أصل القضية وعلاقتها بقضية الأمام المهدي ( عجل الله فرجه الشريف )
عندما أمر الله سبحانه وتعالى سيدنا إبراهيم وولده إسماعيل عليهما السلام بأعادة بناء البيت الحرام , بعد أن تداعى أثناء الطوفان الذي أغرق الله به قوم نوح
ولم تتبق منه إلا القواعد , كانا كلما أقاما الأركان إنهدمت ( وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ) البقرة 127 .حتى رأى سيدنا إبراهيم
في الرؤيا أن قواعد البيت لاتقوم إلا بذبح سيدنا إسماعيل
وتقديمه كقربان لله عزّ وجل . وعرض الأمر على ولده إسماعيل
(فلما بلغ معه السعي قال يابني إني أرى في المنام أني أذبحك فأنظر ماذا ترى , قال ياأبت إفعل ماتؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين , فلما أسلما وتلّه للجبين , وناديناه أن ياإبراهيم , قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين , إن هذا لهو البلاء المبين , وفديناه بذبح عظيم , وتركنا عليه في الأخرين ) الصافات 102-108 . ولم يتردد إسماعيل
في تقديم نفسه كقربان لتقوم قواعد البيت (ياأبت إفعل ماتؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين ) . إن هذا الأمر برمته في الحقيقة لم يكن إلاّ ظاهر الأمر , وإنما كان له باطن وعمق بعيد أراد الله سبحانه أن يعلمه إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام ويبتليهما بالقدرة والأستعداد على حمل هذا الأمر , فالبيت ليس هو محض البيت الحرام , ولكن مايمكن إستنباطه في التفكر في هذه الأيات وربطها مع عموم الفلسفة التي يطرحها القرأن الكريم هو :
أن البيت كان رمزاً للدين , وإن الدين لاتقوم أركانه بالنية الصالحة والعمل الصالح وحدهما مهما بلغا من درجات الأخلاص , ولكنه بحاجة الى قربان , وهذا القربان يختلف عن القرابين التي تقدم لوجه الله كالهدي يوم النحر في مناسك الحج أو قربان تأكله النار عند أنبياء بني إسرائيل , فتلك القرابين كما قال تعالى ( لن ينال الله لحومها ولا دمائها ولكن يناله منكم التقوى ) , أما هذا القربان فهو تقديم إستشهادي من ولد إبراهيم
ترتفع بشاهدته قوائم الدين , ولا يستقيم الدين إلا بشهادته , ولم يقع الأختيار على إسحاق
لما علمه الله من أهلية إسماعيل
ومقدرته للقيام بهذا الواجب وهذا الدور الأستشهادي , ثم بمجرد قبول إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام القيام بالواجب بسماحة نفس ورحابة صدر وطيب خاطر من حيث المبدأ , كتب الله لهما قبولهما ورضيه منهما كقربان لابد منه . ولكن الله سبحانه كانت قد سبقت كلمته وقضاءه في أن يخرج من ذرية إسماعيل
صفوة خالصة كانت نوراً حول عرش الله تبارك وتعالى , وسيعني القبول الفعلي بالقربان نهاية إسماعيل
الذي لم يكن قد خرج ما في صُلبه بعد , وهو يعني عدم وجود ذرية لإسماعيل
, وهو يعني أن هذه الصفوة من ذرية إسماعيل التي هي نور خلقه الله قبل خلق ادم سقطع السلسلة الطبيعية التي يولد منها .
