زعم أهل السنة أن الصحابة كلهم مؤمنون على العدالة لا يجوز الطعن على أحد منهم ولا التعرض عليه بلعن ولا ما دونه من النقص وان حصل الاطلاع على شئ من زلاتهم ومنعوا من النظر فيما جرى بينهم وصدر منهم وأوجبوا تاويل ما حصل الاطلاع عليه من ذلك مما يخالف الشرع وينفر العقول وهذا من عجيب الاباطيل والنظر فيه في مواضع.
الموضع الاول:
كون الصحابة كلهم مؤمنين على العدالة لا ريب إن الصحابي من لقي النبي (صلى الله عليه وآله) ولا ريب أن الايمان والعدالة لا يكونان فيهم باعتبار أصل الجبلة بل هما مكتسبان فكما لا يثبت إيمان غير الصحابي وعدالته إلا بحجة فكذلك الصحابي ومما يدل على بطلان ذلك أنه قد ثبت ضرورة أن المنافقين كانوا في عصر النبي (صلى الله عليه وآله) وبلده يجلسون في مجلسه ويخاطبهم ويخاطبونه ويدعون أنهم من الاصحاب ولم يكونوا معروفين ولا متميزين لقوله تعالى، (وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ) (محمد: 30).
ومع وجود المنافقين يمنع الحكم بعموم العدالة لكل من يدعى صحابيا إلا أن يقوم عليها دليل من خارج.
فان قيل: كان النبي (صلى الله عليه وآله) عارفا بهم لقوله تعالى: (ولتعرفنهم في لحن القول) :
قلنا: ليس كلامنا في معرفته (صلى الله عليه وآله) بل في معرفة باقي الخلق.
فان قيل: باقي الصحابة كانوا يعرفونهم أيضا لما ورد أن جماعة كانوا معروفين بالنفاق.
قلنا: إن صح فلم ينحصروا في أولئك ونزيده بيانا أن العدالة اذا ثبتت في زمان لا يمتنع زوالها بل لا يمتنع زوال الاسلام كما في صاحب موسى (عليه السلام) قال الله تعالى: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ) (لأعراف: 175) (وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ) (لأعراف: من الآية176).
وكان قد أوتي علم بعض كتب الله وقيل: كان يعرف إسم الله الاعظم ثم كفر بآيات الله واذا كان كذلك فلا بد من تتبع أحوالهم في حياة النبي صلى الله عليه وآله وبعد موته ليعلم من مات على العدالة وغيره ولا طريق لذلك إلا ما ورد في السير والتواريخ.
وقد روى البخاري في تفسير قوله تعالى: (وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِم) (المائدة: من الآية117) قال حدثنا الوليد قال حدثنا ابن شعبة قال حدثنا المغيرة بن نعمان قال سمعت سعيد بن جبير عن أبن عباس قال خطب رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: أيها الناس إنكم تحشرون الى الله حفاة عراة. قال تعالى: (كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ) (الانبياء: من الآية104). ثم قال: ألا وأن أول الخلائق يكسى ابراهيم (عليه السلام) ألا وإنه سيجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال فاقول يا رب اصحابي فيقال أنك ما تدري ما أحدثوا بعدك. فاقول كما قال العبد الصالح: وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شئ شهيد.
فيقال: إن هؤلاء لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم.
وروى مسلم في صحيحه قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا وكيع وحدثنا عبد الله بن معاذ قال حدثنا ابي كلاهما عن شعبة وحدثنا محمد بن مثنى ومحمد بن بشار واللفظ لابن مثنى عن ابن عباس قال: قام فينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) بموعظة فقال: أيها الناس أنكم تحشرون الى الله حفاة عراة كما بد أنا أول خلق نعيده وغدا علينا إنا كنا فاعلين.
ألا وإن أول الخلق يكسى يوم القيامة ابراهيم (عليه السلام) إلا وانه سيجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال فاقول يا رب اصحابي فيقال أنك لا تدري ما أحدثوا بعدك فاقول كما قال العبد الصالح وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم الى قوله: ان تعذبهم فانهم عبادك قال فيقال أنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم.
قال وفي حديث وكيع ومعاذ يقال أنك لا تدري ما أحدثوا بعدك.
وفي: الجمع بين الصحيحين مسندا الى هريرة من المتفق عليه.
وفي: الصحيحين من البخاري ومسلم نحو ذلك واخراجه البخاري عن حديث الزهري عن سعيد بن المسيب أنه كان يحدث عن بعض اصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) قال: يرد علي الحوض رجال من امتي فيحلئون عنه فاقول: يا رب أصحابي فيقال: أنك لا علم لك بما أحدثوا بعدك أنهم أرتدوا على أديانهم القهقرى.
قال: وأخرجه ايضا: تعليقا من حديث ابن أبي شهاب مثله.
قلت: قال في الصحاح: حليئت الابل عن الماء تحلئة وتحليئا اذا طردتها عنه ومنعتها ان ترد قال الشاعر:
محلئ عن سبيل الماء مطرود وكذلك غير الابل ـ
أقول: واذا كان الارتداد وقع من الصحابة بعد النبي (صلى الله عليه وآله) فكيف يكونون كلهم على الايمان والعدالة.
