول (صلى الله عليه وآله).
                      عن أبي هريرة عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: «التثاؤب من الشيطان فإذا تثاءب أحدكم فليردّه ما استطاع، فإنّ أحدكم إذا قال ها ضحك الشيطان»(49).
                      تعليق: ما أكثر ضحك الشيطان إذاً !!
                      عن أبي هريرة قال: قال النبيّ (صلى الله عليه وآله): كل بني آدم يطعن الشيطان في جنبيه بإصبعه حين يولد غير عيسى بن مريم ذهب يطعن فطعن في الحجاب(50).
                      تعليق: لم يبيّن لنا أبو هريرة لماذا أخطأ الشيطان عيسى بن مريم؟! وما أدراه فلعلّ كثيرون أفلتوا من طعنة الشيطان؟! وعلى هذا الحديث يكون رسول الله (صلى الله عليه وآله) ممّن طعن الشيطان في جنبيه، نعم هذا ما أراد أن يقوله بنو أُميّة حقداً على الرسول والرسالة، لكن عن طريق بوقهم الكبير أبي هريرة خليل الرسول؟!
                      عن أبي هريرة: «أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) قال: إذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا الله من فضله فإنّها رأت ملكاً، وإذا سمعتم نهيق الحمار فتعوّذوا بالله من الشيطان فإنّه رأى شيطاناً»(51).
                      تعليق: الكلام موجّه إلى أهل الحديث: ما أكثر تعوّذكم في اليوم واللّيلة، اعملوا بهذا الحديث إذاً فإن راويه ثقة، أو بيعوا أحمرتكم حتّى تخلصوا من هذه الورطة، لكن ربمّا يكون ركوبكم للسيارة بدعة! فاختاروا ما شئتم.
                      عن أبي هريرة «أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) قال: إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه ثم لينزعه، فإنّ في إحدى جناحيه داء والأُخرى شفاء»(52).
                      تعليق: لم يذكر لنا أبو هريرة أي نوع من الذباب يقصد، هل الذباب الأزرق أم الذبابة اللّولبيّة أم ذبابة الـ«تسي تسي»؟!
                      عن أبي هريرة: «عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: يلقى إبراهيم أباه آزر يوم القيامة وعلى وجه آزر قترة وغبرة، فيقول له إبراهيم: ألم أقل لك لا تعصني، فيقول أبوه: فاليوم لا أعصيك، فيقول إبراهيم: يا ربّ إنّك وعدتني أن لا تخزيني يوم يبعثون، فأيّ خزي أخزى من أبي إلابعد، فيقول الله تعالى: إنّي حرّمت الجنة على الكافرين، ثم يقال له: يا إبراهيم ما تحت رجليك؟ فينظر فإذا هو بذيخ ملتطخ فيؤخذ بقوائمه فيُلقى في النار»(53).
                      تعليق: ما بال إبراهيم خليل الله ينخدع بقول أبيه أنه لا يعصيه يومذاك؟! ألم يقل الله تعالى في قصته مع أبيه (وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لاَِبِيهِ إلاّ عَنْ مَوْعِدَة وَعَدَهَا إيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ للهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إبْرَاهِيمَ لاََوَّاهٌ حَلِيمٌ)(سورة التوبة: الآية 114).
                      وما بال إبراهيم يرى حكم الله العادل خزياً؟! وما باله يدافع عن الكافرين والمشركين وهو رافع لواء التوحيد؟! وهذه إساءة أُخرى من أبي هريرة للأنبياء.
                      عن أبي هريرة «عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: من قال أنا خير من يونس بن متّى فقد كذب»(54).
                      تعليق: إذن وعلى هذا الحديث يصبح رسول الله (صلى الله عليه وآله) أقل رتبة من الأنبياء أُولي العزم، ويصبح رسول الله (صلى الله عليه وآله) متناقضاً في كلامه حيث ورد في الأحاديث أنّه (صلى الله عليه وآله) سيّد ولد آدم ولا فخر، وكذلك يصبح قول الله تعالى: (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْض)(سورة البقرة: الآية 253) لغواً.
                      وقصد معاوية وبني أُميّة من هكذا أحاديث واضح، فإنّ غايتهم هي استنقاص رسول الله الذي لم يقدروا على هزيمته وإماتة دعوته، فعمدوا بداع الحقد الذي لهم عليه (صلى الله عليه وآله) إلى وضع هكذا حديث(55) لكن الله بالمرصاد (إِنَّ الَّذينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ)(سورة الأحزاب: الآية 57).
                      عن أبي هريرة: «عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: إنّ موسى كان رجلاً حيّياً ستيراً، لا يرى من جلده شيء استحياء منه، فآذاه من آذاه من بني إسرائيل فقالوا: ما يستتر هذا التستر إلاّ من عيب بجلده، إمّا برص وإمّا أدرة وإمّا آفة، وإنّ الله أراد أن يبرّئه ممّا قالوا لموسى، فخلا يوماً وحده فوضع ثيابه على الحجر ثم اغتسل، فلمّا فرغ أقبل إلى ثيابه ليأخذها وإنّ الحجر عدا بثوبه، فأخذ موسى عصاه وطلب الحجر فجعل يقول: ثوبي حجر ثوبي حجر، حتّى انتهى إلى ملا من بني إسرائيل فرأوه عرياناً أحسن ما خلق الله وأبرأه ممّا يقولون، وقام الحجر فأخذ ثوبه فلبسه وطفق بالحجر ضرباً بعصاه، فوالله إنّ بالحجر لندباً من أثر ضربه ثلاثاً أو أربعاً أو خمساً، فذلك قوله: (يَا أَيُّهَا الَّذين آمنوا لاَ تَكُونُوا كَالذِينَ آذَوا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللهِ وَجِيهاً)»(سورة الأحزاب: الآية 69)(56).
                      تعليق: إنّ الإنسان والله يخاف أن ينزل عليه حجر من السماء لفظاعة هذا الإفك، ولا أدري هل أراد الله أن يبرّأ موسى أم أراد أن يفضحه.
                      وما معنى أن يعدو الحجر ويهرب؟! وما بال موسى يسرع وراءه كالمجنون غير آبه بأحد ولا ملتفت لحاله؟! وما باله يضرب الحجر حتّى جعل فيه أثراً؟! إنّ هذا الفعل لا يفعله مجنون قبيلة دوس التي ينتمي إليها أبو هريرة فما بالك بكليم الله ونجيّه وأحد الأنبياء أُولي العزم؟! هل يجرأ أبو هريرة الذي كان ينام في مسجد رسول (صلى الله عليه وآله) وكان من أصحاب الصفة بل من أشهرهم والذي كان يُغمى عليه من الجوع والذي كان يرافق رسول الله (صلى الله عليه وآله) لشبع بطنه، هل يجرأ أن يفعل هذا الفعل وهو هو من الحقارة والذلّة وخفاء الاسم بين جميع الصحابة؟! ولا ندري لماذا هذا الحقد من أبي هريرة على أنبياء الله؟! لكن إذا عُرف السبب بطل العجب، فإنّ بني أُميّة بدءاً بمعاوية وغيره أمروه فقال، وهل يستطيع ردّ قولهم وأمرهم وهم الذين جعلوه أميراً على المدينة المنوّرة وبنوا له فيها قصراً وكان يأكل مع معاوية ألذّ ألوان الطعام بعد أن كان مجهولاً طول عمره في اليمن يخدم الأشراف بشبع بطنه وبعد إسلامه كان ينام في المسجد ولا يجد أحداً يطعمه إلاّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبعض صحابته الكرماء؟! ألم يعزله عمر بن الخطاب عن البحرين بعد أن لعبت أصابعه في مال الله حتّى علاه عمر وأنهكه ضرباً بالدرة.
                      وليس الغريب أن يصدر هذا من أبي هريرة، لكن الغريب ممّن يأخذ منه ويتبع قوله كالبخاري ومسلم وغيرهما وبقية المسلمين!!
                      أيها المسلمون الحذر الحذر عمّن تأخذون منه دينكم، فليس كل من هبّ ودبّ بمأمون على الدين، ولعن الله زمناً صار فيه معاوية عدوّ الله ورسوله وابن عدوّ الله ورسوله وابن عدوّة الله ورسوله ملكاً أو خليفة على المسلمين، فصبّ أحقاده كلّها على الرسول والرسل والصالحين ثأراً لدم أخيه وخاله وجدّه يوم قتلوا ببدر ولعن الله زماناً صار فيه أبو هريرة الدوسي راوية الإسلام الأول يقول فيُسمع منه، وعلي بن أبي طالب وغيره من أجلاّء الصحابة مغلوبون على أمرهم. (فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ)(سورة البقرة: الآية 79).