ولكن القضية الأساسية بقيت قائمة على حالها وهي أن أركان الدين بحاجة الى إستشهادي ( وتركنا عليه في الأخرين ) , فتمت عملية فداء إسماعيل
بفدية عظيمة أخذت من هذه الصفوة الخالصة ومن هذا النور من ذرية إسماعيل
وهم محمد وال محمد صلوات الله عليهم والوديعة الألهية التي عندهم , وهو الأمام الحسين
, وذلك هو ( الذبح العظيم ) الذي قبله وإرتضاه رب العرش العظيم ليس فقط فداءً لأسماعيل
( وفديناه بذبح عظيم ) بل لأن الله سبحانه كان يريد قرباناً أعظم لايرقى إليه قربان أخر . وقد تم تقديم هذا القربان العظيم وهذا الأستشهادي والأستشهاديين الذين معه يوم الطف لتقوم قواعد البيت وأركان الدين .. وهذا هو المعنى الحقيقي الذي رمى إليه هذا الأستشهادي عن نفسه وعن الأستشهاديين الذين معه بقوله ( إذا كان دين محمد لايستقم إلا بقتلي فيا سيوف خذيني ) وهو ليس قول عابر , بل هي نبوءه أنبأها إياه جدّه رسول الله
بأن دين محمد لايستقم إلا بقتل الحسين
وهكذا كان ( الذبح العظيم ) أعظم من القربان الأول بعد أن رضي حبيب الله
أن يقدم في سبيل هذا الحب فلذة كبده وريحانته من الدنيا قرباناً الى ربه ـ وبعد أن رضي هذا القربان ليس بالصبر وحده , بل بالأقدام والعزم أن يرفعوا قواعد البيت وأركان الدين برأس الحسين
المفصول عن الجسد , وترفعه الرماح حتى كأنه راية تخفق في السماء , وبأكف أخيه المقطوعة , وبأجساد أطفاله الممزقة , وبأكباد الرضع الحرّى من العطش , وبحرمات نسائه المنتهكة ... ثم رفع رأس سيد الشهداء على رؤوس رماح الأنقلابيين مشيعا بموكب بهي جليل , سار من أرض كربلاء ومازال سائراً الى فصل الخطاب , في كل بلدة وفي كل قرية وفي كل عاصمة يمر بها هذا الموكب تثور الثائرة , وتوقف الموكب في كونغرس الأنقلابيين ليقف ولده الأمام السجاد
عريفا للحفل معرّفا بنفسه ومعرفا بهذا الموكب : ( أنا إبن من دنا فتدلى , فكان قاب قوسين أو أدنى , أنا إبن علي المرتضى , أنا إبن المذبوح بكربلا ) . وهدرت الصرخات .. وتعالت الأحتجاجات وإنهمرت العبرات .. وإتقدت الزفرات , إذا كانت المؤودة ليس لها من يسأل عنها ويطالب بثأرها إلاّ ربّها ( بأي ذنب قتلت ) فأن هذا القربان له صفوف من الملائكة إستأذنت ربها للقتال معه ولم تدرك ماأرادت , وله العشرات من الملايين الهادرة , كلما شربوا كأس ماء بارد وكلما دخلوا بيتا أمنا , وكلما رأوا أطفالاً يلعبون ورضعا يرضعون وكلما رأوا حريماً مصونة ومحمية حرماتها ذكروا الطف .. الصرخة الكبرى في الضمير الأنساني .. الأستفزاز الأكبر لأخلاقيات المجتمع البشري .. التحدّي الأكبر لقضية الحق والعدالة , ومازال الموكب يسير بأتجاه فصل الخطاب والملايين الهادرة خلفه لاتريد أن تشفي صدورها , ولا تريد أن يذهب غيظ قلوبها , فلا يطفيء نار غضبها إلاّ أن تجاب على السؤال ( بأي ذنب قتلت ) ؟؟ بل لاشيء أبدا يطفيء نار غضبها , ولكنها تهتف ومازالت تهتف , ولسوف تبقى تهتف ... يالثارات الحسين , ويُقتلون في سبيل الحسين , وهم الموؤدة التي ألقى الله في قلوبهم مودة القربى , فيقتلهم الظالمون بسبب مودتهم لقربى رسول الله صلى الله عليه واله .
كلما ذهب جيل وجاء جيل أخر , كلما مرت الأزمان وولد مؤمنون جدد , علموا بقضية الحسين وأولاد الحسين وأصحاب الحسين عليهم السلام أحسّوا وكأنما قد خطف الحسين من بين ظهرانيهم غدرا فثارت ثائرتهم .. لزموا العمل بالتقية في كل شيء مع أعدائهم , ورضخوا للكثير من الذل , وقدموا الكثير من التنازلات لأعدائهم , ولكن عندما تصل القضية عند زيارة الحسين عليه اليلام والتمسك بشعائرهم في ذكرى إحياء فاجعة الحسين عليه السلام , سحقوا بأقدامهم كل التنازلات والتوافقات التي إنتزعها منهم أعدائهم , وثارت ثائرتهم على محاولات أعدائهم التي لم ترتدع يوما ولم تعتبر يوما لطمس ذكرى الحسين عليه السلام في قلوبهم. لاسلام في الأرض , ولا سلام بين الفريقين , مادام الحسين لم ينعم بالسلام ... فسلام على الحسين , وعلى أبناء الحسين وعلى أصحاب الحسين , أو لا سلام لأحد دون ذلك ...
