البكاء على مصاب ابن رسول الله (ص) الإمام الحسين الشهيد (ع)
[FONT='Arabic Transparent', 'Times New Roman', Arial, Tahoma]
(( الموضوع منقول للآمانه ))
آعتذر للأطاله ... أتمنى الاستفاده للجميع عسى الله ان يوصلنا للدرب الحق والصلاح
اختكم ((بحرينيه))
[FONT='Arabic Transparent', 'Times New Roman', Arial, Tahoma]
[/FONT]
[FONT='Arabic Transparent', 'Times New Roman', Arial, Tahoma]
بسم الله الرحمن الرحيم
{ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ,
إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا }
الأحزاب (56-57)
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين
واللعنة على أعدائهم أجمعين من الأولين والآخرين
تبكيك عيني لا لاجل مثوبة** لكنما عيني لاجلك باكيه
قست القلوب فلم تلن لهداية** تبا لهاتيك القلوب القاسيه
روي أنه لما أخبر النبي صلى الله عليه وآله ابنته فاطمة بقتل ولدها الحسين وما يجري عليه من المحن بكت فاطمة بكاء شديدا ، وقالت : يا أبت متى يكون ذلك ؟
قال : في زمان خال مني ومنك ومن علي ، فاشتد بكاؤها وقالت : يا أبت فمن يبكي عليه ؟ ومن يلتزم باقامة العزاء له ؟
فقال النبي : يا فاطمة إن نساء امتي يبكون على نساء أهل بيتي ، رجالهم يبكون على رجال أهل بيتي ، ويجددون العزاء جيلا ، بعد جيل ، في كل سنة فإذا كان القيامة تشفعين أنت للنساء وأنا أشفع للرجال وكل من بكى منهم على مصاب الحسين أخذنا بيده وأدخلناه الجنة .
يا فاطمة ! كل عين باكية يوم القيامة ، إلا عين بكت على مصاب الحسين فانها ضاحكة مستبشرة بنعيم الجنة .
بحار الأنوار 44/34
قال الامام الصادق (عليه السلام) : من ذُكرنا عنده ففاضت عيناه ولو مثل جناح بعوضه ، غفر الله ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر .
قال الإمام الرضا (عليه السلام): إن يوم الحسين اقرح جفوننا , «وأسبل دموعنا» , واذل عزيزنا , بأرض كرب وبلاء وأورثنا الكرب والبلاء إلى يوم الإنقضاء , فعلى مثل الحسين عليه السلام فليبك الباكون , فأن البكاء عليه يحط الذنوب العظام .
روي عن الامام الباقر (عليه السلام) أنه قال :
(( إذا كان يوم عاشوراء من المحرم تنزل الملائكة من السماء على عدد الباكين في الارض على أبي عبدالله الحسين ومع كل ملك قارورة بيضاء فيدورون على المحافل والمجالس التي يذكر فيها مصاب الحسين وأهل بيته فيحملون في تلك القوارير جزع الباكين ودموع أعينهم على الحسين.
فإذا كان يوم القيامة ويوم الحشر والندامة وأتى الباكي على الحسين وليس له عمل سوى هذه الدمعه وهذا الجزع على الحسين فيقف محتاراً في أمره يوم المولى تعالى : قفوا يا ملائكتي فإن لهذا العبد أمانه عظيمة ودرة ثمينة فاعرضوها على الأنبياء حتى يفرضوا قيمتها ويُعطى ثمنها فيجمع الله الانبياء والأوصياء حتى يقوموا هذا الدمعة الثمينة بأعظم قيمة .
فيأتي آدم أبو البشر فيقال به : يا آدم قوم هذه الأمانة لهذا العبد الفقير الخاطئ الذي لا يملك غيرها فيتقدم آدم ويقول : الهي أنت الكريم الغفور الرحيم قيمة هذه أن تكفيه العذاب من نار جهنم فيقال له يا آدم قليل ماقومتها به
فيأتي الملائكة على نبي الله نوح فيحضر نوح فيقول : يا الهي يا كريم يا غفار قيمتها أن تكفي صاحبها شر الحساب وشر العقاب فيأتي النداء : هذا قليل ما قوّمتها يا نوح
فيأتي الملائكة بإبراهيم ويقول : إلهي أنت القادر على كل شيء وأنت الكريم الذي لا يبخل قيمتها أن تسهل على صاحبها الحساب وتجعله يستظل تحت عرشك وتسكنه فسيح جنتك فيأتي النداء : قليل ما قومتها به يا إبراهيم وهكذا حتى يعرضوها على جميع الأنبياء والأوصياء فيأتي النداء : قليل ما قومتها به
إلى أن يؤتى بها الى سيد الأنبياء وخاتم النبيين محمد فيحضر سيد المرسلين وشفيع الامة فيأتي النداء : يا محمد قوّم هذه الأمانة لهذا العبد الخاطئ العاصي من أمتك حتى يشتريها الله تعالى منه بأغلى ما يكون من الأثمان فيقول سيدنا محمد يارب أسأل وأنت العالم بنطقي إن هذا الشيء الذي أمرتني بتقويمه لعبدك الفقير من أين أتاه ومن أين حصل عليه ومن أين اكتسبه ؟
فيأتيه النداء قد جلس يوماً مع جماعة يذكرون مصاب ولدك الحسين فتأسف وتحسر حتى خرجت قطرة من دموع عينه فحفظتها له الملائكة فصورتها بقوتي وقدرتي وجعلتها له هذه الدرة البيضاء وأمرت ملائكتي أن يحفظونها له فكانت له ذخيرة في هذا اليوم فإذا سمع رسول الله هذا الكلام يخر ساجداً لله تعالى ويقول : يا رب العالمين يا مالك يوم الدين أنت اكرم الأكرمين ورحمتك وسعت كل شيء إذا كان هذا العبد حصل على هذا الشيء الذي لانظير له في دار الدنيا وأنت تكرمت عليه وتريد أن تشتريها منه بأغلى الأثمان فهذا الحسين هو يقوّمها لهذا العبد الفقير لأنه اكتسبها بسببه.
فيأتي الحسين فإذا نظر الى ذلك العبد وهو واقف بين يدي ملائكة العذاب وناصيته بيد زبانية غضاب وينظر الى تلك الدرة الثمينة والذخيرة العظيمة فيقول له : لا تخف ولا تحزن ويقول : يا رب قيمة هذه أن تنجي صاحبها من جميع الأهوال وتسقيه من الحوض علي يدي أبي أمير المؤمنين وتجعل مقامه عند مقام الشهداء والصديقين في الجنة التي عرضها عرض السموات والارض فهذه قيمتها وهذا أجره وثوابه عند الله تعالى )).
روى بن قولويه في الكاهل بسنده عن بن خارجه، قال(كنا عند أبي عبد الله جعفر الصادق (عليه السلام) فذكرنا الحسين بن علي (عليه السلام) فبكى أبو عبد الله وبكينا، ثم رفع رأسه فقال:
(قال الحسين بن علي (ع) : أنا قتيل العبرة، لا يذكرني مؤمن إلا بكى).
بسم الله الرحمن الرحيم
{ وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ ,
قَالُواْ تَالله تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ ,
قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ }
يوسف (84-86)
...
«كهيعص» في الآية - وبكاء الأنبياء على الحسين عليه السلام
روى المجلسي عن كتاب الدر الثمين , قال : في تفسير قوله تعالى «فتلقى ادم من ربه كلمات» (1) يروى ان آدم عليه السلام رأى على ساق العرش اسم النبي صلى الله عليه واله و سلم و الأئمة عليهم السلام , فلقنه جبرائيل بها , وقال له : قل يا حميد بحق محمد , يا علي بحق علي , يا فاطر بحق فاطمة , يا محسن بحق الحسن و الحسين , [ومنك الاحسان] (2) . فلما ذكر الحسين سالت دموعه وانخشع قلبه , فقال: أخي جبرائيل مالي إذا ذكرت الخامس ينكسر قلبي وتسيل عبرتي ؟ فقال جبرائيل : ولدك هذا يصاب بمصيبة تصغر عندها المصائب , قال : يقتل عطشانا و غريبا وحيدا , ولو تراه يا آدم هو ينادي وا عطشاه حتى يحول العطش بينه و بين السماء كالدخان , فبكى آدم (3) .
وروى ان زكريا سأل ربه أن يعلمه أسماء الخمسة , فهبط جبرائيل و علمه إياها , فكان زكريا عليه السلام اذا ذكر الحسين عليه السلام خنقته العبرة , فقال ذات يوم الهي
(1) سورة البقرة 2 : 37 .
(2) أثبتناه من المصدر .
(3) بحار الأنوار : 44 : 245 / 44 ـ باب (30) .
ما بالي اذا ذكرت اربعة منهم تسليت بأسمائهم من همومي , واذا ذكرت الحسين عليه السلام تدمع عيني ؟! فأنبأه الله تعالى عن قصته , و قال : «كهيعص» (1) فالكاف : اسم كربلاء , و الهاء : هلاك العترة الطاهرة , و الياء : يزيد وهو ظالم للحسين عليه السلام , والعين : عطش الحسين عليه السلام , و الصاد : صبره , فلما سمع زكريا علا بكاءه وزاد (2) .
ويروى ان رجلا من بني اسرائيل سأل موسى ابن عمران أن يسأل ربه ليعفو عنه , فسأل موسى ربه فقال عز من قائل : يا موسى اغفر لكل من سألني إلا لقاتل الحسين عليه السلام , فقال موسى : ومن يقتله ؟ قال : تقتله امة جده , عطشانا غريبا , و ينهب رحله ,وتسبى نسائه , وتقتل أصحابه ؟,وتشهر رؤسهم على أطراف الرماح , يا موسى صغيرهم يميته العطش , و كبيرهم جلده منكمش ؛ فبكى موسى و لعن قاتل الحسين عليه السلام (3) .
ومن مناجاة موسى عليه السلام قال : يارب , بم فضلت امة محمد على سائر الامم ؟ فقال الله تعالى لعشر خصال , فقال موسى , وما تلك الخصال التي يعملونها : قال تعالى :الصلاة , والزكاة , والصوم , والحج , والجهاد , والجمعة , والجماعة , والقرآن , والعلم , والعاشوراء , قال موسى : يا ربي وما العاشوراء ؟ قال : البكاء والتباكي على سبط محمد صلى الله عليه واله وسلم , والمرثية والعزاء على مصيبته , يا موسى ما من عبد من عبيدي في ذلك الزمان بكى أو تباكى و تعزى على سبط محمد صلى الله عليه واله وسلم إلا و كانت له الجنة خالدا فيها , ومن أنفق من ماله في محبة ابن بنت نبيه درهما أو
(1) سورة مريم 19 : 1 .
(2) بحار الأنوار : 44 : 223 / 308 .
(3) بحار الانوار : 44/308 .
دينارا إلا وباركت له في دار الدنيا , الدرهم بسبعين , وكان منعما في الجنة , و غفرت له ذنوبه , يا موسى و عزتي و جلالتي ما من رجل من امتي أو أمة من إمائي جرت من دموع عينيه قطرة واحدة إلا وكتبت له أجر مائة شهيد (1) .
وروي ان نوحا عليه السلام لما ركب السفينة طافت به جميع الدنيا , فلما مر بكربلاء أخذه الموج , وخاف نوح الغرق و فدعى ربه , فنزل جبرائيل و قال : يا نوح في هذا الموقع يقتل الحسين عليه السلام سبط محمد خاتم الأنبياء , فبكى نوح : وقال : يا جبرائيل ومن قاتله ؟ قال : لعين أهل السماوات و الأرض ؛ فلعنه نوح و سارت السفينة (2) .