وفي رواية مسلم أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي ولا يستنون بسنتي وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشيطان في جثمان انس.
قال حذيفة: قلت كيف أصنع يا رسول الله ان ادركت ذلك قال: تسمع وتطيع الامر وأن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع. رواه في المشكاة.
الموضع الاول:
كون الصحابة كلهم مؤمنين على العدالة لا ريب إن الصحابي من لقي النبي (صلى الله عليه وآله) ولا ريب أن الايمان والعدالة لا يكونان فيهم باعتبار أصل الجبلة بل هما مكتسبان فكما لا يثبت إيمان غير الصحابي وعدالته إلا بحجة فكذلك الصحابي ومما يدل على بطلان ذلك أنه قد ثبت ضرورة أن المنافقين كانوا في عصر النبي (صلى الله عليه وآله) وبلده يجلسون في مجلسه ويخاطبهم ويخاطبونه ويدعون أنهم من الاصحاب ولم يكونوا معروفين ولا متميزين لقوله تعالى، (وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ) (محمد: 30).
ومع وجود المنافقين يمنع الحكم بعموم العدالة لكل من يدعى صحابيا إلا أن يقوم عليها دليل من خارج.
فان قيل: كان النبي (صلى الله عليه وآله) عارفا بهم لقوله تعالى: (ولتعرفنهم في لحن القول) :
قلنا: ليس كلامنا في معرفته (صلى الله عليه وآله) بل في معرفة باقي الخلق.
فان قيل: باقي الصحابة كانوا يعرفونهم أيضا لما ورد أن جماعة كانوا معروفين بالنفاق.
قلنا: إن صح فلم ينحصروا في أولئك ونزيده بيانا أن العدالة اذا ثبتت في زمان لا يمتنع زوالها بل لا يمتنع زوال الاسلام كما في صاحب موسى (عليه السلام) قال الله تعالى: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ) (لأعراف: 175) (وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ) (لأعراف: من الآية176).
وكان قد أوتي علم بعض كتب الله وقيل: كان يعرف إسم الله الاعظم ثم كفر بآيات الله واذا كان كذلك فلا بد من تتبع أحوالهم في حياة النبي صلى الله عليه وآله وبعد موته ليعلم من مات على العدالة وغيره ولا طريق لذلك إلا ما ورد في السير والتواريخ.
وقد روى البخاري في تفسير قوله تعالى: (وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِم) (المائدة: من الآية117) قال حدثنا الوليد قال حدثنا ابن شعبة قال حدثنا المغيرة بن نعمان قال سمعت سعيد بن جبير عن أبن عباس قال خطب رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: أيها الناس إنكم تحشرون الى الله حفاة عراة. قال تعالى: (كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ) (الانبياء: من الآية104). ثم قال: ألا وأن أول الخلائق يكسى ابراهيم (عليه السلام) ألا وإنه سيجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال فاقول يا رب اصحابي فيقال أنك ما تدري ما أحدثوا بعدك. فاقول كما قال العبد الصالح: وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شئ شهيد.
فيقال: إن هؤلاء لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم.
وروى مسلم في صحيحه قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا وكيع وحدثنا عبد الله بن معاذ قال حدثنا ابي كلاهما عن شعبة وحدثنا محمد بن مثنى ومحمد بن بشار واللفظ لابن مثنى عن ابن عباس قال: قام فينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) بموعظة فقال: أيها الناس أنكم تحشرون الى الله حفاة عراة كما بد أنا أول خلق نعيده وغدا علينا إنا كنا فاعلين.
ألا وإن أول الخلق يكسى يوم القيامة ابراهيم (عليه السلام) إلا وانه سيجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال فاقول يا رب اصحابي فيقال أنك لا تدري ما أحدثوا بعدك فاقول كما قال العبد الصالح وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم الى قوله: ان تعذبهم فانهم عبادك قال فيقال أنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم.
قال وفي حديث وكيع ومعاذ يقال أنك لا تدري ما أحدثوا بعدك.
وفي: الجمع بين الصحيحين مسندا الى هريرة من المتفق عليه.
وفي: الصحيحين من البخاري ومسلم نحو ذلك واخراجه البخاري عن حديث الزهري عن سعيد بن المسيب أنه كان يحدث عن بعض اصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) قال: يرد علي الحوض رجال من امتي فيحلئون عنه فاقول: يا رب أصحابي فيقال: أنك لا علم لك بما أحدثوا بعدك أنهم أرتدوا على أديانهم القهقرى.
قال: وأخرجه ايضا: تعليقا من حديث ابن أبي شهاب مثله.
قلت: قال في الصحاح: حليئت الابل عن الماء تحلئة وتحليئا اذا طردتها عنه ومنعتها ان ترد قال الشاعر:
محلئ عن سبيل الماء مطرود وكذلك غير الابل ـ
أقول: واذا كان الارتداد وقع من الصحابة بعد النبي (صلى الله عليه وآله) فكيف يكونون كلهم على الايمان والعدالة.
وفي رواية مسلم أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي ولا يستنون بسنتي وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشيطان في جثمان انس.
قال حذيفة: قلت كيف أصنع يا رسول الله ان ادركت ذلك قال: تسمع وتطيع الامر وأن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع. رواه في المشكاة.