إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

انا الحسين بن علي آليت ان لا انثني والعباس يا نفس من بعد الحسين هوني وبعــــــــده

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • انا الحسين بن علي آليت ان لا انثني والعباس يا نفس من بعد الحسين هوني وبعــــــــده

    اللهم صلي على محمد وال محمد
    فلما انجلت الغبرة وإذا بالحسين قائم على رأس الغلام وهو يفحص برجليه فقال الحسين: يعز والله على عمّك أن تدعوه فلا يجيبك أو يجيبك فلا يعينك أو يعينك فلا يغني عنك، بعداً لقومٍ قتلوك ومن خصمهم يوم القيامة جدّك وأبوك، هذا يوم والله كثر واتره وقلّ ناصره.

    ثم احتمله على صدره ورجلاه تخطّان في الأرض خطّاً حتى ألقاه بين القتلى من أهل بيته.

    ثم برز من بعده أخوه أحمد بن الحسن، وله من العمر ستة عشر سنة فقاتل حتى قتل ثمانين رجلاً، فرجع إلى الحسين وقد غارت عيناه من العطش فنادى: يا عمّاه هل من شربة ماء أبرّد بها كبدي؟

    فقال له الحسين: يابن أخي اصبر قليلاً حتى تلقى جدّك رسول الله فيسقيك شربة من الماء لا تظمأ


    فبقي العباس بن علي قائماً أمام الحسين يقاتل دونه، وكان العباس بطلاً جسيماً وسيماً، يركب الفرس المطهّم ورجلاه تخطّان على الأرض خطا، ويلقّب بالسقّاء وقمر بني هاشم.

    فجاء نحو أخيه الحسين فقال: يا أخاه هل من رخصة؟ فبكى الحسين حتى ابتلّت لحيته بدموعه فقال: أخي أنت العلامة من عسكري فإذا غدوت يؤول جمعنا إلى الشتات وتنبعث عمارتنا إلى الخراب، فقال العباس: فداك روح أخيك لقد ضاق صدري من الحياة الدنيا وأريد أخذ الثأر من هؤلاء المنافقين


    فقال له الحسين: فاطلب لهؤلاء الأطفال قليلاً من الماء، فبرز العباس فلمّا توسّط الميدان وقف ونادى: يا عمر بن سعد هذا الحسين ابن بنت رسول الله يقول لكم: إنكم قتلتم أصحابه واخوته وبني عمّه وبقي فريداً مع أولاده وعياله وهم عطاشى، قد أحرق الظمأ قلوبهم فاسقوهم شربة من الماء لأن أولاده وأطفاله قد وصلوا إلى الهلاك... إلى آخر كلامه.

    فلما سمع أهل الكوفة كلام أبي الفضل فمنهم من سكت ومنهم من جلس يبكي، وخرج شمر وشبث بن ربعي (عليهما اللعنة) وقالا: يابن أبي تراب قل لأخيك: لو كان كلّ وجه الأرض ماءاً وهو تحت أيدينا ما سقيناكم منه قطرة حتى تدخلوا في بيعة يزيد.

    فتبسّم العباس فرجع إلى الحسين وأخبره بمقال القوم، فبكى الحسين حتى بلّ أزياقه من الدموع، فسمع العباس الأطفال وهم ينادون: العطش العطش فركب فرسه وأخذ رمحه والقِربة، وكان عمر بن سعد قد وكّل أربعة آلاف رجلاً على الماء لا يدعون أحداً من أصحاب الحسين يشرب منه
    فحمل عليهم العباس ففرّقهم وكشفهم وقتل منهم ثمانين رجلاً وهو يقول:


    لا أرهـب الموت إذا الموت رقا حتى أوارى في المصاليت لقى

    إني أنـــــا العباس أغدو بالسقا ولا أخــــاف الشر يوم الملتقى


    حتى دخل الماء فلما أراد أن يشرب غُرفة من الماء ذكر عطش الحسين وال بيته فرمى الماء وهو يقول:


    يا نفس من بعد الحسين هوني وبعــــــــده لا كـــنت أن تكوني

    هــــــذا الحسين شارب المنون وتشربيــــــن بـــــارد المعـــين

    هيهـــــــــات ما هذا فعال ديني ولا فعــــــال صـــــــادق اليقين


    فملأ القربة وحملها على عاتقه وتوجّه نحو الخيمة فقطعوا عليه الطريق وأحاطوا به من كل جانب، وأخذوه بالنبال حتى صار درعه كجلد القنفذ من كثرة السهام، فكمن له زيد بن ورقاء من وراء نخلة وعاونه حكيم بن طفيل فضربه على يمينه فقطعها، فأخذ السيف بشماله وهو يقول:



    والله إن قطــــعتـــم يمــــــــيني إنـــــي أحــــامي أبداً عن ديني

    وعــــــن إمـــــام صادق اليقين نجــــــل النـــبي الطاهر الأمين

    فقـاتل حتى ضعف. فقطعوا شماله فجعل يقول:

    يا نـــــفس لا تخشي من الكفّار وأبشــــــري بــــــرحمة الجبّار

    قد قطــــعوا ببغيــــــهم يساري فـــــأصلهم يــــــا رب حر النار



    فجاء سهم وأصاب القربة وأريق ماؤها، فبقي العباس حائراً ليس له يد فيقاتل ولا ماء فيرجع إلى الخيمة، فضربه رجل بعمود من الحديد فسقط عن فرسه ونادى يا أخي أدرك أخاك



    فإنقضّ إليه الحسين كالصقر فرآه مقطوع اليدين مفضوخ الجبين مشكوك العين بسهم، فوقف عليه منحنياً وجلس عند رأسه يبكي، ففاضت نفس أبي الفضل فقال الحسين: أخي الآن انكسر ظهري وقلّت حيلتي وشمت بي عدوي.

    فهــــوى عـــليه ما هنالك قائلاً اليوم بـان عن اليمين حسامها

    الــــيوم آل إلـــى التفرّق جمعنا اليوم هـــــدّ عن البنود نظامها

    اليوم سارعــــن الكتائب كبشها اليوم غاب عن الصلاة إمامها

    اليوم نامت أعــــــين بك لم تنم وتـــــسهدت أخرى فعزّ منامها

    **

    عـباس تسمع زينباً تدعوك من لي يا حماي إذا العدى سلبوني

    أو لسـت تسمع ما تقول سكينة عــــمّاه يوم الأسر من يحميني



    ثم قام ورجع إلى الخيمة فاستقبلته ابنته سكينة، وقالت: أبتاه هل لك علم بعمّي العباس، فبكى الحسين وقال: يا بنتاه إن عمّك قتل.

    وخرج محمد بن عبد الله بن جعفر، وامه زينب الكبرى بنت أمير المؤمنين فقاتل حتى قتل.

    ثم برز أخوه عون بن عبد الله بن جعفر، وأمه أيضاً زينب الكبرى فقتل جمعاً كثيراً حتى قتل.

    وبرز أخوهما عبيد الله فقاتل حتى قتل.

    وبرز غلام من أخبية الحسين، وفي أذنيه درّتان وهو مذعور فجعل يلتفت يميناً وشمالاً، وقرطاه يتذبذبان فحمل عليه هاني بن ثبيت الحضرمي فضربه بالسيف فقتله، فصارت أمه تنظر إليه ولا تتكلّم كالمدهوشة.