وروي ان إبراهيم عليه السلم مر بكربلاء وهو راكب على فرسه , فعثرت به الفرس فسقط الى الارض و شج رأسه وسال دمه , فأخذ يكثر من الأستغفار وقال : الهي أي شئ حدث مني ؟ فنزل عليه جبرائيل وقال : يا إبراهيم ما حدث منك ذنب , و لكن هنا يقتل سبط خاتم النبيين , فسال دمك موافقة لدمه , فبكى إبراهيم ثم قال : يا جبرائيل ومن القاتل له ؟ قال : لعين أهل السماوات والأرض , فرفع إبراهيم يديه الى السماء و قـال : اللهم العـن قاتـل الحسين عليه السلام (3) .
وروي ان إسماعيل كانت أغنامه ترعى بشط الفرات , فأخبره الراعي إنها لا تشرب الماء من هذه المشرعة , فسأل إسماعيل ربه عن سبب ذلك , فأوحي الله اليه : سل غنمك فإنها تجيبك عن سبب ذلك , فقال لها إسماعيل لم لا تشربين من هذا الماء ؟ فأجابته بلسان فصيح : قد بلغنا إن ولدك الحسين عليه السلام سبط
(1) ذكره الفاضل الدربندي في أسرار الشهادات : 1/210 , قائلا : ذكر جمع من العلماء حديثا ... (وساق الحديث) .
(2) بحار الأنوار :44 : 243/38 ـ باب (30) عنه باختصار .
(3) بحار الأنوار :44 : 243/39 ـ باب (30) عنه باختصار .
محمد صلى الله عليه واله وسلم يقتل هنا عطشانا , فنحن لا نشرب من هذه المشرعة ؛ فبكى إسماعيل و سألها عن قاتله , قالت : هو لعين أهل السماوات والأرض , فقال إسماعيل : اللهم العن قاتل الحسين عليه السلام (1) .
وروي ان سليمان كان يجلس على بساطه ويسير به في الهواء , فمر ذات يوم بأرض كربلاء , فأدار الريح بساطه ثلاث دورات حتى خاف سليمان السقوط ثم سكنت الريح , فنزل البساط في أرض كربلاء , فقال سليمان للريح : لم سكنتي ؟ فقالت : ان هنا يقتل الحسين عليه السلام , قال : ومن يكون الحسين ؟ قالت : هو سبط محمد خاتم الأنبياء فبكى سليمان , ولعن قاتله , فهبت الريح وسار البساط (2) .
وروي إن عيسى عليه السلام كان سائحا في البراري ومعه الحواريون , فمروا بكربلاء , فرأوا أسدا كاسرا قد أخذ الطريق , فتقدم عيسى الى الأسد وقال له : لم جلست في هذا الطريق ولا تدعنا نمر فيه ؟ فنطق الأسد بكلام فصيح وقال : إني لا أدعكم تمرون حتى تلعنوا يزيد بن معاوية قاتل الحسين ؟ [فقال عيسى عليه السلام ومن يكون الحسين ؟] قال : هو سبط محمد النبي الأمي , فبكى عيسى ومن معه , ثم قال : ومن يقتله قال : لعين أهل السماوات والأرض , فلعنه عيسى ولعنه الحواريون , فتنحى الأسد عن طريقهم فساروا لقصدهم (3) . فالحسين عليه السلام بكاه آدم و جميع الأنبياء عليهم السلام , وهو إذ ذاك بساق العرش , وأما بعد ولادته بكاه جده رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وأبوه علي وأمه فاطمة عليهما السلام , وأما بعد قتله
(1) بحار الأنوار :44 : 243 / 40 ـ باب (30) .
(2) بحار الأنوار :44 : 244 / 42 ـ باب (30) .
(3) بحار الأنوار :44 : 244 / 43 ـ باب (30) .
فقد بكته الملائكة و الشمس والقمر , بل وكل العلوية والسفلية وكل ما خلق الله . ما يرى وما لا يرى , فكيف إذا لا تبكيه عيون المؤمنين الى يوم القيامة :
على مثل هذا الرزء يستحسن البكا وتقلع منا أنفس من سرورها
وهو القائل : أنا عبرة كل مؤمن ومؤمنة , ويحق للموالي أن يقول :
تبكيك عيني لا لأجل مثوبة *** لكنما عيني لأجلك باكيه
بكاء فاطمة عليها السلام على ولدها الحسين عليه السلام
روى فرات بن إبراهيم في تفسيره عن الصادق عليه السلام , انه قال : كان الحسين ابن علي عليه السلام مع امه تحمله فأخذه النبي صلى الله عليه واله وسلم و قال : لعن الله قاتلك , ولعن الله سالبك , واهلك الله امتوازرين عليك , وحكم بيني و بين من أعان عليك , فقالت فاطمة يا أبة أي شئ تقول ؟ قال : يا بنتاه ذكرت ما يصيبه بعدي و بعدك من الأذى و الظلم والغدر [البغي] (1) وهو يومئذ في عصبة كأنهم نجوم السماء يتهادون الى القتل و كأني أنظر الى معسكرهم و إلى موضع قتلهم (2) وتربتهم .قالت : يا أبة وأين هذا الموضع الذي تصف ؟ قال : هو موضع يقال له كربلاء و هي [دار] كرب وبلاء علينا وعلى الامة , يخرج عليهم شرار امتي و إن احدهما لو يشفع فيه السماوات و الأرض ما شفعوا له , وليأتيه قوم من محبينا ليس في الأرض أعلم بالله ولا أقوم بحقنا منهم , اولئك مصابيح الدجى وهم الشفعاء يوم القيامة , واردون حوضي غدا , أعرفهم إذا وردوا عليه بسيماهم فبكت فاطمة عليها السلام , فقال لها رسول الله صلى الله عليه و اله وسلم : يا بنتاه إن أفضل أهل الجنة هم الشهداء الذين بذوا أنفسهم
(1) أثبتناه من المصدر .
(2) في المصدر : رحالهم .
في مرضاة الله , فما عند الله خير من الدنيا ومافيها , ومن كتب عليه القتل خرج إلى مضجعه , ومن لم يقتل فسوف يموت , يا فاطمة بنت محمد أما تحبين إذا تأمرين غذا بأمر فتطاعي في هذا الخلق ؟ أما ترضين أن يكون ولدك من حملة العرش ؟ أما ترضين أن يكون أبوك يأتونه فيسألونه الشفاعة ؟ أما ترضين أن يكون بعلك من يذود الخلق يوم العطش الأكبر عن الحوض كما يذاد البعير الصادر عن ثناء فيسقي منه أوليائه ويذود عنه اعدائه ؟ يا فاطمة بنت محمد أما ترضين أن يكون بعلك قسيم الجنة والنار ؟ يأمر النار فتطيعه , يخرج منها من يشاء ويترك من يشاء , يا فاطمة بنت محمد أما ترضين أن تنظري إلى الملائكة على أرجاء السماء ينظرون إليك و إلى ما تأمرين به ؟ وينظرون إلى بعلك قد حضر الخلائق وهو يخاصمهم عند الله ؟ فما ترين الله صانعا بقاتل الحسين عليه السلام وقاتليك وقاتلي بعلك ؟ يا فاطمة بنت محمد أما ترضين أن الملائمه تيكي على ولدك ؟ أما ترضين أن يكون من ابن ولدك زائرا في ضمان الله ؟ ويكون من أتاه بمنزلة من حج البيت و اعتمر ؟ ولم يخل من الرحمه طرفة عين , وإدذا مات مات شهيدا , وإن بقى لم تنزل الحفظة تدعوا له ما بقي , ولم ينزل في حفظ الله امانه حتى يخرج من الدنيا ؟ قالت فاطمة عليه السلام : يا أبة سلمت ورضيت بذلك (1) .
وفي خبر آخر قالت عليه السلام : يا أبة متى يكون ذلك ؟ قال : في زمان خال مني و منك ومن بعلك , فاشتد بكاءها , وقالت : يا أبة فمن يبكي عليه , ومن يلتزم بإقامة العزاء عليه ؟ فقال لها : بنية إن نساء امتي يبكون على نساء أهل بيتي , ورجالهم يبكون على رجال اهل بيتي , ويجددون العزاء جيلا بعد جيل في كل سنة , فإذا كان يوم القيامة تشفعين أنت للنساء , وأنا أشفع للرجال , وكل من يبكي
(1) تفسير فرات الكوفي :1 : 1717/219 .
منهم على مصاب الحسين أخدناه بيده وأدخلناه الجنة , يا فاطمة كل عين باكية يوم القيامة الا عين بكت على مصاب الحسين عليه السلام فإنها ضاحكة مستبشرة بنعيم الجنة (1) .
وروي : أن فاطمة عليها السلام لما دنت منها الوفاة دعت ابنتها زينب , فشمتها من نحرها , وقبلتها من صدرها , وقالت لها : هذه وديعة لي عندك , فإدا رأيت اخيك وحيدا فريدا شميه في نحره , وقبليه في صدره , فإن نحره موضع سيف ابن ذي الجوشن و إن صدره موضع حوافر خيول بني أميه , قال : فامتثلت الحوراء زينب ذلك , ولما كان يوم عاشوراء وبقي الحسين وحيدا فريدا , أراد أن يودع العيال و يمضي الى القتال , أقبلت إليه ام المصائب وقالت له اخي اكشف لي عن صدرك وعن نحرك , فكشف له الحسين عليه السلام عن صدره , قلته في صدره وشمته في نحره , ثم وجهت وجهها نحو المدينة صائحة : يا اماه قد إسترجعت الوديعة وأخذت الأمانة , فتعجب الحسين من كلامها فقال لها : أخية ومن الأمانة ؟ قالت : اعلم يابن ام لما دنت الوفاة من امنا فاطمة , قربتني اليها وشمتني في نحري وقبلتني في صدري , وقالت لي : يا بني هذه وديعة لي عندك , فإذا رأيت أخاك الحسين وحيدا فريدا شميه في نحره وقبليه في صدره . قال الراوي : فلما سمع بذكر امه بكى! وسمع مناد ينادي بين السماء والأرض : والولداه وا حسينا .
فالزهراء تبكي على ولدها , بل وتحضر جميع المآتم كما روى : أن فضيل صنع مآتما للحسين عليه السلام , ولم يخبر به إمامنا الصادق عليه السلام , فلما كان اليوم الثاني أقبل إلى الإمام روحي فداه , فقال له : يا فضيل اين كنت البارحة ؟ قال : سيدي شغل عاقني , فقال : يا فضيل لا تخفي علي , أما صنعت مأتما وأقمت بدارك عزاء في
(1) بحار الأنوار : 44/292 ـ الحديث (37) .
مصاب جدي الحسين عليه السلام ؟ فقال : بلى سيدي , فقال عليه السلام : وأنا كنت حاضرا , قال : سيدي إذا ما رأيتك ؟! أين كنت جالس ؟ فقال عليه السلام : لما أردت الخروج من البيت أما عثرت بثوب أبيض ؟ قال : بلى سيدي , قال عليه السلام : انا كنت جالسا هناك , فقال له : سيدي لم جلست بباب البيت ولم تصدرت في المجلس ؟ فقال الصادق عليه السلام :كانت جدتي فاطمة بصدر المجلس جالسة , لذا ماتصدرت إجلالا لها .
ففاطمة عليه السلام تحضر في كل عزاء يعقد لولدها الحسين عليه السلام , كما حضرت مصرعه فرأته يوم عاشوراء بعد الظهر بساعة .
تريب المحيا تظن السما بأن على الأرض كيوانها (1)
في بكاء الأئمة وشيعتهم على الحسين عليه السلام
قال الله تعالى : «ان عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها اربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة واعلموا أن الله مع المتقين» (1) , وهذه الأشهر الأربعة هي : رجب ـ الذي بين جمادي وشعبان ـ الملقب: بالأصم , وذوالقعدة , وذوالحجة , ومحرم (2) .
