تقديم:
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله، والصلاة والسلام على خير خلقه، وأشرف بريته، محمد وآله الطاهرين، واللعنة على أعدائهم إلى قيام يوم الدين.
وبعد..
فقد جاءت الآيات الشريفة لتأمر بالتذكير بأيام الله، وبتعظيم شعائر الله سبحانه.
قال تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ}(1).
وورد عن الأئمة الأطهار [عليهم السلام] أوامر كثيرة تحث على إحياء أمرهم [عليهم السلام]، (2) خصوصاً ذكرى عاشوراء..
ولا يصغى إلى الشبهات التي تثار حول كون عاشوراء من هذه
ـــــــــــــــ
(1) سورة الحج الآية 32.
(2) وسائل الشيعة ج 14 ص 501، والأمالي للطوسي ج 2 ص 228 والبحار ج 1 ص 200 وراجع كامل الزيارات ص 175 وقرب الإسناد ص 18 وتفسير القمي ج 2 ص 292 وثواب الأعمال ص 223.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
/صفحة 10/
الشعائر، أو ليست منها، فإنها لا تعدو كونها شبهةفي مقابل بديهة، يلقيها غافل تارة، وحاقد أخرى، وجاحد تارة ثالثة..
هذا، وقد ظهرت عبر التاريخ أساليب متنوعة تهدف إلى إحياء أمرهم، من قبل المتمسكين بكتاب الله، الحبل الممدود من السماء إلى الأرض، والمعتصمين بولاية أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة، ومختلف الملائكة..
وكان من هذه الأساليب:مواكب الحزن، التي قد يكون فيها لطم الخدود والصدور، وضرب الظهور بالسلاسل. وحتى جرح الرؤوس.
وهي أمور لم يستسغها البعض، فأثار عاصفة من التنفير منها ـ زاعماً أنها من مظاهر الجهل والتخلف تارة.. وأن فيها أذى للجسد أخرى، وأن الأذى يدخلها في دائرة الضرر، والضرر حرام عقلاً، وشرعاً. مدعياً: أن حرمة الأذى كحرمة الظلم وحرمة شرب الخمر، وأكل الميتة، وما إلى ذلك. بمعنى أنه كلما تحقق عنوان الضرر لحقته الحرمة..
أما قول من يقول: إن هذه الأساليب توجب وهناً في المذهب، وإساءةً لسمعته، وتنفيراً للناس منه..
فهو ليس موضع نقاش، لأن معناه: أن ذلك إذا لم يتعنون بهذا العنوان، فهو جائز في حد نفسه، فتكون حرمته، أو وجوبه، أو استحبابه، أو كراهيته، رهناً بما يعرض له من عناوين، وما يترتب عليه من آثار.
لكن المهم هو اكتشاف الواقع، ومعرفة إن كانت قد تعنونت تلك المراسم بأي من تلك العناوين الموجبة لهذا الحكم أو ذاك، وربما يصيب الفقيه أو غيره في تشخيص ذلك، وربما يخطئ.
وفي جميع الأحوال نقول: إن هذا القول ليس هو محط نظرنا هنا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
/صفحة 11/
بل محط نظرنا هو الإجابة على أسئلة كثيرة وردت علينا حول دعوى أن الحرمة ثابتة للطم المؤلم، وضرب الرؤوس، من حيث أنه ضرر، والضرر حرام شرعاً وعقلاً..
فمست الحاجة إلى معالجة هذا الموضوع، معالجةً تميط اللثام عن الواقع والحقيقة من خلال النصوص الإسلامية، التي لابد أن يكون أي رفض، أو قبول، مستنداً إليها، ومرتكزاً عليها.
فتتبعنا تلك النصوص، حتى التاريخية منها، وأوردنا منها ما يصلح أن يكون حجة ودليلاً.
فكانت نتيجة سعينا هذا: هو هذا البحث المقتضب الذي بين يدي القارئ الكريم، فنحن نقدمهإليه، ورجاؤنا الأكيد هو أن يتحفنا بملاحظاته، وينبهنا ويلفت نظرنا إلى ما يمكن أن نكون قد غفلنا عنه، إن رأى أن هناك ما يلزم التنبيه عليه، ولفت النظر إليه، وسوف نكون من الشاكرين.
والحمد لله، والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى، محمد وآله الطاهرين.
7/12/1422 هـ
جعفر مرتضى العاملي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
/صفحة 12/
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
/صفحة 13/
بداية وتوطئة:
لقد ورد إلينا سؤال عن مشروعية جرح الرأس، وإيذاء الجسد باللطم، وبضرب السلاسل على الظهور، ونحو ذلك مما يجري في مراسم عاشوراء، حيث إن البعض يصّر على الإعلان بتحريمه، مدعياً أنه من الضرر الحرام، ثم هو لم يزل يرمي من يفعل ذلك بالجهل والتخلف. مع مزيد من الإصرار على التشنيع على ما يجري في موسم عاشوراء، بأسلوب مرّ وكريه، وشرس، يختزن في طياته خلجات وانفعالات متراكمة، تفوح منها روائح الحقد الكريه، الذي أريد التنفيس عنه بهذه الطريقة.
ومهما يكن الحال، فإن هذا الأمر يحتاج في إيضاح وجه الحق فيه إلى جهات من البحث والبيان، نوجزها في ضمن ما يلي من مطالب:
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله، والصلاة والسلام على خير خلقه، وأشرف بريته، محمد وآله الطاهرين، واللعنة على أعدائهم إلى قيام يوم الدين.