    ثم نادى الحسين: هل من ذائب يذبّ عن حرم رسول الله؟ هل من موحّدٍ يخاف الله فينا؟ هل من مغيث يرجو الله في إغاثتنا؟

    فارتفعت أصوات النساء بالبكاء والعويل، فتقدّم إلى باب الخيمة وقال لزينب: ناوليني ولدي الرضيع لأودّعه


    استشهاد الإمام الحسين عليه السلام


    ولما قتل أصحابه وأهل بيته ولم يبق أحد عزم على لقاء الله، فدعى ببردة رسول الله فالتحف بها فأفرغ عليها درعه، وتقلّد سيفه واستوى على متن جواده، ثم توجّه نحو القوم وقال: ويلكم على مَ تقاتلونني؟ على حقٍّ تركته؟ أم على شريعة بدّلتها؟ أم على سنّة غيّرتها؟ فقالوا: نقاتلك بغضاً منّا لأبيك وما فعل بأشياخنا يوم بدر وحنين. فلما سمع كلامهم بكى، وجعل يحمل عليهم وجعلوا ينهزمون من بين يديه كأنهم الجراد المنتشر، ثم رجع إلى مركزه وهو يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.


    قال الباقر عليه السلام : « فلم يسقط من ذلك الدم قطرة واحدة » (4) .
    ثم إنه دنى من الخيمة ونادى : « يا سكينة ، يا فاطمة ، يا زينب ، يا أم كلثوم ، عليكنّ مني السلام » .
    فنادته سكينة : استسلمت للموت يا أبت ؟
    قال : « كيف لا يستسلم من لا ناصر له ولا معين » .
    فقالت : يا أبت ، ردّنا إلى حرم جدّنا رسول الله .
    ____________
    =
    ثم قاتل حتى قتل .
    وانظر مقاتل الطالبيين لأبي الفرج : ص 88 .
    (1) رواه السيد ابن طاوس في الملهوف : ص 167 .
    (2) ما عثرت على الحديث في غيبة النعماني ، وله مصادر كما سيأتي .
    (3) من الملهوف .
    (4) رواه السيد ابن طاوس في الملهوف : ص 168 وفيه : « قطرة إلى الأرض » .
    ورواه الخوارزمي في المقتل : 2 : 32 .
    --------------------------------------------------------------------------------

    ( 141 )

    فقال : « هيهات ، لو ترك القطا لنام » .
    فتصارخن النساء ، فسكتهنّ (1) ، ثم خرج ونادى : « قرّبن إليّ فرسي واسردنّ عليّ سلاحي » . فقرّبن إليه فرسه فركب ووقف قبالة القوم وسيفه مصلت في يده آيسا من الحياة
    وهو في تلك الحالة يطلب شربة من الماء وكان يقول:

    عازما على الموت وهو يقول :



    أنا ابن عليّ الطهر من آل هاشــم * كفانــي بهذا مفخـرا حين أفخر
    وجدّي رسول الله أكـرم من مشـى * ونحن سراج الله في الأرض نزهر
    وفاطم أمـي مـن سلالــة أحمـد * وعمّي يدعـى ذو الجناحيـن جعفر
    وفنيا كتــاب الله أنـزل صادقـا * وفينا الهدى والوحي بالخيـر يذكر
    ونحـن أمـان الله للخلــق كلهم * نسـرّ بهذا فـي الأنـام ونجهــر
    ونحن ولاة الحوض نسقي محبنـا * بكأس رسـول الله ما ليس ينكــر
    وشيعتنـا في النـاس أكـرم شيعة * ومبغضنـا يوم القيــامة يخسـر


    قال : ثم إنه عليه السلام دعا الناس الى البراز ، فلم يزل يقتل كل من دنا منه من عيون الرجال حتى قتل منهم مقتلة عظيمة ، ثم حمل على الميمنة وهو يقول :


    الموت خير من ركوب العـار * والعار أولى (2) من دخول النار

    فقتل منهم ما شاء الله ، ثم حمل على الميسرة وهو ينشد ويقول :


    أنــا الحسيــن بن علي * آليــت أن لا أنــثنــي
    أحمـي عيــالات أبــي * أمضي على دين النبــي (3)



