الإبادة الجماعية
التاريخ: Sunday, May 14
اسم الصفحة: حقوق الانسان

لم يكن من السهل التوصل إلى صياغة نهائية لاصطلاح ( Genocide ) الإبادة الجماعية، وتعددت، التعريفات في دراسات الابادة، ونصوص القوانين الدولية، الا أنها اتفقت على إطار عام يشير إلى أن المراد من الاصطلاح هو : التدمير المتعمد للجماعات القومية او العرقية او الدينية او الاثنية هو الاطار العام لجريمة الإبادة الجماعية كما نصت عليها اتفاقية منع إبادة الأجناس البشرية . ويراد بمصطلح genocide في اللغة اللاتينية ( قتل الجماعة ) واقترن مصطلح جريمة الابادة بالنازية اولا ، وإن كانت هناك جرائم أخرى تنطبق عليها هذه المحددات في التاريخ البشري عموما ،
لكن الصورة التي عكسها التصور النازي أعاد قضية القتل الجماعي إلى واجهة دراسات الابادة ، حيث جرى قتل ملايين البشر بسبب دينهم او اصلهم العرقي وأعتبرت الجريمة من نمط الجرائم التي ترتكب لتدمير جماعة ما . وذهب خبراء القانون الدولي وأصحاب الشرعة الدولية إلى أن أرتكاب هذه الجريمة يقصد التدمير الكلي او الجزئي لجماعات قومية او اثـنية او عنصرية او دينية عبر صور متعددة وسواء أكانت الجريمة بصورة مباشرة ام بالتحريض عليها ام بالتامر على ارتكابها وسواء اثناء السلم ام الحرب، هي جرائم ضد الجماعة . واشار نص اتفاقية منع الابادة إلى أن :
هذه الاتفاقية تعني بالابادة الجماعية ايا من الافعال التالية :
1. قتل اعضاء من الجماعة.
2. الحاق اذى جسدي او روحي خطير باعضاء من الجماعة.
3. اخضاع الجماعة عمدا لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كليا او جزئيا .
4. فرض تدابير تستهدف الحؤول دون انجاب الاطفال داخل الجماعة .
5. نقل اطفال من الجماعة عنوة الى جماعة اخرى . وحددوا ارتكاب الجرائم المشار اليها عن قصد بالتدمير الكلي او الجزئي لجماعة قومية او اثنية او عنصرية او دينية . وقبل الدخول في تحديد أنواع الإبادة الجماعية يتوجب المرور بالسياق التاريخي لظهور هذه الجريمة . فمنذ أن تبنت الأمم المتحدة في 9 كانون الأول/ديسمبر من العام 1948 معاهدة حول تدارك ومنع ( الإبادة الجماعية ) ومعاقبتها، دخلت هذه العبارة في الخطاب الشائع للدلالة على الشر المطلق وأقصى أشكال التدمير في حق المدنيين العزل. وحقق هذا المفهوم انتشارا متزايدا في الاستخدام الدولي بعدما وضعه قيد التداول الحقوقي البولوني ( رافايل ليمكين ) عام 1944، إذ تمت الاشارة من خلاله إلى النزاعات كافة في النصف الثاني من القرن العشرين التي أوقعت عددا كبيرا من الضحايا المدنيين لاحقاً من كمبوديا إلى الشيشان مرورا ببوروندي ورواندا وغواتيمالا وكولومبيا والعراق والبوسنة والسودان وغيرها. كما اطلقت التسمية وبأثر رجعي على المذبحة التي تعرض لها سكان ميلوس على يد اليونانيين في القرن الخامس قبل الميلاد ، أو ما حدث لسكان مقاطعة ( الفانديه ) الفرنسية عام 1793 ، أو تعرض له هنود أميركا الشمالية. اوالأرمن في العام 1915 إضافة إلى المجاعة التي ضربت أوكرانيا والى تهجير عدد من القوميات في الاتحاد السوفياتي السابق إبان العهد الستاليني وإبادة اليهود الأوروبيين والغجر وأيضا قصف هيروشيما وناغازاكي بالقنابل الذرية الاميركية.
ومع ان التقسيم الشائع لأنواع الإبادة يتوزع على :
1 ـ الإبادة الجسدية : قتل الجماعات بالغازات السامة ( مثل مأساة حلبجة ) أو الاعدام ( كما حصل في العراق وغيره ) ، أو دفن الأحياء ( كما حصل مع سكان جنوب العراق ) ، أو القصف بالطائرات والصواريخ وغيرها من الاسلحة.
2 ـ الابادة البايولوجية : المتمثلة بتعريض الرجال للعرض، أو اجهاض النساء وبوسائل متعددة والتدخل في تغيير الخلقة الانسانية لأهداف سياسية ودينية للقضاء على العنصر البشري .
3 ـ الابادة الثقافية : المتمثلة بمنع التحدث باللغة الوطنية ، والاعتداء على الثقافة القومية ( مثل ما حصل في كردستان العراق وغيرها من مناطق العالم) . أما عن الأسباب التي تدفع لارتكاب هذه الجريمة ، فمجملها يتركز في الأسباب الدينية، والسياسية والاجتماعية، والعصبية، والصراع التاريخي عموما . وقد أثار استخدام مفهوم "الابادة" على حالات تاريخية متنافرة الكثير من الاعتراضات والنقاشات الحامية. فالاستخدام المتعدد يعكس الحاجة إلى تعبير عام يشير إلى ظاهرة منتشرة في القرن العشرين ألا وهي القضاء على المدنيين.
