اللهم صلي على محمد وال محمد
حديث الريان بن شبيب عن الإمام الرضا(عليه السلام)
انه قال ـ في حديث ـ:«يا بن شبيب إن سرك أن تكون معنا في
الدرجات العلى من الجنان فاحزن لحزننا وافرح لفرحنا وعليك
بولايتنا فلو ان رجلاً أحب حجراً لحشره الله عز وجل معه يوم القيامة(15).
قال الأمام الرضا عليه السلام(من تذكر مصابنا وبكى لما أرتكب منا كان
معنا في درجتنا يوم القيامة ومن ذُكرّ بمصابنا فبكى وأبكى لم تبكِ عينه
يوم تبك العيون ومن جلس مجلساً يُحيا فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب)
وكما قالت سيدتي ومولاتي الحوراء الكبرى زينب عليها السلام
فوالله لا تمحو ذكرنا ولا تميت وحينا
انطوان بارا، مسيحي
((لو كان الحسين منا لنشرنا له في كل ارض راية، ولأقمنا له في كل
ارض منبر، ولدعونا الناس إلى المسيحية بإسم الحسين.))
جارلس ديكنز، الكاتب الإنجليزي المعروف
((على الرغم من ان القساوسة لدينا يؤثرون على مشاعر الناس عبر
ذكر مصائب المسيح الا انك لاتجد لدى اتباع المسيح ذلك الحماس
والانفعال الذي تجده لدى اتباع الحسين عليه السلام. ويبدو ان سبب
ذلك يعود إلى ان مصائب الحسين عليه السلام لاتمثل الا قشّة امام طود عظيم.))
روي عن الباقر (عليه السلام ) انه قال : (ما رؤيت فاطمة
(عليها السلام ) ضاحكة مستبشرة منذ قبض رسول الله
شِعرها في رثاء أبيها (صلى الله عليه وآله )
قالت (سلام الله عليها ) بعد ان اخذت قبضة من تراب قبره الشريف:
ماذا على من شم تربة أحمد ** الا يشم مدى الزمان غواليا
صبت علي مصائب لو أنها ** صبت على الأيام عدن لياليا
( صلى الله عليه وآله وسلم ) حتى قبضت).
وعن أبي عبدالله الصادق (عليه السلام) قال : (البكاؤن خمسة: آدم ويعقوب ويوسف وفاطمة بنت محمد وعلي بن الحسين (عليهم السلام) اما آدم فبكا على الجنة حتى صار في خديه أمثال الأودية وأما يعقوب فبكى على يوسف حتى ذهب بصره وأما يوسف فبكى على يعقوب حتى تأذى به أهل السجن واما فاطمة فبكت على رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حتى تأذى بها أهل المدينة فقالوا لها قد آذيتنا بكثرة بكائك فكانت تخرج الى مقابر الشهداء فتبكي حتى تقضي حاجتها ثم تنصرف واما علي بن الحسين فبكى على الحسين عشرين سنة او اربعين سنة).
ومكانة الحسين لا ينكرها إلا معاند ، فشأنه عند الله تعالى
ثانيا: وقد أجاب الإمام زين العابدين ( ع ) بما دل من القرآن على استمرار حزن
يعقوب عند رده على من أشكل عليه باستمرار حزنه على أبيه كما أورده أبو نعيم
الأصفهاني عن الحسين ( ع ) في ( حلية الأولياء ) ج3 ص 162عن كثرة بكائه
- أي بكاء زين العابدين ( ع )- فقال : " لا تلوموني فإن يعقوب فقد سبطا من ولده
فبكى حتى ابيضت عيناه ولم يعلم أنه مات وقد نظرت إلى أربعة عشر رجلا
من أهـل بيتي في غزاة واحدة أفترون حزنهم يـذهب مـن قلبي ؟
حزن الشيعة له جذور أصيلة
الأمر الأول: أنّ حزن شيعة أهل البيت (وفقهم الله تعالى وأعزهم) بمناسبة مقتل سيد الشهداء الإمام الحسين (صلوات الله عليه)، وسائر مصائب أهل البيت(عليهم السلام)، وإحياء مراسم العزاء وإقامة شعائره، والإغراق في ذلك وتحرّي المناسبات له، ليست أموراً اعتباطية جرّهم إليها التعصب والشقاق، ولا هي عادات محضة أخذوها عن أسلافهم وجروا عليها تقليداً لهم، كسائر التقاليد والعادات التي تزاولها بعض المجتمعات، والتي ما أنزل الله بها من سلطان. وإنما هي نشاطات لها جذور دينية أصيلة، وقد قامت عليها أدلة محكمة رصينة، أخبتوا لها وتحملوا من أجلها ما تحملوا من مصاعب ومصائب.