                      2 ـ خالد بن الوليد:

                      تعليق


                      • #12
                        2 ـ خالد بن الوليد:
                        بعد أبي هريرة نتناول واحداً من كبار الصحابة، وهو خالد بن الوليد بن المغيرة، لنرى ما فعله خالد وهل كان فعله مطابقاً للقرآن والسنّة أم...؟!
                        يقول ابن الأثير في كتابه أُسد الغابة في تمييز الصحابة في ترجمة مالك بن نويرة المقتول المزنيّ بزوجته في نفس اللّيلة ما يلي: «... إلاّ أنّه لم تظهر عليه ردة (يقصد مالك بن نويرة الصحابي الجليل) وأقام بالبطاح، فلمّا فرغ خالد من بني أسد وغطفان سار إلى مالك وقدم البطاح، فلم يجد به أحداً، كان مالك قد فرّقهم ونهاهم عن الاجتماع (لو كان مالك مرتداً فعلاً لاعدّ العدّة لقتال خالد) فلمّا قدم خالد البطاح بثّ سراياه، فأُتي بمالك بن نويرة ونفر من قومه. فاختلفت السرية فيهم، وكان فيهم أبو قتادة، وكان فيمن شهد أنهم أذّنوا وأقاموا وصلّوا، فحبسهم في ليلة باردة وأمر خالد فنادى: أدفئوا أسراكم ـ وهي في لغة كنانة القتل ـ فقتلوهم (انظر إلى دهاء خالد ومكره) فسمع خالد الواعية فخرج وقد قُتلوا، فتزوّج خالد امرأته، فقال عمر لابي بكر: سيف خالد فيه رهق وأكثر عليه ، فقال أبو بكر: تأوّل فأخطأ ولا أشيم سيفاً سلّه الله على المشركين، وودّى مالكاً، وقَدِم خالد على أبي بكر فقال له عمر: يا عدوّ الله قتلت امرأً مسلماً ثم نزوت على امرأته، لارجمنّك...».
                        إلى أن يقول: «فهذا جميعه ذكره الطبري وغيره من الأئمة ويدلّ على أنّه لم يرتد، وقد ذكروا في الصحابة أبعد من هذا، فتركهم هذا عجب، وقد اختلف في ردّته، وعمر يقول لخالد: قتلت امرأً مسلماً، وأبو قتادة يشهد أنهم أذنوا وصلّوا، وأبو بكر يردّ السبي ويعطي دية مالك من بيت المال، فهذا جميعه يدلّ على أنّه (مالك) مسلم»(57) انتهى كلام ابن الأثير.
                        إنّ لنا أن نحلّل هذه الحادثة بكلّ موضوعية وبعيداً عن أي تحيّز فنقول:
                        أولاً: إنّ مالك بن نويرة رجل مسلم بشهادة عمر وأبو قتادة ولم يرتدّ.
                        ثانياً: إنّ خالد بن الوليد أراد قتله لكي يظفر بزوجته وكانت من أجمل نساء العرب، ولهذا قال مالك قبل قتله هذه التي قتلتني ولهذا استعمل خالد كلمة ادفئوا أسراكم وكان يقصد قتلهم بالتأكيد وليس ادفاءهم من البرد.
                        ثالثاً: وهذا أعجب لماذا لم يُقم أبو بكر الحدّ على خالد لقتل مسلم وللزنى بزوجته لأنّه تزوّجها بدون عدّة بل في نفس تلك الليلة.
                        رابعاً: كان عمر غاضباً جدّاً من خالد وقال له ما قد مرّ ، ومن هنا نفهم لماذا عزل عمر خالداً عندما صار خليفة وعيّن مكانه أبا عبيدة على جيوش المسلمين، ثم ما معنى قول أبي بكر: تأوّل خالد فأخطأ؟! وهل في حدود الله مزاح وخطأ وصواب؟!
                        وليت الأمر وقف بخالد عند هذا الحدّ، لكنّه كما كان سيفاً مسلولاً ـ بالباطل ـ على المسلمين في أُحد وغيرها، فإنّه أوغل في دماء المسلمين بعد إسلامه، فهو فعلاً سيف، لكنّه سيف مسلّط على المسلمين والمؤمنين، ولتزداد يقيناً أنّ السياسة هي التي أسمت خالداً هذا بسيف الله المسلول، تعال إلى هذه الحادثة:
                        «لمّا فتح رسول الله (صلى الله عليه وآله) مكّة بعثه إلى بني جذيمة من بني عامر بن لؤي فقتل منهم من لم يجز له قتله فقال النبي (صلى الله عليه وآله): اللّهم إنّي أبرأ إليك ممّا صنع خالد فأرسل مالاً مع علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) فودّى القتلى وأعطاهم ثمن ما أخذ منهم، حتّى ثمن ميلغة الكلب...»(58).
                        انظر إلى خالد بن الوليد يبعثه الرسول بكلّ سلم وسلام فيقتل من شاء ويدع من شاء، انظر إلى دعاء النبي (صلى الله عليه وآله) وهو يبرأ من فعل خالد بن الوليد.
                        ثم يأتي من يقول إنّ خالداً سيف الله المسلول، نعم هو سيف مسلول، لكن ليس من أسياف الله تعالى.
                        ولو شئنا التفصيل في فعل خالد وفعاله في الإسلام لما صدّق الإنسان ما يرى من هول وعظم ما أتاه خالد، لكن للاختصار نكتفي بهذا المقدار.

                        3 ـ المغيرة بن شعبة:

                        تعليق


                        • #13
                          3 ـ المغيرة بن شعبة:
                          هو صحابي، وهو أحد النُزّاق الفسّاق الذين فتقوا في الإسلام فتقاً لا يجبر إلى يوم القيامة.
                          ورد في ترجمته في كتاب أسد الغابة ما يلي: «دهاة العرب أربعة: معاوية ابن أبي سفيان، وعمرو بن العاص، والمغيرة بن شعبة، وزياد...».
                          «... وولاّه عمر بن الخطاب البصرة ولم يزل عليها، حتّى شُهد عليه بالزنا، فعزله، ثم ولاّه الكوفة، فلم يزل عليها حتّى قُتل عمر، فأقرّه عثمان عليها...».
                          «... وهو أوّل من وضع ديوان البصرة وأوّل من رشى (أعطى رشوة) في الإسلام أعطى «يرفأ» حاجب عمر شيئاً حتّى أدخله إلى دار عمر...»(59).
                          إنّ السكوت عن التعليق هنا أبلغ من التعليق، لكن نقول: العجب من عمر إذ بعد أن عزله عن البصرة بسبب زناه يعيده والياً على الكوفة وخيار الصحابة أحياء يرزقون كعلي بن أبي طالب الذي كان جليس بيته وكأبي ذرّ والمقداد وخزيمة وغيرهم...؟!

