عدم جواز التعرض الى واحد من الصحابة بلعن ولا غيره وإن حصل الاطلاع على زلاتهم.
لا ريب انه إنما حصل الشرف والتقدم وعلو المرتبة للخلق بالتزام هذا الدين ولا ريب أن كل من وجد فيه ما يقتضي الطعن وجب الانكار عليه ان كان موجودا وعلى متابعيه والمعتقد فيه والمائلين اليه مطلقا لوجوب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر عموما ولم يكن لاحد من الخلق خصوصية ولا محاباة من الشارع في ذلك ولانه لا يجوز في عصمة النبي (صلى الله عليه وآله) ان ينهي عن الانكار على عاص وزجره وزجر متابعيه لان ذلك مفوت للغرض من نصبه فانه اذا وجد محاباة في الدين ويعظم من يتظاهر بمخالفته وينهي عن الانكار عليه تنفرت الطباع من متابعة دينه ومن زجره وحده وقتله بقية العصاة وذلك معلوم البطلان وقد خاطبه الله بقوله: مع أنه أعز الخلق ـ (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) (الزمر: من الآية65) وقال تعالى: (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ) (الحاقة: 44) (لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ) (الحاقة: 45) (ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ) (الحاقة: 46).
وروي ان النبي (صلى الله عليه وآله) قال: لو سرقت فاطمة لقطعت يدها ثم كيف يحل لمؤمن يعتقد أنه يلقى الله تعالى في الميعاد أن يقول ـ يزيد – صحابي وأنه عدل لا يجوز لعنه مع أنه قتل أحد سبطي النبي (صلى الله عليه وآله) وسبى نسائه وعياله وأحضرهم في الشام عنده في أسر الذل كسبي كفار الروم والديلم وكان يشرب الخمر وعنده رأس الحسين (عليه السلام) وينكث ثناياه الشريفة بالقضيب وغزى مدينة الرسول (صلى الله عليه وآله) وأباحها كسائر بلاد الكفر ولم يلتفت الى حرم النبي (صلى الله عليه وآله) وقبره الشريف فيها وأضاف المسجد الحرام الى غير ذلك من أفعاله.
وكذا القول في معاوية الذي لم يسلم إلا خوفا من السيف بعد الفتح، وحاله في محاربة علي (عليه السلام) ثمانية عشر شهرا.
وقد قال النبي (صلى الله عليه وآله): حربك حربي. وتظاهره باللعن له وسبه أعواما على المنبر.
وقد قال النبي (صلى الله عليه وآله) : لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق. الى غير ذلك من الافعال الفظيعة التي تشق لها مرائر ذوي البصر والاناة معلوم وأمثال هذين الفاجرين الكافرين.
الموضع الثالث: عدم جواز النظر فيما جرى بينهم وصدر عنهم ووجوب تاويل ما يدل على مخالفة الشرع المطهر وهذا من طريق الافتراء والجهل فان الله تعالى قد أمر بالنظر في أحوال الامم السالفة وعواقبهم فكيف ينهي عن النظر في أحوال هذه الامة مع الضرورة الشديدة الى النظر فيها لان قبول رواية من روى عنهم شيئا موقوف على العلم باحواله وسيرته وعدالته وذلك بدون النظر فيما كان عليه ممتنع وهل كان للصحابة خصوصية بزعم هؤلاء السفهاء تقتضي أن معصية أحدهم لا يستحق بها عقابا ولا انكارا ووجوب التاويل له حتى أن النبي (صلى الله عليه وآله) لو أطلع عليه لم يعاقبه بحسب ذنبه وأن الله يجعله في عداد المؤمنين الاتقياء ولا يطالبه بذنب ولا يعاقبه بمعصية سبحانك هذا بهتان عظيم وكيف رجم النبي ما عزا وهو مع أنه صحابي وجلد أصحاب الافك وفيهم مسطح ابن الاثاثة وهو من أهل بدر وغيرهم ولم يحاب أحدا في دين الله لكونه صحابيا بل لم يراقب القرابة والنسب فقتل ابن عمه وأسر العباس عمه وعم الرجل صنو أبيه في بدر وكذا عقيل بن أبي طالب ولم ينظر الى قرابتهما واحتجوا على مدعاهم السابق وسفههم بما رووه عن عمر بن الخطاب عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: سئلت ربي عن اختلاف أصحابي من بعدي فاوحى الله تعالى الي يا محمد أن أصحابك عندي بمنزلة النجوم في السماء بعضها أقوى من بعض ولكل نور فمن أخذ بشئ مما هم عليه فهو عندي على هدف.