فقد استفاض عن النبي(صلى الله عليه وآله وسلّم) في أحاديث الفريقين
أنه أخبر عن ظلامة أهل بيته (صلوات الله عليهم)، ولاسيما
الإمام الحسين(عليه السلام)، وذَكَر مصائبهم فأكثر من البكاء عليها قبل وقوعها(1). وكذلك الحال في أمير المؤمنين(عليه السلام)ـ(2).
http://www.14masom.com/hkaek-mn-tareek/44.htm
وقد عدّ في النصوص من البكائين الصديقة الطاهرة الزهراءI، لأنها أكثرت من البكاء على أبيها رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلّم)، والإمام زين العابدين(عليه السلام)، لأنه أكثر من البكاء على أبيه الحسين(عليه السلام)ـ(7).
وفي الحديث عنه(عليه السلام) أنه قال: «إني لم أذكر مصرع بني فاطمة إلاّ خنقتني العبرة لذلك»(8).
وفي حديث الإمام الصادق(عليه السلام)عنه(عليه السلام) قال: «وكان جدي إذا ذكره بكى حتى تملأ عيناه لحيته، وحتى يبكي لبكائه رحمة له
من رآه»(8).
وفي حديث أبي عمارة المنشد قال: «ما ذكر الحسين بن علي(عليهما السلام) عند أبي عبد الله جعفر بن محمد(عليهما السلام)فرُئيَ أبو عبد الله ذلك اليوم متبسماً إلى الليل»(10).
وكان هو وبقية الأئمة(عليهم السلام) يتحرّون المناسبات للحديث عن تلك الفجائع، والبكاء عليها، والحثّ على ذلك، وعلى إقامة المجالس المذكّرة بها. وما أكثر المآتم التي كانوا يقيمونها(عليهم السلام) بأنفسهم حينما يفد الشعراء عليهم ليذكروا مصائبهم.
وفي الحديث عن الإمام الصادق(عليه السلام) قال: «ولقد شققن الجيوب ولطمن الخدود الفاطميات على الحسين بن علي. وعلى مثله تلطم الخدود وتشق الجيوب»(11).
وعنه(عليه السلام): «إن البكاء والجزع مكروه للعبد في كل ما جزع، ما خلا البكاء والجزع على الحسين بن علي(عليهما السلام) فإنه فيه مأجور»(12).
وفي دعائه(عليه السلام) الطويل لزوار الحسين (عليه السلام): «اللهم إن أعداءنا عابوا عليهم بخروجهم، فلم ينههم ذلك عن الشخوص إلينا خلافاً منهم على من خالفنا، فارحم تلك الوجوه التي غيّرتها الشمس... وارحم تلك الصرخة التي كانت لنا...»(13).
وفي حديث مسمع كردين البصري بعد أن وصف حزنه على الحسين(عليه السلام)، قال له أبو عبد الله الصادق(عليه السلام): «رحم الله دمعتك، أما انك من الذين يعدّون من أهل الجزع لنا، والذين يفرحون لفرحنا، ويحزنون لحزننا، ويخافون لخوفنا، ويأمنون إذا آمنا، أما انك سترى عند موتك حضور آبائي لك ووصيتهم ملك الموت بك، وما يلقونك به من البشارة أفضل، وملك الموت أرق عليك واشد رحمة لك من الام الشفيقة على ولدها.