                          4 ـ ثعلبة بن حاطب:
                          وهو أحد الصحابة من الأنصار، وقد ورد في ترجمته في كتاب أسد الغابة ما يلي: «جاء ثعلبة بن حاطب الأنصاري إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله أدع الله أن يرزقني مالاً، فقال: ويحك يا ثعلبة قليل تؤدّي شكره خير من كثير لا تطيقه، ثم أتاه بعد ذلك فقال: يا رسول الله أدع الله أن يرزقني مالاً، قال: أما لك فِيَّ أُسوة حسنة؟! والذي نفسي بيده لو أردتُ أن تسير الجبال معي ذهباً وفضّة لسارت، ثم أتاه بعد ذلك فقال: يا رسول الله أدع الله أن يرزقني مالاً، والذي بعثك بالحق لئن رزقني الله مالاً لاعطينّ كلّ ذي حق حقه، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) اللّهم ارزق ثعلبة مالاً... وحين أنزل الله آية الزكاة أرسل إليه الرسول رجلين لجمع الحقوق فلم يُعط ثعلبة شيئاً...».
                          إلى أن يقول ابن الأثير... «فأقبلا، فلمّا رآهما رسول الله (صلى الله عليه وآله) قبل أن يكلّماه قال: يا ويح ثعلبة، ثم دعا للسلمي بخير، وأخبراه بالذي صنع ثعلبة، فأنزل الله عزّ وجلّ (وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللهَ لَئِنْ آتانا مِنْ فَضْلِهِ...)(سورة التوبة: الآيات 75-78).
                          وعند رسول الله (صلى الله عليه وآله) رجل من أقارب ثعلبة سمع ذلك، فخرج حتّى أتاه فقال: ويحك يا ثعلبة قد أنزل الله عزّ وجلّ فيك كذا وكذا، فخرج ثعلبة حتّى أتى النبيّ (صلى الله عليه وآله) فسأله أن يقبل صدقته، فقال: إنّ الله تبارك وتعالى منعني أن أقبل منك صدقتك، فجعل يحثي التراب على رأسه، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): هذا عملك، وقد أمرتك فلم تطعني، فلمّا أبى رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يقبض صدقته رجع إلى منزله وقُبض رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولم يقبض منه شيئاً ثم أتى أبا بكر (رضي الله عنه) حين استُخلف، فقال: قد علمت منزلتي من رسول الله (صلى الله عليه وآله) وموضعي من الأنصار فاقبل صدقتي، فقال أبو بكر: لم يقبلها رسول الله منك، أنا أقبلها؟ فقبض أبو بكر (رضي الله عنه) ولم يقبلها»(60).
                          وتوفي ثعلبة في خلافة عثمان، ولم تقبل منه الحقوق أبداً.
                          وعندنا تعليق لا بدّ منه هنا: إذا كان منع الزكاة ردّة كما سمّى ذلك أبو بكر وقال والله لاقاتلن من فرّق بين الصلاة والزكاة، فلماذا لم يقتل رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثعلبة ولا أمر به الله؟!
                          نعم قد يقال: إنّ مانعي الزكاة على عهد أبي بكر كفروا بإنكارهم ضرورة من ضروريّات الدين، وثعلبة فعل ذلك بل سمّى الزكاة الجزية أو أخت الجزية كما قال، والواقع أنّ مانعي الزكاة على عهد أبي بكر لم ينكروا أنّها من الدين وكانوا يصلّون كما رأيت في قصة مالك بن نويرة، فليلاحظ ذلك.

                          صحابيّات تحت المجهر:
                          1 ـ حفصة بنت عمر بن الخطّاب:

                          تعليق


                          • #14
                            1 ـ حفصة بنت عمر بن الخطّاب:
                            زوجة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولكن هذه المكانة التي تتمنّاها كلّ أنثى لم تمنع حفصة من ارتكاب الأهوال ومخالفة الله تعالى ورسوله، ولا عجب فحفصة أنزل الله فيها وفي عائشة سورة كاملة ـ وهي سورة التحريم ـ فيها من التهديد والوعيد من الله بالطلاق والإبدال بزوجات خير منهما وبعذاب النار ما لا يخفى على أيّ شخص يفهم لغة العرب ، وقد تقدّمت في باب «الصحابة في القرآن» هذه السورة.
                            وقد ورد في ترجمة حفصة من كتاب أسد الغابة ما يلي: «... وتزوّجها بعد عائشة ، وطلّقها تطليقة واحدة ثمّ ارتجعها، أمره جبريل بذلك وقال: إنّها صوّامة قوّامة، وإنّها زوجتك في الجنّة...»(61).
                            وأورد كذلك: «طلّق رسول الله (صلى الله عليه وآله) حفصة تطليقة، فبلغ ذلك عمر، فحثا التراب على رأسه وقال: ما يعبأ الله بعمر وابنته بعدها، فنزل جبريل (عليه السلام) وقال: إنّ الله يأمرك أن تراجع حفصة بنت عمر، رحمة لعمر»(62).
                            وكما ترى فالحديثان مُختلفان، ولذلك لا يعتدّ بهما، لكن نقول: لو كانت حفصة صوّامة قوّامة فلماذا طلّقها رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟! هل كان رسول الله يريد من النساء أكثر من ذلك وهو الذي يوصينا بذات الدين ؟! ثمّ أليس الطلاق أبغض الحلال عند الله تعالى ؟! فما بال الرسول يطلق دونما سبب ؟! وإذا كان هناك سبب فلماذا لا يذكره لنا أصحاب السير والتواريخ ؟!
                            أمّا كون حفصة زوجة الرسول في الجنّة فهو أعجب من الأوّل ، فمع وجود سورة التحريم الّتي تُتلى إلى يوم القيامة فإنّا نشكّ في ذلك.
                            وعلى الحديث الثاني فيكون سبب إرجاع الرسول (صلى الله عليه وآله) لحفصة ليس منزلتها عند الرسول، بل لمنزلة عمر كما يزعم الراوي.
                            وحفصة هذه ممّن آذت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكذبت عليه في قصّة المغافير (الثوم) المشهورة والتي يرويها الصّحاح، كما آذت وحسدت زوجات رسول الله الأخر كصفيّة بنت حي اليهودي التي تزوّجها الرسول بعد خيبر بعد أن أعتقها من الأسر، وفي ترجمة هذه المرأة الصالحة من كتاب أسد الغابة تقرأ على لسانها: «... دخل عليَّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد بلغني عن حفصة وعائشة كلام، فذكرتُ ذلك لرسول الله (رحمهما الله) فقال: ألا قلتِ: وكيف تكونان خيرا منّي وزوجي محمّد وأبي هارون وعمّي موسى ؟!...»(63).
                            وبهذا الكلام من رسول الله (صلى الله عليه وآله) على لسان صفيّة تعلم كذب الحديث المرويّ في الصحاح والمسانيد حول فضل عائشة حيث فيه: «وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على باقي الطّعام ؟!»(64).
                            وحسبنا قول الله في سورة التحريم حيث هدّد عائشة وحفصة بالطلاق وبأن يبدلهنّ الرسول (صلى الله عليه وآله) بزوجات أفضل منهنّ في صفات عديدة ذكرتها السورة، فلو كانت عائشة أفضل نساء العالمين فضلاً عن زوجات الرسول فكيف يهدّدها الله تعالى بنساء أفضل منها في كلّ شيء ؟!
                            ولكي تتيقّن أنّ حفصة وعائشة هما المقصودتان من تهديد الله تعالى في سورة التحريم اقرأ هذا الخبر: «عن ابن عبّاس قال: أردت أن أسأل عمر فما رأيتُ موضعاً، فمكثت سنتين، فلمّا كنّا بمر الظهران وذهب ليقضي حاجته فجاء وقد قضى حاجته فذهبتُ أصبّ عليه من الماء، قلت: يا أمير المؤمنين مَن المرأتان اللّتان تظاهرتا على رسول الله (صلى الله عليه وآله) ؟! قال: عائشة وحفصة»(65).