بلى والله .. لقد أرادها الله هكذا .. ناراً متقدة في القلوب , غيظاً يغلي في الصدور على الأنقلابيين وأفعالهم .. الذين لاتنفع معهم حجة ولا بينة ولا ينفع معهم إلاّ السيف البتار , ودون ذلك لن يستقيم دين محمد , ولسوف يبقى هذا السيف يستمد تغيظه من ( الذبح العظيم ) حتى يظهر القائم بن محمد , القائم بن علي , القائم بن الحسين صلوات الله عليهم , هذا القائم الذي إن قام لايقعده أحد , حتى يعيد حرمة البلد , وحرمة الذي أُستحلت حرمته في البلد صلى الله عليه واله , وحرمة الوالد وما ولد عليه السلام التي أُستحلت في البلد وغير البلد ( إشتقاق من سورة البلد ) . بلد الله الذي حرّمه وإستحله الأنقلابيون , ليطفئوا نور الله بسيوفهم , أينما هاجر نور الله قتلوه .. أينما قام نور الله طعنوه .. أينما لاذ نور الله سمموه .. فغيبه الله عنهم ليتمه حين يأتي الأجل الموعود . ليتمه من النار التي أوقدها ( ألذبح العظيم ) في قلوب المؤمنين .. ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون الأنقلابيون .. وويل يومئذ للمكذبين .
الحسين عند الأنبياء :
لقد بقيت قصة هذا الفداء تتواتر على الأنبياء والرسل وجاء زكريا عليه السلام وبلغ منه الكبر ولم يكن له عقب , ودعا زكريا عليه السلام في أكثر من موقف أن يرزقه الله الولد , عندما رأى مريم عليها السلام وماأكرمها الله من الكرامة ( كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقاً قال يامريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب , هنالك دعا زكريا ربه قال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء ) ال عمران 37 ـ 38 .
ولكن متى وأين إستجاب الله سبحانه دعاء زكريا عليه السلام .
( كهيعص * ذكر رحمة ربك عبده زكريا * إذ نادى ربه نداءً خفيا * قال رب إني وهن العظم مني وأشتعل الرأس شيبا ولم أكن بدعائك رب شقيا * واني خفت الموالي من ورائي وكانت إمرأتي عاقرا فهب لي من لدنك وليا * يرثني ويرث من ال يعقوب وإجعله رب رضيا * يازكريا إنا نبشرك بغلام إسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا ) سورة مريم 1 ـ 6 .
إذن هنا في هذا الذكر رحم الله عبده زكريا , في ذكر " كهيعص " عندما ذكر كربلاء , والهجرة , ويزيد وفعلته , والعطش , والصبر , أراد زكريا عليه السلام أن يكون له إسوة برسول الله صلى الله عليه واله بأن يرزقه الله بولد تقع محبته في قلبه كمحبة رسول الله صلى الله عليه واله لولده الحسين عليه السلام ويفجعه الله كفاجعة رسول الله صلى الله عليه واله بولده الحسين عليه السلام , كان زكريا عليه السلام قد علم أن الله سبحانه إتخذ إبراهيم عليه السلام خليلا , وكلم موسى عليه السلام تكليما , وجعل عيسى عليه السلام روحه وكلمته ألقاها الى مريم عليها السلام , ولكنه تعالى إتخذ النبي الأمي صلى الله عليه واله حبيبا , هذه الكرامة والمنزلة العظمى , أن يكون حبيب الله , فسأل جبريل عليه السلام عن هذا الحبيب , بأي شيء إستحق هذا الحب , وقص عليه جبريل عليه السلام قصة الحسين عليه السلام , ودعا زكريا عليه السلام فأستجاب الله دعاءه , وأعطاه ماسيعطيه للحسين عليه السلام " لم نجعل له من قبل سميا " فكان يحيى أول من يسمى بهذا الأسم , وتمطر السماء دما عبيطا لمقتله , كما ستمطر السماء دما عبيطا لمقتل الحسين عليه السلام . فكان يحيى عليه السلام وما وقع له . بالحب وحده إستجاب الله سبحانه الدعاء , لأن زكريا عليه السلام أراد أن يحبه الله كما يحب النبي الأمي صلى الله عليه واله ولأن زكريا أحب رسول الله صلى الله عليه واله وأحب الحسين عليه السلام , لهذه الأبعاد يقول رسول الله صلى الله عليه واله ( أحب الله من أحب حسينا ) , لأن حب الحسين هي دعوة إبراهيم عليه السلام , يقول رسول الله صلى الله عليه واله أنا دعوة إبراهيم عليه السلام قال ( ربنا وإبعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم أياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم ) البقرة 129 . وكل من يحب الحسين عليه السلام هو دعوة إبراهيم عليه السلام عندما قال ( فأجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وإرزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون ) إبراهيم 37 . فهذه أفئدتنا تهوي إليهم أينما كانوا , ومتى ما كانوا , حاضرهم وغائبهم , بدعوة إبراهيم عليه السلام , فسلام على إبراهيم يوم ولد ويوم مات ويوم يبعث حيا , وتعسا لمن لم يحب حسينا , فأنه من الظالمين , لأن الله سبحانه وتعالى إستجاب لدعوة إبراهيم , وإستثنى وقال ( وإذ إبتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما ومن ذريتي قال لاينال عهدي الظالمين ) البقرة 124 . فالظالمون هم الذين لم تهو أفئدتهم الى الحسين والى أولاد الحسين والى أهل بيت الحسين , والحمد لله ألذي جعل لنا أفئدة تهوي إليهم , وعسى أن يجعلنا من القوم الذين يحبهم ويحبونه .. بسم الله الرحمن الرحيم ( فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزّة على الكافرين ) صدق الله العلي العظيم المائدة 137 .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
من كتاب عولمتنا .. دولة الأمام المهدي ( عجل )
بقلم السيد عامر الفيحان .
