إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

لماذا التطبير؟ الحلقة الثانية

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • لماذا التطبير؟ الحلقة الثانية

    مقتطفات من كتاب:

    لماذا التطبير؟

    ننقلها على (12) حلقة
    (إقرأوها بلغة العقل والشرع، لا بلغة العواطف والإستبداد بالرأي)


    حوارٌ أجراه محمد الساعي، وزكريا علي، وجاسم الفارس، وحسين خلف حافظ
    مع الكاتب والباحث الإسلامي الشهير:
    سماحة العلاّمة الشيخ عبدالعظيم المهتدي البحراني

    الحلقة الثانية


    * < مع العقلاء والأتقياء فقط ! > *

    • رائع.. لقد جئتم بتمهيد كان لابدّ منه.. تفضّل سماحة الشيخ ما الحكمة في التطبير عندكم ولماذا؟
    مراجع الدين الذين يقولون نعم للتطبير، أعتقد أنهم رجال عقلاء وأتقياء يا أخي، فهل يتصور عاقل أنهم أيّدوا التطبير بلا دليل شرعي ولا حكمة من العقل والتاريخ والضرورات الميدانية وآثارها الإيجابية في مسيرة الشعائر؟!

    • عفواً.. وهل الذين قالوا لا للتطبير، ليسوا عقلاء وأتقياء؟!
    لا تفهمني هكذا يا أخي.. إن إثبات الشيء لا ينفي ماعداه أولاً.
    وأما ثانياً إن الخلاف بين الطرفين في الأغلب خلاف على الحكم الثانوي، بمعنى أن أغلب الذين يقولون لا للتطبير - لو تلاحظ في كلماتهم - يربطونه بظروف هذا الزمن وما يرون فيه - حسب معلوماتهم - من أمراض وإستهزاء يؤدي إلى ضرر الإنسان و وهن المذهب. مما يعني أن الحكم الأولي عندهم هو الجواز لعدم وجود أدلة الحرمة عليه، ولأن الشك في الموضوع يدفعه يقين البراءة الأولية للأشياء واستصحابها. هذا بالنسبة للعلماء القائلين بالحرمة وأما المزايدين والمتطرّفين فلا يُصنّفون في قائمة العقلاء والأتقياء حتماً! ونحن طرف نقاشنا العقلاء والأتقياء فقط...
    وأما ثالثاً فإن العقلاء أيضاً يختلفون ولكنهم لا يتعادون، لأنهم يعلمون أن الإختلاف لا يفسد للودّ قضية، والإختلاف في قاموس العقلاء تنافسٌ نحو الأفضل ولكنه عند الجهلاء حرب وعداء وبغضاء.. لذا قيل (إنّ مِن سعادة المرء أنْ يكون خصمُه عاقلاً).
    والإختلاف بين العلماء والمراجع والعقلاء والحكماء أمر طبيعي، وهو ينشأ من أنّ كل شخص منهم ينظر إلى القضية المُختلَف عليها من زاويته المنسوجة عبر مجموعة مقدّمات علمية ثقافية تربوية بيئية وشبكة إرتباطات وغير ذلك، وما دام الأمر هكذا يجب أن لا نتردّد في تقديم طلبنا إليهم بأدب واعتذار، أن يجتمعوا ويقوموا بالتباحث حول سبل التخفيف من الجدليات بين أتباعهم! فإننا نعتقد أنهم بعدم الشورى بينهم كحدّ أعلى وبتغييب اللقاءات الحوارية في المسائل الخلافية كحدّ أدنى، قد ساهموا في الفجوة حتى أخذ الجهلاء حرّيتهم في التحدّث باسمهم وتعميق الفجوات واستنزاف الطاقات وخلق التحزّب والتكتّل في وجه بعضهم بعضاً وحتى غدت الأكثرية مصاديق لقول الله تعالى: ﴿فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾!(7)
    في ظلّ هذه المأساة يكون من حق كل مسلم شيعي متألم (مثلي) أن يدعو إلى شورى المرجعية، لأنها الحل - حسب قناعتي وقناعة كثيرين - للتخفيف من شدّة الفتن بنا داخلياً والصمود بوجه التحدّيات العالمية خارجياً سيّما في عصرنا!!!
    إن الشورى أو اللقاءات التشاورية هي خيارنا الأوّل والأخير مهما حاول البعض أن يلتفّ حوله أويتجاهله! وأقولها بكل صراحة: نحن أمّة لا يوحّدنا في غياب الإمام المعصوم إلا نظام الشورى فقط.. بدءً من القمّة المرجعية ونازلاً إلى الحوزات العلمية والمؤسسات ووكلاء المراجع في مناطق العالم.
    وأدنى الشورى أن يعيّن كل واحد من مراجعنا الكرام فرداً ثقة عارفاً بمشاربهم الفقهية متجرّداً عن الأنانية الفردية ليتواصلوا ويتعارفوا بينهم و يتصادقوا، أ ليس التعارف والصداقة من تعاليم الإسلام التي دعى الجميع إليها ودعاتها أولى بها؟!
    ثم كبداية للعمل المشترك ينبغي أن يؤطّروا لمقلّديهم أخلاقيات التعاون على البر والتقوى وثقافة التعارف والتعايش بينهم لإيقاف التشتت الداخلي بين أتباع مذهب أهل البيت (ع) وهم محاطون بأفدح الأخطار والمكائد.
    فقد قال الإمام الصادق (ع) لشيعته: (إتّقوا اللهَ وكونوا إخوة بَرَرَة، متحابّين في الله، متواصلين متراحمين، تزاوروا، وتلاقوا، وتذاكروا، وأحيوا أمرنا).(8)