فهذه الأشهر الأربعة كانت محترمة في الجاهلية , لا يوقعون فيها قتالا , وإذا تنافسوا فيما بينهم جعلوا عدة الأشهر غيرها , بل وحرموا القتال فيها إحتراما لها , فهذه الأشهر الأربعة محترمة سواء كانت في الجاهلية أو في الأسلام , حتى حكي : أن ضبة بن أركان كان له ابنان , أحدهما يسمى «سعد» والثاني «سعيد» فخرجا إلى سفر فهلك سعد ورجع سعيد , فخرج والدهما مفتشا عن إبنه الهالك في الأشهر الحرم ومعه الحارث بن كعب , فبينما هما ذات يوم سائران يتحدثان , إذ مرا بمكان , فقال الحارث لقيت في هذه المكان شابا صفته كذا وكذا فقتلته , وهذا
(1) سورة التوبة 9 : 36 .
(2) انظر تفسير الطبري : 14 234 .
سيفه , فقال ضبة : «الحديث ذو شجون» اي ـ حديثك محزن ـ فذهب قوله مثلا, ثم إن ضبة قتل الحارث فلامه الناس على إستحلال الأشهر الحرم , فقال :«سبق السيف العذل» (1) فهكذا كانوا يحترمون الاشهر الحرم .
وذكر ابن أبي الحديد : أن العرب تسمى آخر يوم من شوال فلتة , من حيث ان كل من لم يدرك ثأره فيه فاته , لأنهم إذا كانوا إذا دخلوا الأشهر الحرم لا يطالبون الثأر , وذوالقعدة من الأشهر الحرم (2) .
في البحار عن إبراهيم ابن أبي محمود قال : قال الرضا عليه السلام : ان المحرم شهر كان أهل الجاهلية «في مامضى» يحرمون فيها القتال فاستحلت فيه دمائنا وهتكت فيه حرمتنا , وسبي فيه ذرايتنا ونسائنا , وأضرمت النيران في مضاربنا , وانتهب منها ثقلنا , ولم ترع لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم فيه حرمة في أمرنا .
ثم قال عليه السلام: إن يوم الحسين اقرح جفوننا , «وأسبل دموعنا» , واذل عزيزنا , بأرض كرب وبلاء وأورثنا الكرب والبلاء إلى يوم الإنقضاء , فعلى مثل الحسين عليه السلام فليبك الباكون , فأن البكاء عليه يحط الذنوب العظام .
ثم قال الرضا عليه السلام : كان أبي إذا دخل شهر المحرم لا يرى ضاحكا وكانت الكآبة تغلب عليه حتى تمضي عشرة ايام , فإذا كان يوم العاشر كان ذلك اليوم مصيبته وحزنه وبكائه , ويقول : هو اليوم الذي قتل فيه الحسين عليه السلام (3) .
وعن الريان بن شبيب قال : دخلت على الرضا عليه السلام في أول يوم من المحرم , فقال لي : يابن شبيب , أصائم أنت؟ فقلت : لا , قال : إن هذا اليوم هو اليوم الذي
(1) جمهرة الأمثال
377/566 .
(2) شرح نهج البلاغة : 2/26 .
(3) أمالي الصدوق : 190/199 ـ المجلس (27) ـ الحديث (2) .
دعا فيه زكريا عليه السلام ربه عز وجل , فقال : «رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء » (1) فاستجاب الله له , وأمر الله ملائكته فنادت زكريا , وذلك قوله تبارك وتعالى : «فنادته الملائكة وهو قائم في المحراب إن الله يبشرك بيحيى مصدقا بكلمة من الله وسيدا وحصورا ونبيا من الصاحين» (2)فمن صام في هذا اليوم ثم دعا الله فانه يستجيب له , كما استجاب لزكريا عليه السلام .
ثم قال يابن شبيب ,إن المحرم هو الشهر الذي كان أهل الجاهلية فيما مضى يحرمون فيه الظلم والقتال لحرمته , فما عرفت هذه الامة حرمة هذا الشهر ولا حرمة نبيها صلى الله عليه واله وسلم , لقد قتلوا في هذا الشهر ذريته , وسبوا نساءه , وانتهبوا ثقله , فلا غفر الله لهم ذلك ابدا , يابن شبيب , إن كنت باكيا لشئ فابك على الحسين عليه السلام , فأنه ذبح كما يذبح الكبش , وقتل معه من أهل بيته ثمانية عشر رجلا , ما لهم في الأرض شبيه , لقد بكت السماوات السبع والأرضون السبع لقتله , ولقد نزل إلى الأرض من الملائكة أربعة لآلاف ملك لنصرته فلم يأذن لهم (3) .
وفي العيون والخبر الآخر , أنهم نزلوا فوجدوه قد قتل , فهم عند قبره شعث غبر إلى أن يقوم صاحب الأمر فيكونون من أنصاره , وشعائرهم : يا لثارات الحسين (4) . و كان الصادق عليه السلام أذا هل المحرم لا يرى شاحطا قط , وكذلك الأئمة واحدا بعد واحد , بل وهذه سيرة سارت في مواليهم وشيعتهم إذا هل عاشوراء اجتمعت
(1) سورة ال عمران 3 : 38 .
(2) سورة ال عمران 3 : 39 .
(3) أمالي الصدوق : 192/202 ـ المجلس (27) ـ الحديث (5) .
(4) عيون أخبار الرضا عليه السلام
299/58 ـ الباب (28) . وانظر المصدر السابق ايضا >
عليهم الاحزان والكروب ؛ ولعل الخبر يشير إلى ذلك :
«شيعتنا خلقوا من فاضل طينتنا , وعجنوا بنور ولايتنا , يصيبهم ما أصابنا , يفرحون لفرحنا , ويحزنون لحزننا» (1) وكانوا عليهم الصلاة والسلام يجلسون للعزاء كما تجلس شيعتهم اليوم . و كان الرضا عليه السلام يجلس في كل عشرة من المحرم كئيبا حزينا , ويعقد مجلسا للعزاء , ويجلس نساءه وراء الستار , وكان إذا دخل عليه أحد من الشعراء يأمره بالإنشاد على جده الحسين عليه السلام , كما في قصة دعبل الخزاعي لما دخل عليه وقال له : أنشدني , فأنشده التائية التي منها :
أفاطم لو خلت الحسين مجدلا وقد مات عطشانا بشط فرات (2)
وكذلك الصادق عليه السلام لما دخل عليه هارون المكفوف , فقال عليه السلام : أنشدني في جدي الحسين عليه السلام , فأنشأ يقول :
أمرر على جدث الحسين وقل لأعظمه الزكية
فبكى الصادق عليه السلام وقال : أنشدني كما تنشدون بالرقة فقال :
يا مريم نوحي على مولاك وعلى الحسين ألا أسعدي ببكاك
فصاحت ابنة الصادق عليه السلام : واجداه واحسيناه (3) . وهكذا ساير أهل البيت عليهم السلام ولا زالوا صارخين معولين عطاشا جائعين من اول شهر محرم إلى يوم العاشر .
وقيل للصادق عليه السلام : سيدي جعلت فداك , إن الميت يجلسون له بالنياحه بعد
(1) أورده الفاضل الدربندي في أسرار الشهادة : 1/104 , في كلام للإمام الصادق عليه السلام .
(2) بحار الأنوار : 45/257 ـالحديث (15) .
(3) انظر ثواب الأعمال للشيخ الصدوق : 109/1/ باب (146) .
موته أو قتله , وأراكم تجلسون أنتم وشيعتكم من أول الشهر بالمأتم والعزاء على الحسين عليه السلام !! فقال عليه السلام : «يا هذا إذا هل هلال محرم نشرت الملائكة ثوب الحسين عليه السلام وهو مخرق من ضرب السيوف , وملطخ بالدماء , فنراه نحن وشيعتنا بالبصيرة لا بالبصر , فتنفجر دموعنا» .
وقال عليه السلام فيما قال لمسمع كردين : «يا مسمع ما من عين بكت على الحسين عليه السلام إلا ونعمت بالنظر إلى الكوثر , أو شربت منه إلى يوم القيامة) (1) . فأي عين لا تبكي عليك يا أبا عبدالله , السلام على من دمه غسله , والتراب كافوره , ونسج الرياح أكفانه , والرماح الخطية نعشه , وفي قلب من والاه قبره :
إن يبقي ملقى بلا دفن فإن له قبرا بأحشاء من والاه محفورا
(1) بحار الأنوار : 44/289 ـ الحديث (31) , من حديث طويل .
في بكاء النبي صلى الله عليه واله وسلم على الحسين عليه السلام
وأن البكاء والرقة من شأن المعصوم
العجب كل العجب ممن يزعم أن المعصوم عليه السلام لا يبكي , أو أن البكاء لا يليق له وليس من شأنه , فاذا خطر مثل هذا في البال فهو وهم صرف , إذ أن البكاء والرقة من صفات المعصوم عليه السلام , كما أن الرحمة والرقة مودوعة في قلب كل نبي و كل معصوم , بل وكل مؤمن فضلا عن النبي و المعصوم , انظر الى النبي صلى الله عليه واله وسلم وقد دلت الأخبار المتواترة أنه صلى الله عليه واله وسلم بكى في مواطن كثيرة, كان أولها «يوم احد» , وذلك لما رأى عمه الحمزة عليه السلام قتيلا ورأى ما مثل به شهق (1) .
. ذكر ابن أبي الحديد : أن النبي صلى الله عليه واله وسلم كان يومئذ إذا بكت عمته صفية يبكي , وإذا انشجت ينشج , وكذلك لما رأى ابنته فاطمة عليها السلام تبكي على عمها بكى (2) .
. وذكر أحمد ابن حنبل : أن النبي صلى الله عليه واله وسلم لما رجع من «احد» فجعلت نساء الأنصار يبكين على من قتل من أزواجهن , فقال صلى الله عليه واله وسلم : «ولكن عمي حمزة لا
(1) المستدرك الحاكم :3/195 , وانظر أيضا : المحب الطبري في ذخائر العقبى : 180 , والهيثمي في مجمع الزوائد : 6/118 ـ باب مقتل حمزه عليه السلام .
(2) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : 15/17 ـ الباب (19) .
بواكي له» , ثم نام وانتبه وهن يبكين : قال : «فهن اليوم اذا بكن يندبن بحمزه» (1).
. ومنها: بكى على جعفر بن أبي طالب عليه السلام يوم «مؤتة» لما قتل (2)، ومنها: لما اصيب زيد ابن حارثة انطلق النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى منزله فلما رأته إبنتة زيد أجهشت بالبكاء، فسالت دمعته (3).
ومنها : عند موت ولده إبراهيم بكى , فقيل له : أتبكي وأنت رسول الله ؟ فقال صلى الله عليه واله وسلم : «إنما أنا بشر مثلكم , تدمع العين ويحزن القلب , ولا أقول ما يغضب الرب , وأنا بفراقك يا إبراهيم لمحزون» . ذكره البخاري في «صحيحه في الجزء الأول منه» (4) .
ومنها : يوم ماتت إحدى بناته جلس على قبرها وعيناه تدمعان , هكذا ذكر البخاري ايضا (5) .
ومنها : يوم مات صبي لأحدى بناته , إذ فاضت عيناه يومئذ فقال له سعد : ما هذا يا رسول الله ؟! قال : «هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده , وإنما يرحم من عباده الرحماء» . هكذا في الصحيحين ايضا (6) .