                            2 ـ فاطمة بنت عتبة:
                            هي أخت هند بنت عتبة، وفي رواية هي التي قالت لرسول الله (صلى الله عليه وآله): «إنّه ما كان على ظهر الأرض ...» الحديث.
                            وقد أسلمت أسوة بذلك البيت الخبيث الذي أسلم بأفواهه ولم يسلم حقيقة يوم فتح مكّة، فهي من جملة الطلقاء الذين لا فضل لهم ولا فضيلة، تزوّجها في خبر عقيل بن أبي طالب فماذا كانت قصّته معها ؟! تقرأ في كتاب الإصابة ما يأتي: «عن ابن أبي مليكة قال: تزوّج عقيل بن أبي طالب فاطمة بنت عتبة بن ربيعة، فكانت تقول له إذا دخل: أين عتبة بن ربيعة (والدها وأحد رؤوس الكفر وقد هلك يوم بدر غير مأسوف عليه) ؟ فقال لها يوماً وقد أضجرته: عن يسارك إذا دخلتِ النار، فقالت: لا يجمع رأسي ورأسك بيت، وأتت عثمان ...»(66).
                            ولا ندري ماذا تريد هذه الصحابيّة بقولها هذا المليء بالأسف على أبيها المشرك؟! ولماذا تخاطب عقيلاً زوجها بذلك وقد أجمع المسلمون أنّه كان في صفوف المشركين يوم بدر ولم يقتل أباها عتبة ولا أخاها الوليد، لكن هي الرواسب الجاهليّة والأحقاد البدريّة والتي صبّها بالفعل بنو أميّة فيما بعد على رسول الله من خلال حربهم لعليّ بن أبي طالب أخو رسول الله وصنوه، ومن خلال سمّ معاوية للإمام الحسن ريحانة رسول الله وسيّد شباب أهل الجنّة ومن خلال قتل يزيد للإمام الحسين بن علي وسبي بنات الرسالة بنات فاطمة الزهراء (عليها السلام).
                            وكيف لا ترى بعد ذلك وصول أحاديث تتّهم الرسول بكثرة الجماع، وباستماع الغناء، وبأنّه يسبّ ويشتم بل ويضرب من لا يستحق، وبأنّه (صلى الله عليه وآله) ذكر آلهة قريش (حديث الغرانيق)، وأنّه يخطأ ويصيب، وأنّه بشّر أصحابه كلّهم بمن فيهم معاوية بالجنّة ...؟!
                            وكيف لا يكون جميع من حارب الإمام عليّا بدءًا بمعاوية وعائشة ومروراً بطلحة والزبير وغيرهم أصحاب فضائل ومناقب ؟! إنّ معاوية لم يغتصب الخلافة لذاتها فقط بل ليحرّف ويبدّل ويغيّر كما يحلو له ومن يعارض فالويل له أو الدّراهم.
                            إنّ فاطمة بنت عتبة تعلم أنّ عقيلاً من بني هاشم قبيلة رسول الله وعلي وحمزة وهم الذين ضربوا بسيوفهم ـ في حين فرّ الاخرون ـ حتّى قالت هند ومُعاوية وغيرهم من العرب لا إله إلاّ الله، فحقد فاطمة بنت عتبة على بني هاشم واضح من كلامها.