قال: ثم استعبر واستعبرت معه، فقال: الحمد لله الذي فضلنا على خلقه بالرحمة، وخصنا أهل البيت بالرحمة...»(14).
أن البكاء كان سمة ظاهرة في حياة الأنبياء والأوصياء والمؤمنين يقول تعالى:[أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم وممن حملنا مع نوح من ذرية إبراهيم وإسرائيل وممن هدينا واجتبينا إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خرّوا سجداً وبكيا] .
وقال عز وجل:[ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعاً].
وعن الإمام أمير المؤمنين (ع) : «بكاء العيون وخشية القلوب من رحمة الله تعالى ذكره، فإذا وجدتموها فاغتنموا الدعاء».
فالبكاء حالة سوية محبوبة وأما جفاف الدموع فهو مرض يلزم الإسراع في معالجته، قال الإمام الباقر (ع) :«ما جفت الدموع إلا لقسوة القلوب وما قست القلوب إلا لكثرة الذنوب».
ولنتصفح حياة الأنبياء والمعصومين (ع) لنجد أن هذه الحالة ـ حالة البكاء ـ كانت من المعالم البارزة في حياتهم، فها هو آدم (ع) أبو البشر بكى على فراق الجنة حتى فتح الدمع في خديه أخدودين وكذلك يعقوب (ع) انتحب على فراق نجله يوسف حتى فقد بصره قال تعالى:[وتولى عنهم وقال يا أسفى على يوسف وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم].
ونرى النبي الأعظم (ص) وهو يبكي على ولده إبراهيم الذي توفي عن ثمانية عشر شهراً ـ فسئل عن ذلك: كيف يبكي وهو يأمرهم بالصبر على الملمات والأزمات فقال (ص): «العين تدمع والقلب يخشع ولا نقول ما يسخط الرب».
فالرسول (ص) وهو معلّم الإنسانية يعلم الناس كيف يكون الحزن وفي الوقت نفسه ينبغي التسليم للأمر الإلهي فلا للشكوى والتبرّم من قضاء الله وقدره وإلا خرج الإنسان عن حضيرة الإيمان.
ولنتأمل في بكاء الزهراء (ع) على والدها رسول الله (ص) بكت عليه حتى ماتت بغصتها وبكاء الزهراء (ع) كان يستبطن أسمى المعاني فهو بكاء حزن وتفجع وله بعد آخر وهو الإستنكار على من ظلمها و غصب حقها وحق بعلها (ع).
فإذا كرس البكاء لطاعة الباري تعالى فانه سيخرج عن حد الجواز إلى الإستحباب كالبكاء على المولى أبي عبد الله الحسين (ع) فإنه من أعظم الطاعات وأفضل القربات، والبكاء على الحسين (ع) صرخة مدوية تزلزل عروش الطغاة وتقض مضاجعهم، والموالي بعمله هذا يفصح عن ولائه العميق ويركز الرفض للظلم والعدوان ومن الألقاب الخاصة بالإمام الحسين (ع) لقب (قتيل العبرة)، فعن أحد أصحاب الإمام الصادق (ع) قال: كنا عنده فذكرنا الحسين بن علي (ع) فبكى أبو عبد الله وبكينا قال: ثم رفع رأسه فقال: قال الحسين بن علي (ع): «أنا قتيل العبرة لا يذكرني مؤمن إلا بكى»، ثم قال أبو عبد الله (ع): «نفس المهموم لظلمنا تسبيح وهمه لنا عبادة وكتمان سرّنا جهاد في سبيل الله».
فالمؤمن الذي تشده بالإمام الحسين (ع) وشائج الولاء ينفعل عند تذكر مصائب المولى الشهيد (ع) وهذه الإضافة (قتيل العبرة) تكشف عن مدى الترابط والتلاحم بين ذكر مقتله الشريف وبين البكاء عليه فالمؤمن لا يذكر مصائب الإمام الحسين (ع) إلا وتسيل عبرته وتنهمر دموعه تحرقاً وتفجعاً.