وكانت عبارات أخرى قد أدخلت في التداول مثل "الابادة السياسية" (politicide) عام، 1988 أو "ابادة الديموقراطية" (démocide) عام 1994 لكن ( الابادة الجماعية)، أو "ابادة الجنس" (génocide) لا تزال هي الرائجة بحيث ظهر اختصاص في "أبحاث الابادة" كما يمكن متابعتها في مجلة Journal of Genocide Research . وأولى المسائل التي تثيرها عبارة "الابادة الجماعية" تتعلق باستخدامها في خضم نقاشات الهوية والسياسة والعمل الإنساني. فالمفهوم المعني يواجه تحديات مرتبطة أولا بالذاكرة، أي بالإقرار العام بتعرض شعب ما في الماضي للابادة الجماعية. ولعل المثل ( الارمني ) هو الأكثر دلالة في هذا السياق. أما التحدي الثاني فهو إنساني عندما يتم لفت أنظار مؤسسات المجتمع المدني و المنظمات غير الحكومية إلى خطر الابادة الجاثم الذي يهدد الشعوب وما يترتب على ذلك من إحداث صدمة في الرأي العام وفتح الطريق أمام التدخل الدولي. يبقى التحدي القانوني ويتمثل في تقديم المسؤولين عن جرائم الابادة الجماعية أمام المحاكم الدولية. كذلك يمكن لمفهوم الابادة الجماعية أن يشكل العنصر الرئيسي في رغبة هجومية تستهدف الخصم السياسي كما فعل صرب كوسوفو عندما أعلنوا ابتداء من منتصف الثمانينيات أنهم يتعرضون لعملية ابادة جماعية على يد الألبان ، أو ما نادت به أحزاب ومنظمات معارضة لنظام صدام بفهم أن فئات محددة ، وأقليات وقوميات وطوائف تتعرض إلى الإبادة جسديا وثقافيا وجغرافيا، أو كما اتهم المندوبون المشاركون في مؤتمر دربان عام 2001 الدولة العبرية بارتكاب الابادة الجماعية ضد الفلسطينيين، فالخلاصة الواضحة هي أن العبارة تستخدم كسترة واقية رمزية من اجل تأكيد هوية الشعب الضحية. ويعتقد انه يمكن للباحثين النظر في الاصطلاح من جديد لتقديم المزيد من الإيضاحات.وعلى الرغم من صعوبة التوصل لتعريف نهائي الا ان التباين بدا واسعا مثلا بين عالم النفس ( إسرائيل شارني ) الذي يصنف كل مجزرة في خانة الابادة الجماعية (بما فيها حادث تشرنوبيل النووي) والمؤرخ ( ستيفان كاتز ) الذي يصر على أن عملية ابادة جماعية واحدة حصلت في التاريخ وهي تلك التي تعرض لها اليهود، ويتضح من فهمهما المقدمات التي ينطلقان منها . واختلفت الآراء أيضا حول التعريف الذي قدمته الأمم المتحدة إذ وافق البعض على معاهدة 1948 كقاعدة للبحث والنقاش يمكن أن تنتج منها ( ترجمة سوسيولوجية ) للابادة كما ذهبت الباحثة الاميركية ( هيلين فاين ) . يعترض البعض الآخر في المقابل على كون الأبحاث الاجتماعية والتاريخية لم ترتكز سلفا على نص قانوني أو معياري لذا يعمدون إلى مقاربة (دراسات الابادة ) بمنهجية العلوم الاجتماعية، فينطلق بحثهم من تحليل المذبحة (كشكل جماعي في الغالب للقضاء على غير المحاربين) والتساؤل حول ظروفها وإمكان تحول مذبحة واحدة أو سلسلة من المذابح إلى عملية (إبادة جماعية) . من المشكلات التي أثارتها معاهدة 1948 أنها تولي أهمية مركزية لـ ( النية في القضاء على الجماعة ) ضمن تعريفها للابادة ما يجعل الترجمة التاريخية لهذه الفكرة صعبة إلى حد ما، فلا يبدو أن بعض الإحداث الكارثية نتجت عن تخطيط مسبق كالمجاعة في الصين الشيوعية بين 1958 و1962 والتي راح ضحيتها من 20 إلى 43 مليون نسمة. لم يتمكن احد من تقديم البرهان على أن ماو تسي تونغ الذي دعا لـ ( القفزة الكبيرة إلى الأمام ) كان ينوي القضاء على شعبه، فالمأساة ترجع أكثر إلى جمود الحزب وطوباويته الإرادية وعدم كفايته الاقتصادية . في المقابل فانه يمكن إبراز تأكيدات أكثر وضوحا لإرادة ستالين الإجرامية في التسبب بمجاعة أوكرانيا بين 1932 و1933 والتي ذهب ضحيتها ما بين 6 و 7 ملايين نسمة، وكان غرض موسكو القضاء النهائي على المقاومة هناك، فهل يمكن التحدث عن عملية "ابادة جماعية"؟ المعترضون يحتجون بان نية ستالين لم تكن القضاء على الاوكرانيين بصفتهم القومية. نشير إلى أن شعوبا أخرى تعرضت للابادة بسبب المجاعة (بلاد القوزاق، كوبان، آسيا الوسطى...).
مهما يكن فان الفخ الذي يتربص دائما بالمؤرخ هو التحول إلى مدع عام يبرهن على أن الأمور كانت معدة سلفا بينما التاريخ محصلة ظروف وعناصر غامضة أو غير محددة التأثير. وتعتبر الأبحاث حول المحرقة اليهودية مرجعا في الموضوع انطلاقا من المؤلف الكبير لكريستوفر براونينغ، "رجال عاديون".
ولو تفحصنا ما جرى في كمبوديا أو رواندا أو البوسنة لوجدنا أن علينا اللجوء إلى أنواع عدة من التفسيرات لسبر أغوار هذا الانقلاب العنفي الواسع. هل نولي أهمية حاسمة للايديولوجيا وبصورة أعم للمتخيل السياسي في رفض الآخر عند مقاربتنا تفسير الانتقال إلى فعل الابادة؟ إن الدور الأساسي لذي لعبه المثقفون في البناء المسبق لوجوه العدو بات معروفا لكن هذا المحور الإيديولوجي المهيّء للمجازر الجماعية ليس كافيا أبدا لتفسير الانتقال إلى الفعل. يجب الأخذ في الاعتبار "الحسابات" التي تقف وراء المجازر أو القرار (أو سلسلة القرارات) التي يتخذها بدم بارد حفنة من المسؤولين.
فالمجزرة تنبع في الغالب من سياسة متعمدة لـ "تنظيف المنطقة" أو الوصول إلى السلطة أو تطهير العرق، كما حصل في العراق في حملات سميت بـ ( تنظيف السجون )، أو تغيير الواقع الديموغرافي لكركوك، أو شن حملات إبادة على الشيعة والأكراد المعارضين لنظام. لكننا وفي سعينا وراء الأسباب يجب ألا نغفل البعد اللاعقلاني في المجازر وأعمال الابادة بكونها مشروع هذيان يسعى إلى إقامة نظام آمن يرتكز على الوحدة والنقاوة، وعدم السماح بوجود ما يعكر صفو هذه الفكرة اللاواقعية . إن ( أبحاث الابادة ) يجب أن تلتفت بالضرورة إلى مختلف المقاربات من علم النفس المرضي إلى علم الاناسة مرورا بالتاريخ والعلوم السياسية، من دون الحلم بتفسير شامل. وهناك سؤال آخر يخترق هذه التفسيرات: هل أن الابادة ترتكبها دول قوية أم دول ضعيفة؟ يبدو الميل تلقائيا إلى مسؤولية الدولة القوية لما يتطلب ارتكاب إبادة من إمكانات تدميرية وتنظيمية ودعائية...
كما يفترض مثلا رودولف رومل: "إن السلطة المطلقة تقتل بصور مطلقة". لكن نظرية الدولة القوية هذه تتعرض لإعادة النظر على أيدي الذين يشددون على "الإطار العام" الذي يضع هذه الأنظمة في وضع من عدم الكفاءة والجهل الذي يفسر استعدادها لارتكاب المجازر بالرغم مما تتمتع به من قوة. لذا كان ( إطار الحرب ) عنصرا أساسيا يجب أخذه في الحسبان. لذا فان مؤرخين من طراز ( فيليب بورين ) و ( كريستيان غيرلاش ) اعتبروا أن قرار "الحل النهائي" الذي اتخذه النازيون على الأرجح ابتداء من كانون الأول/ديسمبر 1941 لا يمكن عزله عن إدراكهم بأنهم عاجزون عن الانتصار في الحرب التي شنوها على الاتحاد السوفياتي. هكذا يكون هتلر قد اتخذ قرارا بالانتصار في موقع آخر أساسي بالنسبة إليه وهو القضاء على اليهود بعد أن استشرف الهزيمة المقبلة خصوصا مع دخول الولايات المتحدة الاميركية الحرب اثر القصف الذي تعرض له أسطولها في مرفأ بيرل هاربور يوم 6 كانون الأول/ديسمبر 1941.