                            3 ـ هند بنت عتبة:
                            هي زوجة حربة الكفر ورئيس الأحزاب أبي سفيان، وكانت قد استسلمت لجيش رسول الله كما فعل بقية الطلقاء، وهي التي لاكت كبد حمزة سيّد الشهداء يوم أُحد بعد أن أمرت وحشيّا بأن يطعنه من الخلف، وإذا كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعد ذلك ـ بعد الفتح ـ كلّما رأى وحشيّاً يقول له: «غيّب وجهك عنّي» فكيف به (صلى الله عليه وآله) عندما كان يرى من لاكت كبد عمّه ومثّلت بجسده ؟!
                            لكن القوم جعلوها مؤمنة مسلمة، بل حسن إسلامها، بل لها فضائل ومناقب يُصرف عليها الحِبر والكتابة.
                            والكيّس يدرك أنّ ما ورد فيها وفي زوجها أبي سفيان وفي معاوية ابنهما من الفضائل لا تعدو أن تكون زخرفاً من القول وكذباً، وذلك أنّ معاوية ابنهما لمّا ملك رقاب المسلمين طمس تلك المثالب وأظهر لهم مناقب لم يقلها الرسول ولم يسمع بها الصحابة.
                            وهل تريدون من معاوية (أمير المؤمنين) أن يترك أهله ونفسه للفضيحة ؟! وهل تريدون منه وهو يصعد منبر رسول الله أن ينبزه الصحابة ومن يأتي من بعدهم ؟! هيهات.
                            واقرأ معي هذه المنقبة المزعومة:
                            «لمّا كان يوم الفتح أسلمت هند بنت عتبة ونساء معها وأتين رسول الله وهو بالأبطح فبايعنه، فتكلّمت هند فقالت: يا رسول الله الحمد لله الذي أظهر الدين الذي اختاره لنفسه لتنفعني رَحِمُك ، يا محمّد (لم يتعوّد لسانها على مخاطبته بالرسول) إنّي امرأة مؤمنة بالله مصدّقة برسوله، ثم كشفت عن نقابها وقالت: أنا هند بنت عتبة، فقال رسول الله: مرحبا بك، فقالت: والله ما كان على الأرض أهل خباء أحبّ إليّ من أن يذلّوا من خبائك، ولقد أصبحت وما على ظهر الأرض أهل خباء أحبّ إليّ من أن يعزّوا من خبائك...»(67).
                            سبحان مغيّر الأحوال، ولكن لتتيقّن من كذب هذه الفضيلة الواهية اقرأ الصفحة التالية من نفس هذا الكتاب (طبقات ابن سعد) لترى كيف أنّ هذه المرأة التي صار رسول الله أحبّ الناس إليها وأعزّهم لديها تسيء الأدب معه: «عن الشعبي يذكر: أنّ النساء جئن يبايعن فقال النبي (صلى الله عليه وآله): تبايعن على أن لا تشركن بالله شيئا، فقالت هند: إنّا لقائلوها (تقصد كلمة الشهادة)، قال: فلا تسرقن، فقالت هند: كنت أصيب من مال أبي سفيان قال أبو سفيان: فما أصبت من مالي فهو حلال لك، قال: ولا تزنين، فقالت هند: وهل تزني الحرّة ؟ قال: ولا تقتلن أولادكنّ، قالت هند: أنتَ قتلتَهم»(68).
                            تقصد هند بقولها: أنتَ قتلتهم، هلاك ابنها فيمن هلك يوم بدر كأبيها وعمّها وأخيها.
                            نعم هذه حقيقة هند، خسّة ونذالة وأحقاد جاهلية رغم عفو وسماحة رسول الله (صلى الله عليه وآله) معهم يوم الفتح، ولو كان مكانه (صلى الله عليه وآله) أيّ قائد دنيوي آخر لذبح رؤوس رجالهم وبقر بطون أطفالهم ولسبى نساءهم جواريا، فهم الطلقاء لا فضل لهم ولا فضيلة ولا هجرة ولا منقبة ولا غزوة ولا... بل ولا كلمة طيّبة. وسيفضحهم الله يوم القيامة بما كان يكذبون في إسلامهم، وهم أبطنوا الكفر.
                            هذه هي هند وأمثال هند، هذه التي يصبح ابنها معاوية الأفعى خليفة للمسلمين (وكفى بها مصيبة) بلا سابقة ولا جهاد، وهي جدّة يزيد الخمور الذي أرتضع من أسلافه الحقد على الرسول فقتل ذرّية رسول الله في كربلاء وهجم على مدينة الرسول (صلى الله عليه وآله)(69) لأنّها موطىء الأنصار الذين ساعدوا رسول الله بأموالهم وأسيافهم، فكانوا بنظر يزيد شركاء للنبي في قتل أجداده ببدر.
                            وإنّي أقولها صريحة: إنّ من يقرأ تاريخ هؤلاء الخبثاء ويطّلع على فعالهم قبل إسلامهم وبعد استسلامهم ثمّ يعتقد لهم بفضيلة بل ويعتقد بأنّهم أسلموا، أقول: هكذا شخص بليد الذهن عديم الفطنة.