عن الإمام أبي جعفر الباقر (ع): قال: نظر النبي (ص) إلى الحسين (ع) وهو مقبل فأجلسه في حجره وقال: «إن لقتل الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد أبداً» ثم قال أبو جعفر: «بأبي قتيل كل عبرة قيل: وما قتيل كل عبرة يا ابن رسول الله؟ قال: لا يذكره مؤمن إلا بكى».
وقد وردت عن أهل البيت (ع) أحاديث جمة في الحث على البكاء وفي استحبابه على المولى الشهيد (ع) وبيان ما له من عظيم الأجر.
عن الإمام الباقر (ع) قال: كان أبي علي بن الحسين (ع) يقول: «أيما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسين (ع) ومن معه حتى تسيل على خديه بوأه الله في جنة غرفا وأيما مؤمن دمعت عيناه دمعاً حتى يسيل على خديه لأذىً مسّنا من عدونا بوأه الله مبوأ صدق وأيما مؤمن مسه أذى فينا فدمعت عيناه حتى يسيل على خديه من مضاضة ما أوذي فينا صرف الله عنه الأذى، وأمنه يوم القيامة من سخطه ومن النار».
وهم(ع) يجعلون الثواب نفسه للمتباكي وهو الذي قد استعصى عليه الدمع لأسباب معينة نفسية وغيرها فيحاول أن يتشبه بالباكي وذلك عبر الضرب على الجبهة أو بتنغيص عضلات الوجه مثلاً فالباكي والمتباكي في الثواب سواء لأنهما مشتركان في الهدف، في أنهما يعربان عن عشقهما ومواساتهما لأهل البيت (ع) ويعلنان براءتهما من أعدائهم وظالميهم.
فضل الزيارة والبكاء على الحسين (ع) من روايات السنة
http://www.radod.org/Aqydatona/15Bkaa/13hussain.htm
حديث الريان بن شبيب عن الإمام الرضا(عليه السلام)
انه قال ـ في حديث ـ:«يا بن شبيب إن سرك أن تكون معنا في
الدرجات العلى من الجنان فاحزن لحزننا وافرح لفرحنا وعليك
بولايتنا فلو ان رجلاً أحب حجراً لحشره الله عز وجل معه يوم القيامة(15).
قال الأمام الرضا عليه السلام(من تذكر مصابنا وبكى لما أرتكب منا كان
معنا في درجتنا يوم القيامة ومن ذُكرّ بمصابنا فبكى وأبكى لم تبكِ عينه
يوم تبك العيون ومن جلس مجلساً يُحيا فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب)
وكما قالت سيدتي ومولاتي الحوراء الكبرى زينب عليها السلام
فوالله لا تمحو ذكرنا ولا تميت وحينا
انطوان بارا، مسيحي
((لو كان الحسين منا لنشرنا له في كل ارض راية، ولأقمنا له في كل
ارض منبر، ولدعونا الناس إلى المسيحية بإسم الحسين.))
جارلس ديكنز، الكاتب الإنجليزي المعروف
((على الرغم من ان القساوسة لدينا يؤثرون على مشاعر الناس عبر
ذكر مصائب المسيح الا انك لاتجد لدى اتباع المسيح ذلك الحماس
والانفعال الذي تجده لدى اتباع الحسين عليه السلام. ويبدو ان سبب
ذلك يعود إلى ان مصائب الحسين عليه السلام لاتمثل الا قشّة امام طود عظيم.))
روي عن الباقر (عليه السلام ) انه قال : (ما رؤيت فاطمة
(عليها السلام ) ضاحكة مستبشرة منذ قبض رسول الله
شِعرها في رثاء أبيها (صلى الله عليه وآله )
قالت (سلام الله عليها ) بعد ان اخذت قبضة من تراب قبره الشريف:
ماذا على من شم تربة أحمد ** الا يشم مدى الزمان غواليا
صبت علي مصائب لو أنها ** صبت على الأيام عدن لياليا
( صلى الله عليه وآله وسلم ) حتى قبضت).