وبعد..
فقد جاءت الآيات الشريفة لتأمر بالتذكير بأيام الله، وبتعظيم شعائر الله سبحانه.
قال تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ}(1).
وورد عن الأئمة الأطهار [عليهم السلام] أوامر كثيرة تحث على إحياء أمرهم [عليهم السلام]، (2) خصوصاً ذكرى عاشوراء..
ولا يصغى إلى الشبهات التي تثار حول كون عاشوراء من هذه
ـــــــــــــــ
(1) سورة الحج الآية 32.
(2) وسائل الشيعة ج 14 ص 501، والأمالي للطوسي ج 2 ص 228 والبحار ج 1 ص 200 وراجع كامل الزيارات ص 175 وقرب الإسناد ص 18 وتفسير القمي ج 2 ص 292 وثواب الأعمال ص 223.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
/صفحة 10/
الشعائر، أو ليست منها، فإنها لا تعدو كونها شبهةفي مقابل بديهة، يلقيها غافل تارة، وحاقد أخرى، وجاحد تارة ثالثة..
هذا، وقد ظهرت عبر التاريخ أساليب متنوعة تهدف إلى إحياء أمرهم، من قبل المتمسكين بكتاب الله، الحبل الممدود من السماء إلى الأرض، والمعتصمين بولاية أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة، ومختلف الملائكة..
وكان من هذه الأساليب:مواكب الحزن، التي قد يكون فيها لطم الخدود والصدور، وضرب الظهور بالسلاسل. وحتى جرح الرؤوس.
وهي أمور لم يستسغها البعض، فأثار عاصفة من التنفير منها ـ زاعماً أنها من مظاهر الجهل والتخلف تارة.. وأن فيها أذى للجسد أخرى، وأن الأذى يدخلها في دائرة الضرر، والضرر حرام عقلاً، وشرعاً. مدعياً: أن حرمة الأذى كحرمة الظلم وحرمة شرب الخمر، وأكل الميتة، وما إلى ذلك. بمعنى أنه كلما تحقق عنوان الضرر لحقته الحرمة..
أما قول من يقول: إن هذه الأساليب توجب وهناً في المذهب، وإساءةً لسمعته، وتنفيراً للناس منه..
فهو ليس موضع نقاش، لأن معناه: أن ذلك إذا لم يتعنون بهذا العنوان، فهو جائز في حد نفسه، فتكون حرمته، أو وجوبه، أو استحبابه، أو كراهيته، رهناً بما يعرض له من عناوين، وما يترتب عليه من آثار.
لكن المهم هو اكتشاف الواقع، ومعرفة إن كانت قد تعنونت تلك المراسم بأي من تلك العناوين الموجبة لهذا الحكم أو ذاك، وربما يصيب الفقيه أو غيره في تشخيص ذلك، وربما يخطئ.
وفي جميع الأحوال نقول: إن هذا القول ليس هو محط نظرنا هنا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
/صفحة 11/
بل محط نظرنا هو الإجابة على أسئلة كثيرة وردت علينا حول دعوى أن الحرمة ثابتة للطم المؤلم، وضرب الرؤوس، من حيث أنه ضرر، والضرر حرام شرعاً وعقلاً..
فمست الحاجة إلى معالجة هذا الموضوع، معالجةً تميط اللثام عن الواقع والحقيقة من خلال النصوص الإسلامية، التي لابد أن يكون أي رفض، أو قبول، مستنداً إليها، ومرتكزاً عليها.
فتتبعنا تلك النصوص، حتى التاريخية منها، وأوردنا منها ما يصلح أن يكون حجة ودليلاً.
فكانت نتيجة سعينا هذا: هو هذا البحث المقتضب الذي بين يدي القارئ الكريم، فنحن نقدمهإليه، ورجاؤنا الأكيد هو أن يتحفنا بملاحظاته، وينبهنا ويلفت نظرنا إلى ما يمكن أن نكون قد غفلنا عنه، إن رأى أن هناك ما يلزم التنبيه عليه، ولفت النظر إليه، وسوف نكون من الشاكرين.
والحمد لله، والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى، محمد وآله الطاهرين.
7/12/1422 هـ
جعفر مرتضى العاملي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
/صفحة 12/
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
/صفحة 13/
بداية وتوطئة:
لقد ورد إلينا سؤال عن مشروعية جرح الرأس، وإيذاء الجسد باللطم، وبضرب السلاسل على الظهور، ونحو ذلك مما يجري في مراسم عاشوراء، حيث إن البعض يصّر على الإعلان بتحريمه، مدعياً أنه من الضرر الحرام، ثم هو لم يزل يرمي من يفعل ذلك بالجهل والتخلف. مع مزيد من الإصرار على التشنيع على ما يجري في موسم عاشوراء، بأسلوب مرّ وكريه، وشرس، يختزن في طياته خلجات وانفعالات متراكمة، تفوح منها روائح الحقد الكريه، الذي أريد التنفيس عنه بهذه الطريقة.
ومهما يكن الحال، فإن هذا الأمر يحتاج في إيضاح وجه الحق فيه إلى جهات من البحث والبيان، نوجزها في ضمن ما يلي من مطالب:
تعليق