يمكن قول الشيء نفسه في مسألة الأرمن إذ اتخذ القرار بتصفيتهم بعد هزيمة قاسية مني بها الأتراك أمام الروس في إطار من النزاع كانت حكومة ( تركيا الفتاة ) تنظر فيه إلى الأرمن كأقلية متواطئة ومتحالفة مع الروس. تؤكد هذه المقاربة الأطروحة القائلة بأن المجازر تجري على أيدي دول ضعيفة تعتبر نفسها قابلة للعطب أو عاجزة عن الانتصار في الحرب طالما لا تعمد إلى القضاء على جماعات مدنية بأكملها. إن المهمة الملحة الملقاة على عاتق العلوم الاجتماعية هي في تطوير المعارف الخاصة بأشكال العنف المؤدية إلى المجازر إن لم يكن إلى الابادة الجماعية. ويأتي هذا الإلحاح من كون التاريخ البشري مثقلا في هذا المجال. ففي مطلع القرن العشرين كان عشر ضحايا الحروب من المدنيين وها هي النسبة تنقلب في نهاية القرن نفسه ليسقط ما بين 80 إلى 90 في المئة من الضحايا المدنيين نتيجة النزاعات المسلحة.
إن المطلوب أيضا مقاربة عملية للفترة السابقة للازمة وطرح السؤال: هل يمكن وبأي شروط تفادي الابادة الجماعية؟ يقترح البعض إجراءات تحذيرية تهدف إلى تعيين الأوضاع القابلة للتحول عمليات ابادة ويتخيلون الوسائل المطلوبة من اجل مد يد العون الفعال إلى السكان المهددين.
إن المطلوب هنا طرح سؤال أساس : هل يمكن تفادي الابادة الجماعية ؟ اقترح البعض التركيز على اجراءات تحذيرية تهدف إلى تحديد الاوضاع التي من الممكن ان تتحول إلى عمليات إبادة جماعية . وما تبذله المنظمات غير الحكومية والصحافيون وأفراد لهم رغبة قوية بمنع جريمة الابادة ، به عظيم الأهمية من اجل منع المأساة من الغور في النسيان لدى الرأي العام العالمي كما يحصل مثلا في الشيشان. في الوقت نفسه فان الرأي العام يصاب بالملل بسبب المآسي التي تلاحقه بها وسائل الإعلام، ولذلك فانه يجب إبقاء شعار ( لا مجازر بعد اليوم ) مرفوعا ولو أن شبح الإبادة لم يختف من عالمنا. وفيما يتعلق بارتكاب جريمة الابادة الجماعية في العراق ، فيمكننا القول انها حدثت في العراق بكل أنواعها فقد ارتكبت في جنوب العراق وضد الشعب الكردي في كردستان العراق من خلال تطهير العرق الكردي جغرافيا , أي من المناطق الكردية , والإبادة الثقافية وفي سياسة تعريب الكرد ، وكذلك ارتكبت هذه الجريمة ضد عرب الاهوار في جنوب العراق ، في العمارة و الناصرية و البصرة , ونفذت هذه الجريمة البشعة ضد الكرد و التركمان في محافظة كركوك أيضا.
ومن ذلك ايضا ارتكاب الجريمة ضد الكرد الفيلية والعراقيين المسفرين بسبب انتمائهم للمذهب الشيعي .وإبادة الجنس البشري من خلال استعمال السلاح
الكيماوي ضد الكرد و ضد الشيعة في جنوب العراق وفي الاهوار.وقد حصل ذلك في الأعوام 1988 و في 1991، وضرب الأهداف المدنية بالصواريخ و الطائرات أو من خلال القصف المدفعي كما حصل مع القرى الكردية الآمنة و في أثناء الحرب ضد إيران. وكذلك ضد أبناء النجف وكربلاء و البصرة والسماوة والديوانية والمدن العراقية الأخرى التي خرجت ضد النظام عام 1991 . وتم دفن البشر وهم أحياء ، فقد قام نظام صدام بدفن مئات الآلاف من الكورد ومن العرب والتركمان وهم أحياء في كردستان العراق و في النجف و كربلاء و البصرة والعمارة و السماوة وغيرها من المدن العراقية ، وتعد هذه الجريمة من جرائم الحرب التي ارتكبت ضد الشعب العراقي ولا يمكن أن تسقط بالتقادم ، وان الفاعل لها يعد مجرما دوليا ، و لا يمكن أن يتذرع المجرم الدولي بأنه ارتكب جريمته للأغراض الدفاعية أو بدوافع سياسية. وكذلك إعدام الأسرى الذين تعرضوا لانتزاع الاعترافات منهم. ولذلك يمكن النظر في إعدام الأسرى أو دفنهم وهم أحياء جريمة في هذا الصدد ، طبقا لما ورد من جدل حول التوصل لتحديد مفهوم الابادة الجماعية . لكن حالات مثل هذه لم تنجح المؤسسات الدولية للاجتماع حول بند قانوني يمكن له التدخل في ايقاف تلك الجرائم، لذا يبقى الخرق قائما لعدم وجود نص قانوني يتابع ارتكاب جرائم الابادة، دون ان يعترض هذا النص مقولة الشأن الداخلي، مثلما حصل في العراق وأماكن أخرى من العالم.
أما عن موقف المؤسسات الدينية والروحية فلدينا موقف الفاتيكان الذي اعتبر هذه الجرائم موجهة ضد الله والإنسان على أساس إنها جرائم تنتهك حقوق الإنسان . وقد حددت هذه الجرائم مبادئ محكمة نورمبرغ في إنها تعد جرائم دولية ترتكب عمدا ضد الإنسانية وهي بمثابة جرائم كبرى وخطيرة يعد فاعلها مجرما دوليا خطيرا , و مثال ذلك قتل السكان المدنيين أو إبادتهم بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو المذهب أو غير ذلك وكذلك جريمة نفي السكان المدنيين ومثال ذلك عمليات تهجير مئات الآلاف من العراقيين بعد إسقاط الجنسية عنهم بحجة انهم من التبعية الإيرانية وكذلك عمليات تهجير الكرد من مدينة كركوك و المناطق الحدودية الأخرى وجريمة الأنفال ، وكذلك جريمة تدمير اكثر من 4500 قرية يسكنها الكرد بحجة إنها تقع على الحدود العراقية ـ الإيرانية . ولم نجد في دراسات الابادة ما يشير بوضوح إلى نوع من الابادة يمكن وصفه من حيث النوع بالابادة الجغرافية ، مثلما حصل وتعرضت له مساحات شاسعة من جغرافيا العراق، ( بساتين النخيل ، والأهوار ) إلى تتغير في الوضع الجغرافي ، الامر الذي يوفر مساحة جديدة من البحث في دراسات الابادة، حتى وان وجد البعض ان الأمر يدخل في نطاق تخريب البيئة وتدميرها، في الوقت الذي تركز أبحاث الابادة على حماية الجنس البشري. ويبقى المفصل الأهم في دراسات أبحاث الابادة هو عدم وجود نصوص قانونية صريحة تلزم الدول بعدم ارتكاب هذه الجريمة ، في ظروف تلجأ فيها الحكومات القوية والضعيفة إلى ذريعة الشأن الداخلي الذي تسبب في وقوع جريمة الابادة في أكثر من مكان في العالم .
ملاحق نماذج من الابادة الجغرافية :-
النموذج الأول : تكتيف الأنهار :
موقع العملية: محافظة ميسان العمارة فكرة العملية: انشاء سدود ترابية تتراوح اطوالها بين 6-18 كم لكل سدة على جانبي الأنهار الرئيسة التي تغذى اهوار العمارة وهي:
نهر الوادية. ياخذان مياههما من نهر المجر الكبير. نهرا لعدل . نهر الكفاح. نهر الشرمخية.
تأخذ مياهها من نهر البتيرة. نهر مسبح. نهر هدام. نهر ام جدى.