وعن أبي عبدالله الصادق (عليه السلام) قال : (البكاؤن خمسة: آدم ويعقوب ويوسف وفاطمة بنت محمد وعلي بن الحسين (عليهم السلام) اما آدم فبكا على الجنة حتى صار في خديه أمثال الأودية وأما يعقوب فبكى على يوسف حتى ذهب بصره وأما يوسف فبكى على يعقوب حتى تأذى به أهل السجن واما فاطمة فبكت على رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حتى تأذى بها أهل المدينة فقالوا لها قد آذيتنا بكثرة بكائك فكانت تخرج الى مقابر الشهداء فتبكي حتى تقضي حاجتها ثم تنصرف واما علي بن الحسين فبكى على الحسين عشرين سنة او اربعين سنة).
ومكانة الحسين لا ينكرها إلا معاند ، فشأنه عند الله تعالى
ثانيا: وقد أجاب الإمام زين العابدين ( ع ) بما دل من القرآن على استمرار حزن
يعقوب عند رده على من أشكل عليه باستمرار حزنه على أبيه كما أورده أبو نعيم
الأصفهاني عن الحسين ( ع ) في ( حلية الأولياء ) ج3 ص 162عن كثرة بكائه
- أي بكاء زين العابدين ( ع )- فقال : " لا تلوموني فإن يعقوب فقد سبطا من ولده
فبكى حتى ابيضت عيناه ولم يعلم أنه مات وقد نظرت إلى أربعة عشر رجلا
من أهـل بيتي في غزاة واحدة أفترون حزنهم يـذهب مـن قلبي ؟
حزن الشيعة له جذور أصيلة
الأمر الأول: أنّ حزن شيعة أهل البيت (وفقهم الله تعالى وأعزهم) بمناسبة مقتل سيد الشهداء الإمام الحسين (صلوات الله عليه)، وسائر مصائب أهل البيت(عليهم السلام)، وإحياء مراسم العزاء وإقامة شعائره، والإغراق في ذلك وتحرّي المناسبات له، ليست أموراً اعتباطية جرّهم إليها التعصب والشقاق، ولا هي عادات محضة أخذوها عن أسلافهم وجروا عليها تقليداً لهم، كسائر التقاليد والعادات التي تزاولها بعض المجتمعات، والتي ما أنزل الله بها من سلطان. وإنما هي نشاطات لها جذور دينية أصيلة، وقد قامت عليها أدلة محكمة رصينة، أخبتوا لها وتحملوا من أجلها ما تحملوا من مصاعب ومصائب.
فقد استفاض عن النبي(صلى الله عليه وآله وسلّم) في أحاديث الفريقين
أنه أخبر عن ظلامة أهل بيته (صلوات الله عليهم)، ولاسيما
الإمام الحسين(عليه السلام)، وذَكَر مصائبهم فأكثر من البكاء عليها قبل وقوعها(1). وكذلك الحال في أمير المؤمنين(عليه السلام)ـ(2).
http://www.14masom.com/hkaek-mn-tareek/44.htm
وقد عدّ في النصوص من البكائين الصديقة الطاهرة الزهراءI، لأنها أكثرت من البكاء على أبيها رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلّم)، والإمام زين العابدين(عليه السلام)، لأنه أكثر من البكاء على أبيه الحسين(عليه السلام)ـ(7).
وفي الحديث عنه(عليه السلام) أنه قال: «إني لم أذكر مصرع بني فاطمة إلاّ خنقتني العبرة لذلك»(8).
وفي حديث الإمام الصادق(عليه السلام)عنه(عليه السلام) قال: «وكان جدي إذا ذكره بكى حتى تملأ عيناه لحيته، وحتى يبكي لبكائه رحمة له
من رآه»(8).