عندما أمر الله سبحانه وتعالى سيدنا إبراهيم وولده إسماعيل عليهما السلام بأعادة بناء البيت الحرام , بعد أن تداعى أثناء الطوفان الذي أغرق الله به قوم نوح





أن البيت كان رمزاً للدين , وإن الدين لاتقوم أركانه بالنية الصالحة والعمل الصالح وحدهما مهما بلغا من درجات الأخلاص , ولكنه بحاجة الى قربان , وهذا القربان يختلف عن القرابين التي تقدم لوجه الله كالهدي يوم النحر في مناسك الحج أو قربان تأكله النار عند أنبياء بني إسرائيل , فتلك القرابين كما قال تعالى ( لن ينال الله لحومها ولا دمائها ولكن يناله منكم التقوى ) , أما هذا القربان فهو تقديم إستشهادي من ولد إبراهيم






ولكن القضية الأساسية بقيت قائمة على حالها وهي أن أركان الدين بحاجة الى إستشهادي ( وتركنا عليه في الأخرين ) , فتمت عملية فداء إسماعيل









كلما ذهب جيل وجاء جيل أخر , كلما مرت الأزمان وولد مؤمنون جدد , علموا بقضية الحسين وأولاد الحسين وأصحاب الحسين عليهم السلام أحسّوا وكأنما قد خطف الحسين من بين ظهرانيهم غدرا فثارت ثائرتهم .. لزموا العمل بالتقية في كل شيء مع أعدائهم , ورضخوا للكثير من الذل , وقدموا الكثير من التنازلات لأعدائهم , ولكن عندما تصل القضية عند زيارة الحسين عليه اليلام والتمسك بشعائرهم في ذكرى إحياء فاجعة الحسين عليه السلام , سحقوا بأقدامهم كل التنازلات والتوافقات التي إنتزعها منهم أعدائهم , وثارت ثائرتهم على محاولات أعدائهم التي لم ترتدع يوما ولم تعتبر يوما لطمس ذكرى الحسين عليه السلام في قلوبهم. لاسلام في الأرض , ولا سلام بين الفريقين , مادام الحسين لم ينعم بالسلام ... فسلام على الحسين , وعلى أبناء الحسين وعلى أصحاب الحسين , أو لا سلام لأحد دون ذلك ...
بلى والله .. لقد أرادها الله هكذا .. ناراً متقدة في القلوب , غيظاً يغلي في الصدور على الأنقلابيين وأفعالهم .. الذين لاتنفع معهم حجة ولا بينة ولا ينفع معهم إلاّ السيف البتار , ودون ذلك لن يستقيم دين محمد , ولسوف يبقى هذا السيف يستمد تغيظه من ( الذبح العظيم ) حتى يظهر القائم بن محمد , القائم بن علي , القائم بن الحسين صلوات الله عليهم , هذا القائم الذي إن قام لايقعده أحد , حتى يعيد حرمة البلد , وحرمة الذي أُستحلت حرمته في البلد صلى الله عليه واله , وحرمة الوالد وما ولد عليه السلام التي أُستحلت في البلد وغير البلد ( إشتقاق من سورة البلد ) . بلد الله الذي حرّمه وإستحله الأنقلابيون , ليطفئوا نور الله بسيوفهم , أينما هاجر نور الله قتلوه .. أينما قام نور الله طعنوه .. أينما لاذ نور الله سمموه .. فغيبه الله عنهم ليتمه حين يأتي الأجل الموعود . ليتمه من النار التي أوقدها ( ألذبح العظيم ) في قلوب المؤمنين .. ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون الأنقلابيون .. وويل يومئذ للمكذبين .