مرحلة العمل: تم انجاز العملية تماما في شهر تموز 1992. نتائح العملية: قطع المياه عن عشرات الروافد والجداول التي كانت تأخذ مياهها من الأنهار المذكورة متجهه نحو الاهوار لسقي الأراضي الواقعة على جانبي الأنهر جنوب مدينة العمارة وحتى حافات الهور، حيث كانت تصب المتبقى من مياهها في الهور نفسه. وقد ضاعف من شحة المياه نتيجة هذه العملية انها قد سبقت بتجفيف مياه الأنهار السبعة بمقدار 95% عندما قام النظام بقطع المياه بنواظم خاصة على نهر دجلة عن مصدريهما المتمثلين بنهر المجر الكبير ونهر البتيرة بالنسبة اعلاه وبذلك انقطع الماء عن المناطق الشاسعة التي تقع بعد مدن الميمونه والسلام والعدل والمجر الكبير.
النموذج الثاني: تهذيب ضفاف الأنهار :
فكرة العملية: انشاء سدتين ترابيتين تقطعان نهايات جميع الأنهار والروافد والجداول المتجهة الى هور العمارة قبيل وصولها اليه وجمع مياهها في المجرى الحاصل بينهما.
موقع العملية: محافظة ميسان العمارة. تبدأ السدة الترابية المقررة في هذه العملية من جنوب قرية الجنداله (ناحية السلام) الواقعة عند خطي 686 شرقي- 348 شمالي مروراً بجنوب قرية ابو عشرة (ناحية العدل) ثم مروراً بنقطة 700 شرقي- 348 شمالي ثم مرورا بقرية ابو عجل (714 شرقي- 347 شمالي) ثم تلتقي جنوبا عند النقطة 720 شرقي- 347 شمالي لتمر بالسدتين الترابيتين اللتين انشئتا اثناء الحرب العراقية- الايرانية ابتداء من منطقة ابو عجل حتى منطقة بني منصور الواقعة عند 727 شرقي- 343 شمالي حيث يتصل في النهاية بنهر الفرات على مسافة ستة كيلومترات غرب مدينة القرنة. مواصفات السدتين: - عرض السدة السفلى من الأسفل - 35م ومن الاعلى 8م - عرض السدة العليا من الأسفل -25م ومن الاعلى 8م. - ارتفاع السدتين 6م. - المسافة بين السدتين 1200م عند قرية الجندالة (ناحية السلام)، 1400م عند قرية ابو الجواتل (ناحية العدل)، 1600م عند قرية ابو عجل، 2000م من ابو عجل حتى بنى منصور. - طول كل من السدتين 90 كم.
مرحلة العمل: انجزت العملية اواخر شهر ايلول 1992.
نتائج العملية: قطع اكثر من اربعين نهرا وجدولا وتحويل مسارها باتجاه الشرق الى منطقة ابو عجل ثم باتجاه الجنوب حتى ينتهي في نهر الفرات في منطقة بني منصور (غرب القرنة) ما ادى الى:-
1- حرمان سكان الأراضي المعتمدة على هذه الانهار من مياه السقي والشرب.
2- انخفاض منسوب المياه في هور العمارة الذي كانت تصب فيه.
الجهات المنفذة:
وزارة النفط، وزارة الصناعة والتصنيع العسكري، وزارة الأسكان والتعمير، وزارة الزراعة والري.
النموذج الثالث : تحويل الفرات الى المصب العام :
موقع العملية: محافظة ذي قار (الناصرية) فكرة العملية: تحويل مياه نهر الفرات من موقع الفضلية على بعد خمسة كيلومترات شرق مدينة الناصرية الى مجرى المصب العام بعد ان تمت المرحلة الأخيرة منه بوصل اجزائه المنجزة ببعضها (ومن المعلوم ان مجرى المصب العام يصب في خور عبد الله شمال الخليج).
مرحلة العمل: انجزت العملية في بداية تموز 1992.
نتائج العملية:
- تحولت مياه نهر الفرات من مجراها ابتداء من مدينة الناصرية الى مجرى المصب العام ليصبح مبزلا لسحب مياه هور الحمار حيث يمر جنوبه وفي منطقة اخفض منه.
- تحول المجرى الطبيعي والتاريخي لنهر الفرات ابتداء من الناصرية الى القرنة الى مبزل لسحب مياه اهوار العمارة، حيث يقع في منطقة منخفضة اسفل منها.
النموذج الرابع : تكتيف نهر الفرات :
موقع العملية: محافظة ذي قار (الناصرية) ومحافظة البصرة. تقع السدة المقررة في هذه العملية بين المدينة عند خطي 715 شرقي- 342 شمالي والناصرية مرورا بالجبايش الواقعة عند خطي 692 شرقي- 342 شمالي. فكرة العملية: منع مياه الفرات من التسرب جنوبا نحو هور الحمار بإنشاء سدة ترابية بمحاذاة الفرات من جهته الجنوبية (الضفة اليمنى). مواصفات السدة: عرضها من الأسفل 25م ومن الاعلى 6م، ارتفاعها 7ر5م، طولها 145كم. نتائج العملية:
- قطع مياه مجموعة من الأنهار التي تغذي هور الحمار وهي نهر صالح -نهر عنتر- نهر الخائرة- نهر الخرفية، اضافة الى عدد من الروافد والجداول الاخرى، وحرمان سكان المناطق التي تمر بها من مياه السقي والشرب.
مرحلة العمل:
- استفاد النظام من انخفاض منسوب المياه في هور الحمار نتيجة العملية الثالثة وبروز ضفتي مجرى الماء اللتين كانتا مغمورتين قبل هذا في داخل الهور لأنشاء سدة ترابية فوقهما
. - استفاد النظام من السدة الواقعة بين القرنة والمدينة (20كم) التي سبق ان انجزت خلال الحرب العراقية -الأيرانية وتدعى سدة الحماية، كما انجزت الآن مسافة (20 كم) الواقعة بين المدينة ونقطة تبعد عن الجبايش خمسة كيلومترات، والمتبقى يمثل المسافة بين هذه النقطة والناصرية أي 100 كم وهو تحت الأنجاز.
النموذج الخامس : تقسيم الاهوار:
موقع العملية: محافظة ميسان (العمارة) ومحافظة البصرة.
فكرة العملية: تجزئة الاهوار بعدة سدود ليسهل تجفيفها، ويمكن بيان خطوات العملية كما يلي:
- عمل سدة ترابية تبدأ من قرية ابو صبور عند خطي 711 شرقي 347 شمالي وتتجه نحو الغرب حتى قرية الصحين عند خطي 696شرقي- 347 شمالي، ثم تتجه نحو الجنوب الغربي حتى نقطة تقع عند خطي 693 شرقي- 346 شمالي، وهي شرق قرية الجدى حوالي كيلومتر واحد.
بعدها تتجه نحو الجنوب لمسافة 40 كم حتى تلتقي مع حافة نهر الفرات في نقطة عند خطي 696 شرقي -342 شمالي. ثم تتجه جنوبا لمسافة 18 كم الى نقطة عند خطي 697 شرقي- 341 شمالي، ثم تتجه نحو الجنوب الشرقي مارة بقرية ام السباح عند خطي 708 شرقي- 340 شمالي، ثم تتجه نحو الشرق لتنتهي في نقطة عند خطي 718 شرقي- 340 شمالي قرب قرية المكطاع. - استفاد النظام من عدد من سداد كانت قد انشئت خلال الحرب العراقية الايرانية منها السدة الواقعة بين نقطة عند خطي 718 شرقي- 340 شمالي وبمسافة 11 كم باتجاه الشمال أي حتى قرية العبرة، ثم تنحني نحو الشمال الشرقي ثم تنحني باتجاه الغرب لتشكل نصف دائرة وتصل منطقة بين قضاء المدينة وقرية العبرة حيث تلتقي بنهر الفرات في نقطة عند خطي 714 شرقي- 342 شمالي، بعد هذا تتجه غربا لمسافة 5ر2 كم بمحاذاة نهر الفرات ومنها السدة التي تبدأ من هذه النقطة وتتجه شمالا لمسافة 50 كم لتنتهي عند قرية ابو صبور المشار اليها في بداية رقم -1- اعلاه، ومرورا بقرى ام الزهدي 712 شرقي- 343 شمالي وقرية العويلي 711 شرقي- 345 شمالي وقرية الدوب 712 شرقي- 347 شمالي وتسمى السدة الممتدة خلال الخمسين كيلومترا الأخيرة بسدة رقم 712. مرحلة العملية: تحت الأنجاز حيث بوشر بالعمل في عدة مواضع. نتائج العملية: من المنتظر ان تجفف بهذه العملية وحدها مساحة تقدر بألف وخمسمائة كيلومتر مربع.