وفي حديث أبي عمارة المنشد قال: «ما ذكر الحسين بن علي(عليهما السلام) عند أبي عبد الله جعفر بن محمد(عليهما السلام)فرُئيَ أبو عبد الله ذلك اليوم متبسماً إلى الليل»(10).
وكان هو وبقية الأئمة(عليهم السلام) يتحرّون المناسبات للحديث عن تلك الفجائع، والبكاء عليها، والحثّ على ذلك، وعلى إقامة المجالس المذكّرة بها. وما أكثر المآتم التي كانوا يقيمونها(عليهم السلام) بأنفسهم حينما يفد الشعراء عليهم ليذكروا مصائبهم.
وفي الحديث عن الإمام الصادق(عليه السلام) قال: «ولقد شققن الجيوب ولطمن الخدود الفاطميات على الحسين بن علي. وعلى مثله تلطم الخدود وتشق الجيوب»(11).
وعنه(عليه السلام): «إن البكاء والجزع مكروه للعبد في كل ما جزع، ما خلا البكاء والجزع على الحسين بن علي(عليهما السلام) فإنه فيه مأجور»(12).
وفي دعائه(عليه السلام) الطويل لزوار الحسين (عليه السلام): «اللهم إن أعداءنا عابوا عليهم بخروجهم، فلم ينههم ذلك عن الشخوص إلينا خلافاً منهم على من خالفنا، فارحم تلك الوجوه التي غيّرتها الشمس... وارحم تلك الصرخة التي كانت لنا...»(13).
وفي حديث مسمع كردين البصري بعد أن وصف حزنه على الحسين(عليه السلام)، قال له أبو عبد الله الصادق(عليه السلام): «رحم الله دمعتك، أما انك من الذين يعدّون من أهل الجزع لنا، والذين يفرحون لفرحنا، ويحزنون لحزننا، ويخافون لخوفنا، ويأمنون إذا آمنا، أما انك سترى عند موتك حضور آبائي لك ووصيتهم ملك الموت بك، وما يلقونك به من البشارة أفضل، وملك الموت أرق عليك واشد رحمة لك من الام الشفيقة على ولدها.
قال: ثم استعبر واستعبرت معه، فقال: الحمد لله الذي فضلنا على خلقه بالرحمة، وخصنا أهل البيت بالرحمة...»(14).
أن البكاء كان سمة ظاهرة في حياة الأنبياء والأوصياء والمؤمنين يقول تعالى:[أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم وممن حملنا مع نوح من ذرية إبراهيم وإسرائيل وممن هدينا واجتبينا إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خرّوا سجداً وبكيا] .
وقال عز وجل:[ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعاً].
وعن الإمام أمير المؤمنين (ع) : «بكاء العيون وخشية القلوب من رحمة الله تعالى ذكره، فإذا وجدتموها فاغتنموا الدعاء».
فالبكاء حالة سوية محبوبة وأما جفاف الدموع فهو مرض يلزم الإسراع في معالجته، قال الإمام الباقر (ع) :«ما جفت الدموع إلا لقسوة القلوب وما قست القلوب إلا لكثرة الذنوب».
ولنتصفح حياة الأنبياء والمعصومين (ع) لنجد أن هذه الحالة ـ حالة البكاء ـ كانت من المعالم البارزة في حياتهم، فها هو آدم (ع) أبو البشر بكى على فراق الجنة حتى فتح الدمع في خديه أخدودين وكذلك يعقوب (ع) انتحب على فراق نجله يوسف حتى فقد بصره قال تعالى:[وتولى عنهم وقال يا أسفى على يوسف وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم].
ونرى النبي الأعظم (ص) وهو يبكي على ولده إبراهيم الذي توفي عن ثمانية عشر شهراً ـ فسئل عن ذلك: كيف يبكي وهو يأمرهم بالصبر على الملمات والأزمات فقال (ص): «العين تدمع والقلب يخشع ولا نقول ما يسخط الرب».