وأخرج الإمام أحمد من حديث ابن عباس ـ في الجزء الأول من مسنده ـ من جملة حديث ذكر فيه موت رقية بنت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم , وبكاء النساء عليها ,
(1) مسند أحمد ابن حنبل : 7/98 ـ الحديث (4984) .
(2) تاريخ الإسلام للذهبي : 2/488 و884 , وانظر ايضا : مختصر تاريخ دمشق لابن منظور : 6/73 و12/73 .
(3) تاريخ الإسلام للذهبي : 2/496 .
(4) صحيح البخاري (بشرح الكرماني) : 7 : 96/1228 .
(5) صحيح البخاري (بشرح الكرماني) : 7 : 81/1213 .
(6) صحيح مسلم : 2 : 635 / , وصحيح البخاري (بشرح الكرماني) :7 : 80/1212.
قال : فجعل عمر يضربهن بسوطه : فقال صلى الله عليه واله وسلم : «دعهن يبكين» . ثم قال صلى الله عليه واله وسلم : «مهما يكن من الفلب والعين فمن الله الرحمة» . وقعد على شفير القبر وفاطمة الى جنبه تبكي قال: فجعل النبي صلى الله عليه واله وسلم يسمح بعين فاطمة بثوبه رحمة لها (1) .
ومما يعاضد ذلك بكاؤه على الحسين عليه السلام في مواطن كثيرة , منها قبل ولادته وهبك عليه جبرائيل , قال : يا محمد يولد لك تقتله شرار امتك , فبكى صلى الله عليه و اله وسلم وقال : «لا حاجة لي فيه» فقال جبرائيل : يا رسول الله إن الإمامة تكون فيه وفي ولده؛ فسكت صلى الله عليه واله وسلم (2) .
وبكى عند ولادته , وذلك لما جاءت به صفية بنت عبد المطلب تحمله أخذه وشمه ثم بكى , فقالت له صفية : يا رسول الله وما هذا البكاء ؟! فقال لها صلى الله عليه واله وسلم : «إن ولدي هذا تقتله شرار امتي , لا تخبري ابنتي فاطمة فإنها جديدة عهد بولادتها».
ومنها : بكاءه صلى الله عليه واله وسلم لما دخل على فاطمة ورأى الحسين عليه السلام يبكي في المهد , فقال صلى الله عليه واله وسلم «بني سكتيه فأن بكاءه يؤذيني» ؛ ثم بكاه , وكان صلى الله عليه واله وسلم كلما نظر اليه يبكي , وإذا رآه في يوم عيد يبكي , واذا رآه يلعب يبكي.
وكان صلى الله عليه واله وسلم يقول : «حسين مني» , «حسين طمئنينتي» ، «حسين روحي التي بين جنبي»،«حسين مني وأنا من حسين» ، «أحب الله من أحب حسينا».
قال (3) : ودخل الحسن واخوه الحسين عليهما السلام على النبي صلى الله عليه واله وسلم يوما فشم الحسن عليه السلام في فمه , وشم الحسين عليه السلام في نحره , فقام الحسين وأقبل إلى امه ،
(1) مسند الإمام أحمد :5 : 41/3103 .
(2) اصول الكافي : 1 : 386/4 , والبحار :44 : 232/ , الحديث .
(3) والكلام لابن عباس .
فقال لها : اماه شمي فمي , هل تجدين فيه رائحة يكرهها جدي رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ؟ فشمته في فمه فإذا هو أطيب من المسك , ثم جاءت به إلى أبيها فقالت له : أبه لم كسرت قلب ولدي حسين عليه السلام ؟ فقال صلى الله عليه واله وسلم: مم ؟ قالت : تشم أخاه في فمه وتشمه من نحره , فلما سمع صلى الله عليه واله وسلم بكى , وقال : «بنية أما ولدي الحسن عليه السلام فإني شممته في فمه لأنه يسقى السم فيموت مسموما , وأما الحسين عليه السلام فإني شممته من نحره لأنه يذبح من الوريد الى الوريد» ؛ فلما سمعت فاطمة بكت بكاءا شديدا وقالت :أبة متى يكون ذلك؟ فقال : «بنية في زمان خال مني ومنك ومن أخيه وأخيه» فاشتد بكاؤها ثم قالت : ابه فمن يبكي عليه؟ ومن يلتزم بإقامة العزاء عليه؟ فقال له : «بنية فاطمة إن نساء امتي يبكون على نساء أهل بيتي ورجالهم يبكون على ولدي الحسين عليه السلام وأهل بيته , ويجددون عليه العزاء جيلا بعد جيل , فإذا كان يوم القيامة أنت تشفعين للنساء وأنا أشفع للرجال وكل من يبكي على ولدي الحسين عليه السلام أخذنا بيده وأدخلناه الجنة» (1) .
و قال صلى الله عليه واله وسلم : «على الحسين فلتشق القلوب لا الجيوب».
وقال صلى الله عليه واله وسلم: «ألا وصلى الله على الباكي على ولدي الحسين عليه السلام».
فرسول الله صلى الله عليه واله وسلم تراه تارة يدعو للباكي على ولده الحسين واخرى يخبر بفضل الباكي عليه وما له يوم القيامة من الأجر , لقوله صلى الله عليه واله وسلم : «كل عين باكيه يوم القيامة الاعين بكت على ولدي الحسين , فإنها ضاحكة مستبشرة بنعيم الجنة» (2)
(1) الخبر ذكره الفاضل الدربندي رحمه الله في أسرار الشهادات : 2/720 , وهو خبر طويل ومفصل وأورده هنا المؤلف رحمه الله على وجه الاختصار .
(2) انظر أسرار الشهادات للدربندي : 2/496 .
وروى المجلسي رحمه الله قال :
حكى السيد علي الحسيني قال : كنت مجاوراً في مشهد علي بن موسى الرضا عليه السلام مع جماعة من المؤمنين فلما كان يوم العاشر من المحرم عقدنا مأتما للحسين عليه السلام فابتأ رجل منا يقرأ مقتل الحسين عليه السلام فقرأ رواية عن الباقر عليه السلام إنه قال : «من ذرفت عيناه بالدموع على مصاب الحسين عيله السلام ولو كان مثل جناح البعوضة غفر الله ذنوبه , ولو كانت مثل زبد البحر» , وكان في المجلس معنا رجل يدعي العلم ولا يعرفه , فقال : ليس هذا صحيح وأن العقل لا يقبله .
قال : وكثر البحث بيننا ثم افترقنا وهو مصر على ماهو عليه , فلما نام تلك الليلة رأى في منامه كأن القيامة قد قامت وحشر الناس في صعيد واحد , وقد نصبت الموازين وامتد الصراط , ووضع للحساب ونشرت الكتب , واسعرت النيران وزخرفت الجنان , واشتد الحر عليه وعطش عطشا شديدا , فجعل يطلب الماء فلا يجده , فالتفت هناك وإذا بحوض عظيم الطول والعرض , فقال في نفسه : هذا هو الكوثر ؛ فأقبل إليه وإذا عليه رجلان وامرأة انوارهم مشرقة لابسين السواد , قال : فسألت عنهم فقيل لي : هذا رسول الله صلى الله عليه واله وسلم , وهذا علي عليه السلام , وهذه فاطمة عليها السلام , فقلت: اذا لماذا لابسين السواد فقيل لي أليس هذا اليوم يوم قتل فيه الحسين عليه السلام , قال: فدنوت اليهما وقلت لفاطمة: سيدتي إني لعطشان، فنظرت إلي شزرا , وقالت لي : أن الذي تنكر فضل البكاء على ولدي الحسين عليه السلام , لن تذوق منه قطرة واحدة حتى تتوب ما أنت عليه ؛ قال : فانتبه من نومه فزعا مرعوبا وجاء إلى أصحابه , وقص عليهم رؤياه وقال والله يا أصحابي أنا ندمت مما صدر مني , وأنا تائب عما كنت عليه (1) .
(1) بحار الأنوار : 44/293 ـ الحديث (38)
أقول : فليتها كانت حاضره يوم عاشوراء ومعها جرعة من ماء الكوثر وتسقي ولدها الحسين عليه السلام , لما نادى : يا قوم وحق جدي أنا عطشان . قال رجل من القوم: رايت شفتي أبي عبد الله يتحركان بكلام لم أفهمه , فقلت : إن كان الحسين عليه السلام يدعو علينا هلكنا ورب الكعبة. فأقبلت اليه فسمعته ينادي إسقوني جرعة من الماء , وقال: فأتيت الى ابن سعد (لعنه الله) وقلت له : يا أمير إن الرجل قد ضعف عن القتال ولا قابلية له على حمل السلاح , ما يضرك لو سقيته جرعة من الماء ؟ قال : فسكت اللعين , فعلمت ان السكوت من الرضا , فأقبلت إلى خيمتي وأخذت ركوة فملئتها ماء وأتيت مسرعا الى الحسين فبينا أنا في بعض الطريق و إذا بالكون قد تغيرت , وهبت ريح سوداة مظلمة , وتزلزلت الأرض , وإذا بالمنادي ينادي : قتل الإمام ابن الإمام أخو الإمام أبو الأئمة . فنظرت وإذا برأس الحسين عليه السلام على رأس رمح طويل .
وشيبته مخضوبة بدمائه *** يلاعبها غادي النسيم ورائحه.
من كتاب: ثمرات الاعواد ـ الجزء الاول
...
ورداً على عدو الزهراء الذي افترى كذبا وبهتانا على الإمام الصادق (ع) قول: (لقد ولدني ابو بكر مرتين)
بل قتلني مرتين!
الأولى بظلم فاطمة الزهراء (ع) بعد وفاة رسول الله (ص) وافتراء حديث على رسول الله يقول بأن ابناء الانبياء لا يرثون ذهبا ولا فضة ومنعها ارثها واغتصاب حقها في فدك, واضرام النار حول بيتها, وابعادها الى بيت الأحزان بسبب بكاءها على فقد أبيها وانقلاب قومه على أهل بيته, حتى توفيت وهي مقهورة فأوصت أطهر سيدة وهي سيدة نساء العالمين باخفاء موضع قبرها لكي لا يصلي عليها ظالميها.
والثانية اغتصاب الخلافة من أمير المؤمنين (ع) الذي ولاه رسول الله (ص) على المسلمين بأمر إلهي يوم غدير خم بقوله (من كنت مولاه فهذا علي مولاه), مما جعل قتل الحسين نتيجة حتمية مع أن الحسين لم يخرج طلباً للخلافة وإنما خرج طلبا للإصلاح في أمة جده وليأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويسير بسيرة جده.
فنرد على عدو الزهراء كما قالت سيدتنا زينب ابنة أمير المؤمنين (عليها السلام) ليزيد في مجلسه:
((ولئن جرت علي الدواهي مخاطبتك، اني لاستصغر قدرك واستعظم تقريعك، واستكثر توبيخك، لكن العيون عبرى، والصدور حرى.
فكد كيدك، واسع سعيك، وناصب جهدك، فوالله لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا، ولا يرحض عنك عارها، وهل رأيك الا فند وايامك الا عدد، وجمعك الا بدد، يوم ينادي المنادي الا لعنة الله على الظالمين.
والحمد لله رب العالمين، الذي ختم لأولنا بالسعادة والمغفرة ولآخرنا بالشهادة والرحمة، ونسأل الله ان يكمل لهم الثواب، ويوجب لهم المزيد ويحسن علينا الخلافة، انه رحيم ودود، وحسبنا الله ونعم الوكيل)).
{ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ }
عظم الله اجورنا و اجوركم بمصابنا بالحسين و جعلنا و اياكم من الطالبين بثأره مع وليه المهدي من آل محمد عليهم السلام
اللهم صلِّ على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
اللهم عجل فرجهم وإلعن أعدائهم من الأولين والآخرين اللهم إلعن أول ظالم ظلم حق م[/FONT]
[FONT='Arabic Transparent', 'Times New Roman', Arial, Tahoma]{ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ,
إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا }
الأحزاب (56-57)
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين
واللعنة على أعدائهم أجمعين من الأولين والآخرين
تبكيك عيني لا لاجل مثوبة** لكنما عيني لاجلك باكيه
قست القلوب فلم تلن لهداية** تبا لهاتيك القلوب القاسيه
روي أنه لما أخبر النبي صلى الله عليه وآله ابنته فاطمة بقتل ولدها الحسين وما يجري عليه من المحن بكت فاطمة بكاء شديدا ، وقالت : يا أبت متى يكون ذلك ؟
قال : في زمان خال مني ومنك ومن علي ، فاشتد بكاؤها وقالت : يا أبت فمن يبكي عليه ؟ ومن يلتزم باقامة العزاء له ؟
فقال النبي : يا فاطمة إن نساء امتي يبكون على نساء أهل بيتي ، رجالهم يبكون على رجال أهل بيتي ، ويجددون العزاء جيلا ، بعد جيل ، في كل سنة فإذا كان القيامة تشفعين أنت للنساء وأنا أشفع للرجال وكل من بكى منهم على مصاب الحسين أخذنا بيده وأدخلناه الجنة .
يا فاطمة ! كل عين باكية يوم القيامة ، إلا عين بكت على مصاب الحسين فانها ضاحكة مستبشرة بنعيم الجنة .
بحار الأنوار 44/34
قال الامام الصادق (عليه السلام) : من ذُكرنا عنده ففاضت عيناه ولو مثل جناح بعوضه ، غفر الله ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر .
قال الإمام الرضا (عليه السلام): إن يوم الحسين اقرح جفوننا , «وأسبل دموعنا» , واذل عزيزنا , بأرض كرب وبلاء وأورثنا الكرب والبلاء إلى يوم الإنقضاء , فعلى مثل الحسين عليه السلام فليبك الباكون , فأن البكاء عليه يحط الذنوب العظام .
روي عن الامام الباقر (عليه السلام) أنه قال :
(( إذا كان يوم عاشوراء من المحرم تنزل الملائكة من السماء على عدد الباكين في الارض على أبي عبدالله الحسين ومع كل ملك قارورة بيضاء فيدورون على المحافل والمجالس التي يذكر فيها مصاب الحسين وأهل بيته فيحملون في تلك القوارير جزع الباكين ودموع أعينهم على الحسين.
فإذا كان يوم القيامة ويوم الحشر والندامة وأتى الباكي على الحسين وليس له عمل سوى هذه الدمعه وهذا الجزع على الحسين فيقف محتاراً في أمره يوم المولى تعالى : قفوا يا ملائكتي فإن لهذا العبد أمانه عظيمة ودرة ثمينة فاعرضوها على الأنبياء حتى يفرضوا قيمتها ويُعطى ثمنها فيجمع الله الانبياء والأوصياء حتى يقوموا هذا الدمعة الثمينة بأعظم قيمة .
فيأتي آدم أبو البشر فيقال به : يا آدم قوم هذه الأمانة لهذا العبد الفقير الخاطئ الذي لا يملك غيرها فيتقدم آدم ويقول : الهي أنت الكريم الغفور الرحيم قيمة هذه أن تكفيه العذاب من نار جهنم فيقال له يا آدم قليل ماقومتها به
فيأتي الملائكة على نبي الله نوح فيحضر نوح فيقول : يا الهي يا كريم يا غفار قيمتها أن تكفي صاحبها شر الحساب وشر العقاب فيأتي النداء : هذا قليل ما قوّمتها يا نوح
فيأتي الملائكة بإبراهيم ويقول : إلهي أنت القادر على كل شيء وأنت الكريم الذي لا يبخل قيمتها أن تسهل على صاحبها الحساب وتجعله يستظل تحت عرشك وتسكنه فسيح جنتك فيأتي النداء : قليل ما قومتها به يا إبراهيم وهكذا حتى يعرضوها على جميع الأنبياء والأوصياء فيأتي النداء : قليل ما قومتها به
إلى أن يؤتى بها الى سيد الأنبياء وخاتم النبيين محمد فيحضر سيد المرسلين وشفيع الامة فيأتي النداء : يا محمد قوّم هذه الأمانة لهذا العبد الخاطئ العاصي من أمتك حتى يشتريها الله تعالى منه بأغلى ما يكون من الأثمان فيقول سيدنا محمد يارب أسأل وأنت العالم بنطقي إن هذا الشيء الذي أمرتني بتقويمه لعبدك الفقير من أين أتاه ومن أين حصل عليه ومن أين اكتسبه ؟
فيأتيه النداء قد جلس يوماً مع جماعة يذكرون مصاب ولدك الحسين فتأسف وتحسر حتى خرجت قطرة من دموع عينه فحفظتها له الملائكة فصورتها بقوتي وقدرتي وجعلتها له هذه الدرة البيضاء وأمرت ملائكتي أن يحفظونها له فكانت له ذخيرة في هذا اليوم فإذا سمع رسول الله هذا الكلام يخر ساجداً لله تعالى ويقول : يا رب العالمين يا مالك يوم الدين أنت اكرم الأكرمين ورحمتك وسعت كل شيء إذا كان هذا العبد حصل على هذا الشيء الذي لانظير له في دار الدنيا وأنت تكرمت عليه وتريد أن تشتريها منه بأغلى الأثمان فهذا الحسين هو يقوّمها لهذا العبد الفقير لأنه اكتسبها بسببه.
فيأتي الحسين فإذا نظر الى ذلك العبد وهو واقف بين يدي ملائكة العذاب وناصيته بيد زبانية غضاب وينظر الى تلك الدرة الثمينة والذخيرة العظيمة فيقول له : لا تخف ولا تحزن ويقول : يا رب قيمة هذه أن تنجي صاحبها من جميع الأهوال وتسقيه من الحوض علي يدي أبي أمير المؤمنين وتجعل مقامه عند مقام الشهداء والصديقين في الجنة التي عرضها عرض السموات والارض فهذه قيمتها وهذا أجره وثوابه عند الله تعالى )).
روى بن قولويه في الكاهل بسنده عن بن خارجه، قال(كنا عند أبي عبد الله جعفر الصادق (عليه السلام) فذكرنا الحسين بن علي (عليه السلام) فبكى أبو عبد الله وبكينا، ثم رفع رأسه فقال:
(قال الحسين بن علي (ع) : أنا قتيل العبرة، لا يذكرني مؤمن إلا بكى).
بسم الله الرحمن الرحيم
{ وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ ,
قَالُواْ تَالله تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ ,
قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ }
يوسف (84-86)
...
«كهيعص» في الآية - وبكاء الأنبياء على الحسين عليه السلام
روى المجلسي عن كتاب الدر الثمين , قال : في تفسير قوله تعالى «فتلقى ادم من ربه كلمات» (1) يروى ان آدم عليه السلام رأى على ساق العرش اسم النبي صلى الله عليه واله و سلم و الأئمة عليهم السلام , فلقنه جبرائيل بها , وقال له : قل يا حميد بحق محمد , يا علي بحق علي , يا فاطر بحق فاطمة , يا محسن بحق الحسن و الحسين , [ومنك الاحسان] (2) . فلما ذكر الحسين سالت دموعه وانخشع قلبه , فقال: أخي جبرائيل مالي إذا ذكرت الخامس ينكسر قلبي وتسيل عبرتي ؟ فقال جبرائيل : ولدك هذا يصاب بمصيبة تصغر عندها المصائب , قال : يقتل عطشانا و غريبا وحيدا , ولو تراه يا آدم هو ينادي وا عطشاه حتى يحول العطش بينه و بين السماء كالدخان , فبكى آدم (3) .
وروى ان زكريا سأل ربه أن يعلمه أسماء الخمسة , فهبط جبرائيل و علمه إياها , فكان زكريا عليه السلام اذا ذكر الحسين عليه السلام خنقته العبرة , فقال ذات يوم الهي
(1) سورة البقرة 2 : 37 .
(2) أثبتناه من المصدر .
(3) بحار الأنوار : 44 : 245 / 44 ـ باب (30) .
ما بالي اذا ذكرت اربعة منهم تسليت بأسمائهم من همومي , واذا ذكرت الحسين عليه السلام تدمع عيني ؟! فأنبأه الله تعالى عن قصته , و قال : «كهيعص» (1) فالكاف : اسم كربلاء , و الهاء : هلاك العترة الطاهرة , و الياء : يزيد وهو ظالم للحسين عليه السلام , والعين : عطش الحسين عليه السلام , و الصاد : صبره , فلما سمع زكريا علا بكاءه وزاد (2) .
ويروى ان رجلا من بني اسرائيل سأل موسى ابن عمران أن يسأل ربه ليعفو عنه , فسأل موسى ربه فقال عز من قائل : يا موسى اغفر لكل من سألني إلا لقاتل الحسين عليه السلام , فقال موسى : ومن يقتله ؟ قال : تقتله امة جده , عطشانا غريبا , و ينهب رحله ,وتسبى نسائه , وتقتل أصحابه ؟,وتشهر رؤسهم على أطراف الرماح , يا موسى صغيرهم يميته العطش , و كبيرهم جلده منكمش ؛ فبكى موسى و لعن قاتل الحسين عليه السلام (3) .
ومن مناجاة موسى عليه السلام قال : يارب , بم فضلت امة محمد على سائر الامم ؟ فقال الله تعالى لعشر خصال , فقال موسى , وما تلك الخصال التي يعملونها : قال تعالى :الصلاة , والزكاة , والصوم , والحج , والجهاد , والجمعة , والجماعة , والقرآن , والعلم , والعاشوراء , قال موسى : يا ربي وما العاشوراء ؟ قال : البكاء والتباكي على سبط محمد صلى الله عليه واله وسلم , والمرثية والعزاء على مصيبته , يا موسى ما من عبد من عبيدي في ذلك الزمان بكى أو تباكى و تعزى على سبط محمد صلى الله عليه واله وسلم إلا و كانت له الجنة خالدا فيها , ومن أنفق من ماله في محبة ابن بنت نبيه درهما أو
(1) سورة مريم 19 : 1 .
(2) بحار الأنوار : 44 : 223 / 308 .
(3) بحار الانوار : 44/308 .
دينارا إلا وباركت له في دار الدنيا , الدرهم بسبعين , وكان منعما في الجنة , و غفرت له ذنوبه , يا موسى و عزتي و جلالتي ما من رجل من امتي أو أمة من إمائي جرت من دموع عينيه قطرة واحدة إلا وكتبت له أجر مائة شهيد (1) .
وروي ان نوحا عليه السلام لما ركب السفينة طافت به جميع الدنيا , فلما مر بكربلاء أخذه الموج , وخاف نوح الغرق و فدعى ربه , فنزل جبرائيل و قال : يا نوح في هذا الموقع يقتل الحسين عليه السلام سبط محمد خاتم الأنبياء , فبكى نوح : وقال : يا جبرائيل ومن قاتله ؟ قال : لعين أهل السماوات و الأرض ؛ فلعنه نوح و سارت السفينة (2) .
وروي ان إبراهيم عليه السلم مر بكربلاء وهو راكب على فرسه , فعثرت به الفرس فسقط الى الارض و شج رأسه وسال دمه , فأخذ يكثر من الأستغفار وقال : الهي أي شئ حدث مني ؟ فنزل عليه جبرائيل وقال : يا إبراهيم ما حدث منك ذنب , و لكن هنا يقتل سبط خاتم النبيين , فسال دمك موافقة لدمه , فبكى إبراهيم ثم قال : يا جبرائيل ومن القاتل له ؟ قال : لعين أهل السماوات والأرض , فرفع إبراهيم يديه الى السماء و قـال : اللهم العـن قاتـل الحسين عليه السلام (3) .