    * < القائلون: نعم للتطبير > *

    • أذكر لنا أسماء المراجع الذين أجازوا التطبير.
    الميرزا النائيني الكبير (أستاذ السيد الخوئي) كتب في جواب رسالة أهالي البصرة بتاريخ (5/ ربيع الأول/1345- 1926م) جواز التطبير والسلاسل واللطم إلى حدّ الإحمرار والإسوداد والطبل والدمام والتشابيه. وأيّده المراجع التالية أسماؤهم كما في كتاب (مراسم عاشوراء في فتاوى المراجع والعلماء) تأليف وتحقيق السيد علاء الدين آل بحرالعلوم الطبطبائي النجفي.(9) وكما نذكر مصادر إضافية أخرى ومراجع آخرين تقدّموا الميرزا النائيني أو تأخروا عنه وعددهم الذي أذكره لكم هنا تيمّناً بعدد شهداء كربلاء إثنان وسبعون، وإلا فهم أكثر:
    1- السيد عبدالهادي الشيرازي (مرجع معروف في النجف الأشرف)
    2- السيد محسن الحكيم (المرجع العراقي المعروف)
    3- السيد أبو القاسم الخوئي (زعيم الحوزة العلمية في النجف الأشرف ولُقّب بالمرجع الأعلى)
    4- السيد محمود الشاهرودي (مرجع معروف في النجف الأشرف)
    5- الشيخ محمد حسن المظفر
    6- السيد حسين الحمامي
    7- الشيخ خضر بن شلال النجفي
    8- الشيخ محمد كاظم الشيرازي
    9- السيد عبد الأعلى السبزواري (أُشتهر بتقواه واعتماده الشديد على روايات أهل البيت (ع) في فتاواه)
    10- السيد محمد رضا الكلبايكاني (مرجع معروف في مدينة قم المقدّسة)
    11- السيد كاظم المرعشي (من مراجع مشهد المقدّسة)
    12- السيد مهدي المرعشي (من مراجع حوزة قم المقدسة)
    13- السيد علي مدد القاييني (مرجع معروف في خراسان)
    14- السيد النجفي المرعشي (صاحب المكتبة التاريخية الشهيرة في حوزة قم المقدّس)
    15- السيد محمد كاظم اليزدي (صاحب الكتاب الفقهي المعروف بالعروة الوثقى)
    16- الشيخ عبدالكريم الحائري (مؤسس الحوزة العلمية في قم المقدّسة)
    17- الشيخ مرتضى الأنصاري (أستاذ الفقهاء والمجتهدين ولازالت كتبه تُدرّس في جميع الحوزات)
    18- المجدّد الشيرازي الكبير (قائد ثورة التنباك، سنة 1891 م)
    19- نجله الميرزا علي الشيرازي (من كبار العلماء الربّانيين بعد أبيه)
    20- الإمام الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء في كتابه (الآيات البينات) وذكر استحباب التطبير بالأدلة التفصيلية.
    21- الشيخ محمد تقي الشيرازي (قائد ثورة العشرين في العراق، سنة 1916 م)
    22- المرجع الأعلى السيد أبو الحسن الإصفهاني (وهو ممن أيّد فتوى الميرزا النائيني الكبير) وشهد بذلك تلميذه آية الله الشيخ محمد رضا الطبسي النجفي بخط يده كما في كتاب بالفارسية (شور حسيني/ للسيد محمد سجادي) وجاء ذلك أيضاً في كتاب (الموروثات والشعائر في كربلاء/ صفحة 77 – تأليف: سلمان هادي آل طعمة)
    23- المقدّس الأردبيلي (كما في المصدر نفسه)
    24- العلاّمة المجلسي - صاحب موسوعة بحار الأنوار- (كما في نفس المصدر)
    25- الفقيه الكبير الشيخ محمد علي النخجواني (المتوفى سنة 1334 الهجرية) قال باستحباب التطبير كما في كتابه الذي ألّفه عام (1331) بعنوان (الدعاة الحسينية في أحكام بعض أنواع التعزية)
    26- المرحوم الشيخ محمد علي الأراكي (لُقّب بشيخ المجتهدين في حوزة قم العلمية)
    27- المرجع الكبير السيد البروجردي (مرجع أعلى في حوزة قم، وصاحب موسوعة جامع أحاديث الشيعة)
    28- السيد ميرزا هادي الخراساني الحائري
    29- المرجع الديني المعروف بالمجدّد الثاني السيد محمد الحسيني الشيرازي (صاحب موسوعة الفقه- ذات 160مجلّد- ومؤلف ما يربو على الألف كتاب في مختلف العلوم الضرورية)
    30- المرجع الكبير السيد عبدالله الشيرازي (من كبار المراجع المعروفين توفي في مشهد المقدسة)
    31- السيد محمد جواد الطباطبائي (وقد أجاز حتى المشي على جمار النار كواحد من أساليب التضامن مع أطفال الحسين (ع) ونسائه عند حرق الخيام وشتاتهم في صحراء كربلاء الملتهبة بحرارة الشمس)
    32- الشيخ علي الفلسفي (وهو من أبرز تلامذة السيد الخوئي في مشهد المقدسة) فقد أوجب التطبير في حال ما يُهدَّد بالزوال - حسب ما أخبرني به تلميذه الورع سماحة آية الله الشيخ مهدي الطهراني-.
    33- المرحوم السيد محمد حجّت (معروف بورعه وله قصّة معروفة في لقائه بالإمام الحجّة عليه السلام)
    34- الشيخ بهاء الدين المحلّاتي (مرجع كبير في شيراز)
    35- السيد حسين القمي (قائد المعارضة ضدّ رضا خان البهلوي وقد نفاه إلى العراق في مطلع القرن العشرين)
    36- السيد مرتضى الفيروزآبادي
    37- السيد علي الفاني الأصفهاني
    38- السيد أحمد الشهرستاني
    39- السيد أحمد الخونساري (كان مرجعاً مقيما في طهران ومعروفاً بالزهد وشدّة الورع والتقوى)
    40- الميرزا أحمد الآشتياني
    41- الشيخ مرتضى الحائري (نجل مؤسس حوزة قم المعروف بابن الشيخ المؤسس وكان زميل الإمام الخميني وأبو زوجة إبنه الشهيد السيد مصطفى الخميني)
    42- الشيخ محمد علي سيبويه (مرجع معروف في كربلاء ومشهد المقدّستين)
    43- السيد البهاء الديني (من العرفاء المعروفين في قم المقدّسة)
    44- الشيخ محمد حسين الغروي الإصفهاني (المعروف بأستاذ المجتهدين)
    45- المرحوم السيد محمد الوحيدي (من مراجع حوزة قم المقدّسة)
    46- الشهيد السيد محمد محمد صادق الصدر (المعروف بشهيد الصدر الثاني)
    47- الشهيد الشيخ علي الغروي (من مراجع النجف الأشرف)
    48- الشيخ يعسوب الدين الرستكاري (من مراجع حوزة قم المقدسة)
    49- السيد محمد تقي الخونساري
    50- الشيخ محمد فيض القمي
    51- الشيخ هاشم الآملي

    * والأسماء التالية للمراجع الأحياء (أطال الله في أعمارهم):