التاريخ: Sunday, May 14
اسم الصفحة: حقوق الانسان

لم يكن من السهل التوصل إلى صياغة نهائية لاصطلاح ( Genocide ) الإبادة الجماعية، وتعددت، التعريفات في دراسات الابادة، ونصوص القوانين الدولية، الا أنها اتفقت على إطار عام يشير إلى أن المراد من الاصطلاح هو : التدمير المتعمد للجماعات القومية او العرقية او الدينية او الاثنية هو الاطار العام لجريمة الإبادة الجماعية كما نصت عليها اتفاقية منع إبادة الأجناس البشرية . ويراد بمصطلح genocide في اللغة اللاتينية ( قتل الجماعة ) واقترن مصطلح جريمة الابادة بالنازية اولا ، وإن كانت هناك جرائم أخرى تنطبق عليها هذه المحددات في التاريخ البشري عموما ،
لكن الصورة التي عكسها التصور النازي أعاد قضية القتل الجماعي إلى واجهة دراسات الابادة ، حيث جرى قتل ملايين البشر بسبب دينهم او اصلهم العرقي وأعتبرت الجريمة من نمط الجرائم التي ترتكب لتدمير جماعة ما . وذهب خبراء القانون الدولي وأصحاب الشرعة الدولية إلى أن أرتكاب هذه الجريمة يقصد التدمير الكلي او الجزئي لجماعات قومية او اثـنية او عنصرية او دينية عبر صور متعددة وسواء أكانت الجريمة بصورة مباشرة ام بالتحريض عليها ام بالتامر على ارتكابها وسواء اثناء السلم ام الحرب، هي جرائم ضد الجماعة . واشار نص اتفاقية منع الابادة إلى أن :
هذه الاتفاقية تعني بالابادة الجماعية ايا من الافعال التالية :
1. قتل اعضاء من الجماعة.
2. الحاق اذى جسدي او روحي خطير باعضاء من الجماعة.
3. اخضاع الجماعة عمدا لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كليا او جزئيا .
4. فرض تدابير تستهدف الحؤول دون انجاب الاطفال داخل الجماعة .
5. نقل اطفال من الجماعة عنوة الى جماعة اخرى . وحددوا ارتكاب الجرائم المشار اليها عن قصد بالتدمير الكلي او الجزئي لجماعة قومية او اثنية او عنصرية او دينية . وقبل الدخول في تحديد أنواع الإبادة الجماعية يتوجب المرور بالسياق التاريخي لظهور هذه الجريمة . فمنذ أن تبنت الأمم المتحدة في 9 كانون الأول/ديسمبر من العام 1948 معاهدة حول تدارك ومنع ( الإبادة الجماعية ) ومعاقبتها، دخلت هذه العبارة في الخطاب الشائع للدلالة على الشر المطلق وأقصى أشكال التدمير في حق المدنيين العزل. وحقق هذا المفهوم انتشارا متزايدا في الاستخدام الدولي بعدما وضعه قيد التداول الحقوقي البولوني ( رافايل ليمكين ) عام 1944، إذ تمت الاشارة من خلاله إلى النزاعات كافة في النصف الثاني من القرن العشرين التي أوقعت عددا كبيرا من الضحايا المدنيين لاحقاً من كمبوديا إلى الشيشان مرورا ببوروندي ورواندا وغواتيمالا وكولومبيا والعراق والبوسنة والسودان وغيرها. كما اطلقت التسمية وبأثر رجعي على المذبحة التي تعرض لها سكان ميلوس على يد اليونانيين في القرن الخامس قبل الميلاد ، أو ما حدث لسكان مقاطعة ( الفانديه ) الفرنسية عام 1793 ، أو تعرض له هنود أميركا الشمالية. اوالأرمن في العام 1915 إضافة إلى المجاعة التي ضربت أوكرانيا والى تهجير عدد من القوميات في الاتحاد السوفياتي السابق إبان العهد الستاليني وإبادة اليهود الأوروبيين والغجر وأيضا قصف هيروشيما وناغازاكي بالقنابل الذرية الاميركية.
ومع ان التقسيم الشائع لأنواع الإبادة يتوزع على :
1 ـ الإبادة الجسدية : قتل الجماعات بالغازات السامة ( مثل مأساة حلبجة ) أو الاعدام ( كما حصل في العراق وغيره ) ، أو دفن الأحياء ( كما حصل مع سكان جنوب العراق ) ، أو القصف بالطائرات والصواريخ وغيرها من الاسلحة.
2 ـ الابادة البايولوجية : المتمثلة بتعريض الرجال للعرض، أو اجهاض النساء وبوسائل متعددة والتدخل في تغيير الخلقة الانسانية لأهداف سياسية ودينية للقضاء على العنصر البشري .
3 ـ الابادة الثقافية : المتمثلة بمنع التحدث باللغة الوطنية ، والاعتداء على الثقافة القومية ( مثل ما حصل في كردستان العراق وغيرها من مناطق العالم) . أما عن الأسباب التي تدفع لارتكاب هذه الجريمة ، فمجملها يتركز في الأسباب الدينية، والسياسية والاجتماعية، والعصبية، والصراع التاريخي عموما . وقد أثار استخدام مفهوم "الابادة" على حالات تاريخية متنافرة الكثير من الاعتراضات والنقاشات الحامية. فالاستخدام المتعدد يعكس الحاجة إلى تعبير عام يشير إلى ظاهرة منتشرة في القرن العشرين ألا وهي القضاء على المدنيين.