قال: قال: رسول الله (صلى الله عليه وآله) أصحابي كالنجوم فبايهم أقتديتم أهتديتم.
وهذا من الاحاديث الباطلة المفتعلة لوجوه:
الاول: كيف يجوز أن يقول الله سبحانه وتعالى العدل الجكيم لجماعة كل واحد منهم غير معصوم يجوز عليه الخطا والجهل بل وقع من أكثرهم إلا من أخذ بشئ مما هم عليه من الاختلاف على هدى مع جواز الخطا والجهل والنسيان والكذب والفسق والكفر عليهم وأنهم غير معصومين أتفاقا وهل هذا إلا أغراء بالقبيح وأمر بالجهل لكن أهل البدعة اذا جوزوا على أمامهم ـ إلههم ـ أن يزني ويعاقب على الزنا غيره فما يمنعهم على هذا الافتراء.
الثاني: أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال في عدة أحاديث انه سيكون بعده أمور منكرة من فتن مظلمة كقطع الليل وأمراء ضلال لا يستنون بسنته ويستاثرون بالفيئ وأن جماعة من أصحابه يرتدون على أعقابهم ويؤمر بهم في يوم القيامة ذات الشمال وهل تكون هذه الاشياء من الصحابة بعده هدى تقتدى بهم فيها أم ضلالات يجب اجتنابها وعذر هؤلاء الفجرة السفهاء انهم لما اختلقوا امثال هذه الاحاديث أعمى الله قلوبهم عن مثل هذه اللوازم عليها ليعلم المتدبر المنصف أن ذلك منهم زور واختلاق.
الثالث: إن التقييد بقوله: من بعدي لا يخلو أما أن يكون مقصودا أولا فان كان الاول أي لا يكون اختلافهم في حياته هدى فذلك بين البطلان لانهم اذا كانوا في حياته مسددين بنظره لا يكون اختلاف كل منهم هدى فكيف يكونون كذلك من بعده وإن كان الثاني فهو معلوم البطلان لان اختلاف مسطح ابن اثاثة وحاطب بن أبي بلتعة الذي بعث الى قريش يخبرهم بخبر النبي (صلى الله عليه وآله) وفرار أبي بكر وعمر وغيرها من الزحف وأمثال ذلك مما لو عد لطال لا يكون هدى.
فان قيل: ليس المراد ما ذكرت بل المراد اختلافهم في أحكام الدين.
قلنا: أما المراد من الاحكام الفرعية والاصولية لا شك أن الاختلاف في الثاني لا يكون هدى من الصحابة ولا من غيرهم وأن أريد الاول فلا يخلوا ما أن يكون مع أهلية الاجتهاد أو مطلقا فان في الصحابة من لم يسمع من الاحكام إلا قليلا ولا علم له بشئ من وجوه الاستنباط ككثير من الاعراب من أهل البادية ونحوهم من المهاجرين من الاطراف لا ريب في بطلان الثاني أيضا لقوله تعالى (إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا) (الحجرات: من الآية6) الخ، كيف يستقيم قوله: فمن اخذ بشئ مما هم عليه فهو على هدى وقوله: بايهم اقتديتهم اهتديتم على عمومه واذا لم يكن له عموم فاي نفع له فيما أرادوه ومع ذلك كله فان المصيب من المجتهدين واحد والمخطئ وإن لم يكن عليه جناح فيما اجتهد فيه اإلا أنه لا يصدق عليه انه على هدى في ذلك القول.
ويروون أيضا أنه قال النبي (صلى الله عليه وآله) : لا تؤذوني في أصحابي.
وأنه قال: لا تمس النار من رآني أو رأى من رآني.