                            والخلاصة:

                            تعليق


                            • #15
                              والخلاصة:
                              هكذا ترى أنّ الشيعة لا يسبّون الصحابة كما قال أعداؤهم، لكن الشيعة أخذت طريقاً وسطاً وعقلانيّاً ينطبق مع الكتاب والسنّة، فلم يقولوا بعصمتهم جميعاً كأهل السنّة، وكيف يقولون ذلك وفي الصحابة من زنى ومن شرب الخمر ومن قتل النفس ومن حارب سنّة الرسول ومن أشعل الفتن؟!
                              ثم إنّ الرسول (صلى الله عليه وآله) نفسه كان يقيم الحدود كحدّ السرقة والزنا وشرب الخمر، فعلى من كان يقيم تلك الحدود؟! أليس على أصحابه المسلمين، وإلاّ فالكافر بعيد عن المجتمع المدني بطبيعة الحال.
                              ولو نظرت إلى كتب الشيعة لرأيتها مليئة بمدح الصحابة الذين لم يغيّروا ولم يتغيروا بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وتجد هذا كذلك في دعاء أئمة أهل البيت كالصحيفة السجادية للإمام علي بن الحسين (عليهما السلام).
                              فهذه الضوضاء التي يُثيرها بعض الغوغاء على الشيعة ليست بأكثر من زوبعة في فنجان، وهكذا كلّ عقائد الشيعة في الواقع كلّها متطابقة مع العقل والنقل، لكن الأعراب أبوا إلاّ التهريج وجعلوا أصابعهم في آذانهم.
                              وكما عرفت فإنّه تسقط بعد هذا عدّة أحاديث مكذوبة، كحديث «أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم» فالصحابة اختلفوا وتنازعوا وأفتى بعضهم بخلاف الآخر، فبأيّ واحد أم بأي فريق نقتدي؟!
                              نعم لقد أوصانا رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذي لا ينطق عن الهوى بأن نتبّع أهل بيته (عليهم السلام)، فقال (صلى الله عليه وآله): «تركت فيكم الثقلين، ما إن تمسّكتم بهما، لن تضلّوا بعدي أبدا كتاب الله وعترتي أهل بيتي، ولن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما»(70)، وهكذا حدّد لنا لمن نرجع بعده (صلى الله عليه وآله) ، والرسول (صلى الله عليه وآله) ما كان ليخفى عليه ما سيقع في أُمته من الفتن خاصة ما سيحدث بين أصحابه، ولهذا كان من غير المعقول أن يوصي رسول الله والله من وراءه بجميع الصحابة، فهذا بمثابة اجتماع النقيضين كما يقال.
                              وارجع إلى كتاب الله لترى قوله تعالى: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ والَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ...)(سورة المائدة: الآية 55)(71).
                              أو قوله تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)(سورة الأحزاب: الآية 33).
                              وارجع إلى قوله (صلى الله عليه وآله): «أنا مدينة العلم وعليّ بابها»(72)، أو قوله: «يا علي لا يحبّك إلاّ مؤمن ولا يبغضك إلاّ منافق»(73) وغيرها كثير كثير.
                              وهذه الخاتمة لا تسع لئن نستعرض كلّ ما جاء في القرآن والسنّة والسيرة من فضائل أهل البيت (عليهم السلام) وهم بعد الرسول (صلى الله عليه وآله) علي والحسن والحسين وأبناء الحسين من الأئمة إلى الإمام الثاني عشر الإمام المهدي الغائب (عليهم السلام).
                              كذلك هذا بحث آخر فمن شاء فليتوسّع في هذه المسائل، لكن وصيّتي لكلّ قارئ حرّ عنده عقل يُميّز به الحق من الباطل أن يقرأ عن الشيعة والتشيّع من كتب أهل الشيعة أنفسهم لا من كتب المستشرقين والنواصب، حتّى لا ينطبق علينا قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قوماً بِجَهَالَة)(سورة الحجرات: الآية 6).