    52- السيد حسن القمي (مرجع كبير يسكن في مدينة مشهد المقدسة)
    53- السيد صادق الروحاني (مرجع معروف في حوزة قم المقدسة)
    54- السيد مفتي الشيعة (مرجع معروف في حوزة قم المقدسة)
    55- السيد تقي الطباطبائي القمي (مرجع معروف في حوزة قم المقدسة)
    56- الشيخ الميرزا جواد التبريزي (مرجع معروف في حوزة قم المقدسة بعلمه وهو من تلامذة المرجع الراحل السيد الخوئي)
    57- الشيخ وحيد الخراساني (مرجع معروف في حوزة قم المقدسة بغزارة علمه وشدة ولائه ودفاعه عن الشعائر)
    58- الشيخ محمد تقي بهجت (مرجع معروف في حوزة قم المقدسة)
    59- السيد صادق الشيرازي (مرجع معروف في حوزة قم المقدسة وهو شقيق المرجع الولائي الراحل السيد محمد الشيرازي)
    60- الشيخ فاضل اللنكراني (مرجع معروف في حوزة قم المقدسة من تلامذة الإمام الخميني)
    61- السيد محمد تقي المدرّسي (مرجع متنوّر معروف كان مقيماً في طهران وأول مرجع انتقل إلى كربلاء المقدسة فور سقوط نظام الطاغية صدّام)
    62- الشيخ صافي الكلبايكاني (مرجع معروف في حوزة قم المقدسة وهو صهر المرجع الكلبايكاني الراحل)
    63- السيد محمد باقرالشيرازي (مرجع معروف في مدينة مشهد المقدسة نجل المرجع السيد عبدالله الشيرازي)
    64- السيد محمد الشاهرودي (مرجع معروف في حوزة قم المقدسة نجل المرجع الكبير في النجف الأشرف السيد محمود الشاهرودي)
    65- السيد محمد سعيد الحكيم (مرجع معروف في النجف الأشرف من أسرة الإمام الحكيم الكريمة)
    66- الشيخ يوسف الصانعي (مرجع معروف في حوزة قم المقدسة من تلامذة الإمام الخميني)
    67- الشيخ حسين علي المنتظري (مرجع معروف في حوزة قم المقدسة)
    68- الشيخ بشير النجفي (مرجع معروف في النجف الأشرف)
    69- الشيخ إسحاق الفيّاض (مرجع معروف في النجف الأشرف من تلامذة السيد الخوئي)
    70- السيد موسى الشبيري الزنجاني (مرجع معروف في حوزة قم المقدسة)
    71- السيد علوي الكركاني (مرجع معروف في حوزة قم المقدسة)
    72- السيد محمد علي الطباطبائي (مرجع في سوريا – منطقة السيدة زينب (ع) من تلامذة السيد الشيرازي)

    • هل لديك نصّ جواب الميرزا النائيني (قدس سره) الذي أيّده فيه الكثير من هؤلاء المراجع الكرام؟
    نعم.. هذا نصّه: (لا إشكال في جواز اللطم بالأيدي على الخدود والصدور حدّ الاحمرار والإسوداد، بل يقوى جواز الضرب بالسلاسل أيضاً على الأكتاف والظهور إلى الحدّ المذكور، بل وإن تأدّى كل من اللطم والضرب إلى خروج دم يسير على الأقوى. وأما إخراج الدم من الناصية بالسيوف والقامات فالأقوى جواز ما كان ضرره مأموناً، وكان مجرد إخراج الدم من الناصية بلا صدمة على عظمها ولا يتعقّب عادة خروج ما يضر خروجه من الدم ونحو ذلك، كما يعرفه المتدرّبون العارفون بكيفية الضرب).
    إسمح لي أن أقرأ لك أيضاً نصّ فتوى الشيخ مرتضى الأنصاري وما أدراك من هو المرتضى الأنصاري؟! يكفيك أن تعلم أن كتابيه (الرسائل) و(المكاسب) لا زالا بعد ما يقرب من قرنين يُدرّسان في حوزاتنا العلمية. وكان يعيش قبل الميرزا النائيني، توفي 18 جمادى الآخرة عام (1218) يقول الشيخ في رسالته العملية وإسمها (سرور العباد) في نهاية الصفحة الثانية من المسائل المتفرقة ما نصه بالحرف الواحد: (إذا أورد شخص الجرح بمثل السيف ونحوه على نفسه ولم يكن مضرّاً كان ذلك جائزاً).

    • لم تذكر رأي سماحة آية الله العظمى السيد علي السيستاني؟
    نقل لي ثقة من الخطباء عن السيد السيستاني (دام ظله العالي) قوله (لا مانع) ونقل عنه زوّار من الثقاة التقيت بهم قبل أيام (5/ ربيع الأول/1427) جاؤا من النجف الأشرف تأييده قائلاً لأحد صانعي القامات في البحرين في حضور جمع ممن شهدوا عندي بما فيهم نفس الشخص - واسمه الحاج عباس - : (عمل صالح، ورزقك حلالٌ طيّبٌ مبارك).
    ونُقل لي أيضاً أنه (حفظه الله) كتب في جواب السؤال عن الجزع لمصيبة الحسين (ع) ﴿ذلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾(10) والتطبير واحد من الشعائر ومن أبرز مصاديق الجزع.
    مضافاً الى جواب مكتبه في قم المقدسة بالجواز ممهوراً بالختم والتوقيع وقد وثّقناه في نهاية هذا الكتاب.. وإلا فإنه كان يكتب لا يجوز أو يُصدِر من مكتب النجف الأشرف تكذيباً أوكان يمنع مواكب التطبير في عراق اليوم وهو مبسوط اليد فيه ومسموع الكلمة كما لا يخفى.
    وحكى لي كذلك مَن أثق فيه أنه قبل عام زار المرجع السيستاني فسأله عن التطبير؟ أجابه بالحرف الواحد: وهل يحرّمه من يوزّع الأكفان على موكب التطبير في العراق؟!
    وفي جوابه على السؤال التالي: (هل يجوز في مراسم عزاء الإمام الحسين عليه السلام إيقاع الجرح بالبدن؟) نقرء كما في موقعه الإلكتروني باللغة الفارسية هذا الجواب: (جائز).