فامثال هذين من الخرافات المختلقة جزما مما لو عد لخرج من المقصود فان النبي (صلى الله عليه وآله) أن أراد أن القول بالحق في أصحابي ايذاء لي فهذا لا يليق بما بعث لاجله من انكار المنكرين وأن أراد أن القول بالباطل فيهم ايذاء له فاي خصوصية لهم فان الامة كذلك ايضا وكذلك قوله: لا تمس النار من رآني أو رأي من رآني فان عبد الله بن أبي والحكم بن العاص داخلان في هذا وكذا يزيد وعمر بن سعد قاتلا الحسين (عليه السلام) وعبيد الله بن الخطاب قاتل الهرمزان وأمثال هؤلاء ثم تعارضهم في قتلة عثمان فانهم من صحابي رأي النبي (صلى الله عليه وآله) وتابعي رأى من رآه فاذا كانوا لا تمسهم النار لقوله فلاي شئ يطعنون عليهم وينالون منهم؟، وكيف لم يحفظوا النبي (صلى الله عليه وآله) في هؤلاء الاصحاب ولم يتركوا ايذائه فيهم بل كيف أدخلوا أنفسهم في قتل عثمان وما جرى بينه وبينهم مع انهم ينهون عن الخوض فيما جرى بين الصحابة وكيف لم يمتثل الصحابة قول النبي (صلى الله عليه وآله) ولم يترك بعضهم ايذاء بعض حتى فعل عثمان بعبد الله بن مسعود وعمار بن ياسر رحمة الله عليهما وغيرهما ما فعل وهم كانوا يسبونه وينالون منه ولكن أهل السنة نهجوا منهجا لائقا بمذهبهم وكلما جرى على أهل البيت من الظلم والحيف أوجبوا الكف عن فاعله ومرتكبه واختلقوا له الاحاديث المقصود منها هذا فقط دون ما جرى على غيرهم كما أنهم حكموا بان عائشة وطلحة والزبير ومعاوية ماجورون في حربهم لعلي (عليه السلام) لانهم مجتهدون ولم يلتفتوا الى فاطمة عليها السلام وانكارها على أبي بكر الخلافة والخلاف ولم يجعلوها مجتهدة كيلا يكون قولها معتبرا فيلزم عدم إنعقاد إمامته ولم ينظروا إلى قول النبي (صلى الله عليه وآله) فاطمة بضعة مني يؤذيني ما يؤذيها حذرا من لزوم الطعن على أبي بكر وعمر في منعهما إياهما ارثها ونحلتها بمخالفة الرسول (صلى الله عليه وآله) والحاصل أنه بعد التامل الصادق والنظر الصحيح يعلم أن غرضهم حفظ عرض أعداء أهل البيت وصيانتهم من الطعن والاغضاء من قبائحهم والغض من أهل البيت (عليه السلام) في كل ما ينافي ذلك وخفض منزلتهم. لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم فيها خالدون.
____________[i] كشف الخفاء ج: 2 ص: 142 ح: 2050
[ii] الإحتجاج ج: 1 ص: 411
[iii] المحتضر ص: 24 , كتاب الأربعين ص: 633
[iv] كشف الغمة ص: 108
لا ريب انه إنما حصل الشرف والتقدم وعلو المرتبة للخلق بالتزام هذا الدين ولا ريب أن كل من وجد فيه ما يقتضي الطعن وجب الانكار عليه ان كان موجودا وعلى متابعيه والمعتقد فيه والمائلين اليه مطلقا لوجوب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر عموما ولم يكن لاحد من الخلق خصوصية ولا محاباة من الشارع في ذلك ولانه لا يجوز في عصمة النبي (صلى الله عليه وآله) ان ينهي عن الانكار على عاص وزجره وزجر متابعيه لان ذلك مفوت للغرض من نصبه فانه اذا وجد محاباة في الدين ويعظم من يتظاهر بمخالفته وينهي عن الانكار عليه تنفرت الطباع من متابعة دينه ومن زجره وحده وقتله بقية العصاة وذلك معلوم البطلان وقد خاطبه الله بقوله: مع أنه أعز الخلق ـ (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) (الزمر: من الآية65) وقال تعالى: (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ) (الحاقة: 44) (لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ) (الحاقة: 45) (ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ) (الحاقة: 46).
وروي ان النبي (صلى الله عليه وآله) قال: لو سرقت فاطمة لقطعت يدها ثم كيف يحل لمؤمن يعتقد أنه يلقى الله تعالى في الميعاد أن يقول ـ يزيد – صحابي وأنه عدل لا يجوز لعنه مع أنه قتل أحد سبطي النبي (صلى الله عليه وآله) وسبى نسائه وعياله وأحضرهم في الشام عنده في أسر الذل كسبي كفار الروم والديلم وكان يشرب الخمر وعنده رأس الحسين (عليه السلام) وينكث ثناياه الشريفة بالقضيب وغزى مدينة الرسول (صلى الله عليه وآله) وأباحها كسائر بلاد الكفر ولم يلتفت الى حرم النبي (صلى الله عليه وآله) وقبره الشريف فيها وأضاف المسجد الحرام الى غير ذلك من أفعاله.
وكذا القول في معاوية الذي لم يسلم إلا خوفا من السيف بعد الفتح، وحاله في محاربة علي (عليه السلام) ثمانية عشر شهرا.