وكانت عبارات أخرى قد أدخلت في التداول مثل "الابادة السياسية" (politicide) عام، 1988 أو "ابادة الديموقراطية" (démocide) عام 1994 لكن ( الابادة الجماعية)، أو "ابادة الجنس" (génocide) لا تزال هي الرائجة بحيث ظهر اختصاص في "أبحاث الابادة" كما يمكن متابعتها في مجلة Journal of Genocide Research . وأولى المسائل التي تثيرها عبارة "الابادة الجماعية" تتعلق باستخدامها في خضم نقاشات الهوية والسياسة والعمل الإنساني. فالمفهوم المعني يواجه تحديات مرتبطة أولا بالذاكرة، أي بالإقرار العام بتعرض شعب ما في الماضي للابادة الجماعية. ولعل المثل ( الارمني ) هو الأكثر دلالة في هذا السياق. أما التحدي الثاني فهو إنساني عندما يتم لفت أنظار مؤسسات المجتمع المدني و المنظمات غير الحكومية إلى خطر الابادة الجاثم الذي يهدد الشعوب وما يترتب على ذلك من إحداث صدمة في الرأي العام وفتح الطريق أمام التدخل الدولي. يبقى التحدي القانوني ويتمثل في تقديم المسؤولين عن جرائم الابادة الجماعية أمام المحاكم الدولية. كذلك يمكن لمفهوم الابادة الجماعية أن يشكل العنصر الرئيسي في رغبة هجومية تستهدف الخصم السياسي كما فعل صرب كوسوفو عندما أعلنوا ابتداء من منتصف الثمانينيات أنهم يتعرضون لعملية ابادة جماعية على يد الألبان ، أو ما نادت به أحزاب ومنظمات معارضة لنظام صدام بفهم أن فئات محددة ، وأقليات وقوميات وطوائف تتعرض إلى الإبادة جسديا وثقافيا وجغرافيا، أو كما اتهم المندوبون المشاركون في مؤتمر دربان عام 2001 الدولة العبرية بارتكاب الابادة الجماعية ضد الفلسطينيين، فالخلاصة الواضحة هي أن العبارة تستخدم كسترة واقية رمزية من اجل تأكيد هوية الشعب الضحية. ويعتقد انه يمكن للباحثين النظر في الاصطلاح من جديد لتقديم المزيد من الإيضاحات.وعلى الرغم من صعوبة التوصل لتعريف نهائي الا ان التباين بدا واسعا مثلا بين عالم النفس ( إسرائيل شارني ) الذي يصنف كل مجزرة في خانة الابادة الجماعية (بما فيها حادث تشرنوبيل النووي) والمؤرخ ( ستيفان كاتز ) الذي يصر على أن عملية ابادة جماعية واحدة حصلت في التاريخ وهي تلك التي تعرض لها اليهود، ويتضح من فهمهما المقدمات التي ينطلقان منها . واختلفت الآراء أيضا حول التعريف الذي قدمته الأمم المتحدة إذ وافق البعض على معاهدة 1948 كقاعدة للبحث والنقاش يمكن أن تنتج منها ( ترجمة سوسيولوجية ) للابادة كما ذهبت الباحثة الاميركية ( هيلين فاين ) . يعترض البعض الآخر في المقابل على كون الأبحاث الاجتماعية والتاريخية لم ترتكز سلفا على نص قانوني أو معياري لذا يعمدون إلى مقاربة (دراسات الابادة ) بمنهجية العلوم الاجتماعية، فينطلق بحثهم من تحليل المذبحة (كشكل جماعي في الغالب للقضاء على غير المحاربين) والتساؤل حول ظروفها وإمكان تحول مذبحة واحدة أو سلسلة من المذابح إلى عملية (إبادة جماعية) . من المشكلات التي أثارتها معاهدة 1948 أنها تولي أهمية مركزية لـ ( النية في القضاء على الجماعة ) ضمن تعريفها للابادة ما يجعل الترجمة التاريخية لهذه الفكرة صعبة إلى حد ما، فلا يبدو أن بعض الإحداث الكارثية نتجت عن تخطيط مسبق كالمجاعة في الصين الشيوعية بين 1958 و1962 والتي راح ضحيتها من 20 إلى 43 مليون نسمة. لم يتمكن احد من تقديم البرهان على أن ماو تسي تونغ الذي دعا لـ ( القفزة الكبيرة إلى الأمام ) كان ينوي القضاء على شعبه، فالمأساة ترجع أكثر إلى جمود الحزب وطوباويته الإرادية وعدم كفايته الاقتصادية . في المقابل فانه يمكن إبراز تأكيدات أكثر وضوحا لإرادة ستالين الإجرامية في التسبب بمجاعة أوكرانيا بين 1932 و1933 والتي ذهب ضحيتها ما بين 6 و 7 ملايين نسمة، وكان غرض موسكو القضاء النهائي على المقاومة هناك، فهل يمكن التحدث عن عملية "ابادة جماعية"؟ المعترضون يحتجون بان نية ستالين لم تكن القضاء على الاوكرانيين بصفتهم القومية. نشير إلى أن شعوبا أخرى تعرضت للابادة بسبب المجاعة (بلاد القوزاق، كوبان، آسيا الوسطى...).
مهما يكن فان الفخ الذي يتربص دائما بالمؤرخ هو التحول إلى مدع عام يبرهن على أن الأمور كانت معدة سلفا بينما التاريخ محصلة ظروف وعناصر غامضة أو غير محددة التأثير. وتعتبر الأبحاث حول المحرقة اليهودية مرجعا في الموضوع انطلاقا من المؤلف الكبير لكريستوفر براونينغ، "رجال عاديون".
ولو تفحصنا ما جرى في كمبوديا أو رواندا أو البوسنة لوجدنا أن علينا اللجوء إلى أنواع عدة من التفسيرات لسبر أغوار هذا الانقلاب العنفي الواسع. هل نولي أهمية حاسمة للايديولوجيا وبصورة أعم للمتخيل السياسي في رفض الآخر عند مقاربتنا تفسير الانتقال إلى فعل الابادة؟ إن الدور الأساسي لذي لعبه المثقفون في البناء المسبق لوجوه العدو بات معروفا لكن هذا المحور الإيديولوجي المهيّء للمجازر الجماعية ليس كافيا أبدا لتفسير الانتقال إلى الفعل. يجب الأخذ في الاعتبار "الحسابات" التي تقف وراء المجازر أو القرار (أو سلسلة القرارات) التي يتخذها بدم بارد حفنة من المسؤولين.
فالمجزرة تنبع في الغالب من سياسة متعمدة لـ "تنظيف المنطقة" أو الوصول إلى السلطة أو تطهير العرق، كما حصل في العراق في حملات سميت بـ ( تنظيف السجون )، أو تغيير الواقع الديموغرافي لكركوك، أو شن حملات إبادة على الشيعة والأكراد المعارضين لنظام. لكننا وفي سعينا وراء الأسباب يجب ألا نغفل البعد اللاعقلاني في المجازر وأعمال الابادة بكونها مشروع هذيان يسعى إلى إقامة نظام آمن يرتكز على الوحدة والنقاوة، وعدم السماح بوجود ما يعكر صفو هذه الفكرة اللاواقعية . إن ( أبحاث الابادة ) يجب أن تلتفت بالضرورة إلى مختلف المقاربات من علم النفس المرضي إلى علم الاناسة مرورا بالتاريخ والعلوم السياسية، من دون الحلم بتفسير شامل. وهناك سؤال آخر يخترق هذه التفسيرات: هل أن الابادة ترتكبها دول قوية أم دول ضعيفة؟ يبدو الميل تلقائيا إلى مسؤولية الدولة القوية لما يتطلب ارتكاب إبادة من إمكانات تدميرية وتنظيمية ودعائية...
كما يفترض مثلا رودولف رومل: "إن السلطة المطلقة تقتل بصور مطلقة". لكن نظرية الدولة القوية هذه تتعرض لإعادة النظر على أيدي الذين يشددون على "الإطار العام" الذي يضع هذه الأنظمة في وضع من عدم الكفاءة والجهل الذي يفسر استعدادها لارتكاب المجازر بالرغم مما تتمتع به من قوة. لذا كان ( إطار الحرب ) عنصرا أساسيا يجب أخذه في الحسبان. لذا فان مؤرخين من طراز ( فيليب بورين ) و ( كريستيان غيرلاش ) اعتبروا أن قرار "الحل النهائي" الذي اتخذه النازيون على الأرجح ابتداء من كانون الأول/ديسمبر 1941 لا يمكن عزله عن إدراكهم بأنهم عاجزون عن الانتصار في الحرب التي شنوها على الاتحاد السوفياتي. هكذا يكون هتلر قد اتخذ قرارا بالانتصار في موقع آخر أساسي بالنسبة إليه وهو القضاء على اليهود بعد أن استشرف الهزيمة المقبلة خصوصا مع دخول الولايات المتحدة الاميركية الحرب اثر القصف الذي تعرض له أسطولها في مرفأ بيرل هاربور يوم 6 كانون الأول/ديسمبر 1941.