الحسين عند الأنبياء :
لقد بقيت قصة هذا الفداء تتواتر على الأنبياء والرسل وجاء زكريا عليه السلام وبلغ منه الكبر ولم يكن له عقب , ودعا زكريا عليه السلام في أكثر من موقف أن يرزقه الله الولد , عندما رأى مريم عليها السلام وماأكرمها الله من الكرامة ( كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقاً قال يامريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب , هنالك دعا زكريا ربه قال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء ) ال عمران 37 ـ 38 .
ولكن متى وأين إستجاب الله سبحانه دعاء زكريا عليه السلام .
( كهيعص * ذكر رحمة ربك عبده زكريا * إذ نادى ربه نداءً خفيا * قال رب إني وهن العظم مني وأشتعل الرأس شيبا ولم أكن بدعائك رب شقيا * واني خفت الموالي من ورائي وكانت إمرأتي عاقرا فهب لي من لدنك وليا * يرثني ويرث من ال يعقوب وإجعله رب رضيا * يازكريا إنا نبشرك بغلام إسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا ) سورة مريم 1 ـ 6 .
إذن هنا في هذا الذكر رحم الله عبده زكريا , في ذكر " كهيعص " عندما ذكر كربلاء , والهجرة , ويزيد وفعلته , والعطش , والصبر , أراد زكريا عليه السلام أن يكون له إسوة برسول الله صلى الله عليه واله بأن يرزقه الله بولد تقع محبته في قلبه كمحبة رسول الله صلى الله عليه واله لولده الحسين عليه السلام ويفجعه الله كفاجعة رسول الله صلى الله عليه واله بولده الحسين عليه السلام , كان زكريا عليه السلام قد علم أن الله سبحانه إتخذ إبراهيم عليه السلام خليلا , وكلم موسى عليه السلام تكليما , وجعل عيسى عليه السلام روحه وكلمته ألقاها الى مريم عليها السلام , ولكنه تعالى إتخذ النبي الأمي صلى الله عليه واله حبيبا , هذه الكرامة والمنزلة العظمى , أن يكون حبيب الله , فسأل جبريل عليه السلام عن هذا الحبيب , بأي شيء إستحق هذا الحب , وقص عليه جبريل عليه السلام قصة الحسين عليه السلام , ودعا زكريا عليه السلام فأستجاب الله دعاءه , وأعطاه ماسيعطيه للحسين عليه السلام " لم نجعل له من قبل سميا " فكان يحيى أول من يسمى بهذا الأسم , وتمطر السماء دما عبيطا لمقتله , كما ستمطر السماء دما عبيطا لمقتل الحسين عليه السلام . فكان يحيى عليه السلام وما وقع له . بالحب وحده إستجاب الله سبحانه الدعاء , لأن زكريا عليه السلام أراد أن يحبه الله كما يحب النبي الأمي صلى الله عليه واله ولأن زكريا أحب رسول الله صلى الله عليه واله وأحب الحسين عليه السلام , لهذه الأبعاد يقول رسول الله صلى الله عليه واله ( أحب الله من أحب حسينا ) , لأن حب الحسين هي دعوة إبراهيم عليه السلام , يقول رسول الله صلى الله عليه واله أنا دعوة إبراهيم عليه السلام قال ( ربنا وإبعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم أياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم ) البقرة 129 . وكل من يحب الحسين عليه السلام هو دعوة إبراهيم عليه السلام عندما قال ( فأجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وإرزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون ) إبراهيم 37 . فهذه أفئدتنا تهوي إليهم أينما كانوا , ومتى ما كانوا , حاضرهم وغائبهم , بدعوة إبراهيم عليه السلام , فسلام على إبراهيم يوم ولد ويوم مات ويوم يبعث حيا , وتعسا لمن لم يحب حسينا , فأنه من الظالمين , لأن الله سبحانه وتعالى إستجاب لدعوة إبراهيم , وإستثنى وقال ( وإذ إبتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما ومن ذريتي قال لاينال عهدي الظالمين ) البقرة 124 . فالظالمون هم الذين لم تهو أفئدتهم الى الحسين والى أولاد الحسين والى أهل بيت الحسين , والحمد لله ألذي جعل لنا أفئدة تهوي إليهم , وعسى أن يجعلنا من القوم الذين يحبهم ويحبونه .. بسم الله الرحمن الرحيم ( فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزّة على الكافرين ) صدق الله العلي العظيم المائدة 137 .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
من كتاب عولمتنا .. دولة الأمام المهدي ( عجل )
بقلم السيد عامر الفيحان .
تعليق