    قال الراوي : واشتدّ العطش بالحسين ، فركب المسناة (4) يريد الفرات وأخوه
    ____________
    (1) إلى هنا رواه المجلسي في البحار : 45 : 47 عن بعض الكتب ولم يذكر اسمه .
    (2) في الهامش عن نسخة : « خير » .
    (3) رواه الخوارزمي في المقتل : 2 : 32 و 33 ، والإربلي في كشف الغمة : 2 : 231 مع اختلافات لفظية ، والمجلسي في البحار : 45 : 48 ـ 49 بدون اسناد إلى كتاب معين مع اختلافات في الألفاظ .
    (4) المسناه : تراب عال يحجز بين النهر والأرض الزراعية . ( تاج العروس : 10 : 185 « سنى » ) .
    --------------------------------------------------------------------------------

    فصاح عمر بن سعد: الويل لكم! أتدرون لمن تقاتلون؟ هذا ابن الأنزع البطين هذا ابن قتال العرب، احملوا عليه من كل جانب. فحملوا عليه فحمل عليهم كالليث المغضب، فجعل لا يلحق منهم أحداً إلا بعجهُ بالسيف فقتله، حتى قتل منهم مقتلة عظيمة،


    فحالوا بينه وبين رحله، فصاح: ويحكم يا شيعة آل أبي سفيان إن لم يكن لكم دين وكنتم لا تخافون المعاد، فكونوا أحراراً في دنياكم، وارجعوا إلى أحسابكم إن كنتم عربا.

    فناداه شمر: ما تقول يابن فاطمة؟

    قال أقولك أنا الذي أقاتلكم وأنتم تقاتلونني، والنساء ليس عليهن جناح، فامنعو عتاتكم وجهّالكم عن التعرّض لحرمي ما دمت حيّا.

    فصاح شمر بأصحابه: تنحّوا عن حرم الرجل واقصدوه بنفسه، فلعمري هو كفو كريم، فتراجع القوم
    لما رأى السبط أصحاب الوفا قـتلوا نــادى أبا الفضل أين الفارس البطل

    وأيــــن من دوني الأرواح قد بـذلوا بالأمس كانوا معي واليوم قد رحلوا

    وخلّفوا في سويد القلب نيرانا

    ثم نادى برفيع صوته: هل من ناصر ينصرني، هل من معين يعينني؟ فخرج زين العابدين وهو مريض لا يتمكّن أن يحمل سيفه، وأمّ كلثوم تنادي خلفه ارجع.

    فقال: يا عمّتاه ذريني أقاتل بين يدي ابن رسول الله، فقال الحسين: خذيه، لئلا تبقى الأرض خالية من نسل آل محمد.

    وفي رواية جاء الحسين واحتمله وأتى به إلى الخيمة ثمّ قال: ولدي ما تريد أن تصنع؟ قال: أبه إن نداءك قطع نياط قلبي، وأريد أن أفديك بروحي، فقال الحسين: يا ولدي أنت مريض، ليس عليك جهاد، وأنت الحجّة والإمام على شيعتي وأنت أبو الأئمة، وكافل الأيتام والأرامل، وأنت الرادّ لحرمي إلى المدينة.

    فقال زين العابدين: أبتاه تقتل وأنا أنظر إليك؟ ليت الموت أعدمني الحياة، روحي لروحك الفداء، نفسي لنفسك الوقاء.

    ثم ذهب الحسين إلى خيام الطاهرات من آل رسول الله، ونادى: يا سكينة ويا فاطمة ويا زينب ويا أم كلثوم: عليكنّ مني السلام فهذا آخر الاجتماع، وقد قرب منكنّ الافتجاع.

    فعلتْ أصواتهن بالبكاء وصحْن: الوداع الوداع، الفراق الفراق،
    فبكت سكينة

    وهو يقول:

    سيطول بعدي يا سكينة فاعلمي منك البـــكاء إذا الحِمام دهاني

    لا تــــحرقي قلبي بدمعك حسرة مادام مــنيّ الروح في جثماني

    فإذا قــــتلت فـــأنت أولى بالذي تــــــأتينه يا خـــــيرة النـسوان


    ثم إن الحسين دعاهن بأجمعهن، وقال لهن: استعدوا للبلاء واعلموا أن الله حافظكم وحاميكم، وسينجيكم من شر الأعداء ويجعل عاقبة أمركم إلى خير، ويعذب أعاديكم بأنواع العذاب، ويعوّضكم عن هذه البليّة بأنواع النعم والكرامة، فلا تشكوا ولا تقولوا بألسنتكم ما ينقص قدركم.

