في مجالس اليوم العاشر من محرم الحرام
سماحة المرجع الشيرازي يحضر حافي القدمين

عظّم الله أجورنا وأجوركم بمصاب مولانا سيد الشهداء الإمام الحسين وأهل بيته الأطهار وأصحابه الأخيار سلام الله عليهم أجمعين، وجعلنا الله وإيّاكم من الطالبين بثاره مع ولده من آل محمد مولانا المفدّى الإمام المهدي الموعود عجّل الله تعالى فرجه الشريف.
إنّ عاشوراء هو يوم الرزيّة العظمى والمصيبة الكبرى التي رزئ بها الإسلام وجلّت وعظمت على أهل السماوات وأهل الأرض، وهو اليوم الذي ضحى فيه مولانا أبي الأحرار الإمام الحسين بنفسه الطاهرة وبأهل بيته الأطهار وأصحابه الكرام سلام الله عليهم أجمعين في سبيل الله تعالى، وأحيى بدمه الطاهر أُسس الإسلام العظيم، وروى شجرته لتبقى شامخة باسقة بثمار التوحيد والإيمان والإباء والعزّة والكرامة والإنصاف ونصرة المظلومين ومقارعة الظالمين والفاسدين والطغاة.
بمناسبة هذا اليوم الجلل ومن الساعات الأولى لصباح يوم السبت الموافق للعاشر من محرم الحرام 1429 للهجرة شهدت مدينة قم المقدسة حضوراً منقطع النظير لمحبّي مولانا سيد الشهداء صلوات الله عليه من داخلها ومن المدن الإيرانية الأخرى وأحيوا ذكرى ملحمة عاشوراء الخالدة بمجالس العزاء ومواكب اللطم والزنجيل التي ملأت الصحن الطاهر لمرقد مولاتنا فاطمة المعصومة سلام الله عليها وشوارع المدينة وأزقتها ومساجدها وحسينياتها.
وأقيمت بهذه المناسبة المفجعة مجالس العزاء على مصاب سيدنا أبي الأحرار الإمام الحسين سلام الله عليه في بيت المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله.
وقد حضر سماحة السيد المرجع دام ظله هذه المجالس بعد خروجه من بيته حافي القدمين برفقة السادة الكرام من الأسرة الشيرازية، وفضلاء من مكتب سماحته بمدينة قم المقدسة، معرباً دام ظله عن حزنه وتألّمه لمصائب سبط رسول الله صلى الله عليه وريحانته الإمام الحسين سلام الله عليه.
كما حضر مجالس هذا اليوم العديد من الفضلاء وطلاب الحوزة العلمية والهيئات والمواكب الحسينية من مختلف الجنسيات وقدّموا تعازيهم لسماحة السيد دام ظله وأقاموا مجالس اللطم على مصائب أهل البيت سلام الله عليهم.
وارتقى المنبر الحسيني المقدس الخطباء الأفاضل: برقعي ورياحي وجابري وزرگر وتطرّقوا إلى الرزية العظمى التي حلّت يوم عاشوراء عام 61 للهجرة على مولانا الإمام الحسين صلوات الله عليه وما جرى على أهل بيته سلام الله عليهم من مظالم ومصائب من قبل أعداء الله والإنسانية الأمويين العتاة الكفرة لعنة الله والملائكة والناس عليهم أجمعين.
وكان من أهم ماذكره الخطباء في أحاديثهم:
• إن المصيبة التي يتعرّض لها الناس في حياتهم فإنها تخمد أو تنسى بمرور الزمان مهما كانت كبيرة وقاسية. لكن مصيبة عاشوراء تتجدّد كلما مرّت ذكراها، وبقت وستبقى حيّة وكبرى وفريدة إلى يوم القيامة. ولهذا نجد أن مولانا المفدّى الإمام المهدي المنتظر عجّل تعالى فرجه الشريف يخاطب جدّه مولانا الإمام الحسين صلوات الله عليه:
«فلأندبنّك صباحاً ومساءً، ولأبكينّ لك بدل الدموع دماً، حسرة عليك وتأسّفاً على ما دهاك، وتلهّفاً، حتى أموت بلوعة المصاب وغصّة الاكتياب».
• في الواقع أن مصائب أهل البيت صلوات الله عليهم بدأت بعد انتهاء معركة الطف. فقد هجم أعداء الله على خيام حرم بيت النبوّة وأضرموا فيها النار، وأسروا حرائر الرسالة، وسيّروهنّ على أقتاب الجمال بغير وطاء كما يساق سبي الترك والروم، وهنّ ودائع خير الأنبياء ومعهن الإمام السجاد صلوات الله عليه وهو على بعير ظالع بغير وطاء وقد أنهكتهه العلة . وكان الملعون عمر بن سعد قد أمر بالسير إلى الكوفة سريعاً، وبسبب أن الجمال التي حملت الأسارى من أهل البيت سلام الله عليهم كانت بغير وطاء، فقد وصل أطفال ونساء بيت النبوة إلى الكوفة والدماء تسيل من أرجلهم.
قال مولانا الإمام صاحب العصر والزمان صلوات الله عليه: «وسُبي أهلك كالعبيد وصفّدوا في الحديد فوق أقتاب المطيّات، تلفح وجوههم حرّ الهاجرات، يُساقون في البراري والفلوات، أيديهم مغلولة إلى الأعناق، يُطاف بهم في الأسواق، فالويل للعصاة الفساق».
• لقد بيّن مولانا بقية الله الأعظم المهدي من آل محمد صلوات الله عليهم أجمعين في زيارة الناحية المقدسة أن أعداء الله والإسلام وأعداء الرسول المصطفى صلى الله عليه وآله قد قتلوا الإمام الحسين صلوات الله عليه بغضاً للإسلام ولحامل رسالته. فقد قال عجّل الله تعالى فرجه الشريف:
«لقد قتلوا بقتلك الإسلام وعطّلوا الصلاة والصيام ونقضوا السنن والأحكام وهدموا قواعد الإيمان وحرّفوا آيات القرآن وهمجوا في البغي والعدوان. لقد أصبح رسول الله صلى الله عليه وآله موتوراً، وعاد كتاب الله عزّ وجلّ مهجوراً، وغودر الحقّ إذ قهرت مقهوراً وفُقِد بفقدك التكبير والتهليل والتحريم والتحليل والتنزيل والتأويل وظهر بعدك التغيير والتبديل والإلحاد والتعطيل والأهواء والأضاليل والفتن والأباطيل».
(1) مقتل المقرّم/ ص 305.