يمكن قول الشيء نفسه في مسألة الأرمن إذ اتخذ القرار بتصفيتهم بعد هزيمة قاسية مني بها الأتراك أمام الروس في إطار من النزاع كانت حكومة ( تركيا الفتاة ) تنظر فيه إلى الأرمن كأقلية متواطئة ومتحالفة مع الروس. تؤكد هذه المقاربة الأطروحة القائلة بأن المجازر تجري على أيدي دول ضعيفة تعتبر نفسها قابلة للعطب أو عاجزة عن الانتصار في الحرب طالما لا تعمد إلى القضاء على جماعات مدنية بأكملها. إن المهمة الملحة الملقاة على عاتق العلوم الاجتماعية هي في تطوير المعارف الخاصة بأشكال العنف المؤدية إلى المجازر إن لم يكن إلى الابادة الجماعية. ويأتي هذا الإلحاح من كون التاريخ البشري مثقلا في هذا المجال. ففي مطلع القرن العشرين كان عشر ضحايا الحروب من المدنيين وها هي النسبة تنقلب في نهاية القرن نفسه ليسقط ما بين 80 إلى 90 في المئة من الضحايا المدنيين نتيجة النزاعات المسلحة.
إن المطلوب أيضا مقاربة عملية للفترة السابقة للازمة وطرح السؤال: هل يمكن وبأي شروط تفادي الابادة الجماعية؟ يقترح البعض إجراءات تحذيرية تهدف إلى تعيين الأوضاع القابلة للتحول عمليات ابادة ويتخيلون الوسائل المطلوبة من اجل مد يد العون الفعال إلى السكان المهددين.
إن المطلوب هنا طرح سؤال أساس : هل يمكن تفادي الابادة الجماعية ؟ اقترح البعض التركيز على اجراءات تحذيرية تهدف إلى تحديد الاوضاع التي من الممكن ان تتحول إلى عمليات إبادة جماعية . وما تبذله المنظمات غير الحكومية والصحافيون وأفراد لهم رغبة قوية بمنع جريمة الابادة ، به عظيم الأهمية من اجل منع المأساة من الغور في النسيان لدى الرأي العام العالمي كما يحصل مثلا في الشيشان. في الوقت نفسه فان الرأي العام يصاب بالملل بسبب المآسي التي تلاحقه بها وسائل الإعلام، ولذلك فانه يجب إبقاء شعار ( لا مجازر بعد اليوم ) مرفوعا ولو أن شبح الإبادة لم يختف من عالمنا. وفيما يتعلق بارتكاب جريمة الابادة الجماعية في العراق ، فيمكننا القول انها حدثت في العراق بكل أنواعها فقد ارتكبت في جنوب العراق وضد الشعب الكردي في كردستان العراق من خلال تطهير العرق الكردي جغرافيا , أي من المناطق الكردية , والإبادة الثقافية وفي سياسة تعريب الكرد ، وكذلك ارتكبت هذه الجريمة ضد عرب الاهوار في جنوب العراق ، في العمارة و الناصرية و البصرة , ونفذت هذه الجريمة البشعة ضد الكرد و التركمان في محافظة كركوك أيضا.
ومن ذلك ايضا ارتكاب الجريمة ضد الكرد الفيلية والعراقيين المسفرين بسبب انتمائهم للمذهب الشيعي .وإبادة الجنس البشري من خلال استعمال السلاح

أما عن موقف المؤسسات الدينية والروحية فلدينا موقف الفاتيكان الذي اعتبر هذه الجرائم موجهة ضد الله والإنسان على أساس إنها جرائم تنتهك حقوق الإنسان . وقد حددت هذه الجرائم مبادئ محكمة نورمبرغ في إنها تعد جرائم دولية ترتكب عمدا ضد الإنسانية وهي بمثابة جرائم كبرى وخطيرة يعد فاعلها مجرما دوليا خطيرا , و مثال ذلك قتل السكان المدنيين أو إبادتهم بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو المذهب أو غير ذلك وكذلك جريمة نفي السكان المدنيين ومثال ذلك عمليات تهجير مئات الآلاف من العراقيين بعد إسقاط الجنسية عنهم بحجة انهم من التبعية الإيرانية وكذلك عمليات تهجير الكرد من مدينة كركوك و المناطق الحدودية الأخرى وجريمة الأنفال ، وكذلك جريمة تدمير اكثر من 4500 قرية يسكنها الكرد بحجة إنها تقع على الحدود العراقية ـ الإيرانية . ولم نجد في دراسات الابادة ما يشير بوضوح إلى نوع من الابادة يمكن وصفه من حيث النوع بالابادة الجغرافية ، مثلما حصل وتعرضت له مساحات شاسعة من جغرافيا العراق، ( بساتين النخيل ، والأهوار ) إلى تتغير في الوضع الجغرافي ، الامر الذي يوفر مساحة جديدة من البحث في دراسات الابادة، حتى وان وجد البعض ان الأمر يدخل في نطاق تخريب البيئة وتدميرها، في الوقت الذي تركز أبحاث الابادة على حماية الجنس البشري. ويبقى المفصل الأهم في دراسات أبحاث الابادة هو عدم وجود نصوص قانونية صريحة تلزم الدول بعدم ارتكاب هذه الجريمة ، في ظروف تلجأ فيها الحكومات القوية والضعيفة إلى ذريعة الشأن الداخلي الذي تسبب في وقوع جريمة الابادة في أكثر من مكان في العالم .
ملاحق نماذج من الابادة الجغرافية :-
النموذج الأول : تكتيف الأنهار :
موقع العملية: محافظة ميسان العمارة فكرة العملية: انشاء سدود ترابية تتراوح اطوالها بين 6-18 كم لكل سدة على جانبي الأنهار الرئيسة التي تغذى اهوار العمارة وهي:
نهر الوادية. ياخذان مياههما من نهر المجر الكبير. نهرا لعدل . نهر الكفاح. نهر الشرمخية.
تأخذ مياهها من نهر البتيرة. نهر مسبح. نهر هدام. نهر ام جدى.
مرحلة العمل: تم انجاز العملية تماما في شهر تموز 1992. نتائح العملية: قطع المياه عن عشرات الروافد والجداول التي كانت تأخذ مياهها من الأنهار المذكورة متجهه نحو الاهوار لسقي الأراضي الواقعة على جانبي الأنهر جنوب مدينة العمارة وحتى حافات الهور، حيث كانت تصب المتبقى من مياهها في الهور نفسه. وقد ضاعف من شحة المياه نتيجة هذه العملية انها قد سبقت بتجفيف مياه الأنهار السبعة بمقدار 95% عندما قام النظام بقطع المياه بنواظم خاصة على نهر دجلة عن مصدريهما المتمثلين بنهر المجر الكبير ونهر البتيرة بالنسبة اعلاه وبذلك انقطع الماء عن المناطق الشاسعة التي تقع بعد مدن الميمونه والسلام والعدل والمجر الكبير.
النموذج الثاني: تهذيب ضفاف الأنهار :
فكرة العملية: انشاء سدتين ترابيتين تقطعان نهايات جميع الأنهار والروافد والجداول المتجهة الى هور العمارة قبيل وصولها اليه وجمع مياهها في المجرى الحاصل بينهما.