                              الهوامش:
                              1- كتاب العين للخليل: 2 / 970 حرف الصاد.
                              2- كتاب الإصابة 1: 4.
                              3- صحيح البخاري 5: 2.
                              4- مقدمة ابن الأثير في كتابه أُسد الغابة 1: 10.
                              5- الإصابة في تمييز الصحابة 1: 6 ـ 7.
                              6- أنظر تفسير الفخر الرازي (التفسير الكبير) في سورة الحجرات: 6، تفسير الطبري 26: 78 ، تفسير الدرّ المنثور 7: 555 .
                              7- أنظر تفسير الفخر الرازي (التفسير الكبير) في سورة التوبة: 25.
                              8- سورة التوبة: 38 ـ 39. يقول الفخر الرازي في تفسير سورة التوبة: وهذا يدل أنّ كل المؤمنين كانوا متثاقلين في ذلك التكليف، وذلك التثاقل معصية. ويقول الرازي بعد ذلك، إنّ خطاب الكل وإرادة البعض مجاز مشهور في القرآن.
                              9- تفسير الفخر الرازي لهذه الآية 25: 180 ، تفسير الدرّ المنثور 6: 643 ، وأنظر تفسير الالوسي حيث يورد رواية عن ابن عباس لكنّه كعادة القوم لم يذكر طلحة بالاسم فيها وإنّما بلفظ « رجل » ، ثمّ أورد اسمه في رواية ثانية حاول تضعيفها بدون أيّ دليل ! أنظر روح المعاني للالوسي البغدادي 11: 249 ـ 250 .
                              10- التفسير الكبير للفخر الرازي ـ تفسير سورة آل عمران: 121 ـ 122، تفسير الطبري 4: 48 ، الدرّ المنثور 2: 305 .
                              11- تفسير الفخر الرازي في تفسير الآية 155 من سورة آل عمران، تفسير الطبري 4: 96 ، تفسير الدرّ المنثور 2: 355 ـ 356.
                              12- انظر تفسير الفخر الرازي سورة الجمعة، تفسير الدر المنثور 8: 165 ، تفسير الطبري 28: 67 ـ 68 .
                              13- أنظر تفسير روح المعاني للالوسي البغدادي 14: 348. في تفسيره لسورة التحريم.
                              14- أنظر مثلاً صحيح الترمذي 5: 707 حديث رقم 3890 .
                              15- راجع تفسير الفخر الرازي في تفسير سورة النور، تفسير الدرّ المنثور 6: 148، تفسير الطبري 18: 68.
                              16- أُنظر تفسير الفخر الرازي في تفسيره للسورة 13: 93، تفسير الطبري 7: 181، تفسير الدرّ المنثور 3: 317.
                              17- صحيح البخاري 8: 151، صحيح مسلم باب الفضائل.
                              18- صحيح البخاري 8: 151. ويُراجع صحيح مسلم 4/1793 كتاب الفضائل باب إثبات حوض نبيّنا، مسند أحمد 1: 406 .
                              19- صحيح البخاري 4: 79.
                              20- صحيح البخاري 4: 85، وصحيح مسلم 3: 1257 كتاب الوصية، ومسند أحمد 1: 222.
                              21- صحيح البخاري 9: 113، ما جاء في السمع والطاعة.
                              22- صحيح البخاري 9: 113.
                              23- تجد الحديث قريب منه في لفظه في مسند أحمد 4: 96.
                              24- صحيح البخاري 9: 113.
                              25- صحيح البخاري 9: 5، مسند أحمد 5: 200.
                              26- صحيح البخاري 4: 88.
                              27- صحيح مسلم 4: 1871، كتاب فضائل الصحابة.
                              28- مسند أحمد بن حنبل 9: 82، وقريب من هذا الحديث حديث «أحسنوا إلى أصحابي» مسند أحمد بن حنبل: 45 حديث رقم 178. فهل أحسن عثمان إلى أبي ذر وهل أحسن معاوية لعليّ وهل أحسن يزيد (التابعي) إلى الحسين الصحابي وو...؟!
                              29- أنظر سنن ابن ماجة 1: 42 ، فضائل عليّ.
                              30- سنن ابن ماجه 1: 315 ، باب من أمّ قوماً فليُخفّف.
                              31- موطّأ الإمام مالك: 652 ، حديث رقم 1844.
                              32- صحيح البخاري 4: 223، وكذلك في مسند أحمد 3: 338 .
                              33- هي سورة المنافقون.
                              34- مسند أحمد 4: 89.
                              35- سنن ابن ماجه 1: 52، فضائل عمّار.
                              36- صحيح البخاري 4: 25. هذا مع أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: «من أبغض عمّارا أبغضه الله». أنظر مسند أحمد 4: 89، فما بالك إذن بمن قتله واجترأ عليه؟
                              37- الإمامة والسياسية 1: 50 ـ 51.
                              38- طبقات ابن سعد ج4، ترجمة أبي ذر الغفاري.
                              39- الحديث عن عبد الله بن مسعود وقد قاله رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأبي ذرّ في غزوة تبوك، الطبقات الكبرى لابن سعد 4: 173.
                              40- أُسد الغابة 2: 472، ترجمة سهل بن سعد الساعدي.
                              41- تاريخ الطبري 5: 279 .
                              42- كتاب أبو هريرة للعلاّمة شرف الدين الموسوي العاملي: 45. هذا وقد أعتبر ابن حزم أن مجموع ما رواه الخلفاء الأربعة هو (1361) حديثاً في كتابه «أسماء الصحابة الرواة، وعلى كلٍّ الفارق شاسع بين ما روَوْه جميعاً وبين ما رواه أبو هريرة.
                              43- صحيح البخاري باب حفظ العلم 1: 24.
                              44- كتاب أبو هريرة للعلاّمة شرف الدين الموسوي العاملي: 186 ، وأيضاً كتاب أبو هريرة شيخ المضيرة لمحمود أبو رية المصري: 119.