    ثم أمرهن بلبس أزرهن ومقانعهن، فسألته زينب عن ذلك، فقال: كأنّي أراكم عن قريب كالإماء والعبيد يسوقونكم أمام الركاب، ويسومونكم سوء العذاب، فنادت زينب: وا جدّاه وا قلّة ناصراه،
    فقال الحسين لها: مهلاً يا بنت المرتضى إن البكاء طويل، فاراد الحسين أن يخرج من الخيمة فتعلّقت به زينب، وقالت: مهلاً يا أخي توقّف حتى أتزوّ منك ومن نظري إليك وأودّعك وداع مفارق لا تلاقي بعده


    ثم دعا بأخته زينب وصبّرها وسكّنها من الجزع، وذكر لها ما أعدّ الله للصابرين، فقالت له: يابن أمي طب نفساً وقرّ عيناً فإنك تجدني كما تحب وترضى. فقال الحسين: أخيّة إيتيني بثوب عتيق لا يرغب فيه أحد، أجعله تحت ثيابي لئلا أجرّد بعد قتلي، فإني مقتول مسلوب، فارتفعت أصواتهنّ بالبكاء، فأتي بتبّان، وهو ثوب قصير ضيّق، فقال: لا، ذاك لباس من ضربت عليه الذلّة، فأخذ ثوباً خَلِقاً فخرقه وجعله تحت ثيابه فلما قتل جرّدوه منه.

    ثم نادى الحسين هل من يقدم إليّ جوادي؟ فسمعت زينب فخرجت وأخذت بعنان الجواد وأقبلت إليه وهي تقول: لمن تنادي وقد قرحت فؤادي.

    فعاد الحسين إلى القوم فحمل عليهم وكانت الرجال تشدّ عليه فيشدّ عليها، فتنكشف عنه انكشاف المعزى إذا حلّ فيها الذئب، حمل على الميمنة وهو يقول:




    المـــــوت خير من ركوب العار والعــــار أولى من دخول النار

    وحمل على الميسرة وهو يقول:

    أنــــــا الحســــــين بـــــن علي آليـــــــت أن لا أنـــــــثــــــــني

    أحــــــمي عــــــيالاتُ أبــــــــي أمضــــــي عـــــلى ديــن النبي



    فجعلوا يرشقونه بالسهام والنبال حتى صار درعه كالقنفذ، فوقف ليستريح ساعة وقد ضعف عن القتال فبينما هو واقف إذ أتاه حجرٌ فوقع على جبهته، فاخذ الثوب ليمسح الدم عن عينه فأتاه سهم محدّد مسموم له ثلاث شعب فوقع السهم في صدره على قلبه، فقال الحسين: بسم الله وبالله وفي سبيل الله وعلى ملّة رسول الله، ثم رفع رأسه إلى السماء وقال: الهي إنك تعلم أنّهم يقتلون رجلاً ليس على وجه الأرض ابن نبيّ غيره.

    ثم أخذ السهم وأخرجه من قفاه فانبعث الدم كالميزاب، فوضع يده على الجرح فلما امتلأت دماً رمى به إلى السماء، ثم وضع يده على الجرح ثانياً فلما امتلأت لطّخ به رأسه ولحيته وقال هكذا أكون حتى ألقى جدّي رسول الله وأنا مخضوب بدمي أقول: يا رسول الله قتلني فلان وفلان.