    • و مِن الشخصيات المعروفة غير ما ذكرتم هل هناك مَن يرى جواز التطبير؟
    نعم، بالآلاف ويتقدّمهم العلاّمة الأميني (صاحب الغدير) والسيد شرف الدين (صاحب المراجعات) من المتوفين. وأما المرحوم الشيخ الدربندي فإنه يرى الوجوب الكفائي للتطبير. ويذكر الشهيد دستغيب في كتابه (القصص العجيبة) - تأييداً منه للجواز- معجزة من معاجز موكب التطبير في النجف الأشرف قد حدثت على باب حرم الإمام علي (ع). وأما الشهيد آية الله السيد حسن الشيرازي فمن أشدّ المدافعين عنه في كتابه (الشعائر الحسينية) وكان يقود في كربلاء المقدسة موكب تطبير طلبة العلوم الدينية.
    ومن كبار الشخصيات العلمية الأحياء مثلاً العلاّمة السيد جعفر مرتضى العاملي في كتابه (مراسم عاشوراء) والفقيه البحراني آية الله الشيخ محمد سند في كتابه (الشعائر الحسينية بين الأصالة والتجديد). والعلاّمة الشيخ علي الكوراني في موسوعته (الانتصار). والعلاّمة السيد حسين الفالي في كتابه (التطبير حماسة الشيعة في عاشوراء). والعلاّمة الشيخ محمد جميل حمود العاملي في كتابه (ردّ الهجوم). والشيخ الفاضل ناصر المنصور في كتابه (التطبير.. حقيقة لا بدعة). والعلاّمة الشيخ محمد جمعة في كتابه (الدمعة الساكبة) وغير ذلك.

    • وهل في تجويزهم للتطبير يشترطون شيئاً؟
    نعم أكثر المراجع العظام والعلماء المؤيّدين يشترطون ذلك بعدم إيقاع الضرر العقلائي على النفس، ولكنهم يوكلون إلى المكلّف نفسه تحديد مفهوم الضرر وليس لأحد أن يتّهمه بإضرار نفسه وهو لا يرى ذلك. ثم يعرّفون الضرر بما يؤدي للموت أو إتلاف عضو من البدن. وما عدا هذيْن الأمريْن لا يعدّونه ضرراً شرعاً. راجع ما كتبه السيد الخوئي (رحمه الله) في (مصباح الأصول/ج2- ص551). وعبارته هكذا: (يجوز للإنسان أن يضر نفسه - ما عدا القتل وقطع الأعضاء - إذ لا دليل على حرمته). أي لادليل على حرمة ماعداهما، فهو الجواز إذن.
    ويقول الإمام كاشف الغطاء في كتابه (الآيات البيّنات/ ص18): (لاريب أن جرح الإنسان نفسه وإخراج دمه بيده في حدّ نفسه من المباحات الأصلية ولكنه قد يجب تارة وقد يحرم أخرى وليس وجوبه أوحرمته إلا بالعناوين الثانوية الطارئة عليه وبالجهات والإعتبارات، فيجب كما لو توقفت الصحة على إخراجه كما في الفصد والحجامة، وقد يحرم كما لو كان موجباً للضرر والخطر من المرض أوالموت وقد تعرض له جهة تُحسّنه ولا توجبه. وناهيك بقصد مواساة أهل الإباء وخامس أصحاب العباء وسبعين باسل من صحبه وذويه، حَسْبُك بقصد مواساتهم وإظهار التفجّع والتلهّف عليهم وتمثيل شبحٍ من حالتهم مجسّمةً أمام عيون محبّيهم، ناهيك بهذه الغايات والمقاصد جهات محسّنة وغايات شريفة. أما لو ترتب الضرر أحياناً بنزف الدم المؤدي إلى الموت أوالمرض المقتضي لتحريمه فذاك كلام لا ينبغي أن يصدر من ذي لبّ فضلاً عن فقيه أو مثقف...
    أما أولاً: فلقد بلغنا من العمر ما يناهز الستين وفي كل سنة تقام نصب أعيننا تلك المحاشد الدموية وما رأينا شخصاً مات بها أو تضرر، ولا سمعنا به في الغابرين.
    وأما ثانياً: فتلكم الأمورعلى فرض حصولها إنما هي عوارض وقتية ونوادر شخصية لا يمكن ضبطها ولا جعلها مناطاً لحكم أو ملاكاً لقاعدة وليس على الفقيه إلا بيان الأحكام الكلية أما الجزئيات فليس من شأن الفقيه ولا من وظيفته والذي علينا أن نقول: إن كل من يخاف الضرر على نفسه من عمل من الأعمال يحرم عليه إرتكاب ذلك العمل.

    • ولماذا لا نرى المراجع القائلين بجواز التطبير يطبّرون بأنفسهم؟!
    أولاً: ليس كل جائز مُلزَماً به المكلّف، وحتى المستحب له الخيرة فيه بتقديم الأهم على المهم مثلاً. وما أكثر الأعمال الجائزة والمستحبة في الدين والحياة وطاقة الإنسان محدودة في استيعابها، فالإختيار بيده.
    ثانياً: يوجد مراجع كانوا يطبّرون، كالشيخ عبدالله المامقاني والشيخ فاضل الدربندي وقيل السيد القمّي وأمثالهم، وسمعت أنّ بعضهم يطبّر ولكن لا في الملاء العام وذلك لأسباب يرتئيها لشخصيته ومحيطه، مثلاً قد لا يريد أن يعرّض نفسه للمنتقدين الذين لا يتورّعون في الإيذاء والإستهزاء. أو لأنه يحتمل في تطبيره نوعاً من تفاسير الرياء وأن القصد قد يذهب إلى معنى التظاهر أمام المخالفين.
    ثالثاً: لعل بعضهم كان يطبّر أيام شبابه والآن لا تتحمّله شيخوخته وكبر سنّه وغير ذلك من ظروف الحياة.
    رابعاً: لو صحّ هذا النقد لصحّ نقد الإمام الخميني (أعلى الله مقامه) إذ كان يحرّض الناس بدرجة الوجوب الشرعي للذهاب إلى جبهات الحرب المفروضة على إيران ولكنه شخصياً لم يحضرها ولو ساعة واحدة؟!
    وكذلك عدم ذهابه (رحمه الله) إلى مدينة مشهد المقدّسة لزيارة مرقد الإمام الرضا (ع) منذ رجع إلى إيران بعد أن نفي منها قرابة (14) عاماً.. يعني أكثر من (25) سنة لم يزر الحرم الرضوي وهو عارف بمقام الرضا (ع) وكان يدعو الناس لزيارة المرقد الشريف.. فهل هذا النقد وارد على مؤسّس الجمهورية الإسلامية؟!
    بالطبع كلاّ.. لأن الموقع والمحيط والعرف وظروف الأهم والمهم والجوانب الصحية تحدّد مسؤولية المكلّف من الناحية الشرعية.

    • فالشيخ المهتدي هل يطبّر؟ أم يدفع الآخرين للتطبير ويدافع؟!
    إنه يسأل الله عزّ وجل أن يوفقه أيضاً، ولكن التلحيظات الموضوعية التي ذكرتها لك سارية الأثر في كل الأشخاص.