                              45- صحيح البخاري 4: 170، ومسند أحمد 2: 322.
                              46- صحيح البخاري 4: 184، وكذلك في المستدرك للحاكم المجلّد 2: 582.
                              47- صحيح البخاري 4: 170.
                              48- صحيح البخاري 4: 75.
                              49- صحيح البخاري 4: 152.
                              50- صحيح البخاري 4: 151.
                              51- صحيح البخاري 4: 155، ومسند أحمد 2: 321 .
                              52- صحيح البخاري 4: 158، وكذلك في مسند أحمد 2: 246 .
                              53- صحيح البخاري 4: 169.
                              54- صحيح البخاري 6: 63.
                              55- من ذلك هذا الحديث: «اللّهمّ إنّما أنا بشر فلا تعاقبني بشتم رجل من المسلمين» مسند أحمد 6: 160 .
                              فهل كان الرسول يشتم بدون وعي ؟!
                              56- صحيح البخاري 4: 190.
                              57- أسد الغابة 5: 52 ـ 53 في ترجمة مالك بن نويرة.
                              58- أسد الغابة ترجمة خالد بن الوليد، وكذلك أنظر الحديث في مسند أحمد 2: 151 .
                              59- أسد الغابة 5: 248 ترجمة المغيرة بن شعبة.
                              60- أسد الغابة 1: 284، ترجمة ثعلبة بن حاطب.
                              61- أسد الغابة 7:66 ترجمة حفصة بنت عمر .
                              62- المصدر السابق.
                              63- أسد الغابة 7: 170 ترجمة صفية بنت حي بن أخطب.
                              64- مسند أحمد 3: 264 و6: 159.
                              65- مسند أحمد بن حنبل 1: 48.
                              66- الإصابة 8: 68 ترجمة فاطمة بنت عتبة.
                              67- طبقات ابن سعد 8: 236 ترجمة هند بنت عتبة.
                              68- طبقات ابن سعد 8: 237.
                              69- مع أنّه (صلى الله عليه وآله) يقول في حديث له: «من أبغض الأنصار أبغضه الله» مسند أحمد 2: 501 ـ 527. ويقول: «من أخاف أهل المدينة أخافه الله وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين» مسند أحمد 4: 55.
                              70- مسند أحمد 3: 17، مستدرك الحاكم 3: 148 وورد في مسلم بألفاظ أخرى، أنظر مسلم، كتاب الفضائل: فضائل علي بن أبي طالب.
                              71- وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): «من كنت مولاه فعليّ مولاه» مسند أحمد 1: 84 و 118 ـ 119.
                              72- المستدرك للحاكم 3: 126 كتاب معرفة الصحابة .
                              73- أنظر الحديث في سنن ابن ماجة 1: 42 فضائل علي .



                              http://www.14masom.com/hkaek-mn-tareek/52.htm

                              تعليق

                              المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                              حفظ-تلقائي
                              x

                              رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                              صورة التسجيل تحديث الصورة

                              اقرأ في منتديات يا حسين

                              تقليص

                              المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                              أنشئ بواسطة مروان1400, يوم أمس, 06:43 PM
                              ردود 0
                              6 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة مروان1400
                              بواسطة مروان1400
                               
                              أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 31-07-2025, 10:09 PM
                              ردود 0
                              19 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة وهج الإيمان
                              بواسطة وهج الإيمان
                               
                              أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 31-07-2025, 10:03 PM
                              ردود 0
                              5 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة وهج الإيمان
                              بواسطة وهج الإيمان
                               
                              أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 18-09-2022, 01:45 AM
                              ردود 2
                              101 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة وهج الإيمان
                              بواسطة وهج الإيمان
                               
                              أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 25-09-2020, 12:22 AM
                              ردود 5
                              243 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة وهج الإيمان
                              بواسطة وهج الإيمان
                               
                              يعمل...
                              X