وقد قال النبي (صلى الله عليه وآله): حربك حربي. وتظاهره باللعن له وسبه أعواما على المنبر.
وقد قال النبي (صلى الله عليه وآله) : لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق. الى غير ذلك من الافعال الفظيعة التي تشق لها مرائر ذوي البصر والاناة معلوم وأمثال هذين الفاجرين الكافرين.
الموضع الثالث: عدم جواز النظر فيما جرى بينهم وصدر عنهم ووجوب تاويل ما يدل على مخالفة الشرع المطهر وهذا من طريق الافتراء والجهل فان الله تعالى قد أمر بالنظر في أحوال الامم السالفة وعواقبهم فكيف ينهي عن النظر في أحوال هذه الامة مع الضرورة الشديدة الى النظر فيها لان قبول رواية من روى عنهم شيئا موقوف على العلم باحواله وسيرته وعدالته وذلك بدون النظر فيما كان عليه ممتنع وهل كان للصحابة خصوصية بزعم هؤلاء السفهاء تقتضي أن معصية أحدهم لا يستحق بها عقابا ولا انكارا ووجوب التاويل له حتى أن النبي (صلى الله عليه وآله) لو أطلع عليه لم يعاقبه بحسب ذنبه وأن الله يجعله في عداد المؤمنين الاتقياء ولا يطالبه بذنب ولا يعاقبه بمعصية سبحانك هذا بهتان عظيم وكيف رجم النبي ما عزا وهو مع أنه صحابي وجلد أصحاب الافك وفيهم مسطح ابن الاثاثة وهو من أهل بدر وغيرهم ولم يحاب أحدا في دين الله لكونه صحابيا بل لم يراقب القرابة والنسب فقتل ابن عمه وأسر العباس عمه وعم الرجل صنو أبيه في بدر وكذا عقيل بن أبي طالب ولم ينظر الى قرابتهما واحتجوا على مدعاهم السابق وسفههم بما رووه عن عمر بن الخطاب عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: سئلت ربي عن اختلاف أصحابي من بعدي فاوحى الله تعالى الي يا محمد أن أصحابك عندي بمنزلة النجوم في السماء بعضها أقوى من بعض ولكل نور فمن أخذ بشئ مما هم عليه فهو عندي على هدف.
قال: قال: رسول الله (صلى الله عليه وآله) أصحابي كالنجوم فبايهم أقتديتم أهتديتم.
وهذا من الاحاديث الباطلة المفتعلة لوجوه:
الاول: كيف يجوز أن يقول الله سبحانه وتعالى العدل الجكيم لجماعة كل واحد منهم غير معصوم يجوز عليه الخطا والجهل بل وقع من أكثرهم إلا من أخذ بشئ مما هم عليه من الاختلاف على هدى مع جواز الخطا والجهل والنسيان والكذب والفسق والكفر عليهم وأنهم غير معصومين أتفاقا وهل هذا إلا أغراء بالقبيح وأمر بالجهل لكن أهل البدعة اذا جوزوا على أمامهم ـ إلههم ـ أن يزني ويعاقب على الزنا غيره فما يمنعهم على هذا الافتراء.
الثاني: أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال في عدة أحاديث انه سيكون بعده أمور منكرة من فتن مظلمة كقطع الليل وأمراء ضلال لا يستنون بسنته ويستاثرون بالفيئ وأن جماعة من أصحابه يرتدون على أعقابهم ويؤمر بهم في يوم القيامة ذات الشمال وهل تكون هذه الاشياء من الصحابة بعده هدى تقتدى بهم فيها أم ضلالات يجب اجتنابها وعذر هؤلاء الفجرة السفهاء انهم لما اختلقوا امثال هذه الاحاديث أعمى الله قلوبهم عن مثل هذه اللوازم عليها ليعلم المتدبر المنصف أن ذلك منهم زور واختلاق.
الثالث: إن التقييد بقوله: من بعدي لا يخلو أما أن يكون مقصودا أولا فان كان الاول أي لا يكون اختلافهم في حياته هدى فذلك بين البطلان لانهم اذا كانوا في حياته مسددين بنظره لا يكون اختلاف كل منهم هدى فكيف يكونون كذلك من بعده وإن كان الثاني فهو معلوم البطلان لان اختلاف مسطح ابن اثاثة وحاطب بن أبي بلتعة الذي بعث الى قريش يخبرهم بخبر النبي (صلى الله عليه وآله) وفرار أبي بكر وعمر وغيرها من الزحف وأمثال ذلك مما لو عد لطال لا يكون هدى.