    * < وماذا عن القائلين: لا للتطبير؟ > *

    • هل نفهم من سردك هذه القائمة الواسعة لأسماء المراجع الموافقين أنّ القائلين بعدم الجواز قلّة؟
    نعم قلّة ولكن رأيهم محترم أيضاً لمن يقلدهم لأن الإجتهاد في مذهبنا بابه مفتوح ودخوله مشروع. وأنا لست هنا بصدد إحصاء جميع أسماء الموافقين والمخالفين. أما بشكل عام فهو ما ذكرته لك، بأن الأكثرية مع التطبير وإنما الأقلية ترى الكف عنه أفضل دون التصريح بالتحريم كحكم حاكم الشرع.
    ونحن سنثبت صحة رأي الأكثرية هنا من منطلق حرية الرأي ولا نقصد به توجيه إهانة إلى الرأي المخالف. بل هذا بحث علمي وللجميع حقه في الإدلاء برأيه مسنوداً بالدليل والبرهان دون الإهانة والبهتان. وحرية البحث والنقاش في حوزاتنا العلمية من أهم خصائصها الأساسية وسماتها المعروفة تاريخياً.

    • إذن ما هذه الأسماء التي نشرها المخالفون للتطبير وكأن الجميع حرّمه إلا البعض القليل؟
    قلّة من المراجع قالوا بالتحريم بعنوانه الثانوي أو صرّحوا بعدم الرجحان كما ذكرنا، وعندنا في الشيعة تيار واحد عُرِف عنه في الأوساط الحوزوية بالتشكيك في الولائيات والشعائر العزائية ويرون الحرارة الحسينية مبالغة لا داعي لها، يقلّلون من أهمية المقدّسات والمعجزات وفضائل أهل البيت (ع) وقد حصل بعض علماء هذا التيّار في الجمهورية الإسلامية بعد انتصار الثورة نفوذاً بفعل التحوّلات السياسية والعلاقات الشخصية، فأخذ هذا البعض يستفيد من الإمكانات لتضخيم مرئياته الخاصة وتهميش الآخرين.
    وقبل ذلك كان أوّل من أثار الكلام على التطبير هو المرحوم السيد محسن الأمين العاملي في لبنان سنة (1346 هـ) برسالته المسماة (رسالة التنزيه) داعياً - حسب تشخيصه - إلى تصفية الشعائر الحسينية من التطبير وما أشبه. وجاء الجيل المتسيّس اليوم من التيّار المذكور ليعطي القضية حجماً أكبر منها وسبّبوا بتضخيمهم لها هذا الإنقسام والتشتت والإرباك والنزاع الذي نهى الله تعالى عنه بقوله سبحانه: (وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ ويَذْهَبَ رِيحُكُمْ)(11) دون أن يسمحوا لأصحاب الرأي الآخر بتبيين وجهة نظرهم. فصار بعض الناس تحت منابر هؤلاء يستمعون إلى طرف واحد ويقذفون الطرف الغائب المغيَّب بالشتائم والكراهية والمقاطعة. نحن لا ندينهم في أصل الموقف لأن الإختلاف سُنة الخليقة ولكن أ ليست الحرية حق مشاع للجميع أيضاً، فلا يصح إستغلال عواطف الناس لصالح البعض ومصادرة آراء معظم المراجع الفقهاء ومضايقة مقلّديهم، ليس من العدل هذا وقد صار يعتبر الواحد منهم نفسه الناطق الرسمي باسم المذهب فيتصرف وكأن الله جعله وجماعته ذلك الشعب المختار ومنحهم منصب الوكيل العام لدينه في الأرض. ويقف هذا التطرّف وراء بعضهم ليطبع أسماء المراجع المحلّلين للتطبير ضمن أسماء المحرّمين إفتراءاً عليهم وتضليلاً للرأي العام، كما ضمّ أسماء علماء من درجة ثانية وثالثة ورابعة وكأنهم مراجع تقليد أو فقهاء ومجتهدين. ولا أظن السكوت على هذا الفعل - الذي يزرع الإختلاف والوهن الحقيقي للمذهب، ويسخط الله تعالى ورسوله الكريم وأهل بيته المعصومين الذين أرادوا عظمة الشعائر الحسينية، وأرادوا أن يتمحور محبّوهم حولها- يكون أمراً جائزاً شرعاً وبالمتشرّعة لائقاً أخلاقياً.
    أعطيكم مثالاً على التزوير والافتراء والمغالطة.. هناك مسألة فقهية لم يتفق عليها المراجع وفحواها أن حكم الحاكم الشرعي هل يكون نافذاً على الجميع أم على من تحت إمرته، وفي الحالة الأولى اختلفوا في مطلق الأحكام مقابل مَن قيّده بمسائل القضاء والمرافعات فقط. ولكن جاء المتطرّفون ضد التطبير يذكرون هذه المسألة ويفسّرونها للمغفّلين بأن السيد السيستاني يؤيد رأي السيد الخامنئي في حرمة التطبير باعتباره الحاكم الشرعي وأنّ السيد السيستاني أمر بطاعة الحاكم الشرعي!!
    ومن ناحية أخرى يحاولون وبشتّى الحيل والمغالطات أن يقولوا بأن السيد الخامنئي قد حكم بحرمة التطبير وحكم الحاكم فوق الفتوى. بينما كل الأدلة تشير إلى أنه بخطابه ما أراد إلا النهي الإرشادي أوالفتوى لمن يقلده وليس أكثر.. فليس وراء مكابرة المتطرّفين إلا المكابرة نفسها، وسماحة السيد القائد الخامنئي بعيد كل البعد عن تحريفهم لرأيه الواضح. والله العالم.
    وأما المرجع الكبير السيد السيستاني فيمكنك أن تراجع موقعه الإلكتروني (post@najaf.org) لتقرأ بتاريخ (19/4/2000 م) السؤال التالي نصّاً: (إلى سماحة الامام السيد السيستاني دام ظله. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. ما حكم التطبير في الوقت الراهن؟ وما هو رأي سماحتكم حول حكم الحاكم الشرعي في المسألة؟ هل تعتبر نافذة أم يرجع كل مقلّد إلى رأي وفتوى مرجعه فيها. نرجو التفضّل بالإجابة على أسئلتنا، ودمتم ذخراً للإسلام والمسلمين).
    وتقرأ الجواب هكذا : بسمه تعالى.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
    ج س1: الشعائر الحسينية إقامتها من المستحبات، ما لم يكن فيها ضررعلى البدن والدين.
    ج س2: يرجع إلى مقلّده. والسلام عليكم. (الجواب بتاريخ 26/4/2000 م).(12)