موقع العملية: محافظة ميسان العمارة. تبدأ السدة الترابية المقررة في هذه العملية من جنوب قرية الجنداله (ناحية السلام) الواقعة عند خطي 686 شرقي- 348 شمالي مروراً بجنوب قرية ابو عشرة (ناحية العدل) ثم مروراً بنقطة 700 شرقي- 348 شمالي ثم مرورا بقرية ابو عجل (714 شرقي- 347 شمالي) ثم تلتقي جنوبا عند النقطة 720 شرقي- 347 شمالي لتمر بالسدتين الترابيتين اللتين انشئتا اثناء الحرب العراقية- الايرانية ابتداء من منطقة ابو عجل حتى منطقة بني منصور الواقعة عند 727 شرقي- 343 شمالي حيث يتصل في النهاية بنهر الفرات على مسافة ستة كيلومترات غرب مدينة القرنة. مواصفات السدتين: - عرض السدة السفلى من الأسفل - 35م ومن الاعلى 8م - عرض السدة العليا من الأسفل -25م ومن الاعلى 8م. - ارتفاع السدتين 6م. - المسافة بين السدتين 1200م عند قرية الجندالة (ناحية السلام)، 1400م عند قرية ابو الجواتل (ناحية العدل)، 1600م عند قرية ابو عجل، 2000م من ابو عجل حتى بنى منصور. - طول كل من السدتين 90 كم.
مرحلة العمل: انجزت العملية اواخر شهر ايلول 1992.
نتائج العملية: قطع اكثر من اربعين نهرا وجدولا وتحويل مسارها باتجاه الشرق الى منطقة ابو عجل ثم باتجاه الجنوب حتى ينتهي في نهر الفرات في منطقة بني منصور (غرب القرنة) ما ادى الى:-
1- حرمان سكان الأراضي المعتمدة على هذه الانهار من مياه السقي والشرب.
2- انخفاض منسوب المياه في هور العمارة الذي كانت تصب فيه.
الجهات المنفذة:
وزارة النفط، وزارة الصناعة والتصنيع العسكري، وزارة الأسكان والتعمير، وزارة الزراعة والري.
النموذج الثالث : تحويل الفرات الى المصب العام :
موقع العملية: محافظة ذي قار (الناصرية) فكرة العملية: تحويل مياه نهر الفرات من موقع الفضلية على بعد خمسة كيلومترات شرق مدينة الناصرية الى مجرى المصب العام بعد ان تمت المرحلة الأخيرة منه بوصل اجزائه المنجزة ببعضها (ومن المعلوم ان مجرى المصب العام يصب في خور عبد الله شمال الخليج).
مرحلة العمل: انجزت العملية في بداية تموز 1992.
نتائج العملية:
- تحولت مياه نهر الفرات من مجراها ابتداء من مدينة الناصرية الى مجرى المصب العام ليصبح مبزلا لسحب مياه هور الحمار حيث يمر جنوبه وفي منطقة اخفض منه.
- تحول المجرى الطبيعي والتاريخي لنهر الفرات ابتداء من الناصرية الى القرنة الى مبزل لسحب مياه اهوار العمارة، حيث يقع في منطقة منخفضة اسفل منها.
النموذج الرابع : تكتيف نهر الفرات :
موقع العملية: محافظة ذي قار (الناصرية) ومحافظة البصرة. تقع السدة المقررة في هذه العملية بين المدينة عند خطي 715 شرقي- 342 شمالي والناصرية مرورا بالجبايش الواقعة عند خطي 692 شرقي- 342 شمالي. فكرة العملية: منع مياه الفرات من التسرب جنوبا نحو هور الحمار بإنشاء سدة ترابية بمحاذاة الفرات من جهته الجنوبية (الضفة اليمنى). مواصفات السدة: عرضها من الأسفل 25م ومن الاعلى 6م، ارتفاعها 7ر5م، طولها 145كم. نتائج العملية:
- قطع مياه مجموعة من الأنهار التي تغذي هور الحمار وهي نهر صالح -نهر عنتر- نهر الخائرة- نهر الخرفية، اضافة الى عدد من الروافد والجداول الاخرى، وحرمان سكان المناطق التي تمر بها من مياه السقي والشرب.
مرحلة العمل:
- استفاد النظام من انخفاض منسوب المياه في هور الحمار نتيجة العملية الثالثة وبروز ضفتي مجرى الماء اللتين كانتا مغمورتين قبل هذا في داخل الهور لأنشاء سدة ترابية فوقهما
. - استفاد النظام من السدة الواقعة بين القرنة والمدينة (20كم) التي سبق ان انجزت خلال الحرب العراقية -الأيرانية وتدعى سدة الحماية، كما انجزت الآن مسافة (20 كم) الواقعة بين المدينة ونقطة تبعد عن الجبايش خمسة كيلومترات، والمتبقى يمثل المسافة بين هذه النقطة والناصرية أي 100 كم وهو تحت الأنجاز.
النموذج الخامس : تقسيم الاهوار:
موقع العملية: محافظة ميسان (العمارة) ومحافظة البصرة.
فكرة العملية: تجزئة الاهوار بعدة سدود ليسهل تجفيفها، ويمكن بيان خطوات العملية كما يلي:
- عمل سدة ترابية تبدأ من قرية ابو صبور عند خطي 711 شرقي 347 شمالي وتتجه نحو الغرب حتى قرية الصحين عند خطي 696شرقي- 347 شمالي، ثم تتجه نحو الجنوب الغربي حتى نقطة تقع عند خطي 693 شرقي- 346 شمالي، وهي شرق قرية الجدى حوالي كيلومتر واحد.
بعدها تتجه نحو الجنوب لمسافة 40 كم حتى تلتقي مع حافة نهر الفرات في نقطة عند خطي 696 شرقي -342 شمالي. ثم تتجه جنوبا لمسافة 18 كم الى نقطة عند خطي 697 شرقي- 341 شمالي، ثم تتجه نحو الجنوب الشرقي مارة بقرية ام السباح عند خطي 708 شرقي- 340 شمالي، ثم تتجه نحو الشرق لتنتهي في نقطة عند خطي 718 شرقي- 340 شمالي قرب قرية المكطاع. - استفاد النظام من عدد من سداد كانت قد انشئت خلال الحرب العراقية الايرانية منها السدة الواقعة بين نقطة عند خطي 718 شرقي- 340 شمالي وبمسافة 11 كم باتجاه الشمال أي حتى قرية العبرة، ثم تنحني نحو الشمال الشرقي ثم تنحني باتجاه الغرب لتشكل نصف دائرة وتصل منطقة بين قضاء المدينة وقرية العبرة حيث تلتقي بنهر الفرات في نقطة عند خطي 714 شرقي- 342 شمالي، بعد هذا تتجه غربا لمسافة 5ر2 كم بمحاذاة نهر الفرات ومنها السدة التي تبدأ من هذه النقطة وتتجه شمالا لمسافة 50 كم لتنتهي عند قرية ابو صبور المشار اليها في بداية رقم -1- اعلاه، ومرورا بقرى ام الزهدي 712 شرقي- 343 شمالي وقرية العويلي 711 شرقي- 345 شمالي وقرية الدوب 712 شرقي- 347 شمالي وتسمى السدة الممتدة خلال الخمسين كيلومترا الأخيرة بسدة رقم 712. مرحلة العملية: تحت الأنجاز حيث بوشر بالعمل في عدة مواضع. نتائج العملية: من المنتظر ان تجفف بهذه العملية وحدها مساحة تقدر بألف وخمسمائة كيلومتر مربع.
تعليق