فان قيل: ليس المراد ما ذكرت بل المراد اختلافهم في أحكام الدين.
قلنا: أما المراد من الاحكام الفرعية والاصولية لا شك أن الاختلاف في الثاني لا يكون هدى من الصحابة ولا من غيرهم وأن أريد الاول فلا يخلوا ما أن يكون مع أهلية الاجتهاد أو مطلقا فان في الصحابة من لم يسمع من الاحكام إلا قليلا ولا علم له بشئ من وجوه الاستنباط ككثير من الاعراب من أهل البادية ونحوهم من المهاجرين من الاطراف لا ريب في بطلان الثاني أيضا لقوله تعالى (إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا) (الحجرات: من الآية6) الخ، كيف يستقيم قوله: فمن اخذ بشئ مما هم عليه فهو على هدى وقوله: بايهم اقتديتهم اهتديتم على عمومه واذا لم يكن له عموم فاي نفع له فيما أرادوه ومع ذلك كله فان المصيب من المجتهدين واحد والمخطئ وإن لم يكن عليه جناح فيما اجتهد فيه اإلا أنه لا يصدق عليه انه على هدى في ذلك القول.
ويروون أيضا أنه قال النبي (صلى الله عليه وآله) : لا تؤذوني في أصحابي.
وأنه قال: لا تمس النار من رآني أو رأى من رآني.
فامثال هذين من الخرافات المختلقة جزما مما لو عد لخرج من المقصود فان النبي (صلى الله عليه وآله) أن أراد أن القول بالحق في أصحابي ايذاء لي فهذا لا يليق بما بعث لاجله من انكار المنكرين وأن أراد أن القول بالباطل فيهم ايذاء له فاي خصوصية لهم فان الامة كذلك ايضا وكذلك قوله: لا تمس النار من رآني أو رأي من رآني فان عبد الله بن أبي والحكم بن العاص داخلان في هذا وكذا يزيد وعمر بن سعد قاتلا الحسين (عليه السلام) وعبيد الله بن الخطاب قاتل الهرمزان وأمثال هؤلاء ثم تعارضهم في قتلة عثمان فانهم من صحابي رأي النبي (صلى الله عليه وآله) وتابعي رأى من رآه فاذا كانوا لا تمسهم النار لقوله فلاي شئ يطعنون عليهم وينالون منهم؟، وكيف لم يحفظوا النبي (صلى الله عليه وآله) في هؤلاء الاصحاب ولم يتركوا ايذائه فيهم بل كيف أدخلوا أنفسهم في قتل عثمان وما جرى بينه وبينهم مع انهم ينهون عن الخوض فيما جرى بين الصحابة وكيف لم يمتثل الصحابة قول النبي (صلى الله عليه وآله) ولم يترك بعضهم ايذاء بعض حتى فعل عثمان بعبد الله بن مسعود وعمار بن ياسر رحمة الله عليهما وغيرهما ما فعل وهم كانوا يسبونه وينالون منه ولكن أهل السنة نهجوا منهجا لائقا بمذهبهم وكلما جرى على أهل البيت من الظلم والحيف أوجبوا الكف عن فاعله ومرتكبه واختلقوا له الاحاديث المقصود منها هذا فقط دون ما جرى على غيرهم كما أنهم حكموا بان عائشة وطلحة والزبير ومعاوية ماجورون في حربهم لعلي (عليه السلام) لانهم مجتهدون ولم يلتفتوا الى فاطمة عليها السلام وانكارها على أبي بكر الخلافة والخلاف ولم يجعلوها مجتهدة كيلا يكون قولها معتبرا فيلزم عدم إنعقاد إمامته ولم ينظروا إلى قول النبي (صلى الله عليه وآله) فاطمة بضعة مني يؤذيني ما يؤذيها حذرا من لزوم الطعن على أبي بكر وعمر في منعهما إياهما ارثها ونحلتها بمخالفة الرسول (صلى الله عليه وآله) والحاصل أنه بعد التامل الصادق والنظر الصحيح يعلم أن غرضهم حفظ عرض أعداء أهل البيت وصيانتهم من الطعن والاغضاء من قبائحهم والغض من أهل البيت (عليه السلام) في كل ما ينافي ذلك وخفض منزلتهم. لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم فيها خالدون.
____________[i] كشف الخفاء ج: 2 ص: 142 ح: 2050
[ii] الإحتجاج ج: 1 ص: 411
[iii] المحتضر ص: 24 , كتاب الأربعين ص: 633
[iv] كشف الغمة ص: 108