    فعند ذلك طعنه صالح بن وهب على خاصرته طعنة، فسقط عن فرسه على خده الأيمن وهو يقول: بسم الله وبالله وفي سبيل الله وعلى ملّة رسول الله، ثم جعل يجمع التراب تحت يده كالوسادة فيضع خدّه عليها ثم يناجي ربّه قائلاً:

    صبراً على قضائك وبلائك، يا رب لا معبود سواك، ثم وثب ليقوم للقتال فلم يقدر، فبكى بكاءاً شديداً، فنادى: وا جدّاه وا محمّداه، وا أبتاه وا عليّاه، وا غربتاه وا قلّة ناصراه، ءأقتل مظلوماً وجدّي محمد المصطفى؟ ءأذبح عطشانا وأبي عليّ المرتضى؟ ءأترك مهتوكاً وأمي فاطمة الزهراء؟

    ثم خرجت زينب من الفسطاط وهي تنادي: وا أخاه، وا سيداه، وا أهل بيتاه، ليت السماء أطبقت على الأرض، ليت الجبال تدكدكت على السهل، اليوم مات جدّي اليوم ماتت أمي.

    ثم نادت: ويحك يابن سعد أيقتل أبو بعد الله وأنت تنظر إليه؟ فلم يجبها عمرو بشيء، فنادت: ويحكم أما فيكم مسلم؟ فلم يجبها أحد.

    ثم انحدرت نحو المعركة وهي تقوم مرّة وتقعد أخرى، وتحثو التراب على راسها حتى وصلت إلى الحسين فطرحت نفسها على جسده وجعلت تقول:

    ءأنت الحسين أخي؟

    ءأنت ابن أمي؟

    ءأنت حمانا؟

    ءأنت رجانا؟

    والحسين لا يرد عليها جواباً، لأنه كان مشغولاً بنفسه، فقالت: أخي بحق جدّي إلا ما كلّمتني، وبحق أبي أمير المؤمنين إلا ما خاطبتني، يا حشاش مهجتي كلّمني يا شقيق روحي، ففتح الحسين عينه. فعند ذلك جلست زينب خلفه


    فالتفت إليها الحسين وقال: أخيّة كسرتِ قلبي وزِدتني كرباً فوق كربي، فبالله عليك إلا ما سكتِ وسكنتِ.

    فصاحت: وا ويلاه يابن أمي كيف اسكن واسكت وأنت بهذه الحالة تعالج سكرات الموت؟

    روحي لروحك الفداء، نفسي لنفسك الوقاء

    فخرج عبد الله بن الحسن وهو غلامٌ لم يراهق من عند النساء، فشدّ حتى وقف إلى جنب عمّه الحسين، فلحقته زينب بنت علي لتحسبه، فقال لها الحسين: احبسيه يا أختي فابى وامتنع عليها امتناعاً شديداً وقال: والله لا أفارق عمي، واهوى أبحر بن كعب إلى الحسين بالسيف فقال له الغلام: ويلك يابن الخبيثة أتقتل عمّي فضربه أبحر بالسيف فأتقاه الغلام بيده وأطنّها الى الجلد فإذا هي معلّقة، ونادى الغلام: يا عمّاه يا أبتاه فأخذه الحسين فضمّه إليه وقال: يابن أخي صبراً على ما نزل بك واحتسب في ذلك الأجر فإن الله يلحقك بآبائك الصالحين فرماه حرملة بسهم فذبحه في حجر عمّه الحسين.

    ثم صاح عمر بن سعد بأصحابه: ويلكم إنزلوا وحزّوا رأسه، وقال لرجل: ويلك إنزل إلى الحسين وأرحه. فأقبل عمرو بن الحجاج ليقتل الحسين فلمّا دنى ونظر إلى عينيه ولّى راجعاً مدبراً، فسألوه عن رجوعه؟ قال: نظرتُ إلى عينيه كأنهما عينا رسول الله. واقبل شبثُ بن ربعي فارتعدت يده ورمى السيف هارباً، فعند ذلك أقبل شمرٌ وجلس على صدر الحسين ووقعت المصيبة الكبرى التي يعجز القلم عن وصفها.