    وتأمّل هنا فيما كتبه سماحة العلاّمة المحقّق الشيخ علي الكوراني في كتابه (الإنتصار/ ج9- ص484): (لقد أفرط بعضهم في إنتقاد اللطم وجرح الرؤوس حزناً على الإمام الحسين عليه السلام، وصوّروهما بصور ظالمة مع الأسف.. وكانت حجّتهم كلام السيد القائد (حفظه الله). وحسماً للأمر اتصلت بمكتبه فأجابني عالم أحتفظ فعلاً باسمه، بأن أصل الموضوع لم يكن تحريماً للتطبير فضلاً عن اللطم، وإنما منعاً لاستغلاله من أعداء الإسلام الذين يهرّجون بأن الشيعة قساةٌ دمويون، يجرحون أنفسهم حتى تكون عندهم روح القسوة على غيرهم! وبما أننا لا نستطيع أن نوضّح لهم أن هذا العمل رقّة وحزن، وليس قسوة ودموية، فقد طلب السيد القائد الامتناع عنه ولم يحرّمه، فالمسألة إذن طَلَبٌ أبوي إداري وليست فتوى بالتحريم! ويؤيد ذلك أن هذه المراسم مازالت جارية في إيران.. فأرجوا من المتحمّسين لمعارضتها أن يعيرونا سمعهم!!)
    أقول لو كان هذا الكلام للشيخ الكوراني إختلاقاً منه على سماحة السيّد القائد الخامنئي (حفظه الله) فلماذا لايحاسبه المسؤولون في الجمهورية الإسلامية أو في مكتب السيد القائد أو يصدروا بياناً بالتكذيب ويطالبونه أن يصحّح كلامه بأنّ قصد السيد القائد ليس كما قاله الشيخ الكوراني ونشره في كتابه؟!
    علماً أن الشيخ الكوراني لازال موجوداً في حوزة قم المقدّسة ويحاضر في فضائية الجمهورية وإذاعة طهران العربية باستمرار. وقد زرته شخصياً بعد الطبعة الأولى لهذا الكتاب فأكّد لي سماحته على ما كتبه، وأسرّه هذا التأليف كثيراً.
    والتقيت في شهر رجب (1427هـ) هذا العام في مكتب السيد القائد الخامنئي (دام ظلّه) بالأخ الفاضل سماحة الشيخ أسد قصير(مسؤول الإستفتاءات العربية) وكان برفقتي سماحة العلاّمة الشيخ عبدالكريم الحائري. دار حديثنا حول التطبير فأخبرته عن تأليفي لهذا الكتاب وموقفي الإيجابي من التطبير وأني أناقش فيه رأي التحريم علمياً..
    فقال سماحته باحترام وأدب: إنّما حرّمه السيد القائد (حفظه الله) بناءاً على العنوان الثانوي وإلا فالفقهاء متفقون في جوازه بالعنوان الأولي. وهناك في الجمهورية مراجع يجيزون التطبير ويمارسه أتباعهم بحرية كما في أصفهان وغيرها. فلا يوجد لدينا ما يدعو للتعصّب لأحد الرأيين مما يؤدي إلى التراشق بالإهانات. فالواجب أن تنصحوا الذين يهينون السيد القائد ونحن أيضاً ننصح مقلّدي سماحته.
    أقول: كم رائع هذا المنطق!
    هكذا أدّبنا ديننا، فلنحسن إليه بتأديبنا لأنفسنا، هكذا يجب أن يكون أهل الدين سواءاً كانوا من المؤيدين للتطبير أم من المخالفين له.. إنني بدوري ما كنت في موقف إلا نصحت باحترام شخصية السيّد القائد الخامنئي (دام ظله) وأشيد في محاضراتي بأكثر مواقفه، مؤكّداً أنّ المباينات الفقهية لا يسحبها للعداء والبغضاء إلا الجهلة، فلنختلف بعلم وأدب وموضوعية.. بحثاً عن الحقيقة وخدمةً للحريّة.

    • كلام منطقي.. وماذا عن رأي الإمام الخميني (قدس سره) في التطبير؟
    أنا منذ سنة (1977م) قبل انتصار الثورة بدأت أقلد الإمام الخميني حتى سنة (1993م) حيث بعّضت فيها بينه وبين الإمام الشيرازي. في سنة (1984م) ترجمتُ (200) مسألة شرعية من إستفتاءات الإمام الخميني الجديدة إلى اللغة العربية والتي ضاعت في منزل وكيله المرحوم العلاّمة السيد عباس المهري في قم المقدّسة لقضية وقعت في المنزل بعد وفاة السيد كما أخبرني بها أبناؤه. وأنا أتتبع هذه المسائل للترجمة لم أجد للإمام (رحمة الله عليه) رأياً بالتحريم في التطبير. وإنما قال في أيام الحرب العراقية الإيرانية برجحان التبرّع بالدم لمجروحي الحرب. وقال بالترجمة الحرفية: (في الوضع الحالي لايطبّروا) وهذا يعني إذا انتهى الوضع الذي كان في أيام الحرب فإن التطبير يمكن له الرجوع إلى حكمه الأول وهوالجواز وتعبيره لا يفيد التحريم بل يفيد النصيحة والإرشاد.
    هذا وسمعت من وكيله في إصفهان آية الله السيد الإمامي وهو أحد كبار العلماء في مجلس الخبراء بالجمهورية الإسلامية وزعيم حوزة إصفهان العلمية أنه لما انتشرعن الإمام الخميني رأي بالتحريم ذهبتُ إليه للتأكّد فأمر الإمام (قدس سره) بالتكذيب والبقاء على الجواز الذي كان عليه سابقاً. وهذا يعني أن الكذب على الإمام الخميني وغيره لتمرير فتوى التحريم أيضاً لم يكن جديداً!! في الوقت الذي من المعروف عن الإمام الخميني (قدس سره) تأكيده المستمرعلى الإحتفاظ بالطرق القديمة في العزاء كما هو تأكيده في الدروس الحوزوية.
    يقول الإمام الخميني: (وهذه البواكي والمراثي والصيحات واللطم والمواكب هي التي حفظت نهج سيد الشهداء (ع) وقضيته، ولو اقتصر الأمر في رجل مقدّس يجلس في غرفة منزله ويقرأ لنفسه زيارة عاشوراء ويدير المسبحة لما بقي شيء. كل مدرسة تحتاج إلى الضجيج.. يجب أن تُلطَم عندها الصدور، وكل مدرسة لا يوجد فيها لاطمو صدور ولا يوجد عندها بكّاؤون، ولا يوجد عندها ضاربون على الرأس والصدر، فإنها لا تُحفَظ).(13)
    وذكر مؤلف كتاب (درخت خونين) - أي الشجرة الدامية - قصة رائعة عن تطبير الشيعة الأتراك في تركيا بمحضرالإمام الخميني (قدّس سرّه) أيام نفيه من ايران الشاه - في الستّينات - فإنه قد بانت عليه شدة تأثره بالمطبّرين.