فالرسول (ص) وهو معلّم الإنسانية يعلم الناس كيف يكون الحزن وفي الوقت نفسه ينبغي التسليم للأمر الإلهي فلا للشكوى والتبرّم من قضاء الله وقدره وإلا خرج الإنسان عن حضيرة الإيمان.
ولنتأمل في بكاء الزهراء (ع) على والدها رسول الله (ص) بكت عليه حتى ماتت بغصتها وبكاء الزهراء (ع) كان يستبطن أسمى المعاني فهو بكاء حزن وتفجع وله بعد آخر وهو الإستنكار على من ظلمها و غصب حقها وحق بعلها (ع).
فإذا كرس البكاء لطاعة الباري تعالى فانه سيخرج عن حد الجواز إلى الإستحباب كالبكاء على المولى أبي عبد الله الحسين (ع) فإنه من أعظم الطاعات وأفضل القربات، والبكاء على الحسين (ع) صرخة مدوية تزلزل عروش الطغاة وتقض مضاجعهم، والموالي بعمله هذا يفصح عن ولائه العميق ويركز الرفض للظلم والعدوان ومن الألقاب الخاصة بالإمام الحسين (ع) لقب (قتيل العبرة)، فعن أحد أصحاب الإمام الصادق (ع) قال: كنا عنده فذكرنا الحسين بن علي (ع) فبكى أبو عبد الله وبكينا قال: ثم رفع رأسه فقال: قال الحسين بن علي (ع): «أنا قتيل العبرة لا يذكرني مؤمن إلا بكى»، ثم قال أبو عبد الله (ع): «نفس المهموم لظلمنا تسبيح وهمه لنا عبادة وكتمان سرّنا جهاد في سبيل الله».
فالمؤمن الذي تشده بالإمام الحسين (ع) وشائج الولاء ينفعل عند تذكر مصائب المولى الشهيد (ع) وهذه الإضافة (قتيل العبرة) تكشف عن مدى الترابط والتلاحم بين ذكر مقتله الشريف وبين البكاء عليه فالمؤمن لا يذكر مصائب الإمام الحسين (ع) إلا وتسيل عبرته وتنهمر دموعه تحرقاً وتفجعاً.
عن الإمام أبي جعفر الباقر (ع): قال: نظر النبي (ص) إلى الحسين (ع) وهو مقبل فأجلسه في حجره وقال: «إن لقتل الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد أبداً» ثم قال أبو جعفر: «بأبي قتيل كل عبرة قيل: وما قتيل كل عبرة يا ابن رسول الله؟ قال: لا يذكره مؤمن إلا بكى».
وقد وردت عن أهل البيت (ع) أحاديث جمة في الحث على البكاء وفي استحبابه على المولى الشهيد (ع) وبيان ما له من عظيم الأجر.
عن الإمام الباقر (ع) قال: كان أبي علي بن الحسين (ع) يقول: «أيما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسين (ع) ومن معه حتى تسيل على خديه بوأه الله في جنة غرفا وأيما مؤمن دمعت عيناه دمعاً حتى يسيل على خديه لأذىً مسّنا من عدونا بوأه الله مبوأ صدق وأيما مؤمن مسه أذى فينا فدمعت عيناه حتى يسيل على خديه من مضاضة ما أوذي فينا صرف الله عنه الأذى، وأمنه يوم القيامة من سخطه ومن النار».
وهم(ع) يجعلون الثواب نفسه للمتباكي وهو الذي قد استعصى عليه الدمع لأسباب معينة نفسية وغيرها فيحاول أن يتشبه بالباكي وذلك عبر الضرب على الجبهة أو بتنغيص عضلات الوجه مثلاً فالباكي والمتباكي في الثواب سواء لأنهما مشتركان في الهدف، في أنهما يعربان عن عشقهما ومواساتهما لأهل البيت (ع) ويعلنان براءتهما من أعدائهم وظالميهم.
فضل الزيارة والبكاء على الحسين (ع) من روايات السنة
http://www.radod.org/Aqydatona/15Bkaa/13hussain.htm
تعليق