    يـــــا قـــــــتيلاً قوّض الدهر به عمـــــد الـــدين وأعلام الهدى

    قتــــلوه بــــعد عـــــلم مــــنهم إنـــــه خــــامس أصحاب الكسا

    وا صــــريعاً عـــالج الموت بلا شدّ لحيــــيـــــــن ولا مـــدّ ردا

    غـــــسّلوه بـــــدم الطـــعن وما كفّـــــنوه غـــــير بوغاء الثرى

    ألا لعنة الله على القوم الظالمين
    التعديل الأخير تم بواسطة اااحمد; الساعة 17-01-2008, 11:50 PM.

  • #2
    يا رسـول الله لو أبصرتهـم
    وهـم ما بيـن قتـلـى وسِـبا
    مِن رميض يُمنـع الظلّ ومِن
    عاطـش يسقـى أنابيـب القنـا
    ومسوق عاثـر يُسـعـى به
    خلـف محمول على غيـر وطا
    لرأت عيناك منهم منـظـراً
    للحـشـى شجـواً وللعيـن قذا
    لا أرى حـزنكـم يُنسى
    ولارزءكـم يُسلى وإن طال المدى

    عظم الله اجوركم أخي اااحمد

    تعليق


    • #3
      شكراء اختي وماجورين

      وكما قال الحسين

      ويؤكد ذلك ما نقله الذهبي في تاريخ الإسلام الجزء المتعلق بأحداث سنة (61-80) من الهجرة ص12 قول الحسين (ع) :"ألا ترون إلى الحق لا يعمل به وإلى الباطل لا يتناهى عنه ليرغب المؤمن في لقاء الله , وإني لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برما" , وهذه هي الحقيقة التي تتناسب مع شخصية سبط النبي صلى الله عليه وآله وابن علي (ع) , الذي تربى تحت بارقة ذو الفقار , لا ما استنتجه الكاتب ليقلل من شأن موقف الحسين (ع) ويرفغ من قيمة يزيد حفيد آكلة الأكباد

      تعليق


      • #4
        يرفع بمناسبة ليلة عاشر

        تعليق


        • #5
          انا لله وانا اليه راجعون

          تعليق


          • #6
            مأجورين لنا ولكم بمصاب ابى عبد الله الحسين وأخيه ابا الفضل وأولاده عليهم السلام وانصارهم الكرام .. سيدي ياحسين عليك السلام سيدي ياعباس عليك السلام .. سادتي قد اصبحت كربلاء اليوم وكل موالي ينوح ويبكي على مصابكم ونحن نعلم كل نفس ذائقة الموت لكن شهادتكم ثبت بها الدين وها أنصاركم تقاتل المارقين والكافرين فسحقوهم نصرتآ لذكراكم سادتي انتصردمكم على الباطل وثبت دين جدكم محمد ص وهذا هو الانتصار الحسيني خالد حتى الظهور المقدس وعدونا ماذا ينتظر ليس له شئ غير النيران ينتظر طوبى لأولاد علي علي حسين حسين عباس ابا الفضل عليكم مني سلام الله ابدآ أنتصار بني هاشم على الظالمين ولم تنقطع ذريتهم وانصارهم الى يوم القيامه أنتصار أنتصار أنتصار

            تعليق

            المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
            حفظ-تلقائي
            x

            رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

            صورة التسجيل تحديث الصورة

            اقرأ في منتديات يا حسين

            تقليص

            المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
            أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 16-05-2025, 03:07 AM
            ردود 0
            14 مشاهدات
            0 معجبون
            آخر مشاركة وهج الإيمان
            بواسطة وهج الإيمان
             
            أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 16-05-2025, 03:04 AM
            ردود 0
            7 مشاهدات
            0 معجبون
            آخر مشاركة وهج الإيمان
            بواسطة وهج الإيمان
             
            يعمل...
            X