    • ذكرتم عدد المراجع القائلين بالجواز إثنين وسبعين مرجعاً مضافاً للشيخ مرتضى الأنصاري والسيد علي السيستاني والإمام الخميني.
    نعم فهذا خمس وسبعون مرجعاً. وليس بالضرورة أن يكون هذا العدد هو النهائي طبعاً. إذ معظم الفقهاء العظام سواء القدامى والمتأخرين يقولون بالجواز، ولعله قد فاتني ذكر أسماء الكثيرين منهم.

    • هل هناك من يقول بالتحريم ما عدا السيد القائد الخامنئي والسيد فضل الله؟
    هما المعروفان بهذا الرأي، ومن غير المراجع هناك آية الله الشهيد مرتضى المطهرّي والمرحوم العلامة الشيخ محمد مهدي شمس الدين. وسبقهم آية الله السيد محسن الأمين في الشام قبل ثمانين عاماً تقريباً - كما ذكرتُ آنفاً - ، فعارضه العالم المحقّق الكبير السيد عبدالحسين شرف الدين (صاحب كتاب المراجعات) وقال عنه شعراً ينتقده فيه بشدّة على رأيه بالتحريم - كما في كتاب "هكذا عرفتهم " للخليلي -. وردّ على السيد محسن الأمين كثير من المراجع والعلماء، في طليعتهم المرجع الكبيرالميرزا النائيني في النجف الأشرف وأيّده كبارالمراجع في العالم الإسلامي. هذه الفتاوى مطبوعة كراراً ومراراً وقد نقلناها في خاتمة كتابنا هذا. وكتب الفقيه الكبير المرحوم الشيخ عبدالحسين الحلّي كتاباً سمّاه (الشعائر الحسينية في الميزان الفقهي) فنّد فيه تصوّرات السيد الأمين. كما ألّف العالم الجليل الشيخ محمد حسن المظفر كتاباً في الدفاع عن التطبير سمّاه (نصرة المظلوم).
    ومهما يكن تبقى لحرية الرأي والاجتهاد في حوزاتنا العلمية مكانتها العالية للجميع دون إستثناء. وهذا ما نفخر به تاريخياً. وإنما على المؤمنين أن يلتزموا برأي مراجعهم ولا يُزاحِموا غيرهم كما هم كذلك في أحكام الحج، حيث تعدّد الفتاوى فيها معروف، فيلتزم كل مجموعة من الحجّاج بفتوى مرجعهم دون التهجّم على غيرهم وكلهم في حملة وقافلة واحدة متحابّين متعاونين. هذا ما ينبغي السعي إليه بالنسبة للشعائرالحسينية أيضاً. فليكن هناك رأي بالمنع ولكن في حدود مقلّدي المرجع القائل به، كما الأمر أيضاً بالنسبة للقائل بعدم المنع. وهذا ما نعنيه من أدب الإختلاف وثقافة الحرية التي يجب أن نتثقف بها كلنا ونثقف بها شبابنا لنتنافس بإيجابية في قضايانا كلها دون التصادم والتهادم.