وروي ان إسماعيل كانت أغنامه ترعى بشط الفرات , فأخبره الراعي إنها لا تشرب الماء من هذه المشرعة , فسأل إسماعيل ربه عن سبب ذلك , فأوحي الله اليه : سل غنمك فإنها تجيبك عن سبب ذلك , فقال لها إسماعيل لم لا تشربين من هذا الماء ؟ فأجابته بلسان فصيح : قد بلغنا إن ولدك الحسين عليه السلام سبط
(1) ذكره الفاضل الدربندي في أسرار الشهادات : 1/210 , قائلا : ذكر جمع من العلماء حديثا ... (وساق الحديث) .
(2) بحار الأنوار :44 : 243/38 ـ باب (30) عنه باختصار .
(3) بحار الأنوار :44 : 243/39 ـ باب (30) عنه باختصار .
محمد صلى الله عليه واله وسلم يقتل هنا عطشانا , فنحن لا نشرب من هذه المشرعة ؛ فبكى إسماعيل و سألها عن قاتله , قالت : هو لعين أهل السماوات والأرض , فقال إسماعيل : اللهم العن قاتل الحسين عليه السلام (1) .
وروي ان سليمان كان يجلس على بساطه ويسير به في الهواء , فمر ذات يوم بأرض كربلاء , فأدار الريح بساطه ثلاث دورات حتى خاف سليمان السقوط ثم سكنت الريح , فنزل البساط في أرض كربلاء , فقال سليمان للريح : لم سكنتي ؟ فقالت : ان هنا يقتل الحسين عليه السلام , قال : ومن يكون الحسين ؟ قالت : هو سبط محمد خاتم الأنبياء فبكى سليمان , ولعن قاتله , فهبت الريح وسار البساط (2) .
وروي إن عيسى عليه السلام كان سائحا في البراري ومعه الحواريون , فمروا بكربلاء , فرأوا أسدا كاسرا قد أخذ الطريق , فتقدم عيسى الى الأسد وقال له : لم جلست في هذا الطريق ولا تدعنا نمر فيه ؟ فنطق الأسد بكلام فصيح وقال : إني لا أدعكم تمرون حتى تلعنوا يزيد بن معاوية قاتل الحسين ؟ [فقال عيسى عليه السلام ومن يكون الحسين ؟] قال : هو سبط محمد النبي الأمي , فبكى عيسى ومن معه , ثم قال : ومن يقتله قال : لعين أهل السماوات والأرض , فلعنه عيسى ولعنه الحواريون , فتنحى الأسد عن طريقهم فساروا لقصدهم (3) . فالحسين عليه السلام بكاه آدم و جميع الأنبياء عليهم السلام , وهو إذ ذاك بساق العرش , وأما بعد ولادته بكاه جده رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وأبوه علي وأمه فاطمة عليهما السلام , وأما بعد قتله
(1) بحار الأنوار :44 : 243 / 40 ـ باب (30) .
(2) بحار الأنوار :44 : 244 / 42 ـ باب (30) .
(3) بحار الأنوار :44 : 244 / 43 ـ باب (30) .
فقد بكته الملائكة و الشمس والقمر , بل وكل العلوية والسفلية وكل ما خلق الله . ما يرى وما لا يرى , فكيف إذا لا تبكيه عيون المؤمنين الى يوم القيامة :
على مثل هذا الرزء يستحسن البكا وتقلع منا أنفس من سرورها
وهو القائل : أنا عبرة كل مؤمن ومؤمنة , ويحق للموالي أن يقول :
تبكيك عيني لا لأجل مثوبة *** لكنما عيني لأجلك باكيه
بكاء فاطمة عليها السلام على ولدها الحسين عليه السلام
روى فرات بن إبراهيم في تفسيره عن الصادق عليه السلام , انه قال : كان الحسين ابن علي عليه السلام مع امه تحمله فأخذه النبي صلى الله عليه واله وسلم و قال : لعن الله قاتلك , ولعن الله سالبك , واهلك الله امتوازرين عليك , وحكم بيني و بين من أعان عليك , فقالت فاطمة يا أبة أي شئ تقول ؟ قال : يا بنتاه ذكرت ما يصيبه بعدي و بعدك من الأذى و الظلم والغدر [البغي] (1) وهو يومئذ في عصبة كأنهم نجوم السماء يتهادون الى القتل و كأني أنظر الى معسكرهم و إلى موضع قتلهم (2) وتربتهم .قالت : يا أبة وأين هذا الموضع الذي تصف ؟ قال : هو موضع يقال له كربلاء و هي [دار] كرب وبلاء علينا وعلى الامة , يخرج عليهم شرار امتي و إن احدهما لو يشفع فيه السماوات و الأرض ما شفعوا له , وليأتيه قوم من محبينا ليس في الأرض أعلم بالله ولا أقوم بحقنا منهم , اولئك مصابيح الدجى وهم الشفعاء يوم القيامة , واردون حوضي غدا , أعرفهم إذا وردوا عليه بسيماهم فبكت فاطمة عليها السلام , فقال لها رسول الله صلى الله عليه و اله وسلم : يا بنتاه إن أفضل أهل الجنة هم الشهداء الذين بذوا أنفسهم
(1) أثبتناه من المصدر .
(2) في المصدر : رحالهم .
في مرضاة الله , فما عند الله خير من الدنيا ومافيها , ومن كتب عليه القتل خرج إلى مضجعه , ومن لم يقتل فسوف يموت , يا فاطمة بنت محمد أما تحبين إذا تأمرين غذا بأمر فتطاعي في هذا الخلق ؟ أما ترضين أن يكون ولدك من حملة العرش ؟ أما ترضين أن يكون أبوك يأتونه فيسألونه الشفاعة ؟ أما ترضين أن يكون بعلك من يذود الخلق يوم العطش الأكبر عن الحوض كما يذاد البعير الصادر عن ثناء فيسقي منه أوليائه ويذود عنه اعدائه ؟ يا فاطمة بنت محمد أما ترضين أن يكون بعلك قسيم الجنة والنار ؟ يأمر النار فتطيعه , يخرج منها من يشاء ويترك من يشاء , يا فاطمة بنت محمد أما ترضين أن تنظري إلى الملائكة على أرجاء السماء ينظرون إليك و إلى ما تأمرين به ؟ وينظرون إلى بعلك قد حضر الخلائق وهو يخاصمهم عند الله ؟ فما ترين الله صانعا بقاتل الحسين عليه السلام وقاتليك وقاتلي بعلك ؟ يا فاطمة بنت محمد أما ترضين أن الملائمه تيكي على ولدك ؟ أما ترضين أن يكون من ابن ولدك زائرا في ضمان الله ؟ ويكون من أتاه بمنزلة من حج البيت و اعتمر ؟ ولم يخل من الرحمه طرفة عين , وإدذا مات مات شهيدا , وإن بقى لم تنزل الحفظة تدعوا له ما بقي , ولم ينزل في حفظ الله امانه حتى يخرج من الدنيا ؟ قالت فاطمة عليه السلام : يا أبة سلمت ورضيت بذلك (1) .
وفي خبر آخر قالت عليه السلام : يا أبة متى يكون ذلك ؟ قال : في زمان خال مني و منك ومن بعلك , فاشتد بكاءها , وقالت : يا أبة فمن يبكي عليه , ومن يلتزم بإقامة العزاء عليه ؟ فقال لها : بنية إن نساء امتي يبكون على نساء أهل بيتي , ورجالهم يبكون على رجال اهل بيتي , ويجددون العزاء جيلا بعد جيل في كل سنة , فإذا كان يوم القيامة تشفعين أنت للنساء , وأنا أشفع للرجال , وكل من يبكي
(1) تفسير فرات الكوفي :1 : 1717/219 .
منهم على مصاب الحسين أخدناه بيده وأدخلناه الجنة , يا فاطمة كل عين باكية يوم القيامة الا عين بكت على مصاب الحسين عليه السلام فإنها ضاحكة مستبشرة بنعيم الجنة (1) .
وروي : أن فاطمة عليها السلام لما دنت منها الوفاة دعت ابنتها زينب , فشمتها من نحرها , وقبلتها من صدرها , وقالت لها : هذه وديعة لي عندك , فإدا رأيت اخيك وحيدا فريدا شميه في نحره , وقبليه في صدره , فإن نحره موضع سيف ابن ذي الجوشن و إن صدره موضع حوافر خيول بني أميه , قال : فامتثلت الحوراء زينب ذلك , ولما كان يوم عاشوراء وبقي الحسين وحيدا فريدا , أراد أن يودع العيال و يمضي الى القتال , أقبلت إليه ام المصائب وقالت له اخي اكشف لي عن صدرك وعن نحرك , فكشف له الحسين عليه السلام عن صدره , قلته في صدره وشمته في نحره , ثم وجهت وجهها نحو المدينة صائحة : يا اماه قد إسترجعت الوديعة وأخذت الأمانة , فتعجب الحسين من كلامها فقال لها : أخية ومن الأمانة ؟ قالت : اعلم يابن ام لما دنت الوفاة من امنا فاطمة , قربتني اليها وشمتني في نحري وقبلتني في صدري , وقالت لي : يا بني هذه وديعة لي عندك , فإذا رأيت أخاك الحسين وحيدا فريدا شميه في نحره وقبليه في صدره . قال الراوي : فلما سمع بذكر امه بكى! وسمع مناد ينادي بين السماء والأرض : والولداه وا حسينا .
فالزهراء تبكي على ولدها , بل وتحضر جميع المآتم كما روى : أن فضيل صنع مآتما للحسين عليه السلام , ولم يخبر به إمامنا الصادق عليه السلام , فلما كان اليوم الثاني أقبل إلى الإمام روحي فداه , فقال له : يا فضيل اين كنت البارحة ؟ قال : سيدي شغل عاقني , فقال : يا فضيل لا تخفي علي , أما صنعت مأتما وأقمت بدارك عزاء في
(1) بحار الأنوار : 44/292 ـ الحديث (37) .
مصاب جدي الحسين عليه السلام ؟ فقال : بلى سيدي , فقال عليه السلام : وأنا كنت حاضرا , قال : سيدي إذا ما رأيتك ؟! أين كنت جالس ؟ فقال عليه السلام : لما أردت الخروج من البيت أما عثرت بثوب أبيض ؟ قال : بلى سيدي , قال عليه السلام : انا كنت جالسا هناك , فقال له : سيدي لم جلست بباب البيت ولم تصدرت في المجلس ؟ فقال الصادق عليه السلام :كانت جدتي فاطمة بصدر المجلس جالسة , لذا ماتصدرت إجلالا لها .
ففاطمة عليه السلام تحضر في كل عزاء يعقد لولدها الحسين عليه السلام , كما حضرت مصرعه فرأته يوم عاشوراء بعد الظهر بساعة .
تريب المحيا تظن السما بأن على الأرض كيوانها (1)
في بكاء الأئمة وشيعتهم على الحسين عليه السلام
قال الله تعالى : «ان عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها اربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة واعلموا أن الله مع المتقين» (1) , وهذه الأشهر الأربعة هي : رجب ـ الذي بين جمادي وشعبان ـ الملقب: بالأصم , وذوالقعدة , وذوالحجة , ومحرم (2) .
فهذه الأشهر الأربعة كانت محترمة في الجاهلية , لا يوقعون فيها قتالا , وإذا تنافسوا فيما بينهم جعلوا عدة الأشهر غيرها , بل وحرموا القتال فيها إحتراما لها , فهذه الأشهر الأربعة محترمة سواء كانت في الجاهلية أو في الأسلام , حتى حكي : أن ضبة بن أركان كان له ابنان , أحدهما يسمى «سعد» والثاني «سعيد» فخرجا إلى سفر فهلك سعد ورجع سعيد , فخرج والدهما مفتشا عن إبنه الهالك في الأشهر الحرم ومعه الحارث بن كعب , فبينما هما ذات يوم سائران يتحدثان , إذ مرا بمكان , فقال الحارث لقيت في هذه المكان شابا صفته كذا وكذا فقتلته , وهذا
(1) سورة التوبة 9 : 36 .
(2) انظر تفسير الطبري : 14 234 .
سيفه , فقال ضبة : «الحديث ذو شجون» اي ـ حديثك محزن ـ فذهب قوله مثلا, ثم إن ضبة قتل الحارث فلامه الناس على إستحلال الأشهر الحرم , فقال :«سبق السيف العذل» (1) فهكذا كانوا يحترمون الاشهر الحرم .
وذكر ابن أبي الحديد : أن العرب تسمى آخر يوم من شوال فلتة , من حيث ان كل من لم يدرك ثأره فيه فاته , لأنهم إذا كانوا إذا دخلوا الأشهر الحرم لا يطالبون الثأر , وذوالقعدة من الأشهر الحرم (2) .
في البحار عن إبراهيم ابن أبي محمود قال : قال الرضا عليه السلام : ان المحرم شهر كان أهل الجاهلية «في مامضى» يحرمون فيها القتال فاستحلت فيه دمائنا وهتكت فيه حرمتنا , وسبي فيه ذرايتنا ونسائنا , وأضرمت النيران في مضاربنا , وانتهب منها ثقلنا , ولم ترع لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم فيه حرمة في أمرنا .
ثم قال عليه السلام: إن يوم الحسين اقرح جفوننا , «وأسبل دموعنا» , واذل عزيزنا , بأرض كرب وبلاء وأورثنا الكرب والبلاء إلى يوم الإنقضاء , فعلى مثل الحسين عليه السلام فليبك الباكون , فأن البكاء عليه يحط الذنوب العظام .
ثم قال الرضا عليه السلام : كان أبي إذا دخل شهر المحرم لا يرى ضاحكا وكانت الكآبة تغلب عليه حتى تمضي عشرة ايام , فإذا كان يوم العاشر كان ذلك اليوم مصيبته وحزنه وبكائه , ويقول : هو اليوم الذي قتل فيه الحسين عليه السلام (3) .
وعن الريان بن شبيب قال : دخلت على الرضا عليه السلام في أول يوم من المحرم , فقال لي : يابن شبيب , أصائم أنت؟ فقلت : لا , قال : إن هذا اليوم هو اليوم الذي
(1) جمهرة الأمثال

(2) شرح نهج البلاغة : 2/26 .
(3) أمالي الصدوق : 190/199 ـ المجلس (27) ـ الحديث (2) .
دعا فيه زكريا عليه السلام ربه عز وجل , فقال : «رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء » (1) فاستجاب الله له , وأمر الله ملائكته فنادت زكريا , وذلك قوله تبارك وتعالى : «فنادته الملائكة وهو قائم في المحراب إن الله يبشرك بيحيى مصدقا بكلمة من الله وسيدا وحصورا ونبيا من الصاحين» (2)فمن صام في هذا اليوم ثم دعا الله فانه يستجيب له , كما استجاب لزكريا عليه السلام .
ثم قال يابن شبيب ,إن المحرم هو الشهر الذي كان أهل الجاهلية فيما مضى يحرمون فيه الظلم والقتال لحرمته , فما عرفت هذه الامة حرمة هذا الشهر ولا حرمة نبيها صلى الله عليه واله وسلم , لقد قتلوا في هذا الشهر ذريته , وسبوا نساءه , وانتهبوا ثقله , فلا غفر الله لهم ذلك ابدا , يابن شبيب , إن كنت باكيا لشئ فابك على الحسين عليه السلام , فأنه ذبح كما يذبح الكبش , وقتل معه من أهل بيته ثمانية عشر رجلا , ما لهم في الأرض شبيه , لقد بكت السماوات السبع والأرضون السبع لقتله , ولقد نزل إلى الأرض من الملائكة أربعة لآلاف ملك لنصرته فلم يأذن لهم (3) .
وفي العيون والخبر الآخر , أنهم نزلوا فوجدوه قد قتل , فهم عند قبره شعث غبر إلى أن يقوم صاحب الأمر فيكونون من أنصاره , وشعائرهم : يا لثارات الحسين (4) . و كان الصادق عليه السلام أذا هل المحرم لا يرى شاحطا قط , وكذلك الأئمة واحدا بعد واحد , بل وهذه سيرة سارت في مواليهم وشيعتهم إذا هل عاشوراء اجتمعت
(1) سورة ال عمران 3 : 38 .
(2) سورة ال عمران 3 : 39 .
(3) أمالي الصدوق : 192/202 ـ المجلس (27) ـ الحديث (5) .
(4) عيون أخبار الرضا عليه السلام

عليهم الاحزان والكروب ؛ ولعل الخبر يشير إلى ذلك :
«شيعتنا خلقوا من فاضل طينتنا , وعجنوا بنور ولايتنا , يصيبهم ما أصابنا , يفرحون لفرحنا , ويحزنون لحزننا» (1) وكانوا عليهم الصلاة والسلام يجلسون للعزاء كما تجلس شيعتهم اليوم . و كان الرضا عليه السلام يجلس في كل عشرة من المحرم كئيبا حزينا , ويعقد مجلسا للعزاء , ويجلس نساءه وراء الستار , وكان إذا دخل عليه أحد من الشعراء يأمره بالإنشاد على جده الحسين عليه السلام , كما في قصة دعبل الخزاعي لما دخل عليه وقال له : أنشدني , فأنشده التائية التي منها :
أفاطم لو خلت الحسين مجدلا وقد مات عطشانا بشط فرات (2)
وكذلك الصادق عليه السلام لما دخل عليه هارون المكفوف , فقال عليه السلام : أنشدني في جدي الحسين عليه السلام , فأنشأ يقول :
أمرر على جدث الحسين وقل لأعظمه الزكية
فبكى الصادق عليه السلام وقال : أنشدني كما تنشدون بالرقة فقال :
يا مريم نوحي على مولاك وعلى الحسين ألا أسعدي ببكاك
فصاحت ابنة الصادق عليه السلام : واجداه واحسيناه (3) . وهكذا ساير أهل البيت عليهم السلام ولا زالوا صارخين معولين عطاشا جائعين من اول شهر محرم إلى يوم العاشر .
وقيل للصادق عليه السلام : سيدي جعلت فداك , إن الميت يجلسون له بالنياحه بعد
(1) أورده الفاضل الدربندي في أسرار الشهادة : 1/104 , في كلام للإمام الصادق عليه السلام .
(2) بحار الأنوار : 45/257 ـالحديث (15) .
(3) انظر ثواب الأعمال للشيخ الصدوق : 109/1/ باب (146) .
موته أو قتله , وأراكم تجلسون أنتم وشيعتكم من أول الشهر بالمأتم والعزاء على الحسين عليه السلام !! فقال عليه السلام : «يا هذا إذا هل هلال محرم نشرت الملائكة ثوب الحسين عليه السلام وهو مخرق من ضرب السيوف , وملطخ بالدماء , فنراه نحن وشيعتنا بالبصيرة لا بالبصر , فتنفجر دموعنا» .
وقال عليه السلام فيما قال لمسمع كردين : «يا مسمع ما من عين بكت على الحسين عليه السلام إلا ونعمت بالنظر إلى الكوثر , أو شربت منه إلى يوم القيامة) (1) . فأي عين لا تبكي عليك يا أبا عبدالله , السلام على من دمه غسله , والتراب كافوره , ونسج الرياح أكفانه , والرماح الخطية نعشه , وفي قلب من والاه قبره :
إن يبقي ملقى بلا دفن فإن له قبرا بأحشاء من والاه محفورا
(1) بحار الأنوار : 44/289 ـ الحديث (31) , من حديث طويل .
في بكاء النبي صلى الله عليه واله وسلم على الحسين عليه السلام
وأن البكاء والرقة من شأن المعصوم
العجب كل العجب ممن يزعم أن المعصوم عليه السلام لا يبكي , أو أن البكاء لا يليق له وليس من شأنه , فاذا خطر مثل هذا في البال فهو وهم صرف , إذ أن البكاء والرقة من صفات المعصوم عليه السلام , كما أن الرحمة والرقة مودوعة في قلب كل نبي و كل معصوم , بل وكل مؤمن فضلا عن النبي و المعصوم , انظر الى النبي صلى الله عليه واله وسلم وقد دلت الأخبار المتواترة أنه صلى الله عليه واله وسلم بكى في مواطن كثيرة, كان أولها «يوم احد» , وذلك لما رأى عمه الحمزة عليه السلام قتيلا ورأى ما مثل به شهق (1) .
. ذكر ابن أبي الحديد : أن النبي صلى الله عليه واله وسلم كان يومئذ إذا بكت عمته صفية يبكي , وإذا انشجت ينشج , وكذلك لما رأى ابنته فاطمة عليها السلام تبكي على عمها بكى (2) .
. وذكر أحمد ابن حنبل : أن النبي صلى الله عليه واله وسلم لما رجع من «احد» فجعلت نساء الأنصار يبكين على من قتل من أزواجهن , فقال صلى الله عليه واله وسلم : «ولكن عمي حمزة لا
(1) المستدرك الحاكم :3/195 , وانظر أيضا : المحب الطبري في ذخائر العقبى : 180 , والهيثمي في مجمع الزوائد : 6/118 ـ باب مقتل حمزه عليه السلام .
(2) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : 15/17 ـ الباب (19) .
بواكي له» , ثم نام وانتبه وهن يبكين : قال : «فهن اليوم اذا بكن يندبن بحمزه» (1).
. ومنها: بكى على جعفر بن أبي طالب عليه السلام يوم «مؤتة» لما قتل (2)، ومنها: لما اصيب زيد ابن حارثة انطلق النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى منزله فلما رأته إبنتة زيد أجهشت بالبكاء، فسالت دمعته (3).
ومنها : عند موت ولده إبراهيم بكى , فقيل له : أتبكي وأنت رسول الله ؟ فقال صلى الله عليه واله وسلم : «إنما أنا بشر مثلكم , تدمع العين ويحزن القلب , ولا أقول ما يغضب الرب , وأنا بفراقك يا إبراهيم لمحزون» . ذكره البخاري في «صحيحه في الجزء الأول منه» (4) .
ومنها : يوم ماتت إحدى بناته جلس على قبرها وعيناه تدمعان , هكذا ذكر البخاري ايضا (5) .
ومنها : يوم مات صبي لأحدى بناته , إذ فاضت عيناه يومئذ فقال له سعد : ما هذا يا رسول الله ؟! قال : «هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده , وإنما يرحم من عباده الرحماء» . هكذا في الصحيحين ايضا (6) .
وأخرج الإمام أحمد من حديث ابن عباس ـ في الجزء الأول من مسنده ـ من جملة حديث ذكر فيه موت رقية بنت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم , وبكاء النساء عليها ,
(1) مسند أحمد ابن حنبل : 7/98 ـ الحديث (4984) .
(2) تاريخ الإسلام للذهبي : 2/488 و884 , وانظر ايضا : مختصر تاريخ دمشق لابن منظور : 6/73 و12/73 .
(3) تاريخ الإسلام للذهبي : 2/496 .
(4) صحيح البخاري (بشرح الكرماني) : 7 : 96/1228 .