    المصادر والهوامش

    (1) سورة طه / آية 72
    (2) سورة الزمر/آية 18
    (3) نهج البلاغة- الخطبة رقم 192
    (4) نهج البلاغة - الكلمة رقم 147
    (5) سورة الجمعة / آية 2 و3
    (6) تاريخ الكامل (ج 8 ص549)
    (7) سورة المؤمنون/آية 53
    (8) بحار الأنوار ج71- ص352
    (9) طبعة المحجّة البيضاء في بيروت
    (10) سورة الحج/آية 32
    (11) سورة الأنفال/آية 46
    (12) راجع كتاب الإنتصار/ بقلم العاملي /ج9 /ص450
    (13) صحيفة النور ج 8 ص 69
    (14) سورة الرعد/آية 11
    (15) سورة الصف/آية 2 و 3
    (16) بحار الأنوار/ ج 62 ص 112
    (17) راجع أحاديث الحجامة في مكارم الأخلاق ووسائل الشيعة المجلّد العاشر
    (18) وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج10، ص 112، ح 22120
    (19) مستدرك الوسائل/ ج13/باب 11/ص86
    (20) وسائل الشيعة - الحر العاملي - ج 12 - ص 207 ، ح 16100
    (21) وسائل الشيعه ج 27 ص 61
    (22) المؤمنون/آية 60
    (23) ما بين الشارحتين إضافة من المؤلف
    (24) سورة نور/آية 36
    (25) الإختصاص ص 241
    (26) سورة آل عمران/آية 31
    (27) سورة الحشر/آية 9
    (28) بحار الأنوار (27/95)
    (29) سورة الحج/آية 32
    (30) راجع ما كتبه العلاّمة الشيخ علي الشاهرودي في مستدرك سفينة البحار: ج 5/ ص 416 – مادة شعر
    (31) سورة الطلاق/آية 2 و3
    (32) سورة الأحزاب/آية 72
    (33) المنتخب للشيخ الطريحي ص203
    (34) صحيح الترمذي/ج2 ص 307
    (35) وسائل الشيعة/ج15/ ص 583
    (36) راجع مصدر هذا الحديث أيضاً بحار الأنوار/ج45/ص147
    (37) فروع الكافي, ج5 باب فضل الجهاد: ح1
    (38) أنظر كتاب الخصائص الحسينية / المقصد الثالث حول الصراخ والنحيب - وراجع كامل الزيارات صفحة 84- وبحار الأنوار/ ج45 / ص 219
    (39) كامل الزيارات/ص257
    (40) راجع كتاب ردّ الهجوم/ للشيخ محمد جميل العاملي /ص296
    (41) سورة البقرة/آية 195
    (42) تفسير الميزان/ج 3 ص 75
    (43) ميزان الحكمة/ ج 7 ص393
    (44) بحار الأنوار/ج72/ص99
    (45) سورة المائدة/آية 105
    (46) غرر الحكم ح 2317
    (47) سورة الشورى/آية 23
    (48) مقتل الحسين(ع) ج1/ ص163
    (49) سورة الشورى/آية 23
    (50) سورة الروم/آية 7
    (51) بحار الأنوار/ج71ص215
    (52) سورة الحجرات/آية 11
    (53) صحيفة نور/ج18/ ص78
    (54) فتاوى علماء الدين حول الشعائر الحسينية ص125
    (55) سورة يس/آية 30
    (56) سورة الأنبياء/آية 36
    (57) سورة البقرة/آية 120
    (58) بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج 97، ص121
    (59) سورة فصلت/آية 30
    (60) سورة آل عمران/آية 173 و174 و176
    (61) تفسير العيّاشي، ج2، ص188
    (62) كامل الزيارات، ص 364
    (63) كامل الزيارات/ ص343
    (64) كامل الزيارات، ص 364
    (65) أمالي الصدوق/ ص78 - وبحار الأنوار/ ج44 / ص284
    (66) سورة المؤمنون/آية 52
    (67) مجمع الزوائد/ ج1 ص 88 باب فيمن حبّهم إيمان
    (68) إقبال الأعمال/ للسيد ابن طاووس/ ج3 / ص 341 / فصل 53
    (69) سورة الزمر/آية 17 و 18
    (70) إقبال الأعمال، للسيد ابن طاووس ج3، ص 28، ومسند الإمام الرضا الشيخ عزيز الله عطاري ج2، ص 28
    (71) بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج 98، ص 238
    (72) كتاب الإنتصار ج9 ص473
    (73) سورة البقرة/آية 9
    (74) سورة الغاشية/ آية 21 و22
    (75) سورة البقرة/آية 191
    (76) سورة البقرة/آية 213
    (78) سورة المؤمنون/آية 71
    (79) شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد، ج20، ص 350
    (80) جامع أحاديث الشيعة، السيد البروجردي، ج12، ص 438
    (81) سورة الحجرات/آية 6
    (82) بحار الأنوار/ج71 ص214
    (83) الشعائر الحسينية العقائدية عبر التاريخ/ ص 67
    (84) عدد عاشور الخاص من مجلة المنبر عام 1421هـ ص 13
    (85) راجع التفاصيل في المصدر/ ص 96-99
    (86) بحار الأنوار/ ج72 / ص 21
    (87) سفينة البحار/ ج2/ ص696
    (88) كامل الزيارات/ ص 108
    (89) شرح نهج البلاغة/ ج 18 ص 274 – شرح مع المزيد من التوضيح
    (90) بحار الأنوار/ ج67/ ص107
    (91) سورة المائدة/آية 105
    (92) بحار الأنوار/ ج72 / ص316
    (93) سورة الحشر/آية 9 و10

  • #2
    كتاب جدا رائع

    تعليق


    • #3
      هذا عبدالعظيم اللا مهتدي اللا بحراني

      هو من اكبر رؤوس الفتنة في البحرين

      تعليق


      • #4
        اي فتنة ايها الشاب؟ الفتنة تاتي متاخرة عن الفتوى والتطبير اسبق وجودا من تحريمه فالقول بتحريمه هو الفتنة

        تعليق


        • #5
          هذا عبدالعظيم اللا مهتدي اللا بحراني

          هو من اكبر رؤوس الفتنة في البحرين
          من انت حتى تحكم على الناس بالهداية والضلال
          وتطلق عليهم الكلمات التكفيرية بدون ورع ..
          أغلب مشاركاتك كلها سب وقدف و إلقاء التهم للطرف المقابل بدون ورع..
          ما أسهل كيد الاتهامات والكذب للابرياء

          والمضحك المبكي ان اغلب مشاركاتك تهم وسب للطرف المقابل بدل الحوار بالدليل!!

          ان المحاور الناجح هو من يقرء افكار الطرف المقابل ويتعرف عليها، هل قرأت الكتاب..؟؟
          الامام علي عية السلام يقول لا تنظر الى من قال ولكن انظر الى ماذا يقول.
          هذا الكتاب من أروع الكتب المؤيدة بالدليل ،جزاك الله خيرا شيخنا المهتدي .
          التعديل الأخير تم بواسطة ابو المعالي; الساعة 04-01-2010, 02:35 PM.

          تعليق


          • #6
            قرأت الكتاب

            الجميع يجوزون التطبير من باب ان شق الراس هو عمل حلال جزعا كان على الحسين ام لا.
            فاذا اصل شق الراس ليس محرم
            لكن الجميع يذكرون في فتواهم انه محرم في حال كان يؤدي الى تشويه سمعة المذهب واخص بذلك مراجع النجف يوقولون هذا الكلام

            اذا القضية تعود لكل مكلف اذا كان يرى انه تشوه سمعة المذهب لا يطبر واذا كان يراها لا تشوه سمعة المذهب فليطبر

            وبرأيي انها تشوه سمعة المذهب وتبعد الناس عنالنظرالى الهدف الحقيقي لنهضة الامام الحسين
            هذا رايي وانا احاسب عليه يوم القيامة

            ومن يقولان من حرم التطبير يؤدي الى الفتنة هذا قول جهال لان الجتهاد مفتوححتى ظهور الامام

            والسلام عليكم

            تعليق

            المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
            حفظ-تلقائي
            x

            رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

            صورة التسجيل تحديث الصورة

            اقرأ في منتديات يا حسين

            تقليص

            المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
            أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 21-02-2015, 05:21 PM
            ردود 119
            18,088 مشاهدات
            0 معجبون
            آخر مشاركة وهج الإيمان
            بواسطة وهج الإيمان
             
            أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 23-05-2024, 02:34 PM
            استجابة 1
            98 مشاهدات
            0 معجبون
            آخر مشاركة وهج الإيمان
            بواسطة وهج الإيمان
             
            أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 23-05-2024, 02:27 PM
            استجابة 1
            71 مشاهدات
            0 معجبون
            آخر مشاركة وهج الإيمان
            بواسطة وهج الإيمان
             
            أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 04-10-2023, 10:03 AM
            ردود 2
            153 مشاهدات
            0 معجبون
            آخر مشاركة وهج الإيمان
            بواسطة وهج الإيمان
             
            أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 09-01-2023, 12:42 AM
            استجابة 1
            160 مشاهدات
            0 معجبون
            آخر مشاركة وهج الإيمان
            بواسطة وهج الإيمان
             
            يعمل...
            X