(5) صحيح البخاري (بشرح الكرماني) : 7 : 81/1213 .
(6) صحيح مسلم : 2 : 635 / , وصحيح البخاري (بشرح الكرماني) :7 : 80/1212.
قال : فجعل عمر يضربهن بسوطه : فقال صلى الله عليه واله وسلم : «دعهن يبكين» . ثم قال صلى الله عليه واله وسلم : «مهما يكن من الفلب والعين فمن الله الرحمة» . وقعد على شفير القبر وفاطمة الى جنبه تبكي قال: فجعل النبي صلى الله عليه واله وسلم يسمح بعين فاطمة بثوبه رحمة لها (1) .
ومما يعاضد ذلك بكاؤه على الحسين عليه السلام في مواطن كثيرة , منها قبل ولادته وهبك عليه جبرائيل , قال : يا محمد يولد لك تقتله شرار امتك , فبكى صلى الله عليه و اله وسلم وقال : «لا حاجة لي فيه» فقال جبرائيل : يا رسول الله إن الإمامة تكون فيه وفي ولده؛ فسكت صلى الله عليه واله وسلم (2) .
وبكى عند ولادته , وذلك لما جاءت به صفية بنت عبد المطلب تحمله أخذه وشمه ثم بكى , فقالت له صفية : يا رسول الله وما هذا البكاء ؟! فقال لها صلى الله عليه واله وسلم : «إن ولدي هذا تقتله شرار امتي , لا تخبري ابنتي فاطمة فإنها جديدة عهد بولادتها».
ومنها : بكاءه صلى الله عليه واله وسلم لما دخل على فاطمة ورأى الحسين عليه السلام يبكي في المهد , فقال صلى الله عليه واله وسلم «بني سكتيه فأن بكاءه يؤذيني» ؛ ثم بكاه , وكان صلى الله عليه واله وسلم كلما نظر اليه يبكي , وإذا رآه في يوم عيد يبكي , واذا رآه يلعب يبكي.
وكان صلى الله عليه واله وسلم يقول : «حسين مني» , «حسين طمئنينتي» ، «حسين روحي التي بين جنبي»،«حسين مني وأنا من حسين» ، «أحب الله من أحب حسينا».
قال (3) : ودخل الحسن واخوه الحسين عليهما السلام على النبي صلى الله عليه واله وسلم يوما فشم الحسن عليه السلام في فمه , وشم الحسين عليه السلام في نحره , فقام الحسين وأقبل إلى امه ،
(1) مسند الإمام أحمد :5 : 41/3103 .
(2) اصول الكافي : 1 : 386/4 , والبحار :44 : 232/ , الحديث .
(3) والكلام لابن عباس .
فقال لها : اماه شمي فمي , هل تجدين فيه رائحة يكرهها جدي رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ؟ فشمته في فمه فإذا هو أطيب من المسك , ثم جاءت به إلى أبيها فقالت له : أبه لم كسرت قلب ولدي حسين عليه السلام ؟ فقال صلى الله عليه واله وسلم: مم ؟ قالت : تشم أخاه في فمه وتشمه من نحره , فلما سمع صلى الله عليه واله وسلم بكى , وقال : «بنية أما ولدي الحسن عليه السلام فإني شممته في فمه لأنه يسقى السم فيموت مسموما , وأما الحسين عليه السلام فإني شممته من نحره لأنه يذبح من الوريد الى الوريد» ؛ فلما سمعت فاطمة بكت بكاءا شديدا وقالت :أبة متى يكون ذلك؟ فقال : «بنية في زمان خال مني ومنك ومن أخيه وأخيه» فاشتد بكاؤها ثم قالت : ابه فمن يبكي عليه؟ ومن يلتزم بإقامة العزاء عليه؟ فقال له : «بنية فاطمة إن نساء امتي يبكون على نساء أهل بيتي ورجالهم يبكون على ولدي الحسين عليه السلام وأهل بيته , ويجددون عليه العزاء جيلا بعد جيل , فإذا كان يوم القيامة أنت تشفعين للنساء وأنا أشفع للرجال وكل من يبكي على ولدي الحسين عليه السلام أخذنا بيده وأدخلناه الجنة» (1) .
و قال صلى الله عليه واله وسلم : «على الحسين فلتشق القلوب لا الجيوب».
وقال صلى الله عليه واله وسلم: «ألا وصلى الله على الباكي على ولدي الحسين عليه السلام».
فرسول الله صلى الله عليه واله وسلم تراه تارة يدعو للباكي على ولده الحسين واخرى يخبر بفضل الباكي عليه وما له يوم القيامة من الأجر , لقوله صلى الله عليه واله وسلم : «كل عين باكيه يوم القيامة الاعين بكت على ولدي الحسين , فإنها ضاحكة مستبشرة بنعيم الجنة» (2)
(1) الخبر ذكره الفاضل الدربندي رحمه الله في أسرار الشهادات : 2/720 , وهو خبر طويل ومفصل وأورده هنا المؤلف رحمه الله على وجه الاختصار .
(2) انظر أسرار الشهادات للدربندي : 2/496 .
وروى المجلسي رحمه الله قال :
حكى السيد علي الحسيني قال : كنت مجاوراً في مشهد علي بن موسى الرضا عليه السلام مع جماعة من المؤمنين فلما كان يوم العاشر من المحرم عقدنا مأتما للحسين عليه السلام فابتأ رجل منا يقرأ مقتل الحسين عليه السلام فقرأ رواية عن الباقر عليه السلام إنه قال : «من ذرفت عيناه بالدموع على مصاب الحسين عيله السلام ولو كان مثل جناح البعوضة غفر الله ذنوبه , ولو كانت مثل زبد البحر» , وكان في المجلس معنا رجل يدعي العلم ولا يعرفه , فقال : ليس هذا صحيح وأن العقل لا يقبله .
قال : وكثر البحث بيننا ثم افترقنا وهو مصر على ماهو عليه , فلما نام تلك الليلة رأى في منامه كأن القيامة قد قامت وحشر الناس في صعيد واحد , وقد نصبت الموازين وامتد الصراط , ووضع للحساب ونشرت الكتب , واسعرت النيران وزخرفت الجنان , واشتد الحر عليه وعطش عطشا شديدا , فجعل يطلب الماء فلا يجده , فالتفت هناك وإذا بحوض عظيم الطول والعرض , فقال في نفسه : هذا هو الكوثر ؛ فأقبل إليه وإذا عليه رجلان وامرأة انوارهم مشرقة لابسين السواد , قال : فسألت عنهم فقيل لي : هذا رسول الله صلى الله عليه واله وسلم , وهذا علي عليه السلام , وهذه فاطمة عليها السلام , فقلت: اذا لماذا لابسين السواد فقيل لي أليس هذا اليوم يوم قتل فيه الحسين عليه السلام , قال: فدنوت اليهما وقلت لفاطمة: سيدتي إني لعطشان، فنظرت إلي شزرا , وقالت لي : أن الذي تنكر فضل البكاء على ولدي الحسين عليه السلام , لن تذوق منه قطرة واحدة حتى تتوب ما أنت عليه ؛ قال : فانتبه من نومه فزعا مرعوبا وجاء إلى أصحابه , وقص عليهم رؤياه وقال والله يا أصحابي أنا ندمت مما صدر مني , وأنا تائب عما كنت عليه (1) .
(1) بحار الأنوار : 44/293 ـ الحديث (38)
أقول : فليتها كانت حاضره يوم عاشوراء ومعها جرعة من ماء الكوثر وتسقي ولدها الحسين عليه السلام , لما نادى : يا قوم وحق جدي أنا عطشان . قال رجل من القوم: رايت شفتي أبي عبد الله يتحركان بكلام لم أفهمه , فقلت : إن كان الحسين عليه السلام يدعو علينا هلكنا ورب الكعبة. فأقبلت اليه فسمعته ينادي إسقوني جرعة من الماء , وقال: فأتيت الى ابن سعد (لعنه الله) وقلت له : يا أمير إن الرجل قد ضعف عن القتال ولا قابلية له على حمل السلاح , ما يضرك لو سقيته جرعة من الماء ؟ قال : فسكت اللعين , فعلمت ان السكوت من الرضا , فأقبلت إلى خيمتي وأخذت ركوة فملئتها ماء وأتيت مسرعا الى الحسين فبينا أنا في بعض الطريق و إذا بالكون قد تغيرت , وهبت ريح سوداة مظلمة , وتزلزلت الأرض , وإذا بالمنادي ينادي : قتل الإمام ابن الإمام أخو الإمام أبو الأئمة . فنظرت وإذا برأس الحسين عليه السلام على رأس رمح طويل .
وشيبته مخضوبة بدمائه *** يلاعبها غادي النسيم ورائحه.
من كتاب: ثمرات الاعواد ـ الجزء الاول
...
ورداً على عدو الزهراء الذي افترى كذبا وبهتانا على الإمام الصادق (ع) قول: (لقد ولدني ابو بكر مرتين)
بل قتلني مرتين!
الأولى بظلم فاطمة الزهراء (ع) بعد وفاة رسول الله (ص) وافتراء حديث على رسول الله يقول بأن ابناء الانبياء لا يرثون ذهبا ولا فضة ومنعها ارثها واغتصاب حقها في فدك, واضرام النار حول بيتها, وابعادها الى بيت الأحزان بسبب بكاءها على فقد أبيها وانقلاب قومه على أهل بيته, حتى توفيت وهي مقهورة فأوصت أطهر سيدة وهي سيدة نساء العالمين باخفاء موضع قبرها لكي لا يصلي عليها ظالميها.
والثانية اغتصاب الخلافة من أمير المؤمنين (ع) الذي ولاه رسول الله (ص) على المسلمين بأمر إلهي يوم غدير خم بقوله (من كنت مولاه فهذا علي مولاه), مما جعل قتل الحسين نتيجة حتمية مع أن الحسين لم يخرج طلباً للخلافة وإنما خرج طلبا للإصلاح في أمة جده وليأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويسير بسيرة جده.
فنرد على عدو الزهراء كما قالت سيدتنا زينب ابنة أمير المؤمنين (عليها السلام) ليزيد في مجلسه:
((ولئن جرت علي الدواهي مخاطبتك، اني لاستصغر قدرك واستعظم تقريعك، واستكثر توبيخك، لكن العيون عبرى، والصدور حرى.
فكد كيدك، واسع سعيك، وناصب جهدك، فوالله لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا، ولا يرحض عنك عارها، وهل رأيك الا فند وايامك الا عدد، وجمعك الا بدد، يوم ينادي المنادي الا لعنة الله على الظالمين.
والحمد لله رب العالمين، الذي ختم لأولنا بالسعادة والمغفرة ولآخرنا بالشهادة والرحمة، ونسأل الله ان يكمل لهم الثواب، ويوجب لهم المزيد ويحسن علينا الخلافة، انه رحيم ودود، وحسبنا الله ونعم الوكيل)).
{ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ }
عظم الله اجورنا و اجوركم بمصابنا بالحسين و جعلنا و اياكم من الطالبين بثأره مع وليه المهدي من آل محمد عليهم السلام
اللهم صلِّ على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
اللهم عجل فرجهم وإلعن أعدائهم من الأولين والآخرين اللهم إلعن أول ظالم ظلم حق م[/FONT]
حمد وآل محمد وآخر تابع له على ذلك
[/FONT]
[/FONT]
(( الموضوع منقول للآمانه ))
آعتذر للأطاله ... أتمنى الاستفاده للجميع عسى الله ان يوصلنا للدرب الحق والصلاح
اختكم ((بحرينيه))
[FONT='Arabic Transparent', 'Times New Roman', Arial, Tahoma]
[/